بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته، وللحاضرين ووالديهم، والمستمعين، وعموم المسلمين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:
قارئ المتن: باب تقليد الغنم عند الإحرام إذا سيق الهدي، ضد قول من زعم أن الغنم لاَ تُقلد إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قلَّد الغنم الذي أهدى وهو مقيم بالمدينة حلال، وسنة الهدي في التقليد لمن كان مقيمًا ببلده يريد توجيه الهدي، ومَن أراد الحج أو الحج والعمرة وأهدى أو ساق الهدي معه في التقليد سيان لاَ فرق بينهما.
قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قال: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ قال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَحَدَّثَنَا...
الشيخ: عندك عبدة؟
مداخلة: قال: عبيدة، وفي نسخة أخرى قال: انظر [تهذيب الكمال].
الشيخ: فيه تصحيح؟
مداخلة: نعم، ذكر عليها حاشية، ثم قال: انظر [تهذيب الكمال].
الشيخ: تصويب عبيدة.
مداخلة: نعم.
الشيخ: يعني في الأصل عبدة والتصويب عبيدة، من ماذا؟ من التهذيب؟ حدثنا الحسن ...
قارئ المتن: قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قال: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ قال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْتِلُ قَلاَئِدَ الْغَنَمِ لِهَدْيِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ يَمْكُثُ حَلاَلاً، هَذَا حَدِيثُ الزَّعْفَرَانِيِّ.
شرح الشيخ: الحديث رواه الشيخان كما ذكر، البخاري ومسلم، ذكر في الحاشية أنه رواه الإمام مسلم في "الحج"، وكذلك البخاري في "الحج".
هذه الترجمة فيها: تقليد الغنم عند الإحرام إذا سيق الهدي، ضد قول من زعم أن الغنم لا تُقلد، هو يبيّن أن تقليد الغنم سنة، الغنم المهداة، التي يهديها الإنسان لتُذبح لله في منى، وتقليد الغنم هو أن يجعل لها قلادة في عنقها، أحيانًا تكون من نعلين أو من غيرها، فالغنم فيها سنة التقليد، وكذلك الإبل تُقلد، وفيها سنة ثانية وهي: الإشعار، وهو شق صفح سنامها ثم إسالة الدم عن اليمين وعن الشمال، ليُعلم أنها مهداة.
والتقليد إذا ساق الهدي من بلده أو من الطريق قلّدها، وكذلك إذا أرسل الهدي تطوعًا، يرسله وهو في بلده، يُقلد أيضًا، قال المؤلف -رحمه الله-: باب تقليد الغنم عند الإحرام إذا سيق الهدي، عندك: إذا سيق الهدي، كذا؟
مداخلة: نعم، قال: في نسخة: ساق.
الشيخ: ساق الهدي أو سيق بمعنى واحد، إذا ساقه يعني، إذا سيق الهدي ضد قول من زعم أن الغنم لا تُقلد، يعني يرد على من قال إن الغنم لا تُقلد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قلّد الغنم الذي أهداه، وهو مقيم بالمدينة حلال، وهذه سنة معروفة، وهو أن يهدي الغنم لتذبح في مكة وهو في بلده، هذا فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في الأحاديث الصحيح.
وهل إذا أهدى يمتنع كما يمتنع المحرم من أخذ شعره أو أظفاره؟
قال بعض العلماء بهذا، والصواب أنه لا يمتنع؛ لأنه ليس بمُحرم، كما بينت عائشة -رضي الله عنها- في الأحاديث الصحيحة.
ولهذا قال: (إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قلّد الغنم الذي أهدى وهو مقيم بالمدينة حلال)، حلال ليس بمُحرم، بعض العلماء يقولون: إذا أهدى يكون مُحرِمًا، يمتنع من الأخذ من أظفاره وشعره حتى تُذبح الهدي الذي أرسله إلى مكة.
والصواب أنه لا يمتنع؛ لأنه ليس بمُحرِم، ولهذا قال المؤلف: (وسنة الهدي في التقليد لمن كان مقيما ببلده يريد توجيه الهدى ومن أراد الحج، أو الحج والعمرة، وأهدى أو ساق الهدى معه في التقليد سيان).
يعني إذا أراد الحج وساق الهدي، أو أراد الحج والعمرة قارن، وساق الهدي، كل ذلك يُسن التقليد، سواء كان الغنم ساقها وهو حاج، أو ساقها وهو معتمر، أو ساقها وهو حاج ومعتمر، أو ساقها وهو في بلده، التقليد سنة باقية، كما بينها المؤلف، ولذا قال: (باب تقليد الغنم عند الإحرام إذا سيق الهدي، ضد قول من زعم أن الغنم لاَ تقلد إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قلد الغنم الذي أهدى وهو مقيم بالمدينة حلال، وسنة الهدي في التقليد لمن كان مقيما ببلده يريد توجيه الهدي وكذلك من أراد الحج أو الحج والعمرة وأهدى أو ساق الهدي معه في التقليد سيان لاَ فرق بينهما).
يعني تقليد الهدي مستويان، سواء ساق الهدي وهو حاج، أو ساق الهدي وهو حاج ومعتمر، أو ساق الهدي، أرسل بالهدي وهو في بلده، واستدل بحديث عائشة قالت: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْتِلُ قَلاَئِدَ الْغَنَمِ لِهَدْيِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ يَمْكُثُ حَلاَلاً».
فيه دليل على أنه لا يُحرِم، أنه إذا ساق الهدي وهو في بلده يبقى حلالًا، كما بينت عائشة -رضي الله عنها-.
قارئ المتن: بَابُ حَدِيثِ الإِحْرَامِ خَلْفِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ إِذَا حَضَرَتْ.
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الظُّهْرَ، وَأَمَرَ بِبُدْنِهِ أَنْ تُشْعَرَ مِنْ شِقِّهَا الأَيْمَنِ، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، وَسَلَتْ عَنْهَا الدَّمَ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءَ أَهَلَّ.
قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ أَيْضًا قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ. وَقَالَ: صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَشْعَرَ بَدَنَتَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: وَسَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ.
شرح الشيخ: أو أشعر بُدنه، ولم يقل: وسلت عنها الدم، هذا فيه بيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم عقب فريضة، صلى الظهر، وأمر ببدنه أن تُشعر، والحديث صحيح، حديث ابن عباس، قال: رواه مسلم في كتاب الحج.
فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر، وأمر ببدنه، بدَن جمع بَدَنة، أو ببُدنه أن تُشعر من شقها الأيمن، أمر ببُدنه جمع بَدنة، أن تُشعر من شقها الأيمن، صفح السنام الأيمن، تُشعر يعني تُشق صفح سنامها الأيمن، حتى يخرج الدم، ثم يسلت الدم عن يمينها وعن شمالها ليُعرف أنها مُهداة.
(وقلّدها نعلين)، يعني جعل لها قلادة نعلين، في رقبتها، وسلت عنها الدم فلما استوت به البيداء أهلّ، أهلّ يعني أحرم، رفع صوته بالإهلال، وجاء في الحديث عنه: لما ركب راحلته أهلّ، ولما استوت به البيداء أهلّ.
وجاء في حديث فيه ضعف عن ابن عباس أنه أهلّ وهو في مكانه قبل أن يركب، فيه ضعف، والصواب أنه أهلّ حينما ركب ناقته، ثم أهلّ، فلما استوت به البيداء، ولهذا روى بعضهم أنه أهلَّ لما استوت به على البيداء، كما في هذا.
مداخلة: [00:11:24]
الشيخ: نعم، لضعفه الشديد، حديث ابن عباس، الراوي عنه ... نعم، قال أبو بكر ...
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ الَّتِي فِي خَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ (وَأَشْعَرَ بَدَنَتَهُ)، مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا.
الشيخ: هذا الحديث حديث بندار: وأشعر بَدَنته، والحديث الأول: وأمر ببُدنه، جمع بدنة، أما قوله في الحديث الثاني، حديث بندار، قال: وأشعر بَدَنته.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ الَّتِي فِي خَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ (وَأَشْعَرَ بَدَنَتَهُ)، مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الآمْرِ كَإِضَافَتِهَا إِلَى الْفِاعْلِ، فَقَوْلُهُ: وَأَشْعَرَ بَدَنَتَهُ يُرِيدُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِإِشْعَارِهَا ؛ لأَنَّ فِي خَبَرِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَأَمَرَ بِبَدَنِهِ أَنْ تُشْعَرَ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِإِشْعَارِهَا لاَ أَنَّهُ تَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ.
الشيخ: لأن في خبر يحيى القطان، يعني الحديث الأول، الحديث الأول: وأمر ببُدنه أن تُشعر، فقوله: وأشعر بدنته يريد...
قارئ المتن: وَأَمَرَ بِبَدَنِهِ أَنْ تُشْعَرَ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِإِشْعَارِهَا لاَ أَنَّهُ تَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشْعَرَ بَعْضَ بُدْنِهِ بِيَدِهِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِإِشْعَارِ بَقِيَّتِهَا فَمَنْ قَالَ فِي الْخَبَرِ: أَمَرَ بِبُدْنِهِ أَنْ تُشْعَرَ أَرَادَ بَعْضَهَا، وَمَن قَالَ: أَشْعَرَ بَدَنَتَهُ أَرَادَ بَعْضَهَا لاَ كُلَّهَا، فَالأَخْبَارُ كلها مُتَصَادِقَةٌ لاَ مُتَكَاذِبَةٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ أَهْلُ الْجَهْلِ.
شرح الشيخ: يعني يقولون: قوله في الحديث الأول: (وأشعر بدنته)، يعني أمر بها أن تُشعر، أضافوا الفعل إليه؛ لأنه هو الآمر، وإن لم يكن تولى بنفسه، وأما في الحديث الثاني، في حديث بندار، (وأمر ببدنه أن تُشعر)، دلالة على أنه أمر بإشعارها لا أنه تولى ذلك بنفسه، ويحتمل أنه أشعر بعضها بيده، وأمر غيره بإشعار بقيتها.
قارئ المتن: فَمَنْ قَالَ فِي الْخَبَرِ: أَمَرَ بِبُدْنِهِ أَنْ تُشْعَرَ أَرَادَ بَعْضَهَا، وَمَن قَالَ: أَشْعَرَ بَدَنَتَهُ أَرَادَ بَعْضَهَا لاَ كُلَّهَا، فَالأَخْبَارُ مُتَصَادِقَةٌ لاَ مُتَكَاذِبَةٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ أَهْلُ الْجَهْلِ.
الشيخ: يعني في الحديث يقول: أشعر، يعني أمر، ويحتمل أنه تولى بعضها بنفسه، وأمر غيره بالبعض الآخر.
قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ وَالدَّلِيلِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِرَةِ وَالْجُنُبِ إِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَوْ هُمَا كَانَ الإِحْرَامُ جَائِزًا.
إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ النُّفَسَاءَ وَالْحَائِضَ بِالإِحْرَامِ وَهُمَا غَيْرُ طَاهِرَتَيْنِ.
إِذِ النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ لاَ تُجْزئُهُمَا الصَّلاَةُ قَبْلَ تَطْهُرَا.
الشيخ: قبل أن تطهرا، فيه أن في الزيادة أو الحاشية.
مداخلة: قال في الحاشية: "كذا في المخطوط، وحذف أن مع بقاء عملها له وجه، وهو مذهب الكوفيين".
الشيخ: قبل تطهرا، أما البصريين لابد النون هنا زادها في النسخة بين معقوفتين.
قارئ المتن: وَلاَ تَطْهُرَانِ بِالاِغْتِسَالِ قبل تَطْهُرَا بِانْقِطَاعِ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.
قال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَهُمْ قال: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسِ من خَثْعَمٍ، فَلَمَّا كَانُوا بِالشَّجَرَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِالشَّجَرَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، ثُمَّ تُهِلُّ بِالْحَجِّ، وَتَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ إِلاَّ أَنَّهَا لاَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ.
الشيخ: نعم، هذا الحديث إسناده صحيح، رواه النسائي من طريق سليمان بن بلال، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: صحيح، أخرجه ابن ماجه والنسائي، وفي [الكبرى] له.
شرح الشيخ: استدل به المؤلف -رحمه الله- على جواز الإحرام من غير وضوء ومن غير اغتسال ومن غير صلاة، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- تجرد من ثيابه واغتسل، الاغتسال سنة وليس بواجب، وكذلك الوضوء.
والمؤلف في الترجمة ترجم بـ (إِبَاحَةِ الإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ)، يعني يجوز أن يُحرم ولو لم يصلي، إن كان وقت الفريضة هذا هو الأفضل، وإلا يصلي ركعتين عند الجمهور، جمهور العلماء، للإحرام، وقال آخرون من أهل العلم: يصلي ركعتين سنة الوضوء، أو سنة الضحى إذا كان في الضحى، ثم يُحرِم.
ولو أحرم بدون اغتسال، وبدون وضوء، وبدون صلاة، صحّ على كلام المؤلف، قال: (وَالدَّلِيلِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِرِ وَالْجُنُبِ إِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أو بهما معًا فإحرامه جائز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ النُّفَسَاءَ وَالْحَائِضَ بِالإِحْرَامِ وَهُمَا غَيْرُ طَاهِرَتَيْنِ).
أمر أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر -رضي الله عنه-، كما في هذا الحديث، أسماء بنت عميس بن خثعم، ولدت محمد ابنه في الشجرة، والشجرة هو الميقات، هذا الحديث حديث القاسم بن محمد، يحدث عن أبيه عن أبي بكر أنه خرج حاجًّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، ومعه امرأته أسماء بنت عميس، فلما كانوا بالشجرة ولدت أسماء، محمد بن أبي بكر، بالشجرة.
الشجرة هو ميقات، يسمى الشجرة، هو ذو الحليفة، فأتى أبو بكر للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبر النبي، فأمره النبي أن يأمرها أن تغتسل.
في لفظ آخر أمرها أن تستثفر بثوب وتغتسل، تستثفر يعني تتحفظ، تجعل على فرجها حفائض الآن، موجود الحفائض، تتلجم وتُحرم، ثم تُهل بالحج، وتصنع ما يصنع الناس إلا أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر.
وكذلك الحائض، عائشة -رضي الله عنها- لما أحرمت بالعمرة ثم حاضت، أمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل وتدع عمرتها؛ لأن جاء الحج وهي على حالها، أمرها أن تغتسل وتُحرم بالحج، أدخلت الحج في العمرة فصارت قارنة، فاغتسلت وهي حائض.
فاستدل المؤلف بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أسماء وعائشة بالاغتسال وهما غير طاهرتين، استدل بذلك على أنه يجوز الإحرام من غير اغتسال، ومن غير وضوء، ومن غير صلاة، ولكن الأفضل أن يغتسل، وأن يتوضأ، ثم يُحرم عقب فريضة أو عقب صلاة نافلة.
مداخلة: الركعتان، مرتبطة بالمكان أم بالإحرام؟
الشيخ: فيه خلاف، الجمهور يرون أن الإحرام له صلاة، وقول شيخ الإسلام وجماعة، يرون أنه ليس له صلاة تخصه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أتاني آتٍ من ربي، وقال: صلّ في هذا الواد المبارك، وقل: عمرة في حجة»، قالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم عقب الفريضة، عقب صلاة الظهر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم كما ذكر العلامة ابن القيم في [زاد المعاد] يوم السبت، وصل إلى ذي الحليفة، ثم جلس فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، والظهر من اليوم الثاني، ثم اغتسل وأحرم في اليوم الثاني عقب الفريضة.
قارئ المتن: قال: باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة.
قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: هَذِهِ الْبَيْدَاءُ الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَاللَّهِ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ.
شرح الشيخ: المسجد يعني المصلى الذي يُسجد فيه، وإلا ليس هناك مسجد في ذلك الوقت، يعني يقول: هذه البيداء التي تكذبون، يعني تخبرون بغير الواقع، وليس المراد الكذب المتعمد، قول بعضهم: إنه أهلّ بالبيداء، يقول: أهلّ من حين صلى، في رواية خصيف عن ابن عباس -ضعيفة- أنه أهلّ وهو في مصلاه، والروايات الصحيحة أنه أهلّ بعد ما ركب راحلته.
وقال قوم: أهلّ بالبيداء، كما في الحديث الآخر، لما كان في البيداء، في الصحراء، ابن عمر يقول: هذه البيداء التي تكذبون فيها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تخبرون بغير الواقع، والله ما أهلّ رسول الله إلا من عند باب المسجد، يعني المكان الذي صلى فيه، يسمى الشجرة، هناك مكان ما عند الشجرة، المكان الذي يُسجد ويُصلى فيه، يسمى مسجد.
كل مكان يُصلى فيه يسمى مسجد، «جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا»، كما في الحديث، فيقول: إنه أهلّ من حين صلى، في رواية خصيف عن ابن عباس، أهلّ يعني أحرم وهو في مصلاه، لكن رواية خصيف ضعيفة، خصيف عن ابن عباس، والصحيح أنه أهلّ بعدما ركب راحلته.
وأما قوله كما في الحديث السابق: أهلّ بالبيداء، يُحمل على أنه -صلى الله عليه وسلم- أهلّ حين ركب راحلته، فسمعه القوم فقالوا: أهلّ بعدما ركب راحلته، ثم لما استوت به على البيداء أيضًا كذلك رفع صوته بالإهلال، فسمعه قوم فقالوا: أهل لما استوت به على البيداء.
وفي حديث خصيف عن ابن عباس أنه أهلّ وهو في مكانه، يعني في مصلاه، لكن رواية خصيف ضعيفة، فيه ضعف، خصيف عن ابن عباس، والأفضل أن يكون إذا ركب مركوبه يلبي، وإن أحرم قبل ذلك فلا حرج، الأمر واسع، أو بعد ذلك.
قارئ المتن: قال: بَابُ الإِهْلاَلِ إِذَا اسْتَوَتْ بِالرَّاكِبِ نَاقَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُهِلَّ حَتَّى أَتَى الْبَيْدَاءَ.
الشيخ: الحديث السابق، حديث ابن عمر، رواه البخاري في الحج من طريق سفيان مختصرًا، ورواه كذلك الإمام مسلم في الحج، رواه الشيخان.
قارئ المتن: قال: بَابُ الإِهْلاَلِ إِذَا اسْتَوَتْ بِالرَّاكِبِ نَاقَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُهِلَّ حَتَّى أَتَى الْبَيْدَاءَ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي كُتُبِنَا، أَنَّ الْخَبرَ الْوَاجِبِ قُبُولُهُ هُوَ خَيْرُ مَنْ يُخَيَّرُ بِسَمَاعِ الشَّيْءِ وَرُؤْيَتِهِ دُونَ مَنْ يُنْكِرُ الشَّيْءَ وَيَدْفَعُهُ.
قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ إِهْلاَلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ.
الشيخ: نعم، هذا الحديث رواه البخاري في الحج، من طريق الوليد ذكره مسلم الآن؟
مداخلة: البخاري.
شرح الشيخ: من طريق الوليد، إهلال النبي من ذي الحليفة، الحليفة هو الوادي، يسمى ذي الحليفة، ويسمى الشجرة، حين ولدت أسماء بالشجرة، يعني مكان، الوادي فيه أشجار وفيه نبات.
المؤلف -رحمه الله- في الترجمة قال: (الإِهْلاَلِ إِذَا اسْتَوَتْ بِالرَّاكِبِ نَاقَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ)، يعني المكان الذي يصلي فيه، لما استوت به، لما استوى على راحلته أحرم، هذا هو الحديث الصحيح، وأما رواية خصيف عن ابن عباس أنه أهلّ وهو في مكانه، في مصلاه، ففيها ضعف.
والمؤلف -رحمه الله- يقول: (ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُهِلَّ حَتَّى أَتَى الْبَيْدَاءَ)، هذا قول، بعض العلماء أخذوا بالرواية السابقة، فلما استوت به على البيداء أهلّ، الحديث الآخر، وهذا يُحمل على أنهم لم يسمعوه إلا في البيداء، وإلا فقد أحرم قبل ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله-: (ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُهِلَّ حَتَّى أَتَى الْبَيْدَاءَ) يعني الصحراء، (وقال: وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي كُتُبِنَا، أَنَّ الْخَيْرَ الْوَاجِبِ قُبُولُهُ هُوَ خَيْرُ مَنْ يُخَيَّرُ بِسَمَاعِ الشَّيْءِ وَرُؤْيَتِهِ دُونَ مَنْ يُنْكِرُ الشَّيْءَ وَيَدْفَعُهُ).
يعني ابن عمر يقول: والله ما أهل رسول الله إلا من عند المسجد، وحديث جابر بأن إهلال النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذي الحليفة حين استوت به راحلته، هذا هو الصواب.
قارئ المتن: قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا وَضْعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَاسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ.
الشيخ: نعم، هذا فيه، حديث جابر وحديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهلّ من ذي الحليفة حين استوت به راحلته، يعني حين ركب الراحلة، حين ركب مركوبه أهلّ، هذا هو الأفضل؛ لأنه إذا كان قبل أن يركب، قد يحتاج طيب، قد يحتاج شيء، فإذا ركب في الغالب يكون انتهى، ولو أحرم قبل ذلك لا حرج، الأمر في هذا واسع، يُحرم قبل أن يركب أو بعد أن يركب.
لكن الأفضل بعد أن يركب، وفي هذه الأحاديث الصحيحة مثل حديث جابر، نرى أنه أهلّ حين استوت به راحلته، حين وضع رجله في الغرز، الغرز: الركاب، في الإبل؛ لأنها هي المركوب.
الآن إذا كان ركب السيارة، أو كان يمشي على قدميه يهلّ، يُهل سواء كان يمشي على قدميه أو ركب مركوبه، أو ركب سيارة أو غيرها يُهلّ، يهل إذا ركب، هذا الأفضل، وإن أهلّ قبل ذلك فلا حرج، الأمر في هذا واسع، ليس هناك مانع من التقديم والتأخير.
لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أهلّ بعدما استوت به راحلته، في الأحاديث الصحيحة.
قارئ المتن: قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ الاِسْتِقْبَالِ بِالرَّاحِلَةِ الْقِبْلَةَ إِذَا أَرَادَ الرَّاكِبُ الإِهْلاَلَ.
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كَانَ إِذَا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَأَهَلَّ، قَالَ: ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْحَرَمَ أَمْسَكَ حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ، قَالَ: فَيُصَلِّي بِهِ الْغَدَاةَ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ. فَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَ ذَلِكَ.
شرح الشيخ: وهذا الحديث حديث ابن عمر رواه البخاري في الحج من طريق أيوب، وفيه أن ابن عمر قال: أن النبي كان إذا أتى ذا الحليفة، وهو ميقات أهل المدينة، حليفة: -سبق- أنه تصغير حلفا، والحلفا شجر ينبت في الوادي.
(أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ -الفجر-، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَأَهَلَّ، قَالَ: ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْحَرَمَ أَمْسَكَ حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ)، يعني بمكة، وطوى أحيانًا يسمى حي الزاهر، صار أحياء.
قَالَ: (فَيُصَلِّي بِهِ الْغَدَاةَ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، فَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، زعم بمعنى قال (أن النبي فَعَلَ ذَلِكَ).
ابن عمر كان يفعل هذا، كان ابن عمر إذا أتى، ابن عمر كان كثير الحج والعمرة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان إذا أتى ذا الحليفة، أمر براحلته فرُحلت ثم صلى الغداة، يعني الفجر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أحرم بعد الظهر، (ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ)، هذا الشاهد، (فَأَهَلَّ، قَالَ: ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْحَرَمَ أَمْسَكَ)، يعني أمسك عن التلبية.
قال بعض العلماء: يلبي حتى يشرع في الطواف، هنا قال إنه إذا بلغ الحرم أمسك.
(حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ فَيُصَلِّي بِهِ الْغَدَاةَ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ)، يغتسل لدخول مكة، المسافة بعيدة، النبي -صلى الله عليه وسلم- كان سفر تسعة أيام، ابن عمر كذلك كان على الإبل، الآن الوقت قصير، يُحرم ثم في ساعة أو ساعات إذا كان على السيارة ثم يصل، يكون النبي اغتسل لإحرامه، واغتسل لدخول مكة.
مداخلة: أقول: علّق على الاغتسال، قال البغوي: "الاغتسال سنة لدخول مكة، ودخولها نهارًا أفضل استنانًا بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو دخلها ليلًا فجائز، [شرح السنة]".
الشيخ: في أي وقت يجوز، حسب ما يتيسر له.
قارئ المتن: قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ الْبَيْتُوتَةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْغُدُوِّ مِنْهَا اسْتِنَانًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قال: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، وَسَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَيُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
شرح الشيخ: وهذا رواه البخاري في الحج، المؤلف أخذ من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الاستحباب، استحباب البيتوتة بالميقات، ثم الغدو منها، استنانًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا فعل فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، استنبط منه المؤلف الاستحباب.
الاستحباب حكم شرعي، والحكم الشرعي لابد له من دليل واضح، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، إنما فعل ذلك لكن ما أمر بالبيتوتة، (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَيُخْبِرُ أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك)، نعم، النبي فعل ذلك، لكن هل هو مستحب؟ محل نظر الاستحباب.
مداخلة: [00:35:53]
الشيخ: «خذوا عني مناسككم»، هنا البيتوتة قبل الإحرام، ما بدأت المناسك، البيتوتة قبل، بات بذي الحليفة، ثم اغتسل، بات بها، صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والفجر والظهر من اليوم التالي، ثم أحرم بعد الظهر، فاستحباب البيتوتة يعني محل نظر، أخذ الاستحباب من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قارئ المتن: قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّعَرُّسِ فِي بَطْنِ الْوَادِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ.
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتي وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَقِيلَ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ، قَالَ مُوسَى: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمَنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللهِ يُنِيخُ بِهِ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ.
شرح الشيخ: المعرس: هو المكان الذي ينزل فيه المسافر في آخر الليل للاستراحة، يقال له: المعرس، نزول المسافر للاستراحة، يسمى تعريس، في معرسه، يعني في مكانه.
كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يتحرى المكان الذي نزل فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- ينزل فيه، ذكر البخاري -رحمه الله- في هذا أن ابن عمر حتى في طريقه لمكة، المكان الذي ينزل فيه ينزل فيه، والمكان الذي يبول فيه يبول فيه، والمكان الذي ينام فيه ينام فيه، ولكن هذا اجتهاد منه، ما فعله كبار الصحابة كأبي بكر.
فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يتحرى في كل شيء، كان كثير الحج والعمرة، فالاستحباب الذي استنبطه المؤلف محر نظر، استحباب النزول في بطن الوادي بذي الحليفة، واستحباب البيتوتة، النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، هل فعله على وجه التعبد وهل أمر به؟ لكنه فعل ذلك، بات -عليه الصلاة والسلام-، فكان ابن عمر يتحرى ويبيت.
فالمؤلف استنبط استحباب البيتوتة من هذا الحديث أن ابن عمر كان يفعل ما يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك استحباب التعريس، يعني النزول في بطن الوادي بذي الحليفة.
(أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتي وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَقِيلَ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ)، عندك في بطحاء مباركة؟ وأنه أُتي وقيل له: قل: عمرة في حجة.
(يقول: قَالَ مُوسَى، موسى بن عقبة، قال: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ)، سالم بن عبد الله، (بِالْمَنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللهِ يُنِيخُ بِهِ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، يعني المكان الذي نزل فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، (وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي)، يعني في ذلك الوقت، وقت الصحابة، (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ)، هذا في زمن الصحابة.
ابن عمر كما سبق يتحرى الأماكن حتى في الأسفار، في أسفار النبي كلها، يتحرى المكان الذي نزل فيه ينزل فيه، والمكان الذي بات فيه يبيت فيه، والمكان الذي نام فيه ينام فيه، والمكان الذي يبول فيه ... هذا اجتهاد من عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، ولم يفعله كبار الصحابة.
فالمؤلف استنبط التعريس في بطن الوادي، يسمى البيتوتة، استنبطه من الفعل.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلاَةِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي.
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ.
الشيخ: الحديث السابق رواه البخاري في الحج، نعم.
مداخلة: المسجد الذي في بطن الوادي، المقصود المسجد الحرام؟ عندما يصل إلى مكة ...
الشيخ: لا، بطن الوادي في ذي الحليفة، لازال في ذي الحليفة، يتحرى المكان الذي نام فيه، وأصلًا المسجد مُصلى، في ذلك اليوم ما فيه مسجد، ما كان في ذلك الوقت مسجد، الذي ببطن الوادي، ولازال في ذي الحليفة، في الميقات، في الوادي، قال: باب استحباب الصلاة في ذلك الوادي، لازال الآن الإحرام قبل ذي الحليفة.
الحديث السابق كذلك، حديث سالم، رواه البخاري في الحج من طريق موسى.
مداخلة: [00:42:25]
الشيخ: هذا يحتاج إلى دليل.
قارئ المتن: قال: بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلاَةِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي.
قال: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قال: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قال: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قال: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قال: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ».
شرح الشيخ: هذا الحديث رواه البخاري في الحج، من طريق بشر، في الأصل: وقال: عمرةٌ في حجة، التصحيح من البخاري، هذا استدل به العلماء على استحباب الصلاة في ذلك الوادي، وقال: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالْعَقِيقِ»، يسمى العقيق لأنه عقّه السيل وشقه، يسمى العقيق، يسمى وادي ذي الحليفة، يسمى الشجرة، ولدت أسماء بالشجرة يعني مكان، وادي، مسجد يعني المكان الذي... ابن عمر يتحرى المكان الذي صلى فيه، المسجد يعني المكان الذي سجد فيه وصلى فيه، وكذلك يتحرى المكان الذي نام فيه ينام فيه، وكان يتحرى يبيت كما بات النبي، ويتحرى المكان الذي نام فيه، والمُعرّس وينام فيه، اجتهادًا من عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، كان كثير الحج والعمرة.
قَالَ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالْعَقِيقِ»، وهو الوادي؛ لأن عقّه السيل، «أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ»، وهذه الصلاة اختُلف فيها، قيل: إنها الصلاة المفروضة، أن النبي أحرم عقب صلاة الفريضة.
مداخلة: حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب
الشيخ: حديث عن ابن عباس ...
مداخلة: عن عمر بن الخطاب يروي عنه ابن عباس.
الشيخ: حديث عمر بن الخطاب ...
مداخلة: يقصد أن ابن عباس يروي عن عمر.
الشيخ: عندكم هكذا؟
مداخلة: نعم، قال: (حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ).
الشيخ: ابن عباس كان صغير السن، وفيه: أن هذا الوادي هو وادٍ مبارك، (وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ)، وهذه هي الفريضة، وأحرم عقب الفريضة.
أخذ من هذا بعض العلماء أن الإحرام له صلاة تخصه، وهو قول الجمهور، وقال آخرون: ليس للإحرام صلاة تخصه، بل يُحرم إن كان الوقت وقت الفريضة، عقب الفريضة، وإلا توضأ وصلى سنة الوضوء أو سنة الضحى وأحرم، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الإِهْلاَلِ بِمَا يُحْرِمُ بِهِ الْمُهِلُّ مِنْ حَجِّ، أَوْ عَمْرَةِ، أَوْ هُمَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ».
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، كُلُّهُمْ يَقُولُون: سَمِعْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» مِرَارًا.
شرح الشيخ: الحديث الأول حديث أنس، رواه الإمام مسلم، والحديث الثاني أيضًا كذلك، حديث أنس، الحديث الأول فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ»، هنا: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» مِرَارًا، والحديث الثاني إسناده صحيح، ورواه الترمذي في الحج من طريق الحميد.
وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم قارنًا، لبى بالحج والعمرة معًا، يعني المؤلف -رحمه الله- استنبط من الحديث استحباب الإهلال بما يُحرم به المُهلّ من حج وعمرة، يعني يُهل إذا كان يريد العمرة يقول: لبيك عمرة، يرفع صوته يُهلّ، الإهلال رفع الصوت، إذا كان يريد الحج يقول: لبيك حجًّا، إذا كان يريد الحج والعمرة يقول: لبيك عمرةً وحجًّا، ويُستحب للإنسان أن يُهل بما يُحرم به، يعني يرفع صوته به، يعني يذكره في تلبيته.
(بَابُ اسْتِحْبَابِ الإِهْلاَلِ بِمَا يُحْرِمُ بِهِ الْمُهِلُّ مِنْ حَجِّ، أَوْ عَمْرَةِ، أَوْ هُمَا، معًا)، إذا أهلّ بالحج يرفع صوته، إذا أراد العمرة كذلك، إذا أراد الحج والعمرة كذلك.
في حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ»، «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» مِرَارًا.
قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ حَجٍّ وَلاَ عَمْرَةٍ، وَمِنْ غَيْرِ قَصْدِ نِيَّةٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الإِحْرَامِ.
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ قال: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ، قَالَ: «نَبْدَأُ بِالَّذِي بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»، فَبَدَأَ بِالصَّفَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ سَبْعَةٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، فَجَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مداخلة -رضي الله عنه- بهديه مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ: «فَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ»، فَذَكَرَ الدَّوْرَقِيُّ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ أَهَلَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مداخلة بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ فِي وَقْتِ إِهْلاَلِهِ مَا الَّذِي بِهِ أَهَلَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا كَانَ مُهِلًّا مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مداخلة -رضي الله عنه- مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ، وَإِنَّمَا عَلِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مداخلة مَا الَّذِي بِهِ أَهَلَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا بِمَكَّةَ.
فَأَجَازَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِهْلاَلَهُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ فِي وَقْتِ إِهْلاَلِهِ أَهَلَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحَجِّ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ، أَوْ بِهِمَا جَمِيعًا.
وَقِصَّةُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- مِنْ هَذَا الْبَابِ لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَدْ أَحْسَنْتَ»، غَيْرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُتَعَقَّبِ أَمَرَ عَلِيًّا بِغَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ أَبَا مُوسَى، أَمَرَ عَلِيًّا بِالْمُقَامِ عَلَى إِحْرَامِهِ، إِذْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَمْ يَجِدْ لَهُ الإِحْلاَلَ إِلَى أَنْ بَلَغَ الْهَدْيَ مَحِلَّه.
الشيخ: عندك يجد؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: أو فلم يُجز؟ ماذا عندك في النسخة الثانية؟
مداخلة: عندي يُجز في نسخة أخرى.
الشيخ: النسخة الأخرى ماذا؟
مداخلة: يُجز.
الشيخ: بالزاي؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم، وهذا هو الأفضل، فلم يُجز له الإحلال، يعني ما أمره بالإحلال.
قارئ المتن: فلم يُجز لَهُ الإِحْلاَلَ إِلَى أَنْ بَلَغَ الْهَدْيَ مَحِلَّهُ، وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِالإِحْلاَلِ بِعُمْرَةٍ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ [الْكَبِيرِ].
شرح الشيخ: الترجمة في جواز الإحرام من غير تسمية حج أو عمرة، ومن غير قصد نية، عند ابتداء الإحرام، ثم يصرفه بعد ذلك، قال العلماء: له أن يُحرم، يقول: أحرمت، ثم يصرفه بعد ذلك لما شاء، يصرفه لحج، أو لعمرة، أو لحج وعمرة.
وذكر حديث جابر، وهو حديث جابر الطويل، هذا جزء منه، فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرجوا معه لا يريدون إلا الحج، لأنهم كانوا في الجاهلية لا يُحرمون بالعمرة وقت الحج، (حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: نَبْدَأُ بِالَّذِي بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، لما فرغ، جاء علي -رضي الله عنه- بِهَدِيَّةٍ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بِمَ أَهْلَلْتَ؟» قال: بم أهلّ به النبي -صلى الله عليه وسلم-).
فقال: إني سقت الهدي، وأنت سقتَ الهدي، فابقَ على إحرامك.
وأبو موسى جاء وهو منيخ، فقال: أهللت بما أهل به النبي، قال: معك هدي؟ قال: لا، فأمره بالإحلال، كل منهما أراد أن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن عليًّا لما كان ساق الهدي بقي على إحرامه، وأبو موسى لما لم يكن معه هدي، أمره بأن يحلّ، يتحلل بعمرة، فاستدل به المؤلف -رحمه الله- على إباحة الإحرام من غير تسمية حج أو عمرة، ومن غير قصد نية واحد بعينه عند الإحرام، ثم بعد ذلك يصرفه لما شاء.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
اللفظة التي ذكرت ...
مداخلة: في آخر كلام ابن خزيمة قال: (غَيْرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُتَعَقِّبِ أَمَرَ عَلِيًّا بِغَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ أَبَا مُوسَى).
الشيخ: ما أدري ما المقصود بالمتعقب، عندكم هكذا؟ يعني أن أبا موسى عقب علي، أنه جاء، (أَمَرَ عَلِيًّا بِغَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ أَبَا مُوسَى)، يعني أمر عليًّا بالبقاء على إحرامه، وأمر أبا موسى بالإحلال؛ لأن عليًّا ساق الهدي، وأبا موسى لم يسق الهدي، لو حذفت المتعقب استقام المعنى، غير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر عليًّا بغير ما أمر به أبا موسى.
لو كان فيه مخطوطة، يراجع المخططة، يُراجع الأصل، أو فيه نسخة محققة، هكذا عندكم؟
مداخلة: [01:02:26]
الشيخ: نعم، والكلام يستقيم بدون الكلمة هذه.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله-:
قارئ المتن: بابُ صِفَةِ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ أَحْمَدُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ مُؤَمَّلٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنْ تَلْبِيَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ، لاَ شَرِيكَ لَكَ.
قَالَ مُؤَمَّلٌ فِي حَدِيثِهِ: وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.
الشيخ: مؤمِّل أو مؤمَّل عندك؟ ضبطها عندك؟
مداخلة: غير مضبوطة
شرح الشيخ: كُتب الرجال تقريبًا.
هذا باب عقده المؤلف في صفة تلبية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيه أن تلبية النبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك يعني أجيبك يا الله إجابةً بعد إجابة، اللهم: الميم عوض عن الياء، تقول: يا الله، إذا حذفت الياء جاءت ميم.
لبيك اللهم لبيك، يعني لا شريك لك في الربوبية، ولا شريك لك في الألوهية، ولا شريك لك في الأسماء والصفات، ولا شريك لك في العبادة، ولا شريك لك في التدبير والخلق والرزق، الربوبية، الله تعالى هو الواحد في ربوبيته، وواحد في ألوهيته، وواحد في أسمائه وصفاته، لا شريك له: ليس لله شريك، لا في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ول في أسمائه وصفاته، -سبحانه وتعالى-.
لبيك إن الحمد، أل للجنس، الحمد للاستغراق، يعني جميع المحامد، وكذا هي النعمة، النعمة مفرد وهذا من جنس إن الحمد والنعمة لك، فالله تعالى له الحمد، وله النعمة والملك، لا شريك له -سبحانه وتعالى-، ما يستحقه من الحمد والنعمة والملك فلا شريك له، هذه كانت تلبية النبي -صلى الله عليه وسلم-، لبيك الهم لبيك، لبيك لا شريك ...
قارئ المتن: قال جابر -رضي الله عنه-: أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ، لاَ شَرِيكَ لَكَ.
قَالَ مُؤَمَّلٌ فِي حَدِيثِهِ: وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.
شرح الشيخ: كان الصحابة يزيدون في التلبية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسمعهم ولا ينكر عليهم، زاد بعضهم: لبيك لبيك حقًّا، تعبدًا ورقًّا، وهو -عليه الصلاة والسلام- لزم تلبيته.
وكان الصحابة أيضًا في مسيرهم إلى عرفة منهم الملبي، ومنهم المكبّر، والحديث صحيح، ترجم له الإمام مسلم في الحج، كما ذكر في الحاشية، التلبية ثابتة في الصحيحين وغيرهم.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ قال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُؤَمَّلٍ.
الشيخ: الذي أعرفه أنه مؤمَّل، محتمل أنه يأتي ... نعم.
مداخلة: [01:07:15]مؤمل على وزن محمد.
الشيخ: محمد، مؤمَّل، هذا معروف، على وزن محمد.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ عَلَى مَا حَفِظَ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَائِزٌ.
وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ يَحْفَظُ عَنْهُ مَا يُغْرِبُ عَنْ بَعْضِهِمْ؛ لأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ حَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَلْبِيَته مَا لَمْ يَحْكِ عَنْهُ غَيْرُهُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ فِي تَلْبِيَتِهِ: «لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ».
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْفَضْلِ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ.
الشيخ: كلهم إسنادهم ضعيف، في [موارد الظمآن]، الحديث من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، قال في الصحيح: لا أعلم أحدَا أسند هذا الحديث لعبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية، عنه مرسلًا، فالحديث مرسل وضعيف، والحديث الذي بعده، ماذا قال عنه؟
مداخلة: حديث عبد الله بن سعيد الأشج، قال: صحيح، قال: أخرجه أحمد وابن ماجه، وابن حبان، من طريق وكيع عن عبد العزيز بن عبد الله به.
وأخرجه الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي [الكبرى] له، والطحاوي في [شرح المعاني]، وأبو نعيم في [الحلية]، والخطيب في تاريخه، من طرق عن عبد العزيز بن عبد الله به.
والآخر، حديث يونس بن عبد الأعلى، قال: صحيح أخرجه الطحاوي في [شرح المعاني]، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طريق عبد الله بن وهب، عن عبد العزيز بن عبد الله به، سبق في الذي قبله.
شرح الشيخ: لبيك إله الحق، معروف أن تلبية الرسول كما سبق في الأحاديث الصحيحة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، الأعظمي قال: إسناده ضعيف، لا أعلم أحدًا سمع هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلًا، فهو ضعيف يعني.
لبيك إله الحق، هكذا؟
مداخلة: هكذا، نفس ما قال، لبيك إله الحق.
الشيخ: الفحل؟
مداخلة: الفحل.
الشيخ: يقول ماذا؟
مداخلة: في الحديث الأول قال: صحيح، أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان من طريق وكيع عن عبد العزيز بن عبد الله به، وأخرجه الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي [الكبرى] له، والطحاوي في [شرح المعاني]، وأبو نعيم في [الحلية]، والخطيب في تاريخه من طرق عن عزيز بن عبد الله به، انظر [إتحاف المهرة]، وسيأتي في الذي بعده.
ثم قال في الحديث الذي يليه: صحيح، أخرجه الطحاوي في شرح المعاني، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من طريق عبد الله بن وهب، عن عبد العزيز بن عبد الله به، سبق في الذي قبله.
الشيخ: والمؤلف كأنه صححه، الترجمة، قال: (وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ يَحْفَظُ عَنْهُ مَا يَغْرُبُ عَنْ بَعْضِهِمْ)؛ ما يكون غريبًا يعني عند بعضهم، (لأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ حَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَلْبِيَته مَا لَمْ يَحْكِ عَنْهُ غَيْرُهُ).
إذا صح السند تكون الترجمة، قال: (بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ عَلَى مَا حَفِظَ ابْنُ عُمَرَ)، لبيك إله الحق [01:12:51]، لكن هنا في هذا الطريق قال: إنه مرسل، يحتاج إلى مراجعة، وتأمل، والمؤلف -رحمه الله- ابن خزيمة، في الترجمة دليل على أنه يرى ثبوته، قال: (وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ يَحْفَظُ عَنْهُ مَا يَغْرُبُ عَنْ بَعْضِهِمْ).
مداخلة: الحافظ قال في [الفتح]: صححه ابن حبان والحاكم.
الشيخ: لبيك إله الحق، يعني يا إله الحق، وهو صحيح.
قارئ المتن: بابُ إِبَاحَةِ الزِّيَادَةِ فِي التَّلْبِيَةِ: ذَا الْمَعَارِجِ، وَنَحْوَهَ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوهُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَتْ صُحْبَتُهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ أَعْلَمَ، قَدْ كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ الشَّيْءُ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ، فَعَلِمَهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي السِّنِّ وَالْعِلْمِ؛ لأَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- مَعَ مَكَانِهِ مِنَ الإِسْلاَمِ وَالْعِلْمِ وَمَعَ تَقَدُّمِ صُحْبَتِهِ، خَبَّرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا: "ذَا الْمَعَارِجِ" مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ دُونَهُ فِي السِّنِّ وَالْعِلْمِ وَالْمَكَانِ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزِيدُونَ: ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهَ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْمَعُ لاَ يَقُولُ شَيْئًا، فَقَدْ خَفِيَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَعَ مَوْضِعِهِ مِنَ الإِسْلاَمِ وَالْعِلْمِ مَا عَلِمَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ الاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ».
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: «بِالإِهْلاَلِ وَالتَّلْبِيَةِ».
الشيخ: نعم، هذا الحديث قال: إسناده صحيح، رواه النسائي من طريق سفيان، هكذا عندكم؟
مداخلة: نعم، أحسن الله إليك، الحديث الذي قبله، قال ابن الأثير...
الشيخ: حديث ماذا؟
مداخلة: لبيك إله الحق، قال ابن الأثير في [جامع الأصول]: أخرجه النسائي، وقال: هذا مرسل، ولا أعلم أحدًا أسنده إلى عبد العزيز بن أبي سلمة، قال النسائي: لا أعلم أحدًا أسند هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلًا.
الشيخ: نعم، هذا الذي نقله هنا في [موارد الظمآن]، لكن الشيخ الفحل...
مداخلة: يقول: صحيح.
الشيخ: والحديث هذا، حديث خلاد بن السائب فيه الأمر برفع الصوت بالتلبية، قال: بالإهلال بالتلبية، فيه مشروعية رفع الصوت بالتلبية للرجال رفعًا لا يشق، أما المرأة فإنها تخفي التلبية، تلبي بقدر ما تسمع رفيقتها، قال العلماء: بقدر ما تُسمع رفيقتها التي بجوارها.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قال: حَدَّثَنِي أَبِي أنه قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه- فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: وَأَمَّا النَّاسُ يَزِيدُونَ: ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْمَعُ لاَ يَقُولُ شَيْئًا.
الشيخ: نعم، والحديث هذا قال: إسناده ... ماذا عندك؟ قال: إسناده صحيح، رواه أبو داود؟
مداخلة: البخاري ومسلم.
الشيخ: هذا الحديث الأول؟
مداخلة: [01:18:31]
الشيخ: هنا قال: رواه أبو داود من طريق يحيى بن سعيد، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "سبق".
شرح الشيخ: سبق، رواه الشيخان، هنا جاء قال: (وَأَمَّا النَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْمَعُ لاَ يَقُولُ شَيْئًا)، المؤلف يقول: (باب إباحة الزيادة في التلبية، ذا المعارج)، قال: (وَأَمَّا النَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْمَعُ لاَ يَقُولُ شَيْئًا).
يعني لا بأس بالزيادة، كما كان ابن عمر يقول: لبيك لبيك وسعديك، والرغباء إليك والعمل، فالزيادة لا بأس بها، النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسمعهم يزيدون ولا يقول شيئًا، وهو لزم تلبيته، والمؤلف ترجم قال: (بَابُ إِبَاحَةِ الزِّيَادَةِ فِي التَّلْبِيَةِ: ذَا الْمَعَارِجِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ ذلك)، يعني لا تُكره؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرهم على ذلك، لكن ليست من تلبية النبي -صلى الله عليه وسلم-.
تلبية النبي -صلى الله عليه وسلم- كما سبق: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
لبيك ذا المعارج، هذا يزيده بعض الصحابة، وكان ابن عمر أيضًا يزيد: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والرغباء إليك والعمل.
بعضهم يزيد: لبيك لبيك حقًّا، تعبدًا ورقًّا، فلا بأس بهذه الزيادة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمعهم يزيدون ولا يقول شيئًا.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ»، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: «بِالإِهْلاَلِ وَالتَّلْبِيَةِ».
شرح الشيخ: والحديث سبق، وفيه استحباب رفع الصوت بالتلبية للرجال، رفعًا لا يشق، سبق حديث خلاد، قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ»، فيه مشروعية رفع الصوت بالتلبية.
قارئ المتن: بَابُ الْبَيَانِ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا أُمِرَ الْمُهِلُّ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ إِذْ هُوَ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ.
حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا صِيَاحَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ».
الشيخ: الحديث السابق ضعيف، قال الترمذي: وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد، عن النبي، ولا يصح، ماذا قال عندك؟
مداخلة: نفس الكلام، نقل كلام الترمذي.
الشيخ: قال: وروى بعضهم هذا الحديث؟
مداخلة: نعم، أحسن الله إليك.
الشيخ: ماذا حكم عليه؟ إسناده.
مداخلة: قال: انظر التعليق، ولا حكم عليه.
الشيخ: ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال عنده: انظر تعليق الحديث الذي سبق، وعلق على الحديث الذي قبله، قال الترمذي عقب الحديث: وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصح، والصحيح هو عن خلاد بن السائب، عن أبيه، فهو خلاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري.
قال أبو حاتم ابن حبان: سمع هذا الخبر خلاد بن السائب من أبيه، ومن زيد بن خالد الجهني، ولفظهما مختلفان، وهما طريقان محفوظان، قال البغوي -نقل كلام عن البغوي- قال: رفع الصوت بالإهلال مشروع في المساجد وغيرها.
قال مالك: لا يرفع صوته بالإهلال في مساجد الجماعات، ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى، فإنه يرفع صوته فيهما.
قال الشافعي: كان السلف يستحبون التلبية عند اصطدام الرفاق، وعند الإشراف والهبوط، وخلف الصلوات، وفي استقبال الليل والنهار، وبالأسحار، ونحبه على كل حال، انتهى.
الشيخ: لكن يتأكد في هذه الأحوال، عند إقبال الليل، وعند بداية النهار، وعند الصعود، وعند الهبوط، وبعد الصلاة المكتوبة، كلها يتأكد فيها، وإلا في كل وقت يلبي.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قال: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ لِي: أَشْعِرْ بِالتَّلْبِيَةِ، فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ (فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ) مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي كُنْتُ أَعْلَمْتُ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَقُولُ: إِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ كَذَا، وَإِنَّمَا تُرِيدُ مِنْ أَفْضَلِ، وَخَيْرُ الْعَمَلِ كَذَا، وَإِنَّمَا تُرِيدُ مِنْ خَيْرِ الْعَمَلِ، وَالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ» أَيْ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ.
الشيخ: الحديث هنا أم سبق؟
مداخلة: حديث محمد بن بشار؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الطحاوي في [شرح المشكل] من طريق موسى بن عقبة به، وأخرجه البخاري في [التاريخ الكبير]، والبزار والطحاوي في [شرح المشكل]، والطبراني في [الكبير] من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الله بن أبي لبيد به، سبق في الذي قبله.
الشيخ: يعني حكم عليه بماذا؟
مداخلة: حكم عليه بالصحة.
الشيخ: والمؤلف هنا قال: «فإنها شعار الحج»، يعني من شعار الحج، من شعائر الحج التلبية، الطواف، السعي، كل مناسك الحج، من شعار الحج ذبح الهدايا.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي لَبِيدٍ أَخْبَرَاهُ، عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَرَنِي جِبْرِيلُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ.
الشيخ: ماذا قال عليه؟ السند؟
مداخلة: قال: المتن صحيح كما تقدم، وهذا السند معلول، فقد خطأ فيه أسامة بن زيد، فجعله من حديث أبي هريرة، وخالفه سفيان الثوري وشعبة، فجعلاه من مسند زيد بن خالد الجهني، وهو الصواب، وأخرجه أحمد والحاكم والبيهقي، وقد سلف الحديث عن زيد بن خالد الجهني، قال ابن حجر في [الإتحاف]: وهو الصواب.
الشيخ: وقد سبق؟
مداخلة: نعم، حديث زيد بن خالد الجهني.
شرح الشيخ: «أَمَرَنِي جِبْرِيلُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ»، هنا قال: من شعار الحج، جاءت (مِن) التي ذكرها المؤلف -رحمه الله-، قال: شعار الحج في الحديث السابق، وهنا جاء: من شعار الحج، يعني أنها من شعار الحج، التلبية شعار الحج، قال: فإنها شعار الحج، وفي هذا: فإنها من شعار الحج، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ مِنْ أفصح الأَعْمَالِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قال: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْحجُّ وَالثَّجُّ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ ...
الشيخ: الحج أم العج؟ سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: العج والثج؟
مداخلة: الحج، بالحاء المهملة.
الشيخ: انظر نسخة ثانية، العج.
مداخلة: حتى في الترجمة يا شيخ أفضل، وليس أفصح.
الشيخ: العج والثج، العج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: ذبح الهدايا، إراقة الدماء، العج والثج.
مداخلة: في الترجمة: من أفضل الأعمال، عندكم من أفصل الأعمال.
الشيخ: رفع الصوت بالإهلال من أفضل ...
مداخلة: نعم، عندنا في نسختنا أفضل.
مداخلة: من أفضل الأعمال رفع الصوت[01:30:03]
الشيخ: الحديث فيه ضعف، صححه عندك؟
مداخلة: قال: إسناده ضعيف، لانقطاعه، فإن محمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع، أخرجه الدارمي، وابن ماجه، والترمذي، وأبو يعلى، والبزار، والحاكم، والبيهقي، نقل كلامًا عن الترمذي.
الشيخ: هنا الترمذي قال: إسناده ضعيف، من طريق ابن أبي فديك، في المستدرك من طريق محمد بن إسماعيل، هناك إشكال؟
مداخلة: قال الترمذي عقب الحديث: حديث أبي بكر حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان، ومحمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع، قد روى محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه غير هذا الحديث.
وروى أبي نعيم الطحان، ضرار بن صرد هذا الحديث عن ابن أبي فديك.
الشيخ: المؤلف بنى الترجمة على هذا الحديث، (قال أبو بكر: العج: رفع الصوت بالتلبية، والعج: نَحْرُ الْبُدْنِ، وَالدَّمُ مِنَ الْمَنْحَرِ)، سئل أي الأعمال أفضل قال: «العج والثج»، الحديث فيه ضعف، لكن المؤلف قال: إن رفع الصوت بالإهلال من أفضل الأعمال، بناءً على هذا الحديث، أي الأعمال أفضل؟ قال... لكنها من شعار الحج كما سبق.
قال أبو بكر _المؤلف-: (الْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ نَحْرُ الْبُدْنِ)، الثج يعني ذبح الهدايا، وإراقة الدماء، والعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: نحر البد، ثج الدماء، لكن الحديث فيه ضعف، وعلى كل حال هذا من شعار الحج، رفع الصوت بالتلبية كما سبق، ثابت، لكن هذا الحديث كونه سئل أي الأعمال أفضل قال: «العج والثج»، فيه ضعف.
وإلا نحر الهدايا، معروف، مشروع، منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، المتمتع والقارن عليه واجب الهدي، والمتطوع له كذلك يهدي، كله فيه ثج، إراقة ... نحر، ورفع الصوت بالتلبية كذلك كما سبق، لكن هذا الحديث فيه ضعف، كون أفضل الأعمال العج والثج.
قارئ المتن: قال أبو بكر: الْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ نَحْرُ الْبُدْنِ، وَالدَّمُ مِنَ الْمَنْحَرِ.
بَابُ اسْتِحْبَابِ وَضَعِ الإِصْبَعَيْنِ فِي الأُذُنَيْنِ عِنْدَ رَفَعِ الصَّوْتِ وَالتَّلْبِيَةِ، إِذْ وَضْعُ الإِصْبَعَيْنِ فِي الأُذُنَيْنِ عِنْدَ رَفَعِ الصَّوْتِ يَكُونُ أَرْفَعَ صَوْتًا، وَأَمَدَّهُ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أنه قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: انْطَلَقْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمَّا أَتَيْنَا وَادِيَ الأَزْرَقِ، قَالَ: «أَيُّ وَادٍ هَذَا؟» قُلْنَا: وَادِي الأَزْرَقِ، قَالَ: «كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى، فَنَعَتَ مِنْ طُولِهِ، وَشَعَرِهِ، وَلَوْنِهِ، وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، لَهُ جواز إِلَى اللهِ بِالتَّلْبِيَةِ، مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي».
الشيخ: جواز أو جؤار؟
مداخلة: عندي بالواو.
مداخلة: عندنا جؤار، في الأصل، ونسخة: جواز، والمثبت من مصادر التخريج.
الشيخ: جؤار، رفع الصوت جؤار، له جؤار إلى الله بالتلبية.
قارئ المتن: «وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، لَهُ جؤار إِلَى اللهِ بِالتَّلْبِيَةِ، مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي» ثُمَّ نَظَرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا، قَالَ: دَاوُدُ: أَظُنُّهُ ثَنِيَّةَ موسى، فَقَالَ: أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟ فَقُلْنَا: ثَنِيَّةُ موسى، قَالَ: «كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ، خِطَامُ النَّاقَةِ خلية، عَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ مِنْ صُوفٍ بِهَذِهِ الثَّنِيَّةِ مُلَبِّيًا».
الشيخ: ماذا قال عندك؟
مداخلة: [01:36:13] قال: "صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق عدي بن سعيد به، وأخرجه أحمد، ومسلم، وأبو يعلى، وابن حبان، والطبراني في [الكبير]، وأبو نعيم في [الحلية]، والبيهقي من طرق عن داود بن أبي هند، وسيأتي في الذي بعده".
الذي يليه: قال: "صحيح، أخرجه مسلم، وابن ماجه من طريق ابن أبي عدي به، سبق في الذي قبله".
الشيخ: وفيه أن موسى واضعًا إصبعيه في أذنيه، استنبط المؤلف من هذا استحباب وضع الإصبعين في الأذنين عند رفع الصوت والتلبية، نعم، الحديث الذي بعده.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَمَرَرْنَا بِوَادٍ، فَقَالَ: «أَيُّ وَادٍ هَذَا؟» فَقَالُوا: وَادِي الأَزْرَقِ، قَالَ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى، فَذَكَرَ مِنْ لَوْنِهِ وَشَعَرِهِ شَيْئًا، لَمْ يَحْفَظْهُ دَاوُدُ، وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللهِ بِالتَّلْبِيَةِ، مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي»، قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ثَنِيَّةٍ، قَالَ: «أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟» فَقَالُوا: هو شيء، أَوْ كَذَا، فَقَالَ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ، عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ، خِطَامُ نَاقَتِهِ خلية، مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي مُلَبِّيًا».
الشيخ: قال: «أي ثنية هذه؟»، فقالوا ثنية ماذا؟ ماذا عندك؟
مداخلة: هرشى، قال: «أي ثنية هذه؟»
الشيخ: قال هرشى؟
مداخلة: نعم، أو كذا.
الشيخ: بالراء عندك؟
مداخلة: نعم.
مداخلة: شيء.
الشيخ: لا، هرشى، وهي بالراء.
الحديث أيضًا قال: إسناده صحيح، رواه الترمذي في الحج من طريق الزعفراني، لكن المؤلف استنبط من فعل موسى -عليه الصلاة والسلام- وضع الإصبعين في الأذنين، عند رفع الصوت بالتلبية، وقال: إذا وضع إصبعيه في أذنيه يكون أرفع لصوته وأمدّه.
وجاء كذا في الأذان أن بلال يضع إصبعيه في أذنيه، لكن في صحته نظر.
استنبط المؤلف منه استحباب وضع الإصبعين في الأذنين، وهذا أخذه من الفعل، استحباب، محل نظر.
مداخلة: في مسلم هرشى.
الشيخ: نعم، يقولون: هو هرشى.
مداخلة: قوله: خطام ناقته خلية؟
الشيخ: خلية أو خلبة؟ خلبة من صوف، وخطام ناقته خلبة مارًّا بهذا الوادي، كما سبق في الحديث السابق، خلبة، عليه جبة، تكلم على الخلبة عندك؟
مداخلة: كلام النووي في شرح مسلم، وأما الخلبة بضم الخاء المعجمة، وبالباء الموحدة، بينهما لام، فيها لغتان مشهورتان: الضم والإسكان، حكاهما ابن السكيت...
الشيخ: الضم: خُلُبة، والإسكان: خُلْبَة.
مداخلة: حكاهما ابن السكيت، والجوهري وآخرون، وكذلك الخلب والخلَب، وهو الليف كما فسره هشيم.
الشيخ: كل هذه الأحاديث استدل المؤلف -رحمه الله- على استحباب وضع الإصبعين في الأذنين عند رفع الصوت.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ تَلْبِيَةِ الأَشْجَارِ وَالأَحْجَارِ اللَّوَاتِي عَنْ يَمِينِ الْمُلَبِّي وَعَنْ شِمَالِهِ عِنْدَ تَلْبِيَةِ الْمُلَبِّي.
أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، قراءةً عليه قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قال: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ قال: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي إِلاَّ لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا»، يَعْنِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ.
الشيخ: ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال المحشي -رحمه الله-: صحيح، عبيدة بن حميد صدوق حسن الحديث، وقد توبع، أخرجه ابن ماجه، والترمذي، والحاكم والبيهقي.
الشيخ: الحاشية للأعظمي ما ذكر تخريج له؟
مداخلة: [01:44:02]
الشيخ: نعم، يصح، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[الإسراء:44]، ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾[الحشر:1]، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إني لأعلم حجرًا بمكة كان يُسلم عليّ»، ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[البقرة:74].
إذا صح الحديث في تلبية الأشجار والأحجار التي عن يمين الملبي وعن شماله، ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ﴾[الحج:18]، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[الإسراء:44]، إذا صح الحديث فالتلبية الله أعلم بكيفيتها.
قال في الحديث: «عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا»، نعم، فيه نسخة أخرى؟ فيه تخريج آخر؟ حكم عليه بالصحة؟
مداخلة: فيه كلام في [التقريب] على عبيدة.
الشيخ: ماذا قال؟
مداخلة: قال: عبيدة بن حميد الكوفي، أبو عبد الرحمن، المعروف بالحذاء التيمي أو الليثي أو الضبي، صدوق نحوي، ربما أخطأ، من الثامنة، مات سنة تسعين وقد جاوز الثمانين، روى له البخاري والأربعة، وفي [كشف الذهبي] روى عن الأسود بن قيس، ومنصور، وعبد الملك بن عمير، وعنه أحمد، وهناد، وخلق.
الشيخ: صدوق ربما يَهِم، إذا كان له متابع؟
مداخلة: قال: وقد توبع.
قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ مَعُونَةِ الْمُحْرِمِ لِلْحَلاَلِ عَلَى الاِصْطِيَادِ بِالإِشَارَةِ، وَمُنَاوَلَةِ السِّلاَحِ الَّذِي يَكُونُ عَوْنًا لِلْحَلاَلِ عَلَى الاِصْطِيَادِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ح)، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَزِيعٍ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ (ح)، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَرٍ وَفِيهِمْ مَنْ قَدْ أَحْرَمَ، قَالَ: فَرَكِبَ أَبُو قَتَادَةَ فَرَسَهُ، فَأَتَى حِمَارَ وَحْشٍ فَأَصَابَهُ فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ، ثُمَّ كَأَنَّهُمْ هَابُوا ذَلِكَ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: «اشْتَرَكْتُمْ، أَوْ أَشَرْتُمْ؟» قَالُوا: لاَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَكُلُوهُ».
وَفِي خَبَرِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ: «أَشَرْتُمْ، أَوْ أَعَنْتُمْ؟»، وَفِي خَبَرِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، بِمِثْلِهِ. وَقَالَ: «أَشَرْتُمْ، أَوْ صِدْتُمْ، أَوْ أَعَنْتُمْ؟» قَالُوا: لاَ، قَالَ: «فَكُلُوهُ».
الشيخ: والحديث صحيح، ذكر رواه مسلم أم رواه الشيخان؟
مداخلة: نعم، رواه الشيخان.
شرح الشيخ: في الحاشية قال: الحديث صحيح، حديث أبي قتادة معروف، وفيه أنهم لم يعينوه، ولم يساعدوه بشيء، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: كلوه.
فيه دليل على أن الصيد لا يأكله المُحرِم، لا يأكل المُحرِم الصيد الذي صيد له، أو الذي أعان فيه، أو أشار عليه، لكن إذا صاده الحلال، ولم يكن أعانه ولا أشار عليه، ولا ناوله شيئًا، أبو قتادة أنه قال لهم، هم مُحرمون وهو لم يُحرم، سقط سوطه، قال: أعطوني، فقالوا: لا نعينك بشيء، فلم يعينوه، بالسوط ولا السلاح، وتحرجوا.
فلما وصلوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: هل أحد منكم أعانه، أو أشار عليه؟ كما في هذه الألفاظ، فقالوا: لا، قال: كلوا، دلّ على أنه للمُحرم أن يأكل من الصيد الذي صاده الحلال، بشرط أن يكون لم يُصد من أجله، كما في الحديث الآخر: «صيد الحلال لكم حرام ما لم تصيدوه أو يُصد لكم».
أما إذا أشار أو أعان أو شارك، أو أمره مثلًا، أو صيد لأجله، فلا يأكل، فهو في حكم الميتة بالنسبة للمُحرم، ولهذا قال المؤلف: (بَابُ الزَّجْرِ عَنْ مَعُونَةِ الْمُحْرِمِ لِلْحَلاَلِ عَلَى الاِصْطِيَادِ بِالإِشَارَةِ وَمُنَاوَلَةِ السِّلاَحِ الَّذِي يَكُونُ عَوْنًا لِلْحَلاَلِ عَلَى الاِصْطِيَادِ).
وفيه: أنه لا يأكل منه في هذه الحالة، إذا أعانه أو أشار إليه، أو ساعده، أو ناوله ما يصطاد به، فإنه لا يأكل منه، يكون ميتة في حقه.
مداخلة: [01:51:17]
الشيخ: عليه الجزاء، جزاء الصيد، لو صاد، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾[المائدة:95]، فهو في حكم الميتة، كأنه أكل ميتة، المُحرِم لا يأكل الصيد الذي صيد لأجله، فهو في حقه كمن أكل ميتة، مُحرّم، أو قال بعضهم: يكون أشد.
مداخلة: في التقريب ضبطوها بالحركات، وليس بالحروف: "مَوْهَب" بفتح الهاء.
الشيخ: الترجمة: الزَّجْرِ عَنْ مَعُونَةِ الْمُحْرِمِ لِلْحَلاَلِ عَلَى الاِصْطِيَادِ بِالإِشَارَةِ وَمُنَاوَلَةِ السِّلاَحِ الَّذِي يَكُونُ عَوْنًا... الترجمة صحيحة، المنع من معونة المُحرم، لا يعين الحلال على الصيد بشيء، لا بالإشارة، ولا بالإعانة، ولا بالأمر، ولا بمناولة ما يصطاد به، ولا بغير ذلك.
قارئ المتن: بابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَشَارَ لِلْحَلاَلِ الصَّيْدَ فَاصْطَادَهُ الْحَلاَلُ، لَمْ يُجَزْ أَكْلُهُ لِلْمُحْرِمِ.
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ أَصَابَ حِمَارَ وَحْشٍ، وَهُوَ مَعَ قَوْمٍ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ، فَذَكَرُوهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: «أَصِدْتُمْ، أَوْ أَعَنْتُمْ، أَوْ أَشَرْتُمْ؟» قَالُوا: لاَ، قَالَ: «فَكُلُوهُ».
شرح الشيخ: يعني هل اصطدتم أو أعنتم أو أشرتم؟ قال: «فكلوه»، يقول: انظر الحديث الذي قبله، هذه ألفاظه ورد فيها في غير الصحيح، بعضها: أشرتهم أو أعنتم، لكن أصدتم، لفظة هل هي في الصحيح؟
قارئ المتن: بَابُ كَرَاهِيَةِ قَبُولِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ إِذَا أُهْدِيَ لَهُ فِي إِحْرَامِهِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ مِلْكُ الصَّيْدِ فِي إِحْرَامِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح)، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَا بِالأَبْوَاءِ، قَالَ ابْنُ مَعْمَرٍ: أَوْ بِوَدَّانَ، فَأَهْدَيْتُ لَهُ حِمَارًا وَحْشِيًّا فَرَدَّهُ إِلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِي، قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بنا رد عَلَيْكَ، وَلَكِنَّا حُرُمٌ.
زاد فِي خَبَرِ ابْنِ جُرَيْجً، قُلْتُ لاِبْنِ شِهَابٍ: الْحِمَارُ عَقِيرٌ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ الزُّهْرِيَّ وَإِجَابَتِهِ إِيَّاهُ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ فِي خَبَرِ الصَّعْبِ: أَهْدَيْتُ لَهُ لَحْمَ حِمَارٍ، أَوْ رِجْلَ حِمَارٍ وَاهِمٌ فِيهِ.
إِذِ الزُّهْرِيُّ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ يَدْرِي الْحِمَارَ كَانَ عَقِيرًا أَمْ لاَ، حِينَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ وَكَيْفَ يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُهْدِيَ لَهُ لَحْمُ حِمَارٍ، أَوْ رِجْلُ حِمَارٍ، وَهُوَ لاَ يَدْرِي كَانَ الْحِمَارُ الْمُهْدَى إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقِيرًا أَمْ لاَ؟ قَدْ خَرَّجْتُ أَلْفَاظَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ، ومَنْ قَالَ فِي الْخَبَرِ: أَهْدَيْتُ لَهُ لَحْمَ حِمَارٍ، أَوْ قَالَ: رِجْلَ حِمَارٍ، أَوْ قَالَ: حِمَارًا.
شرح الشيخ: الترجمة الأولى التي قبلها: دليل على أن المُحرم إذا أشار للحلال بالصيد، واصطاده الحلال، فإنه لا يجوز أكله للمُحرم، إذا أشار أو أعان.
الترجمة الثانية: فيه دليل على أن كراهية قبول المُحرم للصيد إذا أُهدي له في إحرامه، والدليل على أن المُحرم غير جائز له ملك الصيد في إحرامه، هذا إذا صح أنه أهدى له حمارًا.
جاء في بعض الروايات ما يدل على أن الصعب بن جثامة كان مضيافًا، وأنه لما سمع بمجيء النبي -صلى الله عليه وسلم- صاد له الحمار، فرده عليه، فلما رأى الكراهية في وجهه، قال: إنا لا نرده عليك إلا أنا حُرُم؛ لأنه صاده من أجله، إذا صاده من أجله فلا.
والخلاف في هل هو حمار أو رجل حمار، أو بعض حمار، النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالأكل من الصيد الذي صاده أبو قتادة؛ لأنهم لم يشيروا ولم يعينوا، ولم يصيدوه لأجلهم، وأما الصعب بن جثامة فإنه صاده من أجل النبي -صلى الله عليه وسلم- فرده، وقال: إنا لا نرده عليك إلا أنا حُرُم.
والمؤلف ترجم قال: (بَابُ كَرَاهِيَةِ قَبُولِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ إِذَا أُهْدِيَ لَهُ فِي إِحْرَامِهِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ مِلْكُ الصَّيْدِ فِي إِحْرَامِهِ).
هذا بناه على أن الصعب أهدى له حمارًا لا بعض حمار، ومعلوم أن المُحرم لا يقبل الصيد، لكن يأكل من الصيد بالشروط، الشروط: إذا لم يصده، ولم يُعن عليه، ولم يُشر إليه، ولم يكن صاده لأجله، له أن يأكل من لحمه، أما أن يقبل الصيد فلا يقبله.
مداخلة: [01:59:29]
الشيخ: من كان حلال له، ومن كان مُحرم فلا يأكل مادام صاده للمُحرم، صاده من أجل المُحرم، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مُحرم.
مداخلة: كأن المصنف يشير إلى أن الحمار الذي أُهدي للنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُذبح بعد، كما أشار إلى مسألة: هل يقبل المُحرم الصيد إذا أُهدي له ولم يُذبح.
الشيخ: على كل حال، أحاديث الصيد تحتاج إلى ... تراجم متعددة، تحتاج إلى جمع.