بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
قارئ المتن: بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالرُّخْصَةِ لِلْحَاجِّ أَنْ يَقِفُوا حَيْثُ شَاءُوا مِنْهُ، وَجَمِيعُ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: «وَقَفْتُ هَهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ».
شرح الشيخ: قال المؤلف -رحمه الله-: (بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالرُّخْصَةِ لِلْحَاجِّ أَنْ يَقِفُوا حَيْثُ شَاءُوا مِنْهُ، وَجَمِيعُ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ):
هذه الترجمة فيها بيان أن الوقوف بعرفة لا بد منه لجميع الحجاج، وأنه الركن الأعظم كما سيأتي في التراجم.
وفيه: (الرُّخْصَةِ لِلْحَاجِّ أَنْ يَقِفُوا حَيْثُ شَاءُوا مِنْهُ، وَجَمِيعُ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ)، يعني ليس هناك مكانٌ محدد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- وقف تحت الجبل عند الصخرات، وقال: «وَقَفْتُ هَهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»، ذكر المؤلف هذا الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم، هنا أخرجه بسندٍ طويل، قبلها ابن خزيمة، قال: "حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا أَبِي"، ماذا قال على تخريج الحديث عندك؟
مداخلة: قال: "سبق تخريجه".
الشيخ: أخرجه مسلم [00:02:04] جعفر، وفيه أن جابر -رضي الله عنه- سئل عن حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: «وَقَفْتُ هَهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»"، فيه بيان أن عرفة كلها موقف، الحكم واحد.
قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْوُقُوفِ بِعُرَنَةَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ».
شرح الشيخ: الترجمة فيها النهي عن الوقوف بعُرنة، وعُرنة هو بطن الوادي الذي خطب فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطبة، وصلى فيه الصلاة.
والحديث قال: "إسناده صحيح على شرط مسلم"، الشيخ ناصر قال: "أخرجه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى"، ما ذا قال عنه؟
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه أحمد والطبراني من طريق أبي معبد به".
الشيخ: وفيه النهي عن الوقوف بعُرنة، وكذلك بطن وادي مُحسِّر.
قارئ المتن: فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: ارْتَفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ وَارْتَفِعُوا عَنْ عُرَنَاتٍ. أَمَّا قَوْلُهُ الْعُرَنَاتُ فَالْوُقُوفُ بِعُرَنَةَ، أَلَّا يَقِفُوا بِعُرَنَةَ؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنْ مُحَسِّرٍ فَالنُّزُولُ بِجَمْعٍ، أَيْ لَا تَنْزِلُوا مُحَسِّرًا.
شرح الشيخ: والحديث قال الأعظمي: "إسناده صحيح كما في السنن الكبرى".
وفيه أن النهي عن بطن عُرنة في يوم عرفة، والنهي عن مُحسِّر هذا في مزدلفة، لأن مُحسِّر بين مزدلفة ومنى، وعُرنة بين مزدلفة وعرفة، وهو بطن الوادي.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ مِنْ سُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ وَأَنَّهُ إِرْثٌ عَنْهُ، وَرِثَهَا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْتُهُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ شَيْبَانَ، وَهُوَ أَخْوَالُهُ قَالَ: أَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ وَنَحْنُ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ خَلْفَ الْمَوْقِفِ مَوْضِعٍ يَبْعُدُهُ عَمْرٌو عَنِ الْمَوْقِفِ، فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ.
وحَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ أَبُو عَمَّارٍ: قَالَ وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ كُنَّا وُقُوفًا مِنْ وَرَاءِ الْمَوْقِفِ مَوْقِفًا يَتَبَاعَدُهُ عَمْرٌو مِنَ الْإِمَامِ فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ يَقُولُ لَكُمْ: «كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ».
غَيْرَ أَنَّ أَبَا عَمَّارٍ قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا وَمَكَانًا بَعِيدًا خَلْفَ الْمَوْقِفِ فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ.
شرح الشيخ: وهذا الحديث كما ذكر الشيخ ناصر أنه إسناده صحيح، وأنه أخرجه أبو داود، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي والنسائي".
الشيخ: وفيه أن الوقوف بعرفة من إرث إبراهيم -عليه السلام-، سُنَّة، قال: «كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ -عليه السلام-».
قوله: «كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ» يعني لا تخرجوا عن المشاعر، لأنه قال: (كُنَّا وُقُوفًا وَمَكَانًا بَعِيدًا خَلْفَ الْمَوْقِفِ)، يعني فقال: "كونوا في الموقف"، كأنهم خارج عرفة، قال: "ادخلوا عرفة وكونوا في الموقف، كونوا في المشاعر، فإنكم على إرثٍ من إرث إبراهيم -عليه السلام-".
والمصنف في الترجمة قال: (الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ مِنْ سُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ وَأَنَّهُ إِرْثٌ عَنْهُ، وَرِثَهَا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ولا شك أن إبراهيم -عليه السلام- كان على هذه المشاعر.
مداخلة: عن خالد بن يزيد بن شهاب [00:07:20]
مداخلة: قال في الأصل: عن خاله يزيد بن شهاب، وفي نسخة: عن خالد بن يزيد بن شهاب، وما أثبته هو الصواب، الذي أثبته: عن خاله يزيد بن شيبان.
الشيخ: ذكره في المرجع؟
مداخلة: في الطبعة الأخرى -طبعة التأصيل- قال: والمثبت من الإتحاف.
الشيخ: إتحاف المهرة، عن خاله بالهاء؟
مداخلة: نعم، وسبق في السند الأول، في طبعة قال: وهم أخواله.
الشيخ: وقال كذا في الأصل، إذن صح عن خاله بن يزيد كذا؟
مداخلة: نعم، عن خاله يزيد بن شيبان، أما في النُّسخ الأخرى: بن شهاب، قال: وما أثبته هو الصواب، وفي نسخة التأصيل -وهي نسخة متعوب عليها- كنسخة الفحل، عن خاله يزيد بن شيبان.
الشيخ: شيبان بدل شهاب؟ الصواب شيبان؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب، تعدل.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفِيضَ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ غَيْرُ فَائِتِ الْحَجِّ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُفِيضَ مِنْ عَرَفَةَ الْخَارِجَ مِنْ حَدِّهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَائِتُ الْحَجِّ، إِذَا لَمْ يَرْجِعْ فَيَدْخُلَ حَدَّ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ النَّحْرِ
شرح الشيخ: هذه الترجمة التي ذكرها المؤلف -رحمه الله-: من أفاض من عرفة بعد زوال الشمس، ثم خرج منها قبل غروب الشمس أدرك الحج، لكن إذا لم يرجع من الليل فإنه ترك واجبًا من واجبات الحج، فيجب عليه دم عند الحنابلة وجماعة، عند بعض العلماء كالحنابلة، ومن العلماء من قال: ليس عليه شيء، لكنه مدرك للحج.
أما من قال: "إن من أفاض من عرفة قبل غروب الشمس فإنه يفوته الحج"، هذا مخالف للنص، المؤلف يرد على من قال: "إن من أفاض من عرفة وخرج من حدها قبل غروب الشمس فاته الحج إذا لم يرجع"، هذا قولٌ يرد عليه المؤلف -رحمه الله-، ماذا قال؟
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفِيضَ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ غَيْرُ فَائِتِ الْحَجِّ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُفِيضَ مِنْ عَرَفَةَ الْخَارِجَ مِنْ حَدِّهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَائِتُ الْحَجِّ، إِذَا لَمْ يَرْجِعْ فَيَدْخُلَ حَدَّ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ النَّحْرِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، ح وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَسَعْدَانُ يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَقَالَ، يَزِيدُ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَهَذَا حَدِيثُ هُشَيْمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِجَمْعٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْتُكَ مِنْ جَبَلَيِّ طَيِّئٍ
الشيخ: (من جبليّ) بالتثنية؟
القارئ: نعم، قال في نسخة: (جبل)، وهما أجا وسلمى، انظر مراصد الاطلاع. في حائل أجا وسلمى، جبلان.
قارئ المتن: أَنْصَبْتُ رَاحِلَتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَوَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ، فَأَفَاضَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ».
الشيخ: الحديث قال إسناده صحيح، أخرجه أبو داود، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح، أخرجه الحميدي وأحمد والترمذي والنسائي والطحاوي في شرح المعاني، وفي شرح المشكل، وابن حبان والبيهقي من طريق إسماعيل وزكريا عن الشعبي به. وأخرجه أحمد والدارمي وأبو داود وابن ماجه من طريق إسماعيل ابن أبي خالد عن الشعبي به. وأخرجه الحميدي وابن الجارود والطبراني في الكبير، والبيهقي من طريق زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي به. وأخرجه الطيالسي وأحمد والدارمي والنسائي والطحاوي في شرح المشكل، وابن حبان والطبراني في الكبير، والحاكم وأبي نعيم في الحلية، والبيهقي من طرقٍ عن الشعبي به".
شرح الشيخ: وهذا الحديث حديث عروة بن مضرس المشهور، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ...
قوله: (مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبَلٍ) يعني ما ارتفع من الأرض، (إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ).
قال: «مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ»، يعني صلاة الفجر في مزدلفة، «وَوَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ» يعني في المزدلفة، «فَأَفَاضَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ»، هذا فيه دليل على أن من أدرك الوقوف بعرفة نهارًا في اليوم التاسع أو ليلًا في ليلة العيد فقد أدرك الحج، ومن طلع عليه الفجر ولم يقف بعرفة فإنه فاته الحج.
استدل به جمع من أهل العلم -الحنابلة وغيرهم- أنه إذا وقف بعرفة ضحى ثم انصرف، أدرك الحج، لأنه قال: "من وقف بعرفة ليلًا أو نهارًا"، والنهار يبدأ من طلوع الفجر.
ذهب الجمهور إلى أن الوقوف يبدأ بعد الصلاة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف بعد الصلاة.
واستدل بعضهم بهذا الحديث على أن الوقوف بمزدلفة ركن، وهنا ذكر العلامة ابن القيم أنه قول [00:18:36] الشافعي، وقول لاثنين من العلماء، أنه ركن.
والمشروع عند الجمهور أنه الوقوف بمزدلفة واجب من واجبات الحج، لقوله: «مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ»، يعني في مزدلفة.
ما عليه تعليق؟ ما ذكر المؤلف في الحاشية من رد عليه المؤلف من يقول إن المفيض من عرفة قبل غروب الشمس فاته الحج؟
مداخلة: المالكية، عندهم في الليل، بمعنى من لا يقف في الليل لا حج له.
الشيخ: نعم، يرد على المالكية.
مداخلة: في لفظ آخر: «في ساعة من ليل أو نهار».
الشيخ: الحج، قال: «فَأَفَاضَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا».
مداخلة: لكن عروة بن مضرس ما أدرك الحج.
الشيخ: أدرك، صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الفجر.
مداخلة: لكن ما أدرك عرفة!
الشيخ: ظاهره أنه وقف، هو ما ترك من تل إلا وقف عليه، ما أشار إلى مذهب المالكية؟
مداخلة: لا، هنا تخريج الأحاديث فقط.
مداخلة: هنا قال: "يشترط بعد زوال الشمس" في تبويب ابن خزيمة في الباب السابق.
مداخلة: (وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفِيضَ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ).
الشيخ: هذا مذهب الجمهور، على مذهب الجمهور، لكن المالكية يقولون: "حتى ولو وقف بعد زوال الشمس، إذا لم يقف في الليل فاته الحج"، لكن ما أدري جوابهم عن حديث عروة بن مضرس.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ» كَانَتِ صَلَاةَ الصُّبْحِ لَا غَيْرَهَا
الشيخ: (هَذِهِ الصَّلَاةَ) عندي في النسخة (الصلوات).
القارئ: نعم، هنا: وفي نسخة: (الصلوات)، أما المثبت: (الصلاة).
الشيخ: هي صلاة واحدة، صلاة الفجر يوم النحر.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَكَرِيَّا قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَوَّلَ الْحَاجِّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ جَبَليّ طَيِّئٍ وَقَدْ أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي وَأَنْصَبْتُ نَفْسِي
الشيخ: (وأتعبت) أم (وَأَنْصَبْتُ)؟
القارئ: في نسخة (وَأَنْصَبْتُ).
الشيخ: والمعنى واحد.
قارئ المتن: وَأَنْصَبْتُ نَفْسِي فَمَا تَرَكْتُ مِنْ حَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَنَا، ثُمَّ وَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نُفِيضَ، وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ قَضَى تَفَثَهُ، وَتَمَّ حَجُّهُ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي عَقِبِهِ:
الشيخ: (فِي عَقِبِهِ) يعني بعده.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ أَنَّهُ خَرَجَ حِينَ بَرِقَ الْفَجْرُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَاوُدُ هَذَا هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ.
شرح الشيخ: (بَرِقَ الْفَجْرُ) يعني حين طلع الفجر، مبكرًا في أول بزوغه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بادر بالصلاة في مزدلفة حين انشق الفجر حتى يتسع وقت الوقوف، بخلاف بقية الأيام، فإنه يتأخر بعض الشيء، يصلي السنة الراتبة ويأتيه بلال، لكن في مزدلفة بادر بالتبكير حين يتحقق من طلوع الفجر يتسع وقت الوقوف.
محتمل قوله (إلا وقعت عليه) أنها الأصل (وقفت)، لكن تصحفت في الطباعة، لكن إذا كانت المخطوطة واضحة فيها أنها عين، هنا قال عن المخطوطة؟
مداخلة: نعم، المخطوطة التي اعتمد عليها الأعظمي في مؤسسة الملك فيصل الخيرية.
الشيخ: (إلا وقعت)؟
مداخلة: الأعظمي يقول: (وقفت).
مداخلة: مصادر التخريج أكثرها (وقفت).
الشيخ: لعل الأصل أنها (وقفت)، لأنها قد تتصحف الفاء إلى عين، قريبة منها.
مداخلة: هذا هو الأصل في المخطوطة.
الشيخ: التخريج؟ قال إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي في الحج، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: حديثٌ صحيح.
الشيخ: نعم، كما سبق.
مداخلة: أخرجه الطبراني في الكبير من طريق داود بن يزيد عن الشعبي به.
الشيخ: نعم، وفيه أن من وقف بعرفة في الليل أو في النهار، في النهار من يوم التاسع من ذي الحجة، وفي الليل ليلة العاشر، إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحج، ومن لم يقف في هذا الوقت فإنه فاته الحج.
وفيه أن عروة أدرك حجه، ولذلك عروة كان موجود حين برق الفجر.
مداخلة: يوجد كلام لابن عبد البر عن مسألة الإفاضة من عرفة قبل الغروب، قال الحافظ بن عبد البر -رحمه الله- في [الاستذكار]: "وأجمعوا على أن من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال، ثم أفاض منها قبل الزوال، أنه لا يُعتد بوقوفه قبل الزوال، وأنه إن لم يرجع فيقف بعد الزوال، أو يقف من ليلته تلك أقل وقوفٍ قبل الفجر فقد فاته الحج، ثم اختلفوا فيما على من وقفوا بعرفة بعد الزوال مع الإمام، ثم دفع منها قبل غروب الشمس".
الشيخ: قول ابن عبد البر (وأجمعوا) يقصد الجمهور، إجماع الجمهور، هذا الجمهور وإلا الحنابلة يقولون بأنه أدرك الحج، (أجمعوا) ابن عبد البر والنووي وابن قدامة إذا قال (أجمعوا) يقصدون قول الأكثر، قول الجمهور، فليس له حج عند الجمهور، عند الحنابلة أدرك الحج لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ليلًا أو نهارًا».
مداخلة: قال: "ثم اختلفوا فيما على من وقف في عرفة بعد الزوال مع الإمام، ثم دفع منها قبل غروب الشمس، فقال مالكٌ: إن دفع منها قبل أن تغيب الشمس فعليه الحج قابلًا، وإن دفع منها بعد غروب الشمس قبل الإمام فلا شيء عليه. وعند مالكٍ أن من دفع من عرفة قبل غروب الشمس ثم عاد إليها قبل الفجر أنه لا دم عليه، وقال سائر العلماء: من وقف بعرفة بعد الزوال فحجه تام وإن دفع قبل غروب الشمس. إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم عليه إن رجع فوقف ليلًا، فقال الشافعي: إن عاد إلى عرفة حتى يدفع بعد مغيب الشمس فلا شيء عليه، وإن لم يرجع حتى يطلع الفجر أجزأت حجته وإهراق دمًا".
الشيخ: نعم؛ لأنه ترك واجبًا.
مداخلة: "وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: إذا أفاض من عرفة قبل غروب الشمس أجزأه حجه، وكان عليه بتركه الوقوف إلى غروب الشمس دم".
الشيخ: نعم، الأحناف والشافعية.
مداخلة: "وإن دفع بعد غروب الشمس لم يسقط عنه الدم. وكذلك قال أبو ثورٍ وأحمد وإسحاق وداود مثل قول الشافعي، وبه قال الطبري، وهو قول عطاء وعامة العلماء في الدم وتمام الحج، إلا أن الحسن البصري وابن جريج قالا: لا يجزئه إلا بدنه. قال أبو عمر: الحجة لهم في ذلك حديث عروة بن مضرسٍ الطائي، وهو حديث ثابت صحيح رواه جماعة من أصحاب الشعبي الثقات، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس، منهم: إسماعيل بن أبي خالد، وداود بن أبي هند، وزكريا بن أبي زائدة، ومطرف".
ثم ذكر روايات الحديث، ثم قال: "قال أبو عمر: هذا الحديث يقضي بأن من لم يأت عرفات، ولم يفض منها ليلا أو نهارا فلا حج له، ومن أفاض منها ليلا أو نهارا فقد تم حجه. وأجمعوا على أن المراد بقوله في هذا الحديث (نهارًا) لم يرد به ما قبل الزوال، فكان ذلك بيانا شافيا".
الشيخ: هذا الكلام لابن عبد البر؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: وأجمعوا يعني الجمهور، على هذا فجمهور العلماء على أنه الوقوف يبدأ من بعد الصلاة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف بعد الصلاة، وقال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
والحنابلة تمسكوا بقوله: «أَوْ نَهَارًا»، قالوا: لو وقف ضحىً أجزأه، تم حجه.
وجمهور العلماء على أنه إذا وقف بعد الزوال ثم خرج، فإن عاد قبل غروب الشمس، ثم خرج بعد غروب الشمس، هذا بالإجماع قد أدرك الحج، وإن خرج قبل غروب الشمس ولم يعد فجمهور العلماء على أن حجه صحيح، خلافًا للمالكية.
وأما الدم فإنه أوجبه الشافعية والأحناف، ورواية عن الإمام أحمد.
والمذهب عند الحنابلة: ليس عليه دم.
مداخلة: قال بعد ذلك: "وجماعة العلماء يقولون: إن من وقف بعرفة ليلا أو نهارا بعد زوال الشمس من يوم عرفة أنه مدرك للحج إلا مالك بن أنس، فإنه انفرد بقوله الذي ذكرناه عنه".
الشيخ: ما أدري جواب الإمام مالك -رحمه الله- عن حديث عروة، حديث عروة صريح في هذا، أنه أدرك الحج، لابد له جواب عن هذا.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَاجَّ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَهُوَ فَائِتُ الْحَجِّ غَيْرُ مُدْرِكِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح وحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، وَهَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، وَأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَهُمْ بِعَرَفَةَ فَسَأَلُوهُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى: "الْحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ"، وَأَرْدَفَ رَجُلًا يُنَادِي.
شرح الشيخ: قوله: (مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَهُمْ بِعَرَفَةَ) أو (بعرنة)؟
مداخلة: (قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، وَأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَهُمْ بِعَرَفَةَ).
قارئ المتن: وَأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَهُمْ بِعَرَفَةَ فَسَأَلُوهُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى: "الْحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ"، وَأَرْدَفَ رَجُلًا يُنَادِي.
الشيخ: التخريج عندك؟ الشيخ ناصر يقول: "إسناده حسن"، قال: "وأخرجه البخاري في (الحج).
مداخلة: نعم، قال: إسناده صحيح، أخرجه الطيالسي والحميدي وأحمد وعبد بن حميد والدارمي والبخاري في التاريخ الكبير، وأبو داود وابن ماجه والترمذي وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، والنسائي وفي الكبرى له، وابن الجارود والطحاوي في شرح المعاني، وفي شرح المشكل، وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي".
الشيخ: البخاري يقول في التاريخ؟
مداخلة: نعم، قال هنا: "في التاريخ الكبير"، ثم رقَّمه: "في المجلد الخامس، صفحة (243)".
الشيخ: هذا في التاريخ.
مداخلة: نعم.
الشيخ: هنا في نسخة الأعظمي قال: "أخرجه البخاري في (الحج)"، ولم يقل في التاريخ، معك كتاب صحيح بن خزيمة؟ أكمل.
مداخلة: الذي أخرجه البخاري حديث آخر.
الشيخ: نعم، الحديث التالي.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ الْحَجُّ عَرَفَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ الِاسْمَ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ أَجْزَاءِ الشَّيْءِ ذِي الشُّعَبِ وَالْأَجْزَاءِ، قَدْ أَوْقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْحَجَّ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى عَرَفَةَ، أَرَادَ الْوُقُوفَ بِهَا وَلَيْسَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ جَمِيعَ الْحَجِّ إِنَّمَا هُوَ بَعْضُ أَجْزَائِهِ لَا كُلُّهُ، وَقَدْ بَيَّنْتُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مَا فِيهِ الْغُنْيَةِ وَالْكِفَايَةِ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلرَّشَادِ وَالصَّوَابِ.
شرح الشيخ: المؤلف يقول: وقوله: "الحج عرفة" هذا يُطلق على الشيء ويراد به البعض، (الحج عرفة) عرفة بعض الحج وليس كل الحج؛ لكنها الركن الأعظم، لكن المؤلف بيَّن أن (الحج عرفة)، أن الاسم اسم المعرفة، قد يقع على بعض الأجزاء، لكن ما بيَّن بأنه السبب، لأنه الركن الأعظم، والذي يفوت الحج بفواته، وإن كان الحج يُطلق على أجزاء متعددة، وأركان متعددة، وواجبات، الطواف والسعي والإحرام، هذه أركان، وكذلك الواجبات، لكن خص الوقوف لكونه الركن الأعظم، فالمؤلف يقول: أُطلقت هذه اللفظة على الحج وإن كانت جزءًا منه.
قارئ المتن: بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ عَلَى الرَّوَاحِلِ
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ إِنَّمَا تَدْفَعُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْحُمْسُ، فَلَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ، وَقَدْ تَرَكُوا الْمَوْقِفَ عَلَى عَرَفَةَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، ثُمَّ يُصْبِحُ مَعَ قَوْمِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَيَقِفُ مَعَهُمْ يَدْفَعُ إِذَا دَفَعُوا.
شرح الشيخ: التبويب: (بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ عَلَى الرَّوَاحِلِ)، والحديث إسناده حسن، وأخرجه البخاري، ماذا قال عنه؟
مداخلة: قال: أشار الحافظ في الفتح على رواية ابن خزيمة، وأخرجه ابن راهويه في مسنده كما في الفتح، وأخرجه البخاري.
شرح الشيخ: وفيه أن قريشًا لا يقفون بعرفة في الحج، لأن عرفة خارج الحرم، فيقفون بمزدلفة، يقولون: "نَحْنُ أَهلُ الْحُمْسُ" في الجاهلية، يعني المتحمسون.
وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج قبل حجة الوداع، حج قبل البعثة، ولكن بعد النبوة حج حجة الوداع.
وفيه أن جبير ابن مطعم رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة يحج، ولكنه تجاوز مزدلفة ووقف بعرفة، ثم يذهب ويصلي مع الناس.
وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خالفهم، ومن لم يقف بعرفة فلا حج له كما هو معلوم.
قارئ المتن: بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَإِبَاحَةِ رَفْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ إِذَا احْتَاجَ الرَّاكِبُ إِلَى حِفْظِ الْعِنَانِ أَوِ الْخِطَامِ بِإِحْدَى الْيَدَيْنِ
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلَكِ، أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ قَالَ: قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا، فَتَنَاوَلَ الْخِطَامُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَهُوَ رَافِعُ يَدَهُ الْأُخْرَى.
شرح الشيخ: هذا فيه مشروعية رفع اليدين في الدعاء عند الوقوف بعرفة، وسبق أنه ترفع الأيدي في الدعاء في الحج في ستة مواطن:
الموطن الأول: على الصفا.
الموطن الثاني: على المروة؛ هذا في السعي بين الصفا والمروة.
الموطن الثالث: في الوقوف بعرفة.
الموطن الرابع: في الوقوف بمزدلفة.
الموطن الخامس: بعد رمي الجمرة الأولى أيام التشريق.
الموطن السادس: بعد رمي الجمرة الثانية.
هذه ستة مواطن تُرفع فيها الأيدي في الدعاء، ومنها الدعاء في الوقوف بعرفة، قال المؤلف هنا: (بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَإِبَاحَةِ رَفْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ إِذَا احْتَاجَ الرَّاكِبُ إِلَى حِفْظِ الْعِنَانِ أَوِ الْخِطَامِ بِإِحْدَى الْيَدَيْنِ)، أخذًا من كون النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خطم الخطام ثم سقط، أخذه بإحدى يديه وبقيت الأخرى مرفوعة.
والحديث إسناده صحيح، ماذا قال عليه عندك؟
مداخلة: قال: "إسناده صحيح، النسائي من طريق يعقوب".
الشيخ: عندك نسخة الأعظمي؟ والنسخة الثانية؟
مداخلة: قال: "إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق، حسن الحديث، وقد صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وأخرجه أحمد والفاكهي في أخبار مكة، والطبراني في الكبير، والحاكم من طرقٍ عن محمد بن إسحاق به".
مداخلة: الألباني يقول: "إسناده صحيح".
الشيخ: وعندك إسناده حسن؟
مداخلة: قال: "إسناده حسن".
قارئ المتن: حَدَّثَنَاهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَرِدْفُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: فَمَالَتْ بِهِ النَّاقَةُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ مَا تُجَاوِزَانِ رَأْسَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَمْعٍ وَأَفَاضَ مِنْ جَمْعٍ، وَرِدْفُهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ الْفَضْلُ: مَا زَالَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
شرح الشيخ: وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أردف أسامة حين أفاض من عرفات، وأردف الفضل حين أفاض من مزدلفة.
وفيه قال الفضل: (مَا زَالَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ).
أسامة قال: (فَمَالَتْ بِهِ النَّاقَةُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ مَا تُجَاوِزَانِ رَأْسَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَمْعٍ)، فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رافعٌ يديه حتى وصل إلى مزدلفة، المعروف في الصحيح أن رفع اليدين في الوقوف بعرفة، أما في الطريق فإنه يلبي كما قال الفضل: (مَا زَالَ يُلَبِّي)، لكن هنا أسامة قال إنه: (رَافِعٌ يَدَيْهِ مَا تُجَاوِزَانِ رَأْسَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَمْعٍ)، ظاهره أنه في الطريق –رفع اليدين هذا- يحتاج إلى مراجعة، هنا قال إسناده حسن عندك؟
مداخلة: نعم، قال في الحديث الأول: صحيح، أخرجه أحمد، أما الثاني: إسناده حسن من أجل عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي. قال: عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء، قال إسناده حسن، أما الأول فليس بحسن، إنما صحيح، أخرجه أحمد والنسائي وفي الكبرى له.
الشيخ: يحتاج إلى مراجعة، [00:48:13] عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي، يُراجع الحديث الآن، [00:48:23] الآن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- رافعٌ يديده وهو في طريقه من عرفة إلى مزدلفة حتى وصل إلى مزدلفة، هذا يحتاج إلى ثبوت، ويحتمل أن عبد الملك بن أبي سليمان ... يُراجع سند الحديث.
مداخلة: في آخر الحديث: "يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ".
الشيخ: هذا في مزدلفة، لكن الكلام في دفعه من عرفة إلى مزدلفة وهو رافعٌ يديه، هذا فيه إشكال.
مداخلة: المعروف في الصحيح أنه ...
مداخلة: يلبي.
الشيخ: نعم، وقد يكون رفع اليدين والناقة تمشي به فيه مشقة، وقد تعثر، يحتمل هذا من كلام الفضل بن عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي، قال إسناده حسن! يحتاج إلى مراجعة.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، ثنا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرٍ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ: رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبَلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ.
شرح الشيخ: هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو معروف، حديث جابر الطويل، والقصواء اسم للناقة.
وفيه موقف النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه -صلى الله عليه وسلم- (جَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبَلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ)، يعني تحت الجبل، حبل المشاة يعني طريق المشاة، طريق المشاة أمامه، معناه أن طريق المشاة بعد الجبل، ليس ملاصق للجبل.
وفيه مشروعية استقبال القبلة في الوقوف بعرفة.
وفيه أنه لا ينصرف حتى يتحقق من غروب الشمس، قال: (حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ).
نقف على الباب هذا، وفق الله الجميع لطاعته.