شعار الموقع

سورة يس - 1

00:00
00:00
تحميل
66

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره العظيم: (تَفْسِيرُ سُورَةِ يس، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.

قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيع، قال حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤاسي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس، ومَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ».

ثُمَّ قَالَ رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حُميد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مَجْهُولٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْظُورٌ فِيهِ.

أَمَّا حَدِيثُ الصِّدِّيقِ فَرَوَاهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ نَوَادِرِ الْأُصُولِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ -هُوَ ابْنُ الْحُبَابِ-حَدَّثَنَا حُميد -هُوَ الْمَكِّيُّ، مَوْلَى آلِ عَلْقَمَةَ-عَنْ عَطَاءٍ -هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس»

ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا زَيْدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ»).

منقطع، الحسن لم يسمع من أبي هريرة.

(«وَمَنْ قَرَأَ: "حم" الَّتِي فِيهَا الدُّخَانُ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ». إِسْنَادٌ جَيِّدٌ)

الحسن لم يسمع من أبي هريرة، لكن له شواهد، ماذا قال عنه في التخريج؟

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ -مَوْلَى ثَقِيفٍ-حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جُحَادة، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جُنْدَب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، غُفِرَ لَهُ».

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَار، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْبَقَرَةُ سِنام الْقُرْآنِ وذِرْوَته، نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا، وَاسْتُخْرِجَتْ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَوُصِلَتْ بِهَا -أَوْ: فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ-وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ والدار الآخرة، إلا غفر له، واقرؤوها عَلَى مَوْتَاكُمْ»).

الحديث فيه رجل مجهول، ضعيف.

(وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَ الْأَعْلَى، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِه .

ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ -وَلَيْسَ بِالنَّهْدِيِّ-عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِل بْنِ يَسَار قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقرؤوها عَلَى مَوْتَاكُمْ» -يَعْنِي: يس.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، بِهِ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ.

وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ السُّورَةِ: أَنَّهَا لَا تُقْرَأُ عِنْدَ أَمْرٍ عَسِيرٍ إِلَّا يَسَّرَهُ اللَّهُ. وَكَأَنَّ قِرَاءَتَهَا عِنْدَ الْمَيِّتِ لِتُنْزِلَ الرَّحْمَةَ وَالْبَرَكَةَ، وَلِيَسْهُلَ عَلَيْهِ خُرُوجُ الرُّوحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

ماذا قال عن تخريج الحديث الأول، حديث حميد؟

الطالب: حديث الإمام أحمد؟

الشيخ: عندك تخريج له؟

الطالب: كلها عزاها للكتب، لكن...

الشيخ: الحديث الأول ماذا؟

الطالب: الحديث الأول حديث الترمذي، قال في كتاب الفضائل: باب ما جاء في فضل يس، وأخرجه الدارمي في فضائل القرآن في فضل يس.

الشيخ: أعد سنده.

الطالب: (قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤاسي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ).

ماذا قال عن حميد الرؤاسي وهارون هل تكلم عليه؟

الطالب: يقول: موضوع.

الشيخ: موضوع الحديث هذا.

الطالب: [00:08:16].

الشيخ: هارون؟

الطالب: في سنده هارون أبو محمد، قال الذهبي: لا نتّهمه.

الشيخ: متن الحديث ماذا؟

الطالب: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس، ومَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ»).

الشيخ: من علامة ضعف الحديث المبالغة في الثواب.

الطالب: حكم عليه ابن كثير، قال: هارون أبو محمد شيخ مجهول، وفي الباب عن أبي بكر الصديق، ولا يصح لضعف إسناده، وعن أبي هريرة وذلك منظور فيه.

الشيخ: هم بالغوا فقالوا: موضوع، لا يصح أن قراءة يس تعدل قراءة القرآن عشر مرات.

الطالب: والذي رواه الحافظ أبو يعلى قال: وأخرجه الدارمي في فضائل القرآن، باب فضل يس، والطبراني في الأوسط من طريق الحسن عن أبي هريرة بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيضًا إلى ابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.

الشيخ: وسنده ماذا؟

الطالب: لم يتكلم عن سنده.

الشيخ: اقرأ السند والمتن يا شيخ.

الطالب: (وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ).

الشيخ: قال: سمعت كذا؟

الطالب: نعم، هل سمع الحسن من أبي هريرة؟

الشيخ: هذا ماذا قال عنه؟

الطالب: [00:10:05].

الشيخ: المتن ماذا؟

الطالب: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ»، «وَمَنْ قَرَأَ: "حم" الَّتِي فِيهَا الدُّخَانُ في ليلة الجمعة أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ»).

الشيخ: في ليلة الجمعة؟

الطالب: نعم.

الشيخ: والأول في ليلة...

الطالب: («ومن قرأ يس في ليلة أصبح مغفورًا له، ومن قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورًا له»، قال الحافظ هنا: إسناد جيد).

الطالب: هذا الحديث في جميع طرقه باطل لا أصل له.

الشيخ: ماذا عندك؟

الطالب: [00:11:00]

الشيخ: الحافظ يقول: إسناد جيد؟

الطالب: يوجد كلام لابن حبان هنا أحسن الله إليك، وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، والمقلوبات عن الأثبات.

الشيخ: من هو؟

الطالب: هذا زياد.

الشيخ: كان ماذا؟

الطالب: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، والمقلوبات عن الأثبات، حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المعتمد لها، ولا يجوز الاحتجاج به، والحسن لم يسمع من أبي هريرة.

الشيخ: كيف يقول: الحسن سمع من أبي هريرة؟ كيف التصريح هذا؟ التصريح بالسماع هذا من بعض الرواة؟

الطالب: (عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ)، لكن هل تكلم عنها الشيخ ابن باز الله يحفظك، عن سورة يس على الموتى؟

الشيخ: لو صح يكون «اقرأوا على موتاكم»، المراد على محتضريكم، على من حضره الموت ليخفف سياق الروح، ولكن ليس المراد القراءة عليه بعد موته، اقرأوا على موتاكم أي: على محتضريكم، على من حضره الموت، قبل الموت، تخفف السياق، قد يكون له وجه، وماذا قال عندك ابن حبان؟

الطالب: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، والمقلوبات عن الأثبات، حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المعتمد لها، ولا يجوز الاحتجاج به، والحسن لم يسمع من أبي هريرة.

الشيخ: كأن قول: قال الحسن: سمع أبا هريرة، كان هذا من بعض الرواة رفعه، معروف أنه لم يسمع، هذا الحديث ضعيف، هذا الحديث متنه ماذا؟ اقرأوا ماذا؟

الطالب: «مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ».

الشيخ: العجيب أن الحافظ يقول: إسناده جيد، لعلها جوده لأجل طرق أخرى ثبتت عنده لم يذكرها هنا.

الطالب: يوجد نسخة غير النسخة أحسن الله عملك قال في (ت): وروى الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة، وليس سمعت.

الشيخ: نعم، هذا هو المعروف، الحسن ما سمع من أبي هريرة، كأن قوله: سمعت، هذا من بعض الرواة ذكره.

الطالب: [00:13:51]

الشيخ: نعم، هذا المعروف، كذلك ما سمع من أبي هريرة، ولا سمع من ابن عمر، وإنما فيه عن سمرة بن جندب في الأقوال، المعروف أنه ما سمع من أبي هريرة وعن غيره.

الطالب: ما حل هذا الإشكال، سمعت؟

الشيخ: بعض الرواة ذكره، هذا يحمل على بعض الرواة.

(قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: كَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ -يَعْنِي يس-عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّف عَنْهُ بِهَا).

خفف عنه السياق، هذا كلام صفوان هذا ماذا قال عليه؟ تكلم عليه؟

الطالب: لا، لم يتكلم عليه.

الشيخ: النسخة الثانية.

الطالب: قال الألباني: لكن جهالتهم تنجبر بكثرتهم، لا سيما وهم من التابعين.

الشيخ: جهالة ماذا؟

الطالب: قال: وهذا إسناد صحيح إلى صفوان، أما المشيخة فإنهم مجهولون لم يسموا، قال الألباني: لكن جهالتهم تنجبر بكثرتهم، لا سيما وهم من التابعين.

الشيخ: يعني على كل حال، القراءة على من حضره الموت من باب أنها تخفف سياق الموت، وليس المراد أنها تقرأ عليه بعد الموت، بعد الموت ما يقرأ على الموتى، لكن المراد موتاكم أي: محتضريكم، من حضره الموت، سموا موتى؛ لقربهم من الموت، يطلق الشيء على ما قرب منه، نعم.

(وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي» -يعني: يس.

الشيخ: وماذا قال عليها؟

الطالب: قال في كشف الأستار، وقال البزار: لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الإسناد، وإبراهيم لم يتابع على أحاديثه.

الشيخ: إبراهيم من؟

الطالب: إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال: على أنه قد حدث عنه أهل العلم، إبراهيم بن الحكم بن أبان.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

الطالب: قال: هذا إسناد ضعيف، فيه إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال الحافظ في التقريب: ضعيف، وصل مراسيله.

الشيخ: الحافظ تكلم عليه وقال: لا يتابع، فهو ضعيف.

( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، {يس ‌‌(١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنزيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧)}.

قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَّلِ "سُورَةِ الْبَقَرَةِ").

نعم، ن، ق، ص، حم، كلها من الحروف المقطعة، وأما قول بعضهم: يس من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وطه من أسمائه، وهذا ليس بصحيح، يس من الحروف المقطعة، ياء وسين، طه، طاء وهاء، ليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، بعضهم يقول: طه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أو يس، هذا ليس بصحيح، إنما هي من الحروف المقطعة، واختلف العلماء فيها، منهم من تكلم فيها، ومن أحسن ما ذكر قول شيخ الإسلام رحمه الله أنها من الحروف الهجائية يبين الله تعالى فيها أن القرآن من هذه الحروف، ومع ذلك تحدى الله الثقلين أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله، فالقرآن معجز وإن كان من هذه الحروف الهجائية.

(ورُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وعِكْرِمَة، وَالضَّحَّاكِ، وَالْحَسَنِ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة أَنَّ "يس" بِمَعْنَى: يَا إِنْسَانُ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ كَذَلِكَ فِي لُغَةِ الْحَبَشَةِ.

وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى).

وهذا ليس بصحيح، قوله: يا إنسان، أو اسم من أسماء الله ليس بصحيح، أو من أسماء الرسول ليس بصحيح، الحافظ تعقبه رحمه الله، عندكم تعقيب عليه، التعقيب لمن هذا؟

الطالب: [00:19:43]

الشيخ: طبعة جديدة هذه؟ طبعة حديثة.

الطالب: قال: أخرجه الطبراني بسند [00:20:07].

الشيخ: هذا في القول بأنها اسم من أسماء الله، يا إنسان ماذا يقول؟

الطالب: يقول: أخرجه الطبراني بسند فيه ابن حميد، وهو محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف، ويتقوى بالآثار التالية، فقد أخرجه [00:20:33] من طريق يزيد عن عكرمة، وقد أخرجه عبد بن حميد عن الحسن وعن الضحاك، كما عزاه السيوطي في الدر المنثور.

الشيخ: الصواب أنه ما يتقوى، هذا ضعيف، ما يتقوى، ما يزال ضعيف، ليس معناه يا إنسان، إنما هو من الحروف المقطعة، والثاني كذلك من يقول: إنه اسم من أسماء الله، هل تكلم عليه؟

الطالب: قال: سنده صحيح، وأخرجه الطبراني بسند ثابت.

الشيخ: قال مالك؟

الطالب: لا، يقول: سنده صحيح، أي: أنه من أسماء الله تعالى، يقول: سنده صحيح، وأخرجه الطبراني بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه.

الشيخ: عندك ماذا يقول؟

الطالب: يقول: وقال مالك عن زيد بن أسلم: هو اسم من أسماء الله تعالى.

الشيخ: ما يؤخذ اسم، أسماء الله لا تؤخذ عن زيد بن أسلم ولا عن غيره، أسماء الله تؤخذ من الكتاب العزيز أو من السنة المطهرة، فالصواب أنها ليست اسم من أسماء الله، ولا اسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هي من الحروف المقطعة، من الحروف الهجائية في أوائل السور.

({وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} أَيِ: الْمُحْكَمِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ

{إِنَّكَ} يَا مُحَمَّدُ {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أَيْ: عَلَى مَنْهَجٍ وَدِينٍ قَوِيمٍ، وَشَرْعٍ مُسْتَقِيمٍ).

هذا قسم من الله، أقسم الله بالقرآن، أقسم الله بالقرآن أن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المرسلين على صراط مستقيم، أنه رسول على صراط مستقيم، ليس غاويًا ولا منحرفًا، بل هو على الحق، وهو من المرسلين، فهذا قسم من الله تعالى، يقسم بما شاء، يقسم بنفسه الكريمة، يقسم بكلامه، ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾[الحجر:92]، يقسم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾[الحجر:72]، يقسم بالشمس، ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾[الشمس:1]، وبالليل، والتين والزيتون، لا أحد يحجر عليه سبحانه، أما المخلوق فلا يقسم إلا بالله وأسمائه وصفاته، فإذا أقسم المخلوق بغير الله صار شركًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك»، والله تعالى أقسم في القرآن أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مرسل من المرسلين، وأنه على صراط مستقيم، ليس منحرفًا ولا غاويًا، بل هو على صراط مستقيم؛ لقوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى(2)﴾[النجم:1/2].

({تَنزيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} أَيْ: هَذَا الصِّرَاطُ وَالْمَنْهَجُ وَالدِّينُ الَّذِي جِئْتَ بِهِ مُنزل مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ، الرَّحِيمِ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ} [الشُّورَى:٥٢، ٥٣]) .

{على صراط مستقيم}، هو القرآن، وهو الإسلام، وهو دين الله، والقرآن نزل بعد ذلك، ﴿تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾[فصلت:42].

({تَنزيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} أَيْ: هَذَا الصِّرَاطُ وَالْمَنْهَجُ وَالدِّينُ الَّذِي جِئْتَ بِهِ مُنزل مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ، الرَّحِيمِ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ} [الشُّورَى:٥٢، ٥٣].

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} يَعْنِي بِهِمُ: الْعَرَبَ؛ فَإِنَّهُ مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِهِ).

لأن آخر الأنبياء عيسى عليه السلام، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بابن مريم، إنه ليس بيني وبينه نبي»، وفيه الرد على من قال: هناك بعد عيسى نبي اسمه خالد بن سعيد، هذا لا يصح، الحديث الصحيح في أنه ليس بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم نبي.

(وَذِكْرُهُمْ وَحْدَهُمْ لَا يَنْفِي مَنْ عَدَاهُمْ [كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ النَّصَارَى]، كَمَا أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَا يَنْفِي الْعُمُومَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي عُمُومِ بَعْثَتِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، عِنْدَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الْأَعْرَافِ: ١٥٨]).

﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾[القصص:46]، وهم العرب، ما جاءهم نذير، لتنذر العرب لا ينفي أن تنذر غيرهم؛ لأن النصوص دلت على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة، قوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾[الأنعام:19]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾[سبأ:28]، وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾[الفرقان:1]، نذارته عامة، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه وفد من الجن، وسمعوا القرآن فولوا إلى قومهم منذرين، فهو رسول إلى الجن والإنس والعرب والعجم عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة».

(قَوْلُهُ: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ}، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَقَدْ وَجَبَ الْعَذَابُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ بِأَنَّ حَتَّمَ عَلَيْهِمْ فِي أُمِّ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} بِاللَّهِ، وَلَا يُصَدِّقُونَ رُسُلَهُ).

نعم، أم الكتاب هو اللوح المحفوظ، كتب عليه في اللوح المحفوظ أنهم لا يؤمنون به، لقد حق القول على أكثرهم، كتب على أكثرهم أنهم لا يؤمنون في اللوح المحفوظ، فهم لا يؤمنون، لا يغير ما في اللوح المحفوظ، {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، نعم.

({إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)}.

يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّا جَعَلَنَا هَؤُلَاءِ الْمَحْتُومَ عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى الْهُدَى كَنِسْبَةِ مَنْ جُعل فِي عُنُقِهِ غِلٌّ).

أحسن الله إليك، في القراءة السابقة التي قرأناها عليكم وضحت لنا الغُل، والغِل.

الشيخ: الغُل هو ما يكون في العنق، الغُل هو الحسي، والغِل هو المعنوي، وهو الحقد، الغل بالكسر الحقد، والغُل بالضم ما يُجعل على العنق، يربط به المعاقب، تربط يداه إلى عنقه.

الطالب: هذا في يوم 11/10/1428 في الجامع القديم.

الشيخ: قرأنا هذه؟

الطالب: قرأنا عليك أحسن الله إليك، ووضحت لنا الغُل وهو الحسي وهو الحبل في العنق، والغِل بكسر العين معنوي وهو الحسد، قرأنا عليك سورة يس كاملة، التفسير الأول.

الشيخ: ما أذكر أنا قرأناها، قرأناها في سورة الكهف، والقصص، وما أذكر أنا قرأنا يس.

الطالب: قرأناها مكتوب عندنا أحسن الله إليك، وأشرت علينا بالنسخة الجديدة.

الشيخ: الحافظ،...

الطالب: عشر مجلدات.

الشيخ: أعد إنا جعلنا في أعناقهم.

(يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّا جَعَلَنَا هَؤُلَاءِ الْمَحْتُومَ عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى الْهُدَى كَنِسْبَةِ مَنْ جُعل فِي عُنُقِهِ غِلٌّ، فجَمَع يَدَيْهِ مَعَ عُنُقِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ).

هكذا يربط يداه مع عنقه، يعني من يؤخذ ويتهم يربط يداه إلى عنقه للعقوبة، نعم، ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا﴾[يس:8].

(فَارْتَفَعَ رأسُه، فَصَارَ مقمَحا).

الشيخ: نسبته ماذا؟

الطالب: (إِنَّا جَعَلَنَا هَؤُلَاءِ الْمَحْتُومَ عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى الْهُدَى كَنِسْبَةِ مَنْ جُعل فِي عُنُقِهِ غِلٌّ، فجَمَع يَدَيْهِ مَعَ عُنُقِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ، فَارْتَفَعَ رأسُه، فَصَارَ مقمَحا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} وَالْمُقْمَحُ: هُوَ الرَّافِعُ رَأْسَهُ، كَمَا قَالَتْ أُمُّ زَرْع فِي كَلَامِهَا: "وَأَشْرَبُ فأتقمَّح" أي: أَشْرَبُ فَأُرْوَى، وَأَرْفَعُ رَأْسِي تَهْنِيئًا وتَرَوّيا).

هذا حديث أم زرع، الحديث العجيب الذي ذكرته رضي الله عنها، اجتمع عشر نساء في الجاهلية، تعاقدن وتعاهدن أن كل واحدة تذكر خبر زوجها، كل واحدة قالت شيء، واحدة قالت: زوجي كليل تهامة، لا حر، ولا... حتى ذكرت أم زرع، وأثنت على زوجها وكذا ثناء كثير، ثم ذكرت في الأخير أنه طلقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في آخرها: «كنت لكِ كأبي زرع لأم زرع إلا أني لا أطلق»، فأتقمح يعني أرفع، نسبة الهداية يقول: إليهم...

إِنَّا جَعَلَنَا هَؤُلَاءِ الْمَحْتُومَ عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى الْهُدَى كَنِسْبَةِ مَنْ جُعل فِي عُنُقِهِ غِلٌّ، فجَمَع يَدَيْهِ مَعَ عُنُقِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ، فَارْتَفَعَ رأسُه، فَصَارَ مقمَحا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} وَالْمُقْمَحُ: هُوَ الرَّافِعُ رَأْسَهُ، كَمَا قَالَتْ أُمُّ زَرْع فِي كَلَامِهَا: "وَأَشْرَبُ فأتقمَّح" أي: أَشْرَبُ فَأُرْوَى، وَأَرْفَعُ رَأْسِي تَهْنِيئًا وتَرَوّيًا وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْغِلِّ فِي الْعُنُقِ عَنْ ذِكْرِ الْيَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَتَا مُرَادَتَيْنِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :

فَمَا أدْري إذَا يَمَّمْتُ أرْضًا ... أُرِيدُ الخَيْرَ أَيُّهُمَا يَليني ..).

يعني الخير أو الشر؟ فحذفهما للعلم بهما، وكذلك هنا حذف اليدين؛ لأنهما مراده، الغُل، جعل في أعناقهم أغلالًا يعني مربوطة باليدين، تربط اليدين مع العنق، كما هو معروف الآن لبعض المتهمين في بعض السجون هكذا، تربط يداه إلى عنقه، نسأل الله السلامة والعافية.

(فَمَا أدْري إذَا يَمَّمْتُ أرْضًا ... أُرِيدُ الخَيْرَ أَيُّهُمَا يَليني ...).

يممت يعني قصدت، ما أدري هل يليني الخير أم يليني الشر؟

(أالْخَيْرُ الَّذِي أنَا أبْتَغيه ... أَمِ الشَّرّ الَّذِي لَا يَأتَليني ...

فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ الشَّرِّ لَمّا دَلَّ السِّيَاقُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَكَذَا هَذَا، لَمَّا كَانَ الغُلّ إِنَّمَا يُعْرَفُ فِيمَا جَمَع الْيَدَيْنِ مَعَ الْعُنُقِ، اكْتَفَى بِذِكْرِ الْعُنُقِ عَنِ الْيَدَيْنِ).

البيتين ذكر فيهما الخير والشر، كيف اكتفى بأحدهما؟ المقصود البيت الأول، أما البيت الثاني ذكره.

(قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الْإِسْرَاءِ:٢٩] يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّ أَيْدِيَهُمْ مُوثَقَةٌ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ، لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَبْسُطُوهَا بِخَيْرٍ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} قَالَ: رافعو رؤوسهم، وَأَيْدِيهِمْ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَهُمْ مَغْلُولُونَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ.

وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا} : قَالَ مُجَاهِدٌ: عَنِ الْحَقِّ، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} قَالَ مُجَاهِدٌ: عَنِ الْحَقِّ، فَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي الضَّلَالَاتِ.

وَقَوْلُهُ: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ} أَيْ: أَغْشَيْنَا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} أَيْ: لَا يَنْتَفِعُونَ بِخَيْرٍ وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: "فَأَعْشَيْنَاهُمْ" بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، مِنَ الْعَشَا وَهُوَ دَاءٌ فِي الْعَيْنِ).

ومنه العشا، وهو ضعف في البصر، قد يرى في النهار ولا يرى في الليل.

(وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: جَعَلَ اللَّهُ هَذَا السَّدَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، فَهُمْ لَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ، وَقَرَأَ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ} [يونس: ٩٦، ٩٧] ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَنَعَهُ اللَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رأيتُ مُحَمَّدًا لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ، فَأُنْزِلَتْ: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا} إِلَى قَوْلِهِ: { [فَهُمْ] لَا يُبْصِرُونَ}، قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: أَيْنَ هُوَ أَيْنَ هُوَ؟ لَا يُبْصِرُهُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ).

جعل الله حاجزًا، يقول: أين هو؟ وهو أمامه لا يراه.

(وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَهُمْ جُلُوسٌ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ تَابَعْتُمُوهُ كُنْتُمْ مُلُوكًا، فَإِذَا مُتُّمْ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، وَكَانَتْ لَكُمْ جِنَانٌ خَيْرٌ مِنْ جِنَانِ الأرْدُن وَأَنَّكُمْ إِنْ خَالَفْتُمُوهُ كَانَ لَكُمْ مِنْهُ ذَبْحٌ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ وَكَانَتْ لَكُمْ نَارٌ تُعَذَّبون بِهَا. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ، وَفِي يَدِهِ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَعْيُنِهِمْ دُونَهُ، فَجَعَلَ يَذُرّها على رؤوسهم، ويقرأ: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، وَبَاتُوا رُصَدَاء عَلَى بَابِهِ، حَتَّى خَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجٌ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَنْتَظِرُ مُحَمَّدًا. قَالَ قَدْ خَرَجَ عَلَيْكُمْ، فَمَا بَقِيَ مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلَّا وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ. فَجَعَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَنْفُضُ مَا عَلَى رَأْسِهِ مِنَ التُّرَابِ. قَالَ: وَقَدْ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ فَقَالَ: «وَأَنَا أَقُولُ ذَلِكَ: إِنَّ لَهُمْ مِنِّي لَذَبْحًا، وَإِنَّهُ أَحَدُهُمْ».

وَقَوْلُهُ: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} أَيْ: قَدْ خَتَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالضَّلَالَةِ، فَمَا يُفِيدُ فِيهِمُ الْإِنْذَارُ وَلَا يَتَأَثَّرُونَ بِهِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ} [يونس:٩٦، ٩٧]).

في البقرة ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾[البقرة:6].

({إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} أَيْ: إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِإِنْذَارِكَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الذِّكْرَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، {وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ} أَيْ: حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ، يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ، وَعَالَمٌ بِمَا يَفْعَلُهُ، {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ} أَيْ: لِذُنُوبِهِ، {وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} أَيْ: كَبِيرٍ وَاسِعٍ حَسَنٍ جَمِيلٍ، كَمَا قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الْمُلْكِ: ١٢] .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِي قَلْبَ مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَدْ مَاتَتْ قُلُوبُهُمْ بِالضَّلَالَةِ، فَيَهْدِيهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ قَسْوَةِ الْقُلُوبِ: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الْحَدِيدِ: ١٧] .

وَقَوْلُهُ: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} أَيْ: مِنَ الْأَعْمَالِ.

وَفِي قَوْلِهِ: {وَآثَارَهُمْ} قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: نَكْتُبُ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي بَاشَرُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَآثَارَهَمُ الَّتِي أَثَرُوهَا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَنَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ (٤) بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، ومَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا ووزرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا».

رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفة، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفِيهِ قِصَّةُ مُجْتَابِي النَّمَّار المُضريَّين. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي الْمُحَيَّاةِ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} .

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عن أبيه، فذكره.

وَهَكَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ، انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ مِنْ بَعْدِهِ».

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} قَالَ: مَا أَوْرَثُوا مِنَ الضَّلَالَةِ).

{واضرب لهم مثلًا أصحاب القرية}، كم الباقي؟

الطالب: باقي قرابة صفحتين.

الشيخ: خلاص قف على قول: {إنا نحيي الموتى}، في هذه الآيات: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ(11)﴾[يس:9/11]، بيان أن الله سبحانه وتعالى منع وصول هدايته إلى هؤلاء الكفار بسبب صدوهم وإعراضهم عن الحق لما جاءهم وعرفوا الحق، وصدوا عنه، وأعرضوا عنه عوقبوا، كما قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾[الصف:5]، قال سبحانه: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾[الأنعام:110]، ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾[يس:9]، مانع، ﴿فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾[يس:9/10]، ما يستفيدون من المواعظ، كما قال الله تعالى عن قوم هود، ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ﴾[الشعراء:136]، نسأل الله السلامة والعافية، ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾[يس:11]، عندما تنذر يا محمد من يقبل الذكر، من اتبع الذكر، من قبل الحق قبله، اتبع الذكر أي: القرآن، وخشي الرحمن بالغيب، خافه حيث لا يراه إلا الله، هذا هو الذي يبشر بالمغفرة، مغفرة لذنوبه، وستر عيوبه، وأجر كريم، وهو الجنة التي أعدها الله لعباده المؤمنين، نعم.

الطالب: أحسن الله إليك شيخنا، بعض أهل البدع يستشهد بهذه الآيات أنها نزلت في الكفار.

الشيخ: أهل البدع على خطر، لكن ليسوا كالكفار إلا إذا كانت البدع مكفرة، نسأل الله السلامة والعافية، لكن يخشى عليهم، لكن ما يجزم بأنهم منعوا، قد يمن الله عليهم بالهداية.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد