بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الشيخ: كان الدرس بالأمس توقفنا على (قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْحَجِّ عِنْدَ دُخُولِ الْحَرَمِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ).
وهذا فيه قولان لأهل العلم:
- القول الأول: أنه يقطع التلبية إذا شرع في الطواف، وهذا فيه حديث ضعيف، قال المؤلف، كان يذهب إليه أولًا.
- ثم تركه إلى القول الثاني: وهو أنه يقطع التلبية عند دخول مكة، إذا دخل البلد، دخل بيوت البلد قطع التلبية.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
يقول الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
قارئ المتن: بَابُ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْحَجِّ عِنْدَ دُخُولِ الْحَرَمِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قال: حَدَّثَنَا عَمِّي قال: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جريج قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً قَالَ فقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكَ أَرْبَعَ خِصَالٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: رَأَيْتُكَ إِذَا أَهْلَلْتَ، فَدَخَلْتَ الْعَرْشَ قَطَعْتَ التَّلْبِيَةَ.
قَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ جريج، خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَرْشَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ، فَلَا تَزَالُ تَلْبِيَتِي حَتَّى أَمُوتَ.
الشيخ: قلنا على الحديث هذا ماذا؟ أخرجه البخاري؟ أخرجه الشيخان البخاري ومسلم؟
مداخلة: أخرجه مسلم من طريق ابن قسيط به.
الشيخ: والبخاري أيضًا، لفظ البخاري.
مداخلة: الأعظمي ذكر أنه في البخاري.
الشيخ: فهو حديث صحيح، وعلى هذا يكون العمل عليه، أنه يقطع التلبية إذا دخل مكة، قال: عند دخول الحرم.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كُنْتُ أَرَى لِلْمُعْتَمِرِ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ لِعُمْرَتِهِ لِخَبَرِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانَ يُمْسِكُ عَنِ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ.
قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
شرح الشيخ: هذا الذي كان يذهب إليه الأول المؤلف، حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس، وهو حديث ضعيف، روي مرفوعًا، ورواه عبد املك موقوفًا عن ابن عباس، والصواب وقفه.
إذًا المُعول على رواية الحديث الأول، حديث عبيد بن جريج.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَلَمَّا تَدَبَّرْتُ خَبَرَ عُبَيْدِ بْنِ جريج كَانَ فِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ دُخُولِ عُرُوشِ مَكَّةَ.
شرح الشيخ: عروشها يعني بيوتها.
قارئ المتن: وَخَبَرُ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَثْبَتُ إِسْنَادًا مِنْ خَبَرِ عَطَاءٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ بِالْحَافِظِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا عَالِمًا.
شرح الشيخ: إذًا المؤلف كان أول يرى أنه يقطع التلبية عند شروعه في الطواف، لخبر ابن أبي ليلى، وابن أبي ليلى ضعيف سيء الحفظ، وإن كان فقيهًا عالمًا، ولكن سيء الحفظ، فلذلك المؤلف رجع عن هذا إلى القول الثاني.
قال -رحمه الله-: فَأَرَى لِلْمُحْرِمِ كَانَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا جَمِيعًا قَطْعَ التَّلْبِيَةِ عِنْدَ دُخُولِ عُرُوشِ مَكَّةَ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا لَمْ يَعُدْ إِلَى التَّلْبِيَةِ، وَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا أَوْ قَارِنًا عَادَ إِلَى التَّلْبِيَةِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ كَالدَّالِ عَلَى أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطَعَ التَّلْبِيَةَ فِي حَجَّتِهِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قال: حَدَّثَنَاهُ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، وَيُرَاجِعَهَا بَعْدَ مَا يَقْضِي طَوَافَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْعَطَّارُ قال: حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَلَمَةَ قال: حَدَّثَنِي ابْنُ زَبْرٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، قال: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، وَيُعَاوِدُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
شرح الشيخ: وهذا الحديث يقول: إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات غير محمد بن مهدي العطار، ماذا قال عليه عندك؟ قال هنا: وأظنه محمد بن مهدي الزيلعي الذي ترجم له ابن أبي حاتم ورواد عنه أبو داود وروى عنه أبو زرعة، وأبو زرعة لا يروي إلا عن ثقة كما هو معروف، ويكفي في توثيقه أنه من شيوخ ابن خزيمة في هذا الصحيح، وبعيد جدًّا أن يكون مثله غير صحيح، والله أعلم، هذا كلام الشيخ ناصر الدين الألباني، ماذا عندك؟
مداخلة: صحيح فقط.
الشيخ: والحديث صحيح، وعلى هذا يكون قطع التلبية عند دخول مكة.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَخْبَارُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعِ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْحَرَمَ قَطْعًا لَمْ يُعَاوِدْ لها
الشيخ: لما يعادوا؟
مداخلة: لم يعاود لها
الشيخ: لم يعاودها أو يعاود لها.
قارئ المتن: وسَأَذْكُرُ تَلْبِيَتَهُ إِلَى أَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ -إِنْ وَفَّقَ اللَّهُ لِذَلِكَ وَشَاءَ-.
الشيخ: يعني يقطع التلبية عند دخول مكة، فإن كان معتمرًا انتهت التلبية، وإن كان مفردًا أو قارنًا يعود إلى التلبية بعد فراغه من السعي، يطوف ويسعى ثم يعود إلى التلبية، ويلبي حتى يرمي جمرة العقبة، والمعتمر ما يعود إليها، فإذا أحرم بالحج في اليوم الثامن عاد إلى التلبية (المتمتع).
مداخلة: على هذا المعتمد، المعتمر يقطع عند أول دخول بيوت مكة.
الشيخ: نعم، عند دخول مكة، إذا دخل مكة شاهد البنيان، وهو قال: عند دخول الحرم، الحرم قد يكون من بعيد في الشميسي عند دخول الحرم، لكن الحديث فيه: عند عروش مكة، فلما دخل العرش قطع التلبية، عروشها يعني بيوتها.
مداخلة: إذا رأى مكة أو عندما يرى الحرم أو يدخل الحرم؟
الشيخ: لا، الصواب إذا رأى البنيان، وصل البنيان، بنيان مكة، العروش، كما في الحديث، لما دخل العرش قطع التلبية، عروش مكة بيوتها يعني.
مداخلة: العرش: البنيان.
الشيخ: نعم، البنيان، بناء مكة وبيوتها.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمَرْءِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ عِنْدَ مَقْدِمِهِ مَكَّةَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنَا عَمِّي، قال: أَخْبَرَنِي عمرو...
الشيخ: عمرو عندك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: النسخة الثانية: عُمر.
مداخلة: وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ
الشيخ: تكلم عليه؟ أكمل.
قارئ المتن: عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الشيخ: بدون واو؟
مداخلة: قال: قوله: أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، وقع في الأصل: أبي الأسود ومحمد بن عبد الرحمن، وهو خطأ، والمثبت من الإتحاف.
الشيخ: التعريف لمن هذا؟
مداخلة: نسخة دار التأصيل.
مداخلة: أثبت نحوه الفحل.
الشيخ: كذلك أخبرني عمرو عندك؟
مداخلة: نعم، عمرو بن الحارث عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن.
الشيخ: عندك التخريج لمن؟
مداخلة: تخريج الحديث، قال: صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المصنف عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن خثيم به، وأخرجه البيهقي من طريق عبد الرحيم بن سويد.
الشيخ: يقول: البخاري في الحج مطولًا من طريق ابن خُثيم.
قارئ المتن: عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ: سَلْ لي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا؟
شرح الشيخ: فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا، هذه ساقطة عندنا.
مداخلة: قال: قوله: فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا؟ ليس في الأصل، والمثبت من غالب مصادر الحديث، يُنظر صحيح مسلم.
الشيخ: ما الزيادة؟
مداخلة: قال: فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا؟
الشيخ: تُكتب هذه، هذه النسخة فيها تحريف فاحش كثير، وسقط.
قارئ المتن: قال: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ -رضي الله عنها- أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ بَعْضُ الطَّوْلِ.
شرح الشيخ: وهذا الحديث صحيح، (أن رجلًا من العراق قال: سَلْ لي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ)، وهي خالته، (أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْت).
يستدل الجمهور بهذا الحديث على وجوب الوضوء للطواف، النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ ثم طاف.
لكن قولهم هنا: استحباب تجديد الوضوء، كلمة: تجديد، كأنها تفيد أنه ولو كان على وضوء يجدده، والتجديد يحتاج إلى دليل، الاستحباب هذا حكم شرعي لابد له من دليل، استحباب تجديد الوضوء، إذا كان على وضوء، صلى الظهر وعلى وضوء ما يقال إنه يستحب لك أن تجدد الوضوء، إلا بالمعنى العام لأن الإنسان متى يجدد الوضوء؟ إذا توضأ واستعمله في عبادة، استعمله في صلاة، استعمله في قراءة القرآن، ثم أحب أن يجدد فلا بأس.
من هذا الباب يعني لأنه استعمله في عبادة، لكن قول: (بَابُ اسْتِحْبَابِ تَجْدِيد الْوُضُوءِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمَرْءِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ)، كأنه يُعشر بأن الوضوء ليس بواجب وإنما هو مستحب، (اسْتِحْبَابِ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمَرْءِ الطَّوَافَ)، والوضوء واجب عند جمهور العلماء، واجب للطواف، أما السعي فلا يجب، واجب عند جمهور العلماء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ وطاف، وقال: «خذوا عني مناسككم».
ذهب أبو حنيفة، وشيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يجب الوضوء، وقالوا: لو طاف بدون طهارة جبره بدم، جبره بدم ويصح، لكن الدم الآن مشكلة، الدم يكلف مئات عندنا الآن في زماننا، في ذلك الزمن ما يكلف، يتوضأ ويطوف ولا يحتاج يذبح، نقول له: توضأ وطف ولا حاجة إلى أن تشتري شاة تذبحها، تتكلف مئات الدراهم.
مداخلة: [00:16:05]
الشيخ: التي طافها بدون الوضوء عند الجمهور ما تصح، مثل الصلاة، ومن الأدلة فيها حديث ابن عباس: «الطواف بالبيت صلاة، إلا أنكم تتكلمون فيها، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير»، وإن كان فيه كلام لأهل العلم، لكنه يُستأنس به.
فقوله: استحباب تجديد الوضوء، يُفهم منه أنه يرى أن الوضوء ليس بواجب، وإنما هو مستحب، ولكنه واجب عند جمهور العلماء.
مداخلة: [00:16:43]، استحباب تجديد الوضوء، يعني هو على وضوء، ومع ذلك يُستحب له تجديده، يعني كأنه يريد أن الوضوء واجب في كل حال، هو متوضئ ومع ذلك يُستحب له أن يكرر ويجدد الوضوء، فمن باب أولى أن يكون متوضئًا.
الشيخ: هذا الاستحباب أين دليله؟
مداخلة: مجرد فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الشيخ: النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ ثم طاف، توضأ ابتداءً لا تجديدًا، هل توضأ ابتداءً أم تجديدًا؟ الجمهور يقولون: توضأ ابتداءً فهو دليل على الوجوب، والمؤلف يقول: استحباب تجديد الوضوء، ليس فيه أنه كان متوضئًا ثم توضأ مرة أخرى.
مداخلة: في السنوات الأخيرة وضعوا أماكن للوضوء [00:17:55]
الشيخ: نعم صحيح، فيه بالحرم، في حال يتوضأ، يجدده، وكذلك من أحب أن يتوضأ من النائمين، يعني نام ثم يتوضأ.
مداخلة: الرد على من استدل على عدم وجوب الوضوء بصحة طواف الصبي.
الشيخ: الصبي مستثنى.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ.
الشيخ: يسمى الآن باب السلام، باب بني شيبة يسمى باب السلام، جهة المسعى.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّمَلِ بِالْكَعْبَةِ الثَّلَاثة أَطْوَافٍ.
الشيخ: الصواب: الثلاثة نعم، بالتاء.
قارئ المتن: فَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ فِي عِقْدِ قُرَيْشٍ.
الشيخ: في عَقد، العِقد هو العقد الذي تتزين به المرأة من الذهب والفضة، عِقد في رقبتها، والعَقد: عقد البيع، عقد الشراء، عقد الصلح.
قارئ المتن: فَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْأَعْظَمِ، وَقَدْ جَلَسَتْ قُرَيْشٌ مِمَّا يَلِي الحِجر أو الحَجَر، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أُقَيِّدْ فِي التَّصْنِيفِ الحِجر أو الحَجَر.
الشيخ: الحديث يقول الشيخ ناصر: إسناده صحيح، ورواه البيهقي في [السنن الكبرى] من طريق عبد الرحمن بن سليمان، ماذا قال عليه؟
مداخلة: هو الذي قرأته قبل قليل، قال: "صحيح، أخرجه أبن حبان من طريق المصنف، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عبد الرزاق، عن معمر عن ابن خثيم به، وأخرجه البيهقي من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن عبد الله بن عثمان به، وأخرجه أحمد، وأبو داد، وابن ماجه، وأبو يعلى، والطحاوي في [شرح المعاني]، والبيهقي من طرق عن أبي الطفيل به".
الشيخ: فيه أن ابن عباس لما قدم في عقد قريش، يعني هو الصلح الذي بينه وبينهم، صلح الحديبية، عقد الصلح، وهذا يكون العَقد، والعِقد هو عقد الذهب أو الفضة الذي تتجمل به المرأة في رقبتها أو عنقها، تجعل عقد من ذهب، يقال عِقد، أما العَقد: عقد البيع، عقد الصلح.
إذن فالحديث فيه دليل على أن النبي دخل من باب بني شيبة، يُستحب التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل من باب السلام، باب بني شيبة، وقال: (لَمْ أُقَيِّدْ فِي التَّصْنِيفِ الحِجر أو الحَجَر)، ما تكلم عليه عندك؟ (فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْأَعْظَمِ، وَقَدْ جَلَسَتْ قُرَيْشٌ مِمَّا يَلِي الحِجر أو الحَجَر).
مداخلة: قال: الحِجر: فناء من الكعبة في شقها الشامي، محوط بجدار ارتفاعه أقل من نصف قامة.
الشيخ: أقل من نصف قامة وهو موجود الآن.
مداخلة: وبه قبر إسماعيل وأمه هاجر، ولا زال يُعرف بحجر إسماعيل.
الشيخ: هذا خطأ، يعني إسماعيل مدفون بالحجر الآن، الصحن فيه قبور! الناس يطوفون بالكعبة وعليها قبور، من يقول هذا؟
مداخلة: هذا المُحشي على دار التأصيل، المحققين.
الشيخ: صار عنده تخريف هذا، ما اسمه هذا؟
مداخلة: يقول: انظر [المعالم الأثيرة].
الشيخ: هو جزم، ما قال يحكى أو يروى، قال: وفيه.
مداخلة: قال: وفيه قبر إسماعيل وأمه هاجر.
الشيخ لو قال: يقال إن فيه، كان يعني يقال: ينقل عن غيره، أما أن يجزم، قال: وفيه، بعضهم يقول: فيه سبعون نبيًّا مدفونين في هذا، كلام تخريف، أعد الكلام ماذا يقول؟ الحِجر من شمال الكعبة، أخرجته قريش لما قصرت بهم النفقة، لما بنوا الكعبة قالوا: لا نبنيها إلا بمال حلال، فلم يجدوا مالًا حلال يكفي، فبنوا بعض الكعبة، وأخرجوا بعضها، ما عندهم دراهم من الحلال، كلها حرام طبق الحرام الأرض ما وجدوا مالًا حلالًا يبنون به الكعبة كاملة، فبنوا ما استطاعوا، والباقي أخرجوه، فأخرجوا الحجر ستة أذرع أو سبعة أذرع أو ستة أذرع ونصف الحجر من جهة شمال الكعبة، أخرجته قريش.
ولما تولى عبد الله بن الزبير إمارة مكة، طبق الحديث، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة: «لولا قومك حديثوا عهد بكفر لنقضت الكعبة، وأدخلت الحجر، وجعلت لها بابين، باب يدخل منه الناس، وباب يخرج منه الناس»، لكن قومك لا يتحملوا، لا تتحمل عقولهم هذا، لقرب عهدهم بالشرك، فلما تولى عبد الله بن الزبير طبق الحديث، فهدم الكعبة وأدخل الحجر، ورفع الباب الشرقي وفتح بابًا غربيًّا.
وقال: الآن المحذور زال، ثبت الإسلام والحمد لله، ولكن نازعه عبد الملك بن مروان، وجعل يقاتله، ووكل هذا إلى الحجاج بن يوسف أمير العراق، كان يرسل الجيوش إلى مكة يقاتل عبد الله بن الزبير، وفي آخر مرة ضربوا الكعبة بالمنجنيق (الحجاج بن يوسف) حتى تهدمت، وقتل عبد الله بن الزبير، وصلبه على خشبة، وهدم الكعبة وأخرج الحجر، وسد الباب الغربي، ورفع الباب الشرقي، وأعادها إلى ما كانت عليه في الجاهلية، فهي الآن على بناء الحجاج، بناء الحجاج بناء قريش في الجاهلية.
ويقال: إن أبا جعفر المنصور استفتى الإمام مالك -رحمه الله- هل يعيد الكعبة على ما كانت عليه، على ما فعله عبد الله بن الزبير، وهو الصواب، أو يتركها كما كانت؟ فتفكر الإمام مالك، جعل يفكر مرة بعد مرة، ثم قال له: أرى أن تتركها على ما كانت عليه، فقال لماذا؟ قال: أخشى أن تكون الكعبة ملعبة للملوك، سد الباب، كل ملك يتولى يقول: أنا سأهدمها وأبنيها، فتصير ملعبة للملوك، فسدّ الباب، فبقيت على ما كانت عليه في الجاهلية، الآن على بناء الجاهلية.
المؤلف يقول: ما قيّد في التصنيف الحِجر أو الحَجر، الأقرب أنه الحِجر، قريش كانوا من جهة الحِجر، لا من جهة الحجر، لأن الحجر هذا أمامه الناس ويستلمونه الجلوس فيه [00:27:33] لكن مما يلي الحِجر، والمؤلف قال: لَمْ أُقَيِّدْ فِي التَّصْنِيفِ الحِجر أو الحَجَر، ما علّق عليه عندك؟ طيب بعده.
قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّزَيُّنِ عِنْدَ إرَادَةِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ بِلُبْسِ الثِّيَابِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ زِينَةٌ لِلْلَابِسِينَ وَلِسُتْرَةِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الثِّيَابُ مُزَيَّنَةً بِصِبْغٍ، وَلَا كَانَتْ ثِيَابًا فَاخِرَةً، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف:31]
وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْأَمْرِ لُبْسَ الثِّيَابِ الْمُزَيَّنَةِ بِالصَّبْغِ والوشي.
الشيخ: بالصبغ والموشى، ماذا عندك؟
مداخلة: الوشي لا.
شرح الشيخ: الموشى يعني الذي فيه نقوش، مزين بالنقوش، الوشي: هي النقوش، المزين بالصبغ والنقوش، الأقرب الوشي، المزين بالصبغ والوشي، بالصبغ والنقوش، المراد ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾: خذوا الثياب التي تستر، وليس المراد الثياب الجميلة التي فيها نقوش، وفيها صبغ، المراد مجرد الثياب، مجرد الثياب زينة، ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾، ثيابكم، يعني الثياب التي تتجملون بها وتتزينون، الثياب تُجمل الإنسان ولو لم تكن جديدة، فإن كانت جديدة يكون أحسن، أعد.
قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّزَيُّنِ عِنْدَ إرَادَةِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ بِلُبْسِ الثِّيَابِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ زِينَةٌ لِلْلَابِسِينَ وَلِسُتْرَةِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الثِّيَابُ مُزَيَّنَةً بِصِبْغٍ، وَلَا كَانَتْ ثِيَابًا فَاخِرَةً، إِذِ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف:31]
وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْأَمْرِ لُبْسَ الثِّيَابِ الْمُزَيَّنَةِ بِالصَّبْغِ والوشي وَلَا لُبْسَ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ، وَلَكِنْ أَرَادَ لُبْسَ الثِّيَابِ الَّتِي تَوَارَى الْعَوْرَةَ، كَانَتْ فَاخِرَةٌ أَوْ دَنِيئَةٌ، إِذِ الْآيَةُ إِنَّمَا نَزَلَتْ زَجْرًا عَمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرَاةً غَيْرَ سَاتِرِي عَوْرَاتِهِمْ بِالثِّيَابِ.
شرح الشيخ: إذن إذا أراد الطواف بالبيت يُشرع له التزين بالثياب، والمراد بالتزين لبس الثياب، مجرد اللبس لأي ثياب، وإن لم تكن ثيابًا جديدة ولا فاخرة، ولا فيها جمال بالنقوش أو غيره، لأن الله تعالى يقول: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف:31]، أي الثياب التي تستركم وتتزينون بها، فالطائف بالبيت لابد أن يستر جسمه ويستر عورته.
وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة خصوصًا إذا القادم من خارج مكة، القادم من خارج مكة كان في الجاهلية يرى أنه لا يطوف بثيابه، لأن ثيابه نجسة ما تصلح للطواف، يلقيها، ويطوف بأي شيء، يستعير ثوب من واحد من أهل مكة، يُسمى الحُمس، أهل مكة مطهرون عندهم، وهم مثلهم يعبدون الأصنام، لكن هكذا يرون أنهم مطهرون.
فإذا جاء الأفقي من خارج مكة يريد أن يطوف خلع ثيابه ورماها، ثم استعار ثوبًا لرجل من الحمس من أهل مكة فطاف به، فإن لم يجد طاف عاريًا، إما يعطيه أحد ثوب أو يطوف عاري، حتى المرأة تطوف وهي عارية وتقول: اليوم يبدو كله أو بعضه، وما بدا منه فلا أُحلّه، هكذا عارية تضع على نفسها تقول: أنا ما أُحل... هكذا عقولهم، العقول تفسد إذا بعدت عن النور الإلهي، لبعدهم عن نور الإله هكذا سوت عقولهم، يطوف بالبيت عاري وهي عارية، إلى هذا الحد، نسأل الله السلامة والعافية.
مداخلة: في نسخة الأعظمي تصحيف، زينة للابسين، وعندنا زينة للملابسين.
الشيخ: زينة للابسين، هي عندك بزيادة ميم؟
مداخلة: نعم، بزيادة ميم، الميم تُشطب، زينة للابسين.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ وَهُوَ ابْنُ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِمًا الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ، وَتَقُولُ: الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أَحِلُّهُ.
الشيخ: تعني الفرْج.
فَنَزَلَتْ ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف:31]
الشيخ: الحديث إسناده صحيح، رواه النسائي من طريق بندار، قال: وكذلك أخرجه مسلم في آخر كتابه من طريق بندار، الحديث صحيح، هذا واقع في الجاهلية.
مداخلة: الآية تكون عامة؟ يعني يأخذ زينته عند كل مسجد.
الشيخ: عند كل مسجد، عند مكان الصلاة، أي مكان تصلي فيه، تأخذ زينتك، يعني ما يستر العورة، كل ما يستر العورة فهو زينة، وإذا كان جديد أو مغسول فهو أفضل، وإلا كافي، ولو كان قليل، هو زينة، زينة الإنسان ما يستر عورته.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
الشيخ: وكان ذلك في السنة التاسعة.
قارئ المتن: فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُونَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ: ألّا يَحُجُّ بَعْدَ الْيَوْمِ مُشْرِكٌ.
الشيخ: ألا لا يحج.
مداخلة: عندي: ألا يحج بعد اليوم مشرك.
الشيخ: لا، ألَا لا يحج بعد اليوم مشرك.
قارئ المتن: وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ: يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-.
شرح الشيخ: وهذا هو الصواب أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، وقيل: يوم الحج الأكبر هو يوم عرفة، لكن الصواب هو هذا، قال تخريج الحديث؟ البخاري في الجهاد؟
مداخلة: أخرجه البخاري ومسلم، وأبو داود، والنسائي وفي [الكبرى] له، وأبو عوانة.
الشيخ: وهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- ما حج في السنة التاسعة، ما تعجل من أجل أن المشركين لا زالوا يحجون، والعراة لا زالوا يحجون، فأمّر النبي أبا بكر على الحج، وأرسل مؤذنين، المؤذن يُعلم الناس، يؤذنون بين الناس، في مجامع الناس، في منى، وفي عرفة، بأربع كلمات: ألا لا يحج بعد العام مشرك، هذه كلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد فهو إلى عهده، ومن لم يكن له عهد، فمدته أربعة أشهر، من يعلم ما هي الكلمة الرابعة؟
ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك، ومن كان له عهد فهو إلى عهده، ومن لم يكن له عهد فمدته أربعة أشهر، يؤذنون، أبو هريرة وجماعة، ومعنى الأذان هو الإعلام، رفع الصوت بالإعلام، يُصوتون في منى، في مجامع الناس، لا يحج بعد العام مشرك، لا يطوف بالبيت عريان، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، من كان له عهد فهو إلى عهده، ومن ليس له عهد فمدته أربعة أشهر، حتى تأدّب الناس، وصار المشرك ما يحج، والمرأة ما تقبل عارية، وعلم الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، فلما تمهدت هذه الأمور واستعد الناس لهذا حج النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة العاشرة.
مداخلة: في نسخة الأعظمي تصحيف في السند الأول، قال: عن سعد بن جبير، وهو سعيد.
مداخلة: في السند، سمعت مسلمًا البطين عن سعيد بن جبير.
الشيخ: في السند الأول؟
مداخلة: السند الأول.
الشيخ: السند الأول: سمعت مسلمًا البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، هو سعيد، نعم صحيح، سعيد بن جبير معروف، ما هو بسعد.
سؤال: لما حج في السنة التاسعة أبو بكر -رضي الله عنه-، أخذ المناسك من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بيَّن له المناسك؟ حج قبله!
الشيخ: الحج معروف، الناس كانوا يحجون البيت على ما توارثوه عن دين إبراهيم، النبي -صلى الله عليه وسلم- في حج [00:38:56] قال: «خذوا عني مناسككم» ومنهم أبو بكر، الظاهر أنه على ما كانوا عليه سابقًا، على ما توارثوه عن دين إبراهيم، لكنهم يقفون بعرفة.
في الجاهلية كانت قريش تقف بالمزدلفة ولا تتجاوزه، يقولون: نحن أهل الحرم.
قارئ المتن: بَابُ كَرَاهَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، قَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ أَنَّهُ خِلَافُ خَبَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيَّةِ حِينَ رَأَى الْبَيْتَ، وَيَحْسَبُ أَنَّهُ خِلَافُ خَبَرِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنه قال: «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ» فِي الْخَبَرِ: «وَعِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ».
الشيخ: تُرفع في سبع مواضع ماذا؟
مداخلة: في الخبر.
الشيخ: كذا عندك في الخبر؟
مداخلة: نعم.
مداخلة: في سبعة مواطن.
الشيخ: في سبعة مواطن ماذا؟
مداخلة: في الخبر: «وَعِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ»، سبعة بالتاء عوضًا عن سبع.
الشيخ: سبعة مواضع، لأنه يخالف المعدود، العدد يخالف المعدود، فإذا كان مذكر مؤنث، وإذا كان مؤنث مذكر.
قارئ المتن: حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنٍ»، وَفِي الْخَبَرِ: «وَعِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أَجْعَلْ لِهَذَا الْخَبَرِ بَابًا لِأَنَّهُمْ قَدِ اختلوا أو اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَبَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ.
الشيخ: لأنهم قد اختلفوا، صححها.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أَجْعَلْ لِهَذَا الْخَبَرِ بَابًا لِأَنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَبَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ.
شرح الشيخ: هذا الحديث يقول الشيخ ناصر: إسناده ضعيف، رواه البيهقي في [السنن الكبرى] من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: إسناده ضعيف، لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وحديث ابن عباس أخرجه الشافعي في المسند.
الشيخ: أين حديث ابن عباس؟
مداخلة: هو عن ابن عباس، وعن نافع عن ابن عمر، رواه من طريق مقسم عن ابن عباس، ومن طريق نافع عن ابن عمر.
الشيخ: عن مقسم عن ابن عباس، وعن نافع عن ابن عمر؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: سيأتي في الحديث الذي بعد هذا، أم لا؟ سيذكره المؤلف؟
مداخلة: هو نفسه يا شيخ، كأنه ساقه من طريقين.
الشيخ: نعم، وعن نافع عن ابن عمر، ماذا قال عنه عن ابن عمر؟
مداخلة: الذي ذكره قال: إسناد ضعيف، لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حديث ابن عباس أخرجه الشافعي في المسند، والطحاوي في [شرح المعاني]، والبيهقي، وفي [المعرفة] له، والبغوي.
الشيخ: حديث ابن عباس هو هذا، أخرجه ماذا؟
مداخلة: أخرجه الشافعي في المسند، والطحاوي في [شرح المعاني]، والبيهقي، وفي [المعرفة] له، والبغوي.
حديث ابن عمر أخرجه الطحاوي في [شرح المعاني]، والبيهقي، وفي [المعرفة] له، والبغوي.
الشيخ: حديث ابن عمر تكلم عليه؟
مداخلة: كلاهما فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
الشيخ: كلهم عن طريق محمد، وهو ضعيف، تُرفع اليدين في سبع مواضع، الحديث الذي بعده.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَزْعَةَ الْبَاهِلِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ الْمُهَاجِرِ الْمَكِّيِّ قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ أَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، قَالَ: مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الْيَهُودَ، وَقَدْ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ هَذَا.
الشيخ: تخريجه؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف، فإن المهاجر المكي، هو مهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن القرشي المخزومي المكي، مقبول حيث يُتابع، ولم يُتابع.
قال الخطابي في [معالم السنن]: وقد اختلف الناس في هذا، فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وضعّف هؤلاء حديث جابر؛ لأن مهاجرًا راويه عندهم مجهول.
أخرجه الطيالسي، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وفي [الكبرى] له، والبيهقي، من طريق شعبة عن أبي قزعة سويد بن حجير به".
الشيخ: قال: وقد اختلف الناس ...
مداخلة: "قال الخطابي في [معالم السنن]: وقد اختلف الناس في هذا، فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري".
الشيخ: يعني والقول الثاني أنه لا يرفع يديه، ما ذكر عزاه لمن؟
مداخلة: لم يذكر.
الشيخ: فكان ماذا؟
مداخلة: فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وضعّف هؤلاء حديث جابر.
الشيخ: ومن عداهم يرى القول الثاني، لا يرفع يديه، ماعدا هؤلاء.
مداخلة: قال: لأن مهاجرًا راويه عندهم مجهول.
الشيخ: المؤلف يرى كراهة رفع اليدين عند رؤية البيت، وسفيان والإمام أحمد يرون رفع اليدين عند رؤية البيت.
مداخلة: مع تضعيفهم للحديث.
الشيخ: والمؤلف استدل بخبر مجمل غير مفسر، ما هو الخبر المجمل؟ هو هذا: «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنٍ»، وعند رؤية البيت، في الخبر: وعند استقبال القبلة.
الترجمة الثانية يفصل، (بَابُ كَرَاهَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، قَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ أَنَّهُ خِلَافُ خَبَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيَّةِ حِينَ رَأَى الْبَيْتَ)، أين حديث عمر بن الخطاب أنه رفع يديه حين رأى البيت؟ عندك؟ تكلم عليه؟
مداخلة: لم يتكلم عليه.
الشيخ: (وَيَحْسَبُ أَنَّهُ خِلَافُ خَبَرِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ»، فِي الْخَبَرِ: «وَعِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ»)، تكلم على هذا؟
مداخلة: لم يتكلم.
الشيخ: المؤلف يرى كراهة رفع اليدين، ومن العلماء من يرى الاستحباب، الإمام أحمد وغيره، (خِلَافُ خَبَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيَّةِ حِينَ رَأَى الْبَيْتَ، وَيَحْسَبُ أَنَّهُ خِلَافُ خَبَرِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاس)، نعم، بعده.
مداخلة: كأنه الحديث حديث جابر، كأنه يناسبه الترجمة التي بعدها، فهو أخرجه ولكن من طريق أخرى.
الشيخ: (مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الْيَهُودَ)، حديث جابر، سؤال جابر: أيرفع يديه تراه قبل ... قال: (مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الْيَهُودَ)، حديث جابر ضعيف.
مداخلة: مع أن التبويب: في خبر مجمل غير مفسر، وحديث جابر مفسر، وأورده من طريق أخرى في الباب الذي بعده.
الشيخ: [00:49:17]، يقول: «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنٍ»، يقول: هذا ضعيف، تُرفع اليدين في سبعة مواطن منها عند رؤية البيت، هو ضعيف، الإمام أحمد، وسعيد بن المسيب كانوا يرفعون أيديهم، والحنابلة يقولون: كذلك إذا رأى البيت رفع يديه وقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
الرفع الآن، رفع اليدين، الحنابلة يذكرون أنه إذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم أنت السلام، حيِّنا ربنا بالسلام، كأنها الإشارة، يشير ويذكر الذكر، المؤلف قال: خبر عمر بن الخطاب، خبر المقسم عن ابن عباس لا بأس، عن نافع عن ابن عمر، لكن قوله: خلاف خبر عمر بن الخطاب، أين خبر عمر بن الخطاب؟ ما تعرض له؟
مداخلة: لم يتعرض له.
الشيخ: أنه رفع يديه حين رأى البيت، المؤلف يقول: كراهة رفع اليدين، ولا يخالف خبر عمر أنه رفع يديه حينما رأى البيت، كيف لا يخالفه؟ عمر رفع يديه حين رأى البيت، والمؤلف يذكر أنه يُكره رفع اليدين.
مداخلة: [00:51:16]
الشيخ: قال: «تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنٍ»، ومنها رؤية البيت.
مداخلة: [00:51:29]
الشيخ: الترجمة التي بعدها.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ هَذَا، أَيْ: لَمْ نَكُنْ نَرْفَعُ أَيْدِينَا عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ، لَمْ نَكُنْ نَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ فَنَرْفَعَ أَيْدِيَنَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَا أَنَّا لَمْ نَكُنْ نَرْفَعُ أَيْدِيَنَا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ أَوَّلَ مَا نَرَاهُ.
شرح الشيخ: (بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ هَذَا)، حديث جابر قلنا أنه ضعيف، يعني (لَمْ نَكُنْ نَرْفَعُ أَيْدِينَا عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ، لَمْ نَكُنْ نَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ فَنَرْفَعَ أَيْدِيَنَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَا أَنَّا لَمْ نَكُنْ نَرْفَعُ أَيْدِيَنَا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ أَوَّلَ مَا نَرَاهُ)، يعني كأن المؤلف -رحمه الله- يقول: كراهة رفع اليدين عند رؤية البيت، عند الانصراف يعني، عند الخروج من المسجد، أما عند دخول المسجد فلا بأس، فكأن خبر عمر بن الخطاب هذا عند دخول المسجد، أنه رفع يديه عندما رأى البيت، والمنع من رفع اليدين عند الخروج من المسجد.
مداخلة: ابن القيم قال في [المنار المنيف]: "وحديث وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عن نافع عن ابن عمر قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تُرفع الأيدي في سبعة مواطن: عند افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، والصفا والمروة، والموقفين»"، يعني أظن عرفة ومزدلفة، "«والجمرتين»، قال: لا يصح رفعه، والصحيح وقفه على ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-، انتهى.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في الإملاء: وليس في رفع اليدين شيء أكرهه ولا أستحبه عند رؤية البيت، وهو عندي حسن، انتهى".
الشيخ: ليس عندي برفع اليدين ولا بترك، وهو حديث حسن؟
مداخلة: يقول عندي حسن، الفعل يقصد يا شيخ.
الشيخ: هذا كلام من؟
مداخلة: الشافعي يا شيخ.
قارئ المتن: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدثنا قَزْعَةُ قال: حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ قال: حدثنا الْمُهَاجِرُ بْنُ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- عَنِ الرَّجُلِ يَقْضِي صَلَاتَهُ وَطَوَافَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الْيَهُودَ.
الشيخ: يقول: إسناده ضعيف، لماذا؟ لضعف مهاجر؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: [00:55:28]
مداخلة: مقبول، ولم يُتابع.
الشيخ: المهاجر؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: وعلى هذا يكون على الأصل، الأصل لا تُرفع.
مداخلة: قال: "وسأل إسحاق الكوسج الإمام أحمد عن ذلك كما في مسائل الكوسج، فقال: قلت: رفع اليدين إذا رأى البيت؟ قال: ما أحسنه، قال إسحاق بن راهويه، كما قال، ولا يدعنّ ذلك أحد، انتهى".
الشيخ: يعني هذا عند دخول المسجد لا عند الخروج منه، على هذا حديث جابر الآن ما يصح، ويكون على الأصل.
مداخلة: ألا تُرجح شيء؟ للدخول والخروج، رفع اليدين؟
الشيخ: النهي عند الخروج في الحديث، عند الخروج هذا هو الذي فيه ضعف، أما عند الدخول هو الذي يفعله الإمام أحمد.
مداخلة: [00:57:02]
الشيخ: أذكر أن فيه آثار في هذا فيها ضعف، الحنابلة ذكروا الدعاء هذا، قالوا: إذا دخل رفع يديه وقال: اللهم أنت السلام، حيّنا ربنا بالسلام، وذكروا دعاء كثير، وقالوا: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وزدنا حظاً... لكن يقولون فيه ضعف، والأحاديث ذكروا أن فيها ضعف، يراجع الأحاديث، نحتاج إلى جمع الأدلة في هذا.
قارئ المتن: بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ.
حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْحَنَفِيَّ، قال حدثنا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ وَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ، وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
شرح الشيخ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ»، يقول: اللهم صل على محمد، تخريجه؟
مداخلة: قال: "سبق تخريجه".
الشيخ: إسناده جيد، يقول: وهو على شرط مسلم، والضحاك كلامه لا يضر، الضحاك بن عثمان، والحديث في سنن أبي داود، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "سبق تخريجه في موضع آخر".
الشيخ: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم، وقد سبق تخريجه في صحيح أبي داود، ناصر من طريق الضحاك، هذا المحدث ناصر، قال النسائي: رواه الضحاك بن عثمان [00:59:12].
يُشرع للمسلم إذا دخل المسجد يقول: اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج: اللهم صلّ على محمد، اللهم أجرني من الشيطان، وفي حديث آخر يقول: وافتح لي أبواب فضلك.
قارئ المتن: بَابُ الِاضْطِبَاعِ بِالرِّدَاءِ عِنْدَ طَوَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ أَحَدِهِمَا.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: فَاضْطَبَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ وَرَمَلُوا ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَوْا أَرْبَعَةً.
شرح الشيخ: هذا (بَابُ الِاضْطِبَاعِ بِالرِّدَاءِ عِنْدَ طَوَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ أَحَدِهِمَا)، والاضطباع: هو أن يكشف كتفه الأيمن، ويجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، ويجعل الطرفين على العاتق الأيسر، يكون مكشوف الكتف الأيمن، هذا يسمى الاضطباع، يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، ويضع طرفيه على عاتقه الأيسر، فالعاتق الأيسر مستور، والأيمن مكشوف حتى يطوف ويسعى وينتهي من السعي، انتهى الاضطباع.
الاضطباع يكون في الطواف الأول، أول مقدمه بمكة، أول طواف يطوفه بمكة في حج أو عمرة يُسن فيه سنتان: الاضطباع، والرمَل، والرمَل في الأشواط الثلاثة الأولى، وهي إسراع المشي مع مقاربة الخطى، والاضطباع: كشف الكتف الأيمن في سبعة أشواط فقط، فإذا انتهى من الأشواط سوّى رداءه قبل أن يصلي ركعتي الطواف، بعض الحجاج يظل مكشوف الكتف طول إحرامه، في عرفة أو في منى أو مزدلفة، بسبب الجهل.
يظنون أن الاضطباع سنة في الجميع، من أول ما يُحرم حتى يتحلل، هذا خطأ، الاضطباع مدة الطواف الأول فقط، السبعة أشواط، ويُسوي رداءه قبل أن يصلي ركعتي الطواف، باب الاضطباع، نعم.
قارئ المتن: بَابُ الِاضْطِبَاعِ بِالرِّدَاءِ عِنْدَ طَوَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ أَحَدِهِمَا.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: فَاضْطَبَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ وَرَمَلُوا ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَوْا أَرْبَعَةً.
الشيخ: تخريج الحديث.
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أبو داود، وابن حبان، والبيهقي من طريق يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان به".
الشيخ: نعم، هو حديث صحيح، عن عبد الله بن عباس قال: (فَاضْطَبَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ وَرَمَلُوا ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَوْا أَرْبَعَةً)، رملوا يعني أسرعوا في المشي مع مقاربة الخطى، ثلاثة أطواف، ومشوا أربعة لئلا يشق عليهم، يرملون ثلاثة أطواف.
إذًا الاضطباع عام في جميع الطواف، والرمَل في ثلاثة أشواط الأولى.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ كَانَ يَسُنُّهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعِلَّةٍ حَادِثَةٍ، فَتَزُولُ الْعِلَّةُ وَتَبْقَى السُّنَّةُ قَائِمَةً إِلَى الْأَبَدِ؛ إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا رَمَلَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاضْطَبَعَ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ وَقُوَّةَ أَصْحَابِهِ، فَبَقِيَ الِاضْطِبَاعُ وَالرَّمَلُ سُنَّتَيْنِ إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ.
شرح الشيخ: في الابتداء قالت قريش وكانوا قرب الحِجر في عمرة القضاء: يقدم عليكم محمد وأصحابه، قد وهنتهم حمى يثرب، يعني أصابتهم الحمى، يثرب اسم المدينة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ارملوا، أروهم قوتكم، فكانوا يرملون حتى يصلون إلى الركن اليماني، وإذا كانوا هناك تواروا عنهم؛ لأن المشركين من جهة الحِجر، فيمشون ما بين الركن اليماني إلى الحَجر، مشي، يستريحون، والنبي أراد هذا لا يثقل عليهم، حتى لا يشق عليهم، فلما رأوهم كذا، قال بعضهم: انظروا إليهم ينقزون كالغزلان، ما أصابهم شيء.
ثم بعد ذلك في حجة الوداع رمَل النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحِجر إلى الحَجر، حتى بين الركن اليماني والحجر الأسود، فاستقرت السنة بأن الرمل ثلاثة أشواط، من أول الشوط إلى آخره، كان في الأول لا، بعض الشوط إلى الركن اليماني، أعد.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ كَانَ يَسُنُّهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعِلَّةٍ حَادِثَةٍ، فَتَزُولُ الْعِلَّةُ وَتَبْقَى السُّنَّةُ قَائِمَةً إِلَى الْأَبَدِ؛ إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا رَمَلَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاضْطَبَعَ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ وَقُوَّةَ أَصْحَابِهِ، فَبَقِيَ الِاضْطِبَاعُ وَالرَّمَلُ سُنَّتَيْنِ إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: فِيمَ الرَّمَلَانُ الْآنَ وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَتْرُكُ شَيْئًا كُنَّا نَصْنَعُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الشيخ: فيم الرملان عندك كذا؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: فيم الرمل الآن؟
مداخلة: فيم الرملان الآن؟
الشيخ: ما الرملان؟ هكذا يكون جميع النسخ الرملان؟
مداخلة: نسخة الفحل كذلك.
الشيخ: في التقرير: فيم الرمل الآن؟
مداخلة: الرملان الآن.
الشيخ: ما الرملان؟ الرمل اسمه، هو قال رملان؟
مداخلة: في الطواف والسعي.
الشيخ: إذا كان في السعي محتمل، تخريجه.
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبزار، وأبو يعلى، والطحاوي في شرح المعاني، والحاكم، والبيهقي من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به، وأخرجه البخاري من طرق عن زيد بن أسلم به".
الشيخ: إذًا الرملان إذا قلنا في السعي والطواف ممكن، فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب؟ والحديث صحيح، ومعنى هذا فالرمل والاضطباع سنتان قائمتان.
نقف على باب استلام الحجر الأسود عند ابتداء الطواف، اجعلوا عليه علامة، إن شاء الله يكون بعد العيد، بعد الحج إن شاء الله.
وفق الله الجميع لطاعته، وثبت الله الجميع، ورزق الله الجميع بالعلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.