بسم الله الرحمن الرحيم
قارئ المتن: بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:
أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: فَخَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ فَاسْتَلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا.
تخرجيه عندك؟
مداخلة: نعم، قال: "سبق تخريجه برقم كذا".
الشيخ: النسخة؟
مداخلة: النسخة التي بعدها.
الشيخ: هنا قال أخرجه مسلم؟
مداخلة: نعم.
شرح الشيخ: في الحج؟ نعم، حديثٌ صحيح، قالوا والشاهد من الحديث قوله: فاستلم الحجر الأسود، فيه مشروعية استلام الحجر الأسود، وهو سنة كما سيأتي، المؤلف سيتكلم عنه استلام الحجر الأسود هو أن يستلمه، فيه سنن:
- يستلمه يعني يمسحه بيده اليمنى ويقبِّله، هذه سُنة.
- فإن لم يتيسر استلمه بيده وقبله، هذه السنة الثانية.
- السنة الثالثة: أن يستلمه بحصاة ويقبله، ولا يُقبِّل يده.
[00:01:44] يقول: فاستلم الحجر الأسود؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: والترجمة: (اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ).
قارئ المتن: وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَقَالَ عِيسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ حِينَ يَقْدَمُ، يَخِبُّ ثَلَاثَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ.
شرح الشيخ: يقال (السُبْع)، ويقال أسبوع، الصواب يُقال: أسبوع، (سُبْع) من السبع، والحديث عندك ماذا قال؟
مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح".
الشيخ: أخرجه؟
مداخلة: "أخرجه البخاري ومسلم والنسائي، وفي الكبرى له".
الشيخ: والشاهد يقول يستلم الركن الأسود أول ما يطوف، هذا هو الشاهد في الترجمة، يقول: (يَخِبُّ ثَلَاثَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ) يعني يرمل، والخبب هو الرمل، يعني يسرع المشي مع مقاربة الخطى في السُبع ويقال الأسبوع الأول، يقال (سُبْع)، ويقال (أسبوع)، طاف سبعة أشواط، يقال أسبوع، ويسمى أسبوع ويسمى (سبع)، وقوله (يَخِبُّ) يعني يرمل، الخَبَب هو الإسراع في المشي، ويسمى خبب ويسمى رمل.
وهذه سنة في أول طواف يقدم به مكة لحجٍ أو لعمرة، أول طواف يُسَّن فيه الخبب أو الرمَل ثلاثة أشواط، ثم أربعة أشواط يمشي، وفيه سنة ثانية بالنسبة للرجل وهي كشف الكتف الأيمن يسمى بالاضطباع، وهو أن ينزل رداءه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، هذا هو الاضطباع خاصٌ بهذا الطواف، سُنتان، وبعض الحجاج أو المعتمرين يكشف كتفه طول الوقت، في السعي مكشوف الكتف، يضطبع، تجده مضطبع في السعي، ويضطبع في عرفات ويضطبع في منى، وهذا غير مشروع.
الاضطباع إنما هو في الأسبوع الأول أول ما يقدم مكة، وأما الرمد فهو في الثلاثة أشواط الأولى فقط، وهو سنة، ولو تركه فلا حرج، سنة ليس بواجب؛ ولهذا في هذا الحديث قال: حين يقدم مكة يستلم الركن اليماني أول ما يطوف، يعني أول ما يبدأ يستلم، يعني هذه السنة، يستلم، أو يكبِّر إذا كان بعيدًا يكبر، وإن قال في ابتدائه: بسم الله والله أكبر إذا بدأ الطواف فلا بأس، فهذا هو الشاهد من الترجمة (بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ) قال (يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ).
قارئ المتن: بَابُ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِذَا أمكن تَقْبِيلُهُ مِنْ غَيْرِ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِ
في نسخة: (إذا لم يكن تقبيله من غير ...).
مداخلة: (إِذَا أمكن تَقْبِيلُهُ مِنْ غَيْرِ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِ).
شرح الشيخ: وهذه الترجمة فيها بيان أنه لا ينبغي لإنسان أن يؤذي المسلم أو يزاحمه، إذا كان فيه إيذاء فينتقل إلى ما بعده، يستلمه بدون تقبيل، فإن شقَّ استلمه بعصا، فإن شقَّ أشار إليه وكفى، فهذا التقييد مهم عند المؤلف: (مِنْ غَيْرِ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِ)؛ لأن التقبيل سنة، وإيذاء المسلم لا يجوز، محرَّم، فكيف يرتكب المحرم لأجل فعل السنة!
قارئ المتن: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: قَبَّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحَجَرَ، فَقَالَ: "أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ".
قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي مِثْلَهَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ.
تخريجه؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد وعبد بن حميد، والدارمي، ومسلم".
شرح الشيخ: إذا كان في الصحيح [00:08:10]، والشاهد من الحديث أن عمر قبَّل الحجر، فيه مشروعية تقبيل الحجر، وفيه أن عمر -رضي الله عنه- أعلن هذا على المسلمين، وقال: (لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ)، يعني مقصود عمر -رضي الله عنه- أنه قبله التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قبله قال: (وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ)، وفي لفظ: «إنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك»، مقصود عمر -رضي الله عنه- أن قبله للتأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب:21]، وليس المراد أنه ينفع ويضر، إنما للتأسي، تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
قارئ المتن: بَابُ الْبُكَاءِ عِنْدَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَفِي الْقَلْبِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ هَذَا، وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْحَجَرِ، وَمَسْحِ الْوَجْهِ بِهِمَا، وَلَكِنْ خَبَرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَيْبٍ، قال: حدثنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ يَبْكِي. فَقَالَ: «يَا عُمَرُ! هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ».
شرح الشيخ: هذا الحديث تكلم عليه ابن خزيمة، يقول (وَلَكِنْ خَبَرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ثَابِتٌ)، ماذا قال عندك؟ قال: "إسناده منكر".
مداخلة: "إسناده ضعيفٌ جدًا".
الشيخ: قبله، قوله في الترجمة: (وَلَكِنْ خَبَرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ثَابِتٌ).
مداخلة: (وَلَكِنْ خَبَرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ثَابِتٌ).
الشيخ: قال في التعليق عليه قال: "إسناده منكر، فيه محمد بن عون، وهو متروك"، كذا عندك؟
مداخلة: لا، هنا نسخة أخرى، الخاصة بالفحل: "إسناده ضعيفٌ جدًا لشدة ضعف محمد بن عون الخراساني فهو متروك، وأخرجه عبد بن حميد".
الشيخ: في الحديث قال: "إسناده ضعيف جاء عن محمد بن عون ..."
مداخلة: ضعيفٌ جدًا.
الشيخ: الثاني الذي بعده، إسناده ضعيف لعنعنة ابن إسحاق، ما الذي في النسخة التي عندك؟
مداخلة: نسخة الفحل، قال: "إسناده ضعيف؛ فإن محمد بن إسحاق مدلسٌ وقد عنعن"، الحديث الذي نقرأه بعد قليل الذي هو (2713).
الشيخ: عندكم هكذا؟ وعلى هذا فيكون البكاء عند تقبيل الحجر غير ثابت.
مداخلة: (تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ).
الشيخ: القول بالبكاء عند تقبيل الحجر قال المؤلف: (وَفِي الْقَلْبِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ) ماذا قال على محمد بن عون؟ تكلم على محمد بن عون؟ محمد بن عون متروك.
مداخلة: قال: "محمد بن عون الخراساني فهو متروك".
الشيخ: ووضع اليدين على الحجر ومسح الوجه بهما، خبر محمد بن ثابت أيضًا منكر، على هذا لا يشرع البكاء ولا وضع اليدين على الحجر ولا مسح الوجه بهما.
مداخلة: يعني مسح الوجه يكون للتبرُّك عندهم كما يُفعل في هذه الأزمان؟ يمسحون اليد ثم يمسحون الجسد.
الشيخ: ما هو بمشروع، ما هو بمشروع إلا ما ثبت، أقول لا ينبغي للإنسان أن يفعل شيئًا إلا ما ثبت في السنة، وعلى هذا فيكون البكاء عند تقبيل الحجر، ووضع اليدين على الحجر ومسح الوجه بهما غير مشروع؛ لأنه لم يثبت، وإنما الثابت تقبيل الحجر والمسح بيده اليمنى، تقبيله بالشفتين إذا أمكن ومسحه باليد اليمنى، فإذا لم يمكن مسح بيده اليمنى، [00:14:05] سيأتي، أكمل الحديث.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَدَخَلْنَا مَكَّةَ حِينَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى، فَأَتَى يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابَ الْمَسْجِدِ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَبَدَأَ بِالْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَه وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ بِالْبُكَاءِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: وَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا حَتَّى فَرَغَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَبَّلَ الْحَجَرَ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ.
شرح الشيخ: يعني وضع اليدين ومسح مسح الوجه بهما غير ثابت.
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف".
الشيخ: نعم، كما سبق لضعف محمد بن إسحاق وعنعنته، عليه تعليق زيادة؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف؛ فإن محمد بن إسحاق مدلسٌ وقد عنعن"، لكن قال هنا قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ).
الشيخ: (عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ).
مداخلة: نعم.
قارئ المتن: بَابُ السُّجُودِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِذَا وَجَدَ الطَّائِفُ السَّبِيلَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَكَذَا فَفَعَلْتُ.
الشيخ: ماذا قال عندك؟
مداخلة: "إسناده تصحيح، أخرجه الشافعي في مسنده، والطيالسي، والدارمي، وأبي يعلى، والبيهقي، والضياء المقدسي في المختارة".
الشيخ: ذكر عن [منحة المعبود].
مداخلة: نعم.
الشيخ: جعفر بن عبد الله والبيهقي، في زيادة عندكم؟
مداخلة: نفس النسخة.
الشيخ: ومعنى (وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ) يعني وضع الجبهة عليه.
مداخلة: نعم.
شرح الشيخ: لكن المؤلف قيَّد، قال إذا وجد الطائف السبيل إلى ذلك من غير إيذاءٍ لمسلم، قيده بقيدين:
القيد الأول: أن يكون هناك فراغ ومكان، أن يكون هناك فراغ بحيث يضع جبهته عليه، إذا لم يؤذ مسلمًا، فإذا كان فيه أذية لمسلم فلا، كما سبق حتى على الاستلام والتقبيل ووضع الجبهة عليه إذا لم يكن هناك فيه مشقة ولا إيذاء لمسلم، وإلا أشار إليه وكبَّر من بعيد (الله أكبر)، ولا يؤذي مسلمًا ولا يزاحم، ولا سيما إذا وُجد نساء.
أعد الحديث، حدثنا محمد بن بشار ...
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَكَذَا فَفَعَلْتُ.
بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِالْيَدِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَلَا السُّجُودُ عَلَيْهِ
الشيخ: (يكن) عندكم أو (يمكن) إذا لم يمكن؟ نعم، النسخة عندنا هذه (يكن) قال: (إِذَا لَمْ يَكُنْ).
مداخلة: قال في نسخ يكن.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِالْيَدِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَلَا السُّجُودُ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِيَدِهِ، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ.
حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
الشيخ: الحديث أخرجه مسلم، ماذا قال عندك في تخريجه؟
مداخلة: قال: "صحيح أخرجه أحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي والحاكم والبيهقي".
شرح الشيخ: والحديث صحيح، وفيه مشروعية استلام الحجر الأسود باليد وتقبيل اليد إذا لم يمكن تقبيل الحجر ولا السجود عليه، إذا لم يمكن تقبيله بشفتيه ولا السجود عليه ينتقل إلى السنة الثانية وهي استلامه باليد وتقبيل اليد، هذه قد يكون باليد سهلة أخف، يستلمه ويمسحه بيده ويقبل اليد، هذا السنة الثانية، لكن السنة الأولى إذا كان في فراغ ولا توجد مزاحمة يقبله بشفتيه ويسجد عليه، يضع جبهته عليه، هذه السنة الثانية استلام الحجر باليد وتقبيل اليد إذا لم يمكن تقبيل الحجر ولا السجود عليه.
وفيه ذكر حديث ابن عمر، وقال: "ما تركت استلام الحجر الأسود في شدة ولا رخاء"، كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كثير الحج والعمرة، وكان -رضي الله عنه- يتأسى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا حتى في الأمور العادية -رضي الله عنه وأرضاه-، ويبدو أنه قال: "ما تركت استلام الحجر الأسود في شدة ولا رخاء"، اجتهاد منه -رضي الله عنه-.
مداخلة: هل ثبت استلامه بالعصا.
الشيخ: كان ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف وكان يستلمه بمحجن.
مداخلة: ويقبله؟
الشيخ: نعم، ويقبله، يعني إذا أمكن.
قارئ المتن: بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَاسْتِقْبَالِهِ في افْتِتَاحِ الطَّوَافِ
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُرَيْحٍ الرَّازِيّ أَنَّ عمَرو بْنَ مُجَمِّعٍ الْكِنْدِيّ،
الشيخ: (عمرو) أم (عمر) عندك؟
مداخلة: قال: (قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُرَيْحٍ الرَّازِيّ أَنَّ عمَرو بْنَ مُجَمِّعٍ الْكِنْدِيّ).
الشيخ: عندكم (عمرو) بالواو أم (عمر)؟
مداخلة: في واو.
الشيخ: في واو، عندي ما في واو، ماذا عندك في النسخة؟
مداخلة: في نسخة التأصيل وردت لفظة عمرو.
الشيخ: بالواو؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: تكلم عليه؟ أخرجه مسلم عن ابن عمر، أكمل.
قارئ المتن: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُرَيْحٍ الرَّازِيّ أَنَّ عمَرو بْنَ مُجَمِّعٍ الْكِنْدِيّ، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
الشيخ: (سريج) في نسختي (شُريْح)، تحريف.
مداخلة: (سريج).
الشيخ: تكلم عليه؟
مداخلة: قال عندنا سُريج، ثم قال في نسخة تصحف إلى شُريح وهو تصحيف.
الشيخ: و(عمرو) ما تكلم على (عمرو) قال (عمر)؟
مداخلة: ما ذكر.
مداخلة: (عمرو) كما هو، و(سُرَيْج) قال في نسخة: (شريح وهو تصحيف).
الشيخ: عندك هذا الكلام فيه التعليق؟
مداخلة: نعم، قال: "سُريْج تصحف في نسختي إلى شريْح".
قارئ المتن: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَهَلَّ، فَقَالَ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ". فَهَذِهِ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ اسْتَقْبَلَهُ الْحَجَرُ، فَكَبَّرَ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
شرح الشيخ: الشاهد من الحديث تقبيل المسلم للحجر واستقباله عند افتتاح الطواف فقط، يعني عندما يبدأ يستقبله ويكبِّر، ذكر ابن القيم -رحمه الله- في [الزاد] أنه لا يُشرع كما يُشرع في الصلاة، بعض الناس كأنه يصلي يستقبله يديه وكذا، إنما يستقبله ويكبِّر ثم يمشي، وبقية الأشواط يكبر وهو ماشي ما يستقبل، كذا وهو ماشي (الله أكبر) إذا حاذاه كبَّر، ولا يحتاج استقبال، إنما هذا في ابتداء الطواف.
مداخلة: بعض الناس يقولون: "بسم الله والله أكبر".
الشيخ: هذا في ابتداء الطواف، جاء أن التكبير، أمَّا بقية الأشواط التكبير فقط (الله أكبر)؛ ورد في بعضها التسمية، لكن هنا ما ذكر المؤلف عند ابتداء الطواف، ذكر سماحة شيخنا الشيخ ابن باز في المناسك عند ابتداء الطواف يقول: (بسم الله والله أكبر)، هذا يستقبله ويكبِّر، ثم بقية الأشواط تكبير فقط بدون استقبال وهو ماشي، بعض الحجاج أو كثير من الحجاج يقف ويكون هناك زحامًا، ما ينبغي الوقوف والإطالة.
فالعامة لهم أشياء يعملونها، منها التكبير، تكرار التكبير، بعضهم يكبر أربع أو خمس مرات، بعضهم يزيد: (ولله الحمد)، بعضهم يمسح وجهه، كل هذا غير مشروع، يقول (الله أكبر) وهو ماشي؛ فإذن التكبير عند استلام الحجر واستقباله عند افتتاح الطواف فقط.
وفيه تلبية الرسول -صلى الله عليه وسلم-، يلبي: (اللهم لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، هذه تلبية النبي -صلى الله عليه وسلم-، والشاهد قوله: (إِذَا انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ اسْتَقْبَلَهُ الْحَجَرُ، فَكَبَّرَ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ)، وهي ركعتين الطواف، وهذا في الطواف الأول، الرمَل خاص بالطواف الأول.
مداخلة: في نهاية الطواف يُكبر؟
الشيخ: سيأتي، المؤلف يرى أنه يكبِّر عند ابتداء الطواف وانتهائه، بعض العلماء يرى أنه لا يكبر، المؤلف سيذكر في ترجمة أنه يكبر عند ابتدائه وانتهائه؛ لأنه حاذاه، ومن العلماء من يرى أنه إذا انتهى لا يحتاج إلى تكبير.
مداخلة: إذا كبر في الأخير تعتبر ثمان تكبيرات.
الشيخ: ولو ثمان تكبيرات، المؤلف يرى [00:29:10]، ليس المراد العدد، وإنما المحاذاة.
مداخلة: في بعضهم يقول: صورني، يجعل الكعبة وراء ظهره.
الشيخ: إذا كان وراء ظهره نقص بعض الشوط ما صحَّ الطواف، لابد أن يجعله عن يساره.
مداخلة: [00:29:36]
الشيخ: هذا الحديث، هذا الذي سمعت، قال: (فَكَبَّرَ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ) هذا أول ما يبدأ كما ذكر المؤلف عند افتتاح الطواف فقط.
قارئ المتن: بَابُ الرَّمَلِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَشْيِ فِي الْأَرْبَعَةِ
حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا.
شرح الشيخ: وهذا الحديث ثابت، رواه الشيخ البخاري، وفيه أن مشروعية الرمل في الأشواط الثلاث الأولى حينما يقدر، أول ما يقدر في الطواف الأول.
والرمل هو الإسراع بالمشي مع مقاربة الخطى، ويسمى الخبب.
قارئ المتن: بَابُ الرَّمَلِ بِالْبَيْتِ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ؛ ح وَقال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ، زَادَ عَلِيٌّ: ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا.
الشيخ: الحديث أخرجه مسلم ماذا قال؟
مداخلة: قال في تخريجه: "صحيح، أخرجه الشافعي في المسند، والدارمي، ومسلم، وابن ماجه، والترمذي والنسائي، وفي الكبرى له والبغوي من طريق مالك بن أنس عن جعفر بن محمد به".
الشيخ: نعم، فيه مشروعية الرمَل من الحجر إلى الحجر، وفي عمرة القضاء النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أمر أصحابه أن يرملوا من الحجر إلى الركن اليماني، ثم يمشون؛ لأن قريشًا كانوا خلف الحجر، وقال بعضهم: "انظروا إلى محمد وأصحابه أصابتهم حمى يثرب"، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يرملوا، فقالوا: "انظروا إليهم ينقزون كالغزلان"، هذا المراد، فكانوا إذا وصولوا إلى الركن اليماني اختفوا عن قريش أمرهم أن يمشوا حتى لا يشق عليهم، ثم في حجة الوداع أمرهم أن يرملوا من الحجر إلى الحجر.
فإذن الرمل مشروع في جميع الطواف، في عمرة القضاء في بعض الطواف إلى الركن اليماني، سيذكر المؤلف الترجمة التي بعدها.
مداخلة: نقل كلام الترمذي.
الشيخ: في تعليق؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: على هذا أم على ...
مداخلة: على نفس الحديث.
الشيخ: ماذا قال؟
مداخلة: قال: "قال الترمذي: حديثٌ حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، قال الشافعي: إذا ترك الرمل عمدًا فقد أساء ولا شيء عليه، وإذا لم يرمل في الأشواط الثلاثة لم يرمل فيما بقي، وقال بعض أهل العلم: ليس على أهل مكة رمل، ولا على من أحرم منها".
الشيخ: "إذا ترك الرمل عمدًا فقد أساء ولا شيء عليه": يعني إذا فاته الرمل في الأشواط الثلاثة لا يرمل في الأربعة، وهذا إذا أمكن ولم يكن هناك زحامًا، فإذا لم يمكن يكون معذورًا بسبب الزحام، أكمل.
مداخلة: قال: "وليس على أهل مكة رمل ولا على من أحرم منها".
الشيخ: "ليس على أهل مكة رمَل"، الرمَل يقول للآفاقي الذي جاء من بعيد، أما من أحرم من مكة أو قدم منها فهو قريب، فليس عليه رمل.
مداخلة: "ليس على أهل مكة رملٌ ولا على من أحرم منها".
الشيخ: يحرم من التنعيم، هذا نقل عن الشافعي؟
مداخلة: لا، قال: قال الشافعي، ثم قال: "وقال بعض أهل العلم: ليس على أهل مكة رمل"، ليس عن الشافعي.
الشيخ: هذا قول، والقول الثاني أن الرمل مشروع للجميع.
وهل الأولى للإنسان القرب من الكعبة بدون رمل أو البعد منها مع الرمل؟ أيهما أولى؟
[00:35:15] إذا قربت أستطيع أن أطوف قريبًا من الكعبة ولكن في زحام، في بعض الزحام ما أستطيع الرمل، أو أبتعد وآتي بالرمل؟ يعني أكون بعيدًا عن الكعبة، أيهما أولى؟
مداخلة: الابتعاد.
الشيخ: الابتعاد لماذا؟
مداخلة: [00:35:41]
الشيخ: فوَّت سنة تتعلق بالطواف، والقاعدة عند أهل العلم أن السنة المتعلقة بذات العبادة مقدَمة على السنة المتعلقة بمكانها، فالقرب من الكعبة أفضل، لكن هذا فيه سنة تتعلق بمكان العبادة، لكن الرمل متعلق بذات العبادة وهو الطواف، فعلى هذا الأولى للآفاقي أن يكون بعيدًا مع الرمل أولى من أن يكون قريبًا بدون الرمل، أما إذا لم يمكن في الجميع فالأمر فيه سعة.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا رَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِابْتِدَاءِ
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّمَلُ ثَلَاثَةُ أَشْوَاطٍ بِالْبَيْتِ، وَأَرْبَعَةٌ مَشْيًا؛ إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ، قَالُوا: انْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزَالِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرُوهُمْ مَا يَكْرَهُونَ».
الشيخ: هذا الحديث أخرجه مسلم [00:37:43].
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الطيالسي والحميدي وأحمد ومسلم وأبو داود والطحاوي وابن حبان والطبراني في الكبير والبيهقي".
شرح الشيخ: ما ذكر هنا في عمرة القضاء، هذا في الأول، (قَالُوا: انْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزَالِ) هذا في عمرة القضاء، جاء في الحديث الذي بعده، وقال: (أَرُوهُمْ مَا يَكْرَهُونَ)، فجلعوا يرملون.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قال: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قال: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمى يَثْرِبَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَامِهِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «أَرْمِلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَكُمْ»، فَلَمَّا رَمَلُوا قَالَتْ قُرَيْشٌ: "مَا وَهَنَتْهُمْ!".
الشيخ: يعني ما أضعفتهم، ماذا قال عندك؟ أخرجه مسلم؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه مسلم، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي".
شرح الشيخ: وهو حديث صحيح، وكان هذا في عمرة القضاء في السنة السابعة من الهجرة، قالوا: وهنتهم الحمى: أضعفتهم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَرْمِلُوا ... لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَكُمْ).
قارئ المتن: بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ؛ ح وَقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيَّ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قال: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى السَّائِبِ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّائِبِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَيْنَ رُكْنِ بَنِي جُمَحٍ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ يَقُولُ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[البقرة: 201].
قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: يَقُولُ: بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ.
حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ مَعْمَرٍ.
الشيخ: ماذا قال في تخريجه؟
مداخلة: قال: "إسناده حسن؛ فإن عبيدًا مولى السائب لا ينزل عن رتبة الحسن فقد روى عن ابنه يحيى كما هنا وعمرو بن دينار".
الشيخ: الفحل؟ قال ماذا؟ إسناده حسن؟
مداخلة: "إسناده حسن؛ فإن عبيدًا مولى السائب لا ينزل عن رتبة الحسن، فقد روى عنه ابنه يحيى كما هنا، وعمرو بن دينار في مسند الشافعي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات".
الشيخ: وهذا الأعظمي قال إن إسناده ضعيف، ضعَّف هذا الشيخ الألباني، قال: "إسناده ضعيف، والأقرب أنه حسن"، هنا السند طويل الآن، ذكر ستة أو ثمانية رجال، وإذا طال السند ... علو الإسناد هذا مطلوب من المحدثين، الكلام في عبيد مولى السائب، تكلم عليه، قال ...
مداخلة: قال: "إسناده حسن، فإن عبيدًا مولى السائب لا ينزل عن رتبة الحسن، فقد روى عنه ابنه يحيى كما هنا، وعمرو بن دينار في مسند الشافعي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات".
الشيخ: ما نقل عن الترمذي كلام؟ انتهى؟
مداخلة: قال: "أخرجه عبد الرزاق وأحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي والبغوي".
الشيخ: هو كما ثبت في الصحيح هذا الدعاء ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، وهذا الدعاء دعاء عظيم يجمع الدعاء، وهو دعاءٌ من أدعية القرآن والسنة، ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، في القرآن الكريم: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)﴾[البقرة:200-202]، فهو دعاءٌ عظيم.
والأقرب أنه كما ذكر أنه حديث حسن واعتمده أهل العلم، معتمد على أهل العلم، هنا الأعظمي ضعَّفه، نعم، ولو اعتمد أنه حسن وأنه يُشرع هذا الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ لا بأس.
بعضهم يزيد فيه (وأدخلنا الجنة مع الأبرار)، حسنة الآخرة أعظمها هي دخول الجنة، (وفي الآخرة حسنة) أعظمها دخول الجنة والنجاة من النار، ورضا الرب -سبحانه وتعالى-، فهذا الدعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة.
مداخلة: ذكر بعده تعليق قال: "قال الشافعي في الأم بعد أن أخرج الحديث: هذا من أحب ما يقال في الطواف إليّ، وأحب أن يقال في كله".
مداخلة: أي ليس بين الركن واليماني والحجر الأسود، وإنما في كل الطواف.
الشيخ: مشروع الدعاء، هذا في الأم؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: هذا من أحب ماذا؟
مداخلة: قال: "هذا من أحب ما يقال في الطواف إليّ، وأحب أن يقال في كله".
الشيخ: الشافعي -رحمه الله- يستحسن أن يقال في جميع الطواف؛ لأنه دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة، لكنه يتأكد استعماله بين الركن اليماني والحجر الأسود.
مداخلة: يكرر أم مرة واحدة بين الركنين؟
الشيخ: إذا كرره طيب حسن.
مداخلة: يعني في كل طواف؟
الشيخ: في كل طواف، الشافعي يرى أنه أحب إليه أن يُكرر في جميع الطواف.
مداخلة: الشيخ الألباني رحمه الله حسنه.
الشيخ: حسنه؟ الأعظمي قال إن إسناده ضعيف، الأعظمي ينقل عن الألباني، قال إسناده ضعيف، الألباني حسنه، وهو الأقرب، الأقرب أنه حسن.
قارئ المتن: بَابُ التَّكْبِيرِ كُلَّمَا انْتَهَى إِلَى الْحَجَرِ
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ، وَكَبَّرَ.
الشيخ: نعم، وهذا الحديث أخرجه البخاري، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه البخاري".
شرح الشيخ: (بَابُ التَّكْبِيرِ كُلَّمَا انْتَهَى إِلَى الْحَجَرِ) يعني طاف على بعير، (كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ، وَكَبَّرَ)، ولم يذكر التقبيل هنا، إذن فيه مشروعية التكبير كلما حاذى الحجر، يكبِّر.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِي فِي كُلِّ طَوَافٍ مِنَ السَّبْعِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ مَسَحَ أَوْ قَالَ: اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ فِي كُلِّ طَوَافٍ.
الشيخ: ماذا قال هنا؟ قال إسناده حسن؟ ماذا قال عندك؟
مداخلة: قال: "إسناده حسن من أجل عبد العزيز بن أبي روَّاد، أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي".
شرح الشيخ: (اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِي)، الركن اليماني يُستلم ولا يُقبل، يعني يمسحه بيده ويكبِّر، وإذا لم يتمكن من استلامه فلا يشير إليه ولا يكبر، قال بعض العلماء يشير، والصواب أنه لا يشير إلى الركن اليماني، إنما إذا تمكن من استلامه استلمه وكبَّر، مسح بيده وكبَّر، وإذا لم يتيسر يمضي، أما الحجر الأسود فإنه يشير إليه ويكبِّر، والحديث كما ذكروا الصواب أنه حسن لا بأس، (كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ مَسَحَ أَوْ قَالَ: اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ فِي كُلِّ طَوَافٍ).
قارئ المتن: بَابُ الْإِشَارَةِ إِلَى الرُّكْنِ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إليه إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اسْتِلَامُهُ
ما فيه (عند الانتهاء والبدء)؟
مداخلة: ما عندي.
شرح الشيخ: في الترجمة هذه فيه زيادة (والبدء)، (بَابُ الْإِشَارَةِ إِلَى الرُّكْنِ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ والبدء إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اسْتِلَامُهُ)
مداخلة: (عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إليه).
الشيخ: في الأصل إذا لم يكن هناك، ما في زيادة عندكم؟
مداخلة: عندي طبعة الأعظمي الطبعة الثالثة ما فيها (والبدء)، حذفها.
شرح الشيخ: موجودة هذه عندي (والبدء)، (عِنْدَ الِانْتِهَاءِ والبدء)، البدء سبق [00:50:03]، لكن الكلام في الانتهاء، هنا الترجمة يعني، يترجمها الآن فيها إضافة على الترجمة التي سبقت (عِنْدَ الِانْتِهَاءِ)، (بَابُ الْإِشَارَةِ إِلَى الرُّكْنِ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إليه إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اسْتِلَامُهُ)، (عِنْدَ الِانْتِهَاءِ والبدء)، يعني عند الابتداء والانتهاء، وكلما حاذاه يشير إليه ويكبِّر.
قارئ المتن: قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ؛ ح وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ فَكُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ.
هَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ.
الشيخ: الحديث أخرجه البخاري يقول؟
مداخلة: نعم، قال: "أخرجه البخاري والترمذي وابن حبان".
شرح الشيخ: (فَكُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ)، المؤلف أخذ من قوله: (فَكُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ)، قال: (كلما) يشمل الابتداء والانتهاء.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ، رُكْنِ الْأَسْوَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ، وَهُمَا الرُّكْنَانِ الْيَمَانِيَانِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَمَ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالَّذِي يَلِيهِ مِنْ نَحْوِ دَارِ الْجُمَحِينَ.
الشيخ: أخرجه مسلم ومن معه؟
مداخلة: قال: "أخرجه عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم".
شرح الشيخ: البيت له أربعة أركان، ركنان يُستلمان وركنان لا يُستلمان، الركن اليماني والركن الأسود يُستلمان، ثم يليه الركن الشامي والركن العراقي لا يُستلمان، والعلة كما سيذكر المؤلف في الترجمة التي بعدها؛ لأنهما لم يكونا على قواعد إبراهيم؛ لأن قريشًا لما بنت الكعبة أخرجت الحجر، وفيه ما يقرب من ستة أذرع ونصف من الكعبة، فهذا هو السبب كونه لا يُستلم، ولهذا لما تولى عبد الله بن الزبير إمارة مكة وبنى الكعبة على قواعد إبراهيم، صار يستلم الأركان كلها؛ لأنه أدخل الحجر، ثم بعد ذلك الحجاج بن يوسف أمير العراق لعبد الملك بن مروان لما هدم الكعبة أخرج الحجر، وجعلها على ما كانت عليه، ورأى الإمام مالك أنها تبقى على ما كانت عليه صيانةً للكعبة.
فهذا الحديث فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما استلم من البيت إلا الركن الأسود والذي يليه وهو الركن اليماني.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي نَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ لَهَا
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «َلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْمِكِ حِينَ بَنَوا الْكَعْبَةَ اخْتَصَرُوا عن قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟»، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا تَرُدّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ».
قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ؛ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُقَمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.
شرح الشيخ: فهذه هي العلة، كونه لم يستلم الركن الشامي، والركن العراقي لا يُستلمان؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم لأن قريشًا أخرجت بعض الكعبة، ماذا قال في تخريجه عندك؟
مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم".
شرح الشيخ: عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أَفَلَا تَرُدّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ»)؛ لأنهم يعني أسلموا قريبًا لن يتحملوا، فلما تولى عبد الله بن الزبير قد زال المحذور فأدخل الحجر، فجعل يستلم الأركان كلها، وجاء أن معاوية -رضي الله عنه- لما حجَّ استلم الأركان الأربعة كلها لما طاف، فأنظر عليه ابن عباس، وقال الركن العراقي والشامي لا يُستلمان، فقال معاوية: "يا ابن عباس أفي شيءٍ مهجور!"، فقال ابن عباس: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ولم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم الركنين اليمانيين"، قال: "صدقت"، رجع إلى قوله.
فإذن الآن لا يُستلم الركنان اليمانيان، كما قال ابن عباس: (لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ)، (إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ) ماذا؟ (لم يُتمم) عندك؟
مداخلة: عندي "لم يُضم"، وفي طبعة: "لم يتم".
الشيخ: أظنها في البخاري: "لم يُتمم" أو "لم يُتم".
مداخلة: قال في الحاشية: "في الأصل (يُقَم) والمثبت من مصادر الحديث".
الشيخ: "لم يُقم".
مداخلة: أثبت (لم يتم)، والأصل (لم يُقم).
الشيخ: عندي بالصاد أيضًا، (لم يُصم)، الصواب (لم يُقم)، لم يُقم على قواعد إبراهيم، أو لم يُتمم على قواعد إبراهيم، لفظ (لم يُصم) ليس بواضح.
مداخلة: الركنان اليمانيان ماذا قصده بهما الحجر الأسود والركن اليماني؟
الشيخ: نعم، الحجر الأسود والركن اليماني، التغليب (الركنان اليمانيان) مثل العمَران والقمَران والأبَوان، للتغليب.
قارئ المتن: بَابُ وَضْعِ الْخَدِّ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي عِنْدَ تَقْبِيلِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَيْهِ.
الشيخ: ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن مسلم بن هرمز وقد تفرد به، أخرجه عبد بن حميد والبيهقي".
الشيخ: السنن الكبرى للبيهقي؟ أعد ماذا قال "إسناده ضعيف" لماذا؟
مداخلة: "إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن مسلم بن هرمز وقد تفرد به".
شرح الشيخ: وعلى هذا فلا يُشرع وضع الخد على الركن اليماني عنده ولا يُقبل، لا يوضع الخد ولا يُقبل، وإنما يُستلم باليد فقط ويكبِّر، فوضع الخد وتقبيله، وقوله (عند التقبيل) أيضًا، حتى التقبيل الآن ليس هناك دليل على التقبيل ولا على وضع اليد، وإنما يستلمه فقط ويكبِّر.
قارئ المتن: بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ أَنْ يَرْزُقَ اللَّهُ الدَّاعِيَ الْقَنَاعَةَ بِمَا رزقَ، وَيُبَارِكَ لَهُ فِيهِ، وَيُخْلِفَ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لَهُ بِخَيْرٍ
حدثنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْمِصْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَسَدٌ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى السُّنَّةِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: احْفَظُوا هَذَا الْحَدِيثَ، وَكَانَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يَدْعُو بِهِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: "رَبِّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ".
الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف؛ فإن عطاء بن السائب كان قد اختلط، وسماع سعيد منه بعد الاختلاط، ثم إن حديثه هذا معلولٌ بالوقف".
شرح الشيخ: موقوف، وعلى هذا، هذا الدعاء كغيره من الأدعية، لكن كونه بين الركنين، المشروع كما سبق: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، أما هذا الدعاء (رَبِّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ) لا بأس دعاء طيب يقال في كل وقت، ولو قاله في أثناء الطواف لا بأس، لكن القول بأنه يشرع بين الركن اليماني والحجر الأسود هذا لا يصح، الحديث لا يصح، والترجمة مبنية على صحة الحديث، والحديث لا يصح.
قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ وَذِكْرِ حَطِّ الْخَطَايَا بِمَسْحِهما
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قال: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ: مَا لِيَ لَا أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إِلَّا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مَسْحَهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا».
الشيخ: تخريجه؟
مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح؛ فإن هشيمًا وإن كان سماعه من عطاء بعد الاختلاط، لكنه متابَع، وقد تابعه عليه عن عطاء حماد بن زيد، وسماعه من عطاء قبل الاختلاط، أخرجه أحمد والبيهقي والبغوي من طريق هشيم عن عطاء بن السائب به، وأخرجه الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن أحمد والنسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي من طرق عن عطاء به".
الشيخ: أعد.
مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح؛ فإن هشيمًا وإن كان سماعه من عطاء بعد الاختلاط".
الشيخ: الأعظمي ذكر إن إسناده حسن، قال إن السائب قد روى عنه، وسفيان أيضًا، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط، على أنه قد توبع كما في الذي بعده، وإن سفيان في مصنف عبد الرزاق، هذا ناصر الدين الألباني، يعني نقل عن ناصر الدين.
الإسناد حسن وقال صحيح، وهو يدل على فضل استلام الركنين وأنه فيه فضل، وأنه من أسباب حط الخطايا، والمعنى إذا لم يكون في مانع من موانع الدعاء، يعني يُضم إلى الأسباب الأخرى، أسباب أن يكون مثلاً عدم ارتكاب الكبائر، فهي من الموانع.
ما الحديث المتابع له؟
قارئ المتن: وَحَدَّثَنَاهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ؛ ح حدَثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، قال: حدثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ؛ ح وَحدثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الزَّعْفَرَانِيِّ، قال: حدثَنَا عُبَيْدُة بْنُ حميد بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبيد بن عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِهِ.
الشيخ: (عَبِيدَة) عندك؟
مداخلة: نعم، ضبطه بالشكل (عَبِيدَة بن حميد).
الشيخ: هنا ساقطة ذكره؟
مداخلة: علق عليه قال: "في الأصل: (عَبِيدَة بن حميد بن عمير عن أبيه)".
الشيخ: عبيد الله يكون!
مداخلة: قال: "وفي المطبوع عبيد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه"، قال: "وكلاهما واهمٌ فيه إذ الصواب ما أثبته كما في أخبار مكة للفاكهي حيث رواه من طريق عبيدة بن حميد، وكما جاء في الإتحاف، والله أعلم".
الشيخ: هذا الشيخ الفحل؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: يقول ماذا؟ أعد التخريج.
مداخلة: قال: "في الأصل (عَبِيدَة بن حميد بن عمير عن أبيه)".
الشيخ: ما إسناده؟
مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح، أخرجه الترمذي وأبو يعلى وابن حبان والحاكم من طريق جرير عن عطاء بن السائب به".
الشيخ: يعني يكون متابعًا، هنا قال: "إسناده حسن"، يكون الحديثان يشُّد أحدهما الآخر، يدل على فضل استلام الركنين، وأن فيها الأجر وفيها الثواب لمن استلمهما بحق كما سيأتي في الترجمة التي بعدها، وأنه من أسباب حط الخطايا كما أن الوضوء من أسباب حط الخطايا، والصلاة من أسباب حط الخطايا، يعني إذا لم يكن هناك مانع من ارتكاب الكبائر أو ترك الفرائض.
النصوص يُضم بعضها إلى بعض، القاعدة عند أهل العلم أن النصوص يُضم بعضها إلى بعض، أما من كان يفعل الكبائر ويستلم الحجر ويقول تُحط الخطايا، هذا متوعَد بالوعيد، ففيه فضل استلام الركنين لمن استقام على طاعة الله وأدى الواجبات وابتعد عن المحرمات، فيه فضل عظيم لهذين الركنين، وأن استلامهما يحط الخطايا.
قف على الترجمة التي بعدها.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعلم الصالح، وصلى الله على محمد.