شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_18

00:00
00:00
تحميل
49

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدُّعَاءِ عَلَى الْمَوْقِفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، وَلَا أَخَالُ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ حُكْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ، فَخَرَّجْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ إِذْ هَذَا الدُّعَاءُ مُبَاحٌ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ عَلَى الْمَوْقِفِ وَغَيْرِهِ

رَوَى قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حَصِينٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشِيَّةِ عَرَفَةَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي وإِلَيْكَ مَآبِي، وَلَكَ رَبِّي تُرَاثِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ».

حَدَّثَنَاهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ.

شرح الشيخ: يقول الأعظمي: "إسناده ضعيف"، ماذا قال عليه عندك؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف قيس بن الربيع، وقال الترمذي: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي".

الشيخ: نعم، كما قال المؤلف -رحمه الله-، المؤلف يقول: لا يخال أن يثبت الخبر؛ الخبر لا يثبت، لكن المؤلف يقول دعاء، خرَّج هذا الخبر وإن لم يكن ثابتًا، لأن الدعاء مباح، يدعو به في هذا المكان وفي غيره، إذا دعا بهذا الدعاء لا بأس، لكن لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني لا يصح ثبوته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول هذا الدعاء، لكن هذا الدعاء لا محذور فيه، يقوله في موقف عرفة وفي غيره:

«اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي وإِلَيْكَ مَآبِي، وَلَكَ رَبِّي تُرَاثِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ».

مداخلة: هنا قال في المطبوع: "(تقول) خطأ".

الشيخ: على كل حال الدعاء المأثور هذا أفضل، وإذا جاء بغير المأثور ولا محذور فيه فلا فلا حرج، وهذا الدعاء كما قال المؤلف -رحمه الله- يُقال في موقف عرفة وفي غيرها، في المزدلفة، وعلى الجمرة، الدعاء على الجمرة وعلى الصفا، وفي أي مكان، لكن لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قاله في هذا المقام.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا سُمِّيَتْ عَرَفَةُ عَرَفَةَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ إِبْرَاهِيمَ يُرِيهِ الْمَنَاسِكَ فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى، ثُمَّ ذَهَبَ مَعَهُ إِلَى عَرَفَةَ، فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ وَوَقَّفَهُ فِي الْمَوْقِفِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ دَفَعَ بِهِ فَصَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَبَاتَهُ لَيْلَتَهُ، ثُمَّ دَفَعَ بِهِ حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَعْرِفِ الْآنَ، فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، وفَعَلَ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الشيخ: ما له إسناد ومتن مع الكلام عليه؟ مضى ولا تقدم؟ ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "سبق".

الشيخ: سبق! أين سبق؟

مداخلة: (2805)

مداخلة: هنا في الحديث الأول قال: (بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي سُمِّيَتْ لَهَا عَرَفَةُ عَرَفَةَ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ قَدْ أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا الْمَنَاسِكَ كَمَا أَرَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ)، في (2804).

الشيخ: (بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي سُمِّيَتْ لَهَا عَرَفَةُ عَرَفَةَ) كأنها تكرار للترجمة! (مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ قَدْ أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا الْمَنَاسِكَ كَمَا أَرَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ)، قال: (أَتَى جِبْرِيلُ إِبْرَاهِيمَ يُرِيهِ الْمَنَاسِكَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ)، ثم قال: (ثُمَّ دَفَعَ بِهِ حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَالَ لَهُ: أَعْرِفِ الْآنَ، وَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا).

هنا يقول إسناده حسن، الشيخ ناصر، ماذا قال عليه هناك؟

مداخلة: قال: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف، لكن للحديث شواهد.

الشيخ: هو نفس الحديث هذا؟

مداخلة: نعم، نفس المتن ونفس السند؛ لكن هناك ذكره مختصرًا، قال: (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ).

الشيخ: فيها أيضًا يعني ... قد يقال فيه نكارة، لأن فيه أنه صلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، خمس صلوات، الظاهر أنه في زمن إبراهيم -عليه السلام-، وهذا يحتاج إلى دليل، الصلوات الخمس لهذه الأمة، (أَتَى جِبْرِيلُ إِبْرَاهِيمَ يُرِيهِ الْمَنَاسِكَ فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى)، صلى بإبراهيم، الصلوات الخمس إنما شُرعت لهذه الأمة، الأمم السابقة ما ... الظاهر أن الصلوات في أول النهار وفي آخره، ليست كالصلوات الخمس، هذا من جهة المتن.

يقول حسن بشواهده عندك؟

مداخلة: قال: "لكن له شواهد".

الشيخ: إسناده ضعيف؟

مداخلة: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف، لكن للحديث شواهد.

الشيخ: أين الشواهد؟

مداخلة: ما ذكرها.

مداخلة: قال في التخريج: "حسنٌ لما قبله".

الشيخ: الشيخ ناصر يقول حسن لما قبله، قال: "أما إبراهيم فإنه بات بمنى حتى أصبح، فأراه منزله من عرفة، حتى إذا [00:08:27]"، يبقى كونه صلى به الصلوات الخمس، وأنها الصلوات الخمس مشروعة في زمن إبراهيم، وهذا يحتاج إلى دليل، هذه يمكن قد تكون من أوهام عبد الرحمن بن أبي ليلى، قد توهم، فيكون ضعيف، الشواهد ما تفيده.

مداخلة: ذكر الحديث، وفيه أنه [00:09:11]

الشيخ: قوله: "يريه المناسك"، لا بأس، لكن قوله: (فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ) خمس صلوات!

مداخلة: فيها غرابة صلاتهم كانت كذا.

مداخلة: المناسك صاحبة الصلاة هي التي....

الشيخ: عبد الرحمن بن أبي ليلى فيه كلام، لعل هذا من أوهامه، أو مما توهم فيه عبد الرحمن بن أبي ليلى الصلوات الخمس، الأقرب أنه يبقى ضعيفًا، الحديث ضعيف، ثمة غرابة من جهة الصلوات الخمس، الصلوات الخمس شريعة هذه الأمة، وليس منها أن إبراهيم يصلي الصلوات الخمس، محتمل أنه ضعيف لغرابته في الصلوات الخمس، لأنها شريعة هذه الأمة، ولعلها من أوهام ابن أبي ليلى.

الشواهد (فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا)، هذا له شواهد كما قال، لكن ذِكر الصلوات الخمس ما له شواهد، ما انتبه لهذا الشيخ ناصر، انتبه لكون له شواهد أنه أراه المناسك، صحيح هذا، ثابت، في الحديث أن جبريل أرى إبراهيم -عليه السلام- المناسك كلها، لكن أنه صلى به خمس صلوات هذا هو الذي فيه ... قال: (فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى).

مداخلة: الحديث السابق: «لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ»، راجعت في المطبوع في الترمذي: كالذي نقول، لكن في تحفة الأحوذي قال: "قوله (كالذي تقول) بالفوقية، أي كالحمد الذي تحمد به نفسك وخيرًا مما نقول".

الشيخ: عجيب! يعني الشرح خالف المتن؟

مداخلة: لعله وقعت له نسخة أخرى بالتاء قال: "قوله (كالذي تقول) بالفوقية، أي كالحمد الذي تحمد به نفسك وخيرًا مما نقول بالنون، أي وخيرًا مما نحمدك به من المحامد".

الشيخ: يمكن هذا ما ظهر له، ثبت برواية بالنون، وثبت رواية بالتاء، ممكن، لكن هذا الذي ظهر له، فسره على ما ظهر له.

قارئ المتن: بَابُ صِفَةِ السَّيْرِ فِي الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ، وَالْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ فِي السَّيْرِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَغَدَاةَ جَمْعٍ حِينَ دَفَعُوا النَّاسُ: «عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ»، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ.

الشيخ: الحديث رواه مسلم في الحج من طريق يحيى بن سعيد، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه مسلم، وأحمد والنسائي".

شرح الشيخ: قال: (عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَغَدَاةَ جَمْعٍ)، وفيه صفة السير أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالسكينة، وكان النبي كافٌّ ناقته.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ إِيجَافَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْإِيضَاعَ فِي السَّيْرِ فِي الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ لَيْسَ الْبِرَّ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْبِرَّ السَّكِينَةُ فِي السَّيْرِ بِمِثْلِ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ

شرح الشيخ: الإيضاع هو إسراع الناقة في السير.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُر،

الحُر! ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال فقط في الحاشية: انظر تهذيب الكمال والإتحاف.

مداخلة: قال في الأصل محمد بن الحسن والتصويب من إتحاف المهرة.

الشيخ: من يقول هذا؟

مداخلة: الظاهر المحقق، الأعظمي.

الشيخ: الأعظمي! يقول ماذا؟

مداخلة: قال: "في الأصل محمد ابن الحسن، والتصويب من إتحاف المهرة" رقم 182.

الشيخ: هذا عندك، عند الأعظمي ما فيه هذا الكلام.

مداخلة: هذه الطبعة الثالثة، فيها تصحيحات وإضافات.

الشيخ: طيب، إذن محمد بن الحسين بن الحر؟ عندي ابن الحسن أيضًا.

مداخلة: الحسن.

الشيخ: نبه عليها؟

مداخلة: لا.

الشيخ: [00:17:54]

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْدَفَهُ حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ، فَأَفَاضَ بِالسَّكِينَةِ وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ» قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ نَاقَتَهُ رَافِعَةً يَدَهَا حَتَّى أَتَى جَمْعًا ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ فَأَمَرَ النَّاسَ بِالسَّكِينَةِ، وَأَفَاضَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَقَالَ: «لَيْسَ الْبِرُّ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ»، فَمَا رَأَيْتُ نَاقَتَهُ رَافِعَةً يَدَهَا حَتَّى أَتَى مِنًى.

شرح الشيخ: قال إسناده صحيح، ليس البر بالإسراع، البر بإتقان العمل وموافقته للسنة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي السَّكِينَةِ فِي السَّيْرِ فِي الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، وَالْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَسِيرُ سَيْرَ السَّكِينَةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ فَجْوَةً، إِذْ قَدْ نَصَّ عِنْدَ وُجُودِ الْفَجْوَةِ فِي السَّيْرِ عِنْدَ الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مَا بَانَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "فَمَا رَأَيْتُ نَاقَتَهُ رَافِعَةً يَدَهَا حَتَّى أَتَيْنَا جَمْعًا" أَيْ فِي الزِّحَامِ دُونَ الْوَقْتِ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ فَجْوَةً، إِذْ أُسَامَةُ هُوَ الْمُخْبِرُ أَنَّهُ نَصَّ لَمَّا وَجَدَ الْفَجْوَةَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَهُوَ أَحْسَنُهُمْ سِيَاقًا لِلْحَدِيثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي، وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ يُسْأَلُ: كَيْفَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: "كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ"، قَالَ سُفْيَانُ: النَّصُّ، فَوْقَ الْعَنَقِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَدِيثِهِ مُدْرَجًا، وَالنَّصُّ أَرْفَعُ مِنَ الْعَنَقِ، وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي فَوْقَ الْعَنَقِ.

شرح الشيخ: هذا سند طويل، تحويل من سند إلى سند، (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ)، ثم تحويل السند (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ)، ثم تحويل أيضًا (مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ)، ثم تحويل (وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ)، ثم تحويل (وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ)، تحويل ستة أسانيد، (وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَهُوَ أَحْسَنُهُمْ سِيَاقًا لِلْحَدِيثِ  قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي، وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ يُسْأَلُ كَيْفَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ).

والعنق: ضربٌ من السير، خفيف.

والنص: أرفع منه، ضربٌ آخر.

والمعنى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسير في الطريق من عرفة إلى مزدلفة، كان يحرك دابته فتسرع، كان يرخي لها الزمام، فتسرع إذا وجد فسحة -فجوة-.

(فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ) يعني: رفع السير، النص هو نوعٌ من السير فوق السير، والنص ضربٌ أعلى منه.

الحديث موافق للترجمة، قال: (كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ)، العنق: ضربٌ من السير، والنص: ضربٌ آخر أعلى منه، فسرها، قال سفيان؟

قارئ المتن: قَالَ سُفْيَانُ: النَّصُّ، فَوْقَ الْعَنَقِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَدِيثِهِ مُدْرَجًا، وَالنَّصُّ أَرْفَعُ مِنَ الْعَنَقِ، وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي فَوْقَ الْعَنَقِ.

شرح الشيخ: يعني أن الإنسان يراعي من حوله، إذا وجد فسحة، ولا ينبغي أن يؤذي الناس بالسيارات بالتضييق عليهم، أو إزعاجهم بأصوات التنبيه، وإنما يكون مع الحج، يسير معهم، إذا وجد فجوة أخذ الزمام، فتسير سير النص، وإن لم يجد فجوة سارت سير العنق.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالتَّهْلِيلِ فِي السَّيْرِ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ

قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مُجَمِّعٍ الْكِنْدِيَّ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَهَلَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: وَوَقَفَ يَعْنِي بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا وَجَبَتِ الشَّمْسُ أَقْبَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيُعَظِّمُهُ وَيُهَلِّلُهُ وَيُمَجِّدُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ.

الشيخ: تخريجه؟

مداخلة: قال: "سبق تخريجه"، هناك: قال: "صحيح: أخرجه الشافعي وأبو نعيم والبيهقي".

الشيخ: يقول: "ضعيف بهذا الإسناد"، على هذا يكون المسألة فيها سعة، في سيره إلى عرفة له أن يدعو، له أن يكبِّر، له أن يهلل، له أن يلبي، وفي هذا حديث أنس، قال: "كنا في قدومنا إلى عرفة، يكبر منا المكبر، ويلبي منا الملبي"، منا الملبي ومنا المكبر، لكن ينبغي أن يكون الأغلب التلبية، في حديث ابن عمر: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَهَلَّ)، قوله: (عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ) يعني المكان الذي صلى فيه، مكان السجود، وإلا ليس هناك مسجد في ذلك الوقت، ليس هناك مسجد مبني، وإنما المراد المصلى، مسجد يعني مكان السجود.

قال: (وَوَقَفَ يَعْنِي بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا وَجَبَتِ الشَّمْسُ أَقْبَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيُعَظِّمُهُ وَيُهَلِّلُهُ وَيُمَجِّدُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ).

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِلْحَاجَةِ تَبْدُو لِلْمَرْءِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ أَرْدَفَهُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ، فَلَمَّا أَتَى الشِّعْبَ نَزَلَ فَبَالَ - وَلَمْ يَقُلْ: إِهْرَاقَ الْمَاءِ - فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنْ إِدَاوَةٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، فَقُلْنَا: الصَّلَاةَ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ»، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُزْدَلِفَةَ صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ حَلُّوا رِحَالَهُمْ وَأَعَنْتُهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَدْخَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَ كُرَيْبٍ وَبَيْنَ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا ابْنَ عُيَيْنَةَ، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبِ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، وَقَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ.

شرح الشيخ: قال: (وَقَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ)، الكتاب الكبير غير موجود، موجود أو مفقود؟ قال أبو بكر: (لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَدْخَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ) يعني في السند، (بَيْنَ كُرَيْبٍ وَبَيْنَ أُسَامَةَ).

الترجمة فيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أتى الشِّعب نزل فبال، وصب عليه فتوضأ وضوءًا خفيفًا، هذه هي الحاجة.

(فَقُلْنَا: الصَّلَاةَ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ») يعني المزدلفة.

المؤلف بوب: (بَابُ إِبَاحَةِ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِلْحَاجَةِ)، إن بدت له الحاجة، احتاج إلى إراقة الماء، ثم توضأ وضوءًا خفيفًا، ثم واصل السير.

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَدْخَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَ كُرَيْبٍ وَبَيْنَ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا ابْنَ عُيَيْنَةَ، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبِ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، وَقَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ).

ما ذا قال عليه عندك؟ هنا قال: "أخرجه مسلم في صحيحه".

مداخلة: هنا قال: "صحيحٌ، أخرجه أحمد من طريق أبو القاسم البغوي، من طريق إبراهيم بن عقبة عن كريب به، وسبق عند الحديث (64)، وسيأتي عند الحديث بعد ثلاثة أحاديث".

الشيخ: هنا قال: "أخرجه مسلم".

مداخلة: نعم، بحثت الآن فوجدته عند البخاري ومسلم.

مداخلة: كريب قبل ابن عباس وليس بين ابن عباس وأسامة هذا السند لابن عيينة.

الشيخ: (لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَدْخَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَ كُرَيْبٍ وَبَيْنَ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا ابْنَ عُيَيْنَةَ)، الحديث فيه هكذا؟ فيه ابن عباس بين كريب وبين أسامة؟

مداخلة: عن كريب عن ابن عباس، كأن الرواية الثانية عن كريب عن أسامة.

مداخلة: هكذا في الصحيحين: عن كريب عن أسامة.

الشيخ: تكلم على قول المؤلف: (لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَدْخَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَ كُرَيْبٍ وَبَيْنَ أُسَامَةَ

مداخلة: ما تكلم عليه.

الشيخ: طيب، الأمر في هذا سهل.

قارئ المتن: بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا.

شرح الشيخ: يعني جمع بينهما، وهذا هو السنة.

قارئ المتن: بَابُ تَرْكِ التَّطَوُّعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ مَعَ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمُزْدَلِفَةِ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ لَا صَلَاةَ الْمُقِيمِ

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ، صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي بِجَمْعٍ كَذَلِكَ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ.

ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "أخرجه مسلم والنسائي".

الشيخ: على هذا يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين المغرب والعشاء في جمع، بمزدلفة.

(لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ): يعني ليس بينهما صلاة.

(صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي بِجَمْعٍ كَذَلِكَ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ)، يعني لا يفصل بينهما، (لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ) أي ليس بينهما صلاة ثانية.

(وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي بِجَمْعٍ كَذَلِكَ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ).

قارئ المتن: بَابُ الْأَذَانِ لِلْمَغْرِبِ وَالْإِقَامَةِ لِلْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ، إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: "أَفَضْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الشِّعْبَ الَّذِي يَنْزِلُ عِنْدَهُ الْأُمَرَاءُ بَالَ، وَتَوَضَّأَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الصَّلَاةَ! قَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْجَمْعِ أَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى أَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ"، خَبَرُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

شرح الشيخ: الترجمة السابقة: (تَرْكِ التَّطَوُّعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ مَعَ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمُزْدَلِفَةِ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ لَا صَلَاةَ الْمُقِيمِ).

الترجمة الثانية: (بَابُ الْأَذَانِ لِلْمَغْرِبِ وَالْإِقَامَةِ لِلْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ)؛ سنة، فإذن لا يتطوع بينهما إذا جمع بين الصلاتين، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بمزدلفة صلاة المسافر.

ثم الترجمة التي بعدها: (بَابُ الْأَذَانِ لِلْمَغْرِبِ وَالْإِقَامَةِ لِلْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ، إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ)، يؤذن المغرب، ويقيم للعشاء، ويقيم أيضًا للمغرب.

(خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ)، الصواب أنه بأذانٍ وإقامتين.

جاء عن ابن عمر أيضًا في البخاري أنه بأذانٍ وإقامة، وجاء في روايةٍ أخرى: بأذانٍ وإقامتين؛ وهذا هو الصواب، أذان، ثم يقيم للمغرب، ثم يقيم للعشاء.

ذكر حديث أسامة: (أَفَضْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الشِّعْبَ الَّذِي يَنْزِلُ عِنْدَهُ الْأُمَرَاءُ بَالَ، وَتَوَضَّأَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الصَّلَاةَ! قَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْجَمْعِ أَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى أَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ).

جاء عن ابن مسعود في صحيح البخاري أنه لما وصل إلى مزدلفة صلى المغرب، ثم تعشى، ثم صلى العشاء، هذا جاء عن ابن مسعود في البخاري، لعل هذا اجتهادٌ منه.

قوله: "أتى المزدلفة، فصلى المغرب، ثم وضع رحله، ثم صلى العشاء"، الحديث السابق هنا صحيح قال رواه البخاري من طريق إبراهيم بن عيينة.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِفِعْلٍ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ: ثُمَّ حَلُّوا رِحَالَهُمْ وَأَعَنْتُهُ عَلَيْهِ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ الشِّعْبَ نَزَلَ فَبَالَ - وَلَمْ يَقُلْ: إِهْرَاقَ الْمَاءِ - قَالَ أُسَامَةُ: فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، قُلْتُ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ»، ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ وَضَعَ رَحْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ.

قَالَ سُفْيَانُ: انْتَهَى حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى قَوْلِهِ، الصَّلَاةُ أَمَامَكَ، وَالزِّيَادَةُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ.

شرح الشيخ: والحديث صحيح، وفيه أنه لا بأس بالفصل بين المغرب والعشاء بعملٍ ليس من عمل الصلاة إذا فصل بينهما فاصل يسير، يعني صلى المغرب، والرحل على الإبل، ثم لما صلى المغرب أمر بحط الرحال عن الإبل، حط الرحال عن الإبل، ثم صلى العشاء، هذا فاصل لا بأس به، فاصل يسير.

وكما لو صلى المغرب، ثم أُتي بجنازة، فصلى الجنازة على الجنازة، ثم يصلي العشاء، لا بأس بالفاصل هذا، فاصلٌ يسير.

مداخلة: إلا يوافق هذا حديث ابن مسعود؟

الشيخ: في ماذا؟

مداخلة: [00:45:13]

الشيخ: إي، بس أطال [00:45:19]، قال إنه تعشى وأنه ما أخر صلاة العشاء إلى وقتها، النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى مباشرة، حل الرحال لا يأخذ وقتًا طويلًا.

مداخلة: [00:45:36]

الشيخ: إي، [00:45:54] لكن بين الصلاتين، في خبر ابن مسعود هذا.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْأَكْلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنِّي لَا أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَفَاضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ عَرَفَاتٍ عَلَى هِينَتِهِ لَا يَضْرِبُ بَعِيرَهُ حَتَّى أَتَى جَمْعًا فَنَزَلَ فَأَذَّنَ فَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ تَعَشَّى، ثُمَّ قَامَ فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ وَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ بَاتَ بِجَمْعٍ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ قَامَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ يُؤَخَّرَانِ عَنْ وَقْتِهِمَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّيهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَكَانِ"، ثُمَّ وَقَفَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَرْفَعِ ابْنُ مَسْعُودٍ قِصَّةَ عَشَاءَهُ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ فِعْلِهِ لَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

شرح الشيخ: يعني من اجتهاده، والحديث يقول المؤلف: "إسناده صحيح، في السنن الكبرى للبيهقي، قلت: قد صرح أبو إسحاق بالسماع عند البخاري، وهو رواية للبيهقي لكن أبو إسحاق كان قد اختلط، وفي حديثه هذا شيء غير محفوظ بينته فيما أظن في الضعيفة".

ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه البخاري"

مداخلة: [00:47:36]

الشيخ: أيضًا كذلك من اجتهاده أنه تعشى ثم أذَّن للعشاء، ثم أقام، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت بأذانٍ واحد وإقامتين.

تكلم على إسناد الحديث السابق؟

مداخلة: قال تخريجه فقط، قال: "صحيح، أخرجه أحمد والبخاري والنسائي وأبو يعلى والطحاوي والبيهقي".

قارئ المتن: بَابُ الْبَيْتُوتَةِ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ.

شرح الشيخ: والحديث أخرجه مسلم مطولًا.

وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بات في المزدلفة إلى الفجر، ولم يذكر أنه أوتر الوتر؛ لأنه معروف من الأحاديث الأخرى، قوله: (اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ) لا ينافي أنه صلى الوتر، يعني أنه بات حتى قرب طلوع الفجر، وقام وصلى وأوتر، النبي -صلى الله عليه وسلم- بات تلك الليلة يتقوى على أعمال يوم النحر، الرمي، ثم النحر، (63) بدنة تحتاج إلى وقت، كلها ينحرها قائمة معقودة اليسرى، ثم حلق رأسه، ثم ركب راحلته ودفع وأفاض إلى مكة، صلى صلاة الظهر، أدرك صلاة الفجر في مكة، هذه الأعمال كلها قبل الظهر، رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، ثم ذبح (63)، الواحد منا إذا ذبح واحدة أو اثنين تعب، النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطي قوة، (63) جمل، وهي قائمة معقودة [00:51:02] حتى تسقط، ثم حلق رأسه، ثم أفاض، [00:51:08] كلها، ولذلك احتاج في الليل إلى أن يبيت وينام، لذا قال: (اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ).

استشكل بعض الناس، قال: ما ذكر الوتر!

لأنه مذكور في الأحاديث الأخرى، [00:51:23] يعني حتى قرُب طلوع الفجر، فصلى ما كُتب له وأوتر.

مداخلة: ألا يكون أوتر قبل أن ينام؟

الشيخ: ما ذُكر، لا هذا ولا هذا، لكن جاء في الحديث الآخر أن: «مَن خافَ أنْ لا يقومَ مِن آخِرِ اللَّيلِ فلْيُوترْ أوَّلَه، ومَن طَمِعَ أن يقومَ آخِرَه فلْيُوترْ آخرَ اللَّيلِ؛ فإنَّ صلاةَ آخِرِ الليلِ مشهودةٌ، وذلك أفضلُ».

قارئ المتن: بَابُ التَّغْلِيسِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِوَقْتِهَا إِلَّا هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالْمَغْرِبَ جَمِيعًا لِمُزْدَلِفَةِ وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ".

شرح الشيخ: هذا الحديث أخرجه مسلم.

والتغليس: هو اختلاط ضياء الصبح بظلام الليل، والمعنى أنه صلى مبكرًا يوم النحر ليتسع وقت الوقوف في مزدلفة، وقت الوقوف في مزدلفة من صلا الفجر إلى الإسفار، فهو -صلى الله عليه وسلم- بادر من حين انشق الفجر.

وأما في غير هذا اليوم فإنه يتأخر بعض الشيء، يصلي الراتبة ويأتيه بلال.

قال: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِوَقْتِهَا إِلَّا هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالْمَغْرِبَ جَمِيعًا لِمُزْدَلِفَةِ) هذه واحدة،(وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ) والمراد: قبل وقتها المعتاد، وليس المراد قبل دخول الوقت، لا تصح الصلاة قبل دخول الوقت، (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِوَقْتِهَا إِلَّا هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالْمَغْرِبَ جَمِيعًا لِمُزْدَلِفَةِ) في غير وقتها المعتاد، وصلى الفجر قبل وقتها المعتاد بغلس، يعني والظلمة باقية، فمعنى قبل وقتها أنها قبل وقتها المعتاد.

قارئ المتن: بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثُ وَقَالَ: "فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، يَعْنِي بِالْمُزْدَلِفَةِ"

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ لَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ حَاتِمٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، فِي خَبَرِ جَابِرٍ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْفَجْرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بَعْدَمَا بَانَ لَهُ الصُّبْحُ، لَا قَبْلَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ أَيْ قَبْلَ وَقْتِهَا الَّذِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِغَيْرِ الْمُزْدَلِفَةِ،

شرح الشيخ: يعني قبل وقتها المعتاد.

 قارئ المتن: أَيْ أَنَّهُ غَلَّسَ بِالْفَجْرِ أَشَدَّ تَغْلِيسًا مِمَّا كَانَ يُغَلِّسُ بِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَخَبَرُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَابَ دَالٌ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ جَابِرٍ؛ لِأَنَّ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ يَبِيتُ بِالْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ.

شرح الشيخ: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.

قال: (فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، يَعْنِي بِالْمُزْدَلِفَةِ).

قال: (فِي خَبَرِ جَابِرٍ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْفَجْرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بَعْدَمَا بَانَ لَهُ الصُّبْحُ، لَا قَبْلَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ)؛ لأنه لا تصح الصلاة إلا بدخول الوقت، ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)﴾[النساء:103].

قال: (وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ أَيْ قَبْلَ وَقْتِهَا الَّذِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِغَيْرِ الْمُزْدَلِفَةِ) يعني قبل وقتها المعتاد، أي أنه غلَّس بالفجر أشد تغليسًا مما كان يغلس بها في غير ذلك الموضع.

(وَخَبَرُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَابَ دَالٌ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ جَابِرٍ؛ لِأَنَّ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ يَبِيتُ بِالْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ).

قارئ المتن: بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ

بركة، قف على هذا، وفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد