قارئ المتن: حدثنا أبو هشام الرِّفَاعِيُّ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، قال: حدثَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَنَازِلِ، وَإِذَا كَانَتْ مُجْدِبَةً فَاسْتَنْجُوا عَلَيْهَا، وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَإِيَّاكُمْ وَقَوَارِعَ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَإِذَا رَأَيْتُمُ الْغِيلَانَ فَأَذِّنُوا".
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ.
الشيخ: أعد باب ذكر الدليل.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَنْ حَاجَةٍ إِذَا رَكِبَ الدَّوَابَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَاوِزَ السَّائِرُ الْمَنَازِلَ، إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً، وَالْأَمْرِ بِإِمْكَانِ الرِّكَابِ عَنِ الرَّعْيِ فِي الْخِصْبِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ رضي الله عنه.
القارئ: الحديث الثاني ولا الأول؟
الشيخ: الحديث الأول.
قارئ المتن: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّد قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حدثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ مِنْ أَسْنَانِهَا، وَلَا تَجَاوَزُوا الْمَنَازِلَ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَانْجُوا، وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَإِذَا تَغَّوَلَتْكُمُ الْغِيلَانُ فَبَادِرُوا بِالصَّلَاةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَعْرَسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنُ".
شرح الشيخ: هذا سبق أن قرأناه بالأمس هذا البارحة، وقلنا إن هذا مبني على الحديث، والحديث سبق أن إسناده ضعيف لأنه من طريق الحسن وليس فيه تصريح بالتحديث.
وقوله: (بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَنْ حَاجَةٍ إِذَا رَكِبَ الدَّوَابَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَاوِزَ السَّائِرُ الْمَنَازِلَ، إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً وَالْأَمْرِ بِإِمْكَانِ الرِّكَابِ عَنِ الرَّعْيِ فِي الْخِصْبِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ) سماع الحسن من جابر لا يصح.
مداخلة: تصريحه بالتحديث هنا؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: "سمعت الحسن يقول: "حدثنا جابر".
الشيخ: سبق الكلام أن التصريح ...
مداخلة: من زهير.
الشيخ: نعم من زهير، هنا الأعظمي يقول إسناده ضعيف، رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق الحسن وليس به تصريح بالتحديث، لكن نعم، رواية زهير الآن تكلم عنها، قال ماذا؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف" هذا الأول.
الشيخ: نعم.
مداخلة: "زهير بن محمد التيمي، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعُف بسببها، قال البخاري عن أحمد كأن زهيرًا الذي يروي عنه الشاميون آخر، والراوي عنه عمرو بن أبي سلمة شاميٌ فيه كلام، سالم بن عبد الله الخياط سيء الحفظ، وسماع الحسن من جابر فيه خلاف عريضٌ بين أهل العلم، والصحيح أنه لم يسمع منه، وأخرجه ابن ماجه من طريق سالم عن الحسن عن جابرٍ به".
الشيخ: هنا قد صرَّح بالسماع، لكن تصريحه تُكُلم فيه.
مداخلة: في طريقه في سماع زهير، في زهير نفسه.
الشيخ: وعلى هذا المؤلف يقول إن النبي إنما أباح ألا يُقتصر على الحاجة إذا ركب الدواب من غير أن يجاوز السائر المنازل إذا كانت الأرض مخصِبة، والأمر بإمكان الركاب عن الإبل عن الرعي في الخصب إن صح الخبر، يعني ينبغي للإنسان أن يمكِّن الإبل؛ لأن الإبل كانت هي المراكب قبل أن توجد الاختراعات الحديثة السيارات والطائرات والمراكب، كان الناس يسافرون على الإبل، فإذا كانت الأرض مخصِبة وقت الخصب يمكِّن الإبل من الرعي ولا يسرع، وإذا كانت الأرض مجدبة يسرِع.
ولهذا قال: (والأمر إنما أباح ألا يُقتصر عن الحاجة إذا ركب الدواب من غير أن يجاوز السائر المنازل إذا كانت الأرض مخصِب)، المنازل التي ينزل بها في الطريق ما يكون بعيدًا، ويمكن الإبل من الرعي، أما إذا كانت الأرض مخصِبة (فالأمر بإمكان الركاب عن الرعي في الخصب إن صحَّ الخبر؛ فإن في القلب لسماع الحسن من جابر).
هنا سماع الحسن من جابر أكثر أهل العلم أنه لم يسمع منه، وكذلك أيضًا فيه زهير، فالحديث فيه ضعف، والحديث قال: (إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ مِنْ أَسْنَانِهَا) الخصب وقت الرعي وإنبات الأرض.
(وَلَا تَجَاوَزُوا الْمَنَازِلَ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَانْجُوا، وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ) الدلجة الذهاب في الليل.
(وَإِذَا تَغَّوَلَتْكُمُ الْغِيلَانُ فَبَادِرُوا بِالصَّلَاةِ) وفي رواية (فنادوا بالصلاة)، (فبادروا بالأذان)، والغيلان جنس يقولون عند بعضٍ من الجن والشياطين تتصور للناس فتضلهم وتهلكهم، والحديث فيه ضعف (وَإِذَا تَغَّوَلَتْكُمُ الْغِيلَانُ فَبَادِرُوا بِالصَّلَاةِ).
(وَإِيَّاكُمْ وَالْمَعْرَسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ) التعريس هو نوم المسافر في آخر الليل، جلوس المسافر أو نزول المسافر في آخر الليل استراحة، يسمى تعريس، عرَّس يعني نزل في آخر الليل، يقول المعرِّس هذا إذا جاء لا ينام المسافر على جواد الطريق لئلا تأتي الدواب وتؤذيه، مثل الآن السيارات خطوط السيارات لا يكون قريبًا منها لئلا تؤذيه، في الأول يقول (جواد الطريق) جواد الإبل والبقر، الجواد لا ينام فيها المسافر وأن يكون بعيدًا عن الجواد وعن الطرق لئلا تأتيه هذه الدواب وتهلكه، وكذلك طرق السيارات.
والصلاة عليها كذلك، الصلاة عندها كذلك تكون بعيدًا عن الطريق؛ (فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا) يعني لا يتبول ولا يتغوَط في الجواد ولا في الطريق؛ (فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنُ) لأن قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الملاعن الثلاث» قال: "الذي يتخلى في طريق الناس وفي ظلهم وفي أماكنهم وعلى قارعة الطريق"، كل هذا منهيٌ عن قضاء الحاجة فيه، يقضي الحاجة في مكانٍ بعيد، هذا جاءت فيه التعريس على جواد والطرق هذا جاء النهي عنه، وكذلك النهي عن قضاء الحاجة.
أما ما ذكره المؤلف قال: (إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ)، (وَلَا تَجَاوَزُوا الْمَنَازِلَ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَانْجُوا) هذا مبني على الحديث، والحديث لم يصح.
مداخلة: لكن هل معناه صحيح برحمة الدواب بأن تأكل من الأرض الخصبة؟
الشيخ: نعم، رحمة الدواب لا بأس، لكن كونه لا يتجاوز المنازل (إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ مِنْ أَسْنَانِهَا) هذا معروف من أدلة أخرى، يعني يمكنها ويعطيها ما تحتاج، أما إذا كان في الجدب فإنه يسرع؛ لأنه ليس هناك مصلحة للدواب في بقائها، ففي الجدب يسرع، وفي الخصب يتمهل ويترك الدواب أو الركاب تأخذ ما تحتاجه من الرعي، هذا مفهوم من نصوص أخرى، أما هذا الحديث فيه ضعف.
قارئ المتن: حدثنا أبو هشام الرِّفَاعِيُّ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، قال: حدثَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصِبَةً فَأَمْكِنُوا الرِّكَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَنَازِلِ، وَإِذَا كَانَتْ مُجْدِبَةً فَاسْتَنْجُوا عَلَيْهَا، وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَإِيَّاكُمْ وَقَوَارِعَ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَإِذَا رَأَيْتُمُ الْغِيلَانَ فَأَذِّنُوا".
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ.
شرح الشيخ: نعم، وإن كان هنا صرَّح تصريحه بالسماع هذا ليس بظاهرٌ هناك في الحديث الأول، وهذا أيضًا إسناده ضعيف كذلك، ذكر الشيخ ناصر أن علة الانقطاع في إسناد ابن الحسن وجابر، فالحديث ضعيف، لكن ما دلَّ عليه أن الأرض إذا كانت مخصِبة تُمكن رِكاب الإبل من الرعي، هذا لا بأس، هذا يعني معلوم من أدلة أخرى أنها إذا كانت مخصِبة يعطي الدواب والركاب ما تحتاجه من الرعي، وإذا كانت مجدبة فإنه يسرِع لا حاجة إليه إلى التأخر.
وهنا قال: (فَاسْتَنْجُوا عَلَيْهَا، وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ) هذا معروف من أدلة أخرى، والدلجة هي ظلمة الليل، يعني في الليل يمشي تُطوى به الأرض.
(وَإِيَّاكُمْ وَقَوَارِعَ الطَّرِيقَ) يعني النزول في قوارع الطريق، أول الطريق، هي الطرق، تسمى قارعة طريق؛ لأن الطريق تَقرع، يعني يكون لها قوارع، يمشي يعني المشي في قوارع الطريق وهي طرق الدواب والإبل، والآن طرق السيارات وأشباهها، تسمى قوارع الطريق.
فلا ينبغي للإنسان أن ينام أو يتخلَّى أو يقضي حاجته في الطرقات؛ لأنها يقول: (فَإِنَّهُ مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ)، وكما جاء في الحديث أنها أيضًا الملاعن الثلاثة؛ لأنه يتسبب في لعن الناس له من قضى حاجته في طرق الناس.
(وَإِذَا رَأَيْتُمُ الْغِيلَانَ فَأَذِّنُوا) هذا فيه كلام لأهل العلم، الغيلان هل هي حقيقة أو ليست حقيقة، والحديث فيه مقال، ولكن هناك من أهل العلم من جرَّب هذا وأنه في الطرقات إذا أذّن تزول الأشياء التي تتلون له.
المؤلف قال في هذه الترجمة دليل على أنه إنما أباح ألا يُقتصر على الحاجة إذا ركب الدواب من غير أن يجاوز السائر المنازل يعني إذا كانت الأرض مخصِبة، الحديث فيه ضعف، ولكن هذا معلوم إذا كانت الأرض مخصبة يمكِّن الركاب والإبل من الرعي، والآن تغيرت الأحوال في السفر بالسيارات والطائرات والقطارات والمراكب.
قارئ المتن: بَابُ صِفَةِ السَّيْرِ فِي الْخِصْبِ وَالْجَدْبِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِسُرْعَةِ السَّيْرِ فِي الْجَدْبِ كَيْ يَقْطَعَ الدَّوَابُّ الْمَرْكُوبَةُ السَّفَرَ بِنِقْيِهَا قَبْلَ تَعَجُّفٍ، فَيَذْهَبُ نِقْيُ عِظَامِهَا مِنَ الْهُزَالِ وَالْعَجْفِ.
شرح الشيخ: الترجمة فيها صفة السير في الخصب والجدب، الخصب إذا كانت الأرض فيها نبات وفيها عشب، والجدب إذا لم يكن هناك نبات ولا خصب ولا عشب، فإذا كانت الأرض مجدبة يسرع السير؛ لأنه ليس هناك مصلحة للدواب في التواني حتى تقطع الدواب (بِنِقْيِهَا) يعني يكون معها قوة ونشاط؛ لأنها إذا أكثرت السير عجفت، النقي عبارة عن المخ في العظام، فيذهب نقي عظامها من الهزال والعجف.
يعني إذا كانت الأرض مجدبة يسرع فيها حتى يقطع المسافة قبل أن تضعف الإبل والركوب، تضعف يحصل لها هزال وضعف.
لكن يسرع ما دامت قوتها معها وفيها قوة ونشاط وفي عظامها نقي يعني مخ، أما إذا أطال عليها السير ولم يكن هناك رعي قد تهزُل وتضعف، هذا معنى الترجمة.
قارئ المتن: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَقَّهَا، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ فَابْدُرُوا بِنِقْيِهَا، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهَا طَرِيقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ".
شرح الشيخ: الحديث قال رواية عن مسلم؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: في الإمارة من طريق الدراوردي، وفيه: «فبادروا بها نقيها»، هنا في الحديث ... ماذا قال عندك التخريج؟
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه أحمد ومسلم والترمذي من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به، أخرجه أحمد وأبو داود وأبو عوانة والطحاوي في شرح المشكل، وابن حبان والبيهقي من طرقٍ عن سهيلٍ عن أبيه عن أبي هريرة، سيأتي".
الشيخ: وفيه (إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ) يعني في وقت تكون الأرض فيها عشب، نبات، (فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَقَّهَا) يعني اتركوها ترعى.
(وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ) يعني الجدب، الأرض المجدبة التي ليس فيها، (السَّنَةِ) يعني الجدب.
(فَابْدُرُوا بِنِقْيِهَا) يعني بادروا بهما قوتها، أسرعوا فيها ما دام الإبل فيها قوة ونشاط، أسرعوا ولا تتأخروا، حتى تقطعوا المسافة والرِكاب والإبل معها قوتها ونشاطها.
(وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ) وسبق أن التعريس هو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة، إذا نزل آخر الليل يجتنب الطريق، إلا إذا أراد المسافر ينام ويستريح يكون بعيدًا عن الطرق، عن طرق السيارات وغيرها، في الأول كان يبتعد عن طريق الدواب والإبل، الآن يبتعد عن طريق السيارات والمراكب وغيرها، يكون بعيدًا.
(وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهَا طَرِيقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ) هذا في الأول كانت الجواد طريق الدواب ومأوى هوام الليل، الآن صارت طرق السيارات فيها خطر، يكون بعيدًا عنها.
وعلى هذا فيكون الترجمة الأولى التي ذكرها المؤلف -رحمه الله- وإن كان استدل بحديثين ضعيفين، هنا الترجمة دلَّت على صفة السير في الخصب والجدب، وأنه في الخصب يتمهل وفي الجدب يسرع، في الخصب يتمهل حتى يعطي الدواب حقها، وفي الجدب يسرع ما دام الركاب فيها قوتها ونشاطها، والآن كما سبق أن أصناف المراكب اختلفت، المراكب السيارات والطائرات والقطارات وغيرها من المراكب.
قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ ضَرْبِ الدَّوَابِّ عَلَى الْوَجْهِ، وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ مُبَاحٌ.
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ، وَعَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي أَخْبَارِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْبَعِيرِ الَّذِي ابْتَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْيَا جَمَلِي فَنَخَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضِيبٍ أَوْ ضَرَبَهُ، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ ضَرْبَ الدَّوَابِّ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ مُبَاحٌ، خَرَّجْتُ تِلْكَ الْأَخْبَارَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.
شرح الشيخ: هذه الترجمة فيها الزجر عن ضرب الدواب على الوجه، وجواز ضرب الدواب عند الحاجة على غير الوجه، ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث جابر بن عبد الله، وهو حديث صحيح رواه الإمام مسلم في اللباس كما ذكر.
وفيه أن النبي نهى عن الوسم في الوجه وعن الضرب في الوجه، وهذا عام في الدواب وفي الآدميين، الوجه لا يُضرب، إذا أراد أن يؤدِّب لا يضرب الوجه؛ لأن الوجه مَجمع الحواس، ويتأثر بسرعة، وكذلك الوسم، الوسم هو للقبائل، كل قبيلة لها وسم معين تسِم الإبل والغنم، فالوسم لا يكون في الوجه، لكن يكون في الظهر، في الورك، في الفخذ، في الآذان لا بأس، لكن الوجه لا.
سؤال: [00:21:34]
الشيخ: نعم، الرقبة غير الوجه، الوجه منهي عنه، ولذا جاء في الحديث الآخر لعن من ضرب على الوجه، فلا يُضرب الوجه، لا آدمي ولا غيره، لا يضرب وجه الآدمي ولا وجه الدابة.
علَّق المؤلف: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي أَخْبَارِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْبَعِيرِ الَّذِي ابْتَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْيَا جَمَلِي فَنَخَسَهُ النَّبِيُّ) كذا، فالنخس هذا نوع من الضرب، بقضيب، نخسه (أَوْ ضَرَبَهُ)، قال: فيه دليل (عَلَى أَنَّ ضَرْبَ الدَّوَابِّ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ مُبَاحٌ) عند الحاجة، يضرب الدابة في فخذها، في ظهرها في غير الوجه، أما الوجه فلا يُضرب.
قارئ المتن: بابُ الزَّجْرِ عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ مِنَ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ.
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قال: حدَّثَنَا أَسَدٌ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ، وَعَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ، وَالْمُجَثَّمَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُرِيدُ وَنَهَى عَنِ الْمُجَثَّمَةِ، وَالْمُجَثَّمَةُ هِيَ الْمَصْبُورَةُ الَّتِي تُرْبَطُ فَتُرْمَى حَتَّى تُقْتَلَ، قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ أَوْ كِتَابِ الْجِهَادِ.
وَأَخْبَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْرًا.
شرح الشيخ: الحديث ذكر المؤلف قال إسناده صحيح؟ ورواه بالأشربة؟
القارئ: يقول: "إسناده صحيح، رواه أبو داود من طريق حمادٍ مثله وبالأشربة، وليس فيه ذكر الجلالة والْمُجَثَّمَةِ".
الشيخ: نسخة ثانية؟ ماذا قال؟
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه أحمد والدارمي والبخاري وأبو داود وابن ماجه والترمذي والنسائي وفي الكبرى له وابن جارود وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم البيهقي والبغوي".
الشيخ: وفيه النهي عن الشرب من فيّ السقاء، يعني السقاء هو القربة التي يُجعل فيها الماء للتبريد، كان الناس قبل أن توجد الكهرباء وتوجد الثلاجات يبَّردون الماء في الجلود، جلود من الغنم تسمى سِقاء، تسمى قِربة، وله فم يُربط بها، لها فم السقاء أو القربة، فمنهي عن الشرب في فيّ السِقاء؛ لأنه يقذِّره، قد يخرج النفس وقد يخرج شيء من الدواب يذهب إلى حلقه، وقد يخرج منه نفس يقذِّره على غيره، وإنما يصب في إناء ثم يشرب، لا يشرب من فيّ السقاء.
النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشرب من فيّ السقاء وعن ركوب الجلَّالة، والجلالة هي التي تأكل النجاسات، العذِرة، وكذلك أيضًا عن شرب لبنها حتى تُطعم الطعام، جاء في بعض الأحاديث تُطعم ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام، تُطعم بالطعام الطيب حتى يذهب ما في بطنها.
والْمُجَثَّمَةِ فسَّر المؤلف، قال أبو بكر: (ونهى عن الْمُجَثَّمَةِ، وَالْمُجَثَّمَةُ هِيَ الْمَصْبُورَةُ الَّتِي تُرْبَطُ فَتُرْمَى حَتَّى تُقْتَلَ، قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ أَوْ كِتَابِ الْجِهَادِ)، قال المؤلف هنا: (بابُ الزَّجْرِ عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ مِنَ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ) وهذا فيه التحذير من كون ترك الدابة تأكل العذرة وتأكل النجاسات.
الحكمة من المجثمة التي إذا كانت هي المصبورة التي تُربط وتُرمى حتى تُقتل، نهى عن المجثمة يعني نهى عن هذا الفعل، وهي أن تُصبر الدواب، يعني تُقتل، كونها تُرمى وتُجعل غرضًا، التي تُربط وتُرمى حتى تُقتل، نهى عن هذا لأنه هذا لا يجوز، وهذا تعذيب، وإنما الدواب إذا كانت تؤكل تُذبح، وإذا كانت لا تؤكل كذلك فلا ينبغي قتلها بهذه الصفة، كونها تُربط وتُرمى.
سؤال: [00:27:10]
الشيخ: ركوبها، (بابُ الزَّجْرِ عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ مِنَ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ).
سؤال: [00:27:22]
الشيخ: يعني هذا فيه حث، أو فيه تحذير من ترك الدابة تأكل النجاسات، إذا نُهي عن ركوبها صار هناك عناية من صاحبها ألا تأكل النجاسات، المجثمة عندك ضبطها (مُجْثَمة) أو (مُجَثَّمَة)؟.
القارئ: ما ضُبطت، لكن في نسخة الفحل (مُجَثَّمَةِ).
الشيخ: في الحديث النهي عن الشرب من فيّ السقاء وعن ركوب الجلالة والْمُجَثَّمَةِ، يعني يرى النهي عن هذا الفعل، المجثمة ليست المراد ركوب المجثمة، المراد النهي عن هذا الفعل وهي أن تُصبر الدابة أو الطير وتُرمى حتى تُقتل، نهى عن هذا الفعل.
والترجمة فيها النهي عن ركوب الجلالة من الدواب المركوبة فقط، والحديث فيه النهي عن المجثمة أيضًا للزيادة، والنهي عن الشرب من فم السقاء.
سؤال: الشرب من القوارير علة منتفية؟
الشيخ: نعم منتفية؛ لأنها محفوظة، ولأنها ماءٌ قليل يُشبه الشرب من الكأس إذا كان وحده، أما إذا كان مشترك لا، ما ينبغي، وإذا كان وحده له العلبة وحده فلا بأس، الأمر واسع.
مداخلة: [00:29:17]
الشيخ: ما فيه ركوب الجلالة والمجثمة؟ ولذلك هنا قال: "إسناده صحيح رواه أبو داود [00:29:45] من طريق حماد، وليس فيه ذكر الجلالة والمجثمة".
سؤال: [00:29:49]
الشيخ: لبن الجلالة حتى تُطعم الطعام، ركوبها، الأصل أن ركوب الحمار وهو غير مأكول اللحم ومع ذلك قد يُتسامح فيه بأن يُركب، فالنهي عن لبن الجلالة هذا الذي ورد في الحديث الآخر لبنها حتى تُطعم الطعام الطيب مدة، جاء في بعضها منكر فيه ضعف سبعة أيام وكذا، قال ثلاثة أيام حتى يزول ما في بطنها من الطعام الخبيث ويطيب ويطهر، ثم يُشرب لبنها بعد ذلك.
أما الركوب، المؤلف قال: (بَابُ الزَّجْرِ عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ) الركوب هل هو ثابت عندك في الحديث؟
القارئ: عند أبي داود يوجد مثل رواية ابن خزيمة، قال المعلق ...
الشيخ: وعن ركوب الجلالة.
القارئ: "وعن ركوب الجلالة والمجثمة"، قال المعلق: "إسناده صحيح".
الشيخ: يعني يُحمل على هذا للتحذير من إهمالها حتى تأكل، إذا نُهي عن ركوبها يكون له عناية بالدابة وعدم إهمالها حتى تأكل النجاسات والعذرة، وأما اللبن لا يشرب لبنها حتى يطيب ما في بطنها ويزول الخبث، وتُطعم الطعام الطيب مدة، تُحبس وتطعم الطعام وتُمنع من أكل النجاسات، تسمى الجلالة.
قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ صُحْبَةِ الرُّفْقَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْكَلْبُ، أَوِ الْجَرَسُ، إِذِ الْمَلَائِكَةُ لَا تَصْحَبُهَا.
حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَصْحَبُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ، أَوْ فِيهَا كَلْبٌ».
شرح الشيخ: كلب عندك كذا؟ كأنها ممسوحة عندنا هنا، ذكر الأعظمي أنه رواه الإمام مسلم في اللباس من طريق جرير، (لَا تَصْحَبُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ، أَوْ فِيهَا كَلْبٌ)، (بَابُ الزَّجْرِ عَنْ صُحْبَةِ الرُّفْقَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْكَلْبُ، أَوِ الْجَرَسُ، إِذِ الْمَلَائِكَةُ لَا تَصْحَبُهَا) ذكر العلة، العلة أن الملائكة لا تصحب رفقةً فيها كلب أو جرس، فإذن لا ينبغي أن يكون الرفقة معهم كلبٌ أو جرس.
سؤال: حكمها في الصيد نفس حكمها في السفر؟
الشيخ: الكلب المعلَّم هذا مستثنى في ثلاثة أحوال:
- في المزرعة والبستان.
- وفي الغنم.
- وفي الصيد.
كلب الصيد أو الماشية للحراسة.
مداخلة: مستثنى.
الشيخ: نعم، مستثنى في ثلاث، يعني في ثلاثة أشياء: حراسة الغنم، حراسة البستان، وكذلك أيضًا الكلب المعلم للصيد، لكن الرفقة لا يحتاج إلى هذا، ما في حاجة أناس مسافرون أو في بيت.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَصْحَبُ رِفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ، إِذِ الْجَرَسُ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ.
حدثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ قال: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجَرَسُ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ».
الشيخ: والحديث رواه الإمام مسلم في اللباس من طريق [00:34:35] كما ذكر في الحاشية.
شرح الشيخ: هذا الحديث يدل على أن الملائكة لا تصحب رفقة، رفقة يعني جماعة، فيها جرس، وبيَّن العلة؛ لأن (الْجَرَسُ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ)، والترجمة السابقة الكلب أو الجرس.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الدُّلْجَةِ بِاللَّيْلِ، إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَطْوِي الْأَرْضَ بِاللَّيْلِ، فَيَكُونُ السَّيْرُ بِاللَّيْلِ أَقْطَعَ لِلسَّفَرِ.
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ، قال: حدثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قال: حدثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ».
حدثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْخَزَّازُ وَأَبُو بِشْرٍ، قَالَا: حدثَنَا رُوَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: بِمِثْلِهِ.
الشيخ: الحديث قال إسناده صحيح، رواه أبو داود من طريق الربيع بن أنس، ماذا قال عندك؟
القارئ: قال: "صحيحٌ أخرجه الحاكم من طريق رويم بهذا الإسناد".
الشيخ: والحديث فيه: الدلجة: ظلمة الليل، يعني في الليل، المراد به الليل، فيه ترغيب في السير في الليل، وبيَّن العلة قال: لأن (الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ)، وهذا بالنسبة للدواب لما كان السفر على الدواب، أما الآن السفر على السيارات والطائرات ينظر الإنسان المناسب له، فإذا كان المناسب له في النهار سار في النهار؛ لأن المدة قد لا تطول في السيارات مثل الإبل، الإبل تحتاج إلى أيام طويلة، النبي -صلى الله عليه وسلم سافر في حجة الوداع سافر تسعة أيام من 25 ذي القعدة إلى 4 ذي الحجة، يحتاجون إلى السير في الليل، أما الآن السفر ساعة أو ساعة ونصف أو ساعتين، ينظر الوقت المناسب له، إذا كان المناسب له في النهار فهو أولى.
هنا حث من النبي -صلى الله عليه وسلم- على قطع المسافة في الدلجة في الليل؛ لأنه وقتٌ طويل وليس فيه شمس، والسير كان على الإبل، وفيه انتهاز للفرصة ما دامت الإبل معها قوتها ونشاطها، فيسير في الدلجة، (عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ) وبيَّن العلة: (فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ).
سؤال: هل نقول السنة السفر بالليل؟
الشيخ: لا، (عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ) يعني في أثناء السفرة، يعني يقطعوا المسافة في الليل، وقد يكون أول السفر قد يكون في النهار، لكن يأتيه الليل، ويأتيه الليل الثاني والثالث والرابع، كان أيامًا ما هو بيوم ولا بليلة ولا ليلتين ولا ثلاث، ليس أسفار مثل أسفارنا، الأسفار ساعة أو ساعتين، هي أيام، فيحتاج إلى أنه يسير في الليل حتى يقطع المسافة، (عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ).
سؤال: ما معنى (تُطْوَى)؟ (تُطْوَى) يعني تتقارب؟
الشيخ: نعم، نوع من التقارب، حينما تسرع وتمشي وكذا، هذا طيّ، يعني حركات الإبل وكذا يعتبر طيّ، كأنها تطوى، كأنها مكره تطويها، وهو الواقع، أنت لما تتجاوز خطوة خطوة ... خطوات، هذا طيّ الأرض بالنسبة للذي يقطع المسافة.
قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّعْرِيسِ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهَا طَرِيقُ الدَّوَابِّ، وَمَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ».
حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ: بِمِثْلِهِ.
شرح الشيخ: هذا الحديث حديثٌ صحيح رواه مسلم: (وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهَا طَرِيقُ الدَّوَابِّ، وَمَأْوَى الْهَوَامِّ)، سبق أن التعريس هو نزول المسافر في آخر الليل للاستراحة، يسمى التعريس، نزول المسافر في آخر اليل للاستراحة، يعني إذا أراد المسافر أن يستريح في آخر الليل يجتنب ماذا؟ يجتنب الطريق، طريق الإبل والبقر والغنم، والآن كذلك يجتنب طرق السيارات والطرق السريعة، يكون بعيدًا عن الخطر؛ لأن فيه خطر، السيارات فيها خطر محقق، كذلك الجواد سابقًا، الإبل وغيرها والناس، الجواد معروفة، الناس يمشون مع الجواد، يسيرون مع الجواد، فإذا نام الجواد في الطريق تاه، جاءته الإبل والهوام وطريق الدواب ومأوى الهوام بالليل.
فبيَّن العلة فهي إذن في هذا الأدب النبوي أن المسافر إذا أراد أن يستريح يتجنب الطريق؛ لأنه فيه خطر، لأن هذه الطرق التي يسير عليها الناس، ولأنها مأوى الهوام باليل.
القارئ: وقوله هنا: (بِاللَّيْلِ) يعني أنه بالنهار لا بأس؟
الشيخ: لأنه في النهار ما فيه شيء؛ لأنه في الغالب التعريس إنما نزول المسافر إلى آخر الليل، هذا التعريس، ما يسمى تعريسًا إذا نزل في النهار ينزل استراحة أو شيءٌ قليل، لكن لو استراح، استراح قليلاً.
سؤال: ينام في الغرف وفي المنازل؟
الشيخ: يزول المحذور، لكن هذا إذا وُجد من يحتاج إلى أن ينام في الطريق، فيبتعد عن الإنسان عن طرق السيارات وغيرها.
قبل هذا الحديث السابق (حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى).
قارئ المتن: حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ: بِمِثْلِهِ، وَقَالَ: «إِذَا عَرَّسْتُمْ بِاللَّيْلِ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهُ مَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ».
قارئ المتن: بَابُ صِفَةِ النَّوْمِ فِي الْعُرْسِ
شرح الشيخ: في (العَرس) التعريس يعني، التعريس.
القارئ: في نسخة (في المعرَّس) نسخة التأصيل.
الشيخ: (في المعرَّس)؟
القارئ: نعم.
الشيخ: كلها مادة مشتقة منها، وهو نزول المسافر في آخر الليل.
قارئ المتن: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا أَبُو اليمَانِ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَيْهِ نَصْبًا، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفَّيْهِ.
شرح الشيخ: هذا فيه صفة النوم في التعريس، يعني إذا كان مسافرًا وعرَّس بليل، يعني مبكرًا، إذا نام مبكرًا اضطجع على شقه الأيمن، وإذا نام متأخرًا قبيل الصبح نصب ذراعيه نصبًا ووضع رأسه على كفيه حتى لا يستغرق في النوم.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغالب هكذا إلا إذا وكَل الصبح إلى أحد، وفي بعض الأسفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد أن يسير قال: «من يكل لنا الصبح؟»، فقال بلالٌ: "أنا"، فنصب ذراعه، ثم أصابهم النوم، ناموا كلهم ولم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس، فقال [00:43:05] بلال، فلما استيقظ قال: "يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك".
فهنا فيه صفة التعريس أنه إذا كان نزوله وهو نزول المسافر، إذا نزل مبكرًا اضطجع على شقه الأيمن، وإذا نزل متأخرًا قبيل الفجر نصب ذراعه نصبًا ووضع رأسه على كفيه حتى لا يستغرق في النوم، هذه استراحة، الاستراحة وقتٌ قليل في آخر اليل ينصب ذراعه نصبًا، ويضع رأسه على كفيه كأنه كذا أو قريبًا، ذراعيه، أما إذا كان ذراع واحد هكذا، لكن ذراعيه نصب ذراعيه نصبًا ووضع رأسه على كفيه، ظاهره هكذا.
القارئ: نسخة الفحل: "على كفه".
الشيخ: على كفٍ واحد هكذا، وإذا كان الاثنين هكذا، هنا في النسخة قال: (إِذَا عَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَيْهِ نَصْبًا، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفَّيْهِ)، ما النسخة الثانية عندك؟
القارئ: "على كفه".
الشيخ: نعم إذا كانت يد واحدة على كف، ماذا في هذه النسخة "على كفيه"؟ الحديث قال: "إسناده صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق حماد"، في غير الإمام أحمد رواه؟
مداخلة: في الحاشية المسند.
الشيخ: عندك في المسند، هذا فيه صفة النوم في التعريس في النزول آخر الليل أنه إذا كان مبكرًا اضطجع على شقه الأيمن، وإذا كان متأخرًا نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه أو على كفيه، نصب ذراعه أو ذراعيه، ووضع رأسه على كفيه، وإذا كانت يد واحدة وضع رأسه على كفه.
قارئ المتن: بَابُ كَرَاهِيَةِ سَيْرِ أَوَّلِ اللَّيْلِ
حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: قال: حدثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ».
شرح الشيخ: الحديث فيه عن عنعنة ابن إسحاق، يقول الشيخ ناصر: "له طرقٌ أخرى خرجها في الصحيح"، ماذا عندك، ماذا قال عليها؟
القارئ: قال: "إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوقٌ حسن الحديث، وقد صرَّح بالسماع في بعض طرق التخريج".
الشيخ: "صرح بالسماع" قصده يقول لولا عنعنة ابن إسحاق، لكن له طريقٌ أخرى، ما قال إنه صرح بالسماع، له طرقٌ أخرى! هنا قال صرح بالسماع؟
القارئ: نعم، "أخرجه أحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وأبو يعلى وابن حبان والحاكم والبغوي".
الشيخ: المؤلف بنى على هذا كراهية السير أول الليل، (أَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ).
مداخلة: هو في معنى حديث «إذا غاب قرص الشمس كفوا صبيانكم»، هو في معنى هذا؟
الشيخ: هذا في أول الليل، هذا عند فحمة العشاء حتى تذهب فحمة العشاء، هذا عند غروب الشمس، لكن هذا كان في أول الليل هنا، هذا السير هو الذي كان ...
مداخلة: بعد العشاء.
الشيخ: نعم.
مداخلة: ابن حبان صرح بالسماع.
الشيخ: صرح بالسماع، ولفظ الحديث هكذا (أَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ).
القارئ: قال ابن حبان: "قال في الخامس والتسعين من أول: قال أنبأنا عبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان"، ثم قال: "وعن أبي يعلى حدثنا القواريري، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم به نحوه"، تخريج الزيعفي في [إتحاف المهرة].
الشيخ: هذا على كل حال محمول ومقيد بقوله (إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ)، لكن في زماننا الآن في أول الليل لا يزال الناس ينتشرون، وكان هذا هدوء الرجل إنما يكون في منتصف الليل عندنا الآن أو بعده، ففي أول الليل فيه سير الآن، والحديث قال: (أَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ)، هذا يُحمل على إذا قلَّ السير، لكن الآن في أول الليل عندنا لا زالت السيارات الآن، ولا يزال هناك في سير.
لكن سابقًا كانوا قبل أن توجد المراكب الجديدة وقبل أن توجد الكهرباء في أول الليل تهدأ الرجل، الآن وُجدت الأنوار فلا تهدأ إلا بعد فترة من أوله، بعد مضي شيء من الليل، فيُحمل هذا على أنه بعد ذلك، أنه في وسط الليل وما أشبهه، ثم يمشي في آخر الليل، يعني يمشي أول الليل حتى إذا هدأت الرجل، قلَّ، خفَّت، استراح، ثم يمشي في آخر الليل.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ تَوْقِيتِ أَوَّلِ اللَّيْلِ الَّذِي كُرِهَ الِانْتِشَارُ وَالْخُرُوجُ فِيهِ.
حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَكُفُّوا مَوَاشِيَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ مِنْ عِنْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَذْهَبَ -قَالَ لَنَا يُوسُفُ- فَحْوَةُ الْعِشَاءِ».
شرح الشيخ: هذا الذي ذكره أبو بكر (إِلَى أَنْ تَذْهَبَ فَحْوَةُ الْعِشَاءِ) هذا من عند الغروب من أول الليل، هو قال من توقيت أول الليل الذي كُره الانتشار فيه، فحمله على أول الليل من عند غروب.
(كُفُّوا مَوَاشِيَكُمْ) عامة هي، (وَأَهْلِيكُمْ مِنْ عِنْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَذْهَبَ -قَالَ لَنَا يُوسُفُ- فَحْوَةُ الْعِشَاءِ)؛ فإن الشياطين تنتشر.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا -عِلْمِي- تَصْحِيفٌ، إِنَّمَا هُوَ فَحمَةُ الْعِشَاءِ، اشْتَدَّ الظَّلَامُ، هَكَذَا قَالَ غَيْرُ يُوسُفَ فِي هَذَا الْخَبَرِ: فَحمَةُ.
القارئ: "قال في الأصل هنا وفي الذي بعده "فجوة" بالجيم المعجمة.
الشيخ: هنا لا زال (قال غير يوسف) هناك (فحوة العشاء)، هنا لا زال ما غيَّر شيء فيه، (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا -عِلْمِي- تَصْحِيفٌ، إِنَّمَا هُوَ) ماذا؟
القارئ: (فحمة).
الشيخ: بالميم؟
القارئ: بالميم يا شيخ.
الشيخ: النسخة الأحدث ما غيَّرها، (فحمة العشاء).
القارئ: نعم.
الشيخ: وفسرها باشتداد الظلام، هكذا قال يوسف في هذا الخبر فحمة كذا؟
القارئ: نعم.
الشيخ: لا زال في النسخة عندنا (فحوة) على التصحيف السابق.
القارئ: ذكر أنه: "ووقع في الأصل في الموضع السابق بنفس الإسناد فحوة".
مداخلة: في مسلم (فحمة).
الشيخ: (فحمة) بالميم؟
مداخلة: وبالواو (فحوة).
الشيخ: بالواو في مسلم (فحوة)؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: المؤلف يقول تصحيف.
مداخلة: في مسلم وأبي داود والترمذي وابن حبان.
الشيخ: (وَهَذَا -عِلْمِي- تَصْحِيفٌ) يُنظر (فحمة - فحوة) قد يكون المعنى متقارب، لأن الفحوة ...
مداخلة: الذي في مسلم (فحمة).
الشيخ: (فحمة)؟
مداخلة: نعم (فحمة العشاء).
الشيخ: يعني تصحيف، وما في (فحوة)؟
مداخلة: عند ابن خزيمة وابن حبان في الصحيح.
الشيخ: في الحديث.
مداخلة: نسخة مسلم ليس عليها [00:53:35]، التخريج في مسلم.
الشيخ: ارجع إلى مسلم، (فحمة)؟
مداخلة: هذا لفظ مسلم، (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا -عِلْمِي- تَصْحِيفٌ، إِنَّمَا هُوَ فحوة العشاء).
القارئ: لفظ مسلم: "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء".
الشيخ: وفي رواية غير مسلم في (فحوة)؟
القارئ: (فحوة) عند ابن حبان وابن خزيمة.
الشيخ: (فحوة) كذا يُنظر في القاموس (فحوة) و(فحمة) ما الفرق بينهما، إذا ثبت معناه ما تكون تصحيف، تكون رواية، المؤلف يرى أنه تصحيف، انظر (فحوة) في القاموس أو في التفسير (فحمة)، الفحمة معروف يعني ظلام، (كُفُّوا مَوَاشِيَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ مِنْ عِنْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ)، يشمل الصبيان في الآخر وصبيانكم.
القارئ: في لسان العرب قال: "هي فحمة العشاء بالفاء لا غير، وفي الحديث «كُفُّوا صبيانكم حتى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ» وهي إقباله وأول سواده"، قال: "ويقال للظلمة بين صلاتي العشاء الفحمة، والتي بين العتمة والغداة العسعسة، ويقال فحموا عن العشاء"، يقول: "لا تسيروا في أوله حتى تفور الظلمة، ولكن أمهلوا حتى تسكن وتعتدل الظلمة ثم سيروا".
شرح الشيخ: إذن المؤلف قال السير أول الليل أراد من غروب الشمس يوافق الحديث، لكن (أَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ) معلوم أنه سيخرج لصلاة المغرب وصلاة العشاء، لكن (كُفُّوا مَوَاشِيَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ) وصبيانكم نعم، هذه المواشي، بعض الدواب، بعض الأطفال يكفُّون، جاء أن الرجل يخرج لصلاة المغرب وصلاة العشاء.
مداخلة: فيه مسائل قال: "فحمة العشاء الشدة في سواد الليل وظلمته، وإنما يكون ذلك في أوله حتى إذا سكن فوره قلت ظلمته".
الشيخ: هذا نفس الذي موجود.
القارئ: نعم موجود.
الشيخ: اقرأ في المكبر.
القارئ: "وفحمة العشاء شدة سواد الليل وظلمته، وإنما يكون ذلك في أوله حتى إذا سكن فوره قلَّت ظلمته".
مداخلة: في كلام للنووي.
الشيخ: كلام للنووي على (فحوة)؟
مداخلة: نعم.
مداخلة: قال: "فحمة العشاء ظلمته وسوادها، وفسرها بعضهم هنا بإقباله وأول ظلامه، وكذا ذكره صاحب الغريب، قال: ويقال للظلمة التي بين صلاة المغرب والعشاء الفحمة، وللتي بين العشاء والفجر العسعسة".
الشيخ: و(فحوة) ما تكلم على (فحوة)؟
مداخلة: ما تكلم على (فحوة).
الشيخ: في رواية أبي داود (فحوة)؟
مداخلة: رواية ابن حبان.
الشيخ: المؤلف يقول تصحيف، يقول على حسب علمي يقول هذا تصحيف (فحمة)، مع أن النسخة التي عندي ما غيَّر، النسخة لا زالت هي (فحوة) كلها، (فحوة العشاء الظلام) هكذا وردت في هذا الخبر (فحوة) كلها، وهي (فحمة) بالميم.
على هذا يكون الترجمة (بَابُ كَرَاهِيَةِ سَيْرِ أَوَّلِ اللَّيْلِ) بنى على هذا، لكن هنا الترجمة الثانية ذكر (ذِكْرِ تَوْقِيتِ أَوَّلِ اللَّيْلِ الَّذِي كُرِهَ الِانْتِشَارُ وَالْخُرُوجُ فِيهِ)، لكن الحديث: (كُفُّوا مَوَاشِيَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ مِنْ عِنْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ).
سؤال: كأنه يتوجب أن يُقال أن فحمة العشاء فإن الفحمة [00:58:55] فهي أول الليل.
الشيخ: نعم هي أول الليل كان الخروج، لكن هنا قال: (بَابُ كَرَاهِيَةِ سَيْرِ أَوَّلِ اللَّيْلِ) الترجمة الأولى، (أَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ، إِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ)، هناك الترجمة التي بعدها توقيت أول الليل الذي كُره الانتشار في، وفي هذا السير، هذا كُره الانتشار فيه أول الليل من غروب الشمس، وكراهية السير أول الليل هذا بالنسبة للسفر، بقي رواية ابن حبان (فحوة) يُنظر فيها، في القاموس ما تكلم على (فحوة) بالواو؟
مداخلة: ابن حبان روى الحديث عن ابن خزيمة.
الشيخ: ورى عن ابن خزيمة، ابن خزيمة هنا قال إنه تصحيف.
قارئ المتن: بَابُ وَصِيَّةِ الْمُسَافِرِ بِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ صُعُودِ الشَّرَفِ، وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ الْهُبُوطِ
قال: حدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ الْقُرَشِيُّ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ سَفَرًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوْصِنِي. قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ»، فَلَمَّا مَضَى، قَالَ: "اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الْأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ".
شرح الشيخ: هذا الحديث يقول الشيخ ناصر السند هو حسن، ماذا عندك؟ هو حسن؟
القارئ: قال: "إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي صدوق حسن الحديث".
الشيخ: الشيخ خرَّجه في الصحيحة، ورواه ابن ماجه في الجهاد من طريق وكيع، وفيه أن النبي أوصى بتقوى الله، (والتكبير على كل شرف) يعني على كل مرتَفَع، ثم دعا له قال: (اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الْأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ)، الحديث الذي بعده.
قارئ المتن: حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، قال: حدثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قال: حدثَنَا حَصِينُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا هَبَطْنَا سَبَّحْنَا.
شرح الشيخ: هذا رواه البخاري في الجهاد من طريق حصين، وفيه مشروعية التكبير للمسافر إذا صعد مرتفعًا، والتسبيح إذا هبط واديًا.
مداخلة: يقال بمشروعية هذا الدعاء للمسافر "اللهم ازو له الأرض" لمن يودع مسافرًا.
الشيخ: نعم، ما ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك وأوصى بتقوى الله، يوصى بتقوى الله، قال: (أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ)، وأما إذا قال: اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر هذا حسن، الترجمة التي بعدها.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ خَفْضِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ صُعُودِ الشَّرَفِ فِي الْأَسْفَارِ
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قال: حدثَنَا أَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، فكبر تَكْبِيرَةً فَرَفَعُوا بِهَا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَصَمَّ، وَلَا غَائِبٍ، هُوَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَأْسِ رَوَاحِلِكُمْ».
شرح الشيخ: الحديث رواه البخاري في الجهاد من طريق عثمان، وفيه «إنه معكم»، وفي مسند الإمام أحمد: «إن الذي تنادون دون رؤوس ركابكم»، وفي حديث أيضًا أبي موسى لما قال لما صعدنا ارتفعت أصواتنا بالتكبير، قال: «أيها الناس، أربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصمًا ولا غائبًا، إن الذي تدعونه سميعٌ قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته».
ففيه مشروعية التكبير عند الارتفاع والتسبيح عند النزول، ولكن يخفض صوته، لا يرفعه يقول إذا ارتفع (الله أكبر) أربعوا على أنفسكم يعني أرفقوا «فإنكم لا تدعون أصمًا ولا غائبًا، إن الذي تدعونه سميعٌ قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»، هذا رواه البخاري في الصحيح.
هنا قال: (كُنَّا) (فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، فكبر تَكْبِيرَةً فَرَفَعُوا بِهَا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ: "إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَصَمَّ، وَلَا غَائِبٍ، هُوَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَأْسِ رَوَاحِلِكُمْ")، إذن فيه مشروعية التكبير عند المرتفع والتسبيح عند الخفض.
وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولنا ولوالدينا وللمسلمين يا رب العالمين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملاً يا كريم.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب المناسك:
قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ تَعْرِيسِ النَّاسِ بِاللَّيْلِ
حدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدٌ، قال: حدثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ، أَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ فَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِمَّا يَعْدِلُ بِهِ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي، وَيَتْلُو آيَاتِي»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
شرح الشيخ: الحديث قال الشيخ هنا إسناده ضعيف، وإن صححه بعضهم فإن زيد بن ظبيان ما روى عنه غير ربعي، هذا كلام الشيخ ناصر، ما رواه الترمذي في صفة الجنة من طريق بندار مطولاً، ماذا قال عندك؟
القارئ: "سبق" وقال في موضع سابق: "صحيحٌ من غير هذا الطريق".
الشيخ: صحيح؟ الشيخ ناصر يضعفه، يقول: "وإن صححه بعضهم" يشير إلى ...
القارئ: "عند أحمد والترمذي والنسائي وفي الكبرى له والمروزي في قيام الليل، وابن حبان والحاكم".
الشيخ: تكلم عن زيد بن ظبيان؟ الإشارة عن زيد بن ظبيان رفعه إلى أبي ذر، زيد بن ظبيان ما روى عنه غير ربعي، يعني يكون مجهولاً، يحتاج إلى مراجعة تقريب كلامه في زيد بن ظبيان، (ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ)، عندك تكملة الحديث في الحاشية؟
القارئ: نعم، في الموضع السابق.
الشيخ: ماذا قال؟
القارئ: قال: "حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن زيد بن ظبيان رفعه إلى أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله، أما الذين يحبهم الله فرجلٌ أتى قومًا فسألهم بالله، ولم يسألهم بقرابةٍ بينهم وبينه، فتخلَّف رجلٌ بأقعبهم فأعطاه سرًا، لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه، وقومٌ ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحبَّ إليهم مما يُعدل به، نزلوا فوضعوا رؤوسهم فقام يتملقني ويتلو آياتي، ورجلٌ كان في سريةٍ فلقي العدو فهُزموا فأقبل بصدره حتى يُقتل أو يُفتح له. والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم».
الشيخ: يقول عندك حسن لغيره أم ماذا؟
القارئ: قال: "صحيحٌ من غير هذا الطريق".
الشيخ: ذكر الطريق؟
القارئ: ذكر التخريج.
شرح الشيخ: المؤلف قال: (بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ تَعْرِيسِ النَّاسِ بِاللَّيْلِ) يعني عند نزولهم بالليل، التعريس يبني على المسافرين، يعني رجلٌ مسافرٌ مع قوم، فنزلوا ناموا وقام يصلي (فَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِمَّا يَعْدِلُ بِهِ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ)، بنى المؤلف الترجمة بناءً على صحة الحديث، كان المؤلف يرى صحة الحديث أو تحسين الحديث، تكلم عليه عندك؟ الشيخ يقول حسن؟
القارئ: قال صحيح.
الشيخ: صحيح لغيره؟ بنى المؤلف الترجمة على أن الحديث ثابت عنده.
مداخلة: وكأن ابن حبان صححه، الترمذي.
الشيخ: الترمذي؟
مداخلة: خرجه وصححه، وقال: "أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وفي الكبرى له، والمروزي في قيام الليل، وابن حبان والحاكم".
الشيخ: يحتاج الحديث إلى جمع طرقه، لكن المؤلف صحح الحديث، ولهذا بنى عليه الترجمة (فَضْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ تَعْرِيسِ النَّاسِ بِاللَّيْلِ)، يعني فضل صلاة المسافر في السفر إذا كان مسافرًا مع جماعة ثم نزل يصلي.
قارئ المتن: بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْقُرَى اللَّوَاتِي يُرِيدُ الْمَرْءُ دُخُولَهَا
حدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ كَعْبًا حَدَّثَهُ أَنَّ صُهَيْبًا صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينَ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا".
شرح الشيخ: هذا الحديث فيه الدعاء عند رؤية القرية التي يريد دخولها، هنا (النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرَ) ضبطها الياء بالضم (لَمْ يُرَ)، ولكن (لَمْ يَرَ)، النبي لم ير من باب أولى، أو (لَمْ يُرَ) المعنى متقارب.
مداخلة: ضبطها عندي بالفتح.
الشيخ: هنا ضبطها، الشكل ما عليه معوَّل، هنا ذكر الشيخ ناصر أن إسناده حسن لغيره، "إن أبا مروان غير معروف كما قال النسائي، لكن للحديث شواهد يتقوى بها، انظروا المجمع، قال محمد بن علاف في الفتوحات الربانية: قال الحافظ: حديث حسن رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان"، كذا عندك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: فيه مشروعية الدعاء عند رؤية القرية بهذا الدعاء: (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينَ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا).
مداخلة: "حسنه ابن حجر والهيثمي وابن باز".
الشيخ: نعم، ذكر قال الحافظ حديثٌ حسن أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان، هذا قول الحافظ.
قارئ المتن: بَابُ الِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَنَازِلِ
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قال: أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبٌ، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ".
حدثَنَا بِهِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَالْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: بِمِثْلِهِ.
شرح الشيخ: والحديث مشهور ومعروف، حديث خولة رواه الإمام مسلم في صحيحه، ورواه الإمام مسلم في كتاب الذكر، وكذلك فيه نُقول وهو حديثٌ صحيح أنه يُشرع للمسلم إذا نزل منزلاً أن يقول هذا الدعاء: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ).
النبي قال: (مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ)، وذكر القرطبي أنه يتعوذ بهذا، القرطبي أو هذا نسيت.
مداخلة: القرطبي.
الشيخ: وأنه لُدغ فتذكر، فإذا هو قد نسي هذا الذكر.
مداخلة: قال في تقريب التهذيب: "زيد بن ظبيان بفتح المعجمة بعدها موحدة ساكنة، الكوفي مقبولٌ من الثانية".
الشيخ: "مقبول" يعني يحتاج إلى متابعة، لابد له من متابع، له شواهد، هنا يقول بالشواهد عند ذكر هنا شواهد، فحل ماذا قال عنه؟
مداخلة: قال: "صحيح من غير هذا الطريق".
الشيخ: يعني في طريق أخرى له طريق أخرى، الشيخ ناصر ما ذكر الطريق الأخرى؟ "رواه الترمذي في صفة الجنة من طريق بندار مطولاً"؟
مداخلة: في تهذيب الكمال قال: "زيد بن ظبيان الكوفي روى عن أبي ذر، وروى عنه ربعي بن حراش، روى له الترمذي والنسائي حديثًا واحدًا، وقد وقع لنا عاريًا من روايته".
الشيخ: في [الجرح].
مداخلة: ثم ذكر الحديث، في [تهذيب الكمال].
الشيخ: أما الاستعاذة هذا حديث مشهور (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)
قارئ المتن: بَابُ تَوْدِيعِ الْمَنَازِلِ بِالصَّلَاةِ
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، قال: حدثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ هَاشِمٍ، قال: حدثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ وَكَانَ لَهُ مُرُوءَةٌ وَعَقْلٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ.
شرح الشيخ: الشيخ ناصر يقول: "إسناده ضعيف، رواه الدارمي من طريق عثمان بن سعد"، ماذا قال عليه عندك؟
مداخلة: قال: "سبق".
الشيخ: "سبق"، ذكر سبب الضعف، عبد السلام بن هاشم، في نسخة ثانية عندك، تخريج الحديث؟
مداخلة: "رواه الدارمي من طريق عثمان بن سعد".
الشيخ: نعم، في نسخته.
مداخلة: يقول: "فيه عثمان بن سعد قال فيه ابن حجر ضعيف، وقال فيه الذهبي: "بينَّه غير واحد" انظر [التهذيب]".
الشيخ: فيه عثمان بن سعد؟
مداخلة: ابن حجر قال: "ضعيف، والذهبي قال: "لينه غير واحد".
مداخلة: قال: "ضعيفٌ، إسناده ضعيفٌ جدًا لشدة ضعف عبد السلام بن هاشم، وضعف عثمان بن سعد الكاتب، وأخرجه الحاكم من طريق المصنف، وأخرجه الدانمي والحاكم من طريق عثمان بن سعد بهذا الإسناد.
الشيخ: يعني الواقع يدل على هذا إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل منازل كثيرة، ولم يصلِ ركعتين، لم يصلِ لما زار عثمان في بيته صلى ركعتين، لكن ينزل منازل أخرى، زار عليًا وفاطمة وجلس ولم يصل ركعتين، وفي قصة خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- وخروج أبي بكر وقد ربطا على بطنيهما حجرًا من الجوع واستضافه الصحابي وليس فيه أنه صلى ركعتين عنده، هذا الحديث يقول (لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ).
مداخلة: ومنازل السفر.
شرح الشيخ: نعم، ومنازل السفر كذلك، ينزل في السفر في حجة الوداع ما ورد أنه في كل منزل يصلي ركعتين، يودعه بركعتين، ذي الحليفة بعد الإحرام هنا صلى، أيضًا يُختلف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الفريضة، شيخ الإسلام يقول: "ليس للإحرام صلاة تخصه، وإنما أحرم بعد فريضة"، يعني الحديث ضعيف السند، وأيضًا كذلك الواقع يشهد بضعفه؛ فإن النبي نزل منازل كثيرة ولم يصل فيها ركعتين، ولم يودعها ركعتين.
قد يحتاج الإنسان إلى أن ينزل منازل في وقتٍ قصير، قد لا يتمكن فيه من الصلاة، توديع المنازل بالصلاة، ولذلك المؤلف ما جزم فيها، ما قال إنه يستحب أو يُشرع مثلما قال، أو فضل، أو استحباب، قال: (بَابُ تَوْدِيعِ الْمَنَازِلِ بِالصَّلَاةِ) يعني ما حكمه، وذكر الحديث، لكن الإشكال في الحديث إنه (لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ)، أما صلاة الركعتين في أي وقت من غير أوقات النهي في أي مكان لا بأس مشروعة، لكن كونه لا ينزل منزلاً إلا ودعه بركعتين النبي -صلى الله عليه وسلم، هذا محل نظر.
عند التأمل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل منازل كثيرة في أسفاره وفي إقامته وفي زيارته لبعض أصحابه، ولم يصل في كل منزل ركعتين.
مداخلة: هل يُعمل بهذا الحديث الضعيف هل يُعمل به، يقول يدل على أنه مدخل السوء ومخرج السوء، وهو داخل وهو خارج يصلي ركعتين؟
الشيخ: إذا صلى ركعتين في أي مكان في غير وقت النهي لا بأس، لكن الكلام هل النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه أنه لا ينزل منزلاً إلا ودعه بركعتين، هذا الحصر (لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ)، النبي في بعض المنازل صلى، وفي بعضها ما صلى، والإنسان يصلي في مكان يصلي في غير وقت النهي لا بأس إلا الأشياء المنهي عنها الحمَّام وقارعة الطريق وما أشبه ذلك.
مداخلة: الحديث الذي قبله يقول النبي -صلى الله عليه وسلم (لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا) الدعاء، [01:31:15]؟
الشيخ: (لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا) هذا ظاهره عام، (لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا) أي قرية يريد دخولها يعني أي بلدة يريد دخولها، ولهذا قال إسناده حسن، الشيخ يقول: "له شواهد"، يعني حين دخل مكة هل ثبت أنه قال هذا الدعاء؟ الحديث فيه عموم حسنه الشيخ ناصر، وكذلك حسنه ...
مداخلة: ابن باز وابن حجر والهيثمي وابن حبان والنسائي، سئل ابن باز في مجموع الفتاوى شرح الوابل الصيب عن استعمال هذا الدعاء عند دخول المدن، هل هي مثل القرية، فأجاب: "كلها واحد المدينة والقرية، وتسمى المدينة قرية، قال تعالى: ﴿وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾[الأنعام:92]" انتهى.
الشيخ: نفس الدعاء؟ نفس الذكر هذا؟
مداخلة: في شرح [الوابل الصيب].
الشيخ: ذكره ابن القيم كذا في [الوابل الصيب]؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: إذن توديع المنازل بالصلاة يعني لا بأس الصلاة في أي وقت غير وقت النهي وغير الأماكن المنهي عنها، لكن الحديث كون النبي والحصر إنه لا ينزل منزلاً إلا يودعه بركعتين، هذا إسناده ضعيف.
مداخلة: ذكر ابن القيم في الوابل الصيب: "ذكر أهل القرية الممتدة إذا أراد دخولها".
الشيخ: ذكر نفس الذكر؟ قال؟
مداخلة: "الفصل الثامن والثلاثون في ذكر أهل القرية الممتدة إذا أراد دخولها، عن صبيح -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُر قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينَ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا»، رواه النسائي".
الشيخ: يعني المدن تسمى قرى، تسمى قرية، ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾[محمد:13]، تسمى قرية، ومكة تسمى أم القرى، ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾[يوسف:82] كما قال سماحة الشيخ محمد رحمه الله.
سؤال: [01:35:30]
شرح الشيخ: الدخول، الدعاء عند رؤية القرية التي يريد دخولها.
قارئ المتن: بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَيْرِ الْوَحْدَةِ بِاللَّيْلِ
حدثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قال: حدثَنَا بِشْرٌ -يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، قال: حدثَنَا عِصَامٌ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ لَمْ يَسِرِ الرَّاكِبُ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا».
وَحَدَّثَنَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قال: حدثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا.
الشيخ: وكيع بن سجدة؟
مداخلة: سقط، قال: "ما بين معكوفتين سقط من الأصل، قد أثبتناه من [الإتحاف]".
الشيخ: والحديث في الصحيح، رواه البخاري في الجهاد والدارمي، وفيه في الدارمي (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في الْوَحْدَةِ)، هنا (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ) عندك (من) أو (فيه)؟
مداخلة: (من الوحدة).
الشيخ: في رواية الدارمي: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ) يعني سير الإنسان وحده سفره وحده، (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ لَمْ يَسِرِ الرَّاكِبُ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا)، الراكب المسافر، لكن الآن المسافر بسيارته الآن والسلُك مطروقة الآن، الخطوط الآن، في الأول كانت الطرق غير مسلوكة يمشي وحده في الليل ما يرى أحدًا، لكن الطرق الآن مسلوكة، طرق السيارات الآن فيها سيارات على يمينه وعلى يساره، وفي محطات، هل يقال إنه الآن يعتبر الإنسان المسافر سار وحده أو أنه مع الناس؟
مداخلة: إذا تعرض لشيء أزمة قلبية ولا [01:37:55] حتى يستقر، فمما ينبغي له القرين في أي سفر من الأسفار حتى إذا تعرض ...
الشيخ: صحيح هذا، لكن المواصلات الآن يعني يتصل الإنسان، يتصل بالمحطة، والمحطات قريبة متقاربة والسيارات عن اليمين وعن اليسار، ولهذا فيه القول بأنه الراكب سيارته سار وحده أنه ينطبق عليه هذا الحديث فيه نظر.
إنما هذا في الأسفار السابقة كان الواحد يمشي على بعيره وحده ما يرى أحدًا، يمشي الساعات ما يرى أحدًا، ليس كالخطوط الآن، الخطوط معبَّدة وفيها أنوار.
مداخلة: فيها أمن.
الشيخ: نعم.
مداخلة: الواحد يمشي بالجوار، السيارات تمشي بالجوار، نادرًا ما يمشي لوحده، [01:39:20].
الشيخ: هذا قال ما يعتبر أنه سار وحده الآن.
مداخلة: الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر العلة؟
الشيخ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ)، نعم، لكن الكلام هل ينطبق عليه أنه وحده الآن أو لا ينطبق عليه؟
نقول ما ينطبق عليه أنه وحده الآن، يسير مع الناس، الناس محطات وسيارات هذا عن يمينه وعن شماله.
مداخلة: فيه كلام لابن عثيمين.
الشيخ: هاته.
مداخلة: يقول الشيخ ابن عثيمين في [فتاوى نور على الدرب]: "وهذا يدل على الحذر من سير الإنسان وحده، ولكن هذا في الأسفار التي لا يكون طريقها مسلوكًا بكثرة، وأما الأسفار التي يكون طريقها مسلوكًا بكثرة وكأنك في وسط البلد، مثل طريق القصيم-الرياض، أو الرياض-الدمام، وما أشبه ذلك من الطرق التي يكثر فيها السالكون، مثل طريق الحجاز في أيام المواسم، فإن هذا لا يُعدُّ انفرادًا في الحقيقة؛ لأن الناس يمرُّون به كثيرًا، فهو منفردٌ في سيارته وليس منفردًا في السفر، بل الناس حوله ووراءه وأمامه في كل لحظة" انتهى.
الشيخ: هذا في ماذا؟
مداخلة: فتاوى [نور على الدرب].
الشيخ: فتاوى؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: كلامه وجيه، كلام الشيخ -رحمه الله- كلامه وجيه، وهذا هو الواقع الآن؛ لأن الأسفار السابقة كانت على الدواب، وليس هناك أنوار ولا أحد يمشي معه، يكاد يمشي وحده والطرق غير مسلوكة وغير معبَّدة، وأمامه مرتفع ومنخفض وبعيره وحده، ما عنده أحد، لو حصل أي شيء لو يحصل عليه أو على بعيره أي شيء تعطل جائز.
مداخلة: قد يتعرض للسباع.
الشيخ: تعرض كذلك، لكن لو صاروا اثنين أو ثلاثة أو ثلاثة كما سيأتي تعاونوا، لكن الآن الطرق مسلوكة ومعبَّدة وأنوار واتصالات ومحطات، نعم، ومثل ما قال الشيخ عن يمينه وعن شماله وأمام وخلف السيارات، قد يقال إنه حديثه (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ)، لكن الوحدة الآن ما ينطبق عليه أنه متوحِد الآن، ما ينطبق عليه الحديث، لم ينطبق عليه يسير وحده وليس أمامه أحد ولا خلفه أحد ولا أحد يسعفه لو احتاج.
مداخلة: راكب السيارة لوحده.
الشيخ: الشيخ ابن عثيمين يقول إنه وحده في السيارة، لكن ليس وحده في الطريق.
مداخلة: فيما ثبت يا شيخ أن الواحد معه الشيطان؟
الشيخ: سيأتي الحديث الذي بعد هذا، الترجمة التي بعدها، على كل حال الحديث لا بأس، يعني إذا كان الإنسان يسير وحده وأن عليه خطر، ما ينبغي أن يسير وحده، الحديث (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوَحْدَةِ لَمْ يَسِرِ الرَّاكِبُ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا)، (وحده)، فالمسافر يقول أنا لست وحدي الآن، أنا مع الناس، السيارات أمامي وخلفي.
مداخلة: الحديث الذي نهى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت الرجل وحده، البيات؟
الشيخ: ما أدري بهذا الحديث، ثابت الحديث أن نهى أن يبيت وحده؟ يحتاج إلى مراجعة.
مداخلة: فيه كلام للألباني.
الشيخ: عن ماذا؟
مداخلة: عن نفس الحديث.
الشيخ: ماذا قال؟
مداخلة: قال: "في [الصحيحة]، ولعل الحديث أراد السفر في الصحاري والفلوات التي قلَّما يرى المسافر فيها أحدًا من الناس، فلا يدخل فيه السفر اليوم في الطرق المعبَّدة الكثيرة المواصلات، والله أعلم".
الشيخ: مثل ما قال الشيخ محمد، هذا في "الصحيحة"؟
مداخلة: في [الصحيحة].
قارئ المتن: بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَيْرِ الِاثْنَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ فَهُمْ عُصَاةٌ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الْوَاحِدَ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ شَيْطَانٌ أَوْ عَاصِي، كَقَوْلِهِ: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾[الأنعام: 112]، وَمَعْنَاهُ: عُصَاةُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ».
قَالَ بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ.
شرح الشيخ: هو الحديث حسن من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وكان فيه ابن عجلان روايته حسنة، حسن الحديث ما لم يخالف، قال: "الحديث إسناده حسن، رواه أبو داود في الجهاد.
(بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَيْرِ الِاثْنَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ فَهُمْ عُصَاةٌ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الْوَاحِدَ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ شَيْطَانٌ أَوْ عَاصِي، كَقَوْلِهِ: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾[الأنعام: 112]، وَمَعْنَاهُ: عُصَاةُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ)، وهذا كما سبق يعني في الفلوات والصحاري، أما في الطرق المسلوكة، يعني المعبَّدة مثل الواحد، إذا كان الواحد لا يُعتبر ولا ينطبق عليه الوحدة، فكذلك الاثنان، إنما هذا في الفلوات والصحاري، (الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ).
مداخلة: في حالة إذا كان كما ورد يكون حكمها الجماعة حكم المستحب، هل ينتقل من حكم الوجوب إلى حكم الاستحباب لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: حكم الجماعة؟
مداخلة: إذا كانوا مثلاً السفر لوحده في طرق مسلوكة، هل يُعتبر يُنتقل من حكم الوجوب إلى حكم الاستحباب لنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: نهى نعم في السفر، هذا ينطبق هنا في الفلاة والصحاري، أما الطرق المسلوكة إذا كان الواحد ما ينطبق عليه أنه واحد، فكذلك فالاثنان من باب أولى، فالاثنان إذا ركبوا السيارة نكون ما سرنا وحدنا، السيارات أمامنا وخلفنا وعن يمينا وعن شمالنا، والمحطات أمامنا نتصل.
مداخلة: الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يقول السيارة المقصود هنا ثلاثة في السيارة أم في الطريق؟ قال الشيخ محمد -رحمه الله: "في السيارة يطلق عليه الوحدة، ولابد في السير في الطريق حتى لا ينطبق عليه الوحدة".
الشيخ: نعم، يعني يقول هو وحده في السيارة، لكن ليس مسافرًا وحده، ما يعتبر وحده مع السيارات.
مداخلة: ولو كان في السيارة [01:47:30].
الشيخ: في الفلوات والصحاري، أما في السيارة إذا كان الواحد ما ينطبق عليه الوحدة، فالاثنان من باب أولى.
مداخلة: في هذا الزمن لا يوجد فلوات؟
مداخلة: مخاطرة أن يسافر وحده.
مداخلة: في الصحاري والفلوات.
الشيخ: نعم، حتى في السيارة.
مداخلة: ينتهي البنزين والجوال.
الشيخ: نعم، حتى إذا كان في الفلاة والصحراء حتى الاثنين ينطبق ما ينبغي، وإذا كان أيضًا في مخالفة، كذلك ما ينبغي أن يخالف ويخاطر، إذا كان في السيارة في الفلاة والصحراء المخاطرة، فكيف بالدواب والإبل، من باب أولى، لكن في الطرق المسلوكة الآن وفي الصحاري ما فيه مخاطرة
مداخلة: ويمكن إذا [01:48:25] وقفوا لك الناس.
مداخلة: لو يأتيك حادث وقف الناس، لو يأتي شيء وقف الناس، يعني على يمينك [01:48:33].
الشيخ: هذا هو الظاهر وينطبق على الواحد ولا ينطبق عليه أنه راكب شيطان، هذا الحديث: (الراكب شيطان)، تكلم الشيخ محمد على هذا الحديث (الراكب شيطان والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب)؟ (بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَيْرِ الِاثْنَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ فَهُمْ عُصَاةٌ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الْوَاحِدَ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ شَيْطَانٌ) ماذا عندك؟
مداخلة: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ شَيْطَانٌ أَوْ عَاصِي، كَقَوْلِهِ: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾[الأنعام: 112]، وَمَعْنَاهُ: عُصَاةُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ).
الشيخ: هذا فيه تصحيف وتحريف وزيادات.
مداخلة: في كلام للخطابي عن الشيطان.
الشيخ: ماذا قال؟
مداخلة: قال الخطابي في [معالم السنن]: "معناه، والله أعلم، أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان، أو هو شيءٌ يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه، فقيل على هذا إن فاعله شيطان".
الشيخ: وابن خزيمة يقول يعني عاصي، يكون معنى قوله (شيطان) يعني عاصي، وإذا ركب في السيارة الآن ما ينطبق عليه هذا في الطرق المسلوكة، والحديث حسن: (الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ).
مداخلة: [01:50:55] شياطينكم يسيطر عليها أكثر لو كان واحد أو اثنين وتبعد عن الجماعة؟
الشيخ: نعم، مثل ما قال الخطابي يدعوه إليه الشيطان وهذا من فعل الشطان، والمؤلف فسَّر الشيطان بأنه عاصي (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ شَيْطَانٌ أَيْ عَاصِي)، الشيطان من العصاة عاصيًا.
مداخلة: كلام لابن عبد البر: "قال أبو عمر معنى الشيطان ها هنا البعيد من الخير في الإنُس والرفق، وهذا أصل هذه الكلمة في اللغة من قولهم (نِوَى شَيْطون) أي بعيدة، ومما يدل على أن الثلاثة ركب وأن حكمهم نحو حكم عسكر".
الشيخ: الشيطان يُطلق على المخالف من الإنس أو من الجن أو من الدواب، المتمرد شيطان، ومن أسلم من الجن لا يسمى شيطانًا، والشيطان من (شطن) إذا بعُد عن الخير، أو من (شاط) إذا احترق.
مداخلة: في كلام للشيخ الألباني قال: "الحديث يعني أنه لا يجوز لمسافرٍ أن يسافر وحده، ولا أن يكون معه ثانٍ؛ فإن الراكب وحده شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب، أي إذا سافر ثلاثةُ فهذا السفر جائز، أما الواحد والاثنان فلا يجوز، وهذا الحديث فيه تفقه على النحو التالي:
إما أن يقال بأنه معقول المعنى أو إنه تعبدي، فإن قيل بأنه معقول المعنى، فحينئذٍ ليس هذا الحديث على إطلاقه، وإذا قيل بأنه تعبدي وُقف مع لفظه، فلا يجوز الأمر الذي لم يجزه الرسول -صلى الله عليه وسلم.
والفرق بين أن نقول بأن الحديث معقول المعنى وبين أن نقول إنه تعبدي أن الرجل إذا سافر وحده مثلاً بسيارته وفي طريقٍ مسلوكٍ مطروق لو أصيب وحدث به شيءٌ وجد من يغيثه أو يعينه أو يساعده، بخلاف ما لو سافر في صحراءٍ وحده حيث لا توجد هذه المعونة التي نتصورها أو نتخيلها، فهناك لا يجوز لوجود هذه العلة المقتبسة بالنظر الفقهي الصحيح.
أما إذا قيل بأن الحديث تعبدي لا نعرف الحكمة، ولا ما هي النكتة من تسمية الرسول -صلى الله عليه وسلم الراكب واحد شطان والراكبان شيطانان، فحينئذٍ نقول لا يجوز مطلقًا السفر إلا مع ثلاثةٍ وأكثر، هذا الذي أفهمه وهذا الذي أذكر كنت ذكرته بالمجلد الأول".
الشيخ: أظن فيه كلام لشيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله، هذه ممكن نبحثها في [مجموع الفتاوى] أن هذا ظاهر؛ لأنه يرى هذا أنه في غير الطرق المسلوكة، يُراجع الفتاوى وكلام الشيخ.
مداخلة: تعبدي؟
الشيخ: لا، ما أظنه.
مداخلة: ابن عبد البر يرى بأنه غير تعبُدي.
الشيخ: معقول المعنى، ما هو بتعبدي، ليس النهي إلا لما فيه من الخطر والهلاك، معروف.
سؤال: [01:54:54]
الشيخ: تعبدي لا يُعرف معناه، هنا ما هو كلام ابن عبد البر؟
مداخلة: قال: "وإنما وردت الكراهية في ذلك، والله أعلم؛ لأن الوحيد إذا مرض لم يجد من يمرضه، ولا يقوم عليه، ولا يخبر عنه، ونحو هذا".
الشيخ: هذا كلام جيد كلام ابن عبد البر، أعد العبارة.
مداخلة: قال: "وإنما وردت الكراهية في ذلك، والله أعلم؛ لأن الوحيد إذا مرض لم يجد من يمرضه، ولا يقوم عليه، ولا يخبر عنه، ونحو هذا".
الشيخ: وهذه الطرق مسلوكة الآن وفيها إخباريات وفي كذا وفيها محطات وفيها السيارات كما سبق، هذا كلام ابن عبد البر في أي مكان؟
مداخلة: في [التمهيد].
الشيخ: في [التمهيد]؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم، هذه العبارة موجزة، لكنها تؤدي الغرض، يُنظر في كلام سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله.
مداخلة: ممكن الرجل الثاني يركب معه هذا الأول يضره في الطريق [01:56:07] أو يسرق عليهم السيارة أو يقتلوه، لو اثنين [01:56:15]
الشيخ: الناس حوله، ما هو منفرد.
مداخلة: إذا الرجل لحاله يطمع فيه.
الشيخ: يُطمع فيه؟ إذا كان فيه خطر امتنع.
مداخلة: [01:56:45] يضروه بسوء أو شيء، يعني الجماعة ...
الشيخ: نقول تختلف الأحوال حتى الجماعة.
مداخلة: الطرق الآن مسكونة، ما تقاس على القوافل في السابق.
الشيخ: القوافل؟ كيف؟
مداخلة: بعض القوافل ... [01:57:20] هذا الطريق مسلك للقوافل، معرضة للطريق.
الشيخ: قوافل كيف تنطبق؟
مداخلة: إذا سار لوحده ما يرى القوافل.
الشيخ: يعني يصير كأنه في قافلة تقول، هذا هو الظاهر والواقع والحمد لله، فالأقرب والله أعلم أنه معقول المعنى، وأنه هذا مثل ما ذكر الشيخ محمد وابن عبد البر.
مداخلة: ورد أن بعض الصحابة سافر منفردين، خصوصًا [01:58:13] سافر لحاله.
الشيخ: يعني هذه حالات خاصة يمكن، مثل الهجرة، حتى المرأة يجوز لها أن تهاجر وحدها ولو بدون محرم؛ لأنها تهاجر إلى بلاد المسلمين، هذه حالات خاصة.
قارئ المتن: بَابُ دُعَاءِ الْمُسَافِرِ عِنْدَ الصَّبَّاحِ
حدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَيْضًا يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ؛ ح وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ؛ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَيْضًا، قال: حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قال: حدثنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَبَدَا لَهُ الْفَجْرُ، قَالَ: «سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، رَبُّنَا صَاحِبُنَا، فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا سِتْرًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ»
شرح الشيخ: فيه زيادة (رَبُّنَا صَاحِبُنَا، فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا سِتْرًا) أم غير موجودة؟
مداخلة: قال: (رَبُّنَا صَاحِبُنَا، فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عائدٌ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ).
الشيخ: كتب (سترًا) هنا مكان (عائذ)
قارئ المتن: يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَرْفَعُ به صَوْتَهُ.
هَذَا حَدِيثُ أَبِي ضَمْرَةَ. وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ: وَنِعْمَتِهِ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ: وَحُسْنِ بَلَائِهِ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا خَرَّجْتُ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، فَكُتِبَ هَذَا إِلَى جَنْبِهِ.
شرح الشيخ: هنا قال: "إسناده صحيح من طريق سليمان بن بلال وهي طريق الحاكم، رواه الحاكم في [المستدرك] من طريق ابن وهب"، يعني الشيخ ناصر حسنَّه، ماذا عندك؟
مداخلة: قال المحشِّي: "صحيحٌ أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في [عمل اليوم والليلة]، وأبو عوانة كما في [إتحاف المهرة]، وابن حبان وابن السُّنِي في [عمل اليوم والليلة]، والحاكم".
الشيخ: سند المؤلف طويل، وهنا في تحويل، حوَّل (وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى)، المؤلف قال: (هَذَا حَدِيثُ أَبِي ضَمْرَةَ. وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ: وَنِعْمَتِهِ)، (سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا)، يعني النعمة، البلاء هو النعمة، (بَلَائِهِ عَلَيْنَا) هو النعمة، (رَبُّنَا صَاحِبُنَا، فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا) "عائذًا بالله" كذا عندك، تحريف فيها تصحيف هذه النسخة، "عائذًا بالله من النار".
مداخلة: قال: "هذا ما استظهرناه وهو الموافق لما في مصادر التخريج".
الشيخ: هذا كلام من؟
مداخلة: الفحل.
الشيخ: ماذا يقول؟ "هذا" ماذا؟
مداخلة: "ما استظهرناه".
الشيخ: أنه حسن؟
مداخلة: لا، "عائذًا بالله من النار" قال عندنا: "هذا ما استظهرناه وهو الموافق لمصادر التخريج".
الشيخ: التخريج عندك؟
مداخلة: تخريجه قال: "صحيحٌ، أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في [عمل اليوم والليلة]، وعوانة ..."
الشيخ: أخرجه مسلم؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: كذا عندك؟ هو ما ذكر هنا الأعظمي أنه في مسلم، الشيخ ناصر ذكره، في مسلم موجود؟
مداخلة: نعم في مسلم.
مداخلة: "في [التأصيل] ذكره من طريق المنذر لابن عبد الأعلى وصحيح مسلم من طريق عبد الأعلى في الصحيحة [02:03:01]".
الشيخ: بهذا اللفظ: (سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا رَبُّنَا صَاحِبُنَا، فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عائذًا بالله من النار)؟
مداخلة: لفظ مسلم: "عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا كان في سفرٍ وأسحر يقول: "سمع سامعٌ بحمد الله وحسنه بلائه علينا، ربنا صاحبنا وأفضِل علينا عائذًا بالله من النار".
الشيخ: هذه رواية مسلم، نعم، يعني في مشروعية هذا الدعاء في الصباح في السفر، يقول: (هَذَا حَدِيثُ أَبِي ضَمْرَةَ. وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ: وَنِعْمَتِهِ)، يعني (وَحُسْنِ بَلَائِهِ)، بلائه من نعمه، (وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ)، (يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).
والمؤلف يقول: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ) لكن خرجه (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، فَكُتِبَ هَذَا) يقول: (إِلَى جَنْبِهِ)، يعني كأنه قرنه ليس من شرطه لكنه كتبه إلى جنبه.
قارئ المتن: بَابُ صِفَةِ الدُّعَاءِ بِاللَّيْلِ فِي الْأَسْفَارِ
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قال: حدثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيّ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْوَلِيدِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا أَوْ سَافَرَ فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ، قَالَ: «يَا أَرْضُ! رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْكِ. أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ، وَحَيَّةٍ، وَعَقْرَبٍ، وَمِنْ سَاكِنِي الْبَلَدِ، وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ».
شرح الشيخ: هذا ضعفه الشيخ، إسناده ضعيف، الزبير بن الوليد مجهول كما أورده الذهبي، ماذا قال عندك؟
مداخلة: "إسناده ضعيف لجهالة الزبير بن الوليد، فقد تفرَّد بالرواية عنه شريح بن عبد الله الحضرمي، أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي في [الكبرى] في [عمل اليوم والليلة]، والحاكم والبيهقي".
الشيخ: لجهالة أم ضعف؟
مداخلة: "لجهالة".
شرح الشيخ: إذن الحديث ضعيف، لكن إذا دعا بهذا الدعاء واستعاذ بالله، يعني في بعض الأحيان، والحديث فيه أنه (إِذَا غَزَا أَوْ سَافَرَ فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ، قَالَ: "يَا أَرْضُ! رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْكِ. أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ، وَحَيَّةٍ، وَعَقْرَبٍ، وَمِنْ سَاكِنِي الْبَلَدِ، وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ)، فيه كلام لأهل العلم هذا (وَمِنْ سَاكِنِي الْبَلَدِ) هل هو الشياطين وغيرها.
فإذا قالها من باب الدعاء لكن يكون مستحبًا يعني، يحتاج إلى دليل صحيح، هنا قال: (بَابُ صِفَةِ الدُّعَاءِ بِاللَّيْلِ فِي الْأَسْفَارِ)، ما ذكر استحباب هنا، يعني المؤلف ما تكلم على [02:07:25] المؤلف، ما ذكر شواهد؟
مداخلة: أخرجه أحمد.
الشيخ: أخرجه أحمد من نفس الطريق الذي فيه الزبير بن الوليد؟
مداخلة: نعم، "من طريق صفوان بن عمرو وأبو داود من طريق ..."
الشيخ: صفوان بن عمرو. والزبير؟ صفوان بن عمرو يعني عن شريح عن الزبير أنه سمع.
[02:08:05]
الشيخ: الزبير بن الوليد هنا يقول الذهبي مؤلف ال ... قال عنه مجهول.
مداخلة: قال الشيخ الألباني في تضعيفه للحديث: "الزبير بن الوليد مجهول".
الشيخ: ماذا في [التقريب]؟
مداخلة: ذكر هنا في [التقريب] الزبير بن الوليد الشامي قال: "مقبولٌ من الرابعة، روى له أبو داود والنسائي".
الشيخ: مقبول حيث يُتابع يعني، يحتاج إلى متابعة، ما له متابع ولا شاهد؟
مداخلة: ذكر الشيخ شعيب الأرنؤوط: "أن الزبير بن الوليد لم يوثقه غير ابن حبان".
الشيخ: يعني لو قالها بعض الأحيان وترك بعض الأحيان فلا بأس.
قارئ المتن: بَابُ تَقْلِيدِ الْبُدْنِ وَإِشْعَارِهَا عِنْدَ السّوقِ.
شرح الشيخ: (عِنْدَ السُّوقِ) يعني يسوقها.
قارئ المتن: بَابُ تَقْلِيدِ الْبُدْنِ وَإِشْعَارِهَا عِنْدَ السّوقِ.
حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَا: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِيَّ هَاتَيْنِ.
لَمْ يَذْكُرِ الْمَخْزُومِيُّ: هَاتَيْنِ.
حدثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ.
شرح الشيخ: الهدي الذي يسوقها الإنسان من بلده ومن الطريق تُذبح في مكة سواء كان حاجًا أو معتمرًا، أو يرسل بها وهو في بلده.
الإبل فيها سُنَّتان، والغنم فيها سنَّة واحدة، الغنم السنَّة التقليد، والتقليد هو أن يأتي بحبل يجعل فيه نعلين يربطها في رقبة البعير أو رقبة الغنم، قد يكون يربطها بشيء من العهن ليُعلم أنها مُهداة للبيت الحرام، والإشعار خاصٌ بالإبل وهو أن يشُّق صفحة سنامها حتى يخرج الدم وينزف عن يمينها وعن شمالها ليُعرف من رآها أن هذا مهداة.
وهذا وإن كان فيه نوع تعذيب لكنه مُغتفر للمصلحة مثل خرق أذن الصبية ليُجعل فيها الحلي، هذا فيه نوع يعني فيه مصلحة، وهذا فيه مصلحة، هذا تقليد البدن، البدن هي الإبل وإشعارها عند السوْق، (تَقْلِيدِ الْبُدْنِ) الإبل، (وَإِشْعَارِهَا) هي سُنَّتان: التقليد والإشعار، الغنم فيها سنَّة التقليد فقط، هذا خاصٌ بالإبل الإشعار؛ لأنها تتحمل والغنم لا تتحمل.
(كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِيَّ هَاتَيْنِ)، والنبي -صلى الله عليه وسلم- (قَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ) أشار إلى شقِّ صفحة سنامها، وقلدها في [02:12:50] أو في غيرها، ربطها بشيء من العهن أو حبل من الصوف تكون قلادة، التقليد للإبل والغنم، والإشعار خاصٌ بالإبل، والحديث صحيح.
مداخلة: شيء يسير من السنام، [02:13:13]؟
الشيخ: قليل حتى يتبين، سنجد في الترجمة التي بعدها يبينها المؤلف.
قارئ المتن: بَابُ إِشْعَارِ الْبُدْنِ فِي شَقِّ السَّنَامِ الْأَيْمَنِ، وَسَلْتِ الدَّمِ عَنْهَا، ضِدَّ قَوْلِ مِنْ زَعَمَ أَنَّ إِشْعَارَ الْبُدْنِ مُثْلَةٌ، فَسَمَّى سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُثْلَةً بِجَهْلِهِ
حدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَأَمَرَ بِبُدْنِهِ أَنْ تُشْعَرَ مِنْ شِقِّهَا الْأَيْمَنِ، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، وَسَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ.
حدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ الْهَدْيَ فِي شِقِّ السَّنَامِ الْأَيْمَنِ.
شرح الشيخ: وهذا رواه البخاري في الحج، وماذا قال عنه في الحاشية عندك؟
مداخلة: مسلم.
الشيخ: رواه مسلم، ما فيه رواه البخاري؟ رواه مسلم في الحج، والثاني كذلك رواه الإمام مسلم في الحج، ما ذكره الإمام البخاري؟
مداخلة: ما ذكره.
الشيخ: ما عندكم؟
مداخلة: في عندك تخريج؟
الشيخ: نعم، فيه مشروعية إشعار البدن التي يسوقها الحاج أو المعتمر أو كان النبي أيضًا كذلك يرسل البدن إلى مكة وهو في المدينة، وهل يمتنع مما يمتنع المحرم؟ الصواب أنه لا يمتنع كما بينت عائشة في الحديث الصحيح، وقال بعض العلماء يمتنع، والصواب لا يمتنع؛ لأنه ليس محرمًا.
فإشعار البدن جمع بدنة وهي الناقة في شق السنام الأيمن وإسالة الدم عنها حتى يعرف من مرَّ بها، وإذا عطبت كما سيأتي في الترجمة التي بعدها لا يكون له شيء ولا أحد من أصحابه ضد قول من زعم أن إشعار البدن مُثلة، يقول بعض الناس أن الإشعار هذا مُثلة، يعني ...
مداخلة: التقليد [02:15:50] الاثنين مع بعض؟
الشيخ: نعم، التقليد سنة مستقلة، والإشعار سنة أخرى، سنَّتان في البعير في الإبل، والغنم سنَّة واحدة وهي التقليد فقط دون الإشعار، هذا خاصٌ بالإبل لأنها تتحمل، والمؤلف يرد على من قال إن إشعار البدن مُثلة، أنه يمثل، هذا مُثلة، يقول: "فسمى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مُثلة لجهله".
صحيح أن فيه إيلامٌ للبعير لكن هذا شيء قليل يُغتفر في جنب المصلحة، ولتُعرف أنها بُدن وأنها مهداة.
مداخلة: وسم البعير في وجهه؟
الشيخ: لا، ما يجوز الوسم، الوسم في الوجه ما يجوز لا في البعير ولا غيره، الوسم منهي عنه كما سبق، وهذا فيه سنامها في الشق الأيمن.
قارئ المتن: بَابُ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ
أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ؛ ح وَحدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَاجِيَةُ الْخُزَاعِيُّ صَاحِبُ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ بُدْنِي؟ فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْحَرَ كُلَّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ، ثُمَّ يُلْقِي نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ يُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَأْكُلُونَهَا.
وَقَالَ فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: عَنْ نَاجِيَةَ، وَقَالَ: قَالَ: وَانْحَرْهُ! وَاغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، وَاضْرِبْ بِهَا صَفْحَتَهُ.
شرح الشيخ: هذا إسناده صحيح، رواه ابن ماجه في المناسك من طريق وكيع، كذا عندك؟
مداخلة: نعم، قال: "صحيح، أخرجه الشافعي في [السنن المأثورة]، والحميدي وابن أبي شيبة".
الشيخ: فيه أن الهدي إذا عطِب وإذا [02:18:12] فإنه يذبحه ويتركه للمساكين، ولا يأكل هو منه ولا أحدٌ من أصحابه من رفقته كما سيأتي في الترجمة التي بعدها، يعني هذا سد للذريعة، يعني لا يتسبَّب؛ لأنه لو كان يأكل منها، يمكن قد يتسبَّب فيها، لكن إذا علم أنه لا يأكل هو ولا أحدٌ من أصحابه فيحافظ عليها.
فإذا عطِب الهدي الذي سيق إلى مكة في الطريق، فإنه يذبحه ويخَلِّي بينه وبين الفقراء ولا يأكل هو منه ولا أحدٌ من رفقته، والحديث صحيح.
مداخلة: [02:18:52] قول الزبير بمعنى ...؟
الشيخ: يعني حتى يراه الناس يعرفون أنه هدي (فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْحَرَ كُلَّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ، ثُمَّ يُلْقِي نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ يُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ)، إظهار للناس إشعار يعرفون أنها مهداة، وأن هذا من الهدي المهداة للإيضاح.
مداخلة: [02:19:25]
الشيخ: ما نأخذ ترجمة الآن، انتهى الوقت؟
مداخلة: في أسئلة يا شيخ.
الشيخ: نقف على الترجمة، وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.