قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ التَّطَيُّبِ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الْحَلْقِ وَقَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ التَّطَيُّبَ مَحْظُورٌ حَتَّى يَزُورَ الْبَيْتَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: -وَبَسَطَتْ يَدَهَا-
الشيخ: يديها؟ هذه النسخة (يَدَهَا).
مداخلة: قال: "في المطبوع (يَدَهَا)، وأثبت (يديها).
الشيخ: (وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا)، نعم.
قارئ المتن: قالت: أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِيَّ هَاتَيْنِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.
الشيخ: تخريجه؟
مداخلة: قال: "سبق تخريجه".
الشيخ: نعم، قال في الصحيحين.
قالت: (أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِيَّ هَاتَيْنِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ)؛ يعني مرتين:
المرة الأولى قبل الإحرام، لما اغتسل تطيب، ثم أحرم.
المرة الثانية بعد التحلل من الإحرام، قبل الطواف بالبيت.
المؤلف يرد على من قال: إن (التَّطَيُّبَ مَحْظُورٌ حَتَّى يَزُورَ الْبَيْتَ)، يعني حتى يطوف.
المالكية يرون أنه لا يتطيب حتى يطوف بالبيت، لكن الحديث صريح في أن عائشة طيبت النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يطوف، فإذا رمى جمرة العقبة وحلق، لبس ثيابه وتطيب، ثم يطوف، يزور.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يَزُورَ الْبَيْتَ.
هذا صريح في هذا، تخريجه؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الطيالسي وأحمد والنسائي وابن حبان".
الشيخ: وفيه الرد -كما قال المؤلف- على من زعم أن التطيب ممنوع حتى يزور البيت.
قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ التَّطَيُّبِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزِّيَارَةِ بِالطِّيبِ الَّذِي فِيهِ مِسْكٌ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ بَابِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ.
الشيخ: يقول انظر مسلم، نعم، الحديث الذي بعده، الطيب الذي فيه مسك هو أطيب الطيب.
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْسُكَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا فِي حَيْضِهَا خَلَا الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالصَّلَاةِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: فَحِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَالَكِ أَنَفَسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ».
الشيخ: والحديث أخرجه مسلم بل أخرجه الشيخان.
مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم".
الشيخ: من طريق ابن عيينة، وفيه: «غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حتى تغتسلي».
وهذا الحديث فيه دليل على ما ترجم له المؤلف، من أن الحائض تأتي بجميع المناسك، تقف بعرفة، وتقف بمزدلفة، وترمي الجمار، وتقصر من شعرها، فتأتي بجميع المناسك ما عدا الطواف، فلا تطوف حتى تغتسل.
وقوله: «مَالَكِ أَنَفَسْتِ؟» فيه تسمية الحيض نفاس، هي حاضت، يسمى نفاس.
وقوله: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»، يعني الدم والحيض، وفيه الرد على من قال إن أول من أصاب نساء بني إسرائيل، قال بعضهم إن أول من أصاب الدم نساء بني إسرائيل، وهذا ليس بصحيح، بل قبل، من أول بنات آدم قبل بنات بني إسرائيل، الحديث صريح: «بَنَاتِ آدَمَ».
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الِاصْطِيَادِ وَجَمِيعِ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ إِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي خَبَرِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَبَرُ عَائِشَةَ فِي تَطْيِيبِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الِاصْطِيَادَ جَائِزٌ إِذَا جَازَ التَّطَيُّبُ، وَخَبَرُ أُمِّ سَلَمَةَ يُصَرِّحُ أَنَّ الِاصْطِيَادَ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ مُبَاحٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حَرُمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ»، خَرَّجْتُ هَذَا الْبَابَ فِي مَوْضِعِهِ بَعْدَ خَبَرِ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ فِي هَذَا أَيْضًا.
شرح الشيخ: هذه الترجمة فيها أن المحرم إذا تحلل حل له الاصطياد، لكن في غير الحرم، الحرم لا يجوز الاصطياد فيه، لا للمحرم ولا للحلال، داخل حدود الحرم، وإنما يكون خارج الحرم، إذا فارق الحرم جاز له أن يصطاد إذا تحلل، ولذا قال: (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الِاصْطِيَادِ وَجَمِيعِ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ)، إذا رمى الجمرة، هذا عند جمع من العلماء التحلل من رمي الجمرة، وعند الجمهور أنه لا بد أن يضيف إلى رمي الجمرة الحلق أو الطواف، إذا رمى وحلق جاز له الاصطياد، ولو لم يطف بالبيت.
قال: (إِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي خَبَرِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَبَرُ عَائِشَةَ) كافٍ (فِي تَطْيِيبِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الِاصْطِيَادَ جَائِزٌ إِذَا جَازَ التَّطَيُّبُ) إذا جاز الطيب جاز الاصطياد.
قال: (وَخَبَرُ أُمِّ سَلَمَةَ يُصَرِّحُ أَنَّ الِاصْطِيَادَ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ مُبَاحٌ) في خارج الحرم.
( وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حَرَمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ»)، وهذه الزيادة ستأتي في نفس الحديث، فيأتي موصولًا.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ إِلَّا النِّكَاحَ».
الشيخ: تخريجه؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة، أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود".
الشيخ: لكن هنا الشيخ ناصر حسنه، قال: "إسناده حسن؛ لأن له شاهد من حديث ابن عباس. قلت: حديث ابن عباس ليس فيه (وحلقت)، وهو الصواب لما بينته في الصحيح".
مداخلة: الكلام الأول للأعظمي.
الشيخ: إسناده حسن لغيره [00:08:41] [الفتح الرباني]، قلت -والكلام للشيخ ناصر-: "حديث ابن عباس ليس فيه قول (وحلقت)، وهو الصواب"، يكون على هذا: «إِذَا رَمَيْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ»، الحجاج ابن أرطأة ضعيف، حديث عمرو أيضًا ثبتت هذه اللفظة، أخذناه، مر، أين هو؟
هذا؟ بنص الحديث هذا عن عائشة: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ»، (إِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ)، بعد رمي الجمرة، أي لفظة يقصد المؤلف؟
[00:09:22] عائشة، هذه يقصد بها (وَحَلَقْتُمْ)، (وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ ... فَخَبَرُ عَائِشَةَ) كافٍ، إن ثبتت هذه اللفظة ما ... لو قال إن ثبت الحديث «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ».
مداخلة: [00:09:54]
الشيخ: لا، إذا جاز الطيب، جاز الاصطياد، يعني جميع المحظورات الممنوع منها المحرم حلت له بعد رمي جمرة العقبة، منها الاصطياد والطيب، إذا جاز الطيب جاز الاصطياد وجاز غيره.
مداخلة: حتى النساء.
الشيخ: لا، إلا النساء.
مداخلة: [00:10:18]
الشيخ: قيده فيما سبق، هنا في الحديث قال: «إِلَّا النِّكَاحَ».
مداخلة: [00:10:28]
الشيخ: صح، قال: "لعله صح الحديث، اللفظة"، لو كان عبر عنها بهذه اللفظة، لو قال: إن صح الحديث.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ إِلَّا النِّكَاحَ يُرِيدُ النِّكَاحَ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمْتُ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ أَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الْوَطْءِ جَمِيعًا.
شرح الشيخ: والسياق هو الذي يوضح هذا، أحيانًا يُراد به العقد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾[الأحزاب:49]، هنا أُطلق على العقد، ويُطلق على الوطأ، يُقال: نكح رجلٌ امرأته. يعني جامعها، يُطلق على هذا وعلى هذا.
والمراد هنا في الحديث الوطأ: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ إِلَّا النِّكَاحَ» يعني إلا الوطأ، المراد هنا في الحديث الوطأ.
مداخلة: في رواية أحمد في [المسند] فيها زيادة، قال: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وكل شيء إِلَّا النِّسَاءِ».
الشيخ: أحل لكم كل شيء، كل شيء من محظورات الإحرام يعني.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ".
الشيخ: قال: "إسناده صحيح، رواه في السنن الكبرى البيهقي"، ماذا قال عليه عندك؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه الشافعي والحميدي، احمد والبيهقي من طريق سفيان عن عمرٍو به".
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: إِذَا رَمَى الرَّجُلُ الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَذَبَحَ وَحَلَقَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ.
قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَقَالَتْ: "طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي إِخْبَارِ عَائِشَةَ: "طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ"
الشيخ: أو (في أخبارها)، الأخبار التي وردت عنها.
قارئ المتن: فِي أَخْبَارِ عَائِشَةَ: "طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ" دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ وَذَبَحَ وَحَلَقَ كَانَ حَلَالًا قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، خَلَا مَا زُجِرَ عَنْهُ مِنْ وَطْءِ النِّسَاءِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيهِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْءِ النِّسَاءِ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ.
الشيخ: نعم، هذا الكلام صحيح.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّطَيُّبَ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ وَالنَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَالْحِلَاقِ إِنَّمَا هُوَ مُبَاحٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ لِمَنْ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، دُونَ مَنْ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ ابْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ الزُّبَيْرِ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أُخْتِهَا أَنَّ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَهُمَا جَارِيَةٌ تُمَشِّطُهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَانَتْ حَاضَتْ يَوْمَ قَدِمُوا مَكَّةَ، وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَقَدْ كَانَتْ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ، وَدَفَعَتْ مِنْ عَرَفَاتٍ وَرَمَتِ الْجَمْرَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا عَبَّادٌ، وَهِيَ تُمَشِّطُهَا وَتَمَسُّ الطِّيبَ، فَقَالَ عَبَّادٌ: أَتَمَسِّ الطِّيبَ، وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ رَمَتِ الْجَمْرَةَ وَقَصَّتْ. قَالَ: وَإِنْ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا. فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى عُرْوَةَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "إِنَّهُ لَا يَحِلُّ الطِّيبُ لِأَحَدٍ لَمْ يَطُفْ قَبْلَ عَرَفَاتٍ، وَإِنْ قَصَّرَ وَرَمَى".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّمَا يَتَأَوَّلُ بِهَذَا الْفُتْيَا أَنَّ الطِّيبَ إِنَّمَا يَحِلُّ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ لِمَنْ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَوْ ثَبَتَ خَبَرُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ إِلَّا النِّكَاحَ»، لَكَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ تُبِيحُ الطِّيبَ وَالثِّيَابَ لِجَمِيعِ الْحُجَّاجِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لِمَنْ قَدْ طَافَ مِنْهُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمَنْ لَمْ يَطُفْ؛ إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ الْحَجَّاجِ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَنَّ فِي خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجِمَارَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حَرُمْتُمْ إِلَّا النِّسَاءَ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِالْبَيْتِ صِرْتُمْ كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ»، وَهَذَا لَفْظُ خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَخَبَرُ عُكَّاشَةَ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى، فَإِذَا حُكِمَ لِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى ظَاهِرِهِ دَلَّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ عُرْوَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.
شرح الشيخ: هنا قال: (بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّطَيُّبَ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ وَالنَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَالْحِلَاقِ إِنَّمَا هُوَ مُبَاحٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ لِمَنْ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ دُونَ مَنْ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)؛ يعنب بعض العلماء يقول: إن كان طاف بالبيت قبل يوم عرفة حل له أن يتطيب إذا رمى جمرة العقبة، وإن كان لم يطف بالبيت قبل عرفة فلا يتطيب.
هذا قول المالكية معك؟
التقييد بأنه يجوز له الطيب بعد أن رمي العقبة إذا كان قد طاف بالبيت قبل الوقوف.
مداخلة: [00:17:11]
الشيخ: قول من هذا؟
مداخلة: قول عروة.
الشيخ: هنا ما أشار إلى عروة.
مداخلة: [00:17:24]
الشيخ: أعد السند.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ ابْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ الزُّبَيْرِ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أُخْتِهَا أَنَّ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَهُمَا جَارِيَةٌ تُمَشِّطُهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَانَتْ حَاضَتْ يَوْمَ قَدِمُوا مَكَّةَ، وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَقَدْ كَانَتْ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ، وَدَفَعَتْ مِنْ عَرَفَاتٍ وَرَمَتِ الْجَمْرَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا عَبَّادٌ، وَهِيَ تُمَشِّطُهَا وَتَمَسُّ الطِّيبَ، فَقَالَ عَبَّادٌ: أَتَمَسِّ الطِّيبَ، وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ رَمَتِ الْجَمْرَةَ وَقَصَّتْ. قَالَ: وَإِنْ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا. فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى عُرْوَةَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "إِنَّهُ لَا يَحِلُّ الطِّيبُ لِأَحَدٍ لَمْ يَطُفْ قَبْلَ عَرَفَاتٍ، وَإِنْ قَصَّرَ وَرَمَى".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّمَا يَتَأَوَّلُ بِهَذَا الْفُتْيَا أَنَّ الطِّيبَ إِنَّمَا يَحِلُّ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ لِمَنْ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَوْ ثَبَتَ خَبَرُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ إِلَّا النِّكَاحَ»، لَكَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ تُبِيحُ الطِّيبَ وَالثِّيَابَ لِجَمِيعِ الْحُجَّاجِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لِمَنْ قَدْ طَافَ مِنْهُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمَنْ لَمْ يَطُفْ؛ إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ الْحَجَّاجِ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِلَّا أَنَّ فِي خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجِمَارَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حَرُمْتُمْ إِلَّا النِّسَاءَ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِالْبَيْتِ صِرْتُمْ كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ»، وَهَذَا لَفْظُ خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَخَبَرُ عُكَّاشَةَ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى، فَإِذَا حُكِمَ لِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى ظَاهِرِهِ دَلَّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ عُرْوَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.
شرح الشيخ: يعني هذا حديث أم سلمة في اللفظ الآخر: «إذا أمسيتم ولم تطوفوا عدتم حُرُمًا كما كنتم»، هذا قال بعض العلماء: لم يقل به أحد غير أم سلمة، لم يقل به أحد يعني متروك.
لكن الشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله- يقول به، يفتي بهذا أظن في منسكه، أن من لم يطف بالبيت حتى غربت الشمس يعود حُرُمًا، يلبس ملابس الإحرام مرة أخرى أخذًا بحديث أم سلمة هذا: «عدتم حُرُمًا كما كنتم».
والذي عليه جمهور العلماء أنه لا يعود حُرمًا، يتحلل.
ويجيبون عن خبر أم سلمة بماذا؟
مداخلة: [00:21:03]
الشيخ: ما وجه الضعف؟
مداخلة: [00:21:11]
الشيخ: هل السند فيه ضعف؟
مداخلة: [00:21:21]
الشيخ: قال في قصد أم القرى لم يقل به أحد، لم [00:21:28] الأحاديث.
مداخلة: [00:21:31]
الشيخ: صاحب كتاب بقراءة في أم القرى] قال: "لم يقل به أحد، أنه رأى رجلين -في الحديث- لم يطوفا، قال: عدتما حُرمًا كما كنتما"، لكن هذا يرده حديث عائشة في الصحيح: «ولحله قبل أن يطوف بالبيت»، تحلل، وهو في الصحيح، من تحلل لا يمكن أن يعود حُرما إلا بالإحرام، كيف يعود حُرما.
مداخلة: قبل الطواف بالبيت طوف القدوم أم قبل عرفة؟
الشيخ: لا، قبل طواف البيت يوم النحر، يوم العيد، إذا رمى وحلق وتحلل، يطوف بالبيت، فإن غربت الشمس ولم يطف عاد حُرما، يلبس ملابس الإحرام.
مداخلة: الترجمة: (لِمَنْ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ).
الشيخ: لا، هذه مسألة أخرى.
مداخلة: [00:22:40]
مداخلة: [00:22:46]
الشيخ: لم يطف قبل طواف الإفاضة! لا، هذا في يوم عرفة، في حديث أم سلمة "في يوم العيد"، فيه أنه رأى رجلان قد تحللا، فلما أمسيا قال: "عدتما حرما كما كنتما".
مداخلة: هذا طواف الزيارة؟
الشيخ: طواف الإفاضة، نعم، يوم العيد، أما مسألة الطواف بالبيت هذه مسألة أخرى، هذه سبقت، انتهينا منها، ما طاف بالبيت قبل فلا يتطيب حتى يطوف مرة أخرى بالبيت، هذه مسألة وهذه مسألة، مسألتان.
مداخلة: يوجد كلام للشيخ ابن عثيمين في [شرح زاد المستقنع] على هذا الحديث.
الشيخ: الحديث معروف بالضعف، يعني لم يعمل به، ماذا قال؟
مداخلة: قال: "قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وعُلم من كلام المؤلف أنه لا يجب أن يطوف طواف الإفاضة يوم العيد؛ لقوله: «ويسن في يومه، وله تأخيره»، وعُلم منه أيضاً أنه يبقى على حله الأول إذا أخر طواف الإفاضة عن يوم العيد، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، بل حُكي إجماعاً أنه لا يعود حراماً، لو أخره حتى تغرب الشمس من يوم العيد.
ولكن ذكر في هذا خلاف عن بعض التابعين لحديث ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك: «إن هذا اليوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به»؛ ولكنه لا يعوّل عليه لشذوذه، وعدم عمل الأمة به، وقد قيل: إن أول من عمل به عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة، فحكم شرعي لم يعمل به إلا واحد من التابعين، لا يمكن أن يقال: إنه حديث صحيح؛ وذلك أن الأمة لا يمكن أن تخالف مثل هذا الحديث الذي تتوافر الهمم والدواعي على نقله والعمل به، لأنه من المعلوم أنه ليس كل الحجيج يطوفون طواف الإفاضة في يوم العيد".
لكن الشيخ الأثيوبي أيضًا ذهب إلى هذا الحديث في شرح النسائي.
الشيخ: ماذا يقول؟
مداخلة: قال الجامع -عفا الله عنه-: "هذا الحديث صحيح، فإن رجاله كلهم معروفون، قد أخرجوا لهم في الصحيح، فابن إسحاق من رجال البخاري، وأبو عبيدة روى عنه جماعة، وهو من رجال مسلم، والباقون لا يُسأل عنهم، وابن إسحاق وإن كان مدلسًا، إلا أنه صرح هنا بالتحديث، فزالت العلة ووجب القول به، والذين لم يقولوا بهذا الحديث لم يتعلقوا بشيء يُعتد به، وغاية ما تعلقوا به هو دعوى النسخ بالإجماع، وقد عرفت أن هذه الدعوى باطلة، حيث ثبت خلاف جماعة، كأبي قلابة، وابن الزبير، والحسن البصري، وعطاء، والثوري، على خلاف عن هؤلاء الثلاثة، فأين الإجماع المزعوم؟
والحاصل أنه ليس لترك العمل بهذا الحديث عذرٌ مقبولٌ، فالحقّ أن من أمسى، قبل أن يطوف بالبيت عاد محرمًا، فيجب عليه ألا يتلبّس بشيء من محظورات الإحرام حتى يطوف بالبيت، كما قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهذين الصحابيين: «صرتم حرمًا، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، حتى تطوفوا بالبيت»، وهذا مما غفل عنه كثير من أهل العلم، فضلاً عن العوام، فينبغي إفشاؤه حتى يعلمه العوام، فيعملوا به. واللَّه تعالى أعلم".
الشيخ: سينضم إلى الشيخ ناصر الدين الألباني، كذلك قال الشيخ ناصر الدين الألباني.
مداخلة: هل من يرمي الجمرات الكبرى يوم النحر، ويذبح الهدي، ويحلق ويقصر شعره، ثم لا يؤدي طواف الإفاضة في ذلك اليوم حتى يُمسي، هل يعود حُرُمًا كما كان كما دل على ذلك حديث صحيح عند أبي داود؟ أم أنه يبقى على تحلله؟ أفتونا مأجورين، حيث إن هذه المسألة قد أشكلت على كثير من طلبة العلم.
قال الشيخ -رحمه الله-: إذا رمى الجمرة يوم العيد وحلق أو قصَّر؛ تحلل، أو رمى وطاف؛ تحلل، فهي من الثلاثة، أو رمى فقط تحلل على الأصح؛ لأنَّ الرمي هو مناط التَّحلل الأول -رمي الجمرة يوم العيد-، لكن إذا أضاف إليها الحلق أو التَّقصير أو الطّواف كان أكمل وأحوط؛ خروجًا من الخلاف، وإذا فعل الثلاث حلَّ الحلَّ كله: الرمي والحلق أو التَّقصير والطواف والسعي -إن كان عليه سعيٌ-.
أما الذبح فليس داخلًا فيما يُسَوِّغ التَّحلل أو يمنع، بالنسبة إلى الحجاج، وليس عليه أن يُعيد ملابس الإحرام إذا أمسى قبل أن يطوف، هذا هو الصواب الذي عليه عامَّة العلماء، وهو كالإجماع منهم.
والحديث الذي فيه أنه قال: «عدتُم حُرُمًا» في سنده ضعفٌ، وليس مع مَن صححه حجَّة، بل سنده ضعيف. ولا يلزم الناس إذا تحللوا أن يعودوا حُرُمًا ليلة الحادي عشر إذا لم يطوفوا، لا، هم على حلِّهم، ولم يقل للناس النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لما حلّوا يوم العيد: إذا لم تطوفوا عدتم حُرُمًا، إنما جاء في روايةٍ أنه قال هذا لجماعةٍ دخلوا عليه وهو عند أم سلمة في الليل.
المقصود أنه قولٌ ضعيفٌ، فما عليه الأئمَّة وجماعةٌ، قال بعضُهم: لم يأخذ به إلا عروة بن الزبير، فالحاصل أنه قولٌ ضعيفٌ.
الشيخ: نعم، هذا هو، [00:29:05] لو قال إجماع من أهل العلم، أو قال [00:29:08]، قال: هذا لم يقل به أحد من أهل العلم. الشيخ الأثيوبي الآن والشيخ ناصر الدين الألباني وعروة بن الزبير، وقول عائشة -رضي الله عنها-: "لحله قبل ..." [00:29:20] معناه أنه تحلل، وإذا تحلل كيف يعود محرمًا بعد أن تحلل بدون إحرام؟ أكمل.
قارئ المتن: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّمَا يَتَأَوَّلُ بِهَذَا الْفُتْيَا أَنَّ الطِّيبَ إِنَّمَا يَحِلُّ قَبْلَ زِيَارَةِ الْبَيْتِ لِمَنْ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَوْ ثَبَتَ خَبَرُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ إِلَّا النِّكَاحَ»، لَكَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ تُبِيحُ الطِّيبَ وَالثِّيَابَ لِجَمِيعِ الْحُجَّاجِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لِمَنْ قَدْ طَافَ مِنْهُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمَنْ لَمْ يَطُفْ، إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَسْتُ أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ الْحَجَّاجِ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِلَّا أَنَّ فِي خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ: "إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجِمَارَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ إِلَّا النِّسَاءَ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا بِالْبَيْتِ صِرْتُمْ كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ"، وَهَذَا لَفْظُ خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَخَبَرُ عُكَّاشَةَ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى، فَإِذَا حُكِمَ لِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى ظَاهِرِهِ دَلَّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ عُرْوَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.
شرح الشيخ: عروة إنما يتأول بهذه الفتيا [00:30:47] زيارة البيت لمن قد طاف، إذا ثبت حكم هذا الخبر، لكنه لم يثبت، فالصواب الذي عليه العمل الآن، ولأن هذا فيه مشقة ظاهرة، ولا سيما في هذا العصر، إذا كان مليونين نقول لهم: طوفوا كلكم يوم النحر؛ هذا يصعب قبل أن تغرب الشمس، هذا فيه صعوبة، فيه مشقة.
بركة، قف على هذا، وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.