قارئ المتن :
مداخلة: في تخريج مسند الإمام أحمد، قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان عن عبيد الله بن أبي زياد، قال: سمعت القاسم قال: قالت عائشة -رضي الله عنها-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ».
قال المحققون: إسناده ضعيف، وقد رُوي مرفوعًا وموقوفًا، والصحيح وقفه كما سيرد، عبيد الله بن أبي زياد -وهو القداح- ذكره البخاري في الضعفاء، الصغير، واختلفت أقوال الأئمة فيه، فقال يحيى القطان: كان وسطًا، لم يكن بذاك. وقال أحمد وفي رواية: ليس به بأس، وقال في أخرى: صالح، وقال ابن معين مرةً ضعيف، وقال في روايةٍ ثانيةٍ عنه ليس به بأس، وقال في روايةٍ ثالثة: ثقة. وقال النسائي في رواية: ليس به بأس، وفي أخرى: ليس بالقوي، وفي ثالثة: ليس بثقة".
الشيخ: عبيد الله بن أبي زياد؟
مداخلة: نعم، "وقال أبو داود: أحاديثه مناكير. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ولا المتين، هو صالحٌ، يُكتب حديثه. وقال الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عدي: قد حدَّث عنه الثقات، ولم أرَ في حديثه شيئًا منكرا. قال: العجلي: ثقة. وقال ابن حبان في المجروحين: كان ممن ينفرد عن القاسم بما لا يُتابع عليه، وكان رديء الحفظ، كثير الوهم، لم يكن بالإتقان بالحال التي يُقبل ما انفرد به، ولا يجوز الاحتجاج بأخباره إلا بما وافق الثقات".
قالوا: قلنا: "وهذا الحديث مما انفرد به عن القاسم مرفوعًا، ووقفه غيره كما سيرد، وبقية رجال الإسناد ثقات، رجال الشيخين، وأخرجه الدارمي والبيهقي في السنن من طريق أبي نعيم بهذا الإسناد، وأخرجه الدارمي وأبو داود والترمذي والفاكهي وابن الجارود في [المنتقى]، وابن خزيمة، وابن عدي في [الكامل]، والبيهقي في السنن من طرقٍ عن عبيد الله بن أبي زيادٍ به، وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي زيادٍ عن القاسم عن عائشة -رضي الله عنها- موقوفًا، وأخرجه عبد الرزاق والفاكهي من طريق بن جريج، والفاكهي من طريق حبيب المعلم، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة موقوفًا. وهذا إسنادٌ حسن من أجل حبيب المعلم، وابن جريج إن لم يصرح بالسماع متابَع". انتهى.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان: "عبيد الله بن أبي زياد المذكور، هو القداح أبو الحصين المكي، وقد وثقه جماعة، وضعفه آخرون، وحديثه هذا معناه صحيح بلا شك، ويشهد لصحة معناه قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:203]، لأنه يدخل في الذكر المأمور به (رمي الجمار) بدليل قوله بعده: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾[البقرة:203] الآية، وذلك يدل على أن الرمي شرع لإقامة ذكر الله، كما هو واضح".
الشيخ: الطريق الأخرى فيها حبيب، فيكون حسنًا مع شواهده، «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ»، الحديث سبق في الصلاة في منى، وأتمام أهل مكة [00:04:00]، سبق فيه كلام في صاحب المغني، أقوال فيه، يعني هذه المسألة مسألة مهمة الآن، ماذا قال، ذكرها الإمام مالك بأنه يرى.
حديث «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» يعني حسن لشواهده، رواية حبيب موقوفة، لكن مثله لا يقال بالرأي.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
قارئ المتن: بَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ يَرْمِي بِهَا رَامِي الْجِمَارِ وَالْوُقُوفِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مَعَ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَالتَّضَرُّعِ، وَتَرْكِ الْوُقُوفِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ رَمْيِهَا أَيَّامَ مِنًى
سؤال: [00:05:04]
الشيخ: لا، هو موقوف، له حكم الرفع، ويكون شاهد لحديث عبيد الله المرفوع لأبي زياد، ومثلما قال الشيخ الشنقيطي: تفسيره في الآيات: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:203].
قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَمَكَثَ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا.
قال: سبق الحديث، قال عندك أنه سبق الحديث؟
مداخلة: ما أحضرت نسخة الفحل.
الشيخ: التخريج؟
مداخلة: قال: "سبق تخريجه عند حديث كذا".
مداخلة: إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق وحسن الحديث.
الشيخ: لكن محمد بن إسحاق ما صرح بالسماع.
مداخلة: قد صرح بالسماع، [00:06:33]
الشيخ: فيما سبق؛ فيكون على كل حال التكبير مع كل حصاة ثابت، والوقوف عند الجمرة الأولى، وعند الجمرة الثانية، وترك الوقوف عند جمرة العقبة، وكل هذا ثابت في الأحاديث الأخرى، له شواهد كثيرة.
قارئ المتن: بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بَعْدَ رَمْيِهَا وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بَعْدَ رَمْيِ الْأُولَى مِنْهَا أَمَامَهَا لَا خَلْفَهَا، وَلَا عَنْ يَمِينِهَا، وَلَا عَنْ شِمَالِهَا، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي الْوَقْفَيْنِ جَمِيعًا، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوَقْفَيْنِ جَمِيعًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا، فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ، قَالَ الْبِسْطَامِيُّ: قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَقَالَ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَقَالَ: يُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِ، وَالْبَاقِي مِثْلُ لَفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى سَوَاءً.
شرح الشيخ: والحديث أخرجه البخاري من طريق عثمان، وهذا كله ثابت، الوقوف عند الجمرة الأولى والثانية بعد رميها، وكذلك يقف للدعاء أمام الجمرة، لا خلفها ولا عن يمينها، يقف عند الجمرة الأولى جهة اليمين ثم يقف أمامها، والجمرة الثانية يقف جهة اليسار، ويقف ويدعو دعاءً طويلًا ويرفع يديه، كلها ثابتة.
قارئ المتن: بَابُ خُطْبَةِ الْإِمَامِ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ زِيَادِ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَهَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حِصْنٍ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سَرَّاءُ بِنْتُ نَبْهَانَ وَكَانَتْ رَبَّةَ بَيْتٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الرُّءُوسِ فَقَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَلَيْسَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «أَلَيْسَ أَوْسَطُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ -زَادَ إِسْحَاقُ وَأَعْرَاضَكُمْ-، وَقَالَا: وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا -زَادَ إِسْحَاقُ فَلْيُبَلِّغْ أَدْنَاكُمْ أَقْصَاكُمْ-، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟».
شرح الشيخ: هنا قال: إسناده ضعيف لجهالة ربيعة بن عبد الرحمن؛ ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لجهالة ربيعة بن عبد الرحمن، وقد تفرد بالرواية عنه أبو عاصم الضحاك بن مخلد"، ثم قال: "أخرجه البخاري في [خلق أفعال العباد]، وأبو داود، وابن أبي عاصم في [الآحاد والمثاني]، والبيهقي".
الشيخ: يكون السند ضعيف، لكن الحديث ثابت، فيه مشروعية خطبة الإمام أوسط أيام التشريق، وهو اليوم الحادي عشر، هو يوم الرؤوس، سمي يوم الرؤوس لأن الناس يتفرغون فيه لأكل رؤوس الغنم وحسحستها، في اليوم الأول مشغولون بالذبح، وفي اليوم الثاني يتفرغون للرؤوس، يوم الرؤوس اليوم الحادي عشر.
وعلى هذا يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب يوم عرفة، وخطب يوم العيد، وخطب يوم الحادي عشر، وسيأتي أيضًا في اليوم الثاني عشر، يبين للناس، تكون الخطبة ليست طويلة، يقف الناس ويبين لهم مناسكهم، ويعلمهم ما يحتاجون في هذا اليوم، وظائف هذا اليوم.
مداخلة: [00:12:09]
الشيخ: الخطبة في المجمع الكبير يوم عرفة الآن، وليس هناك خطبة في يوم العيد، ولا في الحادي عشر.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ تَعْلِيمِ الْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ، وَتَعْلِيمِهِمْ بَاقِي مَنَاسِكَهُمْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بِحَدِيثٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ، فَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ ثَوَّبَ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ سَمِعَ الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَوَقَفَ عَنِ التَّكْبِيرِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسُ فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ، فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ بَرَاءَةَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا.
شرح الشيخ: هنا إسناده ضعيف لعنعنة أبي الزبير، فإنه مدلس، الشيخ ناصر يقول فيه عنعنة أبي الزبير، ماذا قال عليه عندك؟
مداخلة: نفس التخريج، قال: "إسناده ضعيف لعنعنة أبي الزبير، وأخرجه الدارمي والنسائي وابن حبان والبيهقي في [دلائل النبوة]".
الشيخ: فقط، يكون اليوم الأول هو اليوم الثاني عشر، هذا تكون فيه خطبة كذلك، ورابعة، يوم عرفة، ويوم العيد، ويوم النفر الثاني؛ لكن الحديث فيه ضعف، وهذا في الحجة التي حجها أبي بكر -رضي الله عنه-، كان أميرًا على الحج في السنة التاسعة من الهجرة قبل حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والحديث فيه ضعف، قد يكون له شواهد أو متابعات، يصح.
مداخلة: [00:14:36]
الشيخ: نعم، يقر هذا، ما وجه الغرابة هنا؟ ما ذكره، هل الغرابة من جهة السند أو من جهة المتن؟ ما علق عليه؟
مداخلة: أخرجه الفحل بهذا التخريج.
الشيخ: وجه الغرابة ما تبين، قال: (بِحَدِيثٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ)، هذا يمكن من جهة السند، ماذا بعده؟
قارئ المتن: بَابُ الرُّخْصَةِ لِلرِّعَاءِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ بِاللَّيْلِ
بركة.
كلام ابن المغني في الأقوال في الصلاة في منى.
مداخلة: في أهل مكة؟
الشيخ: في منى في الحج، لأهل مكة وغيرهم.
مداخلة: قال: "فصل: قال أحمد: من كان مقيما بمكة، ثم خرج إلى الحج، وهو يريد أن يرجع إلى مكة، فلا يقيم بها حتى ينصرف، فهذا يصلي بعرفة ركعتين؛ لأنه حين خرج من مكة أنشأ السفر، فهو في سفر من حين خرج من مكة، ولو أن رجلا كان مقيما ببغداد، فأراد الخروج إلى الكوفة، فعرضت له حاجة بالنهروان، ثم رجع فمر ببغداد ذاهبا إلى الكوفة، صلى ركعتين إذا كان يمر ببغداد مجتازا، لا يريد الإقامة بها. وإن كان الذي خرج إلى عرفة في نيته الإقامة بمكة إذا رجع، فإنه لا يقصر بعرفة، ولذلك أهل مكة لا يقصرون، وإن صلى رجل خلف مكي يقصر الصلاة بعرفة ركعتين، ثم قام بعد صلاة الإمام، فأضاف إليها ركعتين أخريين، صحت الصلاة؛ لأن المكي يقصر بتأويل، فصحت صلاة من يأتم به"، انتهى.
الشيخ: متأول يعني، متأول أنه يجوز له القصر، فيه قول المالكية، أنه صلى، يقصر الإمام مالك، الثلاثة الأقوال، أنهم يتمون، والمالكية يقصرون، الأقوال فيه، ذاك في الحج، أو في السفر؟
مداخلة: هذا في كتاب الصلاة.
الشيخ: ذكر الأقوال الثلاثة، أنهم يتمون، والمالكية يقصرون، يقصر الإمام مالك، الثلاثة الأقوال التي قرأتها علينا.
مداخلة: "فصل: فأما قصر الصلاة، فلا يجوز لأهل مكة. وبهذا قال عطاء، ومجاهد، والزهري، وابن جريج والثوري، ويحيى القطان، والشافعي، وأصحاب الرأي، وابن المنذر. وقال القاسم بن محمد، وسالم، ومالك، والأوزاعي: لهم القصر؛ لأن لهم الجمع، فكان لهم القصر كغيرهم".
الشيخ: كيف (ولهم القصر؛ لأن لهم الجمع)! كيف يكون لهم الجمع؟
مداخلة: لعله يقصد في عرفة وفي مزدلفة.
الشيخ: حتى في عرفة، الجمهور يقولون: ما يجمعون. يرون أنهم يجمعون؟ وقال القاسم ...
مداخلة: "وقال القاسم بن محمد، وسالم، ومالك، والأوزاعي: لهم القصر؛ لأن لهم الجمع، فكان لهم القصر كغيرهم. ولنا، أنهم في غير سفر بعيد، فلم يجز لهم القصر كغير من في عرفة ومزدلفة، قيل لأبي عبد الله: فرجل أقام بمكة، ثم خرج إلى الحج؟ قال: إن كان لا يريد أن يقيم بمكة إذا رجع صلى ثم ركعتين".
الشيخ: وإن كان يريد أن يقيم صلى أربعًا.
مداخلة: "وذكر فعل ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: لأن خروجه إلى منى وعرفة ابتداء سفر، فإن عزم على أن يرجع، فيقيم بمكة، أتم بمنى وعرفة".
الشيخ: على هذا هو قول الجماهير الآن، يُراجع مذهب المالكية في هذا، التفصيل في مذهب المالكية، وقول الجمهور إن أهل مكة يتمون.
والعمل على خلاف هذا، العمل على القول الثاني على مذهب المالكية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن القيم، وقالوا إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالحجاج -أهل مكة وغيرهم-، وقصر بهم، ولم يأمر أهل مكة بالإتمام، والعمل على هذا الآن وخلاف مذهب الجمهور، الجماهير يتمون، الآن تجد بعض الحجاج الباكستانيين في منى وفي عرفة يتمون الصلاة على مذهب الجمهور، والعمل على خلافه، العمل على أنهم يقصرون الآن، هذا الذي عليه العمل الآن وعليه الفتوى، مذهب المالكية فيه تفصيل في هذا، يُراجع.
مداخلة: [00:21:17] بعد رمي الجمرة الأولى يقف ؟؟؟
الشيخ: يتقدم ويقف أمامها، يتقدم عنها بنفسه والحصاة ويقف أمامها، ويكون بعيد عن الزحام.
مداخلة: [00:21:33]
الشيخ: من جهة اليمين، يأخذ جهة اليمين من الجمرة الأولى، ويأخذ جهة اليسار من الجمرة الوسطى.
مداخلة: عندي كلام المالكية في كتاب البيان والتحصيل لابن رشد الجد، قال محمد بن رشد: " أما من قدم مكة ولم ينو المقامة بها أربعا حتى خرج إلى الحج".
الشيخ: ينوِ المقامة أربعا: أربع ليالٍ يعني، قدم مكة ويريد السفر، لا يريد الإقامة بمكة.
مداخلة: "فلا اختلاف في أنه يقصر بمنى وفي جميع مواطن الحج؛ لأنه مسافرٌ على حاله، وإنما اختلف أهل العلم فيمن نوى الإقامة بمكة أو كان من أهلها وخرج إلى الحج، فقيل: إنه يتم لأنه ليس في سفر يُقصر في مثله الصلاة، وهو مذهب أهل العراق، وقيل إنه يقصر لأنها منازل سفر وإن لم يكن سفرا يُقصر في مثله الصلاة.
وإلى هذا ذهب مالك، ودليله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة، فأقام بمكة إلى يوم التروية، وذلك أربع ليال، ثم خرج فقصر بمنى، فلم يختلف قول مالك: إنه يقصر بمنى وعرفة، وفي جميع مواطن الحج، إلا في رجوعه من منى إلى مكة بعد انقضاء حجه إذا نوى الإقامة بمكة، أو كان من أهلها على ما تقدم، فكان أولا يقول: إنه يُتم؛ مراعاة لمن يرى أنه يتم؛ إذ ليس في سفر تقصر في مثله الصلاة، ثم رجع فقال: إنه يقصر حتى يأتي مكة بناء على أصله في أنه من أهل القصر دون مراعاة منه لقول غيره. وكذلك اختلف في ذلك اختيار ابن القاسم، وستأتي هذه المسألة متكررة في (رسم الشريكين) وفي (رسم المحرم) وفي بعض الروايات".
ثم ذكر إتمام عثمان -رضي الله عنه-، قال: "وأما إتمام عثمان، -رضي الله عنه-، بمنى فقد روي أن الناس لما أنكروا عليه الإتمام قال لهم: إني تأهلت بمكة، وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من تأهل في بلدة فهو من أهلها»، ولعله تأول أن رسول الله، -صلى الله عليه وسلم- لم يقصر بمنى إلا من أجل أن إقامته بمكة لم تكن إقامة تخرجه عن سفره، ولذلك قصر بمنى.
وأما معاوية بن أبي سفيان فالوجه فيما ذكر عنه في هذه الرواية والله أعلم أنه كان مقيما بمكة فقصر بمنى؛ لأنه تأول أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قصر بها، وقد كان مقيما بمكة، فلم يزل به مروان حتى صرفه عن تأويله على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان مقيما بمكة إلى أنه إنما قصر -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لم يكن مقيما بمكة إقامة تخرجه عن سفره.
فالاختلاف هل كان -صلى الله عليه وسلم- مقيما بمكة قبل خروجه إلى منى أو غير مقيم هو أصل الاختلاف في هذه المسألة، فذهب مالك إلى أنه قصر بمنى وقد كان مقيما، وذهب أهل العراق إلى أنه إنما قصر بمنى من أجل أنه لم يكن مقيما بمكة، وبالله التوفيق".
الشيخ: الحاصل أن الجماهير يرون أنه يتم، جماهير العلماء يرون أن أهل مكة يتمون، المالكية وقول شيخ الإسلام ابن القيم، يرون القصر، وهو الذي عليه العمل هنا.
وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.