القارئ:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خُزيمة -رحمه الله تعالى-:
"جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ اللَّيَالِي الَّتِي كَانَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
"بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ لَا يَكُونُ لَهَا شُعَاعٌ إِلَى وَقْتِ ارْتِفَاعِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ"
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ فَإِنَّ صَاحِبَنَا - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - سُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَلَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَّكِلُوا، أَوْ أَحَبَّ أَنْ لَا يَتَّكِلُوا، وَاللَّهِ إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، لَا يَسْتَثْنِي» قَالَ: قُلْتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ، أَنَّى عَلِمْتُ ذَلِكَ قَالَ: بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ لِزِرٍّ: مَا الْآيَةُ؟ قَالَ: «تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الطَّسْتِ حَتَّى تَرْتَفِعَ».
الشيخ:
أَبَا الْمُنْذِرِ: كُنيته.
حتى ترتفع، وأما قول المؤلف: "إلى آخر النهار" هذا فيه إشكال يحتاج إلى دليل، والصواب أنها حتى ترتفع الشمس فيكون لها شعاع.
* وليلة القدر كما سبق فيها أقوال لأهل العلم:
القول الأول: أنها رُفعت، وهذا قول ساقط، أنها انتهت.
والقول الثاني: أنها موجودة ولكنها في السَّنَة كاملة كما قال ابن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "من يقم بالحول يدركها، ما يُدرى في أي ليلة من السَّنَة"، وهذا قولٌ ضعيف وساقط.
والقول الثالث: أنها في رمضان ولا يُدرى في أي ليلة، وهذا قولٌ مرجوح.
والقول الرابع: أنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر منه.
وهذا هو الصواب الذي جاء عليه الحديث: «تَحروا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» تطلق في أشفاعها وأوتارها على الصحيح، ولكن الأوتار أرجى من غيرها، فقد تكون في الوتر، وقد تكون في الشفع، والنبي قال: «تَحروا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ»، وفي بعضها: «تحروا ليلة القدر في الوتر» هذا تأكيد، والسبع الأواخر أرجى من غيرها كما جاء في الحديث الذي جاء من أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأُروا (02:56) ليلة القدر في السبع الأواخر من رمضان فقال: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ».
ولكن الله تعالى أخفاها قد كانت ليلة إحدى وعشرين في زمن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: «إني رَأَيت أني أسجد في صَبِيحَتها فِي مَاءٍ وَطِينٍ» فوقف في المسجد تلك الليلة، فانصرف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من صلاة الفجر ويرى على جبهته وأرنبة أنفه أثر الماء والطين. فصارت تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين على عهد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي متنقلة على الصواب.
وأما قول أُبي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنها في ليلة سبع وعشرين ولا يستثني اجتهاد منه، كان يحلف على هذا أنها ليلة سبع وعشرين وأنها غير متنقلة وأنها ثابتة، هذا اجتهادٌ منه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
والصواب: أنها متنقلة، وأنها غير ثابته، وأنها في العشر الأواخر، تتنقل في الأشفاع والأوتار، ولكن في الأوتار أرجى من غيرها، والسبع الأواخر أرجى من غيرها، وليلة سبع وعشرين أرجى من غيرها، ولكنها ليست ثابتة، قد تكون ليلة سبع وعشرين وقد تكون غيرها، قد تكون ليلة ستة وعشرين وقد تكون ليلة خمسة وعشرين، وهذا هو الصواب الذي دلت عليه النصوص.
وأما قول ابن خزيمة -رحمه الله- في الترجمة إنها: "إلى آخر النهار" هذا يحتاج لدليل، الحديث: «حتى ترتفع»، تبقى هذه العلامة، علامة ليلة القدر: أنها تطلع الشمس صبيحتها ليس لها شُعاع إلى أن ترتفع الشمس، أما إلى آخر النهار كما قال..... ماذا قال في الترجمة؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ لَا يَكُونُ لَهَا شُعَاعٌ إِلَى وَقْتِ ارْتِفَاعِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ"
الشيخ:
إِلَى وَقْتِ ارْتِفَاعِهَا: هذا هو الصحيح، أما إلى آخر النهار هذا يحتاج إلى دليل، إن جاء دليل قلنا به.
القارئ:
أحسن الله عملك.
"بَابِ ذِكْرِ كَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْأَرْضِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ"
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ السَّابِعَةِ، أَوِ التَّاسِعَةِ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ فِي الْأَرْضِ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى».
الشيخ:
الله أكبر. الله تعالى يقول: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر 4:5].
ماذا قال عليه؟ تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله عملك، قال: "إسناده ضعيف؛ من أجل عمران بن دوْران القطَّان فقد تكلم فيه الأئمة: أبو داود والنسائي والعُقيلي وابن معين والبخاري والدارقطني وابن عدي".
قال: "حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ السَّابِعَةِ، أَوِ التَّاسِعَةِ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ فِي الْأَرْضِ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى»".
الشيخ:
فيه نكارة من قوله: «ليلة التاسعة والسابعة» هذا يخالف الحديث: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر» حددها في التاسعة والسابعة، الحديث ضعيف.
الألباني حسَّنه؟ عمران هذا؟
القارئ:
نعم. أحسن الله إليك.
الشيخ:
وفيه نكارة في المتن أنه حدد ليلة السابعة والتاسعة، ليست ثابتة في الليلتين وإنما هي متنقلة كما دلت الأحاديث على ذلك. من ذلك: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ من رمضان، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ»، «تَحروا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». «تحروا ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان». هنا قال: «في السابعة أو التاسعة». نعم.
القارئ:
أحسن الله إليك.
قال رحمه الله:
"بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْمُدْرِكَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يَكُونُ مُدْرِكًا لِفَضِيلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ"
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا فَرْقَدٌ وَهُوَ ابْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْحَسْنَاءِ الْيَمَانِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ».
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
قال: "إسناده ضعيف؛ لجهالة عقبة بن أبي الحسناء، وأخرجه البيهقي في شُعب الإيمان من طريق المُصَنِّف".
الشيخ:
أعد السند.
القارئ:
أحسن الله إليك.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا فَرْقَدٌ وَهُوَ ابْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْحَسْنَاءِ الْيَمَانِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ».
الشيخ:
الليلة تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، الحديث منكر ضعيف، لكن لا شك أنه أدرك شيء منه، وإن كان الحديث ضعيف، لكن هو أدرك، صلى العشاء فهو على خير، ولهذا حتى الحائض والنفساء لها نصيب من الذكر ولو لم تصلي، والحديث وإن كان فيه ضعف، لكنه أدرك شيئًا من صلى العشاء في جماعة؛ فهو على خير. لكن الحديث ضعيف.
مناقشة:
(08:56).
الشيخ:
نعم. الحديث ضعيف بهذا السند؛ لجهالة أبي الحسناء وهو عقبة بن أبي الحسن، فهو الحديث ضعيف السند لكن المعنى صحيح يدرك شيء. مسلم صلى العشاء فله نصيب. نعم.
القارئ:
أحسن الله عملك.
"بَابُ ذِكْرِ إِنْسَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْقَدْرِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهَا"
الشيخ:
نعم. لما خرج النبي تلاحى رجلان فأُنسيها، لعل هذا خير للأمة؛ حتى يجتهدوا في العشر الأواخر كلها، خرج ليبين الناس ليلة القدر فتلاحى رجلان فأنسيها، دليل على أن الخصام والجدال له شُؤم من شؤم الخصام والجدال.
القارئ:
أحسن الله إليك.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا».
الشيخ:
ما ذكر .....؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْقَدْرِ كَانَ فِي نَوْمٍ، وَفِي يَقَظَةٍ"
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي أَهْلِي فَنَسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ».
الشيخ:
الغوابر: البواقي.
تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
قال: "صحيح، أخرجه الدارمي ومسلم والنسائي في (الكبرى) وأبو عوانة كما في (إتحاف المهرة) والطحاوي في (شرح معاني الآثار) والبيهقي".
الشيخ:
ثم أيقظني أهلي؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
لأنه قال: «أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي أَهْلِي فَنَسِيتُهَا».
مناقشة: (12:00).
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ ذِكْرِ رَجَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَظَنِّهِ أَنْ يَكُونَ رَفْعُ عِلْمِهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرًا لِأُمَّتِهِ مِنْ اِطِّلَاعِهِمْ عَلَى عِلْمِهَا"
الشيخ:
حتى يجتهدوا في العشر كلها، تكثر أعمالهم وعبادتهم ويكثر ثوابهم وأجرهم.
القارئ:
أحسن الله إليك.
«إِذِ الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ لَيَالِيًا طَمَعًا فِي إِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ وَأَكْبَرُ عَمَلًا مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ خَاصَّةً».
الشيخ:
لو علموا لاجتهدوا في ليلة خاصة، ومن المعلوم أن الأفضل أن يجتهدوا في عشر، وتكثر العبادة في الوتر.
القارئ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِ وَالْخَمْسِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "فَرُفِعَتْ، يَعْنِي: مَعْرِفَتِي بِتِلْكَ اللَّيْلَةِ".
الشيخ:
هذا في حديث مسلم. ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك.
"صحيح، أخرجه الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري والنسائي في (الكبرى) والطحاوي في (شرح المعاني) وابن حبان والطبراني في (الأوسط) وفي (مسند الشاميين) له والبيهقي والبغوي".
الشيخ:
وهذه الأحاديث كلها تدل على ضعف ما رأى أُبَيّ بأنها ثابتة وأنها في ليلة سبع وعشرين، قال: «فالتمسوها في كذا وفي كذا، والتمسوها في العشر الأواخر»، دليل على أنها متنقلة وليست ثابتة كما ذهب إليه أُبَي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وفيه دليل على الشؤم، شؤم الخصام والنزاع، وأن من شُؤمِه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُنسي ليلة القدر بسبب تلاحي فلان وفلان، شُئمِ الخصام والمنازعة، وأن لا أثار، هذا من آثارها.
وفيه دليل على أن الله تعالى أنسى نبيه وأن هذا فيه خير للأمة؛ ليجتهدوا في العشر بدلًا من أن يجتهدوا في ليلة واحدة.
وفيه دليل على أنها في العشر متنقلة، وليست ثابتة، النبي قال: «التمسوها في كذا وكذا وفي كذا».
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ مَغْفِرَةِ ذُنُوبِ الْعَبْدِ بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْتُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
الشيخ:
وفيه: «من قام ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وهذا في الصحيحين.
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ اسْتِحْبَابِ شُهُودِ الْبَدَوِيِّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ سَكَنُهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ تَحَرِّيًا لِإِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي مَسْجِدِهَا"
الشيخ:
كيف الآن الترجمة الآن ولم يذكر الحديث؟
ما الترجمة؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ مَغْفِرَةِ ذُنُوبِ الْعَبْدِ بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"
الشيخ:
ما ذكر الحديث الذي فيه: «من قام ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا» الأحاديث الثلاثة كلها في الصحيحين.
«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
«مَنْ قَام ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
هنا المؤلف لم يأتِ بالحديث المناسب للترجمة.
باب ماذا؟
القارئ:
"بَابُ مَغْفِرَةِ ذُنُوبِ الْعَبْدِ بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْتُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
الشيخ:
كأنه اختصر الحديث.
القارئ:
اختصره أحسن الله إليك.
قبل سبق أحسن الله إليك قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عُيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومن قام ليلة القدرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
الشيخ:
نعم هذا الشاهد. وهذا في الصحيحين، وفيه اشتراط المغفرة أن يكون عن إيمان واحتساب، أما من صام عن رياء أو تقليد أو متابعة للناس فلا، لا بد عن إيمان بالله ورسوله ورضا بشرعيته، لا عن رياء ولا عن تقليد ولا عن متابعة للناس.
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ اسْتِحْبَابِ شُهُودِ الْبَدَوِيِّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ سَكَنُهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ تَحَرِّيًا لِإِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي مَسْجِدِهَا"
الشيخ:
بارك الله فيك.
القارئ:
آخر باب أحسن الله إليك.
الشيخ:
اقرأه.
القارئ:
"بَابُ اسْتِحْبَابِ شُهُودِ الْبَدَوِيِّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ سَكَنُهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ تَحَرِّيًا لِإِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي مَسْجِدِهَا"
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ الْيَشْكُرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَأَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي بِهَا، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا لِهَذَا الْمَسْجِدِ أُصَلِّيهَا فِيهِ قَالَ: «انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ» قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَكَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يَدْخُلُ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ يَخْرُجُ وَدَابَّتُهُ، يَعْنِي عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَيَرْكَبُهَا فَيَأْتِي أَهْلَهُ.
الشيخ:
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "إسناده حسن؛ محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث قد صرَّح بالسماع عند غير المُصَنِّف فانتفت شبهة تدليسه، وأخرجه مالك في الموطأ برواية الليثي عبد الرزاق وأبو داود وأبو عوانة كما في (إتحاف المهرة) والطحاوي في (شرح المعاني) والبيهقي".
الشيخ:
أعد السند.
القارئ:
أحسن الله عملك.
الشيخ:
الترجمة.
القارئ:
"بَابُ اسْتِحْبَابِ شُهُودِ الْبَدَوِيِّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ سَكَنُهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ تَحَرِّيًا لِإِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي مَسْجِدِهَا"
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ الْيَشْكُرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَأَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي بِهَا، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا لِهَذَا الْمَسْجِدِ أُصَلِّيهَا فِيهِ، قَالَ: «انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ» قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَكَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يَدْخُلُ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ يَخْرُجُ وَدَابَّتُهُ، يَعْنِي عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَيَرْكَبُهَا فَيَأْتِي أَهْلَهُ.
الشيخ:
باب التحري، وليس فيه تصريح بأنها هي ليلة القدر، ويحتمل أنها في تلك السَّنَة كانت ليلة ثلاثٍ وعشرين، محتمل.
قال مُرني ماذا؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَأَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي بِهَا، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا لِهَذَا الْمَسْجِدِ أُصَلِّيهَا فِيهِ، قَالَ: «انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ» قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَكَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يَدْخُلُ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ يَخْرُجُ وَدَابَّتُهُ، يَعْنِي عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَيَرْكَبُهَا فَيَأْتِي أَهْلَهُ.
الشيخ:
الترجمة باب ماذا؟
القارئ:
"بَابُ اسْتِحْبَابِ شُهُودِ الْبَدَوِيِّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ سَكَنُهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ تَحَرِّيًا لِإِدْرَاكِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي مَسْجِدِهَا"
الشيخ:
يعني هل في هذا دليل على أنها ثابتة في ليلة ثلاث وعشرين؟
يتحرَّاها مثل قوله: «تحروا ليلة القدر في العشر......» ولو قيل إنها ليلة القدر، قيل: إنها كانت ليلة القدر في تلك السَّنَة، فلا يدل على أنها ثابتة في ليلة ثلاث وعشرين.
كما أن قوله: «تحروا ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين» أنها أرجاها ليلة سبع وعشرين وليست ثابتة كما قال أُبي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
تخريجه ماذا؟
القارئ:
أحسن الله إليك. "إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث".
الشيخ:
أو ضعيف هذا، السند هذا ضعيف؛ لأنه فيه عنعنة ابن إسحاق وهو مُدلس، لكن المُصَنِّف يقول: "صرَّح بالسماع". يحتاج إلى زيادة تخريج بالصحة أو الضعف، وإن حسنه قال: إنه حسن، يحتاج إلى مراجعة، وتخريج الأحاديث؛ لأنه فيه إشكال الحديث والمتن من جهة أنه مر بهذه الليلة، ولكن لو صح هل هذا ما ثبت أم هذا خاص بتلك السَّنَة؟ لكن يحتاج إلى مزيد، فيه عنعنة ابن إسحاق وقد يكون حسن وقد يكون ضعيف، يحتاج إلى مراجعة تخريج.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.