بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
نبدأ بعون الله وتوفيقه درسنا هذا الصباح.
قارئ المتن: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قارئ المتن: قال الإمام الحافظ ابن خزيمة رحمه الله تعالى في ذيل مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "حدثنا الحسين بن عيسى البسطامي وعلي بن معبد وأحمد بن سعيد الرباطي، قالا: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا مفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: أخذ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيد مجذوم فأدخله معه في القصعة ثم قال: «كل بسم الله ثقة بالله وتوكلًا عليه».
الشيخ: الحديث إسناده ضعيف.
قارئ المتن: قال: "إسناده ضعيف؛ لضعف مفضل بن فضالة بن أبي أمية، فقد ساق له ابن عدي هذا الحديث في كامله وعده من منكراته، وحديثه هذا معلول بالوقف كما ذكر ذلك الترمذي رحمه الله، وأخرجه ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجه والترمذي في العلل الكبير له، وأبو يعلى، والطبري في تهذيب الآثار مسند علي، والطحاوي في شرح المعاني، والعقيلي في الضعفاء، وابن حبان، وابن السني في عمل اليوم والليلة".
"قال الترمذي: هذا الحديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد عن المفضل بن فضالة، والمفضل بن فضالة هذا شيخ بصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر بصري أوثق من هذا وأشهر، وقد روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن ابن بريدة أن ابن عمر رضي الله عنهما أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أثبت عندي وأصح".
"قال: تنبيه! وإعلال الترمذي للحديث قد عزاه في علله الكبير، فقد قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن بريدة أن عمر أخذ بيد مجذوم بشيء من هذا، ولا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن المفضل بن فضالة غير يونس بن محمد، والمفضل بن فضالة شيخ بصري، قال ماهر: وابن بريدة لم يسمع من عمر، لكن ما قاله الترمذي ونقله عن شيخه لم أجده مسندًا مع عناء البحث، لكن وجدت العقيلي قد ذكر المفضل ثم عقبه بقوله: وحدثنا محمد بن علي قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: حدثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد، قال: سمعت عبد الله بن بريدة يقول: كان سلمان يعمل بيديه، ثم يشتري طعامًا، ثم يبعث إلى المجذومين فيأكلون معه، هذا أصل الحديث، وهذه الرواية أولى".
شرح الشيخ: كأن الحديث له أصل، لكن في ثبوته عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «كل بسم الله ثقة في الله، وتوكلًا عليه»، هذا لا يصح من هذا الوجه، ويعارض الحديث: «فر من المجذوم فرارك من الأسد»، من باب التقاء أسباب الهلاك، ولو ثبت هذا يكون هذا من توكل النبي بالله وثقته عليه، ولهذا قال بعض العلماء في الجمع بين حديث: «لا عدوى ولا طيرة»، وحديث: «فر من المجذوم»، وحديث: «لا تقدموا على بلد فيها الطاعون»، أنه ما قيل: إن هذا محمول على قوي التوكل، وضعيف التوكل، «فر من المجذوم»، محمول على ضعيف التوكل، وقالوا: بدليل أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بيد المجذوم وقال له: «كل ثقة بالله»، لما قوي توكله، ولكن لا يصح الحديث.
والصواب كما سبق أن هذا من باب التقاء أسباب الهلاك، «فر من المجذوم»، وحديث: «من عدى الأول»، هذا من باب أن ما كان عليه في الجاهلية، نفي اعتقاد الجاهلية، أنهم كانوا يعتقدون أن المرض يعدي بطبعه، وهذا من باب التقاء أسباب الهلاك، ومن العلماء من أخذ بهذا الحديث على ظاهره، وقالوا: هذا محمول على قوي التوكل، قال: وما ذكره العقيلي هو الصواب، وقد أسنده ابن أبي شيبة في المصنف عن يحيى بن سعيد عن (...) عن بريدة أن سلمان كان يصنع الطعام من كسبه، فيدعوا المجذومين فيأكل معهم، يعني ثابت عن سلمان، ولم يثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كأن الحديث له أصل، يحتاج إلى زيادة بحث في المسألة، وعلى كل حال فكل شيء بقضاء الله وقدره، ومن قوي توكله فلا يضره إلا ما كتب له، لا يأتيه شيء إلا ما كتبه الله وقدره عليه.
قارئ المتن: قال: "حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي، قال: حدثنا حسين بن عيسى، قال: حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم: «لا عدوى»، فقال أعرابي: إن الناقة الجرباء في الإبل فتجرب جميعًا، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فمن أعدى الأول»".
"قال: إسناده ضعيف؛ لضعف الحسين بن عيسى، وقد تابعه جماعة من الضعفاء، ولكن الحديث صحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، صحيح البخاري، وصحيح مسلم".
شرح الشيخ: يعني الحديث سنده ضعيف، لكن المتن صحيح من رواية في سند آخر، أخرجه الشيخان من طريق أخرى، قال: «فمن أعدى الأول»، وفي حديث أبي هريرة: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر»، هذا محمول على نفي اعتقاد أهل الجاهلية الذين كانوا يعتقدون أن المرض يعدي بطبعه، قال: «لا عدوى، ولا طيرة»، قال: «فمن أعدى الأول«، لكن قد تنتقل العدوى إذا أراد الله، وأما حديث: «فر من المجذوم»، فهذا من باب التقاء أسباب الهلاك، بيان فعل الأسباب، وإلا فإن الله في تقديره أن من خالط المريض من غيره سببًا في العدوى، «فمن أعدى الأول»، نعم.
قارئ المتن: قال: "حدثنا حامد بن عمرو، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «لا طيرة، ولا عدوى، ولا هامة، ولا صفر»، قال: فقال رجل: يا رسول الله! إنا لنأخذ الشاة الجرباء فنطرحها في الغنم فتجرب، قال: «فمن أعدى الأول»؟".
"وعن أحمد بن سعيد الدارمي وعبد الله بن الحكم بن أبي زيادة القطواني قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما به".
شرح الشيخ: والحديث سنده ضعيف، في رواية سماك بن حرب في عكرمة خاصة، وقد توبع، ولكن الحديث صحيح من حديث أنس، لكن الحديث له طريق أخرى، لكن الحديث (...) أنس، روي من طريق أخرى، أو هذه الطريق من رواية أنس، محتمل، الحديث ثابت، «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر»، لا عدوى على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية من أن المرض ينتقل بطبعه، ولا طيرة، لا تشاؤم بطير ولا غيره، ولا هامة، كما يعتقد أهل الجاهلية من أن الهامة وهي البوم إذا وقعت على بيت أحد قال: نعتني أو أحد من البيت، ولا صفر، من شهر صفر، أو الصفر هو دابة تكون في البطن، وهي أعدى من الجرب عند العرب، فنهى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأما قوله: إنا لنأخذ الشاة الجرباء فنطرحها فتجرب، قال: «فمن أعدى الأول»؟ يعني أن الله تعالى هو الذي قدره وأنزله، فإذا قدر أن ينتقل انتقل، وإذا لم يقدر فلا ينتقل؛ لأن الأول ما أصابه بدون عدوى، أصابه ما أصابه بدون عدوى.
وعلى هذا تبين أن هذا الحديث وإن كان سنده ضعيف ولكنه صحيح، متنه صحيح كما قال المحقق، الحديث صحيح من حديث أنس، نعم.
قارئ المتن: ثم قال رحمه الله تعالى: "حدثنا محمد بن أبان، قال: حدثنا سليم بن مسلم المكي عن سعيد بن بشير، عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء رضي الله عنها عن عمير بن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «صلاة في المسجد الحرام أفضل مما سواه من المساجد بمئة ألف صلاة، وصلاة في مسجد المدينة أفضل من ألف صلاة فيما سواه، وصلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمئة صلاة»".
شرح الشيخ: والإسناد من الإتحاف، والمتن من الترغيب والترهيب للمنذري، المتن عزاه ابن خزيمة، قال ابن حجر: (...)، والحديث قال المحققون: إسناده ضعيف؛ لضعف سعيد بن بشير، وسعيد بن بشير تحرف في المطبوع إلى عبد العزيز، عن سهل بن عبيد الله صحف إلى عبد الله، والحديث إسناده ضعيف، ذكر المؤلف تخريجه، المعروف أن الحديث صحيح بسند آخر، «الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه، وصلاة المسجد المدينة أفضل من ألف صلاة، وصلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمئة صلاة»، حكم عليه بأنه ضعيف، ولم يذكر صحة المتن، المتن صحيح من طريق أخرى، [00:15:39]، الحديث معروف الحديث، حكم على الإسناد بالضعف، لكن لم يتكلم عن المتن، المتن صحيح من طريق أخرى، المحقق اقتصر على...
قارئ المتن: أحسن الله إليك، هو في الصحيحين من حديث أبي هريرة بلفظ: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام».
الشيخ: «وصلاة في المسجد الحرام خير من مئة ألف فيما سواها، وخير من مائة صلاة في مسجدي هذا»، تكملة الحديث، الحديث صحيح من حديث أبي هريرة، غفل عنها المحقق، كيف غفل عنه المحقق؟ هو في الصحيح، كأنها غفلة من المحقق، قال: إسناده ضعيف، وعلى كل حال لكل جواد كبوة، يعني جهد يشكر التحقيق هذا ليس بالأمر الهين، المجلد هذا وغيره، له عناية وله جهد، ولكل جواد كبوة، هذا ليس نقص عنده، الحديث أصله في الصحيحين، ويكون المتن صحيح، وأما هذا السند فهو ضعيف.
«الصلاة في المسجد الحرام أفضل بمئة ألف صلاة، وصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمئة صلاة»، هذا ثابت، نعم.
قارئ المتن: ثم قال رحمه الله تعالى: "عن محمد بن يحيى عن النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي أمية بن خلف وأنا بينه وبين ابنه علي، آخذ بأيديهما: يا عبد الله! من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل".
شرح الشيخ: الحديث إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالسماع، أخرجه البزار في مسنده والحاكم والبيهقي، هذا روي عبد الله وفي بقية الروايات عبد الإله بدل عبد الله، سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي أمية بن خلف، وكان مشركًا، وكان صديقًا لعبد الرحمن بن عوف، فلما كان في بدر أبصره بلال وكان يعذبه، قال عبد الرحمن: قال لي أمية بن خلف وأنا بينه وبين ابنه علي آخذ بأيديهما، يعني قال لعبد الرحمن، عبد الرحمن بن عوف صحابي، يقول أمية بن خلف، وكان مشركًا كافرًا، وبينه وبين عبد الرحمن صداقة، إذا جاء عبد الرحمن إلى مكة قام بشؤونه، وإذا جاء أمية إلى المدينة قام بشؤونه، وكان سيدًا لبلال يعذبه، ولهذا لما أبصره بلال قال: لا نجوت إن نجا، قال عبد الرحمن: قال أمية بن خلف وأنا بينه وبين ابنه علي، علي بن أمية: يا عبد الله! من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، كيف يقول: يا عبد الله! وهو اسمه عبد الرحمن، من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل، الحديث فيه بيان حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وأنه أثر في المشركين، قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل، قد يكون للحديث تكملة".
قارئ المتن: هذا كان في غزوة أحد عندما يطلبونه؟
الشيخ: في غزوة أحد أم بدر؟
قارئ المتن: أحد.
الشيخ: غزوة بدر.
قارئ المتن: استشهد حمزة في غزوة أحد، كانوا يلتمسونه.
الشيخ: من الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره؟ كأنه يريد أن يطلبه للقتل، أمية بن خلف لما قال: ابرك، فبرك عليه، وناوشوه بالسيوف، لا هذا غيره، هذا مثل حمزة لما قاتله وحشي في غزوة أحد، كذلك الذي قال: ابرك، نعم، وقال: لا نجوت إن نجا، ومن الذي قال له ابرك؟ فبرك عليه، فقتلوه من تحت، كان سيده وكان يعذبه، ولذلك قال: لا نجوت إن نجا، لكن الآن الحديث، كيف يقول: يا عبد الله! من الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره؟ ثم يخبره عبد الرحمن بذلك، ما الفائدة من ذلك؟ كان صديقًا له، وكان يبادله إذا جاء إلى مكة قام بشؤونه، وإذا جاء إلى المدينة قام بشؤونه.
قارئ المتن: [00:25:07]
الشيخ: في بقية الروايات: عبد الإله بدل عبد الله.
قارئ المتن: في سيرة ابن هشام ذكر هذه القصة في يوم بدر.
الشيخ: هي في يوم بدر، ليست في يوم أحد، أنت ذكرت أنها في أحد، وهي في يوم بدر، لكن هنا ما ذكر استشهاده، وإنما ذكر سؤاله فقط، وهو من الرجل المعلم بريشة من نعام؟ هذه كأنها كانت محاورة بينهم، قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: هذا فعل بنا الأفاعيل، نعم كأنه يريده، لم تتضح فائدة الحديث هنا.
قارئ المتن: قال: "حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا هشيم بن بشير عن منصور بن زاذان وحميد الطويل، ويونس كلهم عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يا عبد الرحمن! لا تسأل الإمارة، فإنها إن أتتك عن مسألة وكلت إليها، وإن أتتك عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلف على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فأت الذي هو خير، ولتكفر عن يمينك».
شرح الشيخ: الإسناد من الإتحاف، والمتن من جامع الترمذي، والحديث صحيح كما هو معلوم، رواه الشيخان وغيرهما، وفيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «يا عبد الرحمن! لا تسأل الإمارة»، والإمارة هي الولاية، أضيف إليها جميع الولايات، «فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها»؛ لأنها إذا سألها يدل على أنه متساهل، فيوكل لنفسه فيخطيء، وأما إذا أعطيها وألزم بها وهو لم يطلبها فإنه حري أن يعان عليها، يستثنى من هذا أنه إذا كانت الولاية كان أهلًا لها، وليس هناك من يقوم غيره مقامه كما أخبر عن يوسف أنه قال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾[يوسف:55]، كما قال عمرو بن العاص، قال: اجعلني إمام قومي، قال: «أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا».
كذلك يشتمل الحديث على مسألة أخرى وهي أنه إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فإنه يحنث في يمينه ويكفر عن يمينه، ويفعل الذي هو خير له، فاليمين لا تمنع من فعل الخير، إذا حلف أنه لا يزور فلان، أو لا يأكل طعامه، أو لا يزور جاره، أو أخاه، هذا غيره خير منه، يحنث في يمينه، ويكفر ويزور أخاه وقريبه وجاره، ولهذا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خير منها فأت الذي هو خير، ولتكفر عن يمينك»، خطاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعبد الرحمن خطاب للأمة كلها، تشريع عام.
قارئ المتن: قال: "حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال: حدثنا مالك بن سعيد، قال: حدثنا سعيد بن عطاء عن علي بن ربيعة، قال: إن علي استعمل رجلًا من بني أسد يقال له: ضبيعة بن زهير، فلما قضى عمله أتى عليًا رضي الله عنه بجراب فيه مال، فقال: يا أمير المؤمنين! إن قومًا كانوا يؤدون لي حتى اجتمع منه مال، فها هو ذا، فإن كان لي حلالًا أكلته، وإن كان غير ذلك فقد أتيتك به، فقال علي رضي الله عنه: لو أمسكته لكان غلولًا، فقبضه منه وجعله في بيت المال".
شرح الشيخ: الإسناد في الإتحاف والمتن من أخبار القضاة لوكيع، قال: لم يتبين لي الحكم على إسناده، ولعل تصحيفًا طرأ على الإتحاف، رواه ابن أبي شيبة كما في مسند علي بن أبي طالب، ووكيع في أخبار القضاة، ما تبين للمحقق الحكم عليه، لكن المتن صحيح، له شواهد، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاء في حديث أنه أمر الولاة أن يأتوا بما يعطون، قصة ابن اللتبية أنه لما ولاه وأتاه هدايا، قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه الهدية إن كان صادقًا»؛ لأنه ما أعطي الهدية لسواد عيونه، ما أعطي إلا لأنه في الولاية، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «من أعطي شيئًا فليأتي بقليله وكثيره، وإلا فهو غلول يحمله يوم القيامة»، فهذا الحديث يوافق الأحاديث الصحيحة التي فيها أن من كان في ولاية ثم أهدي إليه شيء فإنه لا يأخذه، بل يكون تابع لبيت المال؛ لأنه ما أهدي له إلا من أجل أن يحيف، له مرتب كافيه، يكفيه مرتبه، يأخذ من الناس هدايا، هذه الهدايا غلول، يجعلها في بيت المال، وإلا يردها، والحديث هذا موافق للأحاديث وإن كان؛ لأن المتن صحيح، ولهذا قال علي: لو أمسكته لكان غلولًا، فقبضه وجعله في بيت المال فهو يوافق الأحاديث الصحيحة، فالمتن صحيح، وإن كان الإسناد قد يحكم عليه بالصحة وبغير الصحة، نعم.
قارئ المتن: قال: "أخبرنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو أسامة عن الجريري عن أبي عطاف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أربع لا يحرمن على جنب ولا حائض: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".
الشيخ: الإسناد والمتن من الإتحاف، ماذا قال عنه؟ الإسناد ضعيف؟
قارئ المتن: "لجهالة أبي عطاف، وقد تفرد بالرواية عنه الجريري، كما نص عليه علي بن المديني فيما ذكره ابن حجر في الميزان، وقال: أخرجه الدارمي، ثم قال: إن الإسناد والمتن في إتحاف المهرة".
شرح الشيخ: على كل حال الإسناد ضعيف، لكن المتن صحيح، المتن صحيح يعني الذكر لا يمنع منه الحائض ولا الجنب، إنما الحائض والجنب ممنوع من قراءة القرآن، والحائض ليس هناك دليل يمنعها من قراءة القرآن عن ظهر قلب، وقياسها على الجنب قياس مع الفارق، فالجنب والحائض يسبح ويكبر ويهلل ويحمد الله، إنما الخلاف في قراءة القرآن، فالمعنى صحيح، وإن كان السند ضعيف.
قارئ المتن: ثم قال: "حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، قال: حدثنا عبد الله بن داود وأبو عاصم عن إسماعيل بن عبد الملك عن علي بن ربيعة قال: أردفني علي رضوان الله عليه خلفه، ثم خرج إلى ظهر الكوفة، ثم رفع رأسه إلى السماء، فقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاغفر لي، قال: ثم التفت إلي فضحك فقال: ألا تسألني مم ضحكت؟ قال: قلت: مم ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: أردفني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلفه ثم خرج بي إلى حرة المدينة، ثم رفع رأسه إلى السماء -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاغفر لي، ثم التفت إلي فضحك -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: «ألا تسألني مم ضحكت»؟ قال: قلت: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: «ضحكت من ضحك ربي وتعجبه من عبده أنه يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره».
شرح الشيخ: سبحان الله! والإسناد من الإتحاف، والمتن من كتاب التوحيد للمصنف، حكم عليه بالحسن، إسماعيل بن عبد الملك كثير الوهم لكنه توبع فارتقى هذا الحديث، أخرجه ابن معمر في جامعه والطيالسي وعبد بن حميد والبزار، والحديث فيه المغفرة والتوسل بإلوهيته سبحانه وتنزيهه، واعتراف الإنسان بالظلم، هذا دعاء، ذكر عظيم في سؤال الله المغفرة توسل إلى الله بالتوحيد، بالألوهية، ألوهية الله، وتنزيهه سبحانه، واعتراف العبد بالتقصير، وأنه ظالم، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاغفر لي، والحديث فيه إثبات الضحك والتعجب لله -عَزَّ وَجَلَّ- كما يليق بالله وعظمته، والضحك أيضاً ثبت في أحاديث أخرى حديث: «يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة»، وهو حديث صحيح، وكذلك التعجب، «عجب ربي من قنوط عباده، وقرب غيره»، في آيات الصافات في قراءة: {بل عجبتُ ويسخون}، قراءة حفص: بل عجبتَ، وإثبات العجب والضحك، وأنهما صفتان فعليتان كل منهما يليق بجلال الله وعظمته، لا يماثل المخلوقين في شيء من صفاته سبحانه وتعالى، وقد نفاها أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، كلهم نفوا التعجب والضحك، نعم.
قارئ المتن: قال: "حدثنا عبدة بن عبد الله، قال: حدثنا محمد يعني ابن بشر، عن إسماعيل هو ابن أبي خالد عن مصعب بن سعد قال: سمعت عليًا رضي الله عنه على المنبر يقول: حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوه، وأن يطيعوه، وأن يجيبوا إذا ما دعوا".
الشيخ: الإسناد والمتن من الإتحاف، الحديث قال: صحيح، أخرجه أبو عبيد في الأموال، وسعيد بن منصور في سننه، وابن أبي شيبة، والحديث صحيح، وهو من كلام علي، «حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله»، هذا حق، قال تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾[المائدة:48]، نص القرآن، وأن يؤدي الأمانة كذلك أينما طلبت، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا وأن يطيعوا، وأن يجيبوا، فإذا حكم بما أنزل الله وأدى الأمانة فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا، وجاء في الأحاديث أنه قال: اسمع وأطع للأمير، ويجيبه إذا دعاه، نعم.
قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا أخضر بن عجلان عن عطاء بن زهير عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت للعالمين عليها يعني حقًا، قال: نعم، على قد عمالتهم".
الشيخ: الإسناد من الإتحاف والمتن من السنن الكبرى.
قارئ المتن: قال: "في إسناده مقال، عطاء بن زهير ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أقف له على توثيق معتبر، وقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وقال: روى عن أبيه، روى عنه شميط والأخضر ابنا عجلان، سمعت أبي يقول ذلك، وزهير لم أجد أحدًا تكلم فيه إلا أن ابن أبي حاتم ذكره في الجرح والتعديل، وقال: روى عن عبد الله بن عمرو، روى عنه ابنه عطاء سمعت أبي يقول ذلك، فهو إذن في عداد المجهولين".
شرح الشيخ: على كل حال الحديث فيه أن عبد الله بن عمرو سأل أباه: هل للعاملين عليها حق؟ أي في الزكاة، قال: نعم، أي: على قدر عمالتهم، هذا صحيح، المعنى صحيح، الله تعالى قال في أهل الصدقة: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ﴾[التوبة:60]، هؤلاء أهل الزكاة، منهم العاملين عليها.
العاملين عليها سأل عبد الله بن عمرو أباه عمرو، هل للعاملين عليها حق؟ قال: نعم، على قدر عمالتهم، وهذا قال العلماء: إذا لم يكن له مرتب في بيت المال، فإن كان له مرتب في بيت المال، فلا، يكفي مرتبه، فالعاملين عليها هم جباتها، جباة الزكاة الزكاة، وحفاظها وكتابها، يجبون الزكاة ويوصلونها إلى ولي الأمر، يجبون الزكاة من الناس في المدن والبوادي وغيرها، ويكتبونها ويحسبونها ويضبطونها، هؤلاء لهم حق في الزكاة على قدر عمالتهم ولو كانوا أغنياء، إذا لم يكن لهم مرتب من بيت المال، على قدر عمالتهم، أما ما يفعله بعض أفراد الناس أن زكاته هو لشخص، يعطي زكاته ويوزعها وكذا، ويظن أنه من العاملين ويقول: أنا سآخذ جزء منها، لا، هذا خاص بالعمال الذين عينهم ولي الأمر، هؤلاء العاملون عليها، أما الأشخاص، الشخص إذا وكل شخصًا يخرج عنه الزكاة ويعطيها، هذا لا يأخذ من الزكاة شيء، هذه وكالة مستقلة، وكالة فردية، وكله، وكلت شخص يدفع الزكاة، تعطيه يدفع زكاتك إلى فلان، أو إلى أشخاص، ثلاثة أو أربعة، هذا ما يكون من العاملين عليها، العاملين هم الموظفين من قبل ولي الأمر، يرسلهم ولي الأمر للناس يجبون الزكاة، ويحفظونها ويقسمونها ويحسبونها يعطون من الزكاة على قدر عمالتهم، فإن كان لهم مرتب من بيت المال اكتفوا به، فالمعنى على هذا معنى صحيح، وإن كان في إسناده مقال، لكن المعنى صحيح.
مداخلة: هل يقبل الهدية من فقير.
الشيخ: لا، لا يقبل الهدية، لا يأخذ شيء، غلول، لا يأخذ هدايا.
قارئ المتن: (...)
الشيخ: ما نافية للتأكيد، ما للتأكيد، هذه زائدة للتأكيد، لها أمثلة، ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ﴾[فصلت:20]، نعم.
قارئ المتن: قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: "حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن محمد بن المعلل البصري، قالا: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة عن العلاء بن المسيب عن إبراهيم بن قيس عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج في غزاة كان أول عهده بفاطمة، وأنه خرج في غزوة تبوك ومعه علي رضوان الله عليه، فقامت فاطمة رضي الله عنها فبسطت في بيتها بساطًا وعلقت على بابها سترًا، وصبغت مقنعتها بزعفران، فلما قدم أبوها -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورأى ما أحدثت رجع، فجلس في المسجد فأرسلت إلى بلال رضي الله عنه فقالت: يا بلال! اذهب إلى أبي فسله ما يرده عن بابي، فأتاه فسأله فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إني رأيتها أحدثت ثم شيئًا»، فأخبرها فهتكت الستر ورفعت البساط، وألقت ما عليها ولبست أتمارها، فأتاه بلال رضي الله عنه فأخبره فأتاها فاعتنقها وقال: «هكذا كوني فداكِ أبي وأمي»، قال ابن خزيمة: أنا بريء من عهده هذا الخبر؛ لأن فيه لفظة تدل على أنه غير ثابت، وهي قوله: ومعه علي، وعلي لم يشهد غزوة تبوك".
الشيخ: الحديث ضعيف، إسناده ضعيف؛ لضعف إبراهيم بن قيس، لكن صح من غير هذا الطريق بلفظ آخر كما في التخريج، قال أخرجه الإمام أحمد، وعبد بن حميد والبخاري وابن حبان، أخرجه البخاري.
ماذا أحدثت فاطمة، بسطت بساطًا في أرضها وعلقت على بابها سترًا، وصبغت معها بزعفران، ما الإشكال في هذا؟ كون النبي امتنع، هل فيه صور؟ (...)، ما الإشكال؟ ما السبب المانع من دخول النبي لها ما هو؟ في قصة عائشة: الستر الذي فيه التماثيل لما هتكها، لكن هنا قال: (...) ما ذكر أن فيه تصاوير، صبغت بزعفران.
قارئ المتن: فيه ألوان.
شرح الشيخ: ألوان، هذا خاص بالرجال، والطيب، ابن خزيمة: أنا بريء من عهدة هذا الخبر؛ لأن فيه لفظة تدل على أنه غير ثابت، وهي قوله: ومعه علي، أنه خرج ومعه علي، يقول ابن خزيمة: وعلي لم يشهد غزوة تبوك؛ لأنه قال: يا رسول الله! تخلفني مع الصبيان؟! قال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»، ابن خزيمة طعن في الحديث، ولكن المحقق قال هنا: صحيح، في البخاري، يراجع البخاري، في البخاري أنه خرج وليس معه علي، هذا الثابت في البخاري، فتكون هذه اللفظة يعني وهم.
وفي هذا إشكال آخر، وهو أنه لماذا لم يدخل البيت؟
القاريء: أحسن الله إليكم، لفظ البخاري: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيت فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء عليٌّ فذكرت له ذلك، فذكره للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «إني رأيت على بابها سترًا مغشيًا، فقال: ما لي وللدنيا؟!»، فأتاها عليٌّ فذكر ذلك لها، فقالت: ليأمرني فيه بما شاء، قال: «ترسل به إلى فلان أهل بيت بهم حاجة».
الشيخ: ترسل به؟ ما هو الذي ترسل به؟
القاريء: الستر أحسن الله إليك.
الشيخ: الستر هذا، في الأول ماذا يقول؟
القاريء: «إني رأيت على بابها سترًا مغشيًا».
الشيخ: مغشى، يعني منقوش أو فيه جمال، فيه خطوط، قال: تعطيه ماذا؟
القاريء: أحسن الله إليكم، قال: «ترسل به إلى فلان، أهل بيت بهم حاجة».
الشيخ: يعني ما في داعي لجعل الستر، الستر المغشى ثمين، مزين، فيه خطوط، تدفع به إلى أهل بيت، يباع ويأخذ ثمنه أهل بيت فقير، والستار والباب يوضع عليها سترة غير ثمينة، سترة عادية، هذا الستر المغشى له قيمة، هذا هو الذي منعه، الستر المغشى الذي له قيمة ينفق ثمنه للفقراء، فلماذا يجعل هذا للستر؟ هناك ستر غير مغشى بثمن مناسب يجعل مكانه.
يقول ابن خزيمة: وهذا الخبر جاء فيه لفظ يدل على أنه غير ثابت، أنه لم يكن معه علي، وعلي لم يشهد غزوة تبوك، على كل حال الحديث أصله في الصحيح، والمانع من الدخول هو هذا الستر المغشى الذي عقد، نعم.
القاريء: [00:52:06]
الشيخ: أطمار، ليس معناه ثياب مخرقة، ثياب عادية، ثياب عادية وليست ثيابها، غيرت، لعلها أبعدت الستر من على الباب، هتكت الستر، ورفعت البساط، وأزالت ما عليها ولبست ثيابها العادية.
القاريء: قال: "حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق»".
"وعن محمد عن عفان عن حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود به".
قال: "إسناده حسن، حماد شيخ حماد بن سلمة: هو حماد بن أبي سليمان، صدوق، حسن، أخرجه أحمد والدارمي وأبو داود وابن ماجه والنسائي".
الشيخ: والحديث فيه أن التكليف مرفوع عن هؤلاء الثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، فإذا استيقظ عاد إلى التكليف، وعن الغلام حتى يحتلم، حتى يبلغ الحلم، الصبي حتى يبلغ الحلم، إما بإنزال، أو بإنبات شعر خشن حول الفرج أو ببلوغ خمسة عشر سنة، وتزيد الأنثى الحيض على ما سبق، «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق»، والحديث معروف، نعم.
القاريء: قال: "حدثنا سعد بن عبد الله بن الحكم، قال: حدثنا عبد الله بن نافع، قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن عمر بن الخطاب أنه قال لمعيقيب: والله لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من قيس رمح، فكل مما يليك".
الشيخ: تخريجه.
القاريء: قال: "إسناده صحيح، أخرجه معمر في جامعه، وأخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل نحوه عن خارجة بن زيد، قال: كان معيقيب يحضر طعام عمر، فقال له عمر: يا معيقيب! كل مما يليك".
الشيخ: معيقيب هذا هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، حليف بني عبد شمس، له صحبة، أسلم قديمًا في مكة، وهاجر منها إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا، وكان على خدمة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أستأمنه أبو بكر وعمر على بيت المال، توفي سنة 40.
أنه قال لمعيقيب: والله لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من غيث رمح، فكل مما يليك، المقصود من الحديث هنا أنه أمره أن يأكل مما يليه، لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من مقيس رمح، جاء في مطبوع الجامع كقيد وقيس قدر النهاية، أنه قال: والله! لو كان غيرك به الذي بك ما قعد عندي على أبعد من قيس رمح، فكل مما يليك.
فيه: مشروعية الأكل مما يلي الإنسان، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعمرو بن سلمة: «سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، لكن قوله: لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من قيس رمح، ما يفهم من قوله: لو كان غيرك به الذي بك، ما الذي به؟ والله لو كان غيرك به الذي بك.
القاريء: [00:58:09]
الشيخ: لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من قيس رمح، معيقيب هاجر إلى أرض الحبشة وهاجر المدينة، واستأمنه أبو بكر على بيت المال، فقط قول: لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من قيس رمح، فكل مما يليك، هل جاء في تفسير ذلك الحديث؟
القاريء: أحسن الله إليكم، ذكر في بعض المصادر أنه كان جذام، أحسن الله إليكم، في الطبقات الكبرى لابن سعد قال: قال أبو زياد: حدثني خارجة بن زيد أن عمر بن الخطاب دعاهم لغداءه، فهابوا، وكان فيهم معيقيب، وكان به جذام، فأكل معيقيب معهم فقال له عمر: خذ مما يليك، ومن شقك، فلو كان غيرك ما آكلني في صحفة، ولكان بيني وبينه قيد رمح.
الشيخ: السنة أن يأكل مما يليه، وأن يسمي الله، لو كان غيرك به الذي بك -يعني الجذام يعني- ما قعد مني على أبعد من قيس رمح، عبارة لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على أبعد من قيس رمح، ما الذي بعده؟
القاريء: عند ابن سعد: فلو كان غيرك ما آكلني في صحفة، ولكان بيني وبينه قيد رمح.
الشيخ: قلت: ماذا؟
القاريء: قال أبو زياد: حدثني خارجة بن زيد أن عمر بن الخطاب دعاهم لغداءه، فهابوا، وكان فيهم معيقيب، وكان به جذام، فأكل معيقيب معهم فقال له عمر: خذ مما يليك، ومن شقك، فلو كان غيرك ما آكلني في صحفة، ولكان بيني وبينه قيد رمح.
الشيخ: لو كان ماذا؟
القاريء: أحسن الله إليكم، فلو كان غيرك ما آكلني في صحفة، ولكان بيني وبينه قيد رمح.
الشيخ: نعم، الذي بعده.
القاريء: قال: "حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري".
أحسن الله إليكم، في السند السابق شيخ المصنف في الإتحاف: سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، سقطت عبد، لم يرد في كتب التراجم، سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، موجود عندنا ابن الحكم.
الشيخ: سعد بن عبد الله، هذا في الحديث السابق؟
القاريء: نعم، الذي قرأناه الآن.
الشيخ: سعد بن عبد الله، المقصد أن الحديث فيه مشروعية الأكل مما يلي الإنسان، وألا تطيش يده هاهنا وهاهنا، لو كان غيرك به الذي بك ما قعد مني على بعد مقيس، في الصحيح يقول فسرها بماذا؟
القاريء: ذكر أنه كان به جذام أحسن الله إليك.
الشيخ: يعني هذا من باب: «فر من المجذوم فرارك من الأسد».
القاريء: قال: "حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا حماد عن حبيب المعلم عن عطاء عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في ذاك أفضل من مئة صلاة في هذا»".
الشيخ: هذا الحديث صحيح، كما سبق، في الحديث السابق ما أشار إلى هذا مع أنه حديث صحيح.
القاريء: هناك كان السند ضعيف.
الشيخ: لالا، السند صحيح، أخرجه معمر في جامعه، وابن أبي حاتم، قال: كان معيقيب يحضر طعام عمر، فقال عمر لمعيقيب: كل مما يليك.
معيقيب هذا ابن فاطمة الدوسي، حليف بني عبد شمس، له صحبة، أسلم قديمًا في مكة، وهاجر منها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا، وكان على خدمة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، استأمنه أبو بكر وعمر على بيت المال، المقصد أن الحديث هذا حديث صحيح، وهو المتن السابق المؤلف تأخر على الحكم عليه، نعم.
القاريء: قال: "حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه ما يزن بره، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة»".
الشيخ: الحديث ماذا؟ تكلم عليه؟
القاريء: قال: صحيح، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم.
شرح الشيخ: رواه الشيخان وغيرهما، والحديث فيه أن العصاة، عصاة الموحدين الذين يدخلون النار يخرجون منها، بإيمانهم وتوحيدهم، ولا يخلد في النار إلا الكفرة، والكفرة ليس معهم إيمان، في دليل على أن المعاصي لا تقضي على الإيمان ولو عظمت، بل يبقى شيء من الإيمان ولو كان قليل، يخرج به من النار، ما يزن بره، أو ذرة، أو شعيرة، وإنما الذي يقضي على الإيمان هو الكفر الأكبر، والنفاق الأكبر، والشرك الأكبر، وفيه الرد على المرجئة، والرد على الخوارج والمعتزلة الذين يخلدون أصحاب المعاصي في النار، ولا يخلد العاصي في النار، بل يطهر ثم يخرج منها إن مات على التوحيد، وإن دخل النار بالمعاصي يخرج لتوحيده، نعم.
القاريء: "وعن محمد بن أبي صفوان عن محمد بن أبي عدي عن سعيد به (ح)، وعن أبي موسى عن محمد بن أبي عدي عن سعيد به (ح)، وعن زياد بن أيوب قال: حدثنا عاصم هو ابن علي، قال: حدثنا همام بن يحيى عن قتادة نحوه (ح)، وعن محمد بن يحيى قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة بلفظ: يقول الله: أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله".
"وعن محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة بمعناه، (ح)، وحدثنا بندار في عقبه قال: حدثنا أبو داود عن شعبة نحوه، (ح)، وعن أبي موسى قال: حدثنا محمد بن جعفر به بلفظ: ما يزن شعيرة، ما يزن بره، ما يزن ذرة من الإيمان، (ح)، وعن محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا هشام عن قتادة نحوه، (ح)، وعن محمد بن يحيى، قال: حدثنا سعيد بن عامر، قال: حدثنا هشام عن قتادة نحوه، (ح)، وعن محمد بن يحيى، قال: حدثنا الخليل بن عمر، قال: حدثنا عمر يعني ابن سعيد الأبح، عن سعيد به".
شرح الشيخ: قوله: أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، يعني قالها عن صدق إيمان، ولم يكن فيه شرك ينقضها، ففيه دليل على فضل التوحيد، وأن من مات على التوحيد فهو من أهل الجنة وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه من العذاب في النار أو غيره، نعم.
القاريء: قال: "حدثنا أبو هشام زياد بن أيوب، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «احتجت الجنة والنار، فقالت النار: يدخلني الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: يدخلني الفقراء والمساكين، فأوحى الله إلى الجنة: أنت رحمتي أسكنك من شئت، وأوحى إلى النار: أنت عذابي أنتقم بك ممن شئت، ولكل واحدة منكما ملئها، فتقول -يعني النار-: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها قدمه، فتقول: قط قط»".
"وعن أبي موسى قال: حدثني عبد الصمد، قال: حدثنا أبان بن يزيد عن قتادة ببعضه، قال: لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول: هل من مزيد؟ وزاد: وما يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقًا".
"وعن محمد بن معمر عن روح عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه به كذلك، (ح)، وعن أبي موسى قال: حدثنا عمرو بن عاصم، قال: حدثنا معتمر عن أبيه عن قتادة به كذلك، وعن محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو سلمة، قال: حدثنا أبان عن قتادة به، (ح)، وعن رزق الله بن موسى، قال: حدثنا بهز، قال: حدثنا أبان عن قتادة به، ولم يذكر الزيادة، (ح) وعن إسماعيل بن إسحاق الكوفي، قال: حدثنا آدم، يعني ابن أبي إياس، قال: حدثنا شيبان عن قتادة به كذلك، (ح)، وعن محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدم، قال: حدثنا أشعث بن عبد الله الخرساني، قال: حدثنا شعبة عن قتادة به كذلك".
الشيخ: الإسناد من الإتحاف، والمتن من كتاب التوحيد، والحديث قال ماذا؟
القاريء: قال: "صحيح، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم".
شرح الشيخ: وفيه احتجاج الجنة والنار، الله على كل شيء قدير، تحتج الجنة وتكرم النار، تقول النار: يدخلني الجبارون والمتكبرون، وتقول الجنة: يدخلني الفقراء والمساكين، الله على كل شيء قدير، أنطقها الذي أنطق كل شيء، فأوحى الله إلى الجنة: أنت رحمتي أسكنك من شئت، المراد بالرحمة هنا الرحمة المخلوقة، الرحمة رحمتان: رحمة صفة من صفات الله قائمة بذاته، مثل الرحمة التي هي صفة من صفاته، والرحيم متصف بالرحمة، هذه صفة من صفاته، أما قوله للجنة: أنت رحمتي، هذه الرحمة المخلوقة، ومثل ما جاء في الحديث: «خلق الله مئة رحمة، أمسك عنده تسعة وتعسين جزءً، وأنزل إلى الأرض رحمة واحدة»، هذه الرحمة المخلوقة، قال: «أنت رحمتي أسكنك من أشاء»، والجنة رحمة مخلوقة، وأوحى إلى النار: وأنت عذابي أنتقم بك ممن شئت، ولكل واحد منكما ملئها، كل واحدة الله تعالى أخذ على نفسه، أما الجنة فيبقى فيها فضل، فيخلق الله خلقًا يسكنهم الجنة، والنار لا تمتلئ حتى تقول: هل من مزيد؟ كما في حديث أبي موسى، فلا تزال حتى يضع فيها رب العزة قدمه فتنزوي بعضها إلى بعض، والجنة ينشئ الله لها فضلًا، هذا من فضله تعالى وإحسانه.
القاريء: قال: "عن محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، قال: حدثنا موسى بن هلال العبدي، عن عبد الله بن العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «من زار قبري وجبت له شفاعتي»".
"وعن عبيد الله بن محمد الوراق، وهو إمام المسجد الجامع بالكوفة، كلاهما عن موسى بن هلال عن عبيد الله بن عمر عن نافع به، قال ابن خزيمة: أنا أبرأ من عهدة هذا الخبر، ورواية الأحمسي أشبه، كان عبيد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروي مثل هذا المنكر، فإن كان موسى بن هلال هذا لم يخلط، فمن قوى أحد العمرين؟ فيشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر العمري، فأما من حديث عبيد الله فإني لا أشك أنه ليس من حديثه بهذا الإسناد".
الشيخ: «من زار قبري وجبت له شفاعتي»، هذا الحديث مشهور بالضعف، ماذا قال عليه؟
القاريء: قال: "هذا حديث موضوع، ولا يصح في زيارة قبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيء".
الشيخ: صدق، حديث موضوع مكذوب، «من زار قبري وجبت له شفاعتي»، ومثله حديث: «من زار قبري وزار قبر إبراهيم في يوم من عام واحد ضمنت له على الله الجنة»، كل هذه أحاديث موضوعة، وهو حديث ضعيف جدًا، ابن خزيمة قال: أنا أبرأ من عهدة هذا الخبر، ورواية الأحمسي أشبه، الأحمسي، محمد بن إسماعيل بن عمر الأحمسي، رواية عن ماذا؟
القاريء: "عن عبد الله العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر".
الشيخ: عبد الله العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر، ورواية الأحمسي أشبه، كان عبد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروي مثل هذا المنكر، عبيد الله، فإن كان موسى بن هلال هذا لم يخلط فما قوى أحد العمرين؟ موسى بن هلال خلط، فمن قوى أحد العمرين؟ يعني عبد الله العمري، وعبد الله بن عمر، يشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر العمري، وأما حديث عبيد الله فإني لا أشك أنه ليس من حديثه بهذا الإسناد، قال ابن حجر في السماع وبوب عليه الباب، باب زيارة قبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إن ثبت الخبر فإن في القلب منه، فلا يثبت، لكن ابن خزيمة الآن قال: رواية الأحمسي أشبه...
القاريء: لعله يقصد -أحسن الله إليكم- أن الحديث من رواية عبد الله العمري، ليس من رواية عبيد الله.
الشيخ: السند الأول الذي ذكره الآن.
القاريء: السند الأول: عبد الله العمري، والسند الثاني: عبيد الله.
الشيخ: محمد بن عمر بن علي، قال: الحديث الأول من رواية عبيد الله العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر، هذه رواية الأحمسي.
القاريء: رواية الأحمسي عن عبد الله العمري، عبد الله العمري.
الشيخ: عبد الله العمري، نعم، الإسناد الأول، مكبر، كان عبيد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروي مثل هذا المنكر، عبيد الله المصغر ثقة، والمكبر ضعيف، فالمصنف يقول: رواية الأحمسي أشبه لأن يرويها عن المكبر، فيكون ضعيف، أما المصغر وهو عبيد الله الثقة أجل وأحفظ من أن يروي مثل هذا المنكر، وإن كان موسى بن هلال لم يحفظ، موسى بن هلال راوي عن عبد الله بن عمر، فمن قوى أحد العمرين؟ فيشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر العمري، وأما من حديث عبيد الله، فإنه لا يشك أنه ليس من حديثه، كيف بمن قوى أحد العمرين؟ ومعروف أن المكبر ضعيف، والمصغر هو الثقة، قال: يشبه أن يكون من حديث عبد الله بن عمر العمري، يعني المكبر فيكون ضعيفًا، لكن السؤال لابن خزيمة: من قوى أحد العمرين؟ كيف من قوى أحد العمرين؟ فإن كان موسى بن هلال هذا لم يخلط، فمن قوى أحد العمرين؟
عن عبد الله بن عمر، عبيد الله أجل وأحفظ من أن يروي هذا المنكر؛ لأنه ثقة، وإنما روى من؟ عبد الله بن عمر المكبر الضعيف، يعني الإشكال في سؤال ابن خزيمة: من قوى أحد العمرين؟ لماذا لم يقل: من قوى عبد الله بن عمر؟ لم يقل: فإن كان موسى بن هلال ... فمن قوى العمري أبو عبد الله بن عمر بدل العمري...
السؤال لابن خزيمة هنا: استفهام فيه إشكال، لو قال: فمن قوى عبد الله بن عمر؟ هذا واضح، فإني أشك أن يكون من حديث عبد الله بن عمر، فهذا واضح، فأما حديث بلال، فإني أشك أن يكون من حديث عبيد الله، انتهى، فجملة: من قوى أحد العمرين؟ فيه إشكال، لو حذفت لاستقام الأمر، إن كان موسى بن هلال لم يخلط فيشبه أن يكون من حديث عبد الله بن عمر.
القاريء: كأنه يقصد بروايتين أحسن الله إليك، رواية عبد الله بن عمر، والرواية الثانية عبيد الله بن عمر.
الشيخ: أين هي رواية عبيد الله، هذه الرواية الأولى عبد الله بن عمر، والثانية...
القاريء: [01:21:28]
الشيخ: طيب، قوله: فمن قوى أحد العمرين؟ هذا هو الإشكال، الأول معروف، فمن قوى أحد العمرين؟ الرواية الأولى؛ لأن عبد الله هو الضعيف، وعبيد الله هو الثقة، فمن قوى أحد العمرين؟ فيشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر العمري، فأما من حديث عبيد الله فإني لا أشك أنه ليس من حديثهم بهذا الإسناد، كأن ابن خزيمة يرى أنها من رواية المكبر، ليس من رواية المصغر، فيكون الحديث منكر، موضوع، كأن ابن خزيمة [01:22:54] يعني ما قال مثل ما قال (...) أنه موضوع، ومنكر، والحاصل أن الحديث لا يصح، «من زار قبري وجبت له شفاعتي»، «من زار قبري وقبر إبراهيم ضمنت على الله له الجنة»، كلاهما لا يصح، كلاهما باطل.
القاريء: قال: "حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: حدثنا زائدة عن سماك بن حرب عن عكرمة مولى بن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا رأى يوم يقدم أهله قال: «توبًا توبًا، لربنا أوبى، لا يغادر علينا حوبًا»".
الشيخ: والحديث إسناده ضعيف.
القاريء: قال: "إسناده ضعيف، فإن رواية سماك بن حرب عن عكرمة مضطربة، ومع هذا فقد حسنه الحافظ بن حجر في تخريج الأذكار فيما نقله ابن علان في الفتوحات الربانية".
شرح الشيخ: انظر موسوعة الحافظ ابن حجر، ما الموسوعة هذه؟ يعني فيها جميع مرويات الحافظ، موجودة الموسوعة، مفيدة موسوعة الحافظ ابن حجر، انظر الموسوعة.
القاريء: متبوع أحسن الله إليكم، "موسوعة ابن حجر الحديثية في ستة مجلدات".
الشيخ: من حققها؟
القاريء: مجموعة محققين أحسن الله إليكم.
الشيخ: موسوعة لا شك أنها مفيدة، أخرجه أحمد، وعبد الله بن حميد، والبزار، وأبو يعلى، يكون الحديث فيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا رأى يوم يقدم أهله، يعني إذا قدم من السفر، رأى أهله، قال: «توبًا توبًا لربنا»، يعني نتوب إليك يا ربنا، «أوبًا» رجوعًا، «لا يغادر علينا حوبًا»، الحوب أيضاً كذلك الذنب، وفيه مشروعية مثل ما جاء في الحديث السابق أنه إذا قدم من السافر قال: «آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون»، هنا يوم يقدم إذا رأى أهله، وهو قادم من السفر، قال: «توبًا توبًا لربنا»، يعني أتوب إليك يا ربنا، أوبًا يعني رجوعًا، لا يغادر علينا حوبًا، يعني رجوعنا ونحن تائبون، لا يترك لنا ذنبًا، حوب، الحوب هو الذنب، «توبًا توبًا لربنا أوبًا لا يغادر علينا حوبًا»، يعني لا يترك لنا ذنبًا، والحديث يقول: [01:26:30] حسنه الحافظ في كتاب الأذكار، والحديث فيه دعاء طيب، حتى لو لم يصح الحديث نقول هذا في كل وقت، لكن عند القدوم، نعم، ولعل تحسين الحافظ له وجه في هذا، نقف على الحديث الطويل، إن شاء الله في المساء نبدأ في الحديث السادس.
وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.