شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من صحيح ابن خزيمة_38

00:00
00:00
تحميل
37

 

أما بعد، فقال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

قارئ المتن: بَابُ الْتِزَامِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي اشْتَرَطْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ

حدثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: لَمَّا فَتْحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ: قُلْتُ: لِأَلْبَسْ ثِيَابِي، وَحدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُوفِيُّ حدثنا ابْنُ فُضَيْلِ حدثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح وحدثنا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ حدثنا خَالِدٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، وَانْطَلَقْتُ، وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُسْتَلِمُونَ مَا بَيْنَ الْحِجْرِ إِلَى الْحَجَرِ

الشيخ: مستلمون؟

مداخلة: قال: "في الأصل، وفي المطبوع مستلمون".

شرح الشيخ: وهذا هو الأصل، وصف لخرج من البيت، هو خرج -عليه السلام-، يكون مرفوع الأصل، لحن (مستلمين)، على كل حال يراجع في الأصل.

قارئ المتن: مَا بَيْنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحِجْرِ

الشيخ: ما بين الحجَر إلى الحجَر، يعني مستلمين البيت من أوله إلى آخره.

قارئ المتن: ما بين الحجَر إلى الحجَر وَاضِعِي خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ، وَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بالْبَابَ،

شرح الشيخ: (وإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- أقربهم من الباب)، هنا في النسخة: (مرَّ بالباب)، كذا في الأصل، عندك ماذا؟

مداخلة: (أقربهم من الباب).

الشيخ: تكلم عليه؟

مداخلة: قال: "كلمة أقربهم سقطت من الأصل ومن المطبوع، والمثبت من جزء أشيب وأًسد الغابة".

الشيخ: (وإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- أقربهم من الباب)، ما يستقيم إلا هكذا، تُكتب (أقربهم من الباب).

قارئ المتن: فَدَخَلْتُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ السَّارِيَةِ الَّتِي قُبَالَةَ الْبَيْتِ. هَذَا حَدِيثُ ابْنِ فُضَيْلٍ.

ما تخريجه؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، قال البخاري في تاريخه الكبير: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ولا يصح، أخرجه أحمد وابن داوود وابن أبي عاصم".

شرح الشيخ: المؤلف -رحمه الله- اشترط (الْتِزَامِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي اشْتَرَطْه فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ)، اشترط أنه لا يروي إلا عمن يحتج به، يعني لا يروي عن مُجمع على ضعفه، إسناده ماذا؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، قال البخاري في تاريخه الكبير: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ولا يصح".

شرح الشيخ: هنا الأعظمي حسنه، قال: "إسناده حسن لغيره، ويزداد قوة، بعمل جميع الصحابة به. كما قلت في المناسك"، الشيخ الألباني، هكذا عندكم؟ قال هذا [00:04:48] الألباني، حديث جعفر قوله: يزيد قوة بعمل جميع الصحابة، من يُثبت أن الصحابة عملوا بهذا، أعد الحديث.

قارئ المتن: قال حدثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: لَمَّا فَتْحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ: قُلْتُ: لِأَلْبَسْ ثِيَابِي

الشيخ: يعني القائل هنا عبد الرحمن بن صفوان، بالسند إليه.

قارئ المتن: وَحدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُوفِيُّ حدثنا ابْنُ فُضَيْلِ حدثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح وحدثنا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ حدثنا خَالِدٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، وَانْطَلَقْتُ، وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُسْتَلِمينَ

شرح الشيخ: مستلمين تكون حال، أو مستلمون تكون وصف، نعم مستلمين، وقد خرج.

قارئ المتن: وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُسْتَلِمينَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ وَاضِعِي خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ، وَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الْبَابَ، فَدَخَلْتُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ السَّارِيَةِ الَّتِي قُبَالَةَ الْبَيْتِ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ فُضَيْلٍ.

الشيخ: ماذا قال عن التخريج؟

مداخلة: قال: "إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، قال البخاري في تاريخه الكبير: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ولا يصح، أخرجه أحمد وأبو داوود".

الشيخ: والبخاري ذكره أين؟ في التاريخ أم ...

مداخلة: نعم، في التاريخ الكبير.

الشيخ: والشيخ ناصر حسنه لغيره، قال: "يزداد قوة بعمل جميع الصحابة"، وهذه دعوى، يحتاج إلى إثبات أن الصحابة عملوا به، والصواب أنه ضعيف، والمؤلف -رحمه الله- يقول: (بَابُ الْتِزَامِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ) يعني ما يُحتج به، ولا يحتج به هنا.

وعلى هذا فلا يشرع لمن دخل الكعبة أن يلتزم البيت، وإنما دخل الكعبة يُصلي ثم يخرج، ولا يحتاج إلى أن يأتي ويلتزم البيت، يعني كونه يلتزم البيت، ويستقبله ويلتزمه، وأما هذا الحديث أن الصحابة كلهم من الحجر إلى الحجر التزموا البيت؛ هذا لا يصح، يزيد بن أبي زياد ضعيف.

وعلى هذا فـالترجمة في استحباب التزام البيت عند الخروج من الكعبة، لا يصح، وليس بمشروع، وإنما المشروع الصلاة داخل الكعبة، ثم الخروج لينصرف.

فتحسين الشيخ ناصر -رحمه الله- لا وجه له، الصواب أنه ليس بحسن، وإنما هو ضعيف، وقول الشيخ ناصر أنه يزداد قوة بعمل جميع الصحابة؛ هذه دعوى أثبت أن الصحابة عملوا بذلك، ما فيه إلا هذا الحديث، والحديث ضعيف.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ دُخُولُ الْكَعْبَةِ إِذْ بَعْضُ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ، بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ

الشيخ: بذكر خبرٍ لفظه، مكرره عندك؟

مداخلة: لفظه لفظ عام.

الشيخ: لفظه لفظ، كلمة لفظ ساقطة عندي، (بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ لفظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ).

قارئ المتن: بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ لفظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَسْمَعَ بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّ لَفْظَهُ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ بَعْضُ النَّاسِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ جَمِيعَ الْحِجْرِ مِنَ الْكَعْبَةِ لَا بَعْضَهُ

شرح الشيخ: حتى لو توهم، لا يضر، إذا توهم ماذا يضر؟ توهم، يُبيّن له أن الحجر ليس كله من الكعبة، ستة أذرع ونصف تقريبًا من الكعبة، ولذلك على الطائف أن يطوف وراء الحجر، الطائف يطوف وراء الحجر كله، حتى يتيقن أنه طاف بالكعبة، وإذا توهم متوهم أن جميع الحجر من الكعبة، فإنه أيضًا يلزمه أن يطوف من وراء الحجر، التوهم هذا لا يترتب عليه شيء، سواء يعتقد أن جميع الحجر من الكعبة أو جزء من الكعبة، الطائف عليه أن يطوف وراء الحجر.

قارئ المتن: بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ دُخُولُ الْكَعْبَةِ إِذْ بَعْضُ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ، بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَسْمَعَ بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّ لَفْظَهُ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ بَعْضُ النَّاسِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ جَمِيعَ الْحِجْرِ مِنَ الْكَعْبَةِ لَا بَعْضَهُ

حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا: حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتِ فَأُصَلِّي فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنُو الْكَعْبَةَ اسْتَقْصَرُوا فَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّي فِي الْبَيْتِ فَصَلِّي فِي الْحِجْرِ» ...

شرح الشيخ: إذا أردتِ، تصلين النون هذا لحن، تصلي؛ لأنها دخل عليها حرف ناصب (تُصلي)، فإذا أردتِ أن تُصلي في البيت فصلي في الحِجر.

قارئ المتن: «فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّي فِي الْبَيْتِ فَصَلِّي فِي الْحِجْرِ، فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ»

شرح الشيخ: جزء من البيت، فمن لا يتمكن من دخول البيت يُصلي في الحجر، تخريجه؟

مداخلة: قال: "إسناده حسن، أم علقمة هي مرجانة، صدوقة حسنة الحديث، روى عنها ابنها علقمة وبكير بن الأشج، وقال العجلي: مدنية تابعية ثقة، وذكرها ابن حبان في الثقات، أخرجه أحمد وأبو داوود، والترمذي والنسائي".

الشيخ: الحديث رواه أبو داوود من طريق عبد العزيز [00:12:53] ونعم الحديث حسن، وفيه أن الصلاة في الحجر صلاة في الكعبة، داخل الكعبة؛ لأنها جزء من الكعبة، وعليه على هذا، على قول جميع الفقهاء لا تصح صلاة الفريضة في الحجر، قال العلماء: لا تصح الفريضة في داخل الكعبة، ولا فوق ظهر الكعبة؛ لأنهم لا يستقبلونها جميعًا، ولأن هذا في الفريضة، هذا قول الجمهور.

بعض العلماء يرى أنه لا بأس، يرى شيخنا سماحة الشيخ ابن باز أنه لا بأس بصلاة الفريضة ولو داخل الكعبة، لكن جمهور العلماء على أنه لا يصح صلاة الفجر من الداخل، وإنما تكون نافلة، نافلة داخل الكعبة، أما الفريضة فلا تصلى داخل الكعبة، ولا فوق الكعبة، ولا في الحجر، الحجر جزء من الكعبة، وإنما تكون خارجها حتى يستقبل الكعبة كاملة، ولكن هذا في النافلة.

ولهذا قالت عائشة: (كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتِ فَأُصَلِّي فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنُو الْكَعْبَةَ اسْتَقْصَرُوا فَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ).

ما معنى استقصروا؟

يعني قصروا من أجل النفقة، أخذوا على أنفسهم أنهم لا يبنونها إلا بمالٍ حلال، فلم يجدوا مالًا حلالًا يكفي لبناء الكعبة، طبق الحرام الأرض كلها، لم يجدوا إلا قليل، لم يستطيعوا أن يبنوا به الكعبة، فأخرجوا جزء منها حتى يتمكنوا من بناء أغلبها بالحلال، استقصروا فأخرجوا الحجر من البيت، قال: «فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّي فِي الْبَيْتِ فَصَلِّي فِي الْحِجْرِ، فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ»، نعم، هذا الصحيح.

سؤال: [00:14:59]

الشيخ: يعني من طريقٍ أخرى؟ ما أشار الفحل له.

مداخلة: ما أشار.

الشيخ: طريق الزبير، من المُحشّي، أو المُعلق؟

مداخلة: ابن عبد الرحمن عادل بن سعد.

الشيخ: كان موجود في مسلم، الظاهر أنه في مسلم.

مداخلة: [00:15:32]

الشيخ: إذن أخرجه مسلم من طريق أخرى، هو الظاهر أنه ورد في مسلم، نعم.

قارئ المتن: وحدثنا الرَّبِيعُ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ لَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ فِي عَقِبِ حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُ مَا يُشْبِهُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ لَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ فِي الْكِتَابِ الْكَبِيرِ.

شرح الشيخ: وهو تحري مر قبل ذلك، مر في الصحيح أو في الصحيحين، في رواية عبد الله بن الزبير عن خالته عائشة، قال: «لولا حداثة عهدهم بالكفر لانقضت الكعبة وجعلت لها بابين»، مثبت في الصحيحين، نعم.

قارئ المتن: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ بَعْضَ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ، لَا جَمِيعَهُ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ، بَعْضَهُ لَا جَمِيعَهُ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الِاسْمَ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ

شرح الشيخ: يعني العام يُراد به البعض، يُراد به الخاص، فذُكر بأن بعض الحجر من البيت، لا جميعه، يعني ما يقرب من ستة أذرع ونصف من البيت، والباقي زيادة، والدليل على أنه بعضهم يقول: (وَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ، بَعْضَهُ لَا جَمِيعَهُ).

قال: (وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الِاسْمَ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ)، يعني العام يُراد به الخاص، مثل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾[آل عمران:173]

هل الناس كلهم قالوا لهم؟

لا، بعض الناس، لما انتهت معركة أُحد، وأصابه ما أصابه من جراح قال سادة قريش [00:18:04] يقول لهم إنهم ندموا على إسرافهم وسيعودون مرة أخرى ليقضوا على البقية الباقية، فلما بلغوا السهل، قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، قال الله تعالى: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾[آل عمران: 174] فهذا وفد، سماهم الناس، ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾؛ يعني بعض الناس.

قارئ المتن: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حدثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَهَدَمْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أُدْخِلَ فِيهِ مَا أَخْرَجُوا مِنْهُ فِي الْحِجْرِ، فَإِنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ نَفَقَتِهِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَأَلْصَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَوَضَعْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ».

قَالَ: فَكَانَ ذَاكَ الَّذِي دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى هَدْمِهِ، وَبِنَائِهِ، قَالَ: فَشَهِدْتُهُ حِينَ هَدْمَهُ وَبَنَاهُ، فَاسْتَخْرَجَ أَسَاسَ الْبَيْتِ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ مَتَلَائِكَةً.

شرح الشيخ: وهي الحجارة التي بنى بها إبراهيم -عليه السلام-، أساس البيت كأسنمة البُخت، البُخت نوع من الإبل لها سنمان بينهما فاصل، فالحجارة التي بنى بها إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- البيت أساسه مثل أسنمة البُخت، وجاء في رواية أنها خضراء.

استخرجه ابن الزبير، هدمه، وطبق الحديث، لما تولى الخلافة في الحجاز طبق الحديث، هدم الكعبة، وأدخل الحجر، وفتح بابًا أرضيًا، ونزَّل الباب الشرقي بعدما كان مرتفعًا، ألصقه بالأرض، ثم بعد ذلك لما نازعه عبد الملك بن مروان وأرسل الجيوش لقتاله بقيادة الحجاج بن يوسف، انتصر عليه الحجاج، هدم الكعبة ورماها بالمنجنيق، وأعاد بناءها على ما كانت عليه بالجاهلية، فسد الباب الغربي ورفع الباب الشرقي وأخرج الحجر، فأعادها على ما كانت عليه في الجاهلية. ويُقال أن جعفر المنصور -وجاء ما يدل على هذا- أنه سأل الإمام مالك: هل أعيد بناء البيت كما فعل ابن الزبير، أو يتركه على حاله؟ فمالك توقف، ثم في النهاية أفتاه بأنه يترك البيت على حاله، وقال: "أخشى أن تكون الكعبة ملعبةً للملوك".

فكان رأي الإمام مالك رأيًا موفقًا سدًّا للباب، وبقيت على ما كانت عليه إلى الآن على بناء الحجاج.

قارئ المتن: قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ لَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَطُوفُ مَعَهُ: أَرِنِي مَا أَخْرَجُوا مِنَ الْحِجْرِ مِنْهُ. قَالَ: أُرِيكَهُ الْآنَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: هَذَا الْمَوْضِعُ.

الشيخ: أعد: قال رسول الله: يا عائشة لولا أن قومك حديث ...

قارئ المتن: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

الشيخ: هذا عبد الله بن الزبير يروي عن عائشة.

قارئ المتن: «يَا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَهَدَمْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أُدْخِلَ فِيهِ مَا أَخْرَجُوا مِنْهُ فِي الْحِجْرِ، فَإِنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ نَفَقَتِهِ ...

شرح الشيخ: عجزوا عن نفقته من الحلال يعني، وإلا عندهم نفقة، عندهم أموال ولكن من الحرام، من الحرام، من الربا ومن أشباهه، من المتشابه، الأموال التي أُخذت بغير حق، كثيره عندهم الأموال، لكنهم أخذوا على أنفسهم أن لا يبنوها إلا بمال حلال، فلم يجدوا مال حلال يكفي، فبنوا ما استطاعوا وأخرجوا الحجر.

قارئ المتن: وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَأَلْصَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَوَضَعْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ» قَالَ: فَكَانَ ذَاكَ الَّذِي دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى هَدْمِهِ، وَبِنَائِهِ قَالَ: فَشَهِدْتُهُ حِينَ هَدْمَهُ وَبَنَاهُ، فَاسْتَخْرَجَ أَسَاسَ الْبَيْتِ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ مَتَلَائِكَةً، قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ لَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَطُوفُ مَعَهُ أَرِنِي مَا أَخْرَجُوا مِنَ الْحِجْرِ مِنْهُ.

الشيخ: هذا يقوله ابن جرير لأبيه.

قارئ المتن: قَالَ: أُرِيكَهُ الْآنَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: هَذَا الْمَوْضِعُ. قَالَ أَبِي: فَحَرَزْتُهُ نَحْوًا مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ

شرح الشيخ: يعني ستة أذرع هذه كلها من الكعبة، أو ستة أذرع ونصف، (قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ لَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ)، كان هذا جرير.

قارئ المتن: وَهَكَذَا رَوَى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حدثنا جَرِيرٌ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

الشيخ: الأول، في الصحيح قال عندك؟ تخريجه؟

مداخلة: قال: "صحيح، أخرجه مسلم".

الشيخ: والثاني أخرجه البخاري.

مداخلة: الأول البخاري ومسلم.

قارئ المتن: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَرَوَاه يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حدثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: قَالَ يَزِيدُ: قَدْ شَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدْمَهُ، حَدَّثَنَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ قَدْ سَمِعَ الْخَبَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا

الشيخ: (فَرِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ قَدْ سَمِعَ الْخَبَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا)، ممن؟

مداخلة: يقصد عروة وعبد الله بن الزبير، في الحديث الأول رواه عن عبد الله بن الزبير، والثاني رواه عن عروة.

الشيخ: عن عروة عن عائشة، نعم.

قارئ المتن: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا عَبْدُ الرَّازِقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ لَيْسَ فِيهِ مَدَرٌ، وَكَانَتْ قَدْرُ مَا يَقْتَحِمُهَا الْعَنَاقُ

شرح الشيخ: (بِالرَّضْمِ) كانت حجارة، الحجارة الصغيرة، والمدر الطين، ما فيه طين، كانت مبنية بالحجارة الصغيرة، بعضها على بعض.

قارئ المتن: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ لَيْسَ فِيهِ مَدَرٌ، وَكَانَتْ قَدْرُ مَا يَقْتَحِمُهَا الْعَنَاقُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: فَلَمَّا كَانَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَذَكَرَ حَرِيقَهَا فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مِنْهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ فِي الْحِجْرِ ضَاقَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ وَالْخَشَبُ»، وَقَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً.

شرح الشيخ: قال ابن خُثيم، هو في الأصل أبو خُثيم، قال: فلما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتكلم على ... علق على الجيش؟

مداخلة: ما علق عليها.

مداخلة: قال أخرجه عبد الرزاق.

الشيخ: قال إسناده صحيح، عبد الرزاق المصنف، عندك التخريج؟

قال: "صحيح، أخرجه عبد الرزاق من طريق أبي الطُفيلي عن ابن الزبير به، وأخرجه عبد الرزاق من طريق ابن أبي مُليكة، عن عائشة".

الشيخ: ماذا قال: كانت الكعبة في الجاهلية؟

قارئ المتن: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ لَيْسَ فِيهِ مَدَرٌ، وَكَانَتْ قَدْرُ مَا يَقْتَحِمُهَا الْعَنَاقُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

شرح الشيخ: العناق هي السخلة، الأنثى من المعز لها ستة أشهر، قدر ما يقتحمها، (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: فَلَمَّا كَانَ) ...

قارئ المتن: وَكَانَتْ قَدْرُ مَا يَقْتَحِمُهَا الْعَنَاقُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: فَلَمَّا كَانَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَذَكَرَ حَرِيقَهَا فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ

الشيخ: احترقت الكعبة، ثم هدمها عبد الله بن الزبير وبناها من جديد.

قارئ المتن: فَذَكَرَ حَرِيقَهَا فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مِنْهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ فِي الْحِجْرِ ضَاقَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ وَالْخَشَبُ»، وَقَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً.

الشيخ: لم يذكر جيش الحُصين والقصة الطويلة هذه، ذكر المرجع؟

مداخلة: لم يذكره.

الشيخ: لم يذكره المؤلف يمكن ذكره في كتب السير، الحافظ، البداية، يمكن شيء من هذا، وسيرة بن هشام، وتاريخ الإسلام.

قارئ المتن: حدثنا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، حدثنا ابْنُ بَكْرٍ يَعْنِي مُحَمَّدًا، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عَطَاءٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا، قَالَ الْحَارِثُ: بَلَى أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا، قَالَ: سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ وَإِنِّي لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهُ، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي فَلَأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ»، فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

شرح الشيخ: (فَهَلُمِّي فَلَأُرِيَكِ) هلمي يعني تعالي، لأريَكِ ما تركوا منه.

مداخلة: عندي (هلم) بدون ياء.

الشيخ: (هلمي) بالياء، عدلها.

قارئ المتن: فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي فَلَأُرِيكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ»، فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

والتخريج سبق؟

مداخلة: نعم سبق، قال سبق، وقال هناك: أخرجه مسلم.

مداخلة: أخرجه مسلم بنفس الرقم السابق، (3233).

الشيخ: وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك ...

قارئ المتن: وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا أَظُنُّ

شرح الشيخ: وهذا بعد قتل ابن الزبير وهدم الكعبة، وإعادة الكعبة إلى ما كانت عليه، واستقرار الأمور لعبد الملك بن مروان، صار هو خليفة، كان عبد الله بن الزبير سبقه، فسبق عبد الملك بن مروان، وأول من بايع له، ثم مروان بن الحكم والد عبد الملك بعد ذلك دعا لنفسه في الشام، وعبد الله بن الزبير كان هو الخليفة، بويع له في مكة والمدينة والطائف وكذلك بالشام، ثم خرج مروان بن الحكم، ثم [00:32:46] لنفسه، ثم توفي، ثم جاء بعده عبد الملك بن مروان، وتوسع شيئًا فشيء، حتى يعني أخذ الشام، ثم العراق، وجعل يبعث البعوث لقتال عبد الله بن الزبير، حتى انتصر عليه.

فعبد الله بن الزبير هو السابق، هو المبايَع، هو الخليفة قبل عبد الملك بن مروان، فالحارث وفد على عبد الملك بن مروان في خلافته، لما استقرت الخلافة له، وانتهى عبد الله بن الزبير، وهدم الكعبة، قال عبد الملك للحارث: (مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ)، خُبيب هذه كُنية عبد الله بن الزبير، (سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ)، في روايةٍ أخرى أنه قال: "يكذب ابن الزبير على عائشة"، ما قالت عائشة هذا القول، فقال الحارث: لا، أنا سمعت عائشة تقول هذا الكلام.

 قارئ المتن: وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا، قَالَ الْحَارِثُ: بَلَى أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا، قَالَ: سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ وَإِنِّي لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهُ، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي فَلَأُرِيكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ»، فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

شرح الشيخ: هذا كأنه رمز له أبي داوود، والحديث رواه مسلم، نعم، في الصحيحين.

مداخلة: جيش الحصين بن نمير، ذكره ابن كثير في البداية والنهاية.

الشيخ: ذكره عندك؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: عندك ما الذي بعد هذا؟ باب ماذا؟

قارئ المتن: بَابُ إِبَاحَةِ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

بركة، قف على هذا، انظر كلام الحافظ ابن كثير.

مداخلة: قال -رحمه الله-: "ثم دخلت سنة 64، ففيها في أول المحرم منها سار مسلم بن عقبة إلى مكة قاصدًا قتال ابن الزبير، ومن التف عليه من الأعراب على مخالفة يزيد بن معاوية، واستخلف على المدينة روحة بن زمباع، فلما بلغ ثنية هرشة، بعث إلى رؤوس الأجناد فجمعهم، فقال: إن أمير المؤمنين عهد إليّ إن حدث بي حدث الموت أن أستخلف عليكم حُصين بن نُمير السكوني، ووالله لو كان الأمر لي، ما فعلت. ثم دعا به فقال: أنظر يا ابن بردعة الحمار فاحفظ ما أوصيك به. ثم أمره إذا وصل مكة أن يُناجز ابن الزبير قبل ثلاث، ثلاث قال: اللهم إني لم أعمل عملًا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أحب إليّ من قتل أهل المدينة، وأجزى عندي في الآخرة، وإن دخلت النار بعد ذلك؛ إني لشقي، ثم مات قّبحه الله ودُفن بالمسلك، فيما قاله الواقدي.

ثم أتبعه الله بيزيد بن معاوية فمات بعده في ربيع الأول لأربع عشرة ليلة خلت منه، فما متعهم الله بشيء مما رجوه وآملوه، بل قهرهم القاهر فوق عباده وسلبهم المُلك، ونزعه منهم من ينزع المُلك ممن يشاء. وسار حُصين بن نُمير بالجيش نحو مكة فأنتهى إليها لأربعٍ بقين من المُحرم فيما قاله الواقدي، وقيل لسبعٍ مضين منه، وقد تلاحق بابن الزبير جماعات ممن بقي من أشراف أهل المدينة، وانضاف إليه نجدة بن عامر الحنفي من أهل اليمامة في طائفة من أهلها، ليمنعوا البيت من أهل الشام، فنزل حُصين بن نُمير ظاهر مكة، وخرج إليه ابن الزبير في أهل مكة، ومن التف معه فاقتتلوا عند ذلك قتالًا شديدًا، وتبارز المُنذر بن الزبير ورجل من أهل الشام فقتل كل واحد منهما صاحبه، وحمل أهل الشام على أهل مكة حملة صادقة، فانكشف أهل مكة، وعثرت بغلة عبد الله بن الزبير به فكر عليه المسور بن المخرمة، ومُصعب بن عبد الرحمن بن عوف وطائفة، فقاتلوا دونه حتى قُتلوا جميعًا وصابرهم ابن الزبير حتى الليل، فانصرفوا عنه، ثم اقتتلوا في بقية شهر المحرم وصفرًا بكماله.

فلما كان يوم السبت ثالث ربيعٍ الأول سنة 64، نصبوا المجانيق على الكعبة ورموها حتى بالنار، فاحترق جدار البيت في يوم السبت وهذا قول الواقدي، وهم يقولون: خطارة مثل الفتيق المزبد تُرمى بها جدران هذا المسجد، وجعل عُمر بن حوطه السدوسي يقول: كيف ترى صنيع أم فروة تأخذهم بين الصفا والمروة، وأم فروة اسم المنجنيق، وقيل: إنما احترقت؛ لأن أهل المسجد جعلوا يوقدون النار وهم حول الكعبة، فعلقت النار في بعض أستار الكعبة فسرت إلى أخشابها وسقوفها فاحترقت، وقيل: أنما احترقت؛ لأن ابن الزبير سمع التكبير على بعض جبال مكة في ليلة ظلماء، فظن أنهم أهل الشام فرُفِعت نار على رُمح لينظروا من هؤلاء الذين على الجبل، فأطارت الريح شرارة من رأس الرُمح إلى ما بين الرُكن اليماني والأسود من الكعبة، فعلقت في أستارها وأخشابها فاحترقت واسود الركن وانصدع في ثلاث أمكنة منه، واستمر الحصار إلى مستهل ربيعٍ الآخر وجاء الناس نعي يزيد بن معاوية وأنه قد مات لأربع عشرة ليلة خلت من ربيعٍ الأول، سنة أربع وستين، وهو ابن خمس أو ثمانٍ أو تسعٍ وثلاثين سنة، فكانت بدايته ثلاث سنين وستة أو ثمانية أشهر، فغُلب أهل الشام هنالك وانقلبوا صاغرين، فحينئذ خمدت الحرب وطُفئت نار الفتنة، ويُقال أنهم مكثوا يُحاصرون ابن الزبير بعد موت يزيد نحو أربعين ليلة، ويُذكر أن ابن الزبير علم بموت يزيد قَبل أهل الشام فنادى فيهم: يا أهل الشام، فنادى فيهم: يا أهل الشام، قد أهلك الله طاغيتكم، فمن أحب منكم أن يدخل فيما دخل فيه الناس، فليفعل، ومن أحب أن يرجع إلى شامه فليرجع، فلم يُصدق الشاميون أهل مكة فيما أخبروهم به، حتى جاء ثابت بن قيس بن القيقع بالخبر اليقين".

ثم ذكر القصة بين حُصين بن نُمير وابن الزبير، طويلة.

الشيخ: هذا في كتب السيرة، هذا في العصر الأول، نسأل الله السلامة والعافية، عام 64، نسأل الله السلامة والعافية، الحمد لله على الأمان.

إراقة الدماء بغير حق من أشد المعاصي وأشد الكبائر، ولهذا يعني الاجتماع والائتلاف كله خير، والفرقة والخلاف شر، كان الإمام أحمد -رحمه الله- ينهى عن الخروج عن ولاة الأمور، لما جاءوا يشكون إليه، قال: "عليكم النكرة في قلوبكم، الدماء، الدماء، الدماء"، فالدماء ليست بالأمر الهين، والاجتماع: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾[آل عمران:103]، الاجتماع والائتلاف، وعدم التفرق، هذا الخير كله.

ولهذا أُمر الناس بأن يصبروا على جور الولاة، ولا يخرج عليهم؛ لأن في الصبر وعدم الخروج فيه جمع للكلمة، وفيه قوة، قوة أمام الأعداء، وفيه حقن للدماء، وفيه السلامة من الفتن ومن تدخل الأعداء، وفيه الأمن، وأداء الأعمال والعبادة كلها براحة وأمن، والحمد لله على السلامة والعافية، وفق الله الجميع، والسلام عليكم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد