شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_1

00:00
00:00
تحميل
46

قارئ المتن: قال رحمه الله: كِتَابُ الْمَنَاسِكِ «الْمُخْتَصَرُ مِنِ الْمُخْتَصَرِ مِنَ الْمُسْنَدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ».

شرح الشيخ: المؤلف يقول: (الْمُخْتَصَرُ مِنِ الْمُخْتَصَرِ مِنَ الْمُسْنَدِ)، يعني أحاديث المسند اختصره، وهذا مختصر من المختصر، المختصر الأول أين هو؟ مفقود؟ هذ المختصر من المختصر، المختصر الأول أين هو؟

مداخلة: كأنه لا يُعلم وجوده، مفقود.

الشيخ: مفقود، نعم، (عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ)، نعم، بابُ ...

قارئ المتن: بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[آل عمران: 97]، وَالْبَيَانِ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ السَّبِيلَ مِنَ الْإِسْلَامِ "

أَخْبَرَنَا الأُسْتاذُ الإِمامُ أَبُو عُثْمانَ إِسْماعيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اَلْصّابونيِّ قِراءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طاهِرِ مُحَمَّدِ بْنُ الفَضْلِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاقَ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَاجَّيْنِ وَمُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا: لَوْ أَتَيْنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتُ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، وَلَا نَعْرِفُهُ فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ وَوضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتِ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرَ نَحْوِهِ.

شرح الشيخ: هذه الترجمة فيها فرض الحج على من استطاع إليه السبيل، فهو استدل بالآية: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[آل عمران:97].

والسبيل: هو أن يجد مالًا يحجُّ به، وقدرةً على الحج، يكون مستطيعًا بماله وببدنه، إذا كان مستطيعًا بماله وببدنه وجب عليه الحج بنفسه، يكون عنده مال يحج به، وهو يستطيع الحج ببدنه، سواء كان عنده مثلًا ... يعني عنده آلة السفر، يملكها، سيارة أو راحلة، أو يستأجر، هنا يجب الحج عليه.

القدرة نوعان:

  • قدرة بالمال.
  • قدرة بالبدن.

القدرة بالمال: أن يكون له مال للحج.

القدرة بالبدن: أن يكون مستطيعًا الحج ببدنه، يثبت على المركوب.

فإن فقد إحدى القدرتين، كأن فقد الاستطاعة بالمال، فلا يجب عليه، سقط عنه الحج حتى يجد، وإن فقد القدرة بالبدن وعنده مال، فإن كان يرجى زوال المانع انتظر، وإن كان لا يرجى أناب بالحج عنه.

ويدخل في الاستطاعة وجود محرم للمرأة يصحبها في سفرها: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[آل عمران:97].

(بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَالْبَيَانِ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ السَّبِيلَ مِنَ الْإِسْلَامِ)، يعني من الإسلام.

قوله: «مَا الْإِسْلَامُ؟»، ومن ثم قال: «وَتَحُجَّ الْبَيْتِ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، فقوله: «وَتَحُجَّ الْبَيْتِ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» فيه جواب: «مَا الْإِسْلَامُ؟»، المؤلف ... يعني الترجمة مجتمعة على شيئين:

  • أولًا: فرض الحج على المستطيع.
  • وثانيًا: أن الحج على من استطاع إليه السبيل من الإسلام.

والحديث كما هو معروف، الحديث رواه البخاري، رواه الإمام مسلم مطولًا، والبخاري مختصر، رواه مسلم في حديث عبد الله بن عمر مطولًا، ورواه البخاري مختصرًا.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ باسْمُ الْمَعْرِفَةِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ شُعَبِ الْإِسْلَامِ «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَجَابَ جِبْرِيلَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أَصْلِ الْإِسْلَامِ وَأَسَاسِهِ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ، وَمَا بُنِيَ مِنَ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ سِوَى هَذِهِ الْخَمْسِ، إِذِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَسَاسِ سِوَى الْأَسَاسِ، وَقَدْ أَوْقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْإِسْلَامِ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ عَلَى أَجْزَاءِ الْإِسْلَامِ الَّتِي هِيَ سِوَى هَذِهِ الْخَمْسِ الَّتِي أَعْلَمَ فِي إِجَابَتِهِ جِبْرِيلَ أَنَّهَا الْإِسْلَامُ».

شرح الشيخ: ترجمة تحتاج إلى تأمل، وليس فيها أن محمدًا رسول الله، وهي ثابتة في رواية مسلم كما ذكر، وإذا ذُكرت شهادة أن لا إله إلا الله، تدخل فيها شهادة أن محمدًا رسول الله، إذا ذكرت إحداهما دخلت فيها الأخرى، إذا ذُكرت شهادة أن لا إله إلا الله دخلت فيها شهادة أن محمدًا رسول الله، وكذلك إذا ذُكرت شهادة أن محمداً رسول الله دخلت فيه شهادة لا إله إلا الله وإذا اجتمعا صارت الشهادة الأولى إثبات الوحدانية، والشهادة الثانية إثبات الرسالة، ولا تصح إحداهما بدون الأخرى، فمن شهد أن لا إله إلا الله، ولم يشهد أن محمدًا رسول الله، تبطل منه، ومن شهد أن محمدًا رسول الله ولم يشهد أن لا إله إلا الله، لم تُقبل منه، متلازمتان.

ولهذا هما ركنٌ واحد، هما أساس في الإسلام، أساس الإسلام وأس الإسلام أن يشهد الإنسان لله تعالى بالوحدانية، ويشهد للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة.

وفي هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوقع اسم الإسلام على عُمُده الخمس، وهذا كما ذكر المؤلف، قال: (إِنَّمَا أَجَابَ جِبْرِيلَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أَصْلِ الْإِسْلَامِ وَأَسَاسِهِ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ، وَمَا بُنِيَ مِنَ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ سِوَى هَذِهِ الْخَمْسِ)، يعني هذه الخمس عُمُد تنبني عليها بقية شرائع الإسلام، كما أن أساس البناء ينبني عليه بناء البيت، فكذلك أيضًا هذه العُمُد تُبنى عليها أعمال الإسلام: الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، صلة الرحم، الجهاد في سبيل الله، الإحسان إلى الجار، بر الوالدين ... كلها مبنية على هذه العُمد الخمس، لو لم يأتِ بهذه العُمد الخمس لم تنفع، لا تنفعه في الآخرة وإن كانت قد تنفعه في الدنيا، قد يُجازى بها في الدنيا بصحةٍ في بدنه ووفرةٍ في ماله، لكن في الآخرة لا يستفيد إلا إذا بُنيت على هذه العُمد الخمس.

قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِتَعْجِيلِ الْحَجِّ خَوْفَ فَوْتِهِ بِرَفْعِ الْكَعْبَةِ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّهَا تُرْفَعُ بَعْدَ هَدْمٍ مَرَّتَيْنِ.

شرح الشيخ: هنا الأمر الثاني، وهو إطلاقه على بعض شعب الإسلام، جاء في أحاديث كثيرة، منها النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل: أي الإسلام خير؟ قال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» فأوقع اسم الإسلام على إطعام الطعام، وأوقع اسم الإسلام على إفشاء السلام، وهي من أجزاء الإسلام، والأدلة في هذا كثيرة، والبخاري -رحمه الله- ذكر في هذا أحاديث متعددة في إطلاق اسم الإسلام في صحيحه على أجزاء، وعلى أقوال، وعلى أعمال، هي داخلة في مسمى الإسلام، نعم، بابُ؟

قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِتَعْجِيلِ الْحَجِّ خَوْفَ فَوْتِهِ بِرَفْعِ الْكَعْبَةِ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّهَا تُرْفَعُ بَعْدَ هَدْمٍ مَرَّتَيْنِ

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزْعَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا حُمَيْدُ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذَا الْبَيْتِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ هُدِمَ مَرَّتَيْنِ وَيُرْفَعُ فِي الثَّالِثِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: «يُرْفَعُ فِي الثَّالِثِ»، يُرِيدُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، إِذْ رَفْعُ مَا قَدْ هُدِمَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ إِذَا هُدِمَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بِنَاءٌ.

شرح الشيخ: هذا الحديث قال فيه الأعظمي عن الشيخ ناصر: "إسناده صحيح، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات"، ماذا قال الشيخ الفحل على هذا؟

مداخلة: "صحيح، أخرجه البزار وابن حبان والحاكم".

الشيخ: وفي هذا الحديث قوله: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذَا الْبَيْتِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ هُدِمَ مَرَّتَيْنِ وَيُرْفَعُ فِي الثَّالِثِ»، يعني يُرفع في الثالثة بعد بنائه، المؤلف قال إنه يُرفع في الثالثة يعني بعد بنائه، قال أبو بكر: («يُرْفَعُ فِي الثَّالِثِ»، يُرِيدُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، إِذْ رَفْعُ مَا قَدْ هُدِمَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ إِذَا هُدِمَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بِنَاءٌ)، يعني يكون هذا بعد البناء، قال: (لِأَنَّ الْبَيْتَ إِذَا هُدِمَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بِنَاءٌ).

هنا ذكر هدمه مرتين، قال: (هُدِمَ مَرَّتَيْنِ)، وهدمه في آخر الزمان أحد أشراط الساعة الكبار، وإذا هُدم بعد هدمه في آخر الزمان لا يُرفع بعد ذلك، لأنه من أشراط الساعة الكبار، من أشراط الساعة الكبار في آخر الزمان هدم الكعبة كما جاء في الحديث، أنه يهدمها رجلٌ من الحبشة ينقضها حجرًا حجرا، وسيلقيها في اليمن، فيصلي الناس إلى الجهة، ثم تُنسى الجهة، وهذا في آخر الزمان في آخر أشراط الساعة الكبار، بعد ذلك تطلع الشمس من مغربها، وتخرج الدابة، ثم تأتي ريحٌ طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، فلا يبقى إلا الكفرة، فعليهم تقوم الساعة، نسأل الله السلامة والعافية.

فيكون هنا قال: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذَا الْبَيْتِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ هُدِمَ مَرَّتَيْنِ» لم يُذكر متى هُدم مرتين، يُنظر في هذا في شرح الحديث، متى كل من هاتين المرتين.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْبَيْتِ يَكُونُ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ بَعْدَ مُدَّةٍ، لَا قَبْلَ خُرُوجِهِمَا إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُ يُعْتَمَرُ وَيُحَجُّ الْبَيْتُ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، وَأَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بِسْطَامٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ وَهُوَ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيُحَجَّنَّ هَذَا الْبَيْتُ، وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ»، وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ: «بَعْدَ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ» ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى: «لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ».

شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه البخاري من طريق قتادة كما قال في الحاشية، قال: وأشار الحافظ في الفتح إلى رواية ابن خزيمة، والحديث صحيح، وفيه أن هذا البيت يُحج ويُعتمر بعد خروج يأجوج ومأجوج.

 

 

ويأجوج ومأجوج أمتان كافرتان، وهما من بني آدم، يقال لأحدهما يأجوج والثاني مأجوج، مأجيج وهما أمتان كثيرتا العدد، ولهذا لما وصل ذي القرنين قالوا له: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) ﴾[الكهف:94]، جعل السد، قال: ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ يعني المال عندي مال، ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) ﴾[الكهف:95]، ثم جعل الردم كما ذكر الله -سبحانه وتعالى-، في آخر الزمان يخرجون على الناس، وخروج يأجوج ومأجوج هذا بعد نزول عيسى بن مريم -عليه السلام-، وهو من أشراط الساعة الكبار، أشراط الساعة الكبار أولها المهدي، وفي زمانه يخرج الدجال وهو العلامة الثانية، ثم ينزل عيسى بن مريم وهي العلامة الثالثة، ثم يخرج يأجوج ومأجوج وهي العلامة الرابعة، هذه مُرتبة، أربع علامات مرتبة، ثم تتوالى العلامات الأخرى.

ولهذا بعد قتل الدجال على يد عيسى بن مريم -عليه السلام- يكون عيسى -عليه السلام- هو الإمام، ويحكم بشريعة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيخرج في زمانه يأجوج ومأجوج، فيأمر الله عيسى ومن معه أن يتحصنوا بجبال الطور، ثم يدعون عليهم، فيهلكهم الله في ليلة واحدة، فيصبحون فرسى كنفسٍ واحدة في ليلةٍ واحدة، يصيبهم النغف في رقابهم، يكونون كالجبال، ثم يأمر الله طيرًا تأخذهم وتلقيهم في البحر، ثم ينزل مطرًا يغسل الأرض من آثارهم، كالجبال يعني من كثرتهم، بعضهم على بعض كالجبال، فلو بقوا لأوخمت الأرض وهلك الناس، ولكن الله من رجمته سخر هذا الطير ليلقيهم في البحر، ويُنزل المطر حتى يغسل آثارهم.

ويُحج هذا البيت ويُعتمر بعد خروج يأجوج ومأجوج، بعد موتهم عيسى -عليه السلام- يبقى هو والمؤمنون الموجودون ويحجون ويعتمرون بعد خروج يأجوج ومأجوج؛ لأن خروج يأجوج ومأجوج من أشراط الساعة الكبار الأولى، أشراط الساعة الكبار عشر، هذه من الأشراط الأولى.

الأشراط الأولى أربع متوالية: المهدي، ثم الدجال، ثم عيسى، ثم يأجوج ومأجوج.

ومن أشراط الساعة الكبار المتأخرة: طلوع الشمس من مغربها، والدابة تسِم الناس، والنار التي تخرج من قعر عدن آخرها، ومن آخرها أيضًا هدم الكعبة.

فخروج يأجوج ومأجوج من أشراط الساعة الكبار الأولى، بعدها يُحج هذا البيت ويُعتمر، البيت باقي، ثم بعد ذلك يُهدم بعد مدة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ بَيَانِ فَرْضِ الْحَجِّ وَأَنَّ الْفَرْضَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَرْءِ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ: لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا»، وَقَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قِبَلِكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَمَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ، فَأْتُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ»، قَالَ: فَأُنْزِلَتْ: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾[المائدة: 101].

شرح هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم كما ذكر المحشي من طريق الربيع، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده أيضًا، وهو حديثٌ صحيح، ذكر عندك زيادة تخريج؟

مداخلة: "أخرجه النسائي في الكبرى له، [00:19:24] والدار قطني والبيهقي".

شرح الشيخ: وفي هذا الحديث أن فرض الحج في العمر مرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ: لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا»، ويؤيده الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد: «الحج مرة، فما زاد فهو تطوع»، فالحج فرضه الله تعالى في العمر مرة كما قال المؤلف في الترجمة: (بَابُ ذِكْرِ بَيَانِ فَرْضِ الْحَجِّ وَأَنَّ الْفَرْضَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَرْءِ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا).

مداخلة: في السيرة الحلبية في هدم الكعبة مرتين ذكر أن المرة الأولى بناء إبراهيم -عليه السلام-، هُدمت ثم بُنيت على عهد إبراهيم -عليه السلام-، كأنه أشار إلى هذا، وسيأتي في تتمة كلامه بيانه.

يقول: "الكعبة لم تُبنى جميعها إلا ثلاث مرات: الأولى: بناء إبراهيم -عليه السلام-، والثانية: بناء قريش، وكان بينهما ألفا سنة وسبعمائة سنة وخمس وسبعون سنة، والثالثة: بناء عبد الله بن الزبير، وكان بينهما نحوًا من اثنتين وثمانين سنة، وأما بناء الملائكة وبناء آدم وبناء شيث لم يصح، وأما بناء جرهم والعمالقة وقصي فإنما كان ترميما، ولم تبن بعد هدمها جميعها إلا مرتين: مرة زمن قريش، ومرة زمن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، وحينئذ يكون ما جاء في الحديث: «استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع، وقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة»، معناه قد يهدم مرتين ويرفع في الهدم الثالث من الدنيا".

الشيخ: (استكثروا) معناها استمتعوا في رواية أخرى، استكثروا من الطواف بالبيت فإنه ماذا؟

مداخلة: «استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع، وقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة»، معناه قد يهدم مرتين ويرفع في الهدم الثالث من الدنيا.

اللفظ الذي أورده قبل أن يُرفع وقد هُدم مرتين، ويُرفع في الثالثة، معناه قد يهدم مرتين ويرفع في الهدم الثالث من الدنيا.

مداخلة: [00:22:48]

الشيخ: روى أي حديث؟

مداخلة: «استمتعوا».

الشيخ: موقوف.

مداخلة: [00:23:00]

الشيخ: البزار والطبراني في [الكبير] قالوا رجاله ثقات، والشيخ ناصر يقول إسناده صحيح، مخرج عندي في الصحيحة، موقوف على من؟

مداخلة: عبد الله بن عمرو، وليس ابن عمر.

الشيخ: الشيخ ناصر ما ذكر أنه موقوف.

مداخلة: [00:23:35] ذكر ...

الشيخ: ماذا يقول البزار؟

مداخلة: [00:23:58]

الشيخ: الموقوف له حكم الرفع، يعني لا يمكن أن يقول هذا من عند نفسه، قال: حكمه الرفع، «استكثروا من الطواف»، حث على حكم شرعي إلا له حكم الرفع، الموقوف بمعنى المرفوع، وأيضًا خبر، أنه في يومٍ يُرفع هذا خبر لا يُعلم إلا بالوحي، فلا يُمكن أن يقوله ابن عمر من عند نفسه، وله حكم الرفع، على ما ذكر هنا كلام من هذا؟

مداخلة: كلام في السيرة الحلبية.

الشيخ: هنا فسر، قال: يهدم مرتين، يعني: قد يُهدم، سوف يُهدم في المستقبل مرتين، وصحيح ما ذكره، إبراهيم -عليه السلام- هو أول من بناه، وأما بناء الملائكة وبناء آدم هذا ليس عليه دليل واضح، وكذلك قريش لما بنوها، معلوم أنهم بنوها وتأخروا، حتى أنهم لما أرادوا أن يهدموها هدم رجلٌ، وجلسوا إلى الغد، إن أصابه شيء تركناه، وإن لم يصبه شيء هدمناه، فلم يصبه شيء، فهدموها.

وكذلك عبد الله بن الزبير طبَّق الحديث، حديث عائشة: «لولا أن قومك حديثي عهد بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين، بابٌ شرقي، وباب غربي، وأدخلت الحجر»، فعمل، فهدم وأدخل الحجر، ونزَّل الباب؛ لأنه ما كان مرتفعًا، وفتح لها بابًا من الغرب.

ثم بعد ذلك الحجاج بن يوسف هدمها وأعادها على ما كانت، إعادة بناء الحجاج بن يوسف قد تكون مرة ثالثة.

مداخلة: [00:26:15]

الشيخ: هنا في الحديث ما ذكر ثلاث، لكن يظهر أن البناء كان من إبراهيم -عليه السلام-، ثم بناء قريش، ثم بناء عبد الله بن الزبير، ثم بناء الحجاج، الحجاج هدمها وسد الباب الشرقي، إلا أنه يقال إن الحجاج لا يُعتبر هدم كامل.

مداخلة: ترميم، يفرقون بين الترميم والبناء.

الشيخ: نعم، وسد الباب، ورفع الباب، وأخرج الحجر بعدما أدخله عبد الله بن الزبير.

مداخلة: سفيان بن حبيب يقول عنه عثمان بن أبي شيبة: لا بأس به، ولكن كان له أحاديث مناكير.

الشيخ: سفيان بن حبيب هذا من الرواة؟

مداخلة: شيخ المصنف.

الشيخ: في هذا الحديث؟

مداخلة: إي نعم، حديث: «استمتعوا من هذا البيت، فإنه قد هُدم مرتين»، الحسن بن قزعة عن سفيان بن حبيب، يقول: لا بأس به، ولكن كان له أحاديث مناكير.

مداخلة: [00:27:33]

الشيخ: أوقفه؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: كما سبق، إذا صح السند فالموقوف له حكم الرفع، مثله لا يقال بالرأي، صح السند، لكن الحسن قال له مناكير، لعل قوله له مناكير يعني لا يُقال إن أغلب أحاديثه مناكير، له مناكير مثل له أخطاء، لا تغلب عليه، قد يقال إن هذا ليس فيه مُنكر، يؤيده الواقع.

مداخلة: [00:28:16]

الشيخ: حميد الطويل؟

مداخلة: حُميد الطويل من المدلسين.

الشيخ: مُدلس وقد عنعن، وله طريقٌ أخرى، على كل حال الحث على الطواف له شواهد، جاء في أحاديث أخرى، الحث على الطواف، الترغيب في الطواف، جاء فيه أحاديث تشهد له.

مداخلة: ابن خزيمة -رحمه الله- قال: (بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ).

الشيخ: إي نعم، كرر (غَرِيبٍ غَرِيبٍ)، استغربه المؤلف، وما وجه الغرابة عند ابن خزيمة؟

مداخلة: [00:29:13]

الشيخ: يعني من جهة السند، أو يكون من جهة المتن؟

مداخلة: أوقفه.

الشيخ: على كل حال لو صح فالموقوف له حكم الرفع، لو صح.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ مَنْ يَحُجُّ عَلَيْهَا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «خَبَرُ أَبِي لَاسٍ الْخُزَاعِيِّ قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ»

الشيخ: هذا يقول: انظر ما قبله، الحديث سبق، رقم 2377 سبق الحديث عندكم؟

مداخلة: لفظ الحديث المتقدم:

عَنْ أَبِي لَاسٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: حَمَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ضِعَافٍ لِلْحَجِّ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: «مَا مِنْ بَعِيرِ إِلَّا عَلَى ذُرْوَتِهِ شَيْطَانٌ، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِذَا رَكَبْتُموهَا كَمَا أَمَرَكُمْ، ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللَّهُ».

مداخلة: حشى عليه، قال: إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، قد صرَّح بالسماع عند غير المؤلف.

الشيخ: ما السند عندك؟

قارئ المتن: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي لَاسٍ الْخُزَاعِيِّ -رضي الله عنه-.

الشيخ: فيه عنعنة محمد بن إسحاق، لكنه صرح بالسماع من طريقٍ أخرى، فيه دليل على الحج على الدواب المحبسة في سبيل الله، يعني موقوفة، وعلى هذا يكون الحج من سبيل الله، يعني الإبل أو الدواب الموقوفة في سبيل الله يُحج منها، لأن الحج من سبيل الله، (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «خَبَرُ أُمِّ مَعْقِلٍ قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ أَيْضًا»).

مداخلة: هذا الباب الذي بعده، الكلام عن باب إباحة إعطاء الإمام ...

الشيخ: إعطاء الإمام لإبل الصدقة.

مداخلة: قال: (بَابُ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ الْحَاجَّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ لِيَحُجُّوا عَلَيْهَا).

الشيخ: هذا ترجمة عندك؟

مداخلة: هذا من السابق من الأبواب الأخرى، [00:32:58] لفظ الحديث (2377).

مداخلة: متقاربة الترجمتين.

مداخلة: (2377)

الشيخ: هذا في الزكاة، باب ماذا؟

مداخلة: هذا في الزكاة:

قارئ المتن: بَابُ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ الْحَاجَّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ لِيَحُجُّوا عَلَيْهَا.

والذي في الحج: بَابُ إِبَاحَةِ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ مَنْ يَحُجُّ عَلَيْهَا. (2377) صفحة (73).

الشيخ: بَابُ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ الْحَاجَّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ لِيَحُجُّوا عَلَيْهَا، قَالَ: حَمَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ضِعَافٍ لِلْحَجِّ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: «مَا مِنْ بَعِيرِ إِلَّا عَلَى ذُرْوَتِهِ شَيْطَانٌ، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِذَا رَكَبْتُوهَا كَمَا أَمَرَكُمْ، ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللَّهُ»، قال الألباني: إسناده حسن فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في إخراجه، إخراج الحديث.

 وهنا: بَابُ إِبَاحَةِ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ مَنْ يَحُجُّ عَلَيْهَا.

متقارب، يعني: الإبل المحبسة في سبيل الله يُحج عليها لأن الحج من سبيل الله، وعلى هذا يكون الحج داخل في سبيل الله.

كذلك أيضًا الجمع يدل على أن الدعوة إلى الله داخلة في سبيل الله أيضًا، وأظنه ذكر هذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في [آداب المشي إلى الصلاة]، ومر معنا أن الحج أيضًا في سبيل الله، مر في الدرس.

مداخلة: قد يُقال إنه يُعطى من الزكاة في الدعوة وفي الحج؟

الشيخ: نعم، ذكره في فتاواه، سماحة الشيخ ذكر أن الدعوة داخلة، الدعوة والحج في سبيل الله.

 

 

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْحَجِّ عَلَى الدَّوَابِّ الْمُحْبَسَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «خَبَرُ أُمِّ مَعْقِلٍ قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ أَيْضًا»

الشيخ: خبر أم معقل عندك، اقرأه.

قارئ المتن: قَالَتْ: تَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَجِّ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَجَهَّزُوا مَعَهُ قَالَتْ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ جِئْتُهُ، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا فِي وَجْهِنَا هَذَا يَا أُمِّ مَعْقِلٍ؟» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَجَهَّزْتُ فَأَصَابَتْنَا هَذِهِ الْقُرْحَةُ، فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَأَصَابَنِي مِنْهَا سَقَمٌ، وَكَانَ لَنَا حِمْلٌ نُرِيدُ أَنْ نَخْرُجَ عَلَيْهِ، فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: «فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».

مداخلة: تخريجه: حديث صحيح، وفي سنده اختلاف وجهالة.

شرح الشيخ: المقصود أن الحج في سبيل الله، وأنه لا بأس بالحج على الدواب المحبسة في سبيل الله.

قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ إِذِ الْحَاجُّ مِنْ وَفْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ».

الشيخ: قال إسناده صحيح في موارد الظمآن من طريق ابن وهب، ماذا قال عندك؟

مداخلة: "صحيح، أخرجه النسائي في الكبرى له، وأبو عوانة وابن حبان والحاكم وأبو نعيم" [00:38:04]

الشيخ: نعم، فيه فضل الحج، وأن الحاج من وفد الله، هذا فيه دليل على فضل الحج، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ»، وهذا فضلٌ عظيم.

قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِالْمُتَابَعَةِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَالْبَيَانِ أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يُضَافُ إِلَى الْفِعْلِ، لَا أَنَّ الْفِعْلَ يَفْعَلُ فِعْلًا كَمَا ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا تَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذَّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ دُونَ الْجَنَّةِ».

الشيخ: الحديث قال إسناده صحيح أيضًا، قال: أخرجه النسائي من طريق أبي خالد، كذا عندكم؟

مداخلة: نعم يا شيخ.

شرح الشيخ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا تَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذَّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ دُونَ الْجَنَّةِ»، المؤلف في الترجمة قال: (وَالْبَيَانِ أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يُضَافُ إِلَى الْفِعْلِ، لَا أَنَّ الْفِعْلَ يَفْعَلُ فِعْلًا كَمَا ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ)، ما الفرق بينهما؟

بعض أهل الجهل يدعي أن الفعل يفعل فعلًا، بيان أن الفعل قد يُضاف إلى الفعل، الفعل هو (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ)، الفعل وهو الحج يُضاف إلى الفعل، الحج يُضاف إلى الحج، والعمرة تضاف إلى الحج، بيان أن الفعل يضاف إلى الفعل، لا أن الفعل يُفعل فعلًا كما ادعى بعض أهل الأهواء، أو كما ادعى بعض أهل الجهل، ما هو الشيء الذي يفعله المؤلف؟

مداخلة: إن الفعل قد يُضاف للفعل، كأنه يقصد أن نفي الفقر -وهو فعل- مضافٌ إلى فعل الحج والعمرة.

الشيخ: لا أن الفعل يفعل فعلا، ما هو الشيء الذي نفاه؟

مداخلة: [00:40:59]

شرح الشيخ: كما ادعى بعض أهل الجهل، «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا تَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذَّنُوبَ»، هذا يُضاف إلى الفعل، بأن الفعل قد يُضاف إلى الفعل، لا أن الفعل يفعل فعلًا، كيف يَفعل فعلًا؟ يعني ليس المراد أن الفعل يفعل؟

مداخلة: [00:41:48]

الشيخ: والحج، لا أن الفعل يَفعل فعلًا، كيف معنى هذا؟

مداخلة: [00:42:00]

الشيخ: الفعل (الحج) ينفي الفقر والذنوب؟

مداخلة: [00:42:16]

الشيخ: معلوم، الله سبحانه هو الذي أخبر بهذا.

مداخلة: أن النافي ليس هو ذات الحج والعمرة هما اللتان تنفيان، وإنما هما سبب.

الشيخ: هذا معلوم، هما سبب، الله تعالى هو الذي ينفي عنه، هو الذي يطهره من الذنوب، لكن ما اتضح قول المؤلف: (لَا أَنَّ الْفِعْلَ يَفْعَلُ فِعْلًا كَمَا ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ)، يعني أن الفعل بذاته يفعل فعلًا كما ادعى بعض أهل الجهل، يمكن قد يقال إن الفعل ليس مؤثرًا بذاته، هذا يقوله المعتزلة، يقولون: "الفعل مؤثر بذاته"، فيقولون المعتزلة وكذلك الطبائعيون إن الولد يوجد بتفاعل بين الماءين، لا يذكرون الأسباب، ويقولون أن العبد يخلق فعل نفسه استقلالًا، وهو يستحق الثواب على الله من عرق جبينه، ويقول كأنه ليس لله فضل أنه هو الذي أوجده، والله تعالى بيَّن أن العمل سبب: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32) ﴾[النحل:32]، سبب، فالفعل يُضاف إلى الفعل، والمسبب هو الله، لا أن الفعل هو بذاته مؤثر كما تقوله المعتزلة، فالمعتزلة والطبائعيين يقولون: "الفعل مؤثر بذاته، والولد يوجد بتفاعل بين ماءين، والعبد يخلق لنفسه استقلالًا".

كأنه فيما يبدوا والله أعلم قصده أن يرد على المعتزلة في هذا، الذين يقولون إن الفعل مؤثر بذاته، وبأن الفعل قد يُضاف إلى الفعل، أو إلى الفاعل، الفعل يُضاف إلى الفاعل لأنه متسبب، لا أن الفعل يفعله الإنسان باستقلاله كما يدعي المعتزلة، أعد.

قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِالْمُتَابَعَةِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَالْبَيَانِ أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يُضَافُ إِلَى الْفِعْلِ، لَا أَنَّ الْفِعْلَ يَفْعَلُ فِعْلًا كَمَا ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ

شرح الشيخ: يعني فعلًا مستقلًّا.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ سُمَيٍّ، ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُمَيٍّ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ».

شرح الشيخ: أخرجه الإمام مسلم في (الحج).

وفيه أن العمرة عمل، والعمل سبب، الأعمال أسباب، ودخول الجنة برحمة الله تعالى، ولكن الرحمة لها سبب، فمن جاء بالسبب، نالته الرحمة، ومن لم يأتِ لم تنله، فأهم الأسباب التوحيد والإيمان والعمل الصالح: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)﴾[النحل:32].

«الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا»، هي أسباب، خلافًا للمعتزلة الذين يقولون: " إن العمل مؤثرٌ بذاته، وأن الإنسان يستحق الثواب بعمله، لا بفضلٍ من الله؛ بزعمهم، المؤلف يرد على المعتزلة.

قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ الَّذِي لَا رَفَثَ فِيهِ، وَلَا فُسُوقَ فِيهِ، وَتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا بِه.

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عِيَاضٍ، ح وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَأَنَّمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

شرح الشيخ: وهذا الحديث في الصحيح، رواه الشيخان البخاري ومسلم، فهو حديث صحيح.

وفيه أن الحج تكفر به الذنوب بهذا الشرط، لا يرفث، ولا يفسق، وكما قال الله تعالى في الآية الكريمة: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾[البقرة:197]، فإذا تجنب الرفث والفسوق والجدال، وأدى الواجبات عن إيمانٍ وإخلاص، كان الحج مكفرًا لذنوبه كأنما ولدته أمه.

 

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ، فَبَكَى طَوِيلًا، وَقَالَ: فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَمِينَكَ لِأُبَايِعَكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ، فَقَبَضْتُ يَدِي، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ قَالَ: «تَشْتَرِطُ مَاذَا؟» قَالَ: أَنْ يُغْفَرَ لِي قَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ يَا عَمْرُو أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهَدَّمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ».

شرح الشيخ: وهذا الشاهد، أن الحج يهدم ما كان قبله، وهذا من خصائص الحج، أنه يُكفر الله به الخطايا، «وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ»، فالإسلام يهدم ما كان قبله من الذنوب، والهجرة تهدم، والحج كذلك، هذه الثلاثة كل واحدٍ يهدم ما قبله من الذنوب، بشرط أن يكون الحج مبرورًا، ليس فيه إثمٌ ولا فسوق.

سؤال: [00:50:17]

الشيخ: نعم، ومنها الكبائر، حتى الكبائر، هذا من خصائص الحج.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ الْحَاجِّ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرُوا لَهُ.

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحُجَّاجِ، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ».

شرح الشيخ: هنا ذكر أن السند ضعيف، شريك بن عبد الله القاضي ضعف حفظه لما تولى القضاء.

«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحُجَّاجِ، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ»، هل ذكر له شواهد؟ ماذا قال عليه؟

مداخلة: "قال: إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله ..."

الشيخ: لما تولى القضاء ضعف حفظه، فقط؟ ما ذكر الشواهد؟

مداخلة: قال: تنبيه: هذا الحديث صححه الحاكم، عن شرط المسلم وتعقبه الذهبي في التلخيص؛ لأن فيه شريك.

الشيخ: شريك.

مداخلة: ولم يُخرج له مسلم إلا في متابعاته على أن كلام الذهبي ليس بالمطبوع ونقله المانوي في الفيض القدير.

الشيخ: ماذا قال الذهبي؟

مداخلة: ليس بالمطبوع ونقله المانوي في الفيض القدير.

الشيخ: ما ذكر له شواهد؟

مداخلة: قال: "أخرجه البزار؟؟؟ والطبراني في الصغير، وابن عدي في الكامل، والحاكم والبيهقي و؟؟؟"

مداخلة: يقول: "تفرد به شريك".

الشيخ، تفرد، هو ضعيف، لكن هل له متابعة أو شواهد؟ (بَابُ اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ الْحَاجِّ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرُوا لَهُ)، هذا إن صح الحديث، هذه الترجمة مبنية على صحة الحديث، والحديث لم يصح.

مداخلة: [00:52:31] قال: "اللهم اغفر للحاج".

الشيخ: الحاج؟

مداخلة: "اللهم اغفر للحاج" وأشار إلى النسخة "الحجاج".

الشيخ: والحاج اسم الجنس، المراد به الحُجاج، المعنى واحد، لكن الكلام في لفظ الحديث، (بَابُ اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ الْحَاجِّ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرُوا لَهُ)، على هذا يكون الحديث فيه ضعف، لكن على كل حال الدعاء مطلوب، دعاء المسلم لأخيه هذا مُرغَّبٌ فيه في الجملة.

 قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ يَوْمَ الْخَمِيسَ تَبَرُّكًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِي سَفَرِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ».

شرح الشيخ: الحديث هنا أخرجه البخاري في (الجهاد).

(قَلَّمَا) يعني كثيرًا ما يخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم-، في حجة الوداع خرج يوم السبت على الصحيح، خروجه كان يوم السبت في اليوم الخامس والعشرين كما قال العلامة ابن القيم في [زاد المعاد]، بعضهم قال يوم الخميس، لكن إذا حسبت تجد أنه خرج في اليوم الخامس والعشرين، وقدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، تكون المدة تسعة أيام، فيكون هذا من غير القليل، كان الشيخ ابن باز -رحمه الله- يخرج في الغالب يوم الخميس في السفر.

وقال: (فِي سَفَرِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ)، وهذا صحيح.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّزَوُّدِ لِلسَّفَرِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُخَالَفَةً لِبَعْضِ مُتَصَوِّفَةِ أَهْلِ زَمَانِنَا

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَعَمْ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَجَهَّزْتُهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ فَصَنَعْتُ لَهُمَا سَفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بِكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ».

 

 

شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه البخاري في (مناقب الأنصار)، وهو حديثٌ صحيح.

وفيه أنه يستحب للإنسان أن يتزود للسفر، ولا يكون عالةً على غيره، يأخذ ما يحتاج إليه من المتاع ومن النقود، النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا في سفر الهجرة تزود، وأبو بكر قال: "عندي يا رسول الله ناقتين علفتهما"، أعدهما للهجرة، استعدوا، هو والنبي -صلى الله عليه وسلم-، قالت عائشة: (فَجَهَّزْتُهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ فَصَنَعْتُ لَهُمَا سَفْرَةً فِي جِرَابٍ)، كل هذا استعداد، تزود للسفر.

والله تعالى قال: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾[البقرة:197]، ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾ يعني من الطعام، ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ هذا تقوى القلوب، زاد القلوب، جاء في تفسير الآية أنه كان بعض أهل اليمن في ذلك الزمان يحجون ولا يتزودون، ويقولون: "نحن متوكلون"، فأنزل الله هذه الآية: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾[البقرة:197]، يحجون ويكونون عالةً على الناس، فأنزل الله: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾[البقرة:197]، نزلت في بعض أهل اليمن في ذلك الزمان.

والمؤلف يقول: (وَمُخَالَفَةً لِبَعْضِ مُتَصَوِّفَةِ أَهْلِ زَمَانِنَا)، بعض الصوفية كانوا في زمانه لا يتزودون، يزعمون أنهم لا يحتاجون إلى شيء، أو أنه يأتيهم شيء بدون سبب، لأنهم ينكرون الأسباب، يقولون يأتيهم شيء بدون سبب، عمر -رضي الله عنه- حث على العمل، قال: "إن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة"، استعدوا، اعمل عملًا، اشتغل، يعمل الإنسان، يفعل السبب، والله تعالى يأتيه بالرزق، إذا كان له أرض يحرثها ويبذرها، ويزرعها ويسقيها، فإذا كان شخص عنده أرض ولم يزرعها، ويريد أن تحصل الثمار ثم يحصد، هذا ليس بعاقل، لابد من فعل الأسباب، خلافًا للصوفية، الصوفية ينكرون الأسباب، ويزعمون أنه تأتي الأشياء بدون أسباب، لذا قال المؤلف: (اسْتِحْبَابِ التَّزَوُّدِ لِلسَّفَرِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُخَالَفَةً لِبَعْضِ مُتَصَوِّفَةِ أَهْلِ زَمَانِنَا).

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ وَغَيْرِ زَوْجِهَا بِذِكْرِ خَبَرٍ فِي التَّأْقِيتِ غَيْرِ دَالٍ تَوْقِيتُهُ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ التَّأْقِيتِ مِنَ السَّفَرِ مُبَاحٌ سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ وَغَيْرِ زَوْجِهَا إِذَا كَانَ سَفَرُهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدَّثَنَا سَلِمَ، أَيْضًا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي زَائِدَةَ كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَامَ الْحَجِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

شرح الشيخ: عن أبي معاوية؟ عام الحج؟ "قال أبو معاوية: قال رسول الله".

مداخلة: [01:00:05]

القارئ: عندهم زيادة.

الشيخ: حدثنا الأعمش عن أبي صالح؟

مداخلة: [01:00:16] عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

الشيخ: كذا، ما فيه وقال أبو معاوية.

القارئ: فيه زيادة: وقال أبو معاوية: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيدٍ الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

الشيخ: النسخة عندي: قال أبو معاوية: قال رسول الله؛ لا يحلُّ ...

قارئ المتن: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَبُوهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا».

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَفِي حَدِيثِ الْآخَرِينَ: «لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا»، غَيْرَ أَنَّ فِيَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ: «يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».

شرح الشيخ: هذا فيه النهي عن سفر المرأة مع غير محرم ثلاثة أيام، ولكن ما أقل من ثلاثة أيام جاء أيضًا كذلك النهي عنه في حديثٍ آخر يومين، وجاء أيضًا النهي عن يوم، وجاء النهي أيضًا عن ليلة، كما يذكر المؤلف -رحمه الله-، يقول النهي جاء عن ثلاثة أيام، لكن لا يدل على أنه ما كان أقل من ثلاثة أيام يجوز للحديث الآخر، نهى عن سفرها يومين، فهو يدل على النهي عن السفر يومين، ولا يدل على أن لها أن تسافر أقل من يومين، بدليل الحديث الآخر نهى عن سفر يوم، ولا يدل على أنها يجوز لها أن تسافر لأقل من يوم بدليل حديث نهى أن تسافر ليلة، أما البريد، جاء النهي عن البريد، وما كان أقل من البريد فلا بأس به، لا يسمى سفرًا، هكذا ذكر المؤلف في التراجم التي ستأتي.

وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في (الحج) من طريق أبي معاوية.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ.

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

شرح الشيخ: نعم، أخرجه مسلم في (الحج) من طريق يحيى.

قارئ المتن: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «قَدْ خَرَّجْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي الْأَخْبَارِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ، وَخَبَرُ ابْنِ عُمَرَ مُخْتَصَرٌ غَيْرُ مُتَقَصًّى لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الزَّوْجَ، وَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ مُتَقَصًّى ذِكْرَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالزَّوْجَ جَمِيعًا».

شرح الشيخ: خبر ابن عمر قال: «نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»، هنا مختصر، قال: «إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»، لم يذكر فيه الزوج.

خبر أبي سعيد ذكر فيه الزوج، في الحديث الأول: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ أَبُوهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا»، يعني خبر أبو السعيد أتم، متقصي، قول ابن عمر ما ذكر إلا «مَحْرَمٍ».

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ يَوْمَيْنِ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا وَغَيْرِ ذِي رَحِمِهَا.

"وَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبِحْ بِزَجْرِهِ عَنْ سَفَرِهَا ثَلَاثًا لَهَا أَنْ تُسَافِرَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا وَغَيْرِ ذِي رَحِمِهَا، بِذِكْرِ لَفْظَةٍ فِي تَوْقِيتِ الْيَوْمَيْنِ لَمْ يُرِدِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْقِيتِهِ يَوْمَيْنِ إِبَاحَةَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا".

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ قَزْعَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إِلَّا مَعَ زَوْجِهَا أَوْ ذِي مَحْرَمٍ».

شرح الشيخ: والحديث ثابت في الصحيح كما ذكر الشيخ ناصر.

وفيه نهي المرأة أن تسافر مسافة يومين، فقوله (ثلاثة أيام) هناك لا مفهوم له يدل على أن ما كان أقل من يومين لها أن تسافر، هذا المفهوم ألغاه منطوق هذا الحديث، ففيه أنها كذلك لا تسافر ثلاثة أيام، وكذا لا تسافر مسافة يومين إلا مع زوجها أو ذي محرم.

 [01:06:08] في توقيت اليومين، وكذلك توقيت اليومين مفهومه مُلغى للحديث الآخر، ذكر يوم وليلة، وهذا أيضًا مفهومه ملغى بذكر الحديث الآخر الذي ذكر الليلة، هكذا مشى بهذا التسلسل.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبِحْ بِزَجْرِهِ إِيَّاهَا عَنْ سَفَرِ يَوْمَيْنِ سَفَرَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ يَوْمَيْنِ، إِذْ قَدْ زَجَرَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "لَمْ يَقُلْ -عِلْمِي- أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ أَبِيهِ خَلَا بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، هَذَا الْخَبَرُ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".

 

 

شرح الشيخ: (لَمْ يَقُلْ -عِلْمِي- أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ أَبِيهِ)، عن أبي سعيد عن أبيه إلا (بِشْرِ بْنِ عُمَرَ)، يعني تفرد بهذا.

وذكر أنه رواه البخاري في تقصير الصلاة عن طريق سعيد.

تكلم عن تفرد بشر عن أبيه؟ نعم.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَعِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ عِيسَى: حَدَّثَنَا، وَقَالَ يُونُسُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخَبَرِ: «هُوَ صَحِيحٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ». رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ عَجْلَانَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَدْ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبِحْ بِزَجْرِهِ عَنْ سَفَرِهَا مَعَ غَيْرِ ذَوِي مَحْرَمٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً السَّفَرَ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ

إِذْ قَدْ زَجَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا أَنْ تُسَافِرَ لَيْلَةً وَاحِدَةً مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْعَرَبَ تَذْكُرُ يَوْمًا تُرِيدُ بِلَيْلَتِهِ، وَلَيْلَةً تُرِيدُ بِيَوْمِهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾[آل عمران: 41]، وَقَالَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾[مريم: 10]، فَبَانَ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، وَصَحَّ أَنَّهُ أَرَادَ ثَلَاثَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهِنَّ.

شرح الشيخ: يعني قوله: "يومًا وليلة" لا ينفي أقل من ذلك، إلا إذا نُطق اليوم وأُريد به اليوم مع الليلة، أو الليلة مع اليوم كما في الآيتين: ﴿ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾، ﴿ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾، إذا أُريد باليوم مع الليلة، أو الليلة مع اليوم، فنعم، أما إذا أريد يومًا مستقلًّا من غير ليلة فهذا جاء ما يدل على أنه لا يجوز أن تسافر أقل من يوم وليلة بدون محرم كاليوم أو الليلة.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "وَقَدِ اسْتَقْصَيْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ".

الشيخ: كتاب الكبير هذا مفقود، كتاب المؤلف [الكبير] يعني: في الأحكام.

مداخلة: [01:10:54]

الشيخ: ظاهره أنه غير هذا.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بَرِيدًا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَالدَّلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِزَجْرِهِ إِيَّاهَا عَنْ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهَا سَفَرُ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةُ بَرِيدًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»، وَقَالَ يُوسُفُ: «إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "الْبَرِيدُ: اثْنَا عَشَرَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ".

شرح الشيخ: اثنا عشر ميلًا، أن تقطعه الإبل في أقل من يوم وليلة، «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةُ بَرِيدًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»، والحديث رواه مسلم في الصحيح.

مداخلة: واليوم بريدان؟

الشيخ: مسافة القصر أربعة بُرُد، يعني يوم وليلة، وعلى هذا يكون البريد يوم وليلة، إذن مثلما ترجم المؤلف: (الزَّجْرِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بَرِيدًا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَالدَّلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِزَجْرِهِ إِيَّاهَا عَنْ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهَا سَفَرُ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ)، الدليل أنه أقل من البريد.

مداخلة: [01:12:45]

الشيخ: نقف على هذا، نكمل بعد الصلاة إن شاء الله.

 

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالدينا وللمستمعين والمسلمين، وعلِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملًا يا كريم.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب المناسك:

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ زَجْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَفَرِهَا بِلَا مَحْرَمٍ زَجْرُ تَحْرِيمٍ لَا زَجْرُ تَأْدِيبٍ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ وَهُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُسَافِرُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ عَلَيْهَا».

شرح الشيخ: والحديث أخرجه الإمام مسلم في (الحج) كما ذكر المحشي.

والحديث استدل به المؤلف -رحمه الله- على أن النهي للتحريم، وأنه لا يحل، بل يحرم، الحديث: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُسَافِرُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ عَلَيْهَا»، ليس النهي لكراهة التنزيه، وإنما هو للتحريم، هذا قصد المؤلف -رحمه الله-.

والنهي للتحري لا لكراهة التنزيه، قال: وجه الاستدلال أنه قال: «لَا يَحِلُّ»، ومعناها: يحرم، والتقدير: "يحرم على المرأة أن تسافر ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم"، دل على أن النهي للتحريم وليس للتأديب -يعني لكراهة التنزيه-، وجه استدلال المؤلف من قوله: «لَا يَحِلُّ».

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِ زَوْجِهَا أَوْ مَوْلَاهُ، إِذَا كَانَ الْعَبْدُ أَوِ الْمَوْلَى يُوثَقُ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ أَوِ الْمَوْلَى بِمَحْرَمٍ لِلْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ حُكْمُ سَائِرِ النِّسَاءِ حُكْمَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَخَالُ؛

شرح الشيخ: (وَلَا أَخَالُ) يعني لا أظن، أَخال أو إِخال.

قارئ المتن: لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْأَحْرَارُ مَحْرَمًا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ سَفَرُ مَيْمُونَةَ مَعَ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ أُمُّ أَبِي رَافِعٍ إِذْ كَانَتْ مَيْمُونَةُ زَوْجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجُّ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ بَعْثٍ مَرَّةً، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَآتِنِي بِمَيْمُونَةَ»، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي فِي الْبَعْثِ،

شرح الشيخ: في النسخة الثانية (إنني).

قارئ المتن: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّنِي فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَسْتَ تُحِبُّ مَا أُحِبُّ؟» قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «اذْهَبْ، فَآتِنِي بِهَا»، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَجِئْتُهُ بِهَا.

شرح الشيخ: هنا سقْط في الحديث، هنا ما ذكر لما قال: («اذْهَبْ فَآتِنِي بِمَيْمُونَةَ»، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَسْتَ تُحِبُّ مَا أُحِبُّ؟»)، يعني يوجد سقط في الحديث، عندك كررها، قال النبي: "ائتني بها" مرتين؟

القارئ: نعم.

شرح الشيخ: هنا المؤلف تفقه في الترجمة وقاس نساء المؤمنين على نساء أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، في أي شيء؟

في كون المرأة تسافر مع عبد زوجها أو مولاه، مولى الزوج أو العبد للزوج يكون محرمًا لزوجته، (بَابُ إِبَاحَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِ زَوْجِهَا أَوْ مَوْلَاهُ)، بشرط: إذا كان العبد أو الولي يوثق بدينه وأمانته.

وإن لم يكن العبد أو المولى بمحرمٍ للمرأة يكفي أن هذا العبد أو المولى عبدًا لزوجها أو مولاه.

سؤال: للضرورة؟

الشيخ: لا، ليس للضرورة، قياسًا، قال: (إِنْ كَانَ حُكْمُ سَائِرِ النِّسَاءِ حُكْمَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يعني المؤلف قيده، قال: إذا قلنا إن سائر أزواج النبي مثل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ولا يخال لأن الله -عز وجل- أخبرهن ... إلا ذلك، يعني لا أخال إلا أن يكون الحكم هذا.

مداخلة: [01:23:25]

الشيخ: لا، معناها: أظن، هي أظن، لا أخال: لا أظن إلا هذا، (وَلَا أَخَالُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ)، فإذا أخبر أنهن أمهات المؤمنين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل عبده ومولاه ... أبو رافع مولاه، والنبي قال: «فَائتِنِي بِمَيْمُونَةَ»، ويس محرمًا أبو رافع لميمونة، وإنما هو عبدٌ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك أتى بها.

قال المؤلف: "لا أظن إلا أن سائر الزوجات مثل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا أظن أنهن يخالفنهن في الحكم، (لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْأَحْرَارُ مَحْرَمًا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ سَفَرُ مَيْمُونَةَ مَعَ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ أُمُّ أَبِي رَافِعٍ) لأنها أم المؤمنين، وهو من المؤمنين، (إِذْ كَانَتْ مَيْمُونَةُ زَوْجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

سؤال: [01:24:48]

الشيخ: لا أظن إلا هذا، لا أخال إلا هذا.

سؤال: أنه لا يخال أن بقية النساء كأمهات المؤمنين.

الشيخ: لا أظن إلا أن بقية النساء كسائر أمهات المؤمنين.

سؤال: [01:25:07]

الشيخ: (إِنْ كَانَ حُكْمُ سَائِرِ النِّسَاءِ حُكْمَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَخَالُ) إلا ذلك، يعني لا أخال إلا هذا الأمر؛ علله، قال: (لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ)، التقدير (وَلَا أَخَالُ) إلا ذلك، يعني: لا أظن إلا ذلك.

سؤال: لا يوجد "إلا ذلك"!

الشيخ: مُقدَّرة، ولا أخال إلا ذلك، لولا الحذف والتقدير لعرف النحو الحمير، يقولون، القرآن كله الآن ... قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾[الرعد:31]، أين جاء بـ (لو)؟ محذوف تقديره: لكان هذا القرآن، ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾[التوبة:122]، التقدير: وبقيت طائفة، أين هي؟ حُذفت، بقيت طائفة عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، لماذا حُذفت؟ للعلم بها.

ولا أخال إلا ذلك، حُذفت للعلم بها، هذه لغة العرب، معروفة، ولا أخال إلا ذلك.

سؤال: [01:26:25]

الشيخ: ولا أخال إلا ذلك.

سؤال: [01:26:34]

الشيخ: ولا أظن ماذا؟

سؤال: [01:26:40]

الشيخ: ولا أظن أنهن إلا كأمهات المؤمنين؟

سؤال: [01:26:46]

الشيخ: لا، بقية الكلام يخالف كلامك، لأنه قال: (أَخْبَرَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْأَحْرَارُ مَحْرَمًا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يعني: وهو كذلك وسائر أمهات المؤمنين.

سؤال: ألا يؤيد القول الثاني، أن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- حججن بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-، يكون لهن حكم خاص؟

الشيخ: حججن مع من؟

س: [01:27:19]

مداخلة: يكون للضرورة.

مداخلة: هو أوضح، قال: (فَكَانَ سَفَرُ مَيْمُونَةَ مَعَ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ أُمُّ أَبِي رَافِعٍ).

الشيخ: كانت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أمه.

الترجمة: (بَابُ إِبَاحَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِ زَوْجِهَا أَوْ مَوْلَاهُ)، هذا حكم مطلق، بناه على أي شيء؟ بناه على هذا الأساس، (بَابُ إِبَاحَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ)، كيف يقول (بَابُ إِبَاحَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ) ثم ينقضه بعد ذلك!

سؤال: [01:27:56]

الشيخ: ينقض الترجمة؟

سؤال: قال إن كان.

الشيخ: إن كان، نعم.

س: [01:28:03]

الشيخ: إن كان، ولا أخال إلا ذلك، حكم الترجمة يدل على هذا، لا أخال إلا ذلك.

سؤال: [01:28:15]

الشيخ: [01:28:22]، لأنه ما قال: ولا أظن هذا الصحيح، إن كان كذا، إن ثبت، والحديث أحيانًا لا يثبت، وأحيانًا يثبت، هذا ليس مثله، إن كان حكم سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-.

لكن هذا الحكم الذي استنبطه المؤلف هل هو متفق عليه أو فيه خلاف؟

فيه خلاف، المسألة فقهية الآن، فيها كلام في [المغني]، المؤلف تفقه الآن، وهو أحد القولين، والقول الثاني أنه لا تسافر المرأة مع عبد زوجها ومولاه، وأما أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فلهن حكم خاص، لأنهن أمهات المؤمنين، والعبد والمولى من جملة المؤمنين.

ماذا قال عندك؟ أو عندك للنووي؟

مداخلة: يوجد كلام للبغوي، في لزوم الحج لمن ...

الشيخ: في ماذا؟

مداخلة: شرح السنة.

الشيخ: ماذا قال؟

مداخلة: في لزوم المرأة الحج بلا محرم، إذا كان ليس لها محرم، هل يلزمها الحج أملا يلزمها، قال البغوي في شرح السنة: "هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَلْزَمُهَا الْحَجُّ إِذَا لَمْ تَجِدْ رَجُلا ذَا مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا".

الشيخ: وهذا قول الحنابلة.

مداخلة: "وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْخُرُوجُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ".

الشيخ: هذه مسألة ثانية، هل للمرأة أن تسافر للحج من غير محرم؟

قيل: لا.

وقيل: يجوز لها أن تسافر مع نساء ثقات.

هذه مسألة ثانية، لكن مسألتنا الآن سفر المرأة مع عبد زوجها أو مولاه، هل هو محرم لها أو ليس بمحرم؟

الظاهر فيه قولين للأحناف، المؤلف اختار أحد القولين قياسًا، والقول الثاني ليس محرما، وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لهن حكم خاص لأنهن أمهات المؤمنين.

عندك في المغني كلام في هذه المسألة، حديث أبي رافع إسناده صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق ابن وهب، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه سعيد بن منصور، وأحمد والبخاري في [التاريخ الكبير]".

الشيخ: طيب، انظر إذا وجدت كلمة في المغني.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ لِأَدَاءِ فَرْضِ الْحَجِّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَأَمْرِ الْحَاكِمِ زَوْجَهَا بِاللِّحَاقِ بِهَا لِلْحَجِّ بِهَا.

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ: «أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»،

 شرح الشيخ: (ولا تسافر) كذلك، يكون فيه زيادة ليست موجودة عندي.

قارئ المتن: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ: «أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَانْطَلَقَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً! قَالَ: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».

شرح الشيخ: هذا رواه الإمام مسلم في (الصيد)، وهو حديثٌ صحيح.

القارئ: كذلك رواه البخاري.

الشيخ: نعم، البخاري ومسلم، البخاري في (جزاء الصيد).

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْبَدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ يَقُولُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: «فَاذْهَبْ فَحُجَّ بِامْرَأَتِكَ».

شرح الشيخ: هذا فيه أهمية المحرم، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يترك الغزو ويكون محرمًا لامرأته في الحج، مكتوب في غزوة كذا، قال: «فَاذْهَبْ فَحُجَّ بِامْرَأَتِكَ»؛ فترك الغزو وذهب مع امرأته محرمًا لها مما يدل على أهمية المحرم.

وهذا يقوي القول بأنها ليس لها أن تسافر مع نساءٍ ثقات.

وجدتم كلام المغني أو غيره من كُتب الفقه؟ الحنابلة وغيرهم، والشافعية؟ نعم.

قارئ المتن: بَابُ تَوْدِيعِ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ أَرَدْتُ سَفَرًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: انْتَظِرْ حَتَّى أُوَدِّعَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُنَا: «اسْتَوْدِعِ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ».

شرح الشيخ: الحديث يقول إسناده صحيح، والذي قبله رواه البخاري، هنا إسناده صحيح، ماذا قل عليه؟

القارئ: قال: صحيح، أخرجه النسائي، وفي عمل اليوم والليلة له، والحاكم.

شرح الشيخ: فيه مشروعية توديع المسلم أخاه عند السفر، يقول هذا: «اسْتَوْدِعِ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ».

قارئ المتن: بَابُ دُعَاءِ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي. قَالَ: «زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى»، قَالَ: زِدْنِي. قَالَ: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ»، قَالَ: زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. قَالَ: «وَيَسَّرَ لَكَ حَيْثُ مَا كُنْتَ».

شرح الشيخ: ثلاث دعوات عظيمة، هنا يقول إسناده حسن، أخرجه الدارمي، ماذا قال عليه؟

القارئ: قال: "إسناده ضعيف، فإن سيَّار بن حاتم تكلم فيه علي بن المديني، والقواريري، وأبو أحمد الحاكم، والعُقيلي، ورواية جعفر بن سليمان عن ثباتٍ فيها مقال، إذ غمزها علي بن المديني فقال: "أكثر عن ثابت، وكتب المراسيل، وفيها أحاديثٌ مناكير عن ثابتٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وأخرجه الترمذي والحاكم". انتهى.

الشيخ: كـأن الشيخ حسنه هنا، له طريقٌ أخرى؟

مداخلة: طريق موسى عن أنس.

الشيخ: يقول إسناده حسن، الدارمي نحوه من طريق، كأنه حسنه من أجل الشواهد الشاهدة له.

دعواتٌ عظيمة، القول بأنه حسن له وجه، هذه الدعوات دعواتٌ عظيمة، وهذه تصل من مشكاة النبوة.

مداخلة: هناك من جمع فيه الأدلة.

الشيخ: ماذا قال؟

مداخلة: قال: الحالة الثانية أن تسافر المرأة للحج الواجب، فهذه الحال مختلفٌ في اشتراط المحرمية لها على قولين مشهورين:

أولهما: أن المحرم شرطٌ فيها:

وممن ذهب إلى هذا: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور؛ قاله ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد.

وقال أبو العباس في [المفهِم]: وقد رُوي ذلك عن النخعي والحسن، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحاب الرأي وفقهاء أصحاب الحديث.

وقال العيني -رحمه الله- في [عمدة القاري]: وبه قال النخعي، والحسن البصري، والثوري، والأعمش، إلا أن أبا حنيفة جعل ذلك شرطًا في السفر الطويل، كما في [بدائع الصنائع] وحاشية ابن عابدين.

وقال ابن الملقن في [الإعلام]: واشترط أبو حنيفة المحرم لوجوب الحج عليها -أي المرأة- إلا أن يكون بينها وبين مكة دون الثلاثة مراحل.

وبشرط أبي حنيفة قال جماعة: قال ابن عبد البر رحمه الله في [التمهيد]: هذا قول الثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، وهو قول ابن مسعود وجعله البدر العيني -رحمه الله- قول النخعي والحسن البصري والأعمش، وسبق.

الثاني: أن المحرم ليس بشرطٍ فيها:

قال أبو العباس في [المفهم]: وذهب عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والأوزاعي، ومالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بشرط، وروي مثله عن عائشة -رضي الله عنها-.

وقال ابن الملقن في [الإعلام]: فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يُشترط المحرم، وبه قال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي.

قال: والمختار عدم اشتراط المحرمية في ذلك، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

قال ابن مفلح -رحمه الله- في [الفروع]: وعند شيخنا -أي ابن تيمية- تحج كل امرأةٍ آمنةٍ مع عدم المحرم. وقال: إن هذا متوجهٌ في كل سفر طاعة.

كذا قال -رحمه الله-، وكذا عنه في [الإنصاف]، وفي [الاختيارات] للبعلي قوله: وتحج كل امرأةٍ آمنة ...

الشيخ: هذه المسألة من مسائل الخلاف، ومسائل [01:40:26]، وقد قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾[النساء:59]، فإذا رددنا هذه المسألة وجدنا أنه يقول: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم»، نص، هذا الحديث نص في أنه يحرم، فيكون هذا ... لا يزال الخلاف، لكن سفر المرأة مع مولى زوجها أو عبده هذا هو البحث، أما هذا الخلاف بسبب مع المحرم وبدون المحرم هذا كما سبق.

مداخلة: أشار إلى حج نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عمر بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الشيخ: إي، هذه داخلة في المسألة هذه، داخلة في مسألة السفر مع محرم ومن غير محرم، لكن سفر المرأة مع عبد زوجها أو مولاه، هل هو محرم أو ليس بمحرم؟

مداخلة: [01:41:26]

الشيخ: نعم.

قارئ المتن: بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى السَّفَرِ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا، وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ».

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ بِمِثْلِهِ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ عَبَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ بِمِثْلِهِ. وَزَادَا قِيلَ لِعَاصِمٍ: مَا الْحَوْرُ؟ قَالَ: أَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ: حَارَ بَعْدَمَا كَانَ.

شرح الشيخ: (حَارَ بَعْدَمَا كَانَ)، الحديث لعبد الله بن سرجس، أخرجه الإمام مسلم من طريق عاصم الأحول، نعم؟

مداخلة: [01:43:13]

الشيخ: يعني هذا الدعاء ثابت: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا، وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ»، فيه مشروعية الدعاء عند الخروج في السفر، عند الخروج في السفر يدعو بمثل هذا الدعاء.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ مَاشِيًا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَلَمْ يَكُنْ عِيَالًا عَلَى رُفَقَائِهِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ، لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ أَذِنَ بِالْحَجِّ، فَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ وَقَالَ: «ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي مِنَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَرَكِبَ وَمَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ رُكْبَانٌ وَمُشَاةٌ». ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.

شرح الشيخ: والشاهد قوله: (رُكْبَانٌ وَمُشَاةٌ)، هذا الشاهد، وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في (الحج).

فيه أنه لا بأس بالحج ماشيًا إذا (قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَلَمْ يَكُنْ عِيَالًا عَلَى رُفَقَائِهِ) يعني لم يكن يؤثِّر على رفقائه، أما إذا كان يؤثر ويؤخرهم؛ يركب معهم، إذا كان يؤخرهم في السفر ويتعبهم فلا ينبغي له أن يحج ماشيًا، بل يكون معهم، أما إذا كان لا يؤثر فلا بأس.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره كان يمشي، وكانوا يتعاقبون، أحيانا لا يكون معهم مركوب، فكان الثلاثة يتعاقبون، كان له زميلان يتعاقبان البعير، يركب واحد واثنين يمشون، ثم ينزل واحد ويركب واحد، وهكذا، يتعاقبون، كل واحد يمشي مسافة ويركب أحدهم، فلا بأس بالحج ماشيًا.

ولكن أيهما أفضل: الحج ماشيًا أم راكبًا؟

النبي -صلى الله عليه وسلم- حج راكبًا، فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الأفضل.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ رَبْطِ الْأَوْسَاطِ بِالْأُزُرِ وَسُرْعَةِ الْمَشْيِ إِذَا كَانَ الْمَرْءُ مَاشِيًا.

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُشَاةً مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَقَالَ: «ارْبُطُوا أَوْسَاطَكُمْ بِأُزُرِكُمْ»، وَمَشَى خِلْطَ الْهَرْوَلَةِ.

شرح الشيخ: (وَمَشَى خِلْطَ الْهَرْوَلَةِ): الهرولة هي السرعة في المشي.

الحديث هنا ... تكلم على الحديث، يقول إسناده منكر؟

القارئ: قال: إسناده ضعيف.

الشيخ: حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ ضعيف، قد خالف الثقات، والحديث أخرجه ابن ماجه في [المناسك] من طريق إسماعيل بن حفص.

القارئ: فيه يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، وحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، وحديثهما هذا منكر؛ لأنه يخالف الأحاديث الصحيحة الكثيرة، التي تؤكد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يكونوا مشاة من المدينة إلى مكة.

الشيخ: صحيح، وهم ليسوا مشاة، لكن بعضهم كان يمشي، ركبان، (حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُشَاةً مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَقَالَ: «ارْبُطُوا أَوْسَاطَكُمْ بِأُزُرِكُمْ»)، وربط الأوساط بالأزر يعني حتى لا ينحل، استحباب ربط الأوساط بالأُزر لئلا ينحل ويسقط، ولهذا قال: «ارْبُطُوا أَوْسَاطَكُمْ بِأُزُرِكُمْ» إذا كان المرء ماشيًا.

كذلك استحباب سرعة المشي، هذا على حسب الحاجة، إذا كانت الحاجة إلى السرعة وإلا فلا، المهم أن ربط الأُزر لئلا تنحل.

أما الحديث ضعيف، النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة حجوا ركبانًا.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ النَّسْلِ فِي الْمَشْيِ عِنْدَ الْإِعْيَاءِ مِنَ الْمَشْيِ لِيَخِفَّ النَّاسِلُ وَيَذْهَبَ بَعْضُ الْإِعْيَاءُ عَنْهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ، ثُمَّ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُشَاةُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَصَفُّوا لَهُ، وَقَالُوا: نَتَعَرَّضُ لِدَعَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: اشْتَدَّ عَلَيْنَا السَّفَرُ، وَطَالَتِ الشُّقَّةُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَعِينُوا» - قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَظُنُّهُ - قَالَ: «بِالنَّسْلِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَنْكُمُ الْأَرْضَ وَتَخِفُّونَ لَهُ»، فَفَعَلْنَا ذَلِكَ، وَخِفْنَا لَهُ، وَذَهَبَ مَا كُنَّا نَجِدُهُ.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَكَا نَاسٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ فَدَعَا بِهِمْ، وَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالنَّسْلَانُ»، فَنَسَلْنَا فَوَجَدْنَاهُ أَخَفَّ عَلَيْنَا.

شرح الشيخ: الحديث الأول حديث جابر، قال: إسناده صحيح عندك؟

القارئ: قال: إسناده صحيح، أخرجه أبو يعلى وابن حبان من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر به.

الشيخ: والثاني، إسناده أيضًا صحيح؟

القارئ: قال: صحيح، أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق ابن جريج عن جابر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر به.

شرح الشيخ: (النَّسْل) هو الإسراع في المشي، (اسْتِحْبَابِ النَّسْلِ فِي الْمَشْيِ عِنْدَ الْإِعْيَاءِ مِنَ الْمَشْيِ لِيَخِفَّ النَّاسِلُ وَيَذْهَبَ بَعْضُ الْإِعْيَاءُ عَنْهُ)، يعني إذا تعب الإنسان وهو يمشي، يسرع في المشي، يخف عليه هذا.

مداخلة: إذا أسرع يخف.

الشيخ: إذا أسرع يخف عليه التعب؟

مداخلة: تخف عليه المسافة.

الشيخ: يعني تقصر المسافة؟ المسافة تقصر، لكن هنا قال: (لِيَخِفَّ النَّاسِلُ وَيَذْهَبَ بَعْضُ الْإِعْيَاءُ عَنْهُ)، يذهب بعض التعب، يعني المتبادر في الظاهر أن الإنسان إذا كان متعبًا ثم أسرع زاد عليه التعب.

مداخلة: إذا أسرع يخف التعب، كلما أسرع في المشي لا يشعر بالتعب، كلما بطأ في المشي يشعر بالتعب والراحة ويسترح.

مداخلة: [01:52:26] إيحاءً بقرب الوصول.

الشيخ: إذا أسرعت.

والحديثان صحيحان، (اسْتِحْبَابِ النَّسْلِ فِي الْمَشْيِ عِنْدَ الْإِعْيَاءِ مِنَ الْمَشْيِ لِيَخِفَّ النَّاسِلُ وَيَذْهَبَ بَعْضُ الْإِعْيَاءُ عَنْهُ)، قال: «اسْتَعِينُوا بِالنَّسْلِ؛ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَنْكُمُ الْأَرْضَ وَتَخِفُّونَ لَهُ»، بين هذا، (يَقْطَعُ عَنْكُمُ الْأَرْضَ) يعني تقصر المسافة.

في الحديث الثاني قال: شَكَا نَاسٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ فَدَعَا بِهِمْ، وَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالنَّسْلَانُ»، فَنَسَلْنَا فَوَجَدْنَاهُ أَخَفَّ عَلَيْنَا.

القارئ: النسل الإسراع.

الشيخ: نعم، الإسراع في المشي.

مداخلة: الإسراع في المشي يخف على الإنسان، أنا مجرب، مرة في الحج كنا نمشي [01:53:19]، قال لنا الشيخ الذي معنا: أسرعوا في المشي فلا تشعرون بالتعب، فأسرعنا في المشي ما شعرنا بالتعب، وإذا نحن قد قطعنا المسافة.

الشيخ: هذا يؤيد يعني، يؤيده الواقع.

القارئ: في معجم [مقاييس اللغة]: النسل: الإسراع، ومنه قوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)﴾[الأنبياء:96].

الشيخ: في يأجوج ومأجوج، يسرعون، وهنا فسره لما قال النسل هو الإسراع في المشي، قال: من لسان العرب، مادة نسَل، على هذا يكون الإسراع في المشي يخف التعب، ويشعر بأن المسافة قلت، قربت.

مداخلة: [01:54:08]

الشيخ: نعم، يعني يؤيده الواقع.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ مُصَاحَبَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي السَّفَرِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ».

شرح الشيخ: الحديث إسناده صحيح، ماذا قال عندك عن لحديث؟

مداخلة: إسناده معلول بالإرسال، والصواب فيه الإرسال، ووصله خطأ.

قال أبو داود السجستاني: الصحيح أنه مرسل، قال في المراسيل، وقد أُسند هذا ولا يصح.

قال الترمذي: لا يُسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي هذا الحديث عن الزهري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا.

الشيخ: الزهري هنا وصله، قال: عن عبد الله عن ابن عباس، لا يصح، هنا الأعظمي قال: إسناده صحيح؛ صححه.

القارئ: قال: وقد غفل عن هذه العلة، فصححه بعض المتأخرين معتمدين على ظواهر الأسانيد.

الشيخ: هذا من كلام من؟

القارئ: الفحل.

الشيخ: وقد غفل عن ماذا؟

القارئ: وقد غفل عن هذه العلة، فصححه بعض المتأخرين معتمدين على ظواهر الأسانيد.

أخرجه أحمد وعبد بن حميد والدارمي وأبو داود والترمذي وأبو يعلى وابن حبان والحاكم والبيهقي.

الشيخ: ومنهم المؤلف -رحمه الله-، بنى الترجمة على هذا، قال: (بَابُ اسْتِحْبَابِ مُصَاحَبَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي السَّفَرِ«خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ».

ما له شواهد ولا متابعات؟

مداخلة: [01:57:15]

الشيخ: إسناده صحيح؟

مداخلة: وهو نفسه، وهب.

مداخلة: من الطريق هذا لا يصح.

الشيخ: من طريق وهب؟

مداخلة: وهب موجود.

الشيخ: وهب ليس موجود في السند؟ وهب بن جرير، له طريق أخرى؟ يُنظر، (اسْتِحْبَابِ مُصَاحَبَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي السَّفَرِ)، المؤلف بنى الترجمة على صحة الحديث، إذا كان لا يصح معناه ينتفي الاستحباب، الحديث يحتاج إلى مراجعة، هل له متابع أو شاهد؟ يراجع.

 

 

قارئ المتن: بَابُ حُسْنِ الصَّحَابَةِ فِي السَّفَرِ، إِذْ خَيْرُ الْأَصْحَابِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ».

شرح الشيخ: هنا قال أيضًا إسناده صحيح، مستدرك، من طريق حيوة، والترمذي في [البر والصلة]، من طريق ابن المبارك وهذا حسن، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد والدارمي والبخاري في [الأدب المفرد]، والترمذي والطحاوي في [شرح المشكل]، وابن حبان والحاكم والبيهقي في [الشُّعب].

شرح الشيخ: هذا يستحب الصحابة في السفر، لا شك، حسن الصحابة في السفر، وحتى في الحضر، حسن الصحابة مأمورٌ به، من حُسن الخُلق، لكن في السفر يتأكد الحاجة إلى الخدمة وتحمل المشقة، هذا فيه استحباب حسن الصحابة في السفر وفي الحضر، ويتأكد في السفر.

القارئ: الحديث السابق، قال المنذري: أخرجه الترمذي وقال: حسنٌ غريب، لا يسنده كثير واحد، وذكر أنه رُوي عن الزهري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا.

الشيخ: الحديث الأول؟ السابق؟

القارئ: نعم.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ تَأْمِيرِ الْمُسَافِرِينَ أَحَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَالْبَيَانِ أَنَّ أَحَقُّهُمْ بِذَلِكَ أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَهُمْ نَفَرٌ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟»، فَاسْتَقْرَأَهُمْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ هُوَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا قَالَ: «مَاذَا مَعَكَ يَا فُلَانُ؟» قَالَ: مَعِيَ كَذَا وَكَذَا، وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ قَالَ: «اذْهَبْ، فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ».

شرح الشيخ: الحديث هنا قال إسناده ضعيف، أخرجه الترمذي في (ثواب القرآن)، ما سبب ضعفه؟ الفضل بن موسى؟ ماذا قال عليه؟

مداخلة: سبق.

الشيخ: سبق، هذا يرويه أبو عمار الحسين بن حريش، الفضل بن موسى، عبد الحميد بن جعفر.

وعلى هذا فيكون استحباب أن أحقهم الأكثر جمعًا للقرآن هذا لا يصح فيه هذا الحديث، وإنما الإمارة تحتاج إلى عناية، قد يكون أكثرهم جمعًا للقرآن ليس عنده صلاحية للإمارة لعدم قدرته، الإمارة تحتاج إلى من عنده استعداد للتحمل، فقوله إن أحقهم أكثرهم جمعًا للقرآن لا يثبت هذا الحديث، استحباب تأمير المسافرين أحدهم هذا ثابت في النصوص الأخرى، أنه إذا خرج ثلاثة أمَّروا أحدهم، هذا ثابت، لكن كونهم يختارون أو يكون أحقهم أكثرهم جمعًا للقرآن هذا جاء في هذا الحديث الضعيف؛ والثاني؟

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِذَا كَانَ نَفَرٌ ثَلَاثٌ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ، ذَاكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

شرح الشيخ: قال إسناده صحيح، موقوفٌ رجاله ثقات، إذا كانوا ثلاثة فليؤمروا أحدهم، وليس فيه أنهم يختارون أكثرهم جمعًا للقرآن، هذا معروف من أحاديث التأمير، تأمير المسافرين أحدهم، لكن كونه أكثرهم جمعًا للقرآن هذا...

مداخلة: وجدت كلاماً عليه.

الشيخ: ماذا وجدت؟

مداخلة: الذي قبله: قال: إسناده ضعيف لجهالة عطاء مولى أبي أحمد، فقد تفرد بالرواية عن المقابري، ثم إن حديثه هذا معلول بالإرسال، وقد رواه الليث بن سعد عن سعيد المقابري عن عطاء مولى أبي أحمد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا، وهو الذي رجحه البخاري في تاريخه الكبير، وأبو حاتم في العلل، وفي الجرح والتعديل، وأخرجه ابن حبان من طريق المصنف بهذا الإسناد، وأخرجه ابن ماجه والترمذي والنسائي في الكبرى، والمزي في تهذيب الكمال.

الشيخ: وعليه فالاستحباب أن يكون الأمير أكثرهم جمعًا للقرآن لا يثبت، وإنما يؤمرون أحدهم عنده أهلية للإمارة.

قارئ المتن: بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ رُكُوبِ الدَّوَابِّ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمَرْءِ الْخُرُوجَ مُسَافِرًا.

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ»، فَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ».

شرح الشيخ: وهذا يقول الحديث إسناده صحيح، رواه أبو داود من طري ابن جريج، ورواية مسلم مختصرة.

وفيه مشروعية التكبير والتسبيح والدعاء، يكبر ثلاثًا فيقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثم يقول: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ»، هذا الدعاء.

التكبير: كبر ثلاثًا.

التسبيح: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ.

الدعاء: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ»؛ فَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ».

  • آيبون: راجعون.
  • تائبون: من الذنوب.
  • عابدون لربنا حامدون.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجِ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُ فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ.

قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِتَسْمِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ الرُّكُوبِ وَإِبَاحَةِ الْحَمْلِ عَلَى الْإِبِلِ فِي الْمَسِيرِ قَدْرَ طَاقَتِهَا

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَرَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي لَاسٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: حَمَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ خِفَافٍ لِلْحَجِّ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا هَذِهِ، فَقَالَ: «مَا مِنْ بَعِيرٍ إِلَّا وَعَلَى ذُرْوَتِهِ شَيْطَانٌ فَاذْكُرُوا اللَّهَ إِذَا رَكِبْتُمُوهَا كَمَا أَمَرَكُمْ، ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللَّهُ».

شرح الشيخ: الحديث إسناده حسن، صرح ابن إسحاق بالتحديث، محمد بن إسحاق، وهنا صرح بالتحديث في روايةٍ لأحمد.

(فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا هَذِهِ، فَقَالَ: «مَا مِنْ بَعِيرٍ إِلَّا وَعَلَى ذُرْوَتِهِ شَيْطَانٌ فَاذْكُرُوا اللَّهَ إِذَا رَكِبْتُمُوهَا كَمَا أَمَرَكُمْ، ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللَّهُ»)، تكلم على الحديث عندك؟

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوقٌ حسن الحديث، وقد صرَّح بالسماع عند غير المصنف، أخرجه ابن سعد في [الطبقات]، وأحمد وابن أبي عاصم في [الآحاد والمثاني]، والدولابي في [الكُنى والأسماء]، والطبراني في [الكبير]، والحاكم والبيهقي، وفي [الآداب] له، وابن عبد البر في [التمهيد]، من طريق محمد بن عبيد الطنافسي عن محمد بن إسحاق به.

وأخرجه أحمد والطبراني من طرقٍ عن محمد بن إسحاق به.

الشيخ: يشرع للإنسان أن يذكر الله إذا ركب ويستعين بالله، نعم.

 

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ بِوَقْفِهَا وَالْمَرْءُ رَاكِبَهَا غَيْرُ سَائِرٍ عَلَيْهَا، وَلَا نَازِلٍ عَنْهَا

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ يَعْنِي ابْنَ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ، وَحَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، أَيْضًا حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي خَبَرِ شَبَابَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعًا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ».

شرح الشيخ: قال: إسناده حسن، رواه الإمام أحمد في مسنده، والدارمي في الاستئذان، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: إسناده حسن من أجل سهل بن معاذ، يوجد سقط في نسختكم، الراوي عن أنس.

الشيخ: عن ابن معاذ، عندك سهل بن معاذ؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: فيه كراهية اتخاذها كراسي، يعني يجلس عليها وهي واقفة، إنما إذا وقفت يجلس في الأرض، ولا يجلس عليها وهي واقفة، يتركها مدة طويلة، «لَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ».

سؤال: [02:14:18]

الشيخ: [02:14:25] المستحب، أقل أحوال الأمر الاستحباب.

سؤال: [02:14:34]

الشيخ: هذا مستثنى، الوقوف، هذا نسك من مناسك الحج.

س: [02:14:50]

الشيخ: ليُرى، ومن السنة، هو سنة، إذا تيسر.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الْإِحْسَانِ إِلَى الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ فِي الْعَلَفِ وَالسَّقْيِ، وَكَرَاهِيَةِ إِجَاعَتِهَا وَإِعْطَاشِهَا وَرُكُوبِهَا وَالسِّيَرِ عَلَيْهَا جِيَاعًا عِطَاشًا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَنْظَلَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ ارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً».

شرح الشيخ: قال: إسناده صحيح، ماذا قال عنه عندك؟ صحيح؟

مداخلة: ذكر أخرجه أبو داود من طريق محمد بن المهاجر.

الشيخ: نعم، قال: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ ارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً»، يستحب للإنسان أن يحسن إلى البهائم، بالعلف والسقي، ولا يُجيعها ولا يُعطشها.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْحَمْلِ عَلَى الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ فِي السَّيْرِ طَلَبًا لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ الرُّكُوبِ، بِذِكْرِ خَبَرٍ مُخْتَصَرٍ غَيْرِ مُتَقَصّىٍ

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَوْقَ ظَهْرِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ، فَإِذَا رَكِبْتُمُوهُنَّ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَا تَقْصُرُوا عَنْ حَاجَةٍ».

وَحَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بِمِثْلِهِ مَرْفُوعًا.

شرح الشيخ: هنا قال: إسناده حسن، وقال: صحيحٌ لغيره.

(إِبَاحَةِ الْحَمْلِ عَلَى الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ فِي السَّيْرِ طَلَبًا لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ الرُّكُوبِ)، يتأكد ذكر اسم الله عند ركوبها، هنا:

  • مشروعية ذكر الله عند ركوب الدواب.
  • مشروعية الإحسان إليها بالعلف والماء.

قارئ المتن: بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ الْحَمْلَ عَلَى الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ، وَأَنْ لَا تَقْصُرُ عَلَى طَلَبِ حَاجَةٍ، إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرَاقِبُهُ، وَرَحْمَتُهُ تَحْمِلُ الرَّاكِبَ بِأَنَّ يُقَوِّي الْمَرْكُوبَ لِيَقْضِيَ الرَّاكِبُ حَاجَتَهُ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ عَلَى ذُرْوَةِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانًا فَامْتَهِنُوهُنَّ بِالرُّكُوبِ، وَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللَّهُ».

شرح الشيخ: هذا سبق.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "فِي خَبَرِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ الْحَمْلَ عَلَيْهَا فِي السَّيْرِ طَلَبًا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إِذَا كَانَتِ الدَّابَّةُ الْمَرْكُوبَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: «ارْكَبُوهَا سَالِمَةً وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً»، وَكَذَلِكَ فِي خَبَرِ سَهْلٍ: «ارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً»، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنَ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ أَنَّهَا إِذَا حُمِلَ عَلَيْهَا فِي الْمَسِيرِ عَطِبَتْ لَمْ يَكُنْ لِرَاكِبِهَا الْحَمْلُ عَلَيْهَا ... النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اشْتَرَطَ أَنْ تُرْكَبَ سَالِمَةً، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ، ارْكَبُوهَا سَالِمَةً أَيْ رُكُوبًا تَسْلَمُ مِنْهُ، وَلَا تَعْطِبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

شرح الشيخ: (بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ الْحَمْلَ عَلَى الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ، وَأَنْ لَا تَقْصُرُ عَلَى طَلَبِ حَاجَةٍ، إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرَاقِبُهُ، وَرَحْمَتُهُ تَحْمِلُ الرَّاكِبَ بِأَنَّ يُقَوِّي الْمَرْكُوبَ لِيَقْضِيَ الرَّاكِبُ حَاجَتَهُ).

مداخلة: عندي: (إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ برأفتهِ وَرَحْمَتِهِ يَحْمِلُ الرَّاكِبَ بِأَنَّ يُقَوِّي الْمَرْكُوبَ).

الشيخ: (بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ الْحَمْلَ عَلَى الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ، وَأَنْ لَا تَقْصُرُ عَلَى طَلَبِ حَاجَةٍ، إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ برأفتهِ وَرَحْمَتِهِ يَحْمِلُ الرَّاكِبَ بِأَنَّ يُقَوِّي الْمَرْكُوبَ لِيَقْضِيَ الرَّاكِبُ حَاجَتَهُ).

مداخلة: [02:21:13]

الشيخ: في الحديث يقول: إن النبي أباح الحمل عليها طلبًا لقضاء الحاجة، إذا كانت الدابة المركوبة محتملة للحمل عليها، فإن كان الأغلب من الدواب المركوبة أنها إذا حمل عليها عطبت لم يكن له الركوب والحمل عليها، قال: (اشْتَرَطَ أَنْ تُرْكَبَ سَالِمَةً، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ، ارْكَبُوهَا سَالِمَةً أَيْ رُكُوبًا تَسْلَمُ مِنْهُ، وَلَا تَعْطِبُ)، يعني تتحمل الركوب، أما إذا كانت لا تتحمل؛ فلا، يقضي عليها حوائجه إذا كانت تتحمل، فلا بأس.

سؤال: [02:22:10]

الشيخ: إذا كانت مريضة لا ينبغي أن يحمل عليها، ولا يتعبها، يشترط أن تكون سالمة، صحيحة، وألا تعطب للحاجة، يعني إذا كانت سالمة صحيحة يقضي عليها حوائجه، لا تُقصر على حاجة واحدة، إنما يحمل عليها طلبًا لقضاء الحاجة إذا كانت الدابة محتملة للحمل عليها، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ارْكَبُوهَا سَالِمَةً وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً»، وقال: «ارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً»، فإذا كان إذا حمل عليها مرضت أو عطبت لم يكن له الحمل عليها، لأن النبي اشترط أن تُركب سالمة.

إذن أباح الحمل على الدواب إن كانت تحتمل ولا تتضرر، أما إذا كانت إن حملت عليها مرضت أو عطبت فلا، «ارْكَبُوهَا سَالِمَةً وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً».

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ أَنْ لَا يَقْتَصِرُ عَنْ حَاجَةٍ إِذَا رَكِبَ الدَّوَابَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَاوِزَ السَّائِرُ الْمَنَازِلَ، إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً، وَالْأَمْرِ بِإِمْكَانِ الرِّكَابِ عَنِ الرَّعْيِ فِي الْخِصْبِ إِنَّ صَحَّ الْخَبَرُ؛ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ، فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ مِنْ أَسْنَانِهَا وَلَا تَتَجَاوَزُوا الْمَنَازِلَ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَانْجُوا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ؛ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَإِذَا تَوَغَّلَتْكُمُ الْغِيلَانُ، فَبَادِرُوا بِالصَّلَاةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَعْرَسَ عَلَى جَوَادِ الطَّرِيقِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنُ».

شرح الشيخ: يقول: الحديث إسناده ضعيف، رواه الإمام أحمد في المسند من طريق الحسن، وليس فيه التصريح بالتحديث، "سمعت الحسن: حدثنا جابر"، هنا قال: "حدثنا جابر"، صرح.

مداخلة: تكلم عن زُهير بن محمد التميمي.

الشيخ: في الحاشية قال: "إسناده ضعيف من طريق الحسن، وليس فيه تصريح بالتحديث"، لكن هنا فيه التصريح: "سمعت الحسن يقول: حدثنا جابر"، زهير ماذا؟

مداخلة: زهير الذي قبله: حدثنا سالم، قال: "إسناده ضعيف، زهير بن محمد التيمي رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: وكأن زهيرًا الذي يروي عنه الشاميون آخر، والراوي عنه (عمرو بن أبي سلمة) شاميٌّ فيه كلام، وسالم بن عبد الله الخياط سيء الحفظ، وسماع الحسن من جابر فيه خلافٌ عريضٌ بين أهل العلم، والصحيح أنه لم يسمع منه، أخرجه ابن ماجه من طريق سالمٍ عن الحسن عن جابرٍ به".

الشيخ: أبو هريرة هنا صرح بالتحديث: "سمعت الحسن يقول: حدثنا جابر"، هل هذا خطأ؟ قال هنا: إسناده ضعيف من طريق الحسن وليس فيه التصريح بالتحديث، هنا صرح بالحديث!

مداخلة: لو صح عن الحسن، رواية زهير ضعيفة.

الشيخ: تصريح الحسن بالتحديث الآن، يقول: ليس فيه التصريح في رواية الإمام أحمد في المسند ليس فيه التصريح، هنا فيه التصريح.

مداخلة: لو صح الطريق إلى الحسن، ما صح عن الحسن.

مداخلة: قد يُقال إنه قد تأول: حدثنا الحسن البصري.

الشيخ: هو هذا، الحسن كذا، الحسن تأول هكذا، مُدلس ويتأول، والحديث [02:27:33] أهل بلده، طيب، الحديث الذي بعده ما هو؟

قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، ثحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً، فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَنَازِلِ، وَإِذَا كَانَتْ مُجْدِبَةً فَاسْتَنْجُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ؛ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَإِيَّاكُمْ وَقَوَارِعَ الطَّرِيقَ؛ فَإِنَّهُ مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَإِذَا رَأَيْتُمُ الْغِيلَانَ، فَأَذِّنُوا».

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: "كَانَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ".

شرح الشيخ: فيكون إسناده ضعيف كما رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق هشام، قال [02:28:30]: قُلت: "علته الانقطاع في إسناده بين الحسن وجابر، كما أشار إلى ذلك المؤلف فيما رواه من حديث عبد الله وابن المديني، وتصريحه بالسماع كما في الرواية السابقة مما لا يحتج به لأن زهير بن محمد فيه ضعف من قبل حفظه لا سيما وقد خالفه غيره فلم يذكر السماع فيه كما في هذه الرواية، وهي وإن كانت ظاهرة الضعف من أجل ابن يمان فقد تابعه محمد بن سلمة ويزيد بن هارون، ثم إن في متنه نكارة".

إذن الترجمة الآن قال: (بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ أَنْ لَا يَقْتَصِرُ عَنْ حَاجَةٍ إِذَا رَكِبَ الدَّوَابَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَاوِزَ السَّائِرُ الْمَنَازِلَ، إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً، وَالْأَمْرِ بِإِمْكَانِ الرِّكَابِ عَنِ الرَّعْيِ فِي الْخِصْبِ إِنَّ صَحَّ الْخَبَرُ؛ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ).

مداخلة: كأنه يُعِلَّه.

الشيخ: إي نعم، ذكر العلة، قال: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ»، الخصب ضد الجدب.

«فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ مِنْ أَسْنَانِهَا»: الركاب: الإبل، أمكنوها من أسنانها يعني: تأكل.

«وَلَا تَتَجَاوَزُوا الْمَنَازِلَ»، لماذا؟

المنازل: يعني منازلهم في السفر.

«وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَانْجُوا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ»: فانجوا: معناها أمر بالإسراع، ما معنى فانجوا هنا؟

مداخلة: أسرعوا السير.

الشيخ: نعم، «وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ»، هذا له شواهد، الدُّلجة: يعني السير في الليل.

«وَإِذَا تَوَغَّلَتْكُمُ الْغِيلَانُ، فَبَادِرُوا بِالصَّلَاةِ»، أو «فنادوا بالأذان»، هذا له شاهد لكن فيه ضعف.

«وَإِيَّاكُمْ وَالْمَعْرَسَ عَلَى جَوَادِ الطَّرِيقِ»، المعرس: هو نزول المسافر في آخر الليل للاستراحة، يسمى تعريس.

«الْمَعْرَسَ عَلَى جَوَادِ الطَّرِيقِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا»: لا ينبغي للإنسان أن ينام في الطرقات، لأنها طرق الإبل وطرق السيارات، هذا خطر.

«فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا»، كذلك، يتغوط أو يتبول.

«فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنُ»، في الحديث الآخر: «اتقوا الملاعن الثلاث».

وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد