الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
قارئ المتن: بَابُ صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَثُرَتِ الْمَقَالَةُ مِنَ النَّاسِ،
الشيخ: كثرُت القالة عندك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: تصحيف هذا فيه زيادة المقالة، لا، صوبها (القالة).
مداخلة: عندنا المقالة.
الشيخ: خطأ، وقد يكون له وجه، ليس ببعيد، مقالة من قالة.
مداخلة: قال: "في المطبوع المقالة".
الشيخ: طيب، كثرت القالة، نعم.
قارئ المتن: كَثُرَتِ الْقَالَةُ مِنَ النَّاسِ، فَخَرَجْنَا حُجَّاجًا حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَنْ نَحِلَّ إِلَّا لَيَالِي،
الشيخ: حتى! ناصر يقول فلا قدر الكلمة؛ حتى لم يكن؟
مداخلة: قال: "بياضٌ في الأصل، وفي المطبوع، وكُتب بهامش الأصل: يُنظر. وأتممته من مستدرك الحاكم".
الشيخ: إذن يُنظر القالة والمقالة، هذه جاءت في بعض الروايات؟ المقالة؟ نعم.
قارئ المتن: كَثُرَتِ الْقَالَةُ مِنَ النَّاسِ، فَخَرَجْنَا حُجَّاجًا حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَنْ نَحِلَّ إِلَّا لَيَالٍ قلائل، أُمِرْنَا بِالْإِحْلَالِ، فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى عَرَفَةَ وَفَرْجُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا،
شرح الشيخ: (أُمِرْنَا) والآمر هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قارئ المتن: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى عَرَفَةَ وَفَرْجُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا،
شرح الشيخ: المعنى أنهم تحللوا من العمرة، النبي قِدم في اليوم الرابع من ذي الحجة، وخرجوا إلى منى، أحرموا بالحج المحلين في اليوم الثامن، أربعة أيام، فلما تحللوا بلبس الثياب، وتطيبوا، وجامعوا النساء، استغربوا، استنكروا هذا، لأنهم في الجاهلة لا توجد عمرة في وقت الحج، وقت الحج للحج فقط، يُحرم الإنسان في أيام الحج، هو يُحرم من شوال، ولا يتحلل إلا يوم العيد، فاستنكروا هذا، قالوا: يا رسول الله، كيف هذا؟ ما بيننا وبين عرفة إلا أربع ليالي، نتحلل!
وقتٌ قصير يعني، يذهب أحدنا إلى عرفة وذكره يقطر منيًا بمعنى أنه تحلل قريبًا وجامع، ما مضى عليه مُدة، واغتسل، وذهب وأحرم بالحج، استنكروا هذا، لأنهم كانوا في الجاهلية يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، قالوا: لا توجد عمرة في أشهر الحج، حتى ينسلخ شهر صفر، إذا عفا الأثر، وبرأ الدبر، الجروح التي تكون في ظهر البعير يداوونها، مضى ذو الحجة، ومضى محرم، وانسلخ شهر صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، وهذه أشهر الحج ليس فيها عمرة، استنكروا هذا، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «افعلوا ما آمركم به، لولا أن معي الهدي لأحللت» [00:04:05] إلى عرفة وفرجه يقطر منيا، أي أنه حديث عهدٍ بالتحلل والجماع، وإلا هو أحرم بالحج، أحرموا بالحج في اليوم الثامن.
قارئ المتن: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: «أَبِاللَّهِ تُعْلِّمُونِي أَيُّهَا النَّاسُ! فَأَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ هَدْيًا، وَلَحَلَلْتُ كَمَا أَحَلُّوا ...»
شرح الشيخ: يعني لو علمت أنكم تتوقفون لما سقت الهدي، حتى أتحلل وتقتدون بي وتتحللون، لكن معي الهدي، فلا أحل حتى أنحر.
قارئ المتن: «... فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَمَنْ وَجَدَ هَدْيًا فَلْيَنْحَرْ فَكُنَّا نَنْحَرُ الْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ».
الشيخ: الحديث أصله في مسلم.
مداخلة: قال: أخرجه مسلم، والحاكم، والبيهقي.
شرح الشيخ: أصله في صحيح مسلم، حديث جابر الطويل، لكن فيه اختلاف في بعض الألفاظ، قال في بعض الروايات: «فلولا معي الهدي لأحللت»، وتأسى، قال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت هديًا»، يعني لو علمت أنكم في المستقبل تتوقفون، أو يُشكل عليكم الأمر، لما سقت الهدي، وتحللت، حتى تشاهدوني تحللت، وتأتمون بي.
(وَمَنْ وَجَدَ هَدْيًا فَلْيَنْحَرْ): يعني من كان معه هدي فلينحره، ومن لم يكن معه هدي، ولم يجد الهدي فليصم عشرة أيام، ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجعتم، كما قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾[البقرة:196]، هنا يقول [00:06:27] رواه مسلم من طريق ابن جريج عن عطاء، وليس فيه ذكر الصيام، ماذا قال عندك في التخريج؟
مداخلة: قال: صحيحٌ، أخرجه مسلم، والحاكم، والبيهقي".
ونقل عن النووي في شرح مسلم، قال: "قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ» هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ لَوْ فِي التَّأَسُّفِ عَلَى فوات أمور الدِّينِ وَمَصَالِحِ الشَّرْعِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي أَنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّأَسُّفِ عَلَى حُظُوظِ الدُّنْيَا وَنَحْوِهَا".
الشيخ: والاعتراض على القدر، (لو) في تمني الخير لا بأس بها: لو عملت درسًا في المسجد لحضرت؛ هذا تمني الخير، لا بأس، ما فيه شيء، والأدلة كثيرة، إنما الممنوع إذا كانت للاعتراض على القدر، «لا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان»، لأمور الدنيا التأسف، وكذلك الاعتراض على القدر.
قارئ المتن: وَقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ يَوْمَئِذٍ فِي أَصْحَابِهِ غَنَمًا فَأَصَابَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ تَيْسًا فَذَبَحَهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمَّا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ أَمَرَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَقَامَ تَحْتَ ثَدْيِ نَاقَتِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْرُخْ: أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ تَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: الشَّهْرُ الْحَرَامُ. قَالَ فَهَلْ تَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: الْبَلَدُ الْحَرَامُ. قَالَ: فَهَلْ تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: الْحَجُّ الْأَكْبَرِ.
شرح الشيخ: (اصْرُخْ): المراد: ارفع صوتك، (هَلْ تَدْرُونَ): هل تعلمون، (أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟) ... أو الجملة مستقلة، أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ نعم.
قارئ المتن: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا وَكَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا وَكَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا».
شرح الشيخ: شهرٌ حرام، ويومٌ حرام، وبلدٌ حرام، الدماء والأموال والأعراض محرمة كما أن البلد محرم، والشهر محرم، واليوم محرم، «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا وَكَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا وَكَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا».
(كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا): وهو يوم العيد الأكبر، يوم الحج الأكبر، (في بَلَدِكُمْ هَذَا): مكة البلد الحرام، (في شَهْرِكُمْ هَذَا): في شهر ذي الحجة، شهرٌ حرام، يومٌ حرام، وبلدٌ حرام، وشهرٌ حرام، كذلك الدماء والأموال والأعراض.
قارئ المتن: فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّهُ، وَقَالَ حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ: «هَذَا الْمَوْقِفُ، كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ»، وَقَالَ حِينَ وَقَفَ عَلَى قُزَحٍ: «هَذَا الْمَوْقِفُ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ».
شرح الشيخ: (قُزَحٍ) يوم المزدلفة، هو جبلٌ صغير بُني عليه الجبل الآن، بجوار المسجد في مزدلفة، جبل قزح هذا هو الذي وقف عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، بُني عليه المسجد، وقال -صلى الله عليه وسلم-: لا يلزم أن يقف الإنسان في هذا المكان، كل مزدلفة مكان للوقوف، أي مكان من أرض مزدلفة، اتجه إلى القبلة وادعُ الله، في أي مكان.
كما أن عرفة، النبي وقف تحت جبل الصخرات، قال: "وقفت هنا وعرفة كلها موقف"، أي مكان من هذه الأرض فموقف، والحمد لله، الأمر واسع، وقال حين وقف بعرفة ...
قارئ المتن: وَقَالَ حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ: «هَذَا الْمَوْقِفُ، كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ»، وَقَالَ حِينَ وَقَفَ عَلَى قُزَحٍ: «هَذَا الْمَوْقِفُ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ».
شرح الشيخ: هنا الشيخ الألباني قال: "إسناده حسن"، الشيخ ناصر الدين، قال الهيثمي: "رواه الطبراني في [الكبير]، ورجاله ثقات، وورد في [00:11:00] مسلم"، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "مُعلق، أخرجه أحمد مختصرًا جدًّا، والطبراني في الكبير مختصرًا، يُنظر [مجمع الزوائد]".
الشيخ: معلق: قال ابن عطاء، قال ابن عباس، مُعلق؟
مداخلة: مُعلقٌ، أخرجه أحمد مختصرًا جدا، والطبراني في الكبير مختصرًا".
الشيخ: وهذا ثابت، المقصود أن هذا المعنى ثابت في الأحاديث الصحيحة [00:11:34] أن المتمتع إذا لم يجد الهدي يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة بعد الحج.
قارئ المتن: بَابُ حَلْقِ الرَّأْسِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النَّحْرِ أَوِ الذَّبْحِ، وَاسْتِحْبَابِ التَّيَامُنِ فِي الْحَلْقِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ شَعْرَ بَنِي آدَمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ بَعْدَ الْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ
أَخْبَرَنَا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المسلَّم السُّلمي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أحمد بن مُحَمَّد، قَالَ أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ الإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْماعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اَلْصّابُونيِّ قِراءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طاهِرِ مُحَمَّدِ بْنُ الفَضْلِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاقَ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ:
شرح الشيخ: المؤلف (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاقَ بْنُ خُزَيْمَةَ)، هذا المؤلف، وقبله أبو طاهر، وقبله أبو عُثمان.
قارئ المتن: قَالَ: لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرِ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَ النَّاسِ.
شرح الشيخ: نعم، يعني شعره -صلى الله عليه وسلم-، فكان يُقسِّم على الناس شعرةً شعرة -أبو طلحة- للتبرك بشعره -صلى الله عليه وسلم-، لأن الله -سبحانه وتعالى- جعل فيه البركة في جسده وما لامس جسده، وهذا خاصٌّ به -صلى الله عليه وسلم-، لا يُقاس عليه غيره، فليس غيره مثله، ولذلك الصحابة ما تبركوا بأبي بكر ولا عمر ولا غيرهم، ولا أخذوا من شعرهم ولا ...
هذا خاصٌّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، شعره يُقسَّم، ووضوؤه يأخذ الناس القطرات، كانوا يقتتلون عند قطرات وضوئه كما قال بعض المشركين لما رأى الصحابة، وإذا تنخم كان في كف واحدٍ منهم، فدلك به جسده، ولما نام عند أم سليم، كان بينه وبينها محرمية، وعرِق، سلتت عرقه وجعلته في قارورة، فقالت: "إنه لأطيب الطيب"، هذا خاصٌّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولأن فعله مع غيره من وسائل الشرك، هذا خاصٌّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، التبرك بشعره ووضوئه وما لامس جسده.
وجاء أن أم سلمة كان عندها شيء من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-، كانوا يتبركون به في ذلك الوقت، ويزعُم بعض الناس، يقولون إنه يوجد شيء من هذا، بعيد عن الحقيقة، في تركيا وفي غيرها، يقولون هناك شيء من شعر النبي وكذا، لكن هذا ليس بصحيح، المدة طويلة، والحوادث كثيرة التي حالت بين ... قالوا ماذا؟ شعر؟ يدَّعون، يزعمون، هذه دعوى؟
مداخلة: [00:15:15]
الشيخ: جعلوه في متحف، قالوا [00:15:22]، صار وسيلة لجلب المال، كسب المال، سيحتالون على جلب المال بطرق متعددة.
تخريجه، رواه الإمام مسلم من طريق سفيان.
مداخلة: نعم، قال: "صحيح، أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي".
الشيخ: هنا الشيخ اقتصر على مسلم، (لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرِ ...).
فيه ما ترجم له المؤلف من أن الحلق يكون بعد الذبح، هذا هو السنة، والأفضل، تُرتب أعمال يوم العيد:
- رمي جمرة العقبة.
- ثم حلق الرأس والتقصير.
- ثم الذبح.
- ثم الطواف.
الأحناف أوجبوا هذا، وقالوا: "من لم يرتب فعليه دم"، لو حلق قبل أن يذبح عليه دم، شاة يذبحها، والصواب أنه ليس عليه شيء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما سئل عن شيءٍ قُدِّم أو أُخِّر إلا قال: «افعل ولا حرج»، قالوا: هذا خاص بالذي لا يعلم، الترتيب سنة مؤكدة.
وفيه التيمن في الحلق كما قال المؤلف في الترجمة أنه في الأول حلق شقه الأيمن، بدأ بشقه الأيمن ثم ناوله الشق الأيسر.
وفيه أيضًا من الترجمة أن شعر بني آدم ليس بنجس، بل يحق له التقصير، أخذ المؤلف هذا من كونه أعطى أبا طلحة شعره يُقسمه بين الناس.
لكن قد يقول بعض الناس: إن هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، أما غيره فيكون نجس.
فنقول: لا، ليس بصحيح، النبي -صلى الله عليه وسلم- من بني آدم، وقال في الحديث الآخر: «إن المؤمن لا ينجس»، لما لقي أبا هريرة وخنس، كان عليه جنابة، أخبره، قال: «إن المؤمن لا ينجس»، شعر بني آدم ليس بنجس، وابن آدم ليس بنجس، طاهر عرقه، النجاسة في البول والغائط والدم.
أما الحيوانات مأكولة اللحم كلها طاهرة، بولها، وعرقها، وروثها، كلها طاهرة على الصحيح، ذهب الشافعية إلى أن بول الإبل وغيرها نجس، أخذًا بعموم: «استنزهوا من البول»، رُد عليهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر العرنيين أن يشربوا من أبوال الصدقة وألبانها، ولم يقل: واغسلوا أفواهكم فإنها نجسة! ولو كان فيها نجاسة، كيف يأمرهم أن يشربوا البول وهو نجس؟
قارئ المتن: بَابُ فَضْلِ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَاخْتِيَارِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَإِنْ كَانَ التَّقْصِيرُ جَائِزًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ. قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «وَالْمُقَصِّرِينَ».
والحديث أصله في مسلم، ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم".
الشيخ: وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا للمحلقين ثلاثًا، ودعا للمقصرين واحدة، فدل على أن الحلق أفضل.
بعض الناس ما يحلق، بعض الشباب وغيرهم تقول له: احلق. يقول: لا، أنا أريد الشعر. تقول له: إذا تريد ثلاث دعوات من النبي -صلى الله عليه وسلم- احلق، تريد دعوة واحدة قصر. ثلاث دعوات للمحلقين.
سؤال: [00:20:09]
الشيخ: دعوات، دعا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، هل هو أفضل؟ الله أ‘لم، لكن الحلق فيه زيادة أجر وثواب، ولهذا دعا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثًا، يقول المؤلف: (بَابُ فَضْلِ الْحَلْقِ ... عَلَى التَّقْصِيرِ)، وليس ببعيد أن يكون دعوات ثلاث دليل على أنه مضاعف ثلاث مرات.
قارئ المتن: بَابُ تَسْمِيَةِ مَنْ حَلَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي حَلَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
الشيخ: ما تخريج الحديث؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد والبخاري من طريق محمد بن بكر به، وأخرجه أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي من طرق عن ابن عمر".
الشيخ: أعد.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ،
الشيخ: بكر أم بُكير؟
مداخلة: عندي (بكر)، وقال في الحاشية: في الأصل (بُكير)، وهو تصحيف، انظر تهذيب الكمال.
الشيخ: طيب، صحح بكر، تُشطب الياء.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي حَلَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قوله: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الْآمِرِ كَمَا تُضِيفُهُ إِلَى الْفَاعِلِ، إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَتَوَلَّ حَلْقَ رَأْسِ نَفْسِهِ بِيَدِهِ بَلْ أَمَرَ غَيْرَهُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَأُضِيفَ الْفِعْلُ إِلَيْهِ إِذْ هُوَ الْآمِرُ بِهِ.
شرح الشيخ: يعني يريد المؤلف أن يبين قوله إن النبي -صلى الله عليه وسلم- حلق يوم العيد يعني أمر، أمر أن يحلقه الحلاق ناوله الشق الأيمن، وقال له، ثم ناوله الشق الأيسر، نقول هذا معروف، أن الفعل يُضاف إلى الفاعل ويضاف إلى الآمر، يُقال: إن معمر حلق النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقال: النبي -صلى الله عليه وسلم- حلق؛ فيُضاف الحلق إلى معمر لأنه تولى الحلق، ويضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه الآمر بذلك، قال: (مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الْآمِرِ كَمَا تُضِيفُهُ إِلَى الْفَاعِلِ)، يعني فائدة يُنبه عليها المؤلف -رحمه الله-.
مداخلة: [00:23:54]
الشيخ: أي حديث؟
مداخلة: [00:23:59]
الشيخ: صحيح، في الصحيحين، ماذا قال على البخاري؟
مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم"، لكن ...
الشيخ: نص على معمر بن عبد الله بن نضلة؟
مداخلة: ما وجدت في البخاري ذِكر معمر بن عبد الله.
الشيخ: طيب في مسلم نص على معمر؟
مداخلة: ما وجدت، لعله يقصد البخاري ومسلم أول الحديث فقمداخلة: (حَلَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ).
الشيخ: (وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي حَلَقَ ...)، الترجمة: (تَسْمِيَةِ مَنْ حَلَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ)، هذا فقه الترجمة، (حَلَقَ النَّبِيَّ) ما فيه إشكال، لكن الترجمة: (تَسْمِيَةِ مَنْ حَلَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
مداخلة: في [فتح الباري] قال: "تَنْبِيه: أَفَادَ ابن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ مُتَّصِلًا بِالْمَتْنِ الْمَذْكُورِ قَالَ: وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي حَلَقَهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ، وَبَيَّنَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَاف أَن قَائِل وَزَعَمُوا بن جُرَيْجٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ".
الشيخ: يعني الحافظ ينقل عن ابن خزيمة.
مداخلة: أن آخر الحديث من قول ابن جريج: "وَبَيَّنَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَاف أَن قَائِل وَزَعَمُوا بن جُرَيْجٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ".
الشيخ: المشكل تسمية معمر بن عبد الله بن عوف ما مر في متن البخاري.
مداخلة: ذكر نفس التعبير.
الشيخ: نعم، تكون تسمية ابن جريج، وابن جريج ممن أخذه؟ ما فيه أنه أخذه عن موسى بن عقبه.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَظَافِرَ إِذَا قُصَّتْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمَيْتَةِ، وَلَا كَانَتْ نَجِسًا كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَا قُطِعَ مِنَ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ، وَخَبَرُ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»، عِنْدَ ذِكْرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَطْعِهِمْ أَلَيَاتِ الْغَنَمِ وَجَبِّهِمْ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ،
شرح الشيخ: (أَلَيَاتِ) يعني جمع إلية، منه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تقوم الساعة حتى تصطفق أَلَيَاتِ نساء دوس حول ذي الخلصة».
قارئ المتن: فَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابًا عَنْ هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ وَمَا يُشْبِهُهُمَا وَهُوَ فِي مَعَانِيهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشيخ: هذه الترجمة طويلة، أعد.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَظَافِرَ إِذَا قُصَّتْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمَيْتَةِ،
شرح الشيخ: الأظفار عندك؟ عندي الأظافر، الأصل هل تُجمع ظُفر على أظافر؟ ممكن أظافر وأظفار في القاموس في اللغة.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَظَافِرَ إِذَا قُصَّتْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمَيْتَةِ، وَلَا كَانَتْ نَجِسًا كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَا قُطِعَ مِنَ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ، وَخَبَرُ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»، عِنْدَ ذِكْرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَطْعِهِمْ أَلَيَاتِ الْغَنَمِ وَجَبِّهِمْ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ، فَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابًا عَنْ هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ وَمَا يُشْبِهُهُمَا وَهُوَ فِي مَعَانِيهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
شرح الشيخ: يعني يقول إن ما قُطع من البهيمة وهي حية ما يفعله أهل الجاهلية، من كونه يجب سنام الإبل ويأخذون شحمه وهي حية، هذا حكمه حكم الميتة، وكذلك قطع ألية الغنم، يأخذونها ويأخذون الشحم منها، هذا حكمه حكم الميتة.
أما الأظفار فهي طاهرة، وليست نجسة، كما أن شعر الإنسان طاهر، كذلك أظفاره طاهرة، ما يدخل في الحديث: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»، والآدمي ليس بهيمة، لا يدخل في البهيمة، هذا خاص بالبهيمة، «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»، الآدمي لا يدخل في هذا، شعره وأظفاره ما يكون حكمه حكم قطع سنام البعير، أو ألية الشاة، يختلف، هذا مقصود المؤلف -رحمه الله-.
(اسْتِحْبَابِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ) هذا يحتاج إلى دليل.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْمَنْحَرِ هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ، وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَأَعْطَاهُ صَاحِبَهُ. قَالَ: فَإِنَّهُ عِنْدَنَا مَخْضُوبٌ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ أَوْ بِالْكَتَمِ وَالْحِنَّاءِ.
الشيخ: ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه ابن سعد والحاكم في المستدرك، من طريق موسى بن إسماعيل عن أبانٍ به، وأخرجه أحمد من طريقٍ آخر عن أبانٍ به".
الشيخ: أخرجه أحمد بن موسى من طريق أبان العطار، أعد.
مداخلة: "صحيح، أخرجه ابن سعد والحاكم في المستدرك، من طريق موسى بن إسماعيل عن أبانٍ به، وأخرجه أحمد من طريقٍ آخر عن أبانٍ به؛ انظر مجمع الزوائد".
الشيخ: والشاهد فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قلَّم أظفاره وأعطاه صاحبه.
قوله: (فَإِنَّهُ عِنْدَنَا مَخْضُوبٌ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ أَوْ بِالْكَتَمِ وَالْحِنَّاءِ): هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- ما خضب، لأنه -صلى الله عليه وسلم- ما شاب، قال أنس: "في رأسه ولحيته عشرون شيبة"، الذي خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم، أما النبي -صلى الله عليه وسلم- ما خضب، لكنه -صلى الله عليه وسلم- يتطيب، يستعمل الطيب كثيرًا، فيؤثر على شعره بالحُمرة، فيظن بعض الناس أنه خضب، هو ما خضب -صلى الله عليه وسلم-، ما بلغ الشيب حتى يخضب، وإنما يستعمل الطيب، من كثرة استعماله للطيب، وحبه للطيب، قال: «حُبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجُعلت قُرة عيني في الصلاة»، من استعماله للطيب كأنه خضب.
قوله: (فَإِنَّهُ عِنْدَنَا مَخْضُوبٌ) إشكال، ويحتمل أنه ظن أنه مخضوب وهو ليس بمخضوب، لكن قوله (بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ)! ماذا قال عليه؟ اللفظ هذا يحتاج إلى أن يُراجع.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيِّدٍ الدَّرَامِيُّ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ،
(حَبَّانُ)؟ في النسخة (حَسَّانُ)!
مداخلة: قال في المطبوع حسان، وهو تحريف، انظر تهذيب التهذيب، والإتحاف.
الشيخ: حبان بدل حسان؟ هذه نسخة الفحل؟
مداخلة: نعم.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ح وحَدَّثَنَا الدَّرَامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ الدَّرَامِيُّ: فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ غَيْرُ عَبْدِ الصَّمَدِ.
شرح الشيخ: وتخريجه هو الحديث السابق، نفس الحديث السابق، يبقى فيه إشكال في قوله إنه مخضوب بالكتم، قد يقال إن بعض الناس يظن أنه خضبه، أو أن هناك مقال لبعض العلماء، لكن المعروف أنه ما خضب -صلى الله عليه وسلم-، ما بلغ شيبه أن يُخضب، لأنه ما فيه شيب -صلى الله عليه وسلم-، شعرات قليلة، يُراجع هذا غدًا إن شاء الله.
قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ التَّطَيُّبِ يَوْمَ النَّحْرِ ...
قف على هذا، وفق الله الجميع.
الحديث يحتاج إلى ضبط اللفظة هذه.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.