الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فقال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ الصَّلَاةَ بِالْأَبْطَحِ بَعْدَمَا نَفَرَ مِنْ مِنًى، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ يَحْكِي لَنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا أَنَّ الْحَاجَّ إِذَا قَفَلَ رَاجِعًا إِلَى بَلَدِهِ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ قَالَ: فَخَرَجَ بِلَالٌ بِفَضْلِ وَضُوئِهِ فَبَيْنَ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ: ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ أَوْ حُلَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ فَصَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ تَمُرُّ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَرَاءهَا لَا يَمْنَعُ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُ طُرُقَ خَبَرِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
شرح الشيخ: والحديث، قال: رواه الإمام أحمد في مسنده، وإسناده صحيح؛ ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي".
الشيخ: وهذه الترجمة فيها بيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصر الصلاة بالأبطح بعدما نفر من منى، كأن المؤلف يرد على من قال: "إن الحاج إذا انتهى من الحج يُتم الصلاة"، فلا يُتم الصلاة حتى يصل إلى بلده، هذا مثل المسافر، المؤلف يرد على من؟ ما ذكر هنا من هم الذين يرد عليهم، هو يقول: (مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا) في زمن ابن خزيمة، يقول: (أَنَّ الْحَاجَّ إِذَا قَفَلَ رَاجِعًا إِلَى بَلَدِهِ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ).
ذكر حديث أبي جحيفة: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ قَالَ: فَخَرَجَ بِلَالٌ بِفَضْلِ وَضُوئِهِ فَبَيْنَ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ)، بقية وضوئه، الناس يأخذونه يتبركون به، قطرات باقية من وضوئه، منهم من ينضح ويمسح به وجهه ورأسه، ومنهم من يحصل على شيء.
(فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي يَمِينًا وَشِمَالًا) حي على الصلاة، فيه أن المؤذن يلتفت يمينًا وشمالًا في الحيعلتين، حتى يسمع هؤلاء من جهة، ويسمع هؤلاء.
(ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ) فيه مشروعية السترة للمصلي، وأن من مر من وراء السترة لا يضر، ولذلك كان يمر من ورائها (الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، وَرَاهَا لَا يَمْنَعُ)، لكن لو لم يكن له سترة ومر قريب منه المرأة أو الحمار أو الكلب، فإن هذا يقطع الصلاة عند جمعٍ من أهل العلم.
وعند آخرين تأولوا قطع الصلاة يعني قطع الثواب.
(فَصَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ)، (ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ) فيه الرد على من قال: إنه يُتم.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ يُصَلِّي بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَقَمْتَم بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا.
شرح الشيخ: والحديث رواه أبو داود في تقصير الصلاة.
والشاهد من الحديث: (وَكَانَ يُصَلِّي بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ)، فيه الرد على من قال إنه يُتم بعد الحج.
وفيه أنه أقام في مكة عشرًا لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، وقفل راجعًا المدينة في اليوم الرابع عشر، صبح اليوم الرابع عشر، تكون المدة عشرة أيام، ومدة سفره من المدينة إلى مكة تسعة أيام، لأنه سافر في اليوم الخامس والعشرين، يوم السبت، الخامس والعشرين من ذي القعدة، ووصل إلى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة.
قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الْإِدْلَاجِ بِالِارْتِحَالِ مِنَ الْحَصْبَةِ، اقْتِدَاءً بِفِعْلِ الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا زِيَادُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ الْأَسْوَدُ قَالَتْ عَائِشَةُ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّلِجًا مِنَ الْأَبْطَحِ وَهُوَ يَصْعَدُ وَأَنَا أَنْزِلُ، أَوْ يَنْزِلُ وَأَنَا أَصْعَدُ.
الشيخ: تخريجه؟
مداخلة: قال: "أخرجه البخاري ومسلم".
شرح الشيخ: قالت عائشة: (لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْلِجًا مِنَ الْأَبْطَحِ وَهُوَ يَصْعَدُ وَأَنَا أَنْزِلُ، أَوْ يَنْزِلُ وَأَنَا أَصْعَدُ)، هذا لما أمر أخاها عبد الرحمن يخرجون إلى التنعيم لتعتمر، جاءت، فلما جاءت قالت: (مُدَّلِجًا) يعني مسرعًا، (وَهُوَ يَصْعَدُ وَأَنَا أَنْزِلُ، أَوْ يَنْزِلُ وَأَنَا أَصْعَدُ).
[00:07:05] ، فارتحل من الأبطح آخر الليل فصلى في المسجد الحرام، وطاف الوداع، ثم أدركته الصلاة، فصلى بالناس إمامًا، وقرأ سورة الطور عليه الصلاة والسلام صباح يوم الرابع عشر، ثم قفل راجعًا إلى المدينة.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْحَنَفِيَّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِي الْخَبَرِ: فَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ -يَعْنِي مِنَ الْمُحَصَّبِ- فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَطَافَ بِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكِبَ ثُمَّ انْصَرَفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ.
الشيخ: صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه عن أفلح كما في صحيح أبي داود، ماذا قال عندك؟
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه البخاري ومسلم".
شرح الشيخ: وفيه: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِي الْخَبَرِ فَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ -يَعْنِي مِنَ الْمُحَصَّبِ-) من الوادي الذي ضربت له القبة وصلى فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
(فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَطَافَ بِهِ) حين طاف طواف الوداع، (ثُمَّ خَرَجَ فَرَكِبَ ثُمَّ انْصَرَفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ).
قولها: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قالت في آخره: (فَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ -يَعْنِي مِنَ الْمُحَصَّبِ-) والمحصب هو الوادي، (فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَطَافَ بِهِ) ثم أدركته الصلاة، فصلى بالناس إمامًا، قرأ سورة الطور -عليه الصلاة والسلام-، ولما سألته أم سلمة، قالت: أريد أن أطوف، فقال: «طوفي من وراء الناس»، فطافت وهي راكبة من وراء الناس، والناس يصلون، (ثُمَّ خَرَجَ فَرَكِبَ ثُمَّ انْصَرَفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ) بعد صلاة الصبح من اليوم الرابع عشر.
قارئ المتن: بَابُ الْأَمْرِ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُمِرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ.
شرح الشيخ: دليل على وجوب طواف الوداع، دليل على الوجوب، من الواجبات: (أُمِرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ)، والحديث رواه البخاري في الصحيح.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْفِرْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ».
شرح الشيخ: هذا فيه دليل على وجوب طواف الوداع، جمهور العلماء على أن طواف الوداع واجب، من تركه فعليه دم، الحديث أخرجه الإمام مسلم من طريق سليمان الأحول.
حديث ابن عباس: (كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ)، قال: (لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ)، هذا دليل على الوجوب، بعده باب ماذا؟
(لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ) هذا من أدلة الجمهور على وجوب طواف الوداع، وإذا سافر ولم يودع فعليه دم، هذان الحديثان، حديث ابن عباس عن ابن عباس: (أُمِرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ)، والحديث الثاني: (لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ)، دليل على وجوب طواف الوداع.
قال الجمهور: أما وداع العمرة فليس بواجب، بل هو مستحب، لأن ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج [00:13:56] ينفرون من كل وجه.
قارئ المتن: بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، خَلَا الْحُيَّضِ»، بِذِكْرِ لَفْظَةٍ عَامٌّ مُرَادُهَا خَاصٌّ فِي ذِكْرِ الْحُيَّضِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ حَجَّ فَلْيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ إِلَّا الْحُيَّضَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لَهُنَّ.
مداخلة: قال: "صحيحٌ، أخرجه الترمذي والطحاوي وابن حبان والطبراني في [الكبير] والحاكم.
شرح الشيخ: المقصود من الترجمة أن قوله: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ»، يعني هذا لفظٌ عام، يخرج منه ما جاءت السنن بتخصيصه، وهي الحائض، لا تدخل في هذا، هذا مقصوده، (إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، خَلَا الْحَائِضَ والنفساء»)، وإن كان اللفظ عام "لا ينفرن أحد" فالمراد خاص.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَخَّصَ لِلْحُيَّضِ فِي النَّفْرِ بِلَا وَدَاعٍ إِذَا كُنَّ قَدْ أَفَضْنَ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ حِضْنَ
شرح الشيخ: أما إذا لم تُفض، ما طافت طواف الإفاضة، فإنها تبقى، يحبسها وليها، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصفية: «أحابستنا هي؟ قالوا: إنها حائض، قال: [00:16:16] فهي تحبس وليها»، لكن إذا كان يترتب على هذا مشقة، إذا كان يستطيع الذهاب بها، الآن المواصلات اختلفت، ما كان عندهم [00:16:28] مثل المواصلات الآن، الآن المواصلات في [00:16:33] الدول العربية، يذهب بها وليها، وإذا طهرت يرجع بها مرة أخرى لتطوف طواف الإفاضة.
أما إذا كانت من بلادٍ بعيدة، ولا يمكن الرجوع، هذا محل نظر، وهذه المسألة قال المفتي إنها حالة خاصة، إما أن يُفتى فيها بقول شيخ الإسلام، أنها تتحفظ وتتلجم للضرورة، لأنها ما تستطيع، أو تسميها كما قال سماحة الشيخ أنها محصرة، ممنوعة شرعًا، فتذبح وتتحلل.
هذا من مسائل التي لا تقال ولا يفتى بها فتوى عامة، بينما تكون مقصورة على من حصل له مثل هذه الحالة، التي لا يستطيع الرجوع، ينظر فيها المفتي ويفتيه حسب ما يتبين له من حاله ومن الأدلة. أعد.
قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَخَّصَ لِلْحُيَّضِ فِي النَّفْرِ بِلَا وَدَاعٍ إِذَا كُنَّ قَدْ أَفَضْنَ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ حِضْنَ.
الشيخ: يعني قد أتين بطواف الإفاضة، لأن طواف الإفاضة ركن، ما يستطيع، فإذا أفاضت يرخص لها، وإن كانت ما طافت لا يرخص لها.
قارئ المتن: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، إِنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» فَقُلْتُ: إِنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ قَالَ: «فَلَا إِذًا فَلْتَنْفِرْ».
بَابُ اسْتِحْبَابِ دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِيهَا
الشيخ: بركة، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.