شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_3

00:00
00:00
تحميل
67

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين، والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

يقول الإمام ابن خزيمة في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ سَائِقِ الْبُدْنِ، وَأَهْلِ رُفْقَتِهِ، مِنْ لَحْمِهَا إِذَا عَطِبَتْ وَنُحِرَتْ

الشيخ: الباب الذي قبله، باب الهدي

القارئ: (بَابُ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)؟

الشيخ: اقرأه نعم.

مداخلة: قرأناه يا شيخ.

الشيخ: قرأناه، اقرأه مرة ثانية.

قارئ المتن: بَابُ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ -يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ-؛ ح وَحدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَاجِيَةُ الْخُزَاعِيُّ صَاحِبُ بُدْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ بُدْنِي، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْحَرَ كُلَّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ، ثُمَّ يُلْقِي نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ يُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَأْكُلُونَهَا.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: عَنْ نَاجِيَةَ، وَقَالَ: قَالَ: وَانْحَرْهُ! وَاغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ،

الشيخ: (وَانْحَرْهُ!) انحرهَا بالهاء، أو انحرهُ؟

مداخلة: نعم، بالهاء.

الشيخ: في نسخة (وانحرهُ).

مداخلة: نعم، في نسخة (وانحرهُ).

الشيخ: (وَانْحَرْهُ!) يعني البُدن، أو انحرها البدنة.

قارئ المتن: قَالَ: وَانْحَرْهُ! وَاغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، وَاضْرِبْ بِهَا صَفْحَتَهُ.

شرح الشيخ: نعم، وهذا الحديث صحيح كما رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن هشام عن أبيه.

وفيه أنَّ (الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ) يعني أصابهُ تعطيل؛ مرض ولا يستطيع الذهاب، فإنه يُذبح في مكانه، ويُخلى بينه وبين الفقراء، ويُغمس نعله في دمهِ، ويُضرب بها صفحته؛ ليُعرف أنه هَدي فيكون للفقراء، وأما صاحبها ورفقته لا يأكلون منها، كما سيأتي في الباب الذي بعده، باب الزجر.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ سَائِقِ الْبُدْنِ، وَأَهْلِ رُفْقَتِهِ، مِنْ لَحْمِهَا إِذَا عَطِبَتْ وَنُحِرَتْ

حدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ الْهُذَلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مَعَهُ بِبُدْنِهِ فَقَالَ: «إِنْ أَزْحَفَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْهَا فَانْحَرْهَا، وَاغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِكَ».

وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مَعَ ذُؤَيْبٍ بِبُدْنٍ، وَزَادَ: «وَاضْرِبْ صَفْحَتَهَا».

شرح الشيخ: نعم، وهذا الحديث أيضًا رواه الإمام مسلم في كتابه [الحج] من طريق ابن سعيد، ورواه ابن ماجه في [المناسك] كما ذكر في الحاشية.

وفيه أنَّ (الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ) يعني إذا أصابه تعب، وعدم استطاعة للذهاب، أنه يُنحر، ويُغمس نعلها في دم جوفها، ويُضرب به صفحته؛ وهذا ليُعرف، ليعرف الفقراء أنه هَدي، ويُخلى بينه وبين الفقراء، وأما صاحبها فلا يأكل هو ولا أحد من رفقته، والحكمة في ذلك؛ سدًا للذريعة؛ لأنه لو كان يأكل منها ربما يتسبب، ربما يتسبب في مرضها، أو في..، حتى يذبحها ويأكل منها هو، فإذا مُنع هو ورفقته كان أدعى للمحافظة عليها.

فإذا عطب الهَدي الذي أُرسل إلى مكة، ولا يستطيع الذهاب، فإنه يُذبح، ويُغمس نعله في دمها، ويُضرب على صفحة سنامها؛ ليعرفه الفقراء، ويُخلى بينه وبين الفقراء، وأما صاحب البُدن ورفقته فلا يأكلون منها شيئًا.

قارئ المتن: بَابُ إِيجَابِ إِبْدَالِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ إِذَا ضَلَّتْ، إِنَّ صَحَّ الْخَبَرُ، وَلَا أَخَالُ، فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ

حدثَنَا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانُ، وَصَالِحُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: حدثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قال: حدثنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قال: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، قال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ [ابْنِ عُمَرَ]، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَهْدَى تَطَوُّعًا ثُمَّ ضَلَّتْ؛ فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نَذْرٍ فَلْيُبْدِلْ».

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قال: حدثَنَا زِيَادٌ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيَّ- قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى- عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ سَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا فَعَطِبَ فَلَا يَأْكُلْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِنْ أَكَلَ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَلَكِنْ لِيَنْحَرْهَا، ثُمَّ ليَغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ ليَضْرِبْ بها جَنْبِهَا، وَإِنْ كَانَ هَدْيًا وَاجِبًا...

شرح الشيخ: (ثُمَّ ليَضْرِبْ بها جَنْبِهَا) ثم يضرب في جنبها.

مداخلة: نعم، قال: في الأصل (في)، والمُثبت من مصادر الحديث.

الشيخ: نعم، وَإِنْ كَانَ.

 

 

قارئ المتن: ثُمَّ ليَضْرِبْ بها جَنْبِهَا، وَإِنْ كَانَ هَدْيًا وَاجِبًا فَلْيَأْكُلْ إِنْ شَاءَ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ».

 قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ، بَيْنَ أَبِي الْخَلِيلِ وَأَبِي قَتَادَةَ رَجُلٌ.

شرح الشيخ: نعم، هذه الترجمة في إبدال الهدي الواجب، في وجوب إبدال الهَدي الواجب إذا ضلَّ؛ يعني إذا كان متمتع أو قارن وعليه هدي، اشترى الهدي ثم ضلَّ الهدي، ضاع، يجب إبداله بغيره؛ لأنه لم يذبحه.

والمؤلف قيد هذا قال: (إِنَّ صَحَّ الْخَبَرُ، وَلَا أَخَالُ) ولا أخاله يصح، يعني لا أظن أنه يصح (فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ).

[00:08:29] ذكر هذا الحديث، حديث الربيع بن سليمان (وَصَالِحُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: حدثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قال: حدثنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قال: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، قال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ [ابْنِ عُمَرَ]، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَهْدَى تَطَوُّعًا ثُمَّ ضَلَّتْ؛ فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نَذْرٍ فَلْيُبْدِلْ») يعني الحديث فيه: إنه إذا كان تطوع فهو مُخير، الهَدي إذا تطوع، أرسل به من بلده يُذبح، أو اشترى هَدي ليذبحه تطوعًا فهو مخير؛ فإن شاء أبدله، وإن شاء لم يُبدله، وإن كان في نذر، أو هديٌ واجب فيجب عليه أن يُبدله.

 لكن الحديث إسناده ضعيف، قال في الحاشية: والصحيح أنه موقوف، ماذا قال في النسخة التي عندك؟ نسخة الشيخ الفحل.

مداخلة: قال: إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الله بن عامر، وهو أبو عامر الأسلمي المدني.

الشيخ: لضعف عبد الله؟

مداخلة: ابن عامر، أو الثاني -أحسن الله إليكم- أبي الخليل، قال: إسناده ضعيف؛ لانقطاعه فيما بين أبي الخليل وأبي قتادة كما نصَّ عليه المصنف، وأخرجه البيهقي.

الشيخ: هذا الحديث الثاني أم الأول؟

مداخلة: الثاني، حديث أبو الخليل.

الشيخ: والأول؟

مداخلة: الأول قال: إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الله بن عامر، وهو أبو عامر الأسلمي المدني، وأخرجه الدارقطني، والحاكم في [المستدرك].

الشيخ: المؤلف قال: (فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ) يعني في القلب من كونه ضعيف أو غير ضعيف، إسناده ضعيف، قال: هنا القول الصحيح: أنه موقوف؛ يعني موقوف على ابن عُمر. هل ذكر أنه موقوف؟ ماذا يقول عندك؟ قال: ضعيف؟

القارئ: قال: ضعيف؛ لضعف عبد الله بن عامر، وهو أبو عامر الأسلمي المدني.

مداخلة: ضَعفه ابن حجر، والذهبي.

الشيخ: والمؤلف أيضًا يقول: ما أظنه يصح، (إِنَّ صَحَّ الْخَبَرُ) المؤلف يقول: ما أظنه يصح.

والحديث الثاني: قال الحديث الثاني أيضًا إسناده ضعيف، كما بَيَّن المؤلف -رحمه الله-، أخرجه البيهقي في [السنن الكبرى] من طريق ابن خزيمة.

المؤلف يقول: الحديث مُرسل، (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قال: حدثَنَا زِيَادٌ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيَّ- عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ سَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا فَعَطِبَ فَلَا يَأْكُلْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِنْ أَكَلَ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَلَكِنْ لِيَنْحَرْهَا، ثُمَّ ليَغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ ليَضْرِبْ في جَنْبِهَا، وَإِنْ كَانَ هَدْيًا وَاجِبًا فَلْيَأْكُلْ إِنْ شَاءَ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ».

 قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ، بَيْنَ أَبِي الْخَلِيلِ وَأَبِي قَتَادَةَ رَجُلٌ).

(رَجُلٌ) بينهما رجل، ويكون مُرسل؛ يعني منقطع.

الحديث المنقطع يسمى مرسلًا، بعض العلماء يسموه مُرسل، المُرسل: ما سقط من الصحابي، وكذلك أيضًا المنقطع يسمى مُرسل.

هو حديثٌ مُرسل يعني منقطع؛ فلا يصح.

الحديث فيه: أنه إن كان الهَدي تطوعًا؛ لا يأكل منه، لماذا لا يأكل منه؟ لأنه تطوع، إن كان هديًا تطوعًا فلا يأكل منه، وإن كان واجبًا فليأكل منه؛ لأنه لا بُدَّ من قضائه.

القارئ: في مُوطأ مالك ورد عن عبد الله بن عُمر، قال: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً ثُمَّ ضَلَّتْ أَوْ مَاتَتْ. فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ نَذْرًا، أَبْدَلَهَا. وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعً، فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا".

الشيخ: كما دلَّ عليه الحديث الأول، لكن الحديث الثاني بالعكس يقول: إذا كان تطوعًا لا يأكل منه.

القارئ: قال: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَا يَأْكُلُ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنَ الْجَزَاءِ وَالنُّسُكِ".

الشيخ: أما الجزاء؛ ظاهر، أما النُسك فيه تفصيل؛ النُسك إن كان هَدي تمتع، أو قران فإنه يأكل منه، كما دلت النصوص على هذا، وإن كان غير هَدي التمتع أو قران فهو داخل في الجزاء.

هذا حَدث به من؟

القارئ: المُوطأ.

الشيخ: بإطلاقه، تكلم عليه الشارح عند الموطأ على هذا؟

المقصود: أنه إذا لَزمَ هَدي وأبدله، ثم ضلَّ الطريق:

  • إن كان تطوعًا، هذا لا إشكال فيه، إن شاء أبدله، وإن شاء لا.
  • لكن إذا كان واجبًا؛ الحديث دلَّ على أنه يُبدله.

لكن الحديث فيه ضعف، لكن لو لم يصح الحديث معلوم أنه لم يبلغ الهَدي محله ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾[البقرة:196]ما بلغ الهَدي محله، إذًا عليه أن يُبدله، اشترى هَدي للتمتع ثم ضَلت وضاعت، هل نقول: خلاص، برئت ذمتك، أو يُبدله؟

نقول: يُبدله إن كان مستطيعًا، وإن لم يكن مُستطيع صام ثلاث أيام، وسبع إذا رجع إلى أهله.

سؤال: ما معنى: (ثُمَّ ليَغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا

الشيخ: يغمس النعل في دمها، ويجعله على صفحتها حتى يكون علامة ليُعرف للفقراء أنه هَدي، علامة للفقراء ليأتوا، يغمس نعله في دمها، ويضرب به صفحتها حتى يُرى الدم عليه، والفقراء يعرفون أن هذا أنه لهم، فيأتون ويأخذونه.

سؤال: [00:15:20] كفارة اليمين؟

الشيخ: كفارة اليمين ما فيها؟

سؤال: [00:15:27] صيام ثلاثة أيام؟

الشيخ: نعم، كفارة اليمين صيام ثلاثة أيام عند العجز عن الإطعام، والكسوة، والرقبة.

سؤال: هذه المسألة في [00:15:35]؟

الشيخ: لا، هَدي التمتع، الحاج إذا فقد الهَدي ثلاثة أيا في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، عشرة أيام.

قارئ المتن: بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ ضِدَّ قَوْلِ مِنْ كَرِهَ ذَلِكَ، وَخَالَفَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ بِيَدَيْهَا: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

شرح الشيخ: هذه المسألة أو هذا الباب (التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ) مشروعية التطيب عند الإحرام، وذكر فيه حديث عائشة قالت: (طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.)، والحديث الآخر رواه الإمام مسلم في الحج، أيضًا رواه البخاري، هل عندك البخاري؟

القارئ: البخاري.

الشيخ: هنا يقتصر على مسلم فقط.

القارئ: طريقٌ آخر البخاري ومسلم.

الشيخ: الحديث رواه الشيخان في الصحيح، فيه مشروعية التطيب عند الإحرام.

المؤلف يرد على من كره ذلك، وخالف سُنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، من هو الذي خالف؟ أظنه ابن عُمر، عندما قال: لأن أتضمخ بالقطران خيرٌ من أن أتطيب، فردت عليه عائشة -رضي الله عنها-.

والمؤلف قال: (بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ ضِدَّ قَوْلِ مِنْ كَرِهَ ذَلِكَ، وَخَالَفَ سُنَّةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لكن ابن عُمر خالف هذه؛ لأنه ما بلغته، خَفيت عليه السُنة -رضي الله عنه وأرضاه-.

قارئ المتن: وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ، حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا: إِنِّي طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِيَّ هَاتَيْنِ، لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

شرح الشيخ: أنا أم إني؟ المعروف في الصحيح: أنا، لكن هنا ذكر إني، وهذا الحديث رواه البخاري أيضًا عن طريق ابن سفيان، وهو حديث صحيح.

مداخلة: البخاري ومسلم، هذا متفق عليه.

الشيخ: الأخير؟

مداخلة: إي.

شرح الشيخ: نعم، رواه الشيخان، معروف الحديث صحيح متفق عليه رواه الشيخان؛ أنَّ عائشة -رضي الله عنها- طَيبته مرتين؛ قبل أن يُحرم، وبعد أن تحلل من الإحرام، قبل أن يُحرم وهو في الحديبية، وبعد أن أحرم قبل أن يطوف بالبيت يوم العيد، وبعد أن تحلل، لمَّا رمى، ونحر، وحلق تطيب، طَيبته، فيه مشروعية التطيب، أما من كره ذلك فإنه خَفيت عليه السُنة.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ حِينَ أَحْرَمَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا فَعَلْتَ كَذَا تُرِيدُ إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَهُ، وَعَائِشَةُ إِنَّمَا أَرَادَتْ أَنَّهَا طَيَّبَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ الْإِحْرَامَ لَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْتُ خَبَرُ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا مَعَ الْأَخْبَارِ الَّتِي خَرَّجْتُهَا فِي "الْكِتَابِ الْكَبِيرِ".

شرح الشيخ: طَيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه حين أحرم، فالمؤلف يقول: (حِينَ أَحْرَمَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا فَعَلْتَ كَذَا تُرِيدُ إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَهُ)

طَيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحُرمه حين أحرم؛ يعني قبل أن يُحرم، وليس المراد بعد الإحرام؛ لأن بعد الإحرام محظور من محظورات الإحرام الطِيب.

طَيبت الرسول لإحرامهِ حين أحرم؛ قوله: (حِينَ أَحْرَمَ) ليس المراد بعد الإحرام وإنما قبل الإحرام، (حِينَ أَحْرَمَ) المؤلف يُبين هذه اللفظة حتى لا تُشكل على الناس؛ لأن ظاهرها أنه يكون الطِيب بعد الإحرام.

قال هناك: لإحرامه حين أحرم، وهنا (لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَم)، ما معنى (حين) هنا؟

حين يعني المراد بها: لمَّا أراد أن يُحرم، قبل أن يُحرم، مثل قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[النحل:98] الاستعاذة متى تكون؟ قبل القراءة، فإذا أردت؛ يعني فإذا أردت قراءة القرآن.

إذا دخلت المسجد فقل: أعوذ بالله العظيم؛ يعني إذا أردت دخوله، إذا دخلت الخلاء قُل: أعوذ بالله من الخبائث؛ يعني إذا أردت دخوله.

وكذلك هنا: حين أحرم؛ يعني حين أراد الإحرام، قبل الإحرام.

قال المؤلف: (هَذِهِ اللَّفْظَةُ حِينَ أَحْرَمَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا فَعَلْتَ كَذَا تُرِيدُ إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَهُ، وَعَائِشَةُ إِنَّمَا أَرَادَتْ أَنَّهَا طَيَّبَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ الْإِحْرَامَ لَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْتُ خَبَرُ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا مَعَ الْأَخْبَارِ الَّتِي خَرَّجْتُهَا فِي "الْكِتَابِ الْكَبِيرِ")

يرد بهذا الأحاديث كثيرة التي تدل على أنَّ الطِيب قبل الإحرام لا بعد الإحرام.

مداخلة: هناك كلام لابن عبد البّر، الأثر.

الشيخ: عن أي شيء؟

مداخلة: الأثر: "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً ثُمَّ ضَلَّتْ أَوْ مَاتَتْ. فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ نَذْرًا، أَبْدَلَهَا. وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعً، فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، قال: وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَا يَأْكُلُ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنَ الْجَزَاءِ وَالنُّسُكِ".

الشيخ: هذا لعبد البّر؟

مداخلة: له كلام عبد البّر عليه.

الشيخ: هذا الكلام؟

مداخلة: هذا في المُوطأ.

الشيخ: نعم، هذا مطلبنا، هو المراد.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْمِسْكِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ غَيْرُ نَجِسٍ، لَا عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ مَيْتَةٌ نَجِسٌ، زَعَمَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ حَيٍّ وَهُوَ مَيِّتٌ نَجِسٌ

حدثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالُوا: حدثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ -وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: طَيَّبْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يُحْرِم، وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَنْ مَنْصُورٍ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَيَّبْتُ -يَعْنِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَفِي خَبَرِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ أَطْيَبَ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ»، دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ، عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ نَجِسٌ.

شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه الإمام مسلم، وهو في [الحج]، ورواه الشيخان، كما سبق قلنا رواه الشيخان، (وَفِي خَبَرِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سنده صحيح، رواه الإمام حاتم بن مسلم، الحديث صحيح رواه الشيخان.

المؤلف -رحمه الله- يريد أن يرد على من قال: إن المسك نجس، وهنا قال: (وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ غَيْرُ نَجِسٍ، لَا عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ مَيْتَةٌ نَجِسٌ، زَعَمَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ حَيٍّ وَهُوَ مَيِّتٌ نَجِسٌ) المسك هو أطيب الطِيب.

والمسك ما هو؟

المسك يؤخذ من الغزال، وذلك أنَّ الغزال تنبت به نباتة مثل الكرة، تكبر تكبر حتى تصير مثل الكرة، ثم تيبس وتسقط، ثم تُشق يكون في وسطها مسك، أطيب الطِيب، بعض العلماء يرد عليهم المؤلف يقولون: هذه نجس؛ لأنه سقط من حي، والقاعدة على أنه يُقال: وما سقط من حي فهو كميتته.

الحنابلة يقولون: وما سقط من حي فهو كميتته؛ يعني لو قطعت يد شاة، لا تأكلها، نجس مَيَّتة، قطعت شيئًا منها، وما سقط من حي فهو كميتتهِ، تقطع يد عصفور، أو رجل عصفور، أو رجل حمامة، لا تأكله نجس؛ لأنه حي.

فبعضهم قال: أنَّ هذا المسك سقط من حي فيكون نجسًا، الغزال حي فيكون نجسًا، المؤلف يرد عليهم؛ لأن عائشة تقول: طَيبت النبي بالمسك وهو أطيب الطِيب.

ومن أين يكون هذا المسك؟

هو من دم الغزال، جزء من دم الغزال، الغزال معروف أنه صيد من الصيد، معروف صيدٌ من أحسن الصيد، وألذه لحمًا، سبحان الله! هذه الكرة جزءٌ من دمهِ، تصير كأنه متورمة، تكبر وتكبر حتى تصير مثل الكرة، ثم تسقط أو تؤخذ فتشق يكون بوسطها المسك.

الشاعر ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾[الشعراء:224] هناك شاعر يمدح أحد الخلفاء، أحد الملوك ماذا يقول له؟ أنت ملك، أنت من الناس ولكن أنت فائق، أنت تفوقهم، وهذا لا غرابة فيه، الغزال يخرج منه المسك وهو جزءٌ من دمه، وأنت جزء من الناس ولكن تفوقهم، والمسك جزء من دم الغزال وفاق الغزال.

فإن تَفُقِ الأَنامَ وأنتَ مِنهُم

 

 فإنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزَالِ

 

 أحد الشعراء يمدح الملك يقول له:

فإن تَفُقِ الأَنامَ وأنتَ مِنهُم

 

 فإنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزَالِ

 

لا غرابة فيه، (تفق الأنام) تفوق الناس وأنت منهم، الدليل: (فإنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزَالِ) المسك جزء من دم الغزال ومع ذلك فاق الغزال، فكذلك أنت جزء من الناس ومع ذلك تفوق الناس ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾[الشعراء:224].

فإن تَفُقِ الأَنامَ وأنتَ مِنهُم

 

 فإنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزَالِ

 

هذا معنى قوله: إن بعضهم يقول: إنه نجس؛ لأنه جزءٌ سقط من حي، وما سقط من حيٍ فهو ميت نجس، المؤلف يرد عليهم يقول: عائشة طَيبت النبي بالمسك، وهو أطيب الطِيب، ولو كان نَجسًا، لمَّا طَيبت به النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وَضحت الترجمة: (وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ غَيْرُ نَجِسٍ، لَا عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ مَيْتَةٌ نَجِسٌ، زَعَمَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ حَيٍّ وَهُوَ مَيِّتٌ نَجِسٌ)، الحنابلة يقولون: وما سقط من حيٍ فهو كميتته [00:27:39].

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِطِيبٍ يَبْقَى أَثَرُهُ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ فِي الْإِحْرَامِ

حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حدثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ.

حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حدثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَبِيصَ الطِّيبَ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُ لَيُلَبِّي.

شرح الشيخ: وَبيص جاءت عندكم؟ النسخة هذه ساقطة الوبيص، وفيه الشاهد، الشاهد هو الوبيص، لكن عندي النسخة ساقطة.

قارئ المتن: حدثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حدثَنَا رَوْحٌ، حدثَنَا شُعْبَةُ، حدثَنَا الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَمَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: كَأَنِّما أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ.

قَالَ سُلَيْمَانُ: فِي شَعَرٍ. وَقَالَ مَنْصُورٌ: فِي أُصُولِ الشَّعَرِ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ.

شرح الشيخ: والوبيص: اللمعان.

وهذه الأحاديث كلها تدل على ما ترجم له المؤلف من الرخصة في التطيب عند الإحرام، طِيبٍ يبقى أثره على المتطيب في الإحرام، يعني: لا بأس أن يبقى، تتطيب، وتُحرم ويبقى أثره، يبقى أثره في رأسك في يدك، لكن لا تنقله أنت من مكان إلى مكان.

فالحديث الأول: حديث عائشة قالت: (لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ) وَبيص: يعني لمعانه، (فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ).

يقول: رواه الإمام مسلم في [الحج]، عندك رواه البخاري؟ في البخاري عندك؟

مداخلة: نعم، من طريقٍ آخر.

الشيخ: الحاشية عندي يقتصر منه.

وكذلك أيضًا الحديث الثاني: (قَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَبِيصَ الطِّيبَ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُ لَيُلَبِّي.) أيضًا والإمام مسلم.

(مَفَارِقِ) يعني مفارق الشعر، بين ثنايا الشعر.

وكذلك الحديث الثالث: (قَالَتْ: كَأَنِّما أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ.).

(قَالَ سُلَيْمَانُ: فِي شَعَرٍ. وَقَالَ مَنْصُورٌ: فِي أُصُولِ الشَّعَرِ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ.) كل هذا يدل على الحكم الذي ذكره المؤلف في الترجمة وهو: الرُخص في التطيب عند الإحرام بطيبٍ يبقى أثره، ولا يجب عليه أن يزيله إذا أحرم، لكن لا ينقله من مكان إلى مكان، لا ينقله من رأسه يضعه في مكانٍ آخر، لا، لا ينقله.

سؤال: أحسن الله إليك، مع الوضوء إذا جاء يتوضأ ومسح على رأسه؟

الشيخ: لا، يتوضأ على العدل لا يضره، لكن لا يتعمد نقله، يأخذ بنقله وينقله من مكان إلى مكان، أما الوضوء عليه أن يتوضأ لا يضره التحرك بيده.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاغْتِسَالِ بَعْدَ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مَعَ اسْتِحْبَابِ جِمَاعِ الْمَرْءِ امْرَأَتَهُ إِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ كَيْ يَكُونَ أَقَلَّ شَهْوَةٍ لِجِمَاعِ النِّسَاءِ فِي الْإِحْرَامِ إِذَا كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجِمَاعِهِنَّ

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ محمد بن الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَقَالَ: لِئنْ أطلي (أَتَطَيَّبَ)

القارئ: قال في الأصل: أتطيب، وهو خطأ.

الشيخ: في البخاري لئن أطلي بقطران.

قارئ المتن: "لِئنْ أطلي بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيبًا.

 سَمِعْتُ الرَّبِيعَ يَقُولُ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الذُّبَابَةِ تَقَعُ عَلَى النَّتْنِ ثُمَّ تَطِيرُ فَتَقَعُ في ثَوْبِ الْمَرْءِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ تَيْبَسَ أَرْجُلُهَا فِي طَيَرَانِهَا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالشَّيْءُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ.

شرح الشيخ: هذه الترجمة فيها: ذكر المؤلف استحباب الاغتسال بعد التطيب عند الإحرام، واستحباب الجماع؛ جماع المرء زوجته إذا أراد الإحرام حتى يكون أقل شهوة إذا كان حديث عهد.

استنبط هذا من قول عائشة: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا).

 (فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ): يعني الجماع في [00:33:43]، (ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا) يعني بعد الاغتسال؛ فالمؤلف استنبط من هذا استحباب الاغتسال، والحكم أخذه من الفعل، والفعل قد لا يؤخذ منه الحكم، قد لا يؤخذ الفعل من الحكم الاستحباب، إنما من القول هذا لو أمر بالاغتسال، لكن الله تعالى يقول: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب:21] إذا تأسى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وجامع، هذا حَسن؛ لأن النبي طاف على نسائه في وقتٍ واحد.

وهذا فيه ما أعطيه -عليه الصلاة والسلام- من القوة، هذه من الخصائص التي اختص بها بالأنبياء، طاف على تسع في ليلة واحدة، جامعهن في ليلة واحدة، سليمان بن داود -عليه السلام- طاف على تسعين امرأة في ليلة واحدة، قال: لئن أطوف الليلة على تسعين امرأة، فتلد كل واحدة غلامًا يُقاتل في سبيل الله. فلم يقل: إن شاء الله، نسي، وفي رواية: قال له صاحبه أو المَلك: قُلْ إن شاء الله؛ فلم يقل. فلم تلد واحدةٌ منهن إلا واحدة منها نصف إنسان شق إنسان.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «والذي نفسي بيده لو قال: إن شاء الله لكان دركًا لحاجته ولقاتلوا في سبيل الله أجمعون»، لو قال: إن شاء الله، لكنه أراد الله ولم يقل نسي، قال له صاحبه، فنسي، فلم يقل: إن شاء الله.

وهذا فيه فائدة قول: إن شاء الله وإسناد الأمر إلى الله: ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾[الكهف:23-24].

فالشاهد: أنَّ سليمان طاف على تسعين امرأة، قوة أُعطي قوة، النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف على تسع، وسليمان على تسعين، فهذا خاص بالأنبياء، أُعطوا قوة، والحديث يقول: «إن الرجل من أهل الجنة يُعطى قوة مائة رجل في الأكل، والشرب، والجماع».

فالمؤلف -رحمه الله- استنبط من هذا استحباب الاغتسال تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- عند الإحرام.

ثم ذكر المؤلف قال: (سَمِعْتُ الرَّبِيعَ يَقُولُ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الذُّبَابَةِ تَقَعُ عَلَى النَّتْنِ ثُمَّ تَطِيرُ فَتَقَعُ في ثَوْبِ الْمَرْءِ) يعني هل تُنجسه؟

الذبابة إذا وقعت على النجاسة، ثم طارت ووقعت على ثوبك، انتقلت النجاسة إلى ثوبك، هل نَجس الثوب؟ هذا شيءٌ يسير، معلوم أن الذبابة شيءٌ يسير.

الشافعي ماذا أجابهم؟

قال: (يَجُوزُ أَنْ تَيْبَسَ أَرْجُلُهَا فِي طَيَرَانِهَا) لما طارت يبست النجاسة قبل أن تصل إلى ثوبك، (يَجُوزُ أَنْ تَيْبَسَ أَرْجُلُهَا فِي طَيَرَانِهَا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالشَّيْءُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ) هذه ترى (وَإِلَّا فَالشَّيْءُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ) كأنها قاعدة استنبطها من قول الشافعي.

(وَإِلَّا فَالشَّيْءُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ) ما معناها؟

يعني إذا وُجدت المشقة وُجدت الرخصة، ومثلها القاعدة: المشقة تجلب التيسير، يعني إن يبست أرجلها قبل أن تصل فلا إشكال في هذا، وإن لم تيبس فهذا يُعفى عنه لوجود المشقة لعدم التحرز، من يستطيع التحرز؟ من يعلم أن الذباب ... لا تعلم أنت أن الذبابة وقعت عليك، جاءت ذبابة ووقعت وأنت لم تنتبه لها، إذًا يُعفى عنه؛ لأنه هذا فيه مشقة، والمشقة تجلب التيسير، والإمام يقول: (وَإِلَّا فَالشَّيْءُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ) هذه قاعدة، هذه القاعدة تشبه القاعدة: المشقة تجلب التيسير.

 

 

سؤال: من القائل يا شيخ: سمعت الربيع؟ أبو بكر بن خزيمة أو من؟

الشيخ: لا، هل أدركه؟ تلميذه، تلميذ الربيع، ابن خزيمة هل هو من تلاميذ الربيع، ترجمة ابن خزيمة هل من شيوخه الربيع؟

سؤال: [00:38:41] قيده بقوله: إذ كان حديث عهد بجماعهن؟

الشيخ: إذ كان.

مداخلة: أي جامع وأحرم يا شيخ.

الشيخ: عندك إذا أم إذ؟

مداخلة: إذا كان.

الشيخ: أو إذا كان، متى أتى بها؟ جاء بها الآن، الآن جامع، ثم اغتسل، ثم أحرم، حديث عهد لم يمض مدة، [00:39:12] إنسان جامع، واغتسل، وأحرم، ما هو بحديث عهد، ولا بعيد عهد؟ حديث عهد، هذا حديث عهد، يعني كأنه يقول: لأنه حديث عهد، احذف (إذا) وضع (لأنه)، اقرأها بـ (لأنه): (كي يكون أقل شهوة لجماع النساء في الحرم؛ لأنه كان حديث عهد بجماعهن) تعليل.

س: [00:39:46] تلميذ ابن الربيع؟

الشيخ: تلميذه، إذًا صار المؤلف قال: سمعت الربيع يقول، إذًا المؤلف هو الذي سَمع، من تلاميذه، ما بينه وبين الشافعي إلا واحد.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته، وللحاضرين ووالديهم والمستمعين وعموم المسلمين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ مَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَوْ بِأَحَدِهِمَا لِمَنْ مَنَازِلُهُمْ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حدثَنَا سُفْيَانُ؛ ح وَحدثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ؛ ح وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا».

قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ، وَذَكَرَ لِي وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ: «وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ».

وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ ألَمْلَمَ».

شرح الشيخ: يُقال: يَلَمْلم، ويُقال: ألملم، يلملم هي ميقات أهل اليمن، وتُسمى السعدية الآن، يُقال: يَلَملم، ويُقال: ألملم، وهو السعدية، تُسمى الآن السعدية.

وهذا الحديث أخرجه الشيخان بخاري ومسلم، ذكره المؤلف في [الحج] من طريق سفيان، مسلم، فهذا الحديث فيه توقيت المواقيت، وهو في الصحيحين، النبي وَقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ذا الحليفة هو ميقات أهل المدينة، والحُليفة تصغير حَلفا، والحلفا شجر يُوجد في الميقات، ويسمى الآن أبيار علي، يسموه الناس: أبيار علي.

قال شيخ الإسلام: سمي أبيار علي؛ يزعم بعض الناس أنَّ الجن تعرضوا لعلي، وأنه رماهم وحَصبهم، قال: وعلي أكرم من أن يَثبت الجن لقتاله؛ أو قريب من هذا، فقال في منسكه، يسمونه أبيار علي، يقولون: الجن تعرضوا لعلي، وإلى الآن التسمية لا زالت أبيار علي.

والفقهاء سموها: ذو الحليفة، والحليفة تصغير حلفا، والحلفا شجر، سُمي ذو الحليفة؛ لكثرة هذا الشجر في الميقات.

(وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ) سُميت الجُحفة لأهل الشام ومصر، سميت الجُحفة؛ لأن السيل اجتحفها فخربت إلى وقتٍ قريب والناس يُحرمون من (رابغ)، ورابغ قبلها بيسير، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم قبلها، ثم الآن أُعيدت الجُحفة الآن الميقات، وفيه مسجد كبير رأيناه، وفيه مغاسل، من سنين الجُحفة عادت، من سنين هذا قبل سنين رأيناه أُعيد الميقات، وفيه مسجد كبير، وفيه مغاسل كغيره من المواقيت.

 

 

(وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا) في اللفظ الآخر: قرن المنازل، ويسمى الآن: السيل الكبير، أو وادي مَحرم، وادي مَحرم هو نفس الوادي، إذا جئت من جهة الطائف، من جهة الهدايا يسمى وادي مَحرم، هو نفس الوادي ممتد وادي مَحرم، ومن جهة السيل الكبير يسمى السيل الكبير، هو قرن المنازل.

 («أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا». قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ، وَذَكَرَ لِي وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ: «وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ». وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

بلغه يعني ولم يسمعه، لكنه سمعه غيره، ابن عمر ما سمعه، وبلغه عن غيره ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم-لكن الحديث ثابت رواه عدد من الصحابة، أنَّ النبي وَقَّت هذه المواقيت لأهله.

قارئ المتن: بَابُ إِحْرَامِ أَهْلِ الْمَنَاهِلِ الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَرَمِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ مَنَازِلُهُمْ وَرَاءَهَا، وَالْبَيَانُ أَنَّ مَوَاقِيتَ مَنْ مَنْزِلُهُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَرَمِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ: مَنَازِلُهُمْ

الشيخ: المناهل عندكم؟

القارئ: نعم.

الشيخ: ما عندكم؟ المناهل هكذا؟ مناهل، يعني المنازل، بمعنى المنازل.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حدثَنَا حَمَّادُ -يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ- عَنْ عَمْرٍو -وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ- عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لَهُنَّ ...

الشيخ: فهي؟

القارئ: فَهُي لَهُم

الشيخ: لهم أم لهنَّ؟

القارئ: لهم، وقال: في نسخة أخرى: فهنَّ لهنَّ.

الشيخ: طيب المعنى واحد، ولمن أتى عليهم...

قال: في الأصل: فهي لهم ولمن أتى عليهن، والتصحيح من صحيح مسلم.

قارئ المتن: وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ. مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا.

الشيخ: ما بعد: (فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ) ماذا بعده؟

القارئ: من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة.

الشيخ: ممن كان؟

القارئ: إي.

الشيخ: النسخة عندي: فمن كان.

القارئ: قال: في نسخةٍ أخرى: فمن.

قارئ المتن: فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا.

شرح الشيخ: هذا فيه بيان إحرام من كان وراء المواقيت من المواقيت، ومن كان داخل بعد المواقيت فإحرامه من بيته من أهله، حتى أهل مكة يُحرمون من بيوتهم للحج، أما العمرة؛ فإن أهل مكة إذا أرادوا العمرة يخرجون إلى أدنى الحِل كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة أن يُعمرها أخاها من التنعيم.

أهل مكة إن أرادوا الحج من بيوتهم، وإن أرادوا العمرة يخرجون من خارج الحِل، ومن كان دون ذلك كأهل الزيمة، وأهل الشرائع كلهم من بيوتهم، وكذلك في طريقه للمدينة؛ أهل المستورة، وبدر، يُحرمون من بيوتهم، من كان داخل المواقيت من بيته، حتى أهل مكة يُحرمون من بيوتهم، أما من كان خارج المواقيت، فإنه يجب أن يُحرم من الميقات.

وهل له أن يُحرم من بيته من هو خارج المواقيت؟

سيأتي في الترجمة، ترجم له المؤلف -رحمه الله- لكن الأصل: أنه إذا وصل إلى الميقات أحرم، أما أن يُحرم من بيته وهو بعيد، إذا كان في الطائف، قال: أنا سأُحرم من البيت ولا أُحرم من السيل، هل له ذلك؟ فيه خلاف سيأتي.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كُلِّ مِيقَاتٍ مِنْهَا لِأَهْلِهِ، وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، إِذَا مَرَّ الْمَدِينِيُّ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ بِالْجُحْفَةِ، وَحَادَ عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يَمُرَّ بِهِ كَانَ مِيقَاتُهُ الْجُحْفَةَ إِذْ هُوَ مَارٌّ بِهَا، وَكَذَلِكَ الْيَمَانِيُّ إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ فَمَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ كَانَ ذُو الْحُلَيْفَةِ مِيقَاتَهُ، وَإِذَا مَرَّ النَّجْدِيُّ بِيَلَمْلَمَ كَانَ مِيقَاتُهُ يَلَمْلَمَ، وَالدَّلِيلُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ الْحَرَمَ كَانَ مِيقَاتُهُ مَنْزِلَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى بَعْضِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ مَنْزِلُهُ وَرَاءَهَا.

وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مُفَسِّرٌ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ. وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا وَقَّتَ تِلْكَ الْمَنَازِلَ لِلْإِحْرَامِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ لِمَنْ مَنْزِلُهُ وَرَاءَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ، دُونَ مَنْ مَنْزِلُهُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَرَمِ مِنْ تِلْكَ الْمَنَازِلِ.

حدثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ..

شرح الشيخ: (غُنْدَرٌ) لقب لمحمد بن جعفر، لقبه غُندر.

 قارئ المتن: حدثَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، قَالَ: هِيَ لَهُمْ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِمَّنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، ثُمَّ من حيث [مَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ] بَدَأَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَكَّةَ.

شرح الشيخ: عندي هذه النسخة: ثم مَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ.

قال: في الأصل: "ثم من حيث أبدا"، وما بين المعكوفتين زدناه من النسائي لاستقامة المعنى.

القارئ: ذكرها -أحسن الله إليك-.

الشيخ: (ثُمَّ [مَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ] بَدَأَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَكَّةَ)، وعندك؟

القارئ: المُثبت عندي هنا: ثم من حيث بدأ، ذكر في الحاشية، وفي نسخة أخرى: (ثم من كان دون ذلك بدأ) وقد أشار محققها إلى ما في الأصل.

الشيخ: إذًا هذه الترجمة بَيَّن المؤلف فيها: أنَّ المواقيت التي وَقتَّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل ميقاتٍ لأهلها؛ ميقات أهل المدينة للمدينة، وأهل الشام للشام، وأهل اليمن لليمن، وأهل النجد لهم، ولمن مر بها من غيرهم.

فإذا جاء الشامي إلى طريق المدينة يُحرم من المدينة، إذا جاء اليمني إلى نجد يُحرم من نجد، إذا جاء النجدي إلى اليمن يُحرم من الميقات وهكذا.

(لِأَهْلِهِ، وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ) لا يقولوا: لا، أنت ميقاتك، ارجع إلى ميقاتك، مر بالمدينة وجاء -مثلًا- من نجد، يقول ارجع إلى نجد، لا، يُحرم من الميقات الذي مرَّ به.

(كُلِّ مِيقَاتٍ مِنْهَا لِأَهْلِهِ، وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ) بَيَّن هو قال: (إِذَا مَرَّ الْمَدِينِيُّ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ بِالْجُحْفَةِ، وَحَادَ عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يَمُرَّ بِهِ كَانَ مِيقَاتُهُ الْجُحْفَةَ إِذْ هُوَ مَارٌّ بِهَا) لأنه مارٌ بها.

(وَكَذَلِكَ الْيَمَانِيُّ إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ فَمَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ كَانَ ذُو الْحُلَيْفَةِ مِيقَاتَهُ، وَإِذَا مَرَّ النَّجْدِيُّ بِيَلَمْلَمَ كَانَ مِيقَاتُهُ يَلَمْلَمَ، وَالدَّلِيلُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ الْحَرَمَ كَانَ مِيقَاتُهُ مَنْزِلَهُ) الدليل عليه قول النبي: «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» ميقاته الحرم.

سؤال: والحج والعمرة يا شيخ؟

الشيخ: لا، قلنا: هذا للحج، أما العمرة فإنه يخرج إلى الحِل، أهل مكة يخرجون لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر عائشة أن يُعمرها أخوها من التنعيم.

سؤال: [00:52:08]

الشيخ: الحج من بيته نعم.

(وَإِذَا مَرَّ النَّجْدِيُّ بِيَلَمْلَمَ كَانَ مِيقَاتُهُ يَلَمْلَمَ، وَالدَّلِيلُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ الْحَرَمَ كَانَ مِيقَاتُهُ مَنْزِلَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى بَعْضِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ مَنْزِلُهُ وَرَاءَهَا. وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مُفَسِّرٌ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ) لأن خبر ابن عمر مُطلق، وقتَّ الرسول إلى كذا وكذا وكذا، جاء حديث ابن عباس وفسر، قال: "هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِن غير أهلهن".

وقبلها (وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مُفَسِّرٌ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ. وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا وَقَّتَ تِلْكَ الْمَنَازِلَ لِلْإِحْرَامِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ لِمَنْ مَنْزِلُهُ وَرَاءَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ، دُونَ مَنْ مَنْزِلُهُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَرَمِ مِنْ تِلْكَ الْمَنَازِلِ.)

والحديث واضح هذا، حديثٌ صحيح رواه الشيخان، أم رواه البخاري فقط، والنسائي، ما عندك؟ حديث ابن عباس؟

القارئ: قال: صحيح.

الشيخ: رواه البخاري ...

القارئ: أخرجه الشافعي بتحقيقه، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.

الشيخ: ومسلم، هنا لم يذكر مسلم، ذكر النسائي فقط، إذًا هو رواه الشيخان، حديث صحيح.

سؤال: العمرة بالنسبة لأهل مكة هل يلزمهم الخروج إلى التنعيم كما فعلت عائشة رضي الله عنها.

الشيخ: نعم، لابُد، الفتوى هذا، العُمرة لا بُدَّ أن يخرجوا، وفي الحديث السابق: أنَّ ابن عُمر قال: أن أتطيب بقطران أحب إليَّ من أن أفعل ذلك، كما سبق، هذا الشاهد منه: خفيت عليه السُنة.

سؤال: إذا مر إنسان من ذا الحليفة لم يحاذيها مر من عندها ثم ذهب إلى الجُحفة، وأحرم من الجُحفة لم يُحرم من ذا الحُليفة، يصح إحرامه يا شيخنا أم لا يصح؟

الشيخ: فيه خلاف بين العلماء:

  • من العلماء من قال: له ذلك؛ لأنه أحرم من الميقات.
  • ومنهم من قال: لا، يجب عليه أن يُحرم بالميقات الأول الذي مر به.

فيه خلاف: من العلماء من رجح هذا، ومنهم من رجح هذا.

ومنهم من قال: له ذلك؛ لأنه مر بالميقات، والنبي وقَّت هذه المواقيت، ومنهم من قال: ليس له ذلك؛ لأنه مر بالميقات الأول وتركه.

مداخلة: ما اختياركم يا شيخ؟

الشيخ: والله، هو الأحوط أنه يُحرم ما دام مر به، هذا هو الأحوط والأفضل.

سؤال: لا يقصد [00:54:51]

الشيخ: إذا كان لا يقصد لا إشكال فيه، لكن الكلام إذا كان قاصد.

سؤال: يا شيخ، إذا جاء شخص ولم يُحرم من الميقات الأول، أحرم من الميقات الثاني، واستفتى [00:55:03]

الشيخ: فيه قولان لأهل العلم، إذا أفتاه من يثق به يأخذ بفتواه.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ مِيقَاتِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ مُسْنَدًا

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، حدثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ- أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ، قَالَ: أَحْسَبُهُ يُرِيدُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَقَالَ: "مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ رُوِيَ فِي ذَاتِ عِرْقٍ أَنَّهُ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَخْبَارٌ غَيْرُ خَبَرِ ابْنِ جُرَيْجٍ، لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنْهَا، قَدْ خَرَّجْتُهَا كُلَّهَا فِي "كِتَابِ الْكَبِيرِ".

شرح الشيخ: هذه الترجمة في ميقات أهل العراق، قول المؤلف: (إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ مُسْنَدًا)، والحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عندكم؟

القارئ: قال: "صحيحٌ دون ذكر ميقات أهل العراق، أخرجه الشافعي في مُسنده، ومسلم، وابن ماجة، وأبو يعلى، وأبو عوانة، والطحاوي".

الشيخ: دون أهل..

القارئ: قال: "صحيحٌ دون ذكر ميقات أهل العراق".

 

 

الشيخ: هنا لم يقيده، قال: [00:56:55] بإطلاقها، ماذا قال الفحل؟ هذا الفحل الذي معك؟

هنا قال في الحاشية: [00:57:05] فقط، (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ رُوِيَ فِي ذَاتِ عِرْقٍ أَنَّهُ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَخْبَارٌ غَيْرُ خَبَرِ ابْنِ جُرَيْجٍ، لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنْهَا).

خبر ابن جرير ما فيه ميقات أهل العراق، ولكن ثَبت عن عُمر أنه وَقَّتها، وهذا ثابت عن عُمر، ثمَّ من العلماء من أثبتها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا غرابة؛ فإن عُمر -رضي الله عنه- مشهور بموافقاته للقرآن.

قال: "وافقت ربي، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، نساؤك يدخل عليهن البَر، والفاجر، احجبهن، فنزلت الآية ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ ﴾ [التحريم:5]، قلت له: اتخذ من مقام إبراهيم مُصلى، فنزلت: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125]"، له موافقات -رضي الله عنه-، فوافق اجتهاد عُمر وافق السُنة فيها، هناك أخبار، المؤلف يقول: (لَا يَثْبُتُ) لكن الظاهر أخبار تحتاج إلى مراجعة.

للشيخ محمد له كلام أظن على هذه القصة، الذي يظهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وَقتَّها، وميقات أهل العراق ذات عرق الآن هي مفرق قبل الطائف، قبل الطائف مسافة، يـأتيك مفرق خط ذات عرق، وهو الآن أُعيد، فيها حَضر من المشائخ هناك، أظنه انتهى، أحد من الدعاة يطلب دائًما المشاركة هناك، يقول: المشاركة، مشاركة الدعاة في الميقات، وأنه يشارك بعض الدعاة، يعني قبل سنوات وهو يُعمل فيه، أظنه انتهى.

يأتي المفرق قبل الطائف مسافة على اليمين، ميقات ذات عرق، وهو وَقتَّه النبي صلى الله عليه وسلم لأهل العراق، ولأهل المشرق، وهو الميقات الخامس.

المؤلف يقول: لا يَثبت، لكن ثابت عن عُمر، ولو لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو ثابت عن عُمر، وعُمر خليفة راشد، وهو مشهور بالموافقة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «عليكم بسنتي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِييْنَ مِنْ بَعْدِي».

ثَبت أنَّ أهل العراق جاءوا لعُمر وقالوا: يا أمير المؤمنين، إن قرنًا ما زال جورٌ عن طريقنا؛ يعني بعيد علينا، وعلينا مشقة، فقال: أنظروا حذوها من قُديد أو كذا، فوقَتَّ لهم ميقات ذات عرق، ويُسمى الضريبة، ميقات أهل العراق، والمشرق يسمى الضريبة.

المؤلف يقول: إن الأحاديث لا تَثبت عند أهل الحديث ولكن من العلماء من أثبته، يحتاج إلى مراجعة، يعني ما أثبته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قارئ المتن: بَابُ كَرَاهِيَةِ الْإِحْرَامِ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ الْآفَاقِ الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ وَرَاءَهَا، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ لِأَهْلِهَا وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَالْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَمِيعُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقْتَ إِرَادَتِهِمُ الْحَجَّ خَرَجُوا فَجَلَسَ حَتَّى أَتَوْا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمُوا مِنْهُ.

وَلَوْ كَانَ الْإِحْرَامُ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ سُنَّةً أَوْ خَيْرًا أَوْ أَفْضَلَ لَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْرِمُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَيَأْمُرُ أَصْحَابَهَ بِالْإِحْرَامِ مِنْهَا، وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ ممَّا سِوَاهَا.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حدثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهُ أَمَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلَ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلَ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ».

شرح الشيخ: يعني ما بلغه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ثابت كما سبق، الحديث في الصحيح كما سبق.

فيه أن المؤلف ابن خزيمة قال: (كَرَاهِيَةِ الْإِحْرَامِ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ).

والدليل على هذه الكراهة: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إنما أحرموا من ذي الحليفة، ولو كان مشروعًا الإحرام من منازلهم لأحرموا من المدينة، ولم يُحرموا من ذي الحليفة.

وهل الكراهة كراهة تحريم، أو كراهة تنزيه؟

الأصل في الكراهية جاءت في الكتاب، والسُنة، وعند أهل العلم أنها تُحمل على التحريم، الله تعالى لما ذكر الكبائر العظيمة، لما ذكر عقوق الوالدين، وذكر كذا، وذكر الزنا، وتطفيف المكيال، والميزان، والقتل قال: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾[الإسراء:38]، مكروهًا: يعني مُحرم، وفي الحديث يقول النبي: «إِنَّ اللهَ كَره لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».

وتأتي الكراهة كراهة التنزيه قليلًا: مثلما جاء في الحديث: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في صلاة العشاء «وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا»، هذه كراهة تنزيه.

فهل المؤلف يريد كراهة التحريم، أم كراهة التنزيل؟ (بَابُ كَرَاهِيَةِ الْإِحْرَامِ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ): فإذا كان مُتبع للأقدمين -لأهل العلماء القدامى- نقول: يريد كراهة التحريم، وإن كان من المتأخرين؛ فيريد كراهة التنزيه.

فابن خزيمة من أيهم؟

مداخلة: لو كان بينه وبين الشافعي أكيد من الأقدمين، أنا رأيي الأقدمين.

الشيخ: الأقدمين؟

مداخلة: هو يقول: (وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ ممَّا سِوَاهَا).

الشيخ: نعم، يعني أفضل يعني على هذا يريد كراهة التنزيه.

نعم، يقول الآن: (وَجَمِيعُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقْتَ إِرَادَتِهِمُ الْحَجَّ خَرَجُوا فَجَلَسَ حَتَّى أَتَوْا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمُوا مِنْهُ. وَلَوْ كَانَ الْإِحْرَامُ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ سُنَّةً أَوْ خَيْرًا أَوْ أَفْضَلَ لَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ) من المدينة، أو من بلده جائز، وإحرامه ينعقد، وذكر هذا الحديث حديث ابن عُمر السابق.

 

 

[01:14:00]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المسك الذي يؤخذ من الغزال يسمى الفأرة، كرة مثل الكرة تسمى الفأرة، تُشق ويكون فيها المسك أطيب الطِيب، الله -سبحانه وتعالى- يقلب هذا الدم يكون طِيب، أطيب الطِيب.

مرَّ باب: عدم الوحدة في السفر، أحد الإخوان أورد حديث قوله: «وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ»، تقول: هذا الآن يسافر وحده، كيف الرسول أخبر أنه يسافر وحده، كيف الجواب على هذا؟

أظن الجواب: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قال: إنه يسافر، يُخبر عن الواقع، إنه واقع، أنظر هل يوجد كلام للحافظ؟ أظنه في البخاري وفي غيره، كلام الحافظ عليه، وجدتم كلام الحافظ؟

«وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ» يعني فيه: أنه يسافر وحده.

والنبي قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ»، هذا فيه النهي عنه، وقال: «الراكب شيطان»، وهذا الحديث فيه: أنه يسير لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه.

هذا الجواب هل فيه أن الرسول رخص له أن يسير؟ أو أخبر عن الواقع، أخبر عن الواقع أن هذا سيكون؟ لننظر في كلام الحافظ، حتى أن هناك كلام لنا في هذا الباب في الشرح، لكن نسينا الآن، يُراجع.

سؤال: كأنه نظير حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يتطاولون في البنيان»؟

الشيخ: نعم، هذا أخبر به النبي، هذا من أشراط الساعة، وهذا [01:16:20] أخرجه إنه سيكون هذا في المستقبل. وجدتم الكلام؟ نعم، سمِّ.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملًا يا كريم.

اللهم أغفر لشيخنا، ولوالديه، ولمشايخه، ولنا، ولوالدينا، وللمستمعين، والمسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملًا يا كرم.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [المناسك]:

قارئ المتن: بَابُ أَمْرِ النُّفَسَاءِ بِالِاغْتِسَالِ وَالِاسْتِثفَارِ

الشيخ: الاغتسال وماذا؟

القارئ: الاستغفار.

الشيخ: الاستغفار! لا، لعلها الاستثفار، تستثفر بثوب، ماذا يوجد عندكم؟ الاستثفار.

القارئ: الاستثفار عندهم.

الشيخ: نعم، هذا هو الصواب، وليس الاستغفار، الاستثفار: تستثفر بثوب، يعني تتلجم، تتلجم وتتحفض، حفاضة يعني، الاستثفار: تتحفض؛ حتى يمنع الدم، ما هو باستغفار، صار التحريف بالطباعة، الأخطاء المطبعية كثيرة، عندي مكتوبة الاستغفار عدلها: الاستثفار.

والاستثفار معناه: التحفض والتلجم، يعني تجعل حفائض، الآن يوجد حفائض تمنع الدم، بابُ..

 قارئ المتن: بَابُ أَمْرِ النُّفَسَاءِ بِالِاغْتِسَالِ وَالِاسْتِثفَارِ إِذَا أَرَادَتِ الْإِحْرَامَ، وَإِنْ كَانَ الِاغْتِسَالُ لَا يُطَهِّرُ مَا يُطَهِّرُ غَيْرَ النُّفَسَاءِ وَغَيْرَ الْحُيَّضِ، إِذِ النُّفَسَاءُ وَالْحُيَّضُ لَا يَطْهُرْنَ

الشيخ: (لا يطهران) بالألف عندك؟

القارئ: لا، بدون ألف.

الشيخ: ساقطة هذه، إذ..

القارئ: (إِذِ النُّفَسَاءُ وَالْحُيَّضُ لَا يطهران).

الشيخ: أو (لا يطهرن) أحسن، لا نحتاج لزيادة ألف، لا يطهرن بالاغتسال.

قارئ المتن: إِذِ النُّفَسَاءُ وَالْحُيَّضُ لَا يَطْهُرْنَ بِالِاغْتِسَالِ مَا لَمْ يَطْهُرْنَ بِانْقِطَاعِ دَمُ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ، وَالْبَيَانُ أَنْ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ إِلَّا اتِّبَاعُهَا، إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ لَمْ يَكُنْ لِاغْتِسَالِ النُّفَسَاءِ وَالْحُيَّضِ قَبْلَ تَطْهُرْهنَ..

الشيخ: قبل؟

القارئ: (قَبْلَ تَطْهُرْهنَ).

الشيخ: ماذا يوجد عندك؟

مداخلة: أَنْ يَطْهُرْنَ.

الشيخ: (قبل أَنْ يَطْهُرْنَ) هو المعنى واحد.

قارئ المتن: قَبْلَ تَطْهُرْهنَ مَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النُّفَسَاءَ وَالْحَائِضَ بِالْغُسْلِ وَجَبَ قَبُولُ أَمْرِهِ وَتَرْكُ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ

شرح الشيخ: النُّفساء والحائض، أو الحُيَّض، يصح.

هذه الترجمة فيها: مشروعية أمر النساء بالاغتسال والاستثفار، يعني تتلجم وتتحفض بالحفائض؛ لتمنع نزول الدم وتغتسل سواءً كانت حائض أو نُفساء؛ لأن الاغتسال متابعة للسُنة.

يقول المؤلف -رحمه الله-: هذا يُتبع فيه السُنة، لو كان فيه اتباع للعقل والرأي لقلنا: الاغتسال لا فائدة فيه، لا تدري ما الفائدة من الاغتسال، لكن ليس للرأي فيه مجال، فلما أمر الله النفساء، والحائض بالغُسل وجبَّ قبول أمره، وترك الرأي والقياس، أترك رأيك لا مجال للرأي، ما دام جاء النص انتهى، هذا معنى قول المصنف -رحمه الله- وهذه الترجمة.

قارئ المتن: حدثَنَا بُنْدَارٌ، حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حدثَنَا جَعْفَرٌ -وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ- حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ

الشيخ: بنت إيش؟

القارئ: بنت عُميس.

الشيخ: مكتوبة في هذه النسخة: عيسى، تحريف كثير في النسخة التي عندي هذه.

قارئ المتن: قَالَ: وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي ثُمَّ أَهِلِّي».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ: «وَاسْتَثْفِرِي»: دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ كَانَ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ.

شرح الشيخ: نعم، وهذا الحديث؛ حديث جابر أخرجه الإمام مسلم مطولًا في [الحج] كما هو معروف.

وفيه: أنَّ أسماء بنت عُميس امرأة أبي بكر -رضي الله عنه- ولدت محمد بن أبي بكر في الحُليفة، فأرسلت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ماذا تفعل، فأمرها أن تغتسل وتستثفر؛ يعني تتلجم بثوب، وتُهلَّ.

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ: «وَاسْتَثْفِرِي»: دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ كَانَ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ)، نعم، لو كان منقطع كانت تغتسل وانتهينا، تغتسل كغيرها، لو انقطع دم النفاس، أو دم الحيض اغتسلت كغيرها من الطاهرين، لكنه قال: («وَاسْتَثْفِرِي») يعني يوجد دم، لو كان ما في دم انتهى، تغتسل للنفاس وتصلي أيضًا، إذا انقطع الدم تصلي سواء كانت حائض أو نُفساء ولو ما تمت المدة، لكن قوله: («وَاسْتَثْفِرِي») دليل على أن الدم لا يزال معها.

وأسماء -رضي الله عنها- ولدت في ذي الحليفة، ذو الحليفة الآن يعني بدأت الإحرام، وجلست تسعة أيام حتى وصلت إلى مكة وهي نُفساء، نسائنا الآن الواحدة تجلس في المستشفى كم يوم الآن لا تتحرك! وهي نشاط نشاط، ولا تركب سيارة مكيفة مثلنا، سيارة مكيفة، أو طائرة، لا، على بعير، تتحرك حركة حركات، والبعير يمشي في ارتفاع وانخفاض، ومع ذلك صبر.

وهكذا يوجد نساء إلى عهدٍ قريب، نساء كان عندها قوة ونشاط، كنَّ يعملنَّ، وكانت المرأة تذهب في البر وهي حامل، تحتطب، أو تحتش الحشيش، وقد يأتيها النفاس وليس عندها أحد، فتلد وهي ليس عندها أحد، فماذا تعمل؟ تأتي بحصاة وتقطع السر وتمشي، وتُكمل عملها في الاحتطاب والاحتشاش ما عندها أحد، ولدت وحدها، وقطعت سر المولود وحدها ومشت، والآن كما تعلمون، وهذا فيه دليل على أن هناك يعني من يماثل أسماء -رضي الله عنها-.

 

 

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاغْتِسَالِ لِلْإِحْرَامِ

حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادَةَ الْقَطَوَانِيُّ، حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ.

شرح الشيخ: هذا الحديث يقول المؤلف في الحاشية: "إسناده ضعيف، عبد الله بن يعقوب المدني مجهول الحال، والحديث أخرجه الترمذي في الحج من طريقِ عبد الله بن يعقوب المدني، قلت: لكن له شواهد، شاهدٌ صحيح من حديث ابن عمر في المستدرك، وصححه هو والدارمي". هذا الشيخ ناصر، ماذا قال عندك؟

القارئ: قال: "حَسنٌ لغيره وقد قال الترمذي: هذا حديثٌ حَسنٌ غريب، قد استحب قومٌ من أهل العلم الاغتسال عند الإحرام، وبه يقول الشافعي، وأخرجه الدارمي، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي".

الشيخ: والظاهر هذا قول الجمهور: مستحب، يُستحب الاغتسال للإحرام، والدليل هذا الحديث: أنَّ النبي تجرد لإهلاله واغتسل، ما فيه أنه أمر بالاغتسال، لكن أمر أسماء لما سألته أمرها بأن تغتسل، يكفي هذا، فإذا أُمرت النفساء بالاغتسال فغيرها من باب أولى، ففيه استحباب الاغتسال للإحرام.

قوله في الترجمة: (أَمْرِ النُّفَسَاءِ بِالِاغْتِسَالِ) والأمر أقل أحواله الاستحباب، وقد يكون للوجوب، والأصل أنه الوجوب إلا بصارف، ولكن الاغتسال مستحب عند الجمهور.

سؤال: إن توضأ؟

الشيخ: إذا توضأ يكفي، وحتى لو أحرم بدون وضوء صحَّ الإحرام، لو أحرم ولم يتوضأ ولم يغتسل الإحرام صحيح، ولكن ترك السُنة.

قارئ المتن: بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، إِذِ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- جَعَلَ الْحَجَّ أَشْهُرًا مَعْلُومَاتٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ الدُّخُولُ فِي الْحَجِّ قَبْلَ وَقْتِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَوَاتِ قَبْلَ أَوْقَاتِهَا

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.

وَحدثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أَيْضًا، قَالَ: حدثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.

شرح الشيخ: هذه الترجمة: (النَّهْيِ عَنِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ)، والترجمة السابقة: النهي عن الإحرام قبل المواقيت، هذا هناك القبلية مكانية، هنا القبلية زمانية، الإحرام له مواقيت مكانية، وله مواقيت زمانية.

فمواقيت الإحرام المكانية هي خمسة: ذو الحليفة، والجُحفة، ويلملم و ... فهل يجوز الإحرام قبلها، قبل المواقيت؟ سبق أن الحكم: أنه يجوز مع الكراهة، قلنا: كراهة تنزيه أم كراهة تحريم؟ كراهة تنزيه، هذا الإحرام قبل المواقيت المكانية جائز مع الكراهة.

الإحرام قبل المواقيت الزمانية يقول المؤلف: لا يجوز، قال: (فَغَيْرُ جَائِزٍ الدُّخُولُ فِي الْحَجِّ قَبْلَ وَقْتِهِ) يعني لا يجوز، ولا يصح، لا يصح الإحرام قبل المواقيت الزمانية، ويصح الإحرام قبل المواقيت المكانية مع الكراهة.

ما دليل المؤلف على تحريم الإحرام بالحج قبل المواقيت الزمانية؟

قاسها على الصلوات، قياسها على الصلوات، كما أنه لا يجوز الدخول في الصلاة قبل وقتها الزمني، فلا يجوز الإحرام بالحج قبل وقته الزمني، الصلاة لها ميقات زماني، والحج له ميقات زمني، فلا تجوز الصلاة قبل ميقاتها الزماني، فلو كَبر للإحرام قبل دخول الآذان بلحظة ما صحت الصلاة.

فكذلك أيضًا لو أحرم للحج في رمضان مثلًا، ما دخلت أشهر الحج، أو الحج في شوال، لا يصح، لكن لو أحرم بالحج ليلة العيد، يصح أم لا يصح؟ دخلت أشهر الحج، إذا جاء خبر العيد خلاص دخلت أشهر الحج، معناه: أحرم بالحج في زمانه.

إذًا المؤلف يرى أنَّ الإحرام في الحج قبل أشهره لا يجوز، ودليله: القياس؛ القياس على الصلوات، فغير جائزٍ الدخول في الحج قبل وقته، كما لا يجب الدخول في الصلوات قبل أوقاتها، هذا القياس، ومن السُنة حديث ابن عباس، وهو موقوفٌ عليه هذا الحديث.

القارئ: هو قول ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وغيره من الصحابة.

الشيخ: هنا الذي ذكره المؤلف: عن ابن عباس، قال: (لَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) هذا يقول: إن إسناده صحيح، وهو موقوف أخرجه البخاري في ترجمة: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾[البقرة:197].

والثاني: (وَحدثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أَيْضًا، قَالَ: حدثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.) الثاني أخرجه من؟ هو تابع، حديث واحد، من معه من [01:31:41]؟

القارئ: ابن حجر يقول ...

الشيخ: الحافظ؟

القارئ: نعم، قال: "واختلف العلماء أيضًا في اعتبار هذه الأشهر، هل هو على الشرط أو الاستحباب".

الشيخ: هذا هو في فتح الباري؟

القارئ: نعم، على هذا الحديث.

الشيخ: على هذا الحديث ماذا قال؟

القارئ: "واختلف العلماء أيضًا في اعتبار هذه الأشهر هل هو على الشرط أو الاستحباب، فقال ابن عمر وابن عباس وجابر وغيرهم من الصحابة والتابعين هو شرط فلا يصح الإحرام بالحج إلا فيها، وهو قول الشافعي، وسيأتي استدلال ابن عباس بذلك في هذا الباب".

الشيخ: طيب، بعده وقال.

القارئ: ذكر أدلته.

الشيخ: وبعده.

القارئ: انتهى.

الشيخ: الحافظ له قولان:

  • القول الأول: أنه لا يجوز.
  • والقول الثاني: وأنه يجوز.

وهل المواقيت المكانية، هل فيها قولٌ بالمنع؟ المواقيت المكانية، ما هي المواقيت المكانية؟ المؤلف ما ذكر إلا قول واحد: ذكر أنه جائزٌ مع الكراهة، ولم يذكر الخلاف، وهنا لم يذكر الخلاف، مع أن في خلاف الآن.

هنا فيه خلاف: من العلماء من قال: يجوز الإحرام، لو أحرم في رمضان صح، وكذلك الإحرام بالمواقيت قبل مكانها، من العلماء من منع وقال: لا يجوز.

سؤال: قول ابن عباس: من السُنة [01:33:31]

الشيخ: (فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) قد يُقال: له حكم الرفض، وقد يُقال: إن هذا قاله اجتهاد أو تفقه منه، ليس بالصريح، يعني ليس بالصريح أنه له حكم الرفض، (فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ) السُنة الواسعة هذه تشمل الواجب، والغير واجب، تشمل الواجب والمستحب.

القول الثاني للحافظ لم تجده؟

القارئ: لم أجده.

الشيخ: بعيد يمكن أنه بعيد؟

القارئ: ممكن بعيد.

سؤال: ألا يدل على الإحرام قبل المواقيت المكانية [01:34:41]

الشيخ: عُمر؟

سؤال: [01:34:47]

الشيخ: المؤلف يرى أنه مستحب، لكن القول الثاني، أنظر للقول الثاني، أنه ممنوع، هذا القول الثاني، هذا مثلما قال المؤلف نعم، على القول بالجواز.

انظر يا فيصل القول الثاني في الجواز في المواقيت الزمنية، وأنت يا بلال المواقيت المكانية.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الثِّيَابِ الَّذِي زُجِرَ الْمُحْرِمُ عَنْ لُبْسِهَا فِي الْإِحْرَامِ

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حدثَنَا بِشْرٌ -يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ- حدثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَاذَا نَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ إِذَا أَحْرَمْنَا؟ فَقَالَ: «لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا الْقَلَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ».

قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: وَلَا تنقِبُ الْمَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ.

شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في الحج من طريق نافع، وذاك أظن رواه البخاري، رواه الشيخان "إذا كان يغتسل" أي حديثٌ صحيح رواه الشيخان.

وهذه الترجمة في ذكر الثياب الذي زجر المُحرم عن لُبسها في الإحرام، ذكر في حديث ابن عمر: أنَّ رجلًا سأل النبي: ماذا يلبس المُحرم؟ فأجابه بما لا يلبس، لماذا؟ السؤال عن أي شيء؟ السؤال عن الثياب التي يلبسها، فأجابه بالثياب التي لا يلبسها، لماذا؟

لأن الثياب التي لا يلبسها محصورة في سبعة أشياء، والباقي يلبسه، كأنه يقول: هذه السبعة أشياء اجتنبها، والباقي ألبسه؛ فقال:

  1. (لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ) جميع قميص، والقميص: هو المخيط على قدر الجسم.
  2. (وَلَا الْبَرَانِسَ) البرانس ثياب مغربية رؤوسها متصلة بها.
  3. (الْعَمَائِمَ) ما يستر به الرأس.
  4. (وَلَا الْقَلَانِسَ) كذلك القلنسوة تكون على الرأس.
  5. (وَلَا الْخِفَافَ) في الرجل، (إِلَّا أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ) يعني يقطعهما، في اللفظ الآخر: فليقطع ما أسفل من الكعبين.
  6. وكذلك أيضًا الثياب التي مسها ورس أو زعفران؛ لأنه نوع من الطِيب.

فصار الأشياء التي يلبسها المُحرم ما هي؟ القُمص، والسراويل؛ السراويل مخيط على قدر النصف الأفل، والقميص: مخيط على قدر الجسم، والبرانس: ثياب مغربية رؤوسها متصلة بها، والعمائم: ما يستر به الرأس، والقلانس: كذلك، إنما القلانس أظن في اللفظ الآخر، (وَلَا الْخِفَافَ) تكون في الرجل، ولا شيءٌ مسه الطِيب، والورس نوع من الطِيب، الورس والزعفران.

فكون النبي قال له: هذه السبعة لا تلبسها، والباقي البسه، وهذا هو السبب في كونه سأل عما يلبس، فأجابه بما لا يلبس؛ لأن الذي يلبسه غير محصور، كل الثياب ألبسها، والذي لا يلبس محصور، سبعة أشياء لا تلبسها، والباقي البسه.

(بَابُ ذِكْرِ الثِّيَابِ الَّذِي زُجِرَ الْمُحْرِمُ عَنْ لُبْسِهَا فِي الْإِحْرَامِ) وهي سبعة أشياء كما سمعتم، سبعة؛ القُمص، والسراويلات، والبرانس، والعمائم، والقلانس، والخفاف، وما مسه الطِيب؛ الورس والزعفران.

(وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: وَلَا تنقِبُ الْمَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ) يعني لا تلبس النقاب، وفي لفظٍ هو: البُرقع، البُرقع: هو ما تخيطه المرأة على قدر وجهها، تستر به وجهها، فإذا فُتح له عينان سُمي نقاب، لكن يجوز للمرأة أن تغطي وجهها بغير المخيط، المخيط ممنوعة منه المحرمة، يعني ما تغطي وجهها بالمخيط لكن تغطي وجهها بخمارها.

 كما أن المُحرم لا يغطي جسمه، الرجل لا يغطي جسمه بالمخيط، لكن يُغطيه بالإزار والرداء، فكذلك المرأة لا تغطي وجهها بالنقاب والبرقع لكن تغطي وجهها بالخمار، ويدل على ذلك حديث عائشة عند أبي داود: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ». والحديث وإن كان في سنده مقال، لكنه دلت عليه النصوص.

وجدتم شيء؟ المواقيت المكانية أو الزمانية؟

مداخلة: الزمانية.

الشيخ: القول الثاني.

مداخلة: جاء بجميع الأقوال، جاء بها مختصرة.

الشيخ: هذا في المواقف المواقع؟

مداخلة: الزمانية، قال: هل يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج؟ اختلف الفقهاء فيمن أحرم بالحج قبل أشهر الحج، هل يصح إحرامه على أقوال:

الأول: روي عن ابن عباس أنه قال: من سُنة الحج أن يُحرَم به في أشهر الحج.

الثاني: فذهب الشافعي أنَّ من أحرم بالحج قبل أشهر الحج، لم يُجزئه ذلك.

الشيخ: والأول؟ الأول لا يوافق هذا، ولكنه من سُنة الحج يعني، يعني كأنه على الاستحباب، هذا القول لابن عباس، وجه القول بماذا؟

مداخلة: الأول روي عن ابن عباس.

الشيخ: ما هو؟ بالاستحباب أو المنع؟

مداخلة: بالسُنة قال: أنَّ من سُنة الحج أن يُحرم بالحج ...

الشيخ: هذا في السُنن يعني؟ هذا للوجوب أو للاستحباب؟ ينبغي له لأنه قال هذا يذكر هذا، إما هذا وإما هذا، ظاهره الاستحباب.

مداخلة: كلام ابن حجر في المسألة أوضح.

الشيخ: ماذا قال ابن حجر؟

القارئ: قال: "واختلف العلماء أيضًا في اعتبار هذه الأشهر، هل هو على الشرط أو الاستحباب؟ فقال ابن عُمر، وابن عباس، وجابر وغيرهما من الصحابة والتابعين: هو شرط فلا يصح الإحرام بالحج إلا فيها هو قول الشافعي، وسيأتي استدلال ابن عباس -رضي الله عنهما- لذلك في هذا الباب، واستدل بعضهم بالقياس على الوقوفِ، وبالقياس على إحرام الصلاة وليس بواضح".

الشيخ: ابن خزيمة استدل بالإحرام على الصلاة من نفسه.

القارئ: "لأن الصحيح عند الشافعية أن من أحرم بالحج في غير أشهره انقلب عمرة تجزئه عن عمرة الفرض، وأما الصلاة فلو أحرم قبل الوقت انقلب نفلًا بشرط أن يكون ظانًا دخول الوقت لا عالمًا، فاختلفا من وجهين. قوله: (وقال بن عمر -رضي الله عنهما- أشهر الحج ... إلى آخره) وصله الطبري والدارقطني من طريق ورقاء".

الشيخ: بعده، ما هو القول الثاني؟ أو بعيد؟

القارئ: نفسه، قال: "من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عنه قال: الحج أشهر معلومات شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة".

الشيخ: طيب، أعد، أقرأ القول الثاني؟ لكن [01:43:11] بعيد.

القارئ: قال: "ووصله ابن خزيمة، والحاكم، والدارقطني من طريق الحاكم عن مقسم عنه قال: لا يُحرم بالحج إلا في أشهر الحج فإن من سُنة الحج أن يُحرم بالحج في أشهر الحج".

الشيخ: كل هذا يدل منعه، [01:43:29] بالجواز.

القارئ: تكلم عن الزمانية.

الشيخ: ماذا قال؟

القارئ: قال عبد الرزاق: "أخبرنا معمر عن أيوب، عن ابن سيرين قال: أحرم عبد الله بن عامر من خراسان فقَدم على عثمان فلامهُ، وقال: غزوت وهان عليك نُسْكك".

الشيخ: هو التوقيت الزماني، هو الحديث عن المواقيت الزمانية، قال عثمان ماذا؟

القارئ: قال: "أحرم عبد الله بن عامر من خُراسان فقَدم على عثمان فلامهُ، وقال: غزوت وهان عليك نُسْكك".

الشيخ: هذا من المواقيت المكانية (من خُراسان)، فماذا قال؟

القارئ: "غزوت وهان عليك نُسْكك، وروى أحمد بن سيار في تاريخ مرو من طريق داود بن أبي هند قال: لما فتح عبد الله بن عامر خُراسان قال: لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي هذا محرمُا. فأحرَم من نيسابور فلما قدم على عثمان لامه على ما صنع.

وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضًا، وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق محمد بن إسحاق أنَّ ذلك كان في السنة التي قُتل فيها عثمان.

ومناسبة هذا الأثر للذي قبله أن بين خراسان ومكة أكثر من مسافةِ أشهر الحج، فيستلزم أن يكون أحرم في غير أشهر الحج، فكره ذلك عثمان، وإلا فظاهره يتعلق بكراهة الإحرام قبل الميقات، فيكون من متعلق الميقات المكاني لا الزماني.

ثم أورد المصنف في الباب حديث عائشة في قصة عمرتها، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الباب الذي بعده، وشاهد الترجمةُ منه".

الشيخ: القول الثاني: الإحرام بالحج قبل ميقاته الزماني ما جاء؟ سيأتي، الأقوال السريعة التي عندك، أقرأها.

القارئ: اختلف الفقهاء فيمن أحرم بالحج قبل أشهر الحج هل يصح إحرامه؟

على أقوال:

الأول: روي عن ابن عباس أنه قال: من سُنّة الحج أن يحرم به في أشهر الحج.

الثاني: فذهب الشافعي أن من أحرم بالحج قبل أشهر الحج لم يجرُّئه ذلك ويكون عمرة، كمن دخل في صلاة قبل وقتها فإنه لا تجزئه وتكون نافلة.

الثالث: مذهب أحمد بن حنبل أنه مكروه فقط ويجوز الإحرام قبل دخول أشهر الحج.

الرابع: مذهب أبي حنيفة جواز الإحرام في الحج في جميع السنة كلها وهو مشهور مذهب مالك.

الشيخ: يعني من دون كراهة.

القارئ: واستدلوا بقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج﴾[البقرة: 189] وقالوا: كما صحَّ الإحرام للعمرة في جميع السنة، كذلك يجوز للحج.

قال العلامة القرطبي: وما ذهب إليه الشافعي أصح؛ لأن هذه عامة وتلك الآية خاصة، والخاص يُقدم على العام.

الشيخ: [01:46:31] أنه مكروه يعني.

القارئ: وقد مال إلى هذا المذهب الشوكاني ورجحه؛ لأنه موافق لظاهر النص الكريم.

الشيخ: الحاصل: أنَّ الإحرام قبل المواقيت الزمانية قيل: مُحرم، وقيل: مكروه، وقيل: جائز، ثلاثة أقوال، قيل: جائز بدون كراهة، والإحرام للحج قبل ميقاته المكاني فيه قولان؛ قيل: بالمنع، وقيل: بالجواز مع الكراهة.

مداخلة: نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز.

الشيخ: أي جواز؟

مداخلة: جواز الإحرام قبل المواقيت المكانية.

الشيخ: قبل المواقيت المكانية؟ نقل ابن المنذر وماذا؟

القارئ: قال: "سُئل ابن باز -رحمه الله تعالى-: إن بعض من طلبة العلم يقولون: إن من أحرم بحجة أو عمرة قبل الميقات فإن ذلك الإحرام لا ينعقد، وعليه: فيكون قولهم قطعًا بعدم انعقاد الإحرام تبعًا لابن حزم، فماذا نقول لهؤلاء ونرد عليهم به، جزاكم الله خيرًا.

فأجاب الشيخ -غفر الله له-: الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه ينعقد، ولكن ترك الأفضل، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا وقَّت المواقيت قال: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» فمن أراد الحج أو العمرة فالسُنة له أن يُحرم من الميقات، فلو أحرم من غير الميقات انعقد عند أهل العلم، لكنه ترك الأفضل، فلو أحرم صاحب الطائف من بيته، أو صاحب المدينة من بيته، أو صاحب الرياض بيته أجزأ، ولكن ترك ما هو السُنة، وهو ألا يُحرم إلا من الميقات، وقاصره أنه شدد على نفسه، والله -جلَّ وعلاَّ- يسر له الأمر، وجعل الإحرام من الميقات حتى يكون هذا إصر عليه، وحتى لا تطول عليه المدة في الإحرام، فإذا شدد على نفسه وأحرم قبل ذلك إما جهلًا، وإما لقصدٍ آخر فإنه إحرامه ينعقد، قاصرهُ: أنه فعل مكروهًا، أو ترك ما هو الأفضل".

الشيخ: لعله وحاصله.

القارئ: "وحاصله: أنه فعل مكروهًا، أو ترك ما هو الأفضل. وأما القول بأنه لا ينعقد فهو قولٌ ضعيفٌ وليس بشيء"ٍ.

الشيخ: هذا قبل أشهر الحج؟

القارئ: قبل المواقيت.

الشيخ: قبل المواقيت، نعم، قبل الميقات، يعني الشيخ يرى أنه قولٌ لا يُعوَّل عليه، وأنه يجوز مع الكراهة، فلو أحرم من بيته ...

مداخلة: لو وصل المحرم المكان، يأتون بالطائرة الآن من بيوتهم، يخرجون على المطار وهم محرمين.

الشيخ: لا، هذا لا يسمى إحرام، هذا لبس، الإحرام هو النية، أما اللباس هذا استعداد، كونه يستعد [01:49:58] بكيفه ولو من بلده، لا بأس، لكن النية، النية لا يعقد النية إلا من ماذا؟

مداخلة: من المكان.

شرح الشيخ: لو بقي طول عمره معه الإزار، العرب تلبس الأُزر الآن، هل هم الآن يلبسون من المطار أو لا يلبسون، لا مانع فيه، لكن نقول له: لا تُحرم حتى يقول لك: قائد الطائرة وصلنا الميقات.

سؤال: يُكره أن ينطقوا بالنية قبل الميقات؟

الشيخ: نعم، يُكره، مكروه مع الجواز، سماحة الشيخ يقول: "القول بأنه لا يُجزئ قولٌ لا يُعول عليه، هذا مكروه مع الجواز".

هذا والمواقيت الزمانية كذلك، هناك ثلاثة أقوال، إذا أحرم في رمضان للحج:

  • قيل: لا يجوز.
  • وقيل: يجوز مع الكراهة.
  • وقيل: يجوز بدون كراهة.

وهو مذهب الأحناف، هنا المؤلف ابن خزيمة -رحمه الله- لم يذكر إلا قول واحد فقط.

س: دليل العلماء الذين قالوا: إن الحج يجوز ...

الشيخ: إن الله ذكر المواقيت، ذكر المواقيت ثلاثة أشهر.

مداخلة: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾[البقرة:197] [01:51:11]

الشيخ: نعم، هذا الدليل.

سؤال: فكيف الجمع بين من يقول: يجوز في غير أشهر الحج، وبين الآية الكريمة؟

الشيخ: لم أفهم كلامك.

سؤال: يعني العلماء الذين أجازوا الحج في غير الأشهر التي ذكرها الله -سبحانه وتعالى- ...

الشيخ: دليلهم يعني؟

س: نعم، دليلهم؟ يعني ربنا قَصر الحج في هذه الأشهر؟

الشيخ: قالوا: هذا للأفضلية، والجواز لا مانع فيه.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ لُبْسِ الْأَقْبِيَةِ فِي الْإِحْرَامِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حدثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمَ الْقُمُصَ، أَوِ الْأَقْبِيَةَ، أَوِ الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ، أَوِ السَّرَاوِيلَاتِ، أَوْ يَلْبَسَ ثوبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ.

الشيخ: ثوبًا أو شيئًا؟

القارئ: (شيئًا) في نسخة أخرى.

الشيخ: والحديث هذا رواه الإمام مسلم في الحج، يقول عنه، هل عندك تخريج الحديث؟ هو أصله الصحيحين، لكن هذا فيه الأقبية).

(بَابُ الزَّجْرِ عَنْ لُبْسِ الْأَقْبِيَةِ) ما هي الأقبية؟ جمع قَبَاء.

القارئ: قال: "القباء من الثياب التي تُلبس، مشتق من ذلك لاجتماع أطرافه، والجمع أقبية من لسان العرب".

الشيخ: يعني نوع من الثياب، كأنه نوع من الثياب أفردها عن القُمص لوجود الوصف بأن أطرافها مجتمعة.

وهذا صحيح ابن عُمر هنا، قال: أن يلبس القُمص، والخفين، والسراويلات كما سبق، الأصل: أن حديث ابن عُمر صحيح.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنِ انْتِقَابِ الْمَرْأَةِ وَعَنِ التَّقَفُّزِ فِي الْإِحْرَامِ

حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى -يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ- عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! مَا تَأْمُرُنَا أَنَّ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ؟ فَقَالَ: «لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ». قَالَ: «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ».

(الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ) يعني المُحرمة.

وهذا الحديث يقول: رواه البخاري في الحج، والبيهقي في السنن الكبرى، من طريق موسى، هل ذكر أنه أخرجه مسلم؟

القارئ: أخرجه النسائي، والبيهقي من طريق موسى بن عقبة.

الشيخ: يعني ما أخرجه مسلم، وفيه الشاهد، قوله: («وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ») والنقاب -كما سبق-: هو المخيط على قدر الوجه، والمخيط على قدر الوجه إن فُتح له فتحتان سمي نقاب، وإن لم يُفتح سمي برقع، لا تلبس المرأة المحرمة نقاب مخيط، ولكن يجوز للمرأة أن تغطي وجهها بخمارها غير المخيط.

والمؤلف قال: (بَابُ الزَّجْرِ عَنِ انْتِقَابِ الْمَرْأَةِ وَعَنِ التَّقَفُّزِ فِي الْإِحْرَامِ) ما المراد بالتقفز؟

يعني لبس قفازين، ولبس قفازين: هما شُراب اليدين؛ لأن المرأة لا تُغطي وجهها بالشُراب بما أنه مخيط، ولكن تغطي وجهها بثيابها، لا تغطي يديها بقفازين، كما أنها لا تغطي وجهها بالنقاب، ولكن يجوز أن تغطي يديها بعباءتها، أو بثيابها، ويجوز أن تغطي وجهها لا بالمخيط بل بغير المخيط كالخمار.

قارئ المتن: حدثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ تَوْبَةَ، حدثَنَا أَبُو بَدْرٍ؛ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الدِّرْهَمِيُّ -وَهَذَا حَدِيثُهُ- حدثَنَا شُجَاعٌ -وَهُوَ ابْنُ الْوَلِيدِ أَبُو بَدْرٍ- قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ: حدثَنَا، وَقَالَ الدِّرْهَمِيُّ: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ». هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدِّرْهَمِيِّ.

شرح الشيخ: والحديث إسناده صحيح، أخرجه مسلم مختصرًا.

وفيها: الأشياء التي لا يلبسها المُحرم: القُمص، والعمائم، والبرانس، والسراويلات، والخفاف إلا من لم يجد نعلين يلبس خفين، وكذلك لا يلبس المُحرم شيءٌ يمسه زعفران أو وَرس، وكل نوع من الطِيب.

قال: («لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ») لا تنتقب المرأة المحرمة، (الْحَرَامُ) يعني المُحرمة، («لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ») فالمرأة ممنوعة من النقاب؛ وهو المخيط على قدر الوجه، كما أنها ممنوعة من القفازين وهو المخيط على قدر اليدين، لكن ليست ممنوعة من لبس شُراب الرجلين، وليست ممنوعة من لُبس المخيط، ولا من تغطية الرأس كما هو معلوم.

مداخلة: ابن خزيمة عندنا سليمان بن توبة كان في النسخة سلمان.

القارئ: الإسناد يا شيخ، قال: (حدثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ تَوْبَةَ) عندنا سلمان، وعندهم سليمان، وفي الحاشية قال: "في نسخة سليمان، وفي الأصل سلمان، وهو مختلفٌ في اسمه، وأنظر لتهذيب الكمال"، شيخ المصنف.

الشيخ: لكن عندي هنا قال: حدثنا علي بن خشرم.

القارئ: الذي بعده، الثاني.

الشيخ: [01:59:36] سليمان.

القارئ: حدثنا أبو داود سلمان بن توبة.

الشيخ: أبو داود سليمان بن توبة، ما عندك؟

القارئ: سلمان بن توبة، في نسخة: سلمان، وفي نسخة: سليمان، حشَّى عليه، قال: "في نسخة سليمان، وفي الأصل سلمان، وهو مختلفٌ في اسمه، وأنظر لتهذيب الكمال".

الشيخ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ». هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدِّرْهَمِيِّ.)

قارئ المتن: بَابُ الْإِحْرَامِ فِي الْأُزُرِ وَالْأَرْدِيَةِ وَالنِّعَالِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا نَادَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: «لَا تَلْبَسُوا السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْقُمُصَ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا ثَوْبٌ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا وَرْسٌ. وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَاٍ حَتَّى يَكُونَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ».

شرح الشيخ: إذًا الترجمة: (بَابُ الْإِحْرَامِ فِي الْأُزُرِ) جمع إزار، (وَالْأَرْدِيَةِ) جمع رداء، (وَالنِّعَالِ)، والإزار: هو ما يلبسه الإنسان على النصف الأسفل من جسمه، والرداء: هو ما يغطي به النصف الأعلى، مثل المحرم الآن؛ يلبس الإزار يشد به نصفه الأسفل، ثم يلبس الرداء ويضعه على كتفيه، فالسُنة في المُحرم أن يُحرم في إزارٍ ورداء في قطعتين، قطعة يجعلها إزار، وقطعة يجعلها رداء، والنعال أيضًا، يُحرم في إزار ورداء ونعال.

الخُف؛ جاء في الحديث الآخر: «وليقطع فيما أسفل من الكعبين» قال: لا بُدَ أن يقطعها.

ولهذا اختلف العلماء، فبعض العلماء قال بالجواز، قال: هذا يدل على الجواز؛ لأنه لم يذكر (أو يقطعهما)، هذا مع الجواز بدون قطع، وقال آخرون: لا بُدَ من القطع.

مداخلة: منسوخ [02:02:20]

الشيخ: نعم، قال بعضهم: أنه منسوخ، وقيل: إن الأمر بالإزار والرداء للاستحباب.

 

 

سؤال: أحسن الله إليكم، كأنكم في الجواب السابق اخترتم إنه منسوخ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ...

الشيخ: هناك ثلاثة أقوال: قيل: يجب القطع، حمل المطلق على المقيد، الحديث هذا ما فيه (فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ) يُحمل على حديث القطع (وليقطع فيما أسفل من الكعبين)، وقيل: أنَّ قطعها يجوز، ولكن عدم القطع أفضل.

سؤال: [02:03:15]

الشيخ: كيف؟

سؤال: يقول: هناك تقديم وتأخير في الحديث.

الشيخ: هناك حديثان؛ حديث في المدينة قال: «وليقطعهما أسفل من الكعبين»، في عرفة لم يقل: وليقطعهما، فمن العلماء من قال: هذا نسخ، منسوخ، ومنهم من قال: هذا يُحمل على الجواز، وهذا يُحمل على الاستحباب.

سؤال: والشراب؟ [02:04:22]

الشيخ: الرجل لا يلبسه، المرأة تلبس لا مانع، تلبس الشُراب، وتلبس ما شاءت من الثياب، ومن الخفاف، لكن لا تغطي اليدين والوجه بالمخيط، تغطيهما بغير المخيط.

سؤال: هل يجوز أن تُغطي يدها بهذه القفازات.

الشيخ: تغطي يدها بثيابها أو بالعباءة، لا تغطيها بالقفازين؛ لأنها مخيط.

قارئ المتن: بَابُ اشْتِرَاطِ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ يُحْبَسُ ضِدَّ قَوْلِ مِنْ كَرِهَ ذَلِكَ

حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ؛ ح وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِضُبَاعَةٍ وَهِيَ شَاكِيَةٌ فَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ الْحَجَّ؟»، فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «فَحُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي».

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الْجَبَّارِ.

شرح الشيخ: هذه الترجمة يقول المؤلف: (بَابُ اشْتِرَاطِ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ يُحْبَسُ ضِدَّ قَوْلِ مِنْ كَرِهَ ذَلِكَ)، ثم ذكر حديث عائشة فيه قصة ضباعة بنت الزبير، عمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالت: («أَتُرِيدِينَ الْحَجَّ؟»، فَقَالَتْ: نَعَمْ)، وفي لفظٍ قال: تريد الحج وهي شاكية، وهي شاكية يعني مريضة، فقال: (قَالَ: «َحُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي». هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الْجَبَّارِ.)

مداخلة: الرسول -صلى الله عليه وسلم- رغم أنها مريضة، قال لها: «فَحُجِّي وَاشْتَرِطِي».

الشيخ: ما منعها، كأنها شاكية لكن ...

مداخلة: يدل على أن الحج على الفور.

الشيخ: نعم، يعني فيه دليل على أن الحج على الفور لا على التراخي، وفيه دليل على أنَّ الذي يشترط إنما هو من به علة، هذا أحد القولين، أما من ليس به علة فلا يشترط، وليُحَسِّن الظن بالله -عزَّ وجلَّ-.

وذهب الجمهور إلى أنَّ كل واحد يشترط، أظن إلى هذا ذهب الشيخ ابن باز -رحمه الله-، كل أحد يشترط، وهو قول الجمهور، وقال: الآن خطر، السيارات خطر، والحوادث كثيرة، في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- حصلت حادثة وهي الرجل الذي سقط عن راحلته فمات، إذا كان في الرواحل ففي السيارات أكثر وأكثر.

إذن المؤلف يرى أنه لا يشترط إلا من به علة، وهذا اختاره شيخ الإسلام بن تيمية، وابن القيم أنه لا يشترط إلا من به علة، وهو اختيار شيخنا.

والقول الثاني: أنَّ كل أحد له أن يشترط، وهو مذهب الفقهاء، كل أحد له أن يشترط، وعلى القول الثاني لو اشترط وليس به علة لا ينفعه، ولا يمنعه، ولا يُعفيه من ...

سؤال: إذا فيه علة غير المرض؟

الشيخ: نعم، علة يخشى أن تمنعه.

سؤال: يُطالب بالقضاء من اشترط ومُنع (المُحصر

الشيخ: مُنع؟

مداخلة: نعم، وهو اشترط.

الشيخ: على الخلاف، هذا إذا كان طالب علم يرى أنه له، فله ذلك، وإن لم يكن طالب علم يستفتي من يثق بدينه، فإذا أفتاه بأنه غير مُطالب...

وعلى هذا المسألة تكون كم فيها من قول؟

  • القول: بإن كل أحد له أن يشترط.
  • والقول الثاني: إنه لا يشترط إلا من به علة.
  • وأظن هناك قول ثالث: إنه لا يشترط حتى ولو كان به علة؛ يُنظر.

مداخلة: القول الثالث خاص بالنساء، الرجال لا يشترطون.

الشيخ: لا أدري والله، انظر هل القول هذا خاص بالنساء، هناك قولان مشهوران، وأظن قول ثالث: بأنه لا ينفع حتى ولو كان مريضًا.

قارئ المتن: بَابُ الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوْ هُمَا عِنْدَ الْإِهْلَالِ عَنِ النُّطْقِ بِذَلِكَ

حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مداخلة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَثَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ بِالْحَجِّ ...

(ثُمَّ أَذَّنَ بِالْحَجِّ) يعني أعلم؛ لأن الأذان هو الإعلام، أعلم الناس بالحج.

مداخلة: [02:10:48]

الشيخ: لا، الظاهر هذا.

قارئ المتن: ثُمَّ أَذَّنَ بِالْحَجِّ، فَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَكِبَ مَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، رُكْبَانٌ وَمُشَاةٌ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى ظَهَرَ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَأَهَلَّ وَنَحْنُ لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَخَلْفِي مَدَّ الْبَصَرِ رُكْبَان وَمُشَاةً كُلَّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

شرح الشيخ: هذا حديث جابر، هو حديثٌ مشهور، حديث طويل رواه الإمام مسلم في سياق وأطال في هذا.

والشاهد هنا: الاكتفاء بالنية عند الإحرام، قال: (وَنَحْنُ لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ)، يعني الاكتفاء بالنية ولو لم ننطق، لكن التلبية لا بُدَّ منها.

لكن هل يتلفظ بالنية؟

الفقهاء من المتأخرون، الفقهاء من الحنابلة وغيرهم يقولوا: يُستحب أن يقول: اللهم إني نويت العمرة، اللهم إني نويت الحج؛ حتى يتواطأ القلب واللسان، حتى قالوا في الصلاة يُستحب أن ينطق بها سرًا، إذا أردت يقول: اللهم إني نويت أن أصلي خلف هذا الإمام، ولكن هذا ليس بصحيح، لاستحباب الحكم الشرعي لا بُدَّ له من دليل، ولم يرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نطق بالنية لا في الحج ولا في العمرة، ولا في غيرها.

قد يقول قائل: قوله: «لبيك حجًا»؟

نقول هذا ذكر نسك في تلبيته، النية في القلب لا يتكلم بها، لكن كونه يذكر نُسكه بتلبيته مشروعة، إذا كان يريد الحج قال: لبيك حجًا، يريد العمرة: لبيك عمرة، الحج والعمرة يقول: لبيك عمرة وحجة، هذا ذكر نيته في نُسكه، وليس نطقًا بالنية، نطقًا بالنية يقول: اللهم إني نويت العمرة، اللهم إني نويت الحج، هذا غير مشروع.

الشاهد للترجمة من الحديث قوله: (فَأَهَلَّ وَنَحْنُ لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ)، قوله: (لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ)، إذن قال المؤلف: (بَابُ الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوْ هُمَا عِنْدَ الْإِهْلَالِ عَنِ النُّطْقِ بِذَلِكَ)، يعني لا ينطق بذلك، قول الفقهاء: إنه ينطق بها سرًا ليتواطأ القلب واللسان هذا المتأخرون من الحنابلة هم الذين يقولون به، حتى في الصلاة يقولوا: انطقوا بها سرًا، هذا بدعة، الصواب: أنه بدعة، ما ثبت عن النبي أنه نطق بها سرًا.

تجد بعض الناس بجوارك يقول: اللهم إني نويت أن أصلي خلف هذا الإمام صلاة الظهر أربع ركعات، أو نويت أن أصلي الفجر خلف الإمام ركعتين، تجد بعض الناس هكذا، هذا النطق، هذا القول اتباعًا للمتأخرين من الفقهاء لكن هذا ما عليه دليل، النية محلها القلب لا يحتاج أن يتلفظ بها.

كذلك إذا أراد أن يصوم: اللهم إني نويت أن أصوم هذا اليوم من رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أو كذلك في العمرة يقول: اللهم إني نويت العمرة فيسرها لي، اللهم إني نويت الحج فيسره لي، هذا بدعة، ولكن في الحج يذكر نُسكه في تلبيته.

فإن أراد عمرة قال: لبيك عمرة، أو اللهم لبيك عمرة، أو أجبت عمرة، وإن كان يريد الحج قال: نويت الحج، أو قال: لبيك حجًا، أو اللهم لبيك حجًا، أو أجبت حجًا، وإن كان يريد حج وعمرة قال: لبيك عمرة وحجة، أو أجبت حجة، أو اللهم لبيك عمرة وحجة فقط، ولا يقول: اللهم إني نويت العمرة، هذا النطق بالنية لا دليل عليه، المتأخرون ذكروه مستحب، يقولون استحباب، قالوا: ليتواطأ القلب واللسان، تعليل، والتعليل عليه [02:15:44].

سؤال: والمتمتع لا يفترض أن يكون متمتع بالحج؟

الشيخ: لا، لا يحتاج.

سؤال: يقول: لبيك عمرة فقط؟

الشيخ: نعم، إذا أحرم بالعمرة ثم حج من عامه فهو متمتع.

سؤال: يقول: لبيك عمرة؟

الشيخ: نعم، إذا قام متمتعًا، إذا قال: متمتعاً بالحج فلا بأس، لكنه متمتع سواء قال أو لم يقل، من اعتمر في أشهر الحج ثم حج من عامه فهو متمتع.

سؤال: إذا قال المعتمر لبيك اللهم عمرة بعد ما تجاوز الميقات.

الشيخ: تعدى الميقات؟ قبل الميقات؟ تجاوز الميقات قبل أن يُلبي؟ في الميقات، لازم، هذا الإحرام، الإحرام يكون في الميقات.

سؤال: [02:16:33].

الشيخ: ما دام إنه في الميقات يقول: لبيك عمرة وحجة، أو لبيك عمرة.

سؤال: هو اغتسل ولبس الإحرام، ولكن نسي وتجاوز الميقات؟

الشيخ: خلاص، ما دام نوى يكفي النية مثلما ذكر المؤلف.

سؤال: دون أن يتلفظ؟

الشيخ: دون أن يتلفظ، التلفظ هذا في التلبية قيل: واجب، وقيل: مستحب، التلبية لو لم يُلبي هل يصح حجه؟ قال العلماء: يصح.

سؤال: التلبية غير [02:17:09]

الشيخ: نعم، والنُسك يكفي المؤلف يقول: دخوله في النية فقط، ويذكره في التلبية لا بأس، لكن يدخل بالنية.

القارئ: يوجد كلام في تحفة الأحوزي على مسألة الاشتراط، نقل عن الحافظ بن حجر في الفتح قوله: "وصحَّ القول بالاشتراط عن عُمر، وعثمان، وعلي، وعمار، وابن مسعود، وعائشة، وأم سلمة وغيرهم من الصحابة، ولم يصح إنكاره عن أحدٍ من الصحابة إلا عن ابن عمر، ووافقه جماعة من التابعين ومن بعدهم من الحنفية والمالكية"، انتهى‏. ‏

قوله‏:‏ ‏"(‏ولم ير بعض أهل العلم الاشتراط في الحج ... إلى آخره‏)‏ وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وبعض التّابعين‏.‏ وأجابوا من حديث ضباعة بأجوبة منها‏:‏ أنه خاص بضباعة، قال النووي: وهو تأويل باطل، وقيل معناه: محلي حيث حبسني الموت إذا أدركتني الوفاة انقطع إحرامي، حكاه إمام الحرمين وأنكره النووي وقال‏:‏ إنه ظاهر الفساد‏.‏

وقيل: إن الشرط خاص بالتحلل من العمرة لا من الحج حكاه المحب الطبري‏، ‏ وقصة ضباعة ترده كما تقدم من سياق مسلم‏،‏ وقد أطنب ابن حزم في التعقب على من أنكر الاشتراط بما لا مزيد عليه قاله الحافظ"‏.

الشيخ: على كل حال، تكون الأقوال ثلاثة:

قيل الجمهور: لا يشترط، لا يشترط كل أحد.

وقيل: لا يشترط كل أحد، وأما حديث ضباعة فهو خاصٌ بها.

وقيل: يشترط من به علة، من خَشي أن يمنعه مانع من إتمامه يشترط، والذي لا يخشى لا يشترط، وهذا هو القول الوسط الأعدل، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واختيار شيخنا، واختيار الشيخ محمد بن عثيمين.

سؤال: من يدخل بدون تصاريح يفسخ إحرامه؟

الشيخ: إن كان اشترط يتحلل.

سؤال: إذا اشترط؟

الشيخ: إذا اشترط خلاص.

سؤال: يلبس الثوب وينتهي؟

الشيخ: لكن على كل حال، لا يستعجل في التحلل، قد يُسمح له فيما بعد، أو قد يستطيع الدخول فيما بعد، فإذا عجر وفات وقت الحج خلاص، وهو اشترط ...، لكن لا يستعجل، بعض الناس تستعجل، ربما غدًا أحيانًا يسمحون إذا في يوم عرفة، هذا يوم عرفة سمحوا بالدخول، لا يستعجل بالتحلل ينتظر حتى تفوت، إذا فات يوم عرفة معناه فات الحج، يتحلل، لكن لا يُبادر؛ لأن قد يتيسر له.

سؤال: لو فات يوم عرفة له أن يفسخ الإحرام، أم يلزم أن يؤدي عمرة؟

الشيخ: يؤدي عمرة.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْقِرَانِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَالْإِفْرَادِ، وَالتَّمَتُّعِ، وَالْبَيَانُ أَنَّ كُلَّ هَذَا جَائِزٌ طَلْقٌ مُبَاحٌ، وَالْمَرْءُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِرَانِ وَالْإِفْرَادِ وَبَيْنَ التَّمَتُّعِ يُهِلُّ بِمَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ

حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ -يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ- عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ بِحَجٍّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ». فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ.

شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه الإمام البخاري في الحج، وفيه: أنَّ النبي خَير الناس بين أنساكٍ ثلاثة؛ فدلَّ على إباحة التخيير بين القران، وبين الإفراد، وبين التمتع.

  • القران؛ يُلبي بهما لبيك عمرة وحج.
  • والإفراد: أن يُحرم بالحج.
  • والتمتع: يُحرم بالعمرة ثم يفرغ منها، ثم يُحرم بالحج من عامه.

قارئ المتن: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ.

لَمْ يَقُلْ عَبْدُ الْجَبَّارِ: وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ، وَزَادَ: قَالَتْ: فَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

شرح الشيخ: هنا فيه الدليل للترجمة وهو التخيير، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خيرهم، قال: (مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ بِحَجٍّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ).

وفي الحديث الثاني: (أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ.) هو حديث رواه الإمام مسلم أيضًا، هل فيه رواه البخاري عندك؟

القارئ: مسلم فقط.

الشيخ: نعم، فيه التخيير، النبي -صلى الله عليه وسلم- خيرهم.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَ أَصْحَابَهُ أَنْ لَوِ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ لَمَا سَاقَ الْهَدْيَ وَلَحَلَّ بِعُمْرَةِ، كمَا أَمَرَ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهُدْيَ بِالْإِهْلَالِ بِعُمْرَةِ

حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثَنَا مُحَمَّدُ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ خَمْسٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضْبَانُ. فَقُلْتُ: مَنْ أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: «أَمَّا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ». -قَالَ الْحَكَمُ: يَتَرَدَّدُونَ: أَحْسِبُ- «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا».

الشيخ: وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم، عندك البخاري؟

القارئ: مسلم فقط.

شرح الشيخ: هذه الترجمة في استحباب التمتع بالعمرة للحج، قال: (إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَ أَصْحَابَهُ أَنْ لَوِ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ لَمَا سَاقَ الْهَدْيَ وَلَحَلَّ بِعُمْرَةِ، كمَا أَمَرَ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهُدْيَ بِالْإِهْلَالِ بِعُمْرَةِ) يعني المؤلف استنبط استحباب التمتع بالعمرة من تأسفه، تأسف لما أمر أصحابه بالعمرة وتلكأوا، تأسف وقال: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي)، هذا التأسف أخذ منه المؤلف الاستحباب، استحباب أن المتعة التمتع بالعمرة مستحبة، وأنها أفضل من القران، وأفضل من الإفراد، وهذا هو الصواب الذي عليه الجمهور، وعليه الحنابلة.

والقول الثاني: أنَّ الإحرام بالإفراد أفضل، وهو قول المالكية، قالوا: حتى يأتي بالعمرة في سفرةٍ أخرى، فيكون له سفرتان.

وذهب الأحناف إلى أن القران أفضل، قالوا: هو من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والصواب: أن التمتع بالعمرة هو أفضل، وهو مقدم قولهم.

قال بعض العلماء: التمتع أفضل لمن لم يسق الهَدي، ومن ساق الهدي فالقران له أفضل؛ لأنه فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- [02:25:47] الخير تأسف وقال: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي)؛ فدلَّ على أنه الأفضل مطلقًا التمتع.

والدليل: حديث عائشة كما هو معلوم وفيه: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة لأربع مضين من ذي الحجة، ومشى في اليوم الخامس والعشرين يوم السبت، فتكون مدة سفره تسعة أيام.

قالت: (فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضْبَانُ. فَقُلْتُ: مَنْ أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: «أَمَّا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ». -قَالَ الْحَكَمُ: يَتَرَدَّدُونَ: أَحْسِبُ- «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا»).

أي باب، ما الترجمة؟

قارئ المتن: بَابُ أَمْرِ الْمُهِلِّ بِالْعُمْرَةِ الَّذِي مَعَهُ الْهَدْيُ بِالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ لِيَصِيرَ قَارِنًا، إِذْ سَائِقُ الْهَدْيِ الْمُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِحْلَالُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْلَغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ

حدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، ح وَحَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ- حدثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ».

شرح الشيخ: والحديث رواه الإمام مسلم في الحج مطولًا، هل ذكر عندك تخريج زيادة؟ هو معروف حديث جابر طويل.

والترجمة: (أَمْرِ الْمُهِلِّ بِالْعُمْرَةِ الَّذِي مَعَهُ الْهَدْيُ بِالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ لِيَصِيرَ قَارِنًا، إِذْ سَائِقُ الْهَدْيِ الْمُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِحْلَالُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْلَغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ).

إذا ساق الهدي هنا عليه أن يُحرم بالقران؛ لأنه لا يجوز أن يتحلل حتى يذبح هَديه، وأما من لم يسق الهَدي فهو مخير بين الأنساك الثلاثة كما سبق.

سؤال: القران مثل التمتع؟

الشيخ: لا، القران لا يتحلل، المتمتع يتحلل، المتمتع أتى بعمرة فاصلة مستقلة.

مداخلة: إخراج البخاري ومسلم.

الشيخ: هذا؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: المحشي اقتصر على مسلم، هذا باب خمسمائة وأربعين (بَابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ

القارئ: نعم، خمسمائة وأربعين.

الشيخ: طيب، نقف عليه.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد