شعار الموقع

سورة الصافات - 16

00:00
00:00
تحميل
77

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الرحيم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ({وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ‌‌(١٣٣) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)}).

الشيخ: آخر ما قرأت، {سلام على إل ياسين}، ماذا قال؟ محمد ماذا؟

الطالب: آخر عبارة قال: (سَلامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ" يَعْنِي: آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

الشيخ: كيف هذا؟ شوف عبارة ابن جرير، عندك ابن جرير ولا لا؟

الطالب: السمعاني ذكر هنا، وقوله: {سلام على إل ياسين}، وقيل: فيه قولان: أحدهما: أنه الرسول وآله، وهذا قول ضعيف؛ لأنه لم يسبق لهم ذكرًا.

الشيخ: من الذي قال هذا؟

الطالب: هذا السمعاني أحسن الله إليك.

الشيخ: السمعاني في الأنساب ولا في ماذا؟

الطالب: في التفسير.

الشيخ: في تفسير السمعاني؟

الطالب: نعم، أحسن الله إليك.

الشيخ: موجود التفسير؟

الطالب: لا، لكن أنا نسخت ...

الشيخ: تفسير السمعاني مطبوع؟

الطالب: في المكتبة الشاملة أحسن الله إليك.

الشيخ: كم...؟

الطالب: جزءان.

الشيخ: أعد.

الطالب: قال أحسن الله عملك: وأما قوله: {سلام على إل ياسين}، وقيل: فيه قولان: أحدهما: أنه الرسول وآله، وهذا قول ضعيف؛ لأنه لم يسبق لهم ذكر.

الشيخ: والقول الثاني؟ أنه لغة في إلياس وإل ياسين.

الطالب: وأما الثاني: إن معنى قوله: {إل ياسين}، هو قوله: إلياسين.

الشيخ: يعني لغة، يقال: آل ياسين، وإل ياسين، مثل: إسماعيل وإسماعين.

الطالب: كأنه قال: آل ياسين، فعبر بياسين عن إلياس، وباقي الآيتين قد بينت ذلك.

الشيخ: وهذا هو الأقرب، الأقرب أن هذا هو، لم يسبق ذكر لآل النبي، لكنا الأعجب أن الحافظ سكت، أتى بالقول الضعيف ولم يتعقبه، نعم.

الطالب: أبو حاتم أحسن الله عملك قال: عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {سلام على إل ياسين}، قال: نحن آل محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إل ياسين، هذا قول ابن عباس أحسن الله إليك، ذكره في الدر أحسن الله إليك.

الشيخ: لا بأس، ولكن هذا ثابت عن ابن عباس الآن؟ السند عن ابن عباس؟

الطالب: لا لم يثبت أحسن الله إليك، لكن ذكره في الدر مسند.

الشيخ: ليس بواضح.

الطالب: قال أحسن الله إليك: وقرأ ابن عامر ونافع ويعقوب: آل ياسين بالمد، والباقون إل ياسين بالقطع والقصر، فمن قرأ آل ياسين بالمد فإنه أراد آل محمد عن بعضهم، وقيل: أراد إلياس، وهو أليق بسياق الآية، ومن قرأ إل ياسين فقد قيل: إنها لغة في إلياس، مثل: إسماعيل وإسماعين، وميكائيل وميكائين.

الشيخ: هذا هو الأقرب، الأقرب أنها لغة.

الطالب: قال أحسن الله إليك في تفسير الطبري: وفي قراءة عبد الله بن مسعود سلام على إدراسين، دلالة واضحة على خطأ من قال: عني بذلك سلام على آل محمد، وفساد قراءة من قال: وإن إلياس، بالوصل أحسن الله إليك.

الشيخ: هذا في الطبري، ماذا يقول؟

الطالب: وفي قراءة عبد الله بن مسعود سلام على إدراسين، دلالة واضحة على خطأ من قال: عني بذلك سلام على آل محمد، وفساد قراءة من قرأ وإن إلياس.

الشيخ: يعني وإن إلياسين يعني لمن المرسلين.

الطالب: هذا على إدراسين أحسن الله إليك.

الشيخ: هذا كلام من؟

الطالب: هذا الطبري أحسن الله إليك.

الشيخ: هذا الطبري، لكنه عزاه لمن؟

الطالب: لم يعزوه أحسن الله إليك، ولعله في الصفحة التي كانت بعدها، وما نسختها أحسن الله إليك.

طالب: تبين أنها لغات؟

الشيخ: الأقرب نعم، الأقرب أنها لغات، ياسين ليس ذكر لمحمد، لكن الحافظ ذكر أقوال وما أطال فيها.

الطالب: هو ذكر هذه القراءة، قضية اللغة، إل ياسين.

الشيخ: ماذا قال؟

الطالب: قال: (وَقَوْلُهُ: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} أَيْ: ثَنَاءً جَمِيلًا.

{سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} كَمَا يُقَالُ فِي إِسْمَاعِيلَ: إِسْمَاعِينُ. وَهِيَ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ. وَأَنْشَدَ بَعْضُ بَنِي نُمَيْرٍ فِي ضَبِّ صَادَه.

يَقُولُ رَبّ السُّوقِ لَمَّا جِينَا ... هَذَا وربِّ الْبَيْتِ إسْرَائينا

وَيُقَالُ: مِيكَالُ، وَمِيكَائِيلُ، وَمِيكَائِينُ، وَإِبْرَاهِيمُ وَإِبْرَاهَامُ، وَإِسْرَائِيلُ وَإِسْرَائِينُ، وَطُورُ سَيْنَاءَ، وَطُورُ سِينِينَ. وَهُوَ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ، وَكُلُّ هَذَا سَائِغٌ.

وَقَرَأَ آخَرُونَ: "سَلَامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ"، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَآخَرُونَ: " سَلامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ" يَعْنِي: آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

الشيخ: اقتصر على هذا، الأقرب مثل ما سبق أنها لغة في ياسين، وأنه ليس ذكر لآل محمد.

الطالب: (وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ‌‌(١٣٣) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)}.

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ لُوطٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ هُوَ وَأَهْلُهُ، إِلَّا امْرَأَتَهُ فَإِنَّهَا هَلَكَتْ مَعَ مَنْ هَلَكَ مِنْ قَوْمِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَهْلَكَهُمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعُقُوبَاتِ، وَجَعَلَ مَحِلَّتَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ بُحَيْرَةً مُنْتِنَةً قَبِيحَةَ الْمَنْظَرِ وَالطَّعْمِ وَالرِّيحِ، وَجَعَلَهَا بِسَبِيلٍ مُقِيمٍ يَمُرُّ بِهَا الْمُسَافِرُونَ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ وَلِهَذَا قال: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} أَيْ: أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ بِهِمْ كَيْفَ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَتَعْلَمُونَ أَنَّ لِلْكَافِرِينَ أَمْثَالَهَا؟).

نسأل الله السلامة والعافية، هذه فيها العبر، {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ}[الصافات:137/138]، يمرون عليهم، {وإنها لبسبيل مقيم}، صباحًا ومساء، ومع ذلك لم يعتبروا، قال: {أفلا تعقلون}، أين عقولكم؟ ترتدعوا، وتعتبروا، وتعلموا أن المعاصي سبب العقوبات والدمار والهلاك، نعم.

({وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (١٤٨)}.

قَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ يُونُسَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ متَّى ونَسَبَه إِلَى أُمِّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ قِيلَ: «إِلَى أَبِيهِ»).

وفي حديث آخر: «من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب»؛ لأنه لا يمكن أن يقوله نبي هذا، من قال أنه دون النبي فهو كذاب، ما يبلغ بدرجة النبي، «من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب».

الطالب: يقصد هو الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ يقصد تفضيل الرسول على يونس؟

الشيخ: أي نعم، شخص قال: أنا خير من يونس بن متى، يفضل نفسه على يونس فهو كذاب، ولا يمكن أن يقول: هذا نبي.

طالب: لعله يقصد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من قال: أنا خير منه...

الشيخ: لالا، (من) من صيغ العموم، يعني أي شخص يقول: أنا خير من يونس بن متى فهو كذاب، لو كان يقصد الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال: محمد، ما قال: أنا.

الطالب: اللفظ قال: «ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى».

(وَقَوْلُهُ: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمُوَقَّرُ، أَيِ: الْمَمْلُوءُ بِالْأَمْتِعَةِ.

{فَسَاهَمَ} أَيْ: قَارَعَ {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} أَيِ: الْمَغْلُوبِينَ. وَذَلِكَ أَنَّ السَّفِينَةَ تَلَعَّبَت بِهَا الْأَمْوَاجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ، فَسَاهَمُوا عَلَى مَنْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ، لِتَخِفَّ بِهِمُ السَّفِينَةُ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ يُونُسَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُمْ يَضِنُّونَ بِهِ أَنْ يُلْقَى مِنْ بَيْنِهِمْ، فَتَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ وَهُمْ يَأْبَوْنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ).

يظنون من الظن، يعني يغلب على ظنه أنهم يلقونه، لما رأى أنه المراد ألقى ثيابه وسقط.

الطالب: هنا بالضاد يا شيخ من الضن، ضنوا به.

الشيخ: يضنون يعني يبخلون به، يعني لا يريدون أن يُلقى لشرفة ومكانته عندهم، مثل قوله: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾[التكوير:24].

(وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى حُوتًا مِنَ الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ أَنْ يَشُقَّ الْبِحَارَ، وَأَنْ يَلْتَقِمَ، يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَا يَهْشِمُ لَهُ لَحْمًا، وَلَا يَكْسِرَ لَهُ عَظْمًا. فَجَاءَ ذَلِكَ الْحُوتُ وَأَلْقَى يُونُسُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَذَهَبَ بِهِ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ كُلَّهَا. وَلَمَّا اسْتَقَرَّ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، حَسَبَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ وَرَجْلَيْهِ وَأَطْرَافَهُ فَإِذَا هُوَ حَيٌّ، فَقَامَ يُصَلِّي فِي بَطْنِ الْحُوتِ).

يمكن الحوت هذا يمكن بيت، يمكن أكبر من المسجد هذا، ضخم، يمشي ويتحرك مسافات، بعض السفن أكبر من المدينة، بعض الناس يقول: كيف يصلي في بطن الحوت؟ يعني سقف الحوت يضرب رأسه، لا، مسافة، ضخم الحوت، بعض الحيتان تكون عليه جزيرة، جزيرة تنبت على ظهره، تنبت عليها الأشجار وتوقد عليها النيران، فإذا أحس بالحرارة تحركت، صار كأنه زلزال، جزيرة على ظهر الحوت، فيونس عليه كان يصلي لو صح هذا، إذا صح هذا يصلي؛ لأنه يمشي، ويقول: وحسب أنه ميت، الله أعلم بحاله، هذه تحتاج إلى دليل، ثم قام يصلي ويمشي الله أعلم بهذا، لكن الحوت ضخم.

(وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِهِ: "يَا رَبِّ، اتخذتُ لَكَ مَسْجِدًا فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ").

هذا يحتاج إلى دليل، كل هذا يحتاج إلى دليل، كل هذا ما عزاه إلى أحد.

(وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا لَبِثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَقِيلَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ جُمْعَة قَالَهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ. وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، قَالَهُ أَبُو مالك).

ما دليلهم؟ ما عندهم دليل.

(وَقَالَ مُجَالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ: الْتَقَمَهُ ضُحًى، وَقَذَفَهُ عَشِيَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ).

الله أعلم بمقدار ذلك، والله أعلم بالوقت، كل هذه تخمين، ما عليها دليل.

(وَفِي شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

وَأنْتَ بفَضلٍ منْكَ نَجَّيتَ يُونُسًا ... وَقَدْ بَاتَ فِي أضْعَاف حُوتٍ ليَالِيا.

وَقَوْلُهُ: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ، قِيلَ: لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الرَّخَاءِ).

هذا لما تقدم له من العمل الصالح الذي كان نجاه الله بسببه.

(قَالَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ، ووهَب بْنُ مُنَبِّه، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَنُورِدُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ. وَفِي حَدِيثٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «تَعَرف إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ».

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالسُّدِّيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} يَعْنِي: الْمُصَلِّينَ.

وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُصَلِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ فِي جَوْفِ أَبَوَيْهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} هُوَ قَوْلُهُ: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ:٨٧، ٨٨]، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ: أَنَّ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ حَدّثه: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ أَنْسًا يَرْفَعُ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- «أَنَّ يُونُسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْكَلَمَّاتِ، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَأَقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ تَحُفُّ بِالْعَرْشِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، هَذَا صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ غَرِيبَةٍ؟ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: يَا رَبِّ، وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدِي يُونُسُ. قَالُوا: عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ، وَدَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ؟ قَالُوا: يا رب، أو لا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ فتنجِّيه فِي الْبَلَاءِ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ بالعرَاء».

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، بِهِ زَادَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو صَخْرٍ حُمَيد بْنُ زِيَادٍ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ قُسيَط وَأَنَا أُحَدِّثُهُ هَذَا الْحَدِيثَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: طُرِحَ بِالْعَرَاءِ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْيَقْطِينَةَ. قُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَا الْيَقْطِينَةُ، قَالَ: شَجَرَةُ الدُّباء. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَهَيَّأ اللَّهُ لَهُ أرْويَّة وَحْشِيَّةً تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ -أَوْ قَالَ: هَشَاشِ الْأَرْضِ-قَالَ: فَتَتَفشَّح عَلَيْهِ فَتَرْويه مِنْ لَبَنِهَا كُلَّ عَشيَّة وبُكرةٍ حتى نَبَت.

وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي ذَلِكَ بَيْتًا مِنْ شِعْرِهِ:

فَأَنْبَتَ يَقْطينًا عَلَيه برَحْمَةٍ ... مِن اللَّهِ لَولا اللهُ أُلْفِيَ ضَاحيا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَسْنَدًا مَرْفُوعًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ "الْأَنْبِيَاءِ".

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَنَبَذْنَاهُ} أَيْ: أَلْقَيْنَاهُ {بِالْعَرَاءِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ: وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ بِهَا نَبْتٌ وَلَا بِنَاءٌ. قِيلَ: عَلَى جَانِبِ دِجْلَةَ. وَقِيلَ: بِأَرْضِ الْيَمَنِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

{وَهُوَ سَقِيمٌ} أَيْ: ضَعِيفُ الْبَدَنِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَهَيْئَةِ الصَّبِيِّ: حِينَ يُولَدُ، وَهُوَ الْمَنْفُوسُ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ زَيْدٍ أَيْضًا.

{وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} قَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَهِلَالُ بْنُ يَسَاف وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا كُلُّهُمْ: الْيَقْطِينُ هُوَ الْقَرْعُ.

وَقَالَ هُشَيم، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير: كُلُّ شَجَرَةٍ لَا سَاقَ لَهَا فَهِيَ مِنَ الْيَقْطِينِ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: كُلُّ شَجَرَةٍ تَهْلِك مِنْ عَامِها فَهِيَ مِنَ الْيَقْطِينِ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقَرْعِ فَوَائِدَ، مِنْهَا: سُرْعَةُ نَبَاتِهِ، وتظليلُ وَرَقِهِ لِكِبَرِهِ، وَنُعُومَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا الذُّبَابُ، وَجَوْدَةُ أَغْذِيَةِ ثَمَرِهِ، وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ نَيِّئًّا وَمَطْبُوخًا بِلُبِّهِ وَقِشْرِهِ أَيْضًا).

هذا من الحكمة أن الله تعالى ألقاه فأنبت له الشجرة؛ لأن هذه الشجرة لا يقع عليها حشرة من الحشرات، ولأن جسمه ضعيف، لا يتحمل، لبث في الحوت مدة طويلة، وخرج فصار جسمه رقيق جدًا، أرق من جسم الصبي الجنين، فصار ما يتحمل أي شيء، إذا وقعت عليه حشرة جرحته، فالله تعالى أنبت هذه الشجرة حتى يتعود جسمه على الهواء، ويصلب، وبعد ذلك ينتقل من هذا المكان، والله تعالى لطيف بعباده.

(وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبّ الدُّبَّاء، وَيَتَتَبَّعُهُ مِنْ حَوَاشي الصَّحْفة).

وكان أنس رضي الله عنه يقول: رأيت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتتبع الدباء فآخذه وأجمعه عنده، فما زلت أحب الدباء من يومئذ، الدباء القرع، القرع النجدي الطويل هذا، هذا هو الدباء.

طالب: هل من السنة أكله؟

الشيخ: أنس يحب ما يحبه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والسنة تثبت بالقول أو بالحث، هذا فعل من أفعال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} رَوَى شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ رِسَالَةُ يُونُسَ بَعْدَ مَا نَبَذَهُ الْحُوتُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ عَنْ شَهْرٍ، بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِدٍ: أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ.

قُلْتُ: وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ أَوَّلًا أُمِرَ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحُوتِ، فَصَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ وَآمَنُوا بِهِ. وَحَكَى الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى أُمَّةٍ أُخْرَى بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحُوتِ، كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ.

وَقَوْلُهُ: {أَوْ يَزِيدُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-: بَلْ يَزِيدُونَ، وَكَانُوا مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا.

وَعَنْهُ: مِائَةَ أَلْفٍ وَبِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَعَنْهُ: مِائَةَ أَلْفٍ وَبِضْعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَزِيدُونَ سَبْعِينَ أَلْفًا.

وَقَالَ مَكْحُولٌ: كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَعَشَرَةَ آلَافٍ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ البَرْقي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيرًا عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا الْعَالِيَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} ، قَالَ: «يَزِيدُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا».

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْر، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ زُهَير، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، بِهِ، وَقَالَ: غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرٍ، بِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: مَعْنَاهُ إِلَى الْمِائَةِ الْأَلْفِ، أَوْ كَانُوا يَزِيدُونَ عِنْدَكُمْ، يَقُولُ: كَذَلِكَ كَانُوا عِنْدَكُمْ.

وَهَكَذَا سَلَكَ ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا مَا سَلَكَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [الْبَقَرَةِ:٧٤] ، وَقَوْلِهِ {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النساء:٧٧] ، وقوله: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النَّجْمِ:٩] أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ أَزْيَدُ.

وَقَوْلِهِ: {فَآمَنُوا} أَيْ: فَآمَنَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ يُونُسُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، جَمِيعُهُمْ. {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} أَيْ: إِلَى وَقْتِ آجَالِهِمْ، كَقَوْلِهِ: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يُونُسَ:٩٨]).

الشيخ: عندك زيادة على ما في هذه الآية؟

الطالب: لا أحسن الله إليك.

الشيخ: الأخضر هو الطويل، هذا هو اليقطين، الأخضر الصغير النجدي، هو الذي كان العرب يأخذون اللب الذي فيه ويضعون فيه شراب، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى، نهى عن الدباء، نهى عن المقير والنقير، كان العرب يجعلون العصير في هذه الأوعية الصلبة، الدباء، يأخذون له كذا، ويأخذوه يابسًا فيصير صلبًا، أو في الجذع، فيتخمر ولا يدرون عنه، فنهى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: «لا تنبذوا في الأوعية الصلبة، انبذوا في الجلد»، الجلد إذا نبذ فيه وتخمر تشقق، فلما استقر الإسلام قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «انتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا الخمر»، لما استقر الإسلام في قلوب الناس وعرفوا نُهي، نسخ النهي، في أول الإسلام نهوا عن العصير، كانوا يعصرون التمر ويسمونه نبيذ، يعني ينبذون من التمر ومن العسل، والكل يسمى أنبذة، ومنه حديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان في سفر فقال: «انزل فاجدح لنا»، يعني يحرك السويق بالماء، يستلذون عند الإفطار، ما يكون حالي، فالعرب كانوا ينبذون، ويتركونه في الحر حتى يتخمر، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن الانتباذ في الأشياء الصلبة، النقير والمقير، ومنه الدباء، الدباء يأخذون اللب الذي فيه، ويبقى صلبًا، فيجعلون فيها نبيذ، نهى عن ذلك حتى لا يتخمر، بعد ثلاثة أيام يتخمر ويشربونه، قال: «ولكن انبذوا في الأوعية»، الأوعية هي الأسقية من الجلد، فإنها إذا تخمرت تشققت، فعرفوا أنها...ثم لما استقر الإسلام وعرفوا الحكم الشرعي نسخ النهي، قال: «انتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا».

الطالب: أحسن الله إليك، القرع الأصفر قشرته قوية جدًا خلاف الأخضر.

الشيخ: تترك حتى ييبس، يأخذون اللب ويتركونه ييبس، وأيضًا في الحال يتركونها تيبس أي: تشتد، ثم ينتبذون فيها، ما هو في الحال.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد