بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
آخر ترجمة قرأناها.
مداخلة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه وذريته والحاضرين ووالديهم والمستمعين وعموم المسلمين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:
قارئ المتن: بَابِ ذِكْرِ دَلِيلٍ ثَانٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ يَعْلَى بِغَسْلِ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ الْمُحِلَّ أَيْضًا بِغَسْلِ الْخَلُوقِ الَّذِي كَانَ قَدْ تُخَلَّقَ بِهِ فَسَوَّى فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ، قال: حدثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: شَحَيْتُ يَوْمًا، فَقَالَ لِي صَاحِبٌ لِي: اذْهَبْ بِنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ وَتَخَلَّقْتُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ وُجُوهَنَا، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي جَعَلَ يُجَافِي يَدَهُ عَنِ الْخَلُوقِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لِي: «يَا يَعْلَى! مَا حَمَلَكَ عَلَى الْخَلُوقِ، أَتَزَوَّجْتَ؟»، قُلْتُ: لَا. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاذْهَبْ فَاغْسِلْهُ». قَالَ: فَمَرَرْتُ عَلَى رَكِيَّةٍ فَجَعَلْتُ أَقَعُ فِيهَا، ثُمَّ جَعَلْتُ أَتَدَلَّكُ بِالتُّرَابِ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ جِئْتُ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: «وَعَادَ بِخَيْرِ دِينِهِ الْعُلَا تَابَ وَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا أَمَرَ الْمُحْرِمَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ.
ماذا قال في هذا الحديث؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لجهالة حال عمرو بن عثمان بن يعلى ولانقطاعه فيما بين عمروٍ وجده، أخرجه أحمد والطبراني في [الكبير]، وقد تقدَّم تخريجه".
شرح الشيخ: المؤلف -رحمه الله- في الترجمة ذكر أن النبي أمر بغسل الطيب الذي على المحرم، وأمر يعلى بن مرة عن أبيه عن جده أن يغسل الخلوق وهو غير محرم.
وفرقٌ بين الأمرين، المحرم أمره أن يغسل الطيب؛ لأنه ممنوع من الطيب المحرم، وأما يعلى بن مرة ليس بمحرم، ومرة الثقفي [00:03:25] جده، أبوه مرة وجده الثقفي، مرة أمره يغسل الطيب لأنه من طيب النساء ولا يصح للرجال، قال: اغسله تخلقت الخلوق من طيب النساء، ولهذا قال المؤلف: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ) لماذا؟ لأنه من طيب النساء، ولهذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يتزعفر الرجل، يعني يتطيب بالزعفران الذي هو من طيب النساء سواء كان محرمًا، المحرم معروف، ولكن حتى ولو كان حلالاً.
نهى أن يتزعفر الرجل أي أن يتطيب بالزعفران الذي هو من ماذا؟ من طيب النساء، فالمؤلف يقول: (فَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ) لماذا؟ لأنه من طيب النساء، (كَمَا أَمَرَ الْمُحْرِمَ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ)؛ لأن المحرم ممنوع من الطيب من أساسه من طيب الرجال وطيب النساء.
ولهذا قال في الترجمة: (بَابِ ذِكْرِ دَلِيلٍ ثَانٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ يَعْلَى بِغَسْلِ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ الْمُحِلَّ أَيْضًا بِغَسْلِ الْخَلُوقِ الَّذِي كَانَ قَدْ تُخَلَّقَ بِهِ فَسَوَّى فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ)، يعني الخلوق خليط من الطيب وهو نوع من الطيب خاصٌ بالنساء، فهذا من طيب النساء، فلا يتطيب به الرجل سواء كان محرمًا أو غير محرم.
إذا تطيَّب به المحرم يؤمر بغسله، لماذا؟ لأنه طيب، والمحرم لا يتطيَّب، وإذا تطيب به غير المحرم يؤمر بغسله؛ لأنه من طيب النساء، واضح هذا؟ ولكن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره قال: (فَاذْهَبْ فَاغْسِلْهُ).
في آخره قال: (وَعَادَ بِخَيْرِ دِينِهِ الْعُلَا تَابَ وَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ)، تكلم على هذه الجملة عندكم؟
مداخلة: لم يتكلم.
الشيخ: مناسبتها، فلما قال: (وَعَادَ بِخَيْرِ دِينِهِ الْعُلَا) العلا ويعلى، (تَابَ وَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ)، تكلم عليها عندك؟ ضعيفة، الحديث ضعيف، المؤلف يقول: "النبي أمر المحِّل بغسل الخلوق" هذا بناء على صحة الحديث، فالحديث لا يصح الذي كان قد تخلَّق به، "وسوَّى في الأمر بغسل الخلوق بين المحرم والمحِّل" هذا مبني على صحة الحديث، وإذا لم يصح فيقول أحتاج إلى دليل أن النبي أمر بغسل الخلوق، يمكن يُزال طيب النساء بغير الماء، أليس كذلك؟ يُزال بالمسح وبغيره.
سؤال: [00:07:51]
الشيخ: فيه عندك خبر الاغتسال؟ أين تلك؟ ما أذكر، أن ترجع، المقصود أن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسل الخلوق الذي هو طيب النساء وتطيَّب به الرجل، هذا مبني على صحة الحديث، والحديث لم يصح، إذا كان هناك دليل آخر يُبحث إن كان هناك دليل آخر أن النبي أمر الرجل إذا تطيَّب بطيب النساء وخلوق يؤمر بغسله، أما بنى الترجمة على هذا قال فيه: (النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ الْمُحِلَّ أَيْضًا بِغَسْلِ الْخَلُوقِ الَّذِي كَانَ قَدْ تُخَلَّقَ بِهِ فَسَوَّى فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ).
يُنظر إذا كان فيه حديث صحيح، أو الحديث له شواهد ومتابعات تكون الترجمة صحيحة.
مداخلة: [00:09:10]
الشيخ: يغسل الطيب حتى يزول أثره [00:09:15].
مداخلة: الحديث قبل السابق فيه: «اغسل عنك هذا الزعفران» للمحرم.
الشيخ: الحديث السابق الذي قبل هذا؟
مداخلة: الذي قبله.
الشيخ: الترجمة التي قبلها: "نهى النبي عن تزعفر المحرم والدليل على صحة ما تأولت خبر يعلى بن أمية إنما أمر المحِّل بغسل الطيب الذي كان متخلقًا به إذ كان طيبه خلوقًا فيه زعفران"، هذا محرم "نهى النبي عن التزعفر" يعني الخلوق.
مداخلة: في الذي قبله.
الشيخ: نعم، الذي قبله قال: "إنما أمر المحرم الذي ذكر بالطيب الذي كان متخلقًا به، إن كان طيبه خلوقًا فيه زعفران"؛ لأنه محرم، قال: "نهى رسول الله عن التزعفر" أن يتزعفر الرجل، فأمره بغسله؛ لأنه محرم، ولكن الترجمة الثانية مبنية على الحديث، حديث يعلى بن مرة أنه أمره بغسل الخلوق وهو محِّل ليس بمحرم.
مداخلة: [00:10:40]
الشيخ: يُنظر إذا كان له شواهد ومتابعات.
قارئ المتن: بَابُ الْبَيَانِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُحْرِمَ فِي الْجُبَّةِ عَلَيْهِ خَرْقُ الْجُبَّةِ وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ نَزْعُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْزَعْ جُبَّتَكَ.
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حدثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ يَخْرِقُ عَنْهُ جُبَّتَهُ. فَلَمَّا بَلَغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ أَخَذْنَا بِهِ.
قَالَ الْحَجَّاجُ: حدثَنَا عَطَاءٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ.
الشيخ: ما تخريج هذا الحديث؟
مداخلة: ما ذكر له تخريج.
الشيخ: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ)، هذا انظر ما قبله، الحديث (71)، حديث نزع الجبة قال: «انزع عنك جبتك»؟
مداخلة: انزع عنه ثيابه.
الشيخ: قال كيف تصنع، الحديث قال: «انزع هذه الثياب واغسلها»، قال: «فاصنع في أمورك ما» [00:12:30]، هذا صحيح رقمه، هذا في نزع الجبة، والحديث الثاني ما تكلم عليه؟ الحديث الثاني أيضًا تكلم عليه.
مداخلة: الفحل لم يتكلم عليه.
الشيخ: ما تكلم عليه؟
مداخلة: ما تكلم عليه.
الشيخ: قال: (كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ يَخْرِقُ عَنْهُ جُبَّتَهُ. فَلَمَّا بَلَغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ أَخَذْنَا بِهِ)، المقصد أن المؤلف -رحمه الله- يرد على من قال إن المحرم إذا لبس الثياب إنه لا يخلعها ليغسل رأسه بل يشقها، يشقها حتى لا تمر على رأسه، وهذا خطأ، النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه الرجل الذي لبس الجبة و[00:13:45] قال: «انزع عنك الجبة ولم يخرقها»، نزعها من فوق رأسه، قال: «انزع عنك الجبة».
وهنا قال: (بَابُ الْبَيَانِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُحْرِمَ فِي الْجُبَّةِ عَلَيْهِ خَرْقُ الْجُبَّةِ وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ نَزْعُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ)، ابحث هذا القول في [المغني] هل هو قول الأحناف أو قول لمن؟ القول بأنه يخرق الجبة.
فالمؤلف -رحمه الله- يرد على من قال إن المحرم إذا لبس المخيط يخرق المخيط ولا ينزعه لئلا يصيب رأسه، والصواب أنه ينزعه إن كان ناسيًا أو جاهلاً فهو معفوٌ عنه، وإن كان متعمد عليه الفدية، وينزعه من فوق رأسه ولا يحتاج لأن يخرقه، ولأن التخريق فيه إفساد لماليته، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن إضاعة المال، إفساد الثوب والجبة بكونه يخرقها.
مداخلة: الحديث رواه الإمام [00:14:58].
الشيخ: أي حديث؟
مداخلة: الحديث قال النبي: «إذا خرجت المرأة تغتسل من الطيب كما تغتسل من» [00:15:05].
الشيخ: تغتسل، ليس فقط تغسل الطيب، تغتسل الغُسل.
مداخلة: ... امرأةً تطيبت فهي تغتسل.
الشيخ: تغتسل اغتسالاً ليس بغسل الطيب، تغتسل غُسل الجنابة، تغتسل غسل الجنابة يعني أنه تشديد عليها هذا التطيُّب، فتغتسل المرأة، ما فيه هنا تغسل الطيب، لكن تغتسل غُسل الجنابة.
مداخلة: [00:15:42]
الشيخ: لا، تغتسل غُسل الجنابة، غُسل كامل، جاء في الحديث أن «أيما امرأة تطيَّبت ومرَّت فشمها الرجال فهي زانية»، جاء فيه حديث، فتغتسل غسل الجنابة.
ابحث المسألة: من قال بأنه يخرق؟ هل هم الأحناف؟
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي حَلْقِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ إِذَا مَرِضَ أَوْ آذَاهُ الْقُمَّلُ أَوِ الصِّيبَانُ أَوْ هُمَا، وَإِيجَابِ الْفِدْيَةِ عَلَى حَالِقِ الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ حَلْقُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَذًى بِرَأْسِهِ
حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ:
أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا كَثِيرُ الشَّعْرِ، فَقَالَ: كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِكَ يُؤْذِيكَ؟ " فَقُلْتُ: أَجَلْ. قَالَ: "فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينٍ".
الشيخ: وهذا الحديث صحيح معروف رواه مسلم، وعند البخاري عندك؟
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه ابن حبان وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وابن حبان وأخرجه مالكٌ".
الشيخ: ما ذكر البخاري، والحديث حديث صحيح، هذا حديث كعب بن عجرة معروف، وذلك أنه أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أذاه هوام رأسه، فأمر بحلق رأسه، وأمره بالفدية، والفدية يخيَّر بين واحدة من ثلاثة:
- إما إن يذبح شاة.
- وإما أن يُطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع.
- وإما أن يصوم ثلاثة أيام.
مداخلة: على التخيير أو الترتيب؟
الشيخ: التخيير، يختار الأسهل عليه.
مداخلة: ليس الترتيب، يختار أي واحد.
الشيخ: لا، التخيير، وهذه تسمى عند أهل العلم فدية الأداء، وقاس العلماء عليها بقية المحذورات، قاسوا عليها من قلَّم أظافره يخيَّر بين إطعام ستة مساكين، أو يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، ومن غطى رأسه يُخيَّر بين الثلاثة، من تطيَّب يُخيَّر بين واحد من الثلاثة.
مداخلة: ثلاثة أيام متتالية أم متفرقة؟
الشيخ: يجوز متفرقة ومتتالية، الأمر واسع، هذا يسمى فدية الأداء عند أهل العلم، خمسة أشياء كلها:
- أولها وأصلها حلق الرأس، كما حديث كعب بن عجرة.
- تقليم الأظفار.
- تغطية الرأس.
- لبس المخيط.
- الطيب.
هذه الأمور الخمسة إذا فعل واحدًا منها ناسيًا أو [00:18:52] أو جاهلاً فهو معفوٌ عنه، وإن فعلها عالمًا ذاكرًا مختاراً عليه الفدية.
مداخلة: ومكره، إن فعلها مكرهًا جاز؟
الشيخ: إذا كان الإكراه ملجئ، مثلاً يحلق رأسه نعم هذا معفوٌ عنه.
مداخلة: تغطية الرأس، إذا يغطي رأسه؟
الشيخ: عليه الفدية، لكن إذا كان محتاجًا فلا إثم عليه، وإن كان غير محتاج عليه الإثم والفدية، غطى رأسه من أجل البرد، أو لبس المخيط لأجل البرد عليه الفدية مثل كعب.
مداخلة: كعب الآن ليس عليه إثم؟
الشيخ: ما عليه إثم.
مداخلة: لكن عليه الفدية؟
الشيخ: عليه الفدية نعم، وهذه تسمى فدية الأداء وهي الأصل.
مداخلة: الحديث قال: "أخرجه البخاري" أيضًا، حديث كعب بن عجرة.
الشيخ: أين؟ [00:19:47] في التخريج، معروف إنه كذا إنه في البخاري، فيكون الحديث صحيح، حديث كعب بن عجرة وهو الأصل.
ممكن قصده أنه ما ذكر البخاري يعني بهذا السند، أن البخاري أخرجه بسندٍ آخر.
مداخلة: من طريقٍ آخر.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ كَعْبًا أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ، وَيَفْتَدِي بِصِيَامٍ
الشيخ: (وَأن يَفْتَدِي).
مداخلة: عندي (يَفْتَدِي بصيامٍ).
الشيخ: طيب، في نسخة ثانية: (وأنْ يَفْتَدِي).
قارئ المتن: وَيَفْتَدِي بِصِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ، قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحْلِقُونَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، مِنْ غَيْرِ وُصُولٍ إِلَى مَكَّةَ
قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ أَوْ قَالَ تَحْتَ قِدْرٍ، وَالْقَمْلُ تَتَسَاقَطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُؤْذِيكَ هَذِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَنَزَلَتْ: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾[البقرة: 196] فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحْلِقُونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفِدْيَةَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ وَيَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينٍ، أَوْ يَذْبَحَ شَاةً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا خَرَّجْتُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا.
شرح الشيخ: هذه الترجمة يبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر كعبًا بالفدية؛ لأنه محرم، وهم على طمع أن يدخلوا مكة، هذا في الأول، ثم بعد ذلك حصل بينه وبين المشركين مفاوضة بأن يرجعوا هذا العام فتحللوا، فأمرهم الرسول أن يذبحوا وأن يحلقوا رؤوسهم وأن يتحللوا، هذا في الأول، قبل أن [00:22:25]، يعني أولاً أمره أن يفتدي؛ لأنه محرم والنية أنهم سيدخلون مكة، ثم بعد أن حصلت المفاوضة وكان من بنود المفاوضة أنهم هذا العام يرجعون، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحلقوا رؤوسهم وأن يتحللوا، يقول هذا أولاً، وهذا واضح.
مداخلة: النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالطعام ولا الصيام؟
الشيخ: نعم؟
مداخلة: أمره أن يطعم ولا يصوم؟
الشيخ: اختار، خيَّره بينهما، في لفظ «هل تجد شاةً».
مداخلة: في لفظ أنه أمره بالصوم؟
الشيخ: في بعضها قال: «هل تجد شاةً؟»، لكن الحديث فيه التخيير، خيَّره، خبر الشبل يقول بعد هذا الباب، قال المؤلف: "خرجته في الباب الذي يلي هذا"، المقصود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خيره بين هذه الأمور الثلاثة وهو محرم قبل أن تحصل المفاوضة ويتحللوا.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ﴾[البقرة: 196] اخْتِصَارَ كَلَامٍ مَعْنَاهُ: فَحَلَقْتُمْ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ كَقَوْلِهِ - جَلَّ وَعَلَا: فقلنا ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾[الشعراء: 63] أَرَادَ: فِيهِنَّ جَمِيعًا فَضَرَبَ فَاخْتَصَرَ الْكَلَامَ، وَحَذَفَ فَضَرَبَ، وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ انْفِجَارَ الْحَجَرِ وَانْبِجَاسُهُ وَانْفَلَاقَ الْبَحْرِ إِنَّمَا كَانَ عَنْ ضَرَبَاتِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّ مُوسَى أَطَاعَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ رَبُّهُ مِنْ ضَرْبِ الْحَجَرِ وَالْبَحْرِ
الشيخ: (ربُّهُ)؟
مداخلة: ثم حشَّى عليها قال: "سقطت من نسخة".
الشيخ: (مِنْ ضَرْبِ الْحَجَرِ وَالْبَحْرِ، فَكَانَ)
قارئ المتن: فَكَانَ انْفِلَاقُ الْبَحْرِ وَانْفِجَارُ الْحَجَرِ وَانْبِجَاسُهُ بَعْدَ ضَرْبِهِ مُسَارَعَةً مِنْهُ إِلَى طَاعَةِ خَالِقِهِ.
شرح الشيخ: المؤلف في هذه الترجمة يقول إن الكلام فيه حذف يدل عليه ما قبل، وهذا معروف أن القرآن نزل بلغة العرب، في لغة العرب يُحذف ما هو معلوم، فيكون قوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾[البقرة: 196]، يقول فيه كلمةٍ محذوفةٍ لابد منها، حُذفت لماذا؟ لأن الكلام معلوم، العرب تعرف هذا من لغتها.
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ (فحلق رأسه) فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، كلمة (حلق) حُذفت، لماذا حُذفت؟ لأنها معروفة من السياق، ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ وهو محرم، ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾، يعني فحلق، إذا حلق فعليه فدية، أما إذا لم يحلق ما عليه فدية، معروف هذا.
قال المؤلف -رحمه الله: "له نظير هذا"، ما هو نظيره؟
قول الله تعالى لموسى: ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾[الشعراء: 63]، والتقدير: (فضرب فانفلق)، كلمة (فضرب) حُذفت، لماذا؟ معلوم معناها (فضرب فانفلق)، فاختصر الكلام، ولأن العلم محيط أن انفجار البحر وانبجاسه وانفلاق البحر إنما كان عن ضرب موسى الحجر لما أمره الله، ضرب البحر بعصاه فانفلق، وضرب الحجر فانبجس.
قال: (وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّ مُوسَى أَطَاعَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ رَبُّهُ وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّ مُوسَى أَطَاعَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ رَبُّهُ)، وهذا معلوم في لغة العرب أن الشيء المعلوم يُحذف، مثل قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا﴾[الرعد:31]، أين جواب (لو)؟ التقدير (لكان هذا القرآن).
﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ (لكان هذا القرآن) ﴿بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا﴾، فحُذف الجواب لأنه معلوم.
ومثل قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾[التوبة:122]، والتقدير: (وبقيت طائفة) حُذفت، ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ وبقيت طائفة تتعلم ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ إِذَا رَجَعُوا﴾.
فالمؤلف يقول إن هذا في كلمة حُذفت، وهي التقدير (فحلق)، وهذا معلوم من لغة العرب، والقرآن نزل بلغة العرب، مثل قوله تعالى: ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾[الشعراء: 63] يعني فضربه فانفلق، ﴿ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ﴾[الأعراف:160]، فضرب فانبجست.
قارئ المتن: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، قال: حدثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشيخ: هنا يقول المؤلف: "قال أبو بكر: عن شبل عن نجيح من هذا الباب خرجته في الباب الذي يليه"، هذا هو خير شبل.
قارئ المتن: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟" قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفِدْيَةَ فَأَمَرَه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوِ الْهَدْيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
الشيخ: وهذا كما سبق الحديث صحيح، رواه الشيخان وغيرهما، وهذه فدية الأداء، وفيه أن النبي أمره بالفدية قبل أن يتفاوض مع المشركين.
مداخلة: هذا في البخاري.
الشيخ: في البخاري وفي مسلم وفي غيرهما، أمره بالفدية قبل أن يحصل المفاوضة، ثم لما حصلت المفاوضة كان من بنودها أنهم يرجعون هذا العام ولا يعتمرون، وهم محرمون، فماذا يعملون؟ محصرون يعني ممنوعون، ما داموا ممنوعين فالمحصر إذا كان محرمًا لا يتحلل حتى يذبح شاة، ثم يحلق رأسه، ثم يتحلل، فهذا الأمر لكعب بن عجرة بالفدية قبل المفاوضة.
ثم لما حصلت المفاوضة تحلل الناس كلهم، كلهم ذبحوا وحلقوا رؤوسهم وتحللوا، المؤلف سيعلق على هذا الحديث تعليقًا طويلاً صفحة كاملة.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالْكَفَّارَاتِ مَبْلَغَ الْفَرَقِ وَأَنَّهُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَبَيَّنْتُ أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَأَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا. وَأَنَّ الصَّاعَ ثُلُثُهُ إِذِ الْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، بِدَلَائِلِ أَخْبَارِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشيخ: المؤلف هنا سيبين الإطعام ما هو؟
قال: (قَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالْكَفَّارَاتِ مَبْلَغَ الْفَرَقِ)، أنه أمره أن يتصدق بفرَق بين ستة مساكين، قال الفرَق (ثَلَاثَةُ آصُعٍ)، يعني ثلاثة أصواع، والمساكين يطعمون ستة، فإذا قسمت ثلاثة على ستة، كل واحد كم يناله؟
مداخلة: نصف صاع.
الشيخ: نصف صاع، يعني كيلو ونصف، يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والصاع ثلاثة كيلو، يعني يزيد شيئًا يسيرًا، كل واحد نصف، وهو أربعة أمداد كما سبق، والمُد ملء كفي الرجل المتوسط، هذا الصاع النبوي أربع حفنات، أربعة أمداد، كل حفنة ملء الكفين، والمراد بالكفين: الكفين المتوسطتين لا الصغيرتين ولا الكبيرتين، أربع حفنات هذا هو الصواب، وهو الفرَق، الفرَق ستة آصع من هذا، هذا صاع واحد، ستة في أربع حفنات كم يكون؟
مداخلة: أربعة وعشرين.
الشيخ: (وَبَيَّنْتُ أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَأَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا) عندهم الأرطال في ذلك الزمن، فالفرَق ستة عشر رطلاً، والصاع ثلثه، إذن الفرَق ثلاثة آصع، والصاع خمسة أرطال وثلث بدليل إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول كانوا يقدرون الفرَق بستة عشر رطلاً، وإذا صار ستة عشر رطلاً كم يكون؟
مداخلة: خمسة [00:33:55]
الشيخ: الصاع ثلثه، فيكون الفرَق الواحد ثلاثة آصع، والصاع خمسة أرطال وثلث، يبين هذا بالأرطال، كأن التقدير عندهم كان بالأرطال في ذلك الزمن وهذه الآية.
قارئ المتن: وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، بِدَلَائِلِ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَجْمَلَ فَرِيضَةً في كتابه
(في كتابه) عندك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: (في كتابه) ساقطة.
قارئ المتن: وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَجْمَلَ فَرِيضَةً في كتابه وَبَيَّنَ مَبْلَغَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالْفِدْيَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي كِتَابِهِ بِصِيَامٍ، لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ عَدَدَ أَيَّامِ الصِّيَامِ، وَلَا مَبْلَغَ الصَّدَقَةِ، وَلَا عَدَدَ مَنْ يُصَدَّقُ بِصَدَقَةِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَا وَصَفَ النُّسُكَ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيَانَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنْ وحيه، أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينٍ، وَأَنَّ النُّسُكَ شَاةٌ، وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ ...
شرح الشيخ: المؤلف يقول أن الله -تعالى- ذكر الفدية لمن حلق رأسه، قال: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾[البقرة: 196] مجمل، والسنة جاءت مبينَّة ومفصِلة، والذي يتولى ذلك ويفصله هو الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فالسنة هي التي تبين مجمل القرآن.
السنة وحيٌ ثانٍ، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾[النجم:3-4]، السنة وحيٌ ثانٍ، والسنة لها مع القرآن أحوال:
الحال الأولى: أن تكون السنة تأتي بأحكام جاء بها مثل القرآن، مؤيدة وناصرة مثل وجوب الصلاة، ووجوب الزكاة، ووجوب الحج جاء في القرآن وجاء في السنة.
الحال الثانية: أن تأتي السنة بتفاصيل، بتفصيلٍ لما أُجمع في القرآن، في القرآن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾[البقرة:43]، يكن ما بيَّن كم عدد الصلوات، وكم عدد الركعات في صلاة الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء، جاءت السنة فصَّلت وبينَّت أن الصلوات الخمس، وبينت أوقاتها في الفجر، ووقت الظهر، ووقت العصر، وبينت السنة أن صلاة الفجر ركعتان، والظهر أربعة، والعصر أربعة، وهكذا، ما بينت الأركان، أركان الصلاة وواجباتها.
كذلك جاء القرآن بوجوب الزكاة، وجاءت السنة بالتفصيل، متى تجب الزكاة، وماذا تعطيه، وأنه لابد من الحول ولابد من النصاب، كذلك الصيام جاء مجملاً، وبينته السنة، وكذلك الحج جاء مجملاً.
الحال الثالثة: والسنة كذلك تأتي بأحكامٍ جديدة لم تأتِ في القرآن، مستقلة، كتحريم كل ذي نابٍ من السباع، وتحريم كل ذي مخلبٍ من الطير، هذا ما جاء في القرآن، جاء في السنة، تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والجمع بين المرأة وخالتها، وهكذا، وهذه السنة لها مع القرآن أحوال:
- إما تأتي بأحوالٍ مماثلة من باب تناصر الأدلة وتقويتها.
- وأحيانًا تأتي مفصلة موضحة لما جاء في القرآن.
- وأحيانًا تأتي بأحكامٍ جديدة.
فالمؤلف -رحمه الله- يقول إن هذا الحكم مجمل، قال الله تعالى ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾[البقرة:196]، فجاءت السنة والذي تولاها النبي -صلى الله عليه وسلم، وبينت أن الصيام ثلاثة أيام، وأن الصدقة ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك ذبح شاة، هذا ما يقول المؤلف.
قارئ المتن: وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ بِالْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالنَّظِيرِ وَاجِبٌ، فَسُبْعُ بَقَرَةٍ وَسُبْعُ بَدَنَةٍ فِي فِدْيَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ جَائِزٌ، أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ، وَسُبْعُ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي الْفِدْيَةِ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سُبْعَ بَدَنَةٍ، وَسُبْعَ بَقَرَةٍ يَقُومُ كُلُّ سُبْعٍ مِنْهَا مَقَامَ شَاةٍ فِي هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْأُضْحِيَةِ، لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ، زَعَمَ أَنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ.
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ عُشْرَ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَمَنْ أَجَازَ عُشْرَ بَدَنَةٍ فِي ذَلِكَ، كَانَ لِسُبْعِهِ أَجْوزَ إِذِ السُّبْعُ أَكْثَرُ مِنَ الْعُشْرِ، وَقَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِنَا مَسْأَلَةً فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَبَيَّنْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُوجِبُ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ بِمَعْنًى وَقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، إِمَّا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَلَى لِسَانِ أُمَّتِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَوْجَبَ (الفدية) فِي هَذِهِ الْآيَةِ
الشيخ: (الفدية) ساقطة في هذه النسخة.
قارئ المتن: إِنَّمَا أَوْجَبَ الفدية فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أذى فِي رَأْسِهِ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَقَدْ تَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْفِدْيَةُ عَلَى حَالِقِ الرَّأْسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا كَانَ مَرِيضًا، وَكَانَ عَاصِيًا بِحَلْقِ رَأْسِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ أَذًى، وَلَا كَانَ بِهِ مَرِضٌ، فَبَيَّنْتُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاجِبٌ، وَلَوْ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ الْمَثَلِ وَالشَّبِيهِ وَالنَّظِيرِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ جَزَّ شَعْرَ رَأْسِهِ بِمِقْرَاضٍ أَوْ فِدْيَةٍ إِذِ اسْمُ الْحِلَقِ لَا يَقَعُ عَلَى الْجَزِّ، وَلَكِنْ إِذَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِالنَّظِيرِ، وَالشَّبِيهِ، وَالْمَثَلِ كَانَ عَلَى جَازِّ شَعْرَ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ مِنَ الْفِدْيَةِ مَا عَلَى الْحَالِقِ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ قَدْ أَمْلَيْتُهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
شرح الشيخ: وكان تكلم كلامًا دقيقًا في هذا، هو يرد على من قال إن البدنة عن عشرة، بعض العلماء يقول البدنة عن عشرة، والأحاديث عن النبي جاءت أن البدنة عن سبع، يعني البعير سبع أضحيات، والبقرة سبع، إذا بلغا النصاب، بعض العلماء يقول عشرة يقول هذا خطأ ليس بصحيح، إنما جاء عدُّ البدنة عن عشرة في قسمة الغنائم، لكن ما جاء في الأضحية ولا في الهدي.
فالبدنة عن سبعة في الهدي والأضحية، لكن جاء في دليلٍ آخر على أنها عشرة في قَسْم الغنائم.
مداخلة: ما يقاس عليه.
الشيخ: لا، ما يُقاس، قال: (وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا الْخَبَرِ) قال: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾[البقرة: 196]، النسك يعني الشاة، (هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ بِالْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالنَّظِيرِ وَاجِبٌ) يعني (وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ بِالْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالنَّظِيرِ وَاجِبٌ، فَسُبْعُ بَقَرَةٍ وَسُبْعُ بَدَنَةٍ فِي فِدْيَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ جَائِزٌ)، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع جعل البدنة عن كم؟ عن سبع، والبقرة كذلك، في حديث كعب بن عجرة قال: (اذْبَحْ شَاةً)، يقول نقيس هذا وهذا كله، نقيس هذا على هذا، نقيس الشبيه على الشبيه والمثيل والنظير.
إذا حلق رأسه وهو محرم يجزئ الرسول أمره بالشاة، هل يجزيه سبع بدنة أو لا يجزيه؟ قال يجزيه؛ لأن هذا متماثلان، والحكم بالشبه والنظير متماثلان، وهذا بخلاف قسمة الغنائم.
مداخلة: [00:45:04]
الشيخ: يعني قياس كلام المصنف -رحمه الله؛ لأنه يقاس على المثل والشبيه، والصيد يجب عليه جزاؤه لأنه محدد، لكن لو ذبح شاةً، لكن هنا إذا كان المحرم قد حلق رأسه أمره النبي أن يذبح شاة، هل يجزئه سُبع بدنة؟ يجزئ سبع البقرة؛ لأن الحكم بالمثيل والنظير، هذا نظير وهذا شبيه، هذا من الجنس الذي يقال فيه إن الحكم بالمثل والنظير واجب، هذا نظير وهذا شبيه، فقاس أحدهما على الآخر؛ لأنهما متماثلان بخلاف قسمة الغنائم.
ولذا قال المؤلف: (وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سُبْعَ بَدَنَةٍ، وَسُبْعَ بَقَرَةٍ يَقُومُ كُلُّ سُبْعٍ مِنْهَا مَقَامَ شَاةٍ فِي هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْأُضْحِيَةِ) التمتع والقران والأضحية كله واحد، شاة أو سبع بقرة؛ لأنها متماثلة، لم يختلفوا في ذلك الأمر.
(زَعَمَ أَنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ عُشْرَ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَمَنْ أَجَازَ عُشْرَ بَدَنَةٍ فِي ذَلِكَ) هذا الرد عليهم أن عشر بدنة يعني تكون عن عشرة، (زَعَمَ أَنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ).
مداخلة: [00:47:00]
الشيخ: (لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ) ...
مداخلة: (إلا من زعم).
الشيخ: (لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ) إلا من (زَعَمَ أَنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ)، ماذا بعده؟ (قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ...) هل في زيادة عندك؟
مداخلة: [00:47:38]
الشيخ: يعني القصد أن يرد على من قال إن عشر بدنة تقوم مقام الشاة، قال فما يزيد عن العشر ...
مداخلة: عشر بدنة مقام الشاة.
الشيخ: هذا إنما يكون جاء في قسْم الغنائم، قال: (فَمَنْ أَجَازَ عُشْرَ بَدَنَةٍ ... كَانَ لِسُبْعِهِ أَجْوزَ) بدل ما يقول عشر هذا يقول يجزئ السبع، (فَمَنْ أَجَازَ عُشْرَ بَدَنَةٍ فِي ذَلِكَ، كَانَ لِسُبْعِهِ أَجْوزَ إِذِ السُّبْعُ أَكْثَرُ مِنَ الْعُشْرِ، وَقَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِنَا مَسْأَلَةً فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَبَيَّنْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُوجِبُ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ بِمَعْنًى وَقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ) يعني قد يجب في القرآن بمعنى، ثم يأتي في السنة معنىً آخر.
(وَبَيَّنْتُ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ يُوجِبُ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ بِمَعْنًى وَقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، إِمَّا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ عَلَى لِسَانِ أُمَّتِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا أَوْجَبَ الفدية فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أذى فِي رَأْسِهِ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَقَدْ تَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْفِدْيَةُ عَلَى حَالِقِ الرَّأْسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ)، يعني يقول الله -تعالى- أوجب الفدية على من حلق رأسه وهو مريض، أما إذا حلق رأسه وهو غير مريض هل يجب عليه ولا يجب؟
مداخلة: يجب.
الشيخ: القرآن ما فيه، القرآن فيه من كان مريضًا، إنما يجب بالقياس، قال إنه يجب بالقياس، فمن جزَّ شعر رأسه وكذلك من حلق رأسه، إذا جزَّه وما حلقه، هل يجب عليه ولا لا يجب؟ القرآن فيه على من حلق رأسه، في السنة يقاس عليه، هو يقول إن الحكم يكون بالشيء وبنظيره؛ لأن الله -عز وجل- (إِنَّمَا أَوْجَبَ الفدية فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أذى فِي رَأْسِهِ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَقَدْ تَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْفِدْيَةُ عَلَى حَالِقِ الرَّأْسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا كَانَ مَرِيضًا، وَكَانَ عَاصِيًا بِحَلْقِ رَأْسِهِ).
إذن عصى الله وحلق رأسه وهو صحيح وليس مريضًا، يجب عليه ولا لا يجب؟
(إِذَا لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ أَذًى، وَلَا كَانَ بِهِ مَرِضٌ، فَبَيَّنْتُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالنَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاجِبٌ، وَلَوْ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ الْمَثَلِ وَالشَّبِيهِ وَالنَّظِيرِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ جَزَّ شَعْرَ رَأْسِهِ بِمِقْرَاضٍ أَوْ فِدْيَةٍ إِذِ اسْمُ الْحِلَقِ لَا يَقَعُ عَلَى الْجَزِّ)؛ يقول: الحكم إنما يقاس الشيء على مثيله ونظيره، لو كان ما يقاس الشيء على مثيله ونظيره، لقلنا إن من جزَّ رأسه ما يجب عليه الفدية لأنه ما حلق رأسه، ولقلنا إن الذي يحلق رأسه عاصيًا ليس مريضًا ما عليه، لكن لا، عليه؛ لأن السنة جاءت بالحكم بالمثيل والنظير والشبيه.
(وَلَكِنْ إِذَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِالنَّظِيرِ، وَالشَّبِيهِ، وَالْمِثْلِ كَانَ عَلَى جَازِّ شَعْرَ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ مِنَ الْفِدْيَةِ مَا عَلَى الْحَالِقِ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ قَدْ أَمْلَيْتُهَا)، وهذا شيء واضح، هنا المؤلف -رحمه الله- يبين فيها لمن يخالف.
مداخلة: البدنة لها سن معين؟
الشيخ: نعم، لابد أن تكون خمس سنين، والبقرة سنتان، والمعز سنة، والضأن ستة أشهر، هذا جاءت السنة بهذا، لابد من بلوغ السن، وأن تكون سليمة أيضًا من العيوب والأمراض.
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَدَبِ الْمُحْرِمِ عَبْدَهُ إِذَا ضَيَّعَ مَالَ الْمَوْلَى فَاسْتَحَقَّ الْأَدَبَ عَلَى ذَلِكَ
حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ سَلْمٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، وَقَالَ الْأَشَجُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَكَتَبَهَ لِي وَأَخْرَجَهَ إِلَيَّ، قَالَ: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُجَّاجًا، وَإَنَّ زَمَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَمَالَةَ أَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةٌ، فَنَزَلْنَا الْعَرْجَ وَكَانَتْ زَمَالَتُنَا مَعَ غُلَامِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَلَسَتْ عَائِشَةُ إِلَى جَنْبِهِ، وَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ، وَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي نَنْتَظِرُ غُلَامَهُ وَزِمَالَتَنَا مَتَى يَأْتِينَا، فَطَلَعَ الْغُلَامُ يَمْشِي مَا مَعَهُ بَعِيرُهُ.
الشيخ: يعني هذا الغلام مولى لأبي بكر، يعني أعطاه أبو بكر البعير، وجاء وحده بدون البعير، قال: "أين البعير؟" وأدبه وهو محرم، هذا الاستدلال.
قارئ المتن: قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَيْنَ بَعِيرُكَ؟ قَالَ: أَضَلَّنِي اللَّيْلَةَ.
شرح الشيخ: (أَضَلَّنِي اللَّيْلَةَ) يعني ضاع مني، ضاع الليلة، ما في بعير، أين البعير، قال: أضلني هذه الليلة؛ ضيعه، واحد يضِّيعه! لو معك عشرة كيف تفعل، جعل يؤدبه وهو محرم.
قارئ المتن: قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ يَضْرِبُهُ، وَيَقُولُ: بَعِيرٌ وَاحِدٌ أَضْلَلْتَ وَأَنْتَ رَجُلٌ. فَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَنْ تَبَسَّمَ وَيَقُولُ: "انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمُحْرِمِ وَمَا يَصْنَعُ!".
هَذَا حَدِيثُ الْأَشَجِّ. وقَالَ سَلِمٌ: وَكَانَتْ زَامِلَتُنَا وَزَامِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حدثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نَحْوَهُ".
قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: وَكَانَتْ زَمَالَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَمَالَةُ أَبِي بَكْرٍ.
وَقَالَ يُوسُفُ: وَكَانَتْ زَامِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَزَامِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
شرح الشيخ: اختلاف الألفاظ، الدورقي يقول: زمالتنا وزمالة رسول الله، ويوسف يقول: زاملة وزاملة؛ والمعنى واحد، اختلاف الألفاظ، ماذا قال عن تخريج الحديث؟ "إسناده ضعيف فيه عنعنة محمد بن إسحاق"، قال: "والحديث رواه أبو داود من طريق [00:57:25].
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، وأخرجه الحاكم وأبو داود وابن ماجه والطبراني في الكبير، والحاكم والبيهقي".
الشيخ: فقط.
مداخلة: نعم.
الشيخ: ما ذكر له طريق آخر أو سند؟
مداخلة: لم يتكلم عن الذي بعده.
شرح الشيخ: الترجمة مبنية على هذا؛ قال: (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَدَبِ الْمُحْرِمِ عَبْدَهُ إِذَا ضَيَّعَ مَالَ الْمَوْلَى فَاسْتَحَقَّ الْأَدَبَ عَلَى ذَلِكَ)، مبنية على هذا الحديث، والحديث ضعيف، ماذا قال عليه تخريج الحديث؟
مداخلة: قال: "وإسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن".
الشيخ: يُنظر تخريج الحديث، هل له شواهد، هل له متابعات، هل هناك طريق أخرى، هل في معنى للحديث، الترجمة مبنية على هذا، بناها المؤلف على الرخصة على هذا، (الرُّخْصَةِ فِي أَدَبِ الْمُحْرِمِ عَبْدَهُ إِذَا ضَيَّعَ مَالَ الْمَوْلَى فَاسْتَحَقَّ الْأَدَبَ عَلَى ذَلِكَ)، والحديث لم يصح، قد يكون له شواهد ومتابعات، إذا كان له شواهد ومتابعات ...
سؤال: تبسم الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُعتبر إقرار له؟
الشيخ: نعم، إقرار، تبسم وما أنكر عليه.
مداخلة: يضربه بالقلم.
الشيخ: هذا أدبه بالضرب، أبو بكر يضربه، لكن جعل أبو بكر يضربه، يقول: (بَعِيرٌ وَاحِدٌ أَضْلَلْتَ وَأَنْتَ رَجُلٌ)، ما عليك إلا واحد وأضللته، لو كان معك اثنين أو ثلاثة أو أربعة، لكن ظاهر الحديث قد يكون له شواهد، يُراجع إن شاء الله، غدًا تقوم إن شاء الله تأتون بالمراجعة، ابحثوا تخرجيه غدًا إن شاء الله الحديث.
مداخلة: أبو داود وابن ماجه.
الشيخ: عندك أبو داود وابن ماجه؟ يُراجع، يعني الترجمة مبنية عليه، إذا لم يصح معناه نقول ليس له رخصة.
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي إِنْشَادِ الْمُحْرِمِ الشّعْرَ وَالرَّجَزَ
والرجز هو نوع من الشعر، بعض بحور الشعر تسمى رجز (مستفعِلٌ مستفعِلٌ مستفعِلٌ)، هذا الرجز يسمونه حمار الشعراء، فلا بأس من إنشاد الشعر للمحرم إذا كان ما فيه محذور، ما فيه غزل ولا سب ولا تغيير حقائق، لا بأس إذا كان شعرًا طيبًا لا بأس، وكذلك النظم ما فيه شيء كنظم المتون العلمية، كل هذا لا محذور فيه، والله -تعالى- يقول: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226)﴾[الشعراء:224-226] هذا السبب، ثم استثنى الله فقال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾[الشعراء:227] هؤلاء يُستثنون.
قارئ المتن: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ مُعْتَمِرًا قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَهَا، وَابْنُ رَوَاحَةَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ:
|
الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ |
|
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ |
|
وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ |
هذا الرجز، هذا غزاه قبل أن يفتحها، قبل الفتح يعني وهو محرم، هذه أبيات رجز:
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ |
|
الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ |
كذا لأجل ألا ينكسر البيت، فلو قال (اليوم نضربُكم) انكسر البيت في الشعر.
(خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ) خلوا عن سبيل الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
(الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى) تنزيل القرآن أيها الكفرة، يخاطب الكفار.
(ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ) ضرب شديد يخوفهم.
(وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ) من شدة الضرب، حتى الخليل المحب يذهل عن محبه.
هذه أبيات كان ينشدها ابن رواحة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أقره على ذلك، لماذا؟
لأنها فيها تأييد للإسلام والمسلمين، وفيها إضعاف للكفرة والمشركين، فلا بأس بإنشاد المحرم الرجز أو شعر الرجز الذي فيه نصرٌ للإسلام والمسلمين، وفيه إذلالٌ للكفار، ويقاس عليه ما فيه فائدة وليس فيه محذور، لا من تشبيه بالنساء، تغيير الحقائق أو السباب والشتم، هذا منهي عنه، فهذا عبد الله بن رواحة ينشد هذا الرجز بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقره.
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ |
|
الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ |
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ |
|
وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ |
قارئ المتن: فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه ...
شرح الشيخ: أنكر عليه عمر، أنكر على ابن رواحة، قال: "أتنشد الشعر بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم!".
قارئ المتن: فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ! فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ! فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَلَامُهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْعِ النَّبْلِ».
أشد من وقع النبال، أشد من السلاح، يؤثر عليهم، ما تخريجه؟
مداخلة: قال: "قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه، وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضًا عن معمر عن الزهري عن أنس نحو هذا، وروي في غير هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة في عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث؛ لأن عبد الله بن رواحة قُتل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.
قال ابن حجر عند ذكره عمرة القضاء: وهو ذهولٌ شديدٌ وغلطٌ مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته، ومع أن قصة عمرة القضاء اختصام جعفرٍ وأخيه عليّ وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قُتل هو وزيد وابن رواحة في موطنٍ واحد".
الشيخ: صحيح.
مداخلة: "وكيف يخفى عليه -يعني الترمذي- مثل هذا، ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك اتجه اعتراضه، لكن الموجود بخط الكرُّوخ راوي الترمذي ما تقدم، والله أعلم"، انتهى من [الفتح].
الشيخ: صحيح، اختصامهم بعد قتل جعفر.
مداخلة: [01:06:36]
الشيخ: لكن هل هذه الأبيات له؟ هذا هو المهم، وكثيرًا ما يذكرونها عن عبد الله بن رواحة.
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِ الْمُحْرِمِ السَّرَاوِيلَ عِنْدَ الْإِعْوَازِ مِنَ الْإِزَارِ، وَالْخُفَّيْنِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ، بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ فِي ذِكْرِ الْخُفَّيْنِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ
شرح الشيخ: يعني المحرم لا يلبس السراويل وإذا عدم لبس السروال، إذا عدمه ولم يجد لبس السروال المحرم، يقوم مقامه، ولا يلبس الخفين، لكن إذا لم يجد نعلين فله أن يلبس الخفين، جاء في حديثٍ آخر أنه يقطعهما أسفل من الكعبين، في خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة قال: «يقطعهما أسفل الخفين»، في خطبته في عرفة لم يقل «وليقطعهما».
مداخلة: يكون هذا منسوخ؟
الشيخ: قيل إنه منسوخ، أجاب بعض العلماء قالوا بأنه منسوخ، وقيل ليس بمنسوخ، وإنما على الأفضل، يقال أفضل، توجد أقوال سبقت عند ذكر هذا الخبر وذكرت أقوال الجمع بينهما.
قارئ المتن: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حدثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عن ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ، وَيَقُولُ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَا يَجِدُ الْإِزَارَ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ».
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
تخريج الحديث؟
مداخلة: في البخاري ومسلم وابن داود وابن ماجه.
الشيخ: يقول النبي وهو يخطب يقول: من لم يجد الإزار فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، واضح.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي إِبَاحَةِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ لُبْسَ الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعِ أَسْفَلَ الْكَعْبَيْنِ، لَا كُلَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ خُفٍّ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ
حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قال: حدثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِذَاكَ الْمَكَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا الْخُفَّيْنِ، إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ، وَلَا الْبُرْنُسَ».
شرح الشيخ: يعني هذا دليل على أن النبي إنما أباح للمحرم لبس الخفين إذا كانت أسفل من الكعبين، قال «فَلْيَلْبَسْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»، يكون مقطوع، إذا كان مقطوعًا وهو فوق الكعبين فلا، والحديث أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
مداخلة: هذا يرد على النسخ.
الشيخ: النسخ؟ جاء بعد ذلك، خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة ولم يقل له اقطعهما، هذا في خطبته في المدينة، ثم خطب بعد ذلك فلم يقل (ولم يقطعهما)، فاختلف العلماء:
- فمنهم من قال يُحمل المطلق على المقيد، وهو أن يُقطع.
- ومنهم من قال يُحمل هذا على الاستحباب.
قارئ المتن: حدثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ؛ ح وَقال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، حدثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ».
هذا الحديث إسناده صحيح، وسبق، عندك التخريج؟
مداخلة: رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي.
الشيخ: فيه أنه (فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا) هذا في خطبته في المدينة.
نقف على هذا الباب: (بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ)، وفق الله الجميع.