شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_27

00:00
00:00
تحميل
72

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ الْأَكْلِ مِنْ لَحْمِ الْهَدْيِ إِذَا كَانَ تَطَوُّعًا

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، وَأَكَلُوا مِنَ اللَّحْمِ وَحَسَوْا مِنَ الْمَرَقِ. هَذَا لِلْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ.

الشيخ: هذا الحديث هنا أخرجه مسلم والبخاري.

مداخلة: قال: "سبق تخريجه".

شرح الشيخ: نعم، وهو حديث صحيح، حديث جابر معروف، فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ساق الهدي معه من المدينة، وأتاه علي أيضًا من اليمن، صار الجميع مائة ناقة، فلما رمى النبي -صلى الله عليه وسلم- جمرة العقبة ذهب إلى المنحر، ونحر بيده الشريفة (63)، كل واحدة ينحرها وهي قائمة على ثلاث معقودة اليسرى، يطعنها بالحربة بين أصل العنق فوق الصدر، حتى تسقط، ثم ينجز عليها، ثم أمر عليًّا فنحر ما بقي وهي (37)، ثم أمر -صلى الله عليه وسلم- أن يؤخذ له من كل ناقة قطعة، (بضعة) يعني قطعة من اللحم، وجُمعت في قِدر، وطُبخت، فأكل شيئًا من لحمها، وشرب من مرقها، وأكلوا منها جميعًا.

(أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، وَأَكَلُوا مِنَ اللَّحْمِ وَحَسَوْا مِنَ الْمَرَقِ)، هذا استدل به جمعٌ من العلماء على أنه يُستحب للإنسان أن يأكل من لحم هديه.

والمؤلف -رحمه الله- له رأيٌ في هذا -سيبينه- أنه لا يأكل الإنسان مما وجب عليه، الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجب عليه وهو قارن، فذبح شاة، لكن ذبح مائة بعير، معناه كلها تطوع ما عدا ما وجب عليه، فلذلك أكل، أما غيره الذي لا يذبح إلا شاة لا يأكل منها، لا يأكل من الواجب كما سيبين.

قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْأَكْلِ مِنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ أَيَأْكُلُ صَاحِبُهَا مِنْهَا؟ فَقُلْتُ: إِذَا نَحَرَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شِرْكًا فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَكْثَرُ مِنْ سُبْعِهَا،

شرح الشيخ: (شِرْكًا) يعني شركاء اجتمعوا، فصار له شرك، يعني واحد من السبعة.

قارئ المتن: أَوْ شِرْكًا فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَكْثَرُ مِنْ سُبْعِهَا، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا زَادَ عَلَى سُبْعِ الْبَدَنَةِ أَوِ الْبَقَرَةِ؛

الشيخ: لماذا يأكل؟ لأنها تطوع، ما زاد يصير تطوعًا، وأما السبع بدنة فهو واجب، فلا يأكل منه.

قارئ المتن: لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي هَدْيِ الْقِرَانِ وَالْمُتَمَتِّعِ سُبْعُ إِحْدَيهِمَا.

شرح الشيخ: (إِحْدَيهِمَا) يعني هدي التمتع والقران، تعود إليهما، عندي (إِحْدَاهُمَا)، (إِحْدَيهِمَا) أصح.

مداخلة: قال في طبعة التأصيل في الحاشية: "أثبت في الأصل إحداهما، قال في الحاشية: رُسمت في الأصل (إِحْدَيهِمَا)، وإنما رُسمت هكذا لمكان إمالة الفتحة قبل الألف والكسرة، وكما في الصلاة والزكاة والحياة، كل ذلك بالواو؛ لأن الألف مالت نحو الواو، وهو رسم، يُنظر في [لسان العرب]".

قارئ المتن: إِلَّا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ الْبَدَنَةَ عَنْ عَشَرَةٍ عَلَى مَا بَيَّنْتُ فِي خَبَرِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ وَخَبَرِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ شَاةً تَامَّةً فَمَا زَادَ عَلَى سُبْعِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا هُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ كَمَا يُضَحِّي مُتَطَوِّعًا بِالْأُضْحِيَّةِ، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ضَحِيَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عِلْمِي أَكْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لُحُومِ بُدْنِهِ؛ لِأَنَّهُ نَحَرَ مِائَةَ بَدَنَةٍ.

شرح الشيخ: (وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عِلْمِي) يعني اعتقادي، وإلا أعتقد أنه أكل من لحوم البدنة لأنه زاد على الواجب، وما زاد عن الواجب تطوع، فيأكل منه، هذا هو السبب في كونه أكل منه.

قارئ المتن: وَإِنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَارِنًا سُبْعَ بَدَنَةٍ إِلَّا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ الْبَدَنَةَ عَنْ عَشَرَةٍ لَا أَكْثَرَ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالزِّيَادَةِ فَجَعَلَ مِنْ كُلِّ بَعِيرٍ بَضْعَةٍ فِي قِدْرٍ فَحَسَا مِنَ الْمَرَقِ، وَأَكَلَ مِنَ اللَّحْمِ، وَإِنْ ذَبَحَ لِتَمَتُّعِهِ أَوْ لِقِرَانِهِ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا،

شرح الشيخ: يعني يقول: ما يأكل، الذي لا يذبح إلا سُبع بدنة لا يأكل لأنها واجب، فكيف يأكل من الواجب؟

قارئ المتن: وَالْعِلْمُ عِنْدِي كَالْمُحِيطِ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ .

شرح الشيخ: نعم، هذا قاعدة عند المؤلف، يقول: "(وَالْعِلْمُ عِنْدِي كَالْمُحِيطِ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ) لا يأكل منه شيء"، أنت لا تأكل من الزكاة التي تخرجها، لأنه واجب عليك إخراجها للمستحقين، ولا تأخذ منها شيئًا، وجب عليك دم لأنك تركت واجبًا من الواجبات، لا تأكل منه، يكون للفقراء، وجب عليك هدي التمتع لا تأكل منه، قاعدة عند المؤلف: (كل ما وجب لا يأكل منه شيء).

قارئ المتن: وَالْعِلْمُ عِنْدِي كَالْمُحِيطِ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ قَائِلٍ: إِنْ قَالَ: يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ بَعْضَهُ؛

شرح الشيخ: (وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ بَعْضَهُ) يعني يأكل من بعضه، أو (وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ بَعْضَهُ) بدون (أو)، يعني يأكل شيئًا منه.

قارئ المتن: لِأَنَّ الْمَرْءَ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَالَ نَفْسِهِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَالٌ لَهُ يَأْكُلُهُ، وَقَوْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يُوجِبُ أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ فِي مَاشِيَتِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا، فَيَأْكُلَهَا، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عُشْرُ حَبٍّ فَلَهُ أَنْ يَطْحَنَهُ، وَيَأْكُلَهُ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عُشْرُ ثِمَارٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مَنْ يُحْسِنُ الْفِقْهَ.

شرح الشيخ: قوله [00:08:25] (وَقَوْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ) يعني [00:08:31] هذه المقالة، يعني إذا [00:08:32] هذا، قلت له أن يأكل من ماله من الهدي، يلزمك أن تقول يأكل من زكاته، إذا وجبت عليه الصدقة يعني زكاته، صدقة واجبة في ماشيته، عنده أربعين شاة سائمة، وجبت فيها شاة، له أن يأخذ الشاة ويأكلها، هذا يقول يلزمكم، من يقول أنه يأكل من هدي التمتع وهدي القران، يلزمه أنه يأكل من صدقته ومن زكاته، وإذا وجب عليه خمسة أوسق حب، له أن يطحن الحب ويأكله، وإذا وجب عليه مائة من الثمار -كذلك- زكاة، يأكل؛ وهذا لا يقوله من يُحسن الفقه.

هذا اختيار المؤلف -رحمه الله-.

والقول الثاني لأهل العلم -وهو المشهور- من الحنابلة وغيرهم: أن الدم دمان:

دمٌ وجب جُبران، فلا يأكل منه.

ودم شُكران، فيأكل.

دم جبران: ما وجب لفعل واجب أو ترك محذور، ترك مثلًا الإحرام من الميقات، ترك واجبًا، ترك رمي الجمار، هذا يجب عليه دم، ولا يأكل منه، أو ترك -فوات- محذور، هذا لا يأكل منه.

أما دم الشكران: دم الهدي -التمتع- شكرٌ لله تعالى، من جمع في سفرٍ واحد بين حج وعمرة، فله أن يأكل منه.

هذا هو المشهور عند العلماء.

وبعد أن قال المؤلف -رحمه الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذبح مائة جمل، وأمر بأن يؤخذ من كل جزور بضعة، وطُبخت، يلزم أن يكون أكل من السُّبع، لأنها داخلة، السُّبع داخلة في المائة، كلام المؤلف ظاهره أن كل شيء وجب عليه لا يأكل منه، لا يأكل إلا من هدي التمتع، لذا بوب، قال: (بَابُ الْأَكْلِ مِنْ لَحْمِ الْهَدْيِ إِذَا كَانَ تَطَوُّعًا)، انظر كلام المغني عندك؟

المشهور عند العلماء أن [00:11:01] التمتع، ولا يلزم ما قاله المؤلف، هذا إلزام، المؤلف يقول أنا ألزمكم، أُلزم من يأكل هدي التمتع أنه يأكل من زكاته، فإن كان عنده غنم سائمة أو إبل أو بقر، ووجبت الزكاة، يجب عليه شاة، يأخذ الشاة ويأكلها، وإذا وجب عليه حبوب، وأخرج الزكاة، يطحن الحبوب ويأكلها، وإذا وجب عليه ثمار كذلك.

لكن يقال: هذا ليس بلازم، هذا إلزام، ونحن لا نلتزم بهذا، لا نقول يأكل من زكاته، الزكاة لا يأكل منها، إنما يأكل من هدي التمتع والقران فقط، لأن هذا دم شكران، ولا يأكل من الدم الذي وجب عليه لفوات واجب أو ترك محذور، هذا هو المشهور، والمؤلف انتصر لهذا القول، فقال ما قال، أنه يأكل هذا ما يحسن الفقه، يعني لو قال إنه يأكل من زكاته لا يحسن الفقه، لكن الفريق الثاني لا يقولون يأكل من زكاته، يقول: ما نأكل، أنت تلزمنا بهذا، ونحن لا نلتزم بهذا، لا نلتزم بما قلت، لا يأكل من زكاته، ولا يأكل من الحبوب، ولا من الثمار، ولا يأكل أيضًا من كل واجب، إنما يأكل من هدي التمتع والقران لأنه دم شكران فقط.

مداخلة: قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ وَاجِبٍ إلَّا مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ)".

الشيخ: وهدي القِران.

مداخلة: "الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ دُونَ مَا سِوَاهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَلَعَلَّ الْخِرَقِيِّ تَرَكَ ذِكْرَ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ مُتْعَةٌ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُتْعَةِ".

الشيخ: لأنه داخل، المتعة.

مداخلة: "وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ سَبَبَهُمَا غَيْرُ مَحْظُورٍ".

الشيخ: والصحابة يسمون القارن متمتع، كل من هو متمتع حيث حصل على نُسكين في سفرة واحدة، في عُرف الصحابة القارن يسمى متمتع.

مداخلة: "فَإِنَّ سَبَبَهُمَا غَيْرُ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَا هَدْيَ التَّطَوُّعِ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ".

الشيخ: قياسًا على رأي الإمام أحمد.

مداخلة: "وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَنْذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَاهُمَا. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ".

الشيخ: هذه رواية عن الإمام أحمد وعنه؟

مداخلة: "وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَنْذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَاهُمَا".

الشيخ: هذه الرواية أوسع.

مداخلة: "وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ بَدَلٌ، وَالنَّذْرُ جَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَأْكُلُ أَيْضًا مِنْ الْكَفَّارَةِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. وَنَحْوُهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ لَمْ يُسَمِّهِ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْإِطْعَامِ فِيهِ، فَأَشْبَهَ التَّطَوُّعَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَأْكُلُ مِنْ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَجَبَ بِالْإِحْرَامِ، فَلَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ مِنْهُ، كَدَمِ الْكَفَّارَةِ".

الشيخ: المؤلف شافعي، ابن خزيمة شافعي، مذهبه شافعي، انتصر له.

مداخلة: "وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَأْكُلُ مِنْ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَجَبَ بِالْإِحْرَامِ، فَلَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ مِنْهُ، كَدَمِ الْكَفَّارَةِ.

وَلَنَا، أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ..."

الشيخ: نعم، هذا من الأدلة -أنا كنت في بالي هذا- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت عائشة وقد حجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دُخل علينا بلحم بقر، فقيل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى عن نسائه بالبقر"، يعني أهدى بالبقر، ويأكلن منه، لو لم يأكلن منه لما ... كيف يدخل عليهن لحم ولا يأكلن منه! ما أُدخل إلا ليأكلن منه، وهو واجب، ما ذبحن مائة ناقة مثلما ذبح النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك أكلن منه؛ هذا فيه أيضًا دليل لهذا، وأنه لا بأس أن يأكل من دم المتعة والقران، أعد القول الأول.

مداخلة: قال ابن قدامة في المغني: "مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ وَاجِبٍ إلَّا مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ دُونَ مَا سِوَاهُمَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ".

الشيخ: هذا المذهب.

مداخلة: "وَلَعَلَّ الْخِرَقِيِّ تَرَكَ ذِكْرَ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ مُتْعَةٌ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ سَبَبَهُمَا غَيْرُ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَا هَدْيَ التَّطَوُّعِ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ".

الشيخ: يعني هو مذهب الأحناف، مذهب الإمام ابن حنبل وأبو حنيفة أنه يأكل من هدي التمتع والقران خاصة.

مداخلة: "وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَنْذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَاهُمَا".

الشيخ: وهذه أوسع، النذر لا يأكل منه، جزاء الصيد لا يأكل منه، وما عداهما يأكل منه، وأضاف بعضهم الكفارة.

مداخلة: "وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ بَدَلٌ، وَالنَّذْرُ جَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَأْكُلُ أَيْضًا مِنْ الْكَفَّارَةِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. وَنَحْوُهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ لَمْ يُسَمِّهِ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْإِطْعَامِ فِيهِ، فَأَشْبَهَ التَّطَوُّعَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَأْكُلُ مِنْ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَجَبَ بِالْإِحْرَامِ، فَلَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ مِنْهُ، كَدَمِ الْكَفَّارَةِ".

الشيخ: فتكون الأقوال أربعة في هذا:

الشافعي -اختاره المؤلف- يأكل مطلقًا.

والمذهب أنه يأكل من هدي التمتع والقران.

وقيل: لا يأكل من الصيد والمنذور.

وقال أبو موسى: أيضًا الكفارة.

 تكون أربعة أقوال في المسألة، ومما يدل على أنه يأكل من هدي التمع والقران أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى عن نسائه بالبقر، دُخل عليهن بلحم البقر، فقلن: ما هذا؟ قال: ضحى النبي عن نسائه بالبقر. فيه دليل على أنه لا يلزم أن يخبرهن، لأنهن حججن بإذنه -صلى الله عليه وسلم-، وقد قام بتكلفتهن، فذبح عنهن البقر، هو -صلى الله عليه وسلم- ذبح مائة من الإبل، وذبح عن نسائه البقر، وأُدخل على نسائه للأكل، ما أُدخل إلا للأكل، فدل على أنه يجوز أن يأكل من هدي التمتع.

وأيضًا كذلك -عندي أيضًا- أنه كونه -صلى الله عليه وسلم- أمر من كل جزور ببضعة، وطُبخت في قِدر، وشرب منها، أنه أكل منها، كأنه أكل منها جمعيا، كأنه أكل حتى من الهدي الواجب، لأن مائة تشمل الجميع، مائة بضعة. أكمل.

 

 

مداخلة: "وَلَنَا، أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- تَمَتَّعْنَ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَدْخَلَتْ عَائِشَةُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، فَصَارَتْ قَارِنَةً، ثُمَّ ذَبَحَ عَنْهُنَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْبَقَرَةَ، فَأَكَلْنَ مِنْ لُحُومِهَا. قَالَ أَحْمَدُ قَدْ أَكَلَ مِنْ الْبَقَرَةِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ خَاصَّةً. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، أَنْ يَحِلَّ، فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْت: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَزْوَاجِهِ".

الشيخ: دُخل عليهم بالأكل، أكلن منه، وفيه دليل على أنه لا يلزمه إخبارهن؛ لأنه قام بمؤونتهن، ولا يلزم أن يستأذنهن، ذبحها عنهن [00:19:56]، وهذا فيه حجة ودليل على جواز الأكل من الهدي، وهذا هو المشهور الآن، والذي عليه الفتوى الآن، أما المؤلف فهو انتصر للمذهب الشافعي في هذا، اجتهد اجتهادًا، وهو قول كما هو معروف، قول الشافعي، أنه لا يأكل من أي شيء واجب، وهدي التمتع وهدي القران واجب، فلا يأكل منه، هكذا قال المؤلف -رحمه الله-، وإنما يأكل من هدي التطوع، لذا قال: (بَابُ الْأَكْلِ مِنْ لَحْمِ الْهَدْيِ إِذَا كَانَ تَطَوُّعًا).

مداخلة: "وَرَوَى أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَبَحَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً». وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَأَكَلَ هُوَ وَعَلِيٌّ مِنْ لَحْمِهَا، وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُمَا دَمَا نُسُكٍ، فَأَشْبَهَا التَّطَوُّعَ، وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَ جَزَاءَ الصَّيْدِ".

الشيخ: لا يؤكل من غيرهما، من غير هدي التمتع، يعني ما وجب إذا ترك واجبًا من الواجبات، ترك رمي الجمار، أو ترك الإحرام من الميقات، وجب عليه دم، ولا يأكل منه.

مداخلة: وذكر في الفصل الذي بعده: "استحباب الأكل من هدي التطوع".

الشيخ: نعم، قال إنه يُستحب ... ماذا قال؟

مداخلة: قال: "فَصْلٌ: فَأَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ بِالتَّعْيِينِ ابْتِدَاءً، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَمَا نَحَرَهُ تَطَوُّعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِبَهُ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾[الحج:36]. وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ. وَلِأَنَّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَكَلَ مِنْ بُدْنِهِ.

وَقَالَ جَابِرٌ: «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا. فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا بَأْسَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا نَحَرَ الْبَدَنَاتِ الْخَمْسَ. قَالَ: «مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ». وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُنَّ شَيْئًا.

وَالْمُسْتَحَبُّ، أَنْ يَأْكُلَ الْيَسِيرَ مِنْهَا، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَهُ الْأَكْلُ كَثِيرًا وَالتَّزَوُّدُ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ. وَتُجْزِئُهُ الصَّدَقَةُ بِالْيَسِيرِ مِنْهَا، كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ الْمَشْرُوعَ لِلصَّدَقَةِ مِنْهَا، كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ".

الشيخ: والعلماء يقولون: وإن أكلها كلها إلا أوقية جاز، فإذا أكلها كلها يجب أن يخرج بمقدار أوقية.

والحاصل أن الصواب في هذا أن له أن يأكل من هدي التمتع والقران، أما هدي التطوع فيستحب، هدي التطوع ما فيه إشكال، ما فيه خلاف، الخلاف في هدي التمتع والقران، هل يأكل منه أو لا يأكل منه؟

مذهب الحنابلة والأحناف أنه يأكل، والشافعي كذلك، المالكية ماعدا جزاء الصيد والنذر والكفارة.

وبهذا يتبين أن المؤلف -رحمه الله- اختار أحد الأقوال في هذا، وله اختياره -رحمه الله- واجتهاده.

قارئ المتن: بَابُ الْهَدْيِ يَضِلُّ فَيُنْحَرُ مَكَانَهُ آخَرُ، ثُمَّ يُوجَدُ الْأَوَّلُ

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَاقَتْ بَدَنَتَيْنِ، فَأَضَلَّتْهُمَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بَدَنَتَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ وَجَدْتُ الْبَدَنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَنَحَرَتْهُمَا أَيْضًا، ثُمَّ قَالَتْ هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الْبُدْنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَاقَتْ عَائِشَةُ بَدَنَتَيْنِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً.

الشيخ: ماذا قال عليه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهوية، والدارقطني والبيهقي".

شرح الشيخ: قال: "إسناده صحيح، في السنن الكبرى للبيهقي من طريق هشام.

وهذا فيه أن عائشة ساقت بدنتين، يعني ناقتين، (فَأَضَلَّتْهُمَا) يعني ضاعتا، (فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ) وهي خالته، عبد الله بن الزبير، (بَدَنَتَيْنِ).

يعني كأنها أرسلت بهما من المدينة، كأن هذا يحتمل كان في زمن خلافة عبد الله بن الزبير، فلما ضاعا -البدنتين-، أرسل إليها عبد الله بن الزبير -وهي خالته- بدنتين أخريين، فنحرتهما مكانهما.

(ثُمَّ وَجَدْتُ الْبَدَنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَنَحَرَتْهُمَا أَيْضًا) صارت نحرت أربعًا.

(ثُمَّ قَالَتْ هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الْبُدْنِ)، البُدن جمع بدَنة.

فيصح بهذا استدلال المؤلف -رحمه الله- أن الهدي إذا ضل فينحر مكانه آخر، فإذا وجد الأول نحره أيضا، فإذا أرسل بالهدي ثم ضاع يُبدله بغيره، وإذا وجد الذي ضاع ينحره معه، ينحر الأول والثاني.

مداخلة: يجب عليه أن يذبح الثانية؟

الشيخ: نعم، لأنها مُعيَّنة في الأول، ما دام عيَّنه، قالت: (هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الْبُدْنِ)، لم ساقتهما؟ ساقتهما للفقراء، ساقتهما ليُذبحا في مكة، لكن ضاعا، ثم وجدتهما، فذبحتهما، هذا هو الغرض من سياقهما، ولكن لما أهدى إليها بدنتين، نحرتهما أيضًا، ثم وجدت البدنتين الأوليين، فنحرتهما أيضًا، لذا قال المؤلف: (بَابُ الْهَدْيِ يَضِلُّ) يعني يضيع، (فَيُنْحَرُ مَكَانَهُ آخَرُ، ثُمَّ يُوجَدُ الْأَوَّلُ)، فماذا يعمل؟ ينحر الأول مع الثاني كما فعلت عائشة -رضي الله عنها-، والحديث في الصحيح.

قارئ المتن: بَابُ صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ

الشيخ: بركة، قف على هذا، وفق الله الجميع.  

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد