شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_5

00:00
00:00
تحميل
74

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته، وللحاضرين ووالديهم وعموم المسلمين والمستمعين.

قال -رحمه الله تعالى-:

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ لَحْمَ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، قَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ مَنْ لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ، أَنَّ أَكَلَ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ، طَلْقٌ حَلاَلٌ بِكُلِّ حَالٍ.

قال: حَدَثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى (ح)، وَقَرَأْتُهُ عَلَى بُنْدَارٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ فَأُهْدِيَ لَهُ طَيْرٌ، وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ، وافق مَنْ أَكَلَ، وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ...

الشيخ: وافق أو وفّق عندك؟

مداخلة: عندنا وافق.

الشيخ: وافق، أو وفّق يعني صوّبه، يُراجع، أظن العبارة: وفّق من أكل، يعني صوّبه، يراجع اللفظ، لفظ الحديث وافق أو وفّق.

مداخلة: الطبعة عندي وفّق.

الشيخ: طبعة وفّق، هذا المعنى.

مداخلة: الفحل طبعته وافق.

الشيخ: النسخة الثانية وفّق، أحفظ وفّق بمعنى صوّبه، فلما ...

قارئ المتن: قال: فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ، وَفَّقَ مَنْ أَكَلَ، وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدَّوْرَقِيُّ.

وَقَالَ بُنْدَارٌ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْبَارُ أَبِي قَتَادَةَ، وَتَصْوِيبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِعْلَ مَنْ أَكَلَ الصَّيْدَ الَّذِي اصْطَادَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَمَسْأَلَتُهُ إِيَّاهُمْ هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟ وَأَكْلُهُ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَخَبَرُ عُمَيْرِ بْنِ سَلمَةَ الضُّمَيْرِيِّ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا.

شرح الشيخ: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ لَحْمَ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّر؛ يعني حديث طلحة، قال: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ فَأُهْدِيَ لَهُ طَيْرٌ، وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ وَفَّقَ؛ يعني صوّبه، هذا مجمل يُقيد بالقيود التي جاءت في حديث أبي قتادة، هل أحد أشار أو أعان أو صاده؟ وكذلك النصوص الأخرى: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصطد لكم»، مقصوده أن هذا الحديث مجمل يُفسر بالأحاديث.

تخريج الحديث عندك؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد، والدارمي، ومسلم، والبزار، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وأبو يعلى، والطحاوي، وابن حبان، والدارقطني في [العلل]، والبيهقي".

الشيخ: نعم، النسخة الثانية قال: رواه الإمام مسلم في الحج من طريق يحيى، فالمصنف -رحمه الله-هنا في هذه الترجمة يقول: إن هذا الحديث مجمل يفسره النصوص الأخرى التي فيها التقييد، حديث أبي قتادة فيه قيود؛ هل أحد منكم أعان أو أشار؟ والحديث الآخر فيه -وإن كان فيه كلام-: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصد لكم»، فلابد من هذه القيود.

المُحرِم إنما يأكل من لحم الصيد بشروط:

الشرط الأول: ألا يكون أشار ولا أعان، لا بقول، ولا بمناولة، وكذلك حديث الصعب بن جثامة، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ردّه عليه.

وكذلك أيضًا لا يكون الصيد حيًّا يأخذه، كما في حديث الصعب بن جثامة.

فمقصود المؤلف هنا أن خبر طلحة هنا مجمل، قال: وفّق من أكل، يعني بالشروط، ولهذا قال: (بابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ لَحْمَ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، قَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ مَنْ لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ، أَنَّ أَكَلَ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ، طَلْقٌ حَلاَلٌ بِكُلِّ حَالٍ).

يظن بعض الناس الذي يأخذ بظاهر حديث طلحة، قال: وفّق من أكل، أنه يجوز للمُحرِم يأكل بكل حال، لا، لابد يُقيد، هذا مجمل، تفسره وتقيده النصوص الأخرى كحديث أبي قتادة، وحديث الصعب بن جثامة، والأحاديث الأخرى.

ما التعليق الأخير؟ قال أبو بكر: أخبار أبي قتادة...

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْبَارُ أَبِي قَتَادَةَ، وَتَصْوِيبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِعْلَ مَنْ أَكَلَ الصَّيْدَ الَّذِي اصْطَادَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَمَسْأَلَتُهُ إِيَّاهُمْ “هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟” وَأَكْلُهُ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَخَبَرُ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضُّمَيْرِيِّ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا.

الشيخ: عندك أشار إلى خبر عمير؟

مداخلة: لا، ما أشار.

الشيخ: انظر خبر عمير، المقصود أن النصوص يُضم بعضها إلى بعض، والمجمل يُقيد بالمفسر، هذا ما يقصده المؤلف -رحمه الله-، أن هذا الحديث قوله: "وفّق من أكل" مُقيد بالنصوص الأخرى، قول النبي: «هل معكم من لحمه شيء؟» لأن أبا قتادة ما صاده لأجلهم، ولا أعانوه بشيء، ولا أشاروا إليه، حتى لما سقط سوطه أبوا أن يناولوه إياه، كذلك السلاح، ما ناولوه السلاح، ولا السوط، ولا أشاروا فيه.

لكن البخاري -رحمه الله- بوّب (باب إذا ضحك المُحرم ففطن له الحلال)، يعني كأن الصحابة رأوه فضحكوا، يعني إنهم مُحرِمون ولا يستطيعون صيده، ففطن أبو قتادة، هذا ما يعتبر إشارة ولا إعانة، ما أشاروا ولا أعانوا.

 

 

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَدِّهِ لَحْمَ صَيْدٍ أُهْدِيَ لَهُ فِي إِحْرَامِهِ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، وَقَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ لَمْ يَتَبَحَّرِ الْعِلْمَ وَلاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ مِنَ الأَخْبَارِ، أَنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنِ اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ.

قال: قَرَأْتُ عَلَى بُنْدَارٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي ا لله عنهما- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- اسْتَذْكِرْهُ كَيْفَ حَدَّثْتَنَا عَنْ لَحْمٍ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَاسْتَذْكَرْتُهُ، فَقَالَ: أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْمُ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّهُ، وَقَالَ: «إِنَّا حُرُمٌ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَاهُ زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْمَ صَيْدٍ، فَقَالَ: “لَوْلاَ أَنَّا حُرُمٌ قَبِلْنَاهُ” حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ زُهَيْرٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخَبَرُ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَالٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِمَارُ وَحْشٍ، أَرَادَ خَبَرَهُ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رِوَايَةَ مَنْ قَالَ: أَهْدَيْتُ لَهُ حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَجَعَلَ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي ذِكْرِ لَحْمِ الصَّيْدِ فِي قِصَّةِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ.

وَخَبَرَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشيقة لَحْمُ ظَبْيٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يَأْكُلْهُ، كَخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

الشيخ: أُهدي إلى النبي وشيجة، كذا عندك؟

مداخلة: قال: وشيقة بالقاف.

الشيخ: عندكم هكذا؟

مداخلة: نعم، ثم قال: سقطت من نسخة، والوشيقة: أن يؤخذ اللحم فيُغلى قليلًا ولا ينضج، ويُحمل في الأسفار.

الشيخ: يعني شيء من لحم، تخريج الحديث عندك؟

مداخلة: نعم، قال: "صحيح، أخرجه عبد الرزاق، والحميدي، وأحمد، ومسلم، والنسائي، وفي الكبرى له، وأبو عوانة كما في [إتحاف المهرة]، والطحاوي في [شرح المعاني]، والطبراني في [الكبير]، وابن عبد البر في [التمهيد]".

الشيخ: اقرأ ما بعده، حديث حدثنا.

قارئ المتن: قال: حَدَّثَنَا مُحمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ (ح)، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عطاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مَكَّةَ -لَمْ يَقُلِ ابْنُ مَعْمَرٍ مَكَّةَ- فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمٍ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَامًا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَهْدَى لَهُ رَجُلٌ عُضْوًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: “إِنَّا لاَ نَأْكُلُهُ إِنَّا حُرُمٌ”.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد، وعبد بن حميد، وأبو داود، والنسائي، وفي [الكبرى] له، والطحاوي في [شرح المعاني]، وابن حبان، والطبراني في [الكبير]".

الشيخ: هذه الترجمة يقول المؤلف: (بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَدِّهِ لَحْمَ صَيْدٍ أُهْدِيَ لَهُ فِي إِحْرَامِهِ مُجْمَلٍ)؛ يعني ما فُسر، (غَيْرِ مُفَسَّرٍ، وَقَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ لَمْ يَتَبَحَّرِ الْعِلْمَ وَلاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ مِنَ الأَخْبَارِ، أَنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنِ اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ).

مداخلة: ترجمة موافقة للحديث.

الشيخ: نعم، الترجمة السابق، ذكر خبر في إباحة أكل لحم الصيد للمُحرِم مجمل غير مفسر، يظن بعض الناس أنها يجوز بكل حال، ولابد له من القيود، والترجمة الثانية هذه التي بعدها: (بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَدِّهِ لَحْمَ صَيْدٍ أُهْدِيَ لَهُ فِي إِحْرَامِهِ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، وَقَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ لَمْ يَتَبَحَّرِ الْعِلْمَ وَلاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ مِنَ الأَخْبَارِ، أَنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنِ اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ).

فلحم الصيد ليس مُحرَّمًا على المُحرِم بكل حال، بل يباح بقيود التي جاءت في حديث أبي قتادة.

مداخلة: يباح بتفصيل، بحسب الشروط والتفصيل.

الشيخ: يباح بالتفصيل، لحم الصيد مُحرَّم على المُحرِم، من الشروط معلوم أنه إذا صاده المُحرِم هذا لا يحل، المُحرم لا يحل له ولا لغيره، لكن إذا اصطاده الحلال، فإنه يجوز للمُحرِم أن يأكل منه بالشروط التي جاءت في حديث أبي قتادة وغيره.

مداخلة: إن اصطاده الحلال لنفس الشخص.

الشيخ: كذلك إذا اصطاده له، إذا اصطاده للمُحرِم لا يحل، كما جاء عن الصعب بن جثامة، كان رجلًا مضيافًا، فلما سمع بقدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- صاد له حمارًا وحشيًّا، فردّه، فلما رأى ما في وجهه من الكراهة قال: “إنا لم نرده عليك إلا أنَّا حُرُم”.

فبعض الناس يقول المؤلف: (يَحْسَبُ بَعْضُ لَمْ يَتَبَحَّرِ الْعِلْمَ وَلاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّر)، يظن أن لحم الصيد مُحرم على المُحرِم بكل حال، وإن اصطاده الحلال، لا، ليس مُحرَّمًا على كل حال، بل يجوز بشروط وقيود.

ذكر حديث ابن عباس، (أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمُ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّهُ، وَقَالَ: «إِنَّا حُرُمٌ»).

هذا محمول على أنه صاده من أجله، أو أنه كان حيًّا، فالحي لا يقبله المُحرِم، أو أنه صاده لأجل، يعني نقصت بعض الشروط.

مداخلة: الحديث هذا يبين أنه صاده للنبي -صلى الله عليه وسلم-.

الشيخ: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَاهُ زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْمَ صَيْدٍ، فَقَالَ: «لَوْلاَ أَنَّا حُرُمٌ قَبِلْنَاهُ»).

ثم قال: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخَبَرُ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَالٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِمَارُ وَحْشٍ، أَرَادَ خَبَرَهُ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رِوَايَةَ مَنْ قَالَ: أَهْدَيْتُ لَهُ حِمَارًا وَحْشِيًّا).

وعلى هذه الرواية إذا كان الحمار وهو الصيد، الحمار الوحشي حيًّا، لا يقبله، فردّه عليه وقال: «إنا لا نرده عليك إلا أنا حُرُم»، قال: (فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَجَعَلَ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي ذِكْرِ لَحْمِ الصَّيْدِ فِي قِصَّةِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ)، يعني اشتبه عليه الخبرين.

(وَخَبَرَ عَائِشَةَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشيقة لَحْمُ ظَبْيٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يَأْكُلْهُ كَخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ).

يعني خبر الصعب بن جثامة، في رواية أنه أُهدي له حمار كامل، وفي رواية أنه أُهدي له رجل حمار، أو بعض حمار.

يقول: فعلى رواية أُهدي له حمارًا وحشيًّا، حي، لا يأكله المُحرِم، المُحرِم لا يقبل الصيد إن كان حيًّا، فلا يأخذه، وعلى رواية: رِجل حمار، محمول على أنه صاده لأجله.

ذكر المؤلف بعد هذا حديث ابن عباس في قصة زيد بن أرقم، قال: (قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مَكَّةَ -لَمْ يَقُلِ ابْنُ مَعْمَرٍ مَكَّةَ- فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمٍ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَامًا؟ قَالَ: نَعَمْ أَهْدَى لَهُ رَجُلٌ عُضْوًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «إِنَّا لاَ نَأْكُلُهُ، إِنَّا حُرُمٌ»).

هذا محمول على أنه صاده لأجله.

مداخلة: حديث عمير بن سلمة أخرجه أحمد والنسائي.

الشيخ: لفظه؟ حديث عمير بن سلمة الضمري.

مداخلة: عند النسائي، قال النسائي -رحمه الله-: أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، واللفظ له عن ابن قاسم، قال: حدثني مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث عن سعيد بن طلحة، عن عمير بن سلمة الضمري أنه أخبره عن البهزي...

الشيخ: الضمري بالتكبير، أو الضميري؟ نسخة عندنا الضميري.

مداخلة: بدون ياء، فيه ياء في آخره.

الشيخ: طيب.

مداخلة: عن عمير بن سلمة الضمري أنه أخبره عن البهزي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يريد مكة وهو مُحرِم، حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحش عقير، فذُكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «دعوه فإنه يوشك أن يأتي صاحبه»، فجاء البهزي -وهو صاحبه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، شأنك بهذا الحمار، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر فقسمه بين الرفاق، ثم مضى حتى إذا كان بالآثية بين الرويثة والعرج، إذا ظبي حاقف في ظلٍّ وفيه سهم، فزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلًا يقف عنده، لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه.

الشيخ: لا يريبه يعني لا يأتيه أحد.

مداخلة: انتهى، أحسن الله عملك.

قارئ المتن: قال: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَبَاحَ أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَلاَلُ اصْطَادَهُ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ لِلْمُحْرِمِ أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ مِنْ أَجْلِ الْحَرَامِ.

شرح الشيخ: المؤلف -رحمه الله- هذا باب الثالث، جمع فيه بين البابين السابقين، بذكر الخبر المفسر للأخبار التي ذُكرت في البابين السابقين، ويُستدل به على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أباح أكل لحم الصيد للمُحرِم إذا اصطاده الحلال، إذا لم يكن الحلال اصطاده من أجل المُحرِم.

يعني الصيد إ ذا صاده المُحرِم هذا مُحرَّم عليه وعلى غيره، لا يجوز، لكن إذا اصطاد الحلال الصيد، وصاده من أجل المُحرم، أيضًا ممنوع، لا يأكل منه، فالمؤلف قال:

  • تُقيد إباحة أكل المُحرم للصيد، بأن يكون الذي صاده حلال، ليس مُحرِمًا.
  • وثانيًا: ألا يكون الحلال صاده من أجل المُحرِم.

مع القيود الأخرى، والشروط التي سبقت، (وَإِنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ لِلْمُحْرِمِ أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ مِنْ أَجْلِ الْحَرَام)، يعني إذا صاده من أجل المُحرِم، الحرام يعني الإحرام، من أجل الإحرام، (إِنَّمَا كَرِهَ لِلْمُحْرِمِ أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي اصْطَادَهُ الْحَلاَلُ مِنْ أَجْلِ الْحَرَامِ)، من أجل كونه مُحرم يعني.

قارئ المتن: قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيَّ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ عُمرًا مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، أَخْبَرَهُمَا عَنِ الْمُطَّلِبِ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ، قَالَ: لَحْمُ صَيْدِ الْبَرِّ لَكُمْ حَلاَلٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لاَ تَصِيدُوهُ، أَوْ يُصَدُ لَكُمْ.

قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قال: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، يَعْنِي ابْنَ مُوسَى قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَهُوَ ابْنُ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ سَوَاءً، غَيْرَ أَنَّهُ، قَالَ: صَيْدُ الْبَرِّ، وَلَمْ يَقُلْ: لَحْمٌ.

الشيخ: هذا الإسناد، ماذا قال عليه؟ تخريجه؟

مداخلة: قال: إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن المطلب بن حنطب لم يسمع من جابر، ثم قال: أخرجه الشافعي، وعبد الرزاق، وأحمد، والنسائي، والترمذي، وأبو داود.

الشيخ: هذا نسخة الفحل؟

مداخلة: نعم، الفحل.

مداخلة: عندي عن المطلب وعن عبد الله بن حنطب.

الشيخ: عن المطلب وعن، عندكم وعن؟

مداخلة: نعم، عن المطلب عبد الله بن حنطب.

مداخلة: وعن عبد الله بن حنطب عن جابر.

الشيخ: كذا [00:26:44] جميع النسخ هكذا؟ رواية المطلب عن، المطلب يروي عن عبد الله بن حنطب؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: وعن عندك؟

مداخلة: نعم، وعن عبد الله بن حنطب عن جابر، أن عمرًا مولى المطلب ...

الشيخ: يحتاج إلى مراجعة، هل هو (وعن)، أو عن المطلب عن عبد الله بن حنطب؟

مداخلة: كلهم وعن.

مداخلة: عندنا عن المطلب بن عبد الله بن حنطب.

مداخلة: السنة كذلك، عن المطلب عن جابر.

الشيخ: ما فيه واو؟

مداخلة: ما فيه.

الشيخ: يُشطب على الواو، عن المطلب عن عبد الله بن حنطب، والحدث ضعيف.

مداخلة: عن المطلب بن عبد الله.

الشيخ: عن المطلب ابن، في الحديث عن؟

مداخلة: في حديث عن.

الشيخ: عن المطلب بن عبد الله، الواو زائدة وبدل (عن) ابن.

مداخلة: طبعة الأعظمي، هذه الطبعة الثالثة للأعظمي مصححة، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب.

الشيخ: كذا؟

مداخلة: صححها.

الشيخ: كذا مصححة، عن المطلب عن عبد الله بن حنطب، صوِّب كذا، الحديث فيه ضعف، لكن معناه صحيح، دلت عليه النصوص «ما لم تصيدوه أو يُصد لكم»، مع الشروط الأخرى، «ما لم تصيدوه»، إذا صاده الحرام معروف، «ما لم تصيدوه»، خطاب للمحرمين، «صيد البر لكم حلال»، يعني أيها المُحرمون، وأنتم حُرُم، «ما لم تصيدوه أو يُصد لكم»، هذا الحديث ضعيف، لكن معناه صحيح، فإن المُحرِم إذا صاد معلوم أنه في حكم الميتة، وكذلك إن صاده من أجله كما في حديث الصعب بن جثامة، لما صاده لأجل النبي -صلى الله عليه وسلم- ردّه عليه، وقال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرُم».

مداخلة: كلام في [عون المعبود]، تكلم عن الحديث.

مداخلة: قال في [عون المعبود]، قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي والمطلب: لا نعرف له سماعًا من جابر، قال في موضع آخر: المطلب بن عبد الله بن حنطب يقال إنه لم يسمع من جابر، وذكر أبو حاتم الرازي أنه لم يسمع من جابر، وقال ابنه عبد الرحمن: يشبه أنه يكون أدركه.

قال الخطابي تحت حديث جابر: وممن هذا مذهبه: عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل.

قال مجاهد وسعيد بن جبير: يأكل المُحرم ما لم يصد إذا كان قد ذبحه حلال، وإلى نحو هذا ذهب أبو حنيفة وأصحابه، قالوا: لأنه الآن ليس بصيد، وقد كان ابن عباس يُحرِّم لحم الصيد على المُحرِمين في عامة الأحوال، ويتلو قوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾[المائدة:96]، ويقول: الآية مبهمة.

وإلى نحو من ذلك ذهب طاووس وعكرمة، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه.

الشيخ: نعم، ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾[المائدة:96]، مجملة، وكذلك الأحاديث الأخرى تفسرها الأحاديث، كحديث أبي قتادة وغيره.

مداخلة: أحسن الله إليك، علق على لفظة: "أو يصاد لكم"، قال: هكذا في النسخ، والجاري على قوانين العربية: أو يُصد؛ لأنه معطوف على المجزوم، قاله السندي.

الشيخ: أحيانًا يأتي على خلاف القاعدة، المقصود أن الحديث وإن كان ضعيف، لكن معناه صحيح، مأخوذ من النصوص الأخرى، إذا صاده المُحرِم فهو ممنوع على كل حال، وإذا صاده لأجله كذلك ممنوع من حديث الصعب بن جثامة.

قارئ المتن: قال: وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابِي، وَلَمْ أُحْرِمْ، فَرَأَيْتُ حِمَارًا فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَاصْطَدْتُهُ، فَذَكَرْتُ شَأْنَهُ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَذَكَرْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَمْتُ، وَأَنِّي إِنَّمَا اصْطَدْتُهُ لَكَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ، فَأَكَلُوا، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَهُ.

قال: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ...

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: صحيح، إلا أن فيه لفظتين شاذتين، كما سيأتي التعليق عليهما عند كلام المصنف الآتي.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ (إِنَّمَا اصْطَدْتُهُ لَكَ)، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَكَ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهُ فِي خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ غَيْرَ مَعْمَرٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكَلَ مِنْ لَحْمِ ذَلِكَ الْحِمَارِ، قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَبُو قَتَادَةَ أَنَّهُ اصْطَادَهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَلَمَّا أَعْلَمَهُ أَبُو قَتَادَةَ أَنَّهُ اصْطَادَهُ مِنْ أَجْلِهِ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ بَعْدَ إِعْلَامِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ اصْطَادَهُ مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ ذَلِكَ الْحِمَارِ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟ قال تعليق عليه؟

مداخلة: نعم، قال: رواية معمر التي تحدث عنها المصنف بهاتين الزيادتين رواها عن معمر عبد الرزاق في مصنفه، ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في المسند، وابن ماجة والدارقطني، والبيهقي، وابن خزيمة مصيب بجزمه بتفرد معمر بن راشد بهاتين اللفظتين، لكن لا داعي لهذا التأويل الأخير، لجزمنا بعدم صحة هاتين اللفظتين، كما سأدلل عليه، وقد وافق ابن خزيمة على جزمه بتفرد معمر، أبو بكر بن زياد النيسابوري، شيخ الدارقطني، إذ قال: قوله: "اصطدته لك"، وقوله: "ولم يأكل منه"، لا أعلم أحدًا ذكره في هذا الحديث غير معمر.

وقال البيهقي في [السنن الكبرى]: هذه لفظة غريبة، لم نكتبها إلا من هذا الوجه، وقد روينا عن أبي حازم بن دينار، عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل منها، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح كتابيهما دون رواية معمر، وإن كان الإسنادان صحيحين.

وقال ابن حزم في [المحلى]: فلا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه:

إما أن تُغلَّب رواية الجماعة على رواية معمر، لاسيما وفيهم من يذكر سماع يحيى من أبي قتادة، ولم يذكر معمر، أو تُسقط رواية يحيى بن أبي كثير جملة؛ لأنه اضطرب عليه، ويؤخذ برواية أبي حازم وأبي محمد، وابن موهب الذين لم يضطرب عليهم؛ لأنه لا يشك ذو حس أن إحدى الروايتين وهم، إذ لا يجوز أن تصح الرواية في أنه -صلى الله عليه وسلم- أكل منه، وتصح الرواية في أنه -عليه السلام- لم يأكل منه، وهي قصة واحدة، في وقت واحد، في مكان واحد، في صيد واحد.

أقول: خالف معمر رواية الجمع عن يحيى، فقد رواه هشام الدستوائي عند أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وأبو عوانة، كما في إتحاف المهرة، والبيهقي، وعلاء بن المباركي عند البخاري، وأبي عوانة كما في [إتحاف المهرة]، وفي الكبرى له، وأبو عوانة والطبراني في [مسند الشاميين]، والبيهقي، وشيبان بن عبد الرحمن عند أبي عوانة كما في [إتحاف المهرة].

فهؤلاء أربعتهم رووه عن يحيى بن أبي كثير، ولم يذكروا هاتين اللفظتين، كما أن الحديث ورد من طريق عبد الله بن أبي قتادة من غير طريق يحيى بن أبي كثير، ولم تُذكر فيه اللفظتان، مما يؤكد شذوذ رواية معمر بتلك الزيادة، فقد رواه عثمان بن عبد الله بن موهب عند أحمد والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وابن الجارود، وعند المصنف كما تقدم.

وأبي عوانة كما في [إتحاف المهرة]، والطحاوي في [شرح المعاني]، والبيهقي، وابن عبد البر في [التمهيد]، وفي [الاستذكار]، وأبو حازم سلمة بن دينار عند البخاري ومسلم، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وعبد العزيز بن رُفيع عند أحمد ومسلم، وابن حبان، والبيهقي، وصالح بن أبي حسان عند أحمد.

فهؤلاء أربعتهم، رووه عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، ولم يذكروا هاتين اللفظتين، كما أن هذا الحديث رُوي من طرق أخرى عن أبي قتادة، وليس فيه هاتين اللفظتان، فقد رواه نافع مولى أبي قتادة عند مالك في [الموطأ]، برواية الليثي، والشافعي في مسنده، وعبد الرزاق، والحميدي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وعطاء بن يسار عند مالك في الموطأ، برواية الليثي، والشافعي في مسنده، وعبد الرزاق، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، ومعبد بن كعب بن مالك عند أحمد، وأبو صالح مولى التوأمة عند البخاري، فهؤلاء أربعتهم رووه دون ذكر اللفظتين التي ذكرها معمر.

وهذه الفردية مع المخالفة الواضحة، تؤكد شذوذ رواية معمر، بعدم وجودها عند أحد من أهل الطبقات الثلاث، والذي يظهر لي أن السبب في شذوذ رواية معمر بن راشد: دخول حديث في حديث آخر، فلعله توهم بما رواه عن الزهري عن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، أنه اعتمر مع عثمان في ركب، فأهدى له طائر، فأمرهم بأكله، وأبى أن يأكل، فقال له عمرو بن العاص: أنأكل مما لستَ منه آكلًا؟ فقال: إني لست في ذاكم مثلكم، إنما اصطيد لي، وأُميت باسمي.

وهذه الرواية أخرجها الدارقطني، وأخرجه مالك في الموطأ برواية الليثي، والشافعي في مسنده، والبيهقي من طريق عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن أبي عامر، قال: رأيت عثمان بن عفان بالعرج وهو مُحرِم في يوم صائف، وقد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أُتي بلحم صيد، فقال لأصحابه: كلوا، قالوا: ألا تأكل أنت، قال: إني لست كهيأتكم، إنما صيد من أجلي، انتهى.

الشيخ: هذا كله كلام ابن حزم؟

مداخلة: كلام المُحشي، الفحل.

الشيخ: بعد كلام ابن حزم، ابن حزم انتهى عند قوله ماذا؟

مداخلة: قال ابن حزم في المحلى: "فلا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه".

الشيخ: إلى قوله؟

مداخلة: إلى قوله: "وهي قصة واحدة، في وقت واحد، في مكان واحد، في صيد واحد".

الشيخ: فقط، وانتهى؟

مداخلة: نعم، وانتهى، ثم ذكر كلام الفحل هذا كله.

الشيخ: انتهى تقول: انتهى كلام ابن حزم، على هذا تكون هاتين اللفظتين لم تثبتا، إنما اصطدته لك، وقوله: ولم يأكل منه، سيأتي في حديث أبي قتادة.

مداخلة: يقال إنه أكل من لحم الحمار الوحشي.

الشيخ: أبي قتادة، كما سبق أنه قال ...

مداخلة: في آخر كلام ابن خزيمة قال: لأنه قد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قد أكل من لحم ذلك الحمار.

الشيخ: أنه قال: وشيجة لحم، هذا سيأتي في الحديث الذي بعده، اقرأ الحديث الذي بعده.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَرَكِبَ فَرَسَهُ، وَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ الرُّمْحَ أَوِ السَّوْطَ فَأَبَوْا أَنْ يُنَاوِلُوهُ، فَتَنَاوَلَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَعَقَرَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَلَحِقُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَأَتَوْهُ بِرِجْلِهِ، فَأَكَلَ مِنْهَا.

قَدْ خَرَّجْتُ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ طُرُقَ خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ، وذكر مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكَلَ مِنْ لَحْمِ ذَلِكَ الْحِمَارِ.     

الشيخ: وذكر، وذلك في الطبعة هذه

مداخلة: وذكر من قال.

الشيخ: وذلك خطأ، تصحيف، وذكر، تخريجه؟

مداخلة: قال في تخريجه: صحيح، أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وفي الكبرى له، وابن حبان، والبيهقي.

الشيخ: وهو حديث صحيح، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «هل معكم من لحمه شيء؟» فأكل، وهذا يدل على عدم صحة الرواية التي علق عليها المؤلف "ولم يأكل منه".

هذا فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سألهم قال: «معكم من لحمه شيء؟» وفي الحديث أنهم لم يساعدوه بشيء، وأنه سألهم أن يناولوه السوط فأبوا، لم يناولوه شيئًا، لا الرمح، ولا السوط، ولم يعينوه بشيء، ولم يأمروه بشيء، ولم يخبروه به.

فبهذه الشروط لا بأس، ولم يكن صاده لأجلهم، وهو حلال، أبو قتادة لم يُحرم، أصحابه أحرموا وهو لم يُحرِم، فلذلك جاز للمُحرم أن يأكل منه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أكل منه بهذه القيود.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ الْمُحْرِمِ بَيْضَ الصَّيْدِ، إِذَا أَخَذَ الْبَيْضَةَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ.     

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، قال: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قال: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: يَا زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُهْدِيَ لَهُ بَيْضَاتُ نَعَامٍ وَهُوَ حَرَامٌ فَرَدَّهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال المُخرّج: صحيح، أخرجه أحمد وعبد بن حميد، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي في [شرح المعاني]، وابن حبان، والطبراني في [الكبير]، والحاكم.

الشيخ: صحيح عندك، هنا قال: إسناده حسن.

الترجمة، بَابُ الزَّجْرِ، يعني المنع، عن أَكْلِ الْمُحْرِمِ بَيْضَ الصَّيْدِ، إِذَا أَخَذَ الْبَيْضَةَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِم، فالمُحرِم لا يأكل بيض الصيد إذا أخذه الحلال من أجل المُحرِم.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ جَابِرٍ: لَحْمُ الصَّيْدِ حَلَالٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَاد لَكُمْ، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَيْضَ الصَّيْدِ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ بَيْضِ الصَّيْدِ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ حُكْمِ لَحْمِهِ.

الشيخ: سبق في رواية جابر أنه ضعيف، فيه ضعف، لكن معناه صحيح، «صيد البر لكم حلال، ما لم تصيدوه أو يُصد لكم»، والمؤلف خالف هذا، قال خبر جابر، يعني معناه، لَحْمُ الصَّيْدِ حَلَالٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَد لَكُمْ، يدل على أن بيض الصيد مباح للمُحرِم إذا لم يؤخذ من أجل المُحرِم؛ لأن حكم بيض الصيد لا يكون أكثر من حكم لحمه.

يعني إذا كان لحم الصيد يجوز للمُحرِم أن يأكله إذا لم يصد لأجله، فمن باب أولى يجوز له أخذ بيض الصيد ما لم يؤخذ من أجله، قياس الأولى، عليه تعليق؟ إذًا المؤلف... باب قياس الأولى، إذا كان المُحرِم يجوز له أكل لحم الصيد بشروط، إذا لم يكن صاده من أجله، فكذلك يجوز له أخذ بيض الصيد إذا لم يكن أخذه الحلال من أجل المُحرِم.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ الضَّبُعِ فِي الْإِحْرَامِ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُوَلَّى بِبَيَانِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ، قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الضَّبُعَ صَيْدٌ، وَاللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ قَدْ نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ فَقَالَ: ﴿لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾[المائدة:95]  

حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ (ح)، وحدثنا أَبُو مُوسَى قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ،

الشيخ: (ح) وحدثنا، التحويل

مداخلة: قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ

الشيخ: ما فيه تحويل عندك؟

مداخلة: ما فيه تحويل.

مداخلة: (ح) وحدثنا أبو موسى.

مداخلة: أشار إليه في الحاشية، قال: في الأصل، وفي نسخة: حدثنا أبو موسى، وحدثنا محمد، وهو خطأ فاحش، حيث لم نجد أبا موسى في تلاميذ ابن جريج، ووجدنا محمد بن عبد الله الأنصاري في تلاميذه، كما أن ابن جريج لم يرِد في شيوخ أبي موسى، وجاء في شيوخ محمد بن عبد الله الأنصاري، وكذلك لم يقل بعدهما: قالا، ومعلوم أن ابن خزيمة عندما يقرن اثنين يقول: قالا، وإذا كانوا أكثر من اثنين يقول: قالوا، وانظر [تهذيب الكمال].

الشيخ: إذًا أبو موسى تقول: زيادة، ولا فيه تحويل، أعد السند.

قارئ المتن: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ (ح)، وحدثنا أَبُو مُوسَى قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ...

الشيخ: (ح) وحدثنا فيه تحويل الآن.

مداخلة: قال: حدثنا مباشرة

 قارئ المتن: (ح)، وحدثنا أَبُو مُوسَى قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ

الشيخ: إذًا الواو تكون زائدة، حدثنا أبو موسى قال: حدثنا محمد بن عبد الله يعني الأنصاري.

قارئ المتن: قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: لَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الضَّبُعِ، أَنَأْكَلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ؟ قُلْتُ: أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نَعَمْ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الشافعي في المسند، وعبد الرزاق، وأحمد، والدارمي، والترمذي، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وابن الجارود، والطحاوي في [شرح المعاني]، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والبغوي من طريق ابن جريج.

وأخرجه عبد الرزاق، وأحمد، وابن ماجه، وأبو يعلى، والطحاوي في [شرح المعاني]، وفي [شرح المشكل]، والدارقطني، والبيهقي من طرق عن عبد الله بن عبيد الله به.

الشيخ: نعم، على هذا فالضبع صيد، وإن كان له ناب، مستثنى من السباع، كل ذي ناب من السباع مًحرّم، النبي حرّم كل ذي مخلب من الطير وذي ناب من السباع، والضبع له ناب، لكنه مستثنى، سيأتي في الترجمة، المؤلف سيذكر في الترجمة التي بعدها الجزاء على من صاد الضبع، ماذا يلزمه؟

مداخلة: الضبع ما يأكل الميتة؟

الشيخ: ما أظن، ما أعلم أنه يأكل الميتة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ جَزَاءِ الضَّبُعِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثنا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الضَّبُعِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا نَجْدِيًّا، وَجَعَلَهُ مِنَ الصَّيْدِ.

الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟

مداخلة: "صحيح، أخرجه الدارمي، وأبو داود، وابن ماجه، وأبو يعلى، وابن الجارود، والطحاوي في [شرح المعاني]، وفي [شرح المشكل] له، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من طريق جرير بن حازم به".

الشيخ: المؤلف جزم بأن الضبع، بأنه صيد، وفيه خلاف في أنه حلال، الحديث الثاني، نعم.

قارئ المتن: حدثنا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَا: حدثنا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَنْ مَنْصُورٍ.

الشيخ: كلاهما، الحديثان عن جابر، قال: كبشًا نجديًّا، تكلم عليه المُحشي؟

مداخلة: قال في [عون المعبود في شرح سنن أبي داود]: وفيه دليل على أن الكبش مثل الضبع، وفيه: أن المعتبر في المثلية بالتقريب في الصورة لا بالقيمة، ففي الضبع الكبش، سواء كان مثله في القيمة، أو أقل، أو أكثر.

والحديث يدل على جواز أكل الضبع، وإليه ذهب الشافعي وأحمد، قال الشافعي: ما زال الناس يأكلونه، ويبيعونه بين الصفا والمروة من غير نكير، ولأن العرب تستطيبه وتمدحه، وذهب أكثر العلماء إلى التحريم واحتجوا بأنها سبع، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل ذي ناب من السباع.

ويُجاب بأن حديث الباب خاص، فيُقدم على حديث: كل ذي ناب.

واحتجوا أيضًا بما أخرجه الترمذي من حديث خزيمة بن جَزء قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الضبع فقال: «أوَيأكل الضبع أحد؟»، فيجاب بأن هذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده عبد الكريم بن أمية، وهو متفق على ضعفه، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم، وهو ضعيف.

قال الخطابي في [المعالم]: قد اختلف الناس في أكل الضبع، فرُوي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع، ورًوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- إباحة لحم الضبع، وأباح أكلها عطاء، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

وكرهه الثوري، وأصحاب الرأي، ومالك، ورُوي ذلك عن سعيد بن المسيب، واحتجوا بأنها سبع، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل كل ذي ناب من السباع.

قال الخطابي: قد يقوم دليل الخصوص، فينزع الشيء من الجملة، وخبر جابر خاص، وخبر تحريم السباع عام، انتهى.

قال الحافظ ابن القيم في [إعلام الموقعين]: والذين صححوا الحديث جعلوه مخصصًا لعموم تحريم ذي الناب، من غير فرق بينهما، حتى قالوا: ويحرُم أكل كل ذي ناب من السباع إلا الضبع، وهذا لا يقع مثله في الشريعة، أن يخصص مثلًا على مِثل من كل وجه، من غير فرق بينهما.

ومن تأمل ألفاظه -صلى الله عليه وسلم- الكريمة تبيّن له اندفاع هذا السؤال، فإنه إنما حرّم ما اشتمل على الوصفين: أن يكون له ناب، وأن يكون من السباع العادية بطبعها كالأسد والذئب، والنمر، والفهد، وأما الضبع فإنما فيه أحد الوصفين، وهو كونها ذات ناب، وليست من السباع العادية.

ولا ريب أن السباع أخص من ذوات الأنياب، والسبع إنما حُرم لما فيه من القوة السبُعية، التي تورث المتغذي بها شِبهها، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد، والنمر، والفهد، ليست في الضبع، حتى تجب التسوية بينهما في التحريم، ولا تُعد الضبع من السباع لغةً ولا عرفًا، انتهى.

قال المنذري: وأخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، قال الترمذي: حسن صحيح.

الشيخ: يعني فيه خلاف، الشافعي وأحمد يرون إباحته، ومالك وأبو حنيفة يرون عدم حِلّها، وابن القيم -رحمه الله- كأنه يرى أنها مستثناة؛ لأنها لم ينطبق عليها وصف، لابد أن يكون من السبع العادي، ويكون ذو ناب، ويرى أنها لا ينطبق عليها الوصفان، له ناب، ولكنه ليس من السبع العادي، على كل حال الخلاف فيها.

والمؤلف -رحمه الله- (ابن خزيمة) جزم بأنها صيد، وهو من الشافعية، ومذهب الشافعي وأحمد أنها صيد، والمؤلف ابن خزيمة ذكر أنها صيد، الترجمة السابقة: (بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ الضَّبُعِ فِي الْإِحْرَامِ، ثم قال: بَابُ ذِكْرِ جَزَاءِ الضَّبُعِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ)، ذكر الحديث، الحديث الأول، ماذا كان؟

مداخلة: حديث سلم، أحسن الله إليك؟

الشيخ: نعم، الحديث الأول.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال حدثنا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الضَّبُعِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا نَجْدِيًّا، وَجَعَلَهُ مِنَ الصَّيْدِ.

الشيخ: كذا (كبشًا نجديًّا)، ما تكلم عليه؟ ماذا قال على إسناده؟ صحيح؟

مداخلة: قال المُحشي: "صحيح، أخرجه الدارمي، وأبو داود، وابن ماجه، وأبو يعلى، وابن الجارود، والطحاوي في [شرح المعاني]، وفي [شرح المشكل] له، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طريق جرير بن حازم به".

الشيخ: الحديث الذي بعده.

قارئ المتن: قال: حدثنا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَا: حدثنا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَنْ مَنْصُورٍ.

قال المُحشي: صحيح، أخرجه الطحاوي في [شرح المعاني]، والدارقطني، والبيهقي من طريق منصور بن زاذان به، وسيأتي فيما بعده من طريق إبراهيم الصائغ عن عطاء به.

الشيخ: تقييد الكبش بأنه نجدي، هذا يحتاج مراجعة اللفظة هذه.

مداخلة: [01:14:40]

الشيخ: ما فيها نجديًّا؟ كبشًا، طيب نجديًّا جاءت في أي رواية؟

مداخلة: ابن خزيمة والحاكم.

الشيخ: التقييد فيه إشكال، كذلك الحديث الثاني، حديث جابر الثاني قال: قضى في الضبع بكبش، أكمل الباب الذي بعده.

قارئ المتن: بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَبْشَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ جَزَاءً لِلضَّبُعِ هُوَ الْمُسِنُّ مِنْهُ لَا مَا دُونَ الْمُسِنِّ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾[المائدة:95] أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِالْبُدْنِ مِنَ النَّعَمِ، لَا مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ، إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ قِيمَةَ الضَّبُعِ تَخْتَلِفُ فِي الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ، وَكَذَلِكَ قِيمَةَ الْكَبْشِ قَدْ تَزِيدُ وَتُنْقَصُ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ، وَلَوْ كَانَ الْمِثَلُ فِي الْقِيمَةِ لَمْ يَجْعَلْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَزَاءَ الضَّبُعِ كَبْشًا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ وَفِي كُلِّ بَلَدٍ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى الْحرَشِيُّ، قال: حدثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدثنا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ، فَفِيهِ جَزَاءُ كَبْشٍ مُسِنٍّ وَيُوكَلُ».

قال: في نسخة: تؤكل.

الشيخ: كذا، ويؤكل، ماذا عندك في النسخة الثانية؟ وتؤكل أو ويؤكل؟

مداخلة: وتؤكل.

الشيخ: في النسخة هذه: وتؤكل، ماذا قال على تخريجه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الطحاوي في شرح المعاني، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طريق إبراهيم الصائغ به، وسلف في الذي قبله من طريق منصور بن زاذان عن عطاء به".

الشيخ: المؤلف قال: وهو المسن منه لا ما دون المسن، يعني الصغير لا يجزئ، لابد أن يكون مسنًّا، يعني يمكن دخل في السنة الثانية، قال: (مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾[المائدة:95] أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِالْبُدْنِ مِنَ النَّعَمِ، لَا مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ)، يعني المراد: المثلية هنا مثلية في الشبه، وليست مثلية في القيمة، ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾[المائدة:95]، ولهذا الصحابة قضوا في جزاء الصيد بالمماثلة، قضوا في الحمامة شاة، قالوا: لأنها تشبهها في عبّ الماء، تعبّ الماء.

وقضوا في النعامة بدنة، من صاد نعامة فعليه بدنة؛ لأنها تشبهها في طول الرقبة، ولهذا ما حكم به الصحابة يُرجع إلى ما حكم به الصحابة، وما لم يحكم به الصحابة يُرجع إلى قول عدلين، كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾[المائدة:95]، أن يذبح المثل، أو ما حكم به العدلان، أو تُقدر القيمة ويُشترى بها طعام ويُطعم بعددها، يُشترى بها طعام ويُطعم كل مسكين نصف صاع.

فالمثلية هنا في الشبه لا في القيمة، والمؤلف يرد: (لَا مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ)، يرد بعض العراقيين، يعني بعض الكوفيين، مذهب الأحناف في هذا: يرون أن المثلية في القيمة، والمؤلف يرد عليهم يقول: القيمة تختلف باختلاف الأزمان والأماكن والبلدان.

فقيمة الضبع تختلف، يعني إلى وُجد الضبع وبيع يختلف قيمته باختلاف الأماكن والأزمان، وكذلك الكبش، يزيد وينقص، تختلف قيمته في بعض الأزمان، وفي بعض الأماكن.

 يقول المؤلف: (وَلَوْ كَانَ الْمِثَلُ فِي الْقِيمَةِ لَمْ يَجْعَلْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَزَاءَ الضَّبُعِ كَبْشًا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ وَفِي كُلِّ بَلَدٍ).

لو كان المراد القيمة، ما جُعل الكبش مثلًا له؛ لأن الكبش يختلف قيمته، في الزمان وفي المكان، فدل على أن المراد المثلية في الشبه لا في القيمة، أعد.

 

 

قارئ المتن: بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَبْشَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ جَزَاءً لِلضَّبُعِ هُوَ الْمُسِنُّ مِنْهُ لَا مَا دُونَ الْمُسِنِّ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾[المائدة:95]أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِالْبُدْنِ مِنَ النَّعَمِ، لَا مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ، إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ قِيمَةَ الضَّبُعِ تَخْتَلِفُ فِي الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ، وَكَذَلِكَ قِيمَةَ الْكَبْشِ قَدْ تَزِيدُ وَتُنْقَصُ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ، وَلَوْ كَانَ الْمِثَلُ فِي الْقِيمَةِ لَمْ يَجْعَلْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَزَاءَ الضَّبُعِ كَبْشًا فِي كُلِّ وَقْتٍ.

شرح الشيخ: الترجمة مشتملة على أمورٍ ثلاثة:

  • أولًا: أن الكبش جزاءً للصيد لابد أن يكون مسنًّا.
  • وثانيًا: المثلية إنما هي في الشبه.
  • وثالثًا: الرد على العراقيين الذين يقولون إن المثلية في القيمة، رد عليهم بأن القيمة تختلف، قيمة الكبش، وقيمة الضبع تختلف في الزمان وفي المكان، الحديث.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى الْحرْشِيُّ، قال: حدثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدثنا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ، فَفِيهِ جَزَاءُ كَبْشٍ مُسِنٍّ وَيؤكَلُ».

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال في تخريجه: "صحيح، أخرجه الطحاوي في [شرح المعاني]، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طريق إبراهيم الصائغ به، وسلف في الذي قبله من طريق منصور بن زاذان عن عطاء به".

الشيخ: في الحاشية هنا، الشيخ ناصر، صححه الحاكم، والذهبي، وخرجه في [إرواء الغريب]، الشيخ ناصر -رحمه الله-، كلمة كبش مسن وتؤكل أو ويؤكل.

مداخلة: محمد، عندنا ابن أبي موسى الخَرَشي، هو محمد بن موسى الحرَشي، صح كذا؟

الشيخ: محمد بن موسى، عندك ترجمة له؟

مداخلة: نعم، قال ابن حجر -رحمه الله- في [التقريب]: "محمد بن موسى بن نفيع الحرشي بفتح المهملة ..."

الشيخ: محمد بن موسى، ما فيه أبي؟

مداخلة: نعم، "محمد بن موسى بن نفيع الحرشي بفتح المهملة والراء ثم شين معجمة".

الشيخ: نعم، الحرشي؛ لأن [01:24:30]

مداخلة: لين من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين.

قال عنه الذهبي في [الكاشف]: روى عن حماد بن زيد، وسهيل بن أبي حزم، وعنه المفلوج، وليس هو الذي قبل، صدوق له أوهام، من التاسعة، روى له أبو داود، وقال كذلك: روى عن هشام بن عروة، وجعفر بن محمد، وعنه ابن معين، وأبو كريب، وثقه ابن معين، وأبو داود.

وقال البخاري والنسائي: منكر الحديث، وقال الدارقطني: ليس به بأس.

الشيخ: هو قال: يروي عن حسان هو؟ عن حسان بن إبراهيم، في التقريب ذكر حسان بن إبراهيم؟

مداخلة: لا، ما في [التقريب]، في [الكاشف] للذهبي.

الشيخ: من شيوخه حسان؟

مداخلة: من شيوخه: حماد بن زيد، وسهيل بن أبي حزم، وهشام بن عروة، وجعفر بن محمد، فقط.

ما ذكر حسان بن إبراهيم هنا.

الشيخ: ذكر أن فيه لين؟

مداخلة: نعم، ابن حجر قال: لين، وأما الذهبي فقال: صدوق له أوهام، وثقه ابن معين وأبو داود، وأما البخاري والنسائي فقالوا: منكر الحديث، الدارقطني قال: ليس به بأس.

الشيخ: في التقريب قال عنه ماذا؟

مداخلة: في [الكاشف] أحسن الله إليك للذهبي قال: وثقه ابن معين، وأبو داود، والبخاري والنسائي قالا: منكر الحديث، والدارقطني قال: ليس به بأس.

الشيخ: ما ذكر اللفظ؟

مداخلة: لا ما ذكر.

الشيخ: ما ذكر من شيوخه حسان بن إبراهيم؟

مداخلة: نرى في التهذيب، في تفسير الطبري روى عن شيخه حسان.

الشيخ: عن حسان؟ من شيوخه، يعني فيه من وثقه، ومن ليّنه، البخاري والنسائي.

مداخلة: عندنا بالحاشية يثبت أنه الحَرشي ليس بالخرشي.

الشيخ: لا، بالحاء المهملة، والراء المهملة، والشين.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ تَزْوِيجِ الْمُحْرِمِ وَخِطْبَتِهِ وَإِنْكَاحِهِ.

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حدثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهٍ وَهُوَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحْ»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الشافعي، والطيالسي، وأحمد، وعبد بن حميد، والدارمي، ومسلم.

شرح الشيخ: مسلم، في النكاح، وهو حديث صحيح، «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحْ»، لا ينكِح يعني لا يتزوج هو بنفسه، ولا يُنكِح: لا يزوج غيره، لا يزوج موليته، يعقد لها النكاح، فلا يتزوج هو ولا يزوج غيره، طبعًا تزويج المُحرم نفسه، وإنكاحه: إنكاحه غيره، فتزويج المُحرِم، في الحديث «لا يَنكِح»، وإنكاحه: «ولا يُنكِح»، لا يُنكح غيره، لا يتزوج بنفسه، ولا يُزوج غيره.

والخطبة وسيلة إلى النكاح، يُمنع منها، ولكن ذكر العلماء أنه لا يصح ويفسد النكاح، ولكن ليس فيه جزاء، نكاح المُحرم ليس فيه جزاء، لكن لا يصح العقد، يُجدد العقد بعدها، يفسد النكاح وليس فيه جزاء أو فدية.

مداخلة: لا يُعرّض بالنكاح؟

الشيخ: كيف؟

مداخلة: التعريض.

الشيخ: كذلك المُحرم ما ينبغي له أن يتكلم في النساء؛ لأنه لا يزال مُحرِم، وممنوع من النساء، فالأولى ألا يتكلم في النساء، الترجمة فيها التزوّج والتزويج، هو الإنكاح، «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحْ».

وفيه حديث ابن عباس، وهو صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو مُحرِم، لكن ذكر العماء أن هذا فيه وهم، أنه وهم، الحديث صحيح في البخاري، لكن وهم ابن عباس؛ لأن ميمونة أخبرت عن نفسها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو حلال، وكذلك أبو رافع وهو السفير بينهما أخبر أنه تزوجها وهو حلال، ليس بمُحرِم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو حلال، على الصحيح.

قارئ المتن: جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ أَفْعَالٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِبَاحَتِها لِلْمُحْرِمِ، نَصَّتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ دَلَّتْ عَلَى إِبَاحَتِهَا.

الشيخ: إباحتها، بالها، الأولى؟

مداخلة: قال في نسخة، إباحته، عندي إباحتها.

الشيخ: هي تعود إلى الأفعال.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ.

قال: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثنا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: امْتَرَى الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَهُمَا بِالْعَرْجِ فِي غُسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ وَقَالَ مَرَّةً فِي غَسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ.

فَأَرْسَلُونِي إِلَى أَبِي أَيُّوبَ أَسْأَلُهُ، فَأَتَيْتُهُ بِالْعَرْجِ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي ضَمَّ الثَّوْبَ إِلَى صَدْرِهِ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ أَسْأَلُكَ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَأَمَرَ بِدَلْوٍ فَصَبَّ، فَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ

الشيخ: أو فصُبّ.

مداخلة: عندي فصَبّ، هكذا الشكل.

قارئ المتن: قال: فَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا فِي رَأْسِهِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، قال: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ الْمِسْوَرُ: لَا أُمَارِيكَ فِي شَيْءٍ بَعْدَهَا أَبَدًا.

الشيخ: يعني لأن رأى أن قوله هو الصواب، تخريجه؟

مداخلة: قال في تخريجه: صحيح أخرجه مالك برواية الليثي، والشافعي في مسنده، والحميدي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي وفي [الكبرى] له، وابن الجارود.

شرح الشيخ: في البخاري ومسلم، متفق عليه، هنا ذكر مسلم اختصارًا، والقصة معروفة في الصحيحين، امْتَرَى الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَهُمَا بِالْعَرْجِ -مكان- فِي غُسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ، يعني اختلفا، فقال المسور: لا يغسل المُحرِم رأسه، وقال ابن عباس: يغسل رأسه، وكل منهما صحابي صغير، فأرسلوا عبد الله بن الحسين إلى أبي أيوب، وهو صحابي جليل يسأله، وفيه: الرجوع إلى أهل العلم، والرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف، فأرسلوه إلى أبي أيوب الأنصاري، كان صحابيًّا كبيرًا.

فأتاه وهو بالعرج، (يَغْتَسِلُ بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ)، فسلم عليه، فلما رآه ضم الثوب إلى صدره، (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صَدْرِهِ)، كأنه بينه وبينه حاجز، يظنه أنه بدا له رأسه، طأطأ رأسه، فقال: (إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ أَسْأَلُكَ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَأَمَرَ بِدَلْوٍ فَصَبَّ، فَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ)، كذا، يغسل رأسه.

وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، فذهب عبد الله بن الحسين إلى العباس فأخبره، فكان الصواب قول ابن عباس وهو أن المُحرِم يغسل رأسه، دون قول المسور، فقال المسور لابن عباس: (لَا أُمَارِيكَ فِي شَيْءٍ بَعْدَهَا أَبَدًا).

يعني لا أخالفك بعد ذلك؛ لأن الصواب كان مع ابن عباس في هذا، كل منهما صحابي صغير رجعوا إلى أبي أيوب.

مداخلة: [01:36:50]

الشيخ: عبد الله بن حنين، في البخاري ابن حنين، ليس ابن الحسين، أعد الحديث.

قارئ المتن: قال: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثنا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: امْتَرَى الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَهُمَا بِالْعَرْجِ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ وَقَالَ مَرَّةً فِي غَسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ.

فَأَرْسَلُونِي إِلَى أَبِي أَيُّوبَ أَسْأَلُهُ، فَأَتَيْتُهُ بِالْعَرْجِ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي ضَمَّ الثَّوْبَ إِلَى صَدْرِهِ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ أَسْأَلُكَ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَأَمَرَ بِدَلْوٍ فَصَبَّ، فَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا فِي رَأْسِهِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، قال: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ الْمِسْوَرُ: لَا أُمَارِيكَ فِي شَيْءٍ بَعْدَهَا أَبَدًا.

الشيخ: نعم، عبد الله بن حنين صح.

مداخلة: أقبل بيديه وأدبر بهما.

الشيخ: فأقبل بيديه وأدبر بهما في رأسه.

مداخلة: بدأ بمسح الرأس ثم...

الشيخ: كذلك في مسح الرأس، جاء بعضها: أدبر بهما وأقبل، وفي رواية: أقبل بهما وأدبر، هكذا وهكذا، الأولى كذا ثم يقبل، أو بالعكس كيفما مسح رأسه أجزأه، لكن هذا رآه في الغسل الآن، رأوه وهو يغتسل، قال: بدا له رأسه، رآه صبّ، كأن بينه وبينه حائل.

 

 

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ شَعَرٍ وَلَا حَلْقِهِ.   

قال: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال حدثنا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرًا يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: احْتَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ، ثُمَّ سَمِعْتُ عَمْرًا بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُمَا جَمِيعًا.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الشافعي، والحميدي، وأحمد، وعبد بن حميد، والدارمي، والبخاري، ومسلم.

الشيخ: احتج به المؤلف -رحمه الله- أن المُحرم إذا احتجم فلا يحتاج إلى قطع الشعر، لأنه لم يُذكر في الحديث، وكذلك لم يُذكر أنه افتدى، أو أنه دفع الفدية، ومعلوم أن المُحرِم ممنوع من أخذ الشعر، يحتمل أن الشعر قليل إذا احتاج، وكان هذا اختيارًا لشيخنا الشيخ ابن باز -رحمه الله-، يرى أنه قدرٌ يسير وأنه يُعفا عنه، والفقهاء المتأخرون يذكرون أن المُحرِم لا يأخذ، إذا أخذ شعرة أطعم مسكينًا، وشعرتين مسكينين، وثلاث شعرات فيها الفدية.

والمؤلف هنا -رحمه الله- ذكر أن المُحرم له رخصة في أن يحتجم، وليس عليه فدية، لكن ما ذكر الفدية هنا، قال: من غير قطع شعر ولا حجم، لكن أين احتجم؟ إذا كان في القفا أو في مكان ليس فيه شعر، لكن إذا كان في الرأس لابد يأخذ شعرات، المؤلف -رحمه الله- قيّده قال: من غير قطع شعر ولا حلقه.

يعني مفهوم كلامه أنه لو قطع شعر أو حلقه لابد أن يفتدي.

مداخلة: [01:42:52]

الشيخ: إذا ثبت يكون حجة، ولكن هل فيه أنه افتدى أو ليس فيه؟

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ادِّهَانِ الْمُحْرِمِ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيَّبٍ إِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِفَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، وَصَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ في رِوَايَتِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ادَّهَنَ وَهُوَ مُحْرِمٌ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَدِ اخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ وَاهِمًا فِي رَفْعِهِ هَذَا الْخَبَرَ.

قال: حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حدثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَا: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قال: أَخْبَرَنَا فَرْقَدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ادَّهَنَ بِزَيْتٍ غَيْرِ مُقَتَّتٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ وَاهِمًا فِي رَفْعِهِ هَذَا الْخَبَرَ؛ فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ رَوَى عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَدْهِنُ بِالزَّيْتِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وهذا - عِلْمِي - هُوَ الصَّحِيحُ، الِادِّهَانُ بِالزَّيْتِ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- لَا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَحْفَظُ وَأَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ، وَأَتْقَنَ مِنْ عَدَدٍ مِثْلِ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنْ حَمَّادٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ورَوَاهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، فَقَالَ: عِنْدَ الْإِحْرَامِ، (ح) حدثناه سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثنا وَكِيعٌ، وَرَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ عَنْ حَمَّادٍ، فَقَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، قال: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاللَّفْظَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا وَكِيعٌ، وَالَّتِي ذَكَرَهَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ لَوْ كَانَ الدُّهْنُ مُقَتَّتًا بِأَطْيَبِ الطِّيبِ جَازَ الِادِّهَانُ بِهِ إِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ تَطَيَّبَ حِينَ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ، وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ عَلَى مَا خَبَّرَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: غَيْرَ مُقَتَّتٍ: غَيْرَ مُطَيَّبٍ.

الشيخ: ماذا قال عنه؟ تخريجه؟ تخريج الأول؟

مداخلة: الأول: "إسناده ضعيف لضعف فرقد السبخي، وهو معلول بالوقف، والوقف فيه هو الصحيح".

الشيخ: وهو معلول ...

مداخلة: بالوقف.

الشيخ: على ابن عمر، كما ذكر المؤلف في الحديث الثاني.

مداخلة: "والوقف فيه هو الصحيح، وأخرجه أحمد، وابن ماجه، والترمذي، عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعًا، وأخرجه البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا.

قال الترمذي: المقتت: المطيب، هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فرقد السبخي عن سعيد بن جبير، وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد السبخي، وروى عنه الناس.

قال في الثاني: إسناده صحيح، وهو الصواب، وقد سبق تخريجه في الذي قبله".

الشيخ: إنه من فعل ابن عمر يعني، أعد الترجمة.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ادِّهَانِ الْمُحْرِمِ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيَّبٍ إِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِفَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، وَصَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ في رِوَايَتِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...

الشيخ: هذه اللفظة من روايته، عندك في روايته؟

مداخلة: في روايته.

الشيخ: صح في روايته، يعني في رواية فرقد.

مداخلة: بالميم.

الشيخ: النسخة الثانية من روايته، وصحت هذه اللفظة ....

قارئ المتن: وَصَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ في رِوَايَتِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ادَّهَنَ وَهُوَ مُحْرِمٌ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَدِ اخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ وَاهِمًا فِي رَفْعِهِ هَذَا الْخَبَرَ.

الشيخ: وهو كما ذكر، أنه واهم في رفعه، والصواب أنه موقوف على ابن عمر، يعني فرقد كأنه انفرد من أصحاب حماد بن سلمة، فرفعه، وهم وقفوه، أنا خائف أن يكون ماذا؟

قارئ المتن: أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ وَاهِمًا فِي رَفْعِهِ هَذَا الْخَبَرَ.

الشيخ: قال أبو بكر بعد هذا؟

قارئ المتن: أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ وَاهِمًا فِي رَفْعِهِ هَذَا الْخَبَرَ؛ فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ رَوَى عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَدْهِنُ بِالزَّيْتِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ.

الشيخ: فيكون الصواب أنه من فعل عمر، وليس من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

مداخلة: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه كما في البخاري.

الشيخ: نعم، احتجم في رأسه، في محل جمل في مكان، هل ثبت أن النبي أخذ شعرات؟ هذا يمكن في شرح البخاري، يراجع، راجع كلام الحافظ، [01:51:28]، قال أبو بكر ...

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاللَّفْظَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا وَكِيعٌ، وَالَّتِي ذَكَرَهَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ لَوْ كَانَ الدُّهْنُ مُقَتَّتًا بِأَطْيَبِ الطِّيبِ جَازَ الِادِّهَانُ بِهِ إِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ تَطَيَّبَ حِينَ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ، وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ عَلَى مَا خَبَّرَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: غَيْرَ مُقَتَّتٍ: غَيْرَ مُطَيَّبٍ.

شرح الشيخ: هذا لا شك أنه قبل الإحرام سنة مؤكدة، في حديث عائشة طيّبته بالمسك، أطيب الطيب، قالت: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يُحرِم، ولحلّه قبل أن يطوف بالبيت، سيعود المؤلف -رحمه الله-، سيأتي عدد من التراجم في الحجامة، وأن النبي احتجم في رأسه، سيأتي، وأنه احتجم على ظاهر القدم، واحتجم في رأسه وهو مُحرِم، قال: الرخصة في حجامة المُحرم على الرأس.

 

 

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ مُدَاوَاةِ الْمُحْرِمِ عَيْنَهُ -إِذَا أَصَابَهُ رَمَدٌ- بِالصَّبِرِ.

حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ -رضي الله عنه- حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنَّ الرَّجُلَ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ.

الشيخ: قال: رواه الشيخان، عندك؟

مداخلة: مسلم.

الشيخ: رواه مسلم في الحج، ما ذكر البخاري؟

مداخلة: ما ذكر.

الشيخ: وفيه كما ذكر المؤلف -رحمه الله- الحديث الصحيح أنه يجوز للمُحرِم مداواة عينه إذا أصابه رمد بالصبر؛ لأنه ليس فيه طيب، إنما المُحرِم ممنوع من الطيب، ليس ممنوعًا من المداواة.

مداخلة: للعلاج.

الشيخ: للعلاج نعم، إذا اشتكى عينيه ضمدها بالصبر.

مداخلة: [01:55:07]

الشيخ: نعم، الصبر علاج.

مداخلة: طيب هو؟

الشيخ: لا، ما فيه طيب، الصبر ليس فيه طيب، مداواة.

مداخلة: ذكر في [مختار الصحاح] أنه دواء مر.

الشيخ: الصبر معروف، أمر من الصبر، دواء مر، ليس فيه طيب.

مداخلة: لو كان في بعض الأدوية رائحة زكية هل يمنع منها المُحرِم؟

الشيخ: إذا كان رائحة قوية تركه أولى؛ لأن قد يكون فيه نوع من الترفه، والمُحرِم ليس مترفهًا، فإذا كان له رائحة قوية، ورائحة زكية تنافي ... المُحرم ليس مترفهًا، بعيد عن الطيب وما يكون فيه نوع من الترفه له.

مداخلة: الزعفران؟

الشيخ: الزعفران طيب نعم، ممنوع منه المُحرِم، النبي في الحديث: نهى عن شيء مسه الزعفران أو الورس.

مداخلة: الشرب يدخل في النهي.

الشيخ: نعم، لا يأكله ولا يشربه، ممنوع من استعمال الطيب، لا في أكله ولا في شربه، ولا في لباسه، قهوة فيها زعفران نوع من الطيب.

مداخلة: المس يختلف عن الأكل.

الشيخ: من باب أولى إذا أكله أو شربه، لا يأكله ولا يشربه، ولا يستعمله، إذا كان له رائحة قوية لا يأكله، لما فيه من الترفه، المُحرِم غير مترفه، أشعث، ولهذا قال العلماء مثلًا حلق الرأس ينافي الترفه، أخذ الشعر، تغطية الرأس، لبس المخيط، فكذلك ما فيه روائح قوية يتركها.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي السِّوَاكِ لِلْمُحْرِمِ.

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حدثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ (ح) وحدثنا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الدَّرَامِيُّ.

مداخلة: عندنا الرازي

الشيخ: الرازي كذا؟

مداخلة: أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.

مداخلة: قال: في نسخة: الدارمي، وهو خطأ، انظر [تهذيب الكمال].

الشيخ: تصويب الدارمي.

مداخلة: نعم، الدارمي صوابه الرازي، كما في [تهذيب الكمال]

الشيخ: تحريف كثير.

قارئ المتن: وحدثنا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرازي حدثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قال حدثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَهَلْ تَسَوَّكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ

الشيخ: كذا عندكم السؤال: وهل؟

مداخلة: لعله مدرج من كلام ابن عباس.

الشيخ: ماذا قال عليه؟ تكلم عليه؟

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه الطبراني في [الكبير]، والبيهقي.

الشيخ: فقط، ما ذكر وسئل: هل تسوك؟

مداخلة: ما ذكر شيء.

الشيخ: صحيحٌ أخرجه...

مداخلة: أخرجه الطبراني في [الكبير]، والبيهقي، انظر [مجمع الزوائد].

الشيخ: أن يكون جاء بصيغة السؤال هذا فيه إشكال.

مداخلة: ابن المنذر نقل الإجماع على جواز التسوك للمُحرم، قال: وأجمعوا على أن للمنذر أن يستاك.

الشيخ: ابن المنذر إذا نقل الإجماع فهو قول الأكثر، وكذلك ابن قدامة والنووي وجماعة، قوله: قول الجمهور أو قول الأكثر يطلقون عليه الإجماع، لكن الكلام في لفظة الحديث (وهل تسوك؟) مجيئه هكذا؟ وإلا التسوك لا بأس به للمُحرِم، وكذلك الصائم، بشرط ألا يكون له فتات يذهب إلى الحلق، ولا يكون له طعمية، يزيل الطعميات التي فيه بالحرارة، عمرو بن رفيع يقول: ما لا أحصي رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتسوك وهو صائم.

كذلك المُحرِم لا بأس به، لكن تراجع اللفظة، وهل تسوك النبي وهو مُحرِم، أو وتسوك النبي وهو مُحرم، تراجع (هل)، لكن كونه قال: نعم، تدل على صيغة السؤال.

مداخلة: لعل تقديرها أن عطاء وطاوس ومجاهد سألوا ابن عباس: هل تسوك النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فأجاب: نعم.

الشيخ: نعم، محتمل، يراجع الأصل.

 

 

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَلْبِيدِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ كَيْ لَا يَتَأَذَّى بِالْقُمَّلِ وَالصِّيبَانِ وهو مُحرِم.

الشيخ: الصئبان أو الصيبان، يقال: بالتسهيل، الصئبان: صغار القمل، القمل حشرات تكون في الرأس.

مداخلة: بيض القمل.

الشيخ: أولاد القمل، وهي القمل الصغار (الصئبان)، القمل حشرات تكون في الرأس، حشرات صغيرة إذا صار فيه أوساخ، والصئبان تولد منها، القمل الصغير، وتتولد منها، يقال: الصئبان، والصيبان، بالتسهيل.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَلْبِيدِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ كَيْ لَا يَتَأَذَّى بِالْقُمَّلِ وَالصِّيبَانِ فِي الْإِحْرَامِ.

حدثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حدثنا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُهِلُّ مُتَلَبِّدًا.

حدثنا يُونُسُ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: يُلَبِّدُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ؟ قَالَ بِالصَّمْغِ وَالْغَاسُولِ.

الشيخ: بالصبر؟

مداخلة: بالصمغ.

الشيخ: الحديث الأول، تخريجه؟

مداخلة: قال: أخرجه البخاري ومسلم.

الشيخ: والثاني؟

مداخلة: ما تكلم عليه.

مداخلة: [02:04:46]

الشيخ: الحديث الأول، رواه الشيخان، متلبدًا، يعني يجعل شيء يلبد الرأس حتى لا يتشعث، يجعل شيء من الصمغ وغيره يمسك الشعر حتى يتماسك ولا يتشعث، هنا قال: (كَيْ لَا يَتَأَذَّى بِالْقُمَّلِ وَالصِّيبَانِ فِي الْإِحْرَامِ)، لو أصابه القمل يكون الرأس متلبد، بخلاف ما إذا كان مشعث غير ملبد، فإنها تدخل القمل في ثناياه، (سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُهِلُّ مُتَلَبِّدًا)، الحديث الذي بعده.

قارئ المتن: حدثنا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: يُلَبِّدُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ؟ قَالَ: بِالصَّمْغِ وَالْغَاسُولِ

الشيخ: تكلم عليه؟

مداخلة: ما تكلم.

مداخلة: [02:06:20]

الشيخ: رواه الشيخان، تكلم عن الغاسول؟ نوع مثل الصمغ يوضع على الشعر حتى يتماسك.

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي حِجَامَةِ الْمُحْرِمِ عَلَى الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُومِ ذَا جُمَّةٍ أَوْ وَفْرَةٍ، بِذِكْرِ خَبَرٍ مُخْتَصَرٍ غَيْرِ مُتَقَصٍّ.

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قال حدثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قال حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قال حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ ابْنِ بُحَيْنَةَ مِنْ هَذَا الْبَاب.

الشيخ: كذا (ابن بحينة)؟ في الحاشية تكلم عليه؟

مداخلة: تخريجه، أحسن الله إليك؟

الشيخ: نعم.

مداخلة: قال: صحيح، أخرجه أحمد، والحاكم من طريق زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن طاوس به، ليس فيه عطاء.

الشيخ: فيه عطاء عندك؟ في النسخة هذه عطاء؟

مداخلة: ذكر البخاري ومسلم أيضاً في التخريج.

الشيخ: لعلنا نقف على أحكام باب الحجامة.

وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد