شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_20

00:00
00:00
تحميل
81

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في كتابه مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ تَقْدِيمِ الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى بِاللَّيْلِ

الشيخ: قرأنا هذا.

قارئ المتن: بَابُ قَدْرِ الْحَصَى الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجِمَارُ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الرَّمْيَ بِالْحَصَى الْكِبَارِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ، وَتَخْوِيفِ الْهَلَاكِ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ قَالَ: أَفَاضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا هَبَطَ بَطْنَ مُحَسِّرٍ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ»، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ حَذْفَ الرَّجُلِ، وَقَالَ هَارُونُ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

شرح الشيخ: خبر ابن عباس يقول: (وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ)، هذا عام، والغلو هو الزيادة عما أمر الله به، ومن ذلك الرمي بالحصى الكبار، هطا زيادة عن المشروع، فيكون من الغلو في الدين، وتخويف الهلاك بالغلو في الدين ولهذا قال: «إنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، فيه التحذير من الغلو في الدين، وأنه سبب الهلاك، في حديث ابن عباس ... قال حديث ابن عباس هنا؟

مداخلة: حديث ابن عباس ...

الشيخ: أخرجه مسلم من طريق ابن جريج، يوجد غيره؟

مداخلة: لا، هنا ما ذكر له تخريج، قال: "سبق تخريجه عند الحديثين".

الشيخ: وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما هبط محسر -وهو الوادي- قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ»، أو الحذف، الخذف وهو ما يخذفه الإنسان بالحصى الصغيرة التي يحذفها بين أصبعيه، وهي بمقدار حبة الفول، مثل بعرة الغنم، هذا حصى الخذف، وفي اللفظ الآخر كما سيأتي: «بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو»، فالرمي بالحجارة الكبار بناء على أنه أبلغ من الصغار من الغلو، قال: («عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ»، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ حَذْفَ الرَّجُلِ) يعني بأصبعيه.

هذا هو حصى الجمار، ما يكون يرمى به بين أصبعين، أما الكبير فلا يرمى به بين أصبعين، والصغير كذلك ما يرمى به، ولهذا قال العلماء: فلا تجوز الصغيرة جدًّا، ولا كبريةٌ جدًّا، لا تجزئ الصغيرة مثل حبة الحنطة، ولا كبيرة مثل التمرة، وإنما يكون حصى الخذف ما يكون بين أصبعين.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ وَهُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هِنْدَ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَقَفْنَا بِعَرَفَاتٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا إِحْدَى أُصْبُعَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقُلْتُ لِعَمِّي: يَا عَمِّ مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: «ارْمُوا الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَاذِفِ» وَقَالَ بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ هِنْدَ عَنْ حَرْمَلَةَ قَالَ: حَجَجْتُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَمُّ حَرْمَلَةَ بْنِ عَمْرٍو سِنَانُ بْنُ سَنَّةَ سَمَّاهُ وُهَيْبٌ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "هذا الحديث إسناده ضعيف لجهالة يحيى ابن هند، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الرحمن بن حرملة على أن الجزء المرفوع من الحديث الصحيح، وأخرجه ابن سعد في [الطبقات]، وأحمد وابن أبي عاصم في [الآحاد والمثاني]، والبزار كما في كشف الأستار، والطبراني في [الكبير]".

شرح الشيخ: لكن «وإياكم والغلو» هذا مرفوع الحديث، وكذلك قوله: «بِمِثْلِ حَصَى الْخَاذِفِ»، لكن بهذا السند فيه ضعف، سبق في الحديث السابق قال: «بأمثال هؤلاء»، وهي حصوات، قال: «وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ» فهذا ثابت.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ،

الشيخ: عبد الرحيم؟ أم عبد الرحمن؟

مداخلة: قال: "في الأصل (عبد الرحمن)، وهو خطأ، انظر تهذيب الكمال".

الشيخ: يصوب من التهذيب.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ.

مداخلة: قال: "إسناده صحيح، أخرجه النسائي وأبو يعلى من طريق عبيد الله بن عمر به، ومسلم".

الشيخ: المؤلف يقول (بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ)، وهو من جهة السند، ما تكلم عليه؟

مداخلة: قال: ...

الشيخ: فيه عنعنة الزبير عن جابر، لكن [00:08:38] في مسلم ...

مداخلة: في مسلم صرح بالسماع محمد بن إسحاق.

الشيخ: قول المؤلف: (بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ)، استغربه المؤلف مع أن الحديث صحيح، ما تكلم في الحاشية عليه؟

مداخلة: لم يتكلم، إخراج النسائي وأبو يعلى.

الشيخ: الجمرة بمثل حصى الخذف، هذا صريح بأنها مثل حصى الخذف، وكذلك الأحاديث السابقة قال: «بمثل هؤلاء -لما وضع في يده- ارموا»، وكذلك الحديث السابق: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ»، كلها تدل على أن الحصى التي يرمى بها هي التي بمقدار ما يأخذها بين أصبعين، والعلماء قدروه بمثل بعرة الغنم ومثل حبة الفول.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ ...

الشيخ: الذي بعده، حدثنا علي بن خشرم.

قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَخْبَرَ مَعْمَرٌ وَاحِدًا يَعْنِي جَمْرَةً وَاحِدَةً، وَقَالَا: وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ، فَعِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.

شرح الشيخ: يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- (يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَخْبَرَ مَعْمَرٌ وَاحِدًا يَعْنِي جَمْرَةً وَاحِدَةً)، قالها عندك؟

مداخلة: قال: "وفي نسخةٍ (وأخبر معمر)".

الشيخ: (وَأَخْبَرَ مَعْمَرٌ وَاحِدًا يَعْنِي) ...

قارئ المتن: يَعْنِي جَمْرَةً وَاحِدَةً، وَقَالَا: وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ، فَعِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.

الشيخ: نعم، أخرجه الإمام مسلم من طريق ابن خشرم، من معه عندك؟

مداخلة: قال ...

الشيخ: وأبو داود من طريق ابن جريج.

والحديث فيه أن الجمرة يوم العقبة ترمى ضحى، يوم العيد ترمى جمرة العقبة ضحى، وأما أيام التشريق فإنها بعد زوال الشمس، يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر تكون بعد زوال الشمس.

س: ورميها قبل الفجر؟

الشيخ: هذا على ما ذهب إليه جمع من أهل العلم وهو أفتت به هيئة كبار العلماء، أنه يمتد الرمي من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، فتكون الليلة تابعة لليوم السابق.

مداخلة: لا شيخنا، ليلة العيد الذين يأتون مبكرين.

الشيخ: ليلة العيد نعم، النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص للضعفة أن يرموا، في آخر الليل يدفعوا من منى آخر الليل ويرموا، قبل حطمة الناس، هذا بعد غيبوبة القمر، يدفعون ثم يرمون قبل حطمة الناس، وسيأتي أيضًا بعد هذا، سيأتي تراجم بعد هذا.

أما هذا الحديث ففيه أن جمرة العقبة يوم العيد ترمى ضحى، يعني للأقوياء، بعد طلوع الشمس، وأما الجمرات الثلاث فإنها ترمى في أيام التشريق بعد الزوال.

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ رَمْيِ الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ رَاكِبًا

أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْحُسَينِ عَلِيٌّ بْن الْمُسَلَّمِ السُّلَمِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْن أَحَمِدَ بْن مُحَمَّدُ، قال: أَخْبَرَنَا الشيخ الأُسْتَاذُ الإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْماعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اَلْصّابُونيِّ قِراءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طاهِرِ مُحَمَّدِ بْنُ الفَضْلِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاقَ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَالَ لَنَا: «خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ».

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "مسلم والبيهقي والبغوي، من طريق عيسى عن ابن جريج به، وأخرجه أحمد من طريق محمد بن أبي بكر عن ابن جريج، وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي من طرقٍ عن ابن جريج".

الشيخ: فيه ما ترجم له المؤلف (إِبَاحَةِ رَمْيِ الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ رَاكِبًا)، يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى جمرة العقبة على راحلته راكبًا، وأما بعد ذلك فإنه كان يرمي الجمار في أيام التشريق ماشيًا، ولذا قال: (بَابُ إِبَاحَةِ رَمْيِ الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ رَاكِبًا).

والأمر في هذا واسع، إذا رما ها راكبًا أو ماشيًا أو وقعت في المرمى، فإنه أدى العبادة، والزبير صرح بالسماع هنا: (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَالَ لَنَا: «خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»)، ودع الناس، فلم يحج بعد حجته -صلى الله عليه وسلم-.

قارئ المتن: بَابُ الزَّجْرِ عَنْ ضَرْبِ النَّاسِ وَطَرْدِهِمْ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَيْمَنَ بْنَ نَابِلٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ قُدَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ يَقُولُ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ".

شرح الشيخ: (نَاقَةٍ صَهْبَاءَ): بيضاء؛ ماذا قال على الحديث؟

مداخلة: قال: "إسناده حسن من أجل أيمن بن نابل، وأخرجه الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والدارمي وابن ماجه والترمذي وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، وعبد الله بن أحمد في زياداته، والنسائي وفي الكبرى له".

الشيخ: حسنه أيضًا الأعظمي، فيما ترجم له المؤلف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرة على ناقته، وأنه لم يضرب الناس، لم يُطرد الناس من حول النبي ولم يُضربوا، وليس هناك زحام ولا إليك إليك: (لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ)، يعني: إليك عني، ابتعد عني؛ النبي -صلى الله عليه وسلم- رماها بهدوء وراحة، ليس فيه زحام ولا طرد ولا ضرب حوله، ولهذا ترجم: (بَابُ الزَّجْرِ عَنْ ضَرْبِ النَّاسِ وَطَرْدِهِمْ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ)، يعني ينبغي أن يؤدي الإنسان العبادة براحة وطمأنينة، وينبغي للإنسان بقدر الإمكان يحاول عدم إيذاء الناس، وعدم الزحام، ينبغي للإنسان ألا يزاحم إلا بقدر ما تدعو الحاجة إليه للوصول إلى الجمرة.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْمَوْقِفِ الَّذِي يَرْمِي مِنْهُ الْجِمَارَ

مداخلة: وفي نسخة: "يُرمى".

قارئ المتن: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، و حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ، ثُمَّ اسْتَعْرَضَهَا يَعْنِي الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَكَبَّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ نَاسًا يَصْعَدُونَ الْجَبَلَ، فَقَالَ هَا هُنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ رَأَيْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

 "رَمَى" هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدَّوْرَقِيِّ.

الشيخ: ماذا قال عليه؟ مسلم والنسائي.

مداخلة: قال: "حديثٌ صحيح، أخرجه الحميدي وأحمد والبخاري ومسلم".

الشيخ: وفيه أن عبد الله بن مسعود رمى جمرة العقبة (فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ)؛ يعني سار في بطن الوادي، جعل مكة عن يساره ومن عن يمينه، يكون استعرضها، رماها بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة، فقال عبد الرحمن بن يزيد: قلت له: (إِنَّ نَاسًا يَصْعَدُونَ الْجَبَلَ)؛ لأن جمرة العقبة كانت متكئة على الجبل سابقًا، ثم أُزيل الجبل، فبعض الناس يصعدون الجبل ويرمونها من الخلف، فتقع في الحرم، هذا لا بأس، يجزئ، لكن الأفضل أن يستبطن الوادي.

عبد الرحمن بن يزيد كان مع عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل، قال: (إِنَّ نَاسًا يَصْعَدُونَ الْجَبَلَ)، قال: لا، هناك أفضل من هذا، يستبطن الوادي، هذا المكان الذي رمى منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، استبطن الوادي يعني جعل مكة عن يساره ومن عن يمينه، تكون القبلة عن يساره كما سيأتي في الترجمة التي بعدها، قال: (رَأَيْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) رمى من هذا.

فيه الرد على الحجاج بن يوسف الذي يقول: (لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ)، الحجاج تورع، يقول: (لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ)، تورع من هذا لكن ما تورع من إراقة الدماء والقتل، نسأل الله العافية.

فقال: لا بأس بقول سورة البقرة، ولا أعرف بقول الحجاج لا تقولوا، عبد الله قال: "هذا مقام الذي أُنزلت عليه سورة البقرة"، لا بأس من قول: سورة لبقرة، سورة آل عمران، سورة النساء، أما قول الحجاج: (لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ) فلا وجه لهذا الهراء مع ثبوت السنة.

يقول: ("رَمَى" هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدَّوْرَقِيِّ).

قارئ المتن: بَابُ اسْتِقْبَالِ الْجَمْرَةِ عِنْدَ رَمْيِهَا وَالْوُقُوفِ عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، وحَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ رَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. لَمْ يَقُلِ الزَّعْفَرَانِيُّ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ: وَرَمَى عَبْدُ اللَّهِ الْجَمْرَةَ.

هذا صحيح كما سبق، رواه الشيخان وغيرهما، فيه أن عبد الله بن مسعود رمى الجمرة، جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، وإذا كان كذلك تكون القبلة عن يساره قليلًا، كما هو موجود الآن، الجمرة ترمى من أمامها، أما الخلف هذا الذي كان فيه الجبل.

مداخلة: الآن ما في جبال، الآن دكوا الجبال وأصبحت الجمار واضحة.

الشيخ: إي، حتى من الخلف صار فيه حوض الآن، ثم قال عبد الله بن مسعود: (هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ)، صريح في أنه يجوز أن نقول (سورة البقرة) خلافًا للحجاج الذي يقول: (لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ).

سؤال: لكن الرمي يتحرى الشاخص؟

الشيخ: لا، لا يضرب الشاخص، إنما يضعها في المرمى، إذا ضربها الشخص وسقطت في المرمى أجزأت، لكن ليس المطلوب رمي الشاخص.

س: [00:24:14]

الشيخ: لا، هذا في زمن ؟؟؟ وسيأتي في الجمرات الثلاث يجعل القبلة أمامه إن تيسر، هطا إن تيسر، وإن لم يتيسر يستطيع أن يرميها من أي جهة، ولا يزاحم، وهذا إذا كان يوجد زحام لا يتيسر، إذا أراد أن يرميها في الزحام تقع في المرمى، إذا وقعت في المرمى أجزأت، لكن هذا الأفضل، استحباب إن تيسر.

قارئ المتن: بَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا لِلْجِمَارِ

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِخَبَرِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ بَابٌ غَيْرُ هَذَا.

شرح الشيخ: الحديث إسناده صحيح، كما ذكر الشيخ، الأعظمي يقول إنه رواه البيهقي في السنن الكبرى، ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الشافعي في [المسند]، وأحمد وابن أبي عاصم في [الآحاد والمثاني]، والنسائي وأبو يعلى والطبراني في [الكبير]، والبيهقي".

الشيخ: والترجمة فيها أن الفضل كان رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- من مزدلفة إلى منى، وأنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة، إذا رمى الجمرة وقف على التلبية.

وفيه أنها ترمى بسبع حصيات، ويكبر مع كل حصاة، هذا هو السنة: (الله أكبر)، واحدة بعد واحدة، ولا يرميها مرة واحدة، بل واحدة بعد واحدة: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر).

ذكر المؤلف أن عمرو بن حفص الشيباني عن حفص بن غياث له بابٌ غير هذا.

قارئ المتن: بَابُ الذِّكْرِ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ».

الشيخ: الأعظمي قال إسناده صحيح، أخرجه الحاكم في [المستدرك]؛ ماذا قال عليه؟

مداخلة: هنا ما ذكر له تخريج، قال: "إسناده ضعيف، لضعف عبيد الله بن أبي زياد، وقد تفرد به، وهو معلولٌ بالوقف، قال المزي: كذلك رواه عبد الله بن داود الخريبي، وأبو عاصم النبيل عن عبيد الله، ورفعاه، ورواه يحيى بن سعيد عن عبيد الله، فجعله من قول عائشة، فأخبره أبو حفص الفلاس بقول ابن داود وأبي عاصمٍ، فقال يحيى: "قال: سمعت عبيد الله يحدثه مرفوعًا، ولكني أهاب"، ورواه أبو قتيبة سلم بن قتيبة، عن سفيان، عن عبيد الله، ولم يرفعه، وكذلك رواه أبو عاصم عن ابن جريج، عن ابن أبي مليك، عن القاسم، وكذلك رواه يزيد بن زريع عن حسين المعلم، عن عطاء، عن عائشة قولها، وكذلك أخرجه أبو داود والفاكهي في أخبار مكة، والترمذي وابن الجارود من طريق عيسى بن يونس عن عبيد الله به، وأخرجه ابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم، عن عائشة -رضي الله عنها- موقوفًا، وأخرجه عبد الرزاق والفاكهي في مكة من طريق ابن جريج، من طريق حبيب المعلم، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة موقوفًا، وهذا إسنادٌ حسن من أجل خبيب المعلم وابن جريج، وابن جريج وإن لم يصرح بالسماع متابع".

الشيخ: الشيخ ناصر حسن إسناده، قال: "إسناده صحيح"، وعلى كل حال إذا كان موقوفًا عن عائشة فمثل هذا لا يقال بالرأي، هذا له حكمه الرفع، «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ».

والمعنى صحيح، ذكر الله، مطلوب من العبادات إقامة ذكر الله -عز وجل-، «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ»، والذكر يكون بالقول وبالفعل، الرمي حينما يقول: (الله أكبر) يذكر الله قولًا، ورمي الجمار أيضًا ذكر لله بالفعل، حينما يعبد الإنسان ربه يكون ذاكرًا لربه، وحينما أيضًا يقرأ القرآن ويسبح ويهلل يكون ذاكرًا لربه بالقول، وحينما يصلي يكون ذاكرًا لربه بالقول وبالفعل، فالمعنى صحيح.

مداخلة: نرى بعض الحجاج عندما ...

الشيخ: الترجمة التي بعدها ماذا؟

قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ الَّذِينَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ

بركة، قف على هذا، نعم.

سؤال: بالنسبة للتكبير، بعض الناس في الطواف يقولون: (باسم الله والله أكبر) عند الإشارة؟

الشيخ: لا، هذا في البدء، أولًا يكون في البدء، ثم بعد ذلك يكبر، فأول ما يبدأ يجمع بين التسمية والتكبير، ثم إذا حاذاه كبر، إذا حاذاه رمى الثانية والثالثة وما بعدها.

سؤال: ولفظ الصفا والمروة، عندما يكبر يبدأ باسم الله أم ...

الشيخ: الصفا والمروة عند قربه منه يبدأ بهما يقول: أبدأ بما بدأ الله به: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة 158]، ثم يرفع يديه ويهلل ويذكر الله ويدعو.

سؤال: رمي الجمرات في بعضهم يقول: بسم الله والله أكبر؟

الشيخ: لا، التكبير هذا: (الله أكبر، الله أكبر) هذا في الرمي، هذا الوارد ...

مداخلة: في حديث جابر، هذا نصه.

الشيخ: نعم، وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد