الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: (وَقَوْلُهُ: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} أَيْ: إِنَّهُ تَعَالَى سَخَّرَ الْجِبَالَ تُسَبِّحُ مَعَهُ عِنْدَ إِشْرَاقِ الشَّمْسِ وَآخِرِ النَّهَارِ).
العشي آخر النهار، والإشراق أول النهار.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: (وَقَوْلُهُ: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} أَيْ: إِنَّهُ تَعَالَى سَخَّرَ الْجِبَالَ تُسَبِّحُ مَعَهُ عِنْدَ إِشْرَاقِ الشَّمْسِ وَآخِرِ النَّهَارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سَبَأٍ: 10]، وَكَذَلِكَ كَانَتِ الطَّيْرُ تُسَبِّحُ بِتَسْبِيحِهِ وَتُرَجِّعُ بِتَرْجِيعِهِ إِذَا مَرَّ بِهِ الطَّيْرُ وَهُوَ سَابِحٌ فِي الْهَوَاءِ فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَتَرَنَّمُ بِقِرَاءَةِ الزَّبُورِ لَا تَسْتَطِيعُ الذَّهَابَ بَلْ تَقِفُ فِي الْهَوَاءِ وَتُسَبِّحُ مَعَهُ وَتُجِيبُهُ الْجِبَالُ الشَّامِخَاتُ).
﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ﴾[النحل:79]، يسبح في الهواء، ويقف، يقف في الوسط، يقف في الهواء ويسبح، يجاوب، يسبح، ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾[سبأ:10]، الله أكبر.
(وَتُجِيبُهُ الْجِبَالُ الشَّامِخَاتُ تُرَجِّعُ مَعَهُ وَتُسَبِّحُ تَبَعًا لَهُ).
نعم، الجبال الراسيات، منها ما يتفجر منه الأنهار، ومنها ما يشقق منه الماء، فهي قاسية الجبال لكنها عندها لين، وقلوب بعض بني آدم أقسى من الجبال، أقسى من الحجارة، ولهذا قال: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾[البقرة:74]، ثم بين كونها أشد قسوة فقال: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[البقرة:74]، فهذه تلين قسوة الجبال، قلب ابن آدم ليس عنده خشية لله، ليس عنده خشية فيكون قلبه أقسى من الحجارة ولا حول ولا قوة إلا بالله، والجبال تجاوب داود، ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾[سبأ:10]، فيها إحساس، جعل الله فيها إحساس، جعل فيها شعور، ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[البقرة:74]، ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾[الإسراء:44]، وهذا ابن آدم الذي ضل نسأل الله السلامة خالف هذه المخلوقات وشذ، فصار قلبه أقسى من الحجارة، ولم يؤمن بالله -عَزَّ وَجَلَّ-، والمؤمنون والمخلوقات كلها والجمادات كلها تهبط من خشية الله وتسبح الله.
الطالب: [00:03:21] جبل أحد.
الشيخ: كذلك جبل أحد، قال فيه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أحد جبل يحبنا ونحبه»، جعل الله فيه إحساس.
(قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَر عَنْ عبد الكريم عن مُوسَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يوم فَتْحِ مَكَّةَ صَلَّى الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ).
هذه الثمان ركعات، قيل: إنها صلاة الضحى، وقيل: إنها صلاة الفتح، صلاة الفتح ثمان ركعات، ويمكن أن يجتمعن صلاة الضحى وصلاة الفتح.
(فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ لِهَذِهِ السَّاعَةِ صَلَاةً يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ}).
قيل: إن هذه صلاة الضحى.
(ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ مَوْلَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يُصَلِّي الضُّحَى قَالَ: فَأَدْخَلْتُهُ عَلَى أُمِّ هَانِئٍ فَقُلْتُ: أَخْبِرِي هَذَا مَا أَخْبَرْتِنِي بِهِ. فَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي بَيْتِي ثُمَّ أَمَرَ بِمَاءٍ صُبَّ فِي قَصْعَةٍ ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَأَخَذَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ رَشَّ نَاحِيَةَ الْبَيْتِ فَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَذَلِكَ مِنَ الضُّحَى قِيَامُهُنَّ وَرُكُوعُهُنَّ وَسُجُودُهُنَّ وَجُلُوسُهُنَّ سَوَاءٌ قَرِيبٌ بِعَضُهُنَّ مِنْ بَعْضٍ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَقُولُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ مَا عَرَفْتُ صَلَاةَ الضُّحَى إِلَّا الْآنَ: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} وَكُنْتُ أَقُولُ: أَيْنَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ وَكَانَ بَعْدُ يَقُولُ: صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ.
وَلِهَذَا قَالَ: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} أَيْ: مَحْبُوسَةً فِي الْهَوَاءِ، {كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} أَيْ: مُطِيعٌ يُسَبِّحُ تَبَعًا لَهُ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَابْنِ زَيْدٍ: {كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} أَيْ: مُطِيعٌ.
[وَقَوْلُهُ] {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} أَيْ: جَعَلْنَا لَهُ مُلْكًا كَامِلًا مِنْ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُلُوكُ).
وشددنا ملكه يعني قوينا ملكه، قوينا ملكه فيما يحتاج الملوك، ملك قوي، ومن قوته أنه أوتي شيئًا لا يؤتاه أحد بعده، وهو تسخير الريح والشياطين، عندما سأل الله: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾[ص:35]، قال الله: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ﴾[ص:36/37]، منهم من يبني ما يحتاج، ومنهم من يغوص.
الطالب: هذا لسليمان أحسن الله عملك.
الشيخ: نعم سليمان.
الطالب: هذا داود أحسن الله إليك.
الشيخ: نعم هذا لسليمان، داود قال الله: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾[ص:20]، قوينا ملكه، ملكًا قوي، وسليمان كذلك ملكه قوي، فجاءت في زيادة الريح والشياطين.
الطالب: ورثه في النبوة والملك أم في النبوة؟
الشيخ: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾[النمل:16]، ورث النبوة والملك، كلاهما، لكن النبوة هبة من الله، وهبه الله النبوة وكذلك الملك.
(قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ أَشَدَّ أَهْلِ الدُّنْيَا سُلْطَانًا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ يَحْرُسُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَةُ آلَافٍ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ حَرَسُه فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا لَا تَدُورُ عَلَيْهِمُ النَّوْبَةُ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ).
الله أعلم.
(وَقَوْلُهُ] {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} أَيْ: جَعَلْنَا لَهُ مُلْكًا كَامِلًا مِنْ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُلُوكُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ أَشَدَّ أَهْلِ الدُّنْيَا سُلْطَانًا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ يَحْرُسُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَةُ آلَافٍ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ حَرَسُه فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا لَا تَدُورُ عَلَيْهِمُ النَّوْبَةُ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ).
الله أعلم، هذا قاله بلاغًا، ليس فيه سند.
الطالب: يحتاج إحدى عشر مليونًا أحسن الله إليك.
الشيخ: في السنة؟
الطالب: في الذي عنده أحسن الله إليك حتى تطوف عليهم السنة.
الشيخ: الله أعلم، هذا قال بعض السلف: بلغني، بينه وبين داود أزمنة تنقطع دونها الوطيء.
الطالب: قال في الحاشية أحسن الله إليكم: هذا الخبر فيه مبالغة، وهو من الإسرائيليات.
(وَقَالَ غَيْرُهُ: أَرْبَعُونَ أَلْفًا مُشْتَمِلُونَ بِالسِّلَاحِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عِلْباء بْنُ أَحْمَرَ عَنْ عِكْرِمة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَفَرَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَعْدَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ اغْتَصَبَهُ بَقَرًا فَأَنْكَرَ الْآخَرُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَأَرْجَأَ أَمْرَهُمَا فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أُمِرَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الْمَنَامِ بِقَتْلِ الْمُدَّعِي فَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ طَلَبَهُمَا وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْمُدَّعِي فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَلَامَ تَقْتُلُنِي وَقَدِ اغْتَصَبَنِي هَذَا بَقَرِي؟ فَقَالَ: إِنِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي بِقَتْلِكَ فَأَنَا قَاتِلُكَ لَا مَحَالَةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ يا نبي اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْكَ بِقَتْلِي لِأَجْلِ هَذَا الَّذِي ادَّعَيْتُ عَلَيْهِ، وَإِنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْتُ وَلَكِنِّي كُنْتُ قَدِ اغْتَلْتُ أَبَاهُ وَقَتَلْتُهُ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ أَحَدٌ فَأَمَرَ بِهِ دَاوُدُ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] فَقُتِلَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاشْتَدَّتْ هَيْبَتُهُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}).
هذا من أخبار بني إسرائيل، ابن عباس يخبر عن بني إسرائيل، الله أعلم.
(وَقَوْلُهُ: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: الْفَهْمَ وَالْعَقْلَ وَالْفِطْنَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: الْحِكْمَةَ وَالْعَدْلَ. وَقَالَ مَرَّةً: الصَّوَابَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كِتَابَ اللَّهِ وَاتِّبَاعَ مَا فِيهِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {الْحِكْمَةَ} النُّبُوَّةُ.
وَقَوْلُهُ: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} قَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي وَالشَّعْبِيُّ فَصْلُ الْخِطَابِ: الشُّهُودُ وَالْأَيْمَانُ).
الحكمة النبوة والفهم، أعد قوله: {وآتيناه الحكمة}.
(وَقَوْلُهُ: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: الْفَهْمَ وَالْعَقْلَ وَالْفِطْنَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: الْحِكْمَةَ وَالْعَدْلَ. وَقَالَ مَرَّةً: الصَّوَابَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كِتَابَ اللَّهِ وَاتِّبَاعَ مَا فِيهِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {الْحِكْمَةَ} النُّبُوَّةُ).
هذه كلها غير [00:15:05] الحكمة: النبوة، والصواب، والفهم، والعلم، كل هذا آتاه الله داود.
(وَقَوْلُهُ: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} قَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي وَالشَّعْبِيُّ فَصْلُ الْخِطَابِ: الشُّهُودُ وَالْأَيْمَانُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: شَاهِدَانِ عَلَى الْمُدَّعِي أَوْ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي فَصَلَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ -أَوْ قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ وَالصَّالِحُونَ- وَهُوَ قَضَاءُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ إِصَابَةُ الْقَضَاءِ وَفَهْمِهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ الْفَصْلُ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْحُكْمِ.
وَهَذَا يَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ وَهُوَ الْمُرَادُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ).
فصل الخطاب هو فصل الحكم، وإنما يكون هذا بالبينة أو الشهود التي تفصل الخطاب.
(وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ" دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ.
وَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَصْلُ الْخِطَابِ: "أَمَّا بَعْدُ").
وقيل: إن أول من قال ذلك قس بن ساعدة، أعد السند.
(وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ" دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ.
وَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَصْلُ الْخِطَابِ: "أَمَّا بَعْدُ").
الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟
الطالب: أحسن الله إليكم، أخرجه الطبري بسند فيه جابر بن نوح، وهو ضعيف كما في التقريب، ويشهد له سابقه.
الشيخ: حديث جابر عندك، أعد الحديث، فصل الخطاب، قال ماذا؟ قال ابن جرير؟ قال ابن أبي حاتم؟
(وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ" دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ.
وَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَصْلُ الْخِطَابِ: "أَمَّا بَعْدُ").
الشيخ: عمن؟ عن ابن عباس؟
الطالب: نعم أحسن الله إليكم، عن أبي موسى.
الشيخ: قبله ماذا؟
الطالب: عن بلال بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: أَوَّلُ مَنْ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ" دَاوُدُ.
الشيخ: محتمل، إذا كان أبو موسى لا يحدث عن بني إسرائيل يكون له حكم الرفع.
الطالب: أحسن الله إليكم، داود عليه السلام [00:20:11]
الشيخ: نعم، داود يتكلم بالعبرانية، هي لغة بني إسرائيل، العبرانية والسريانية، العبرانية لغة اليهود، والسريانية لغة النصارى، يقولون الأشاعرة: يقولون كلام الله واحد، فإن عُبِّر عنه بالعربية فهو القرآن، وإن عبر عنه بالعبرانية فهو التوراة، وإن عبر عنه بالسريانية فهو الإنجيل، الكلام واحد، المعنى واحد، هذا كلام الأشاعرة.
الطالب: أما بعد: داود، هو قس بن ساعدة، وسحبان بن وائل.
الشيخ: سحبان، هذا المعروف الفصيح، سحبان بن وائل، خطيب ضرير.
الطالب: وقال أول شيء أحسن الله إليك، نظم بيتًا هنا قال:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئًا.
الشيخ: من الذي قال هذا؟
الطالب: هو نفسه السيد محمد الهاشم أحسن الله إليك، قال...
الشيخ: هذا معاصر؟
الطالب: معاصر والله أعلم يا شيخ، داود عليه السلام، وقس بن ساعدة، وسحبان بن وائل، وكعب بن زهير، ويعرب بن قحطان، قال في النظم:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئًا، بها خمسة أقوال داود أقرب
وكانت له فصل الخطاب وبعده، فقس فسحبان فكعب فيعرب.
الشيخ: يعني أولهم داود، ثم قس، ثم سحبان، ثم يعرب؟
الطالب: نعم أحسن الله إليك.
الشيخ: ولهذا قال بعضهم: أول من قالها قس، يحمل على أنه بعد داود إذا ثبت، وهذا الحديث عن أبي موسى، أبو موسى لا يأخذ عن بني إسرائيل يكون له حكم الرفع، ليس ببعيد أن يكون له حكم الرفع، الصحابي إذا قال شيئًا مثله لا يقال بالرأي يحمل على أنه سمع من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الطالب: [00:22:28]
الشيخ: سنده ماذا؟ عن أبي موسى؟ أول من قال: أما بعد، فيه بلال، في سنده بلال، يبقى، ينظر، هل له متابع؟ هل له شاهد؟ لأن هذه المسألة ما يقويه.
الطالب: عبد الرحمن بن شبة في السند، وليس بن شيبة.
الشيخ: نعم، شبة هو المعروف.
الطالب: في السير ذلك، ذكره في السير.