شعار الموقع

شرح ذيل مختصر المختصر من صحيح ابن خزيمة_18

00:00
00:00
تحميل
42

قارئ المتن: "عن ربيع بن سبرة الجهني عن أبيه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما قضينا عمرتنا قال لنا: «استمتعوا من هذه النساء»، قال: والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج، فعرضنا بذلك النساء أن نضرب بيننا وبينهن أجلًا، قال: فذكرنا ذلك للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: افعلوا ذلك، فخرجت أنا وابن عمي لي معي بردة ومعه بردة، وبرده أجود من بردي، وأنا أشبُّ منه، فأتينا امرأة فعرضنا ذلك عليها، فأعجبها شبابي، وأعجبها برد ابن عمي، فقالت: برد كبرد، فتزوجتها وكان الأجل بيني وبينها عشرًا، فلبثت عندها تلك الليلة، ثم أصبحت غاديًا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين الحجر والباب قائم يخطب الناس، وهو يقول: «أيها الناس! إني قد أذنت لكم في الاستمتاع في هذه النساء، ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا».

الشيخ: الحديث صحيح، رواه الشيخان وغيرهما عند البخاري.

قارئ المتن: ما ذكر البخاري هنا.

الشيخ: نعم؟

قارئ المتن: ما ذكر البخاري في التخريج.

شرح الشيخ: والله! هو عند البخاري يراجع، وهذا الحديث.

قال: «فمن كان عنده منهن شيءٌ»، في صحيح ابن حبان: «شيئًا»، والإسناد في صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، وهذا فيه إباحة زواج المتعة، لما شق على الصحابة العزوبة في الغزوات أباح الله تعالى على لسان نبيه المتعة، زواج المتعة، وهي الزواج إلى أجل، في حديث الربيع بن سبرة أنه: «الأجل بينه وبينها عشرة أيام»، ثم بعد ذلك حرمها الله كما في هذا الحديث، أنها حرمت في غزوة الفتح في مكة، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب الناس، وأبيحت يوم خيبر، وقيل: إنها أبيحت وحرمت مرتين، حرمت المرة الثانية في أوطاس.

والربيع بن سبرة يخبر أنه اعتمروا قبل غزوة الفتح، فلما قضى العمرة قال: استمتعوا من هذه النساء، كان هذا في عمرة الجعرانة، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «استمتعوا من هذه النساء»، قالوا: الاستمتاع التزويج، فعرضنا بذلك النساء نضرب بيننا وبينهن أجلًا، يعني زواج إلى أجل، أسبوع أسبوعان ثلاثة، فعرضنا ذلك للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: افعلوا ذلك، فخرج هو وابن عم له -الربيع، كل منهما عليه برد، يعني ثوب، إما إزار أو رداء، قال: وثوب ابن عمي جديد، وثوبي قديم، لكن أنا شاب، وهو شيخ، فعرضنا أنفسنا على امرأة عيطاء، كأنها جميلة شابة، فإذا نظرت إلى برد ابن عمي أعجبها، وإذا نظرت إليَّ أعجبها إياي، فإذا نظرت إلى ابن عمي أعجبها برده، وإذا نظرت إلي أعجبها شبابي، فاخترتني وقالت: يكفيني شبابي، يكفيني بردك.

فجلس عندها عشرة أيام، ثم خلا سبيلها، ثم جاء إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا هو يخطب الناس، وفيه تحريم المتعة، فقال: يا أيها الناس! إني قد أذنت لكم الاستمتاع في هذه النساء، ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فيخل سبيلها، هذه تحريم، جاء هذا تحريم، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا، يعني ما أعطاها لا يأخذ منه شيء؛ لأنه مقابل الاستمتاع بها، وهو مهر وإن كان مؤجل.

وقيل: إنها أبيحت مرتين، زواج المتعة، أبيح مرتين وحرم مرتين، المرة الثالثة في ذات أوطاس، ثم حرم تحريمًا بات إلى يوم القيامة، ولهذا قال في الحديث: «وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة»، هذا التحريم البات، إما أن هذه آخر المرتين، أو أنها مرة واحدة على أحد القولين، من العلماء من قال: أبيحت مرة وحرمت مرة، ومنهم من قال: أبيحت مرتين وحرمت مرتين، وهو كالإجماع من المسلمين على تحريم زواج المتعة، وبقي على ذلك الشيعة والرافضة، فهم لا يزالون على زواج المتعة، وهم إلى الآن يتمتعون، ولذلك كثروا وتناسلوا وتوالدوا، يكثرون من زواج المتعة.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، البخاري لم يخرج الحديث للربيع ابن سبرة ولا عن أبيه شيء.

الشيخ: عن غيرهم؟ هنا ما ذكر...

قارئ المتن: لم يرو للربيع بن سبرة ولا لأبيه -البخاري-.

الشيخ: يعني في هذه القصة، لعل في قصة أخرى أو في حديث آخر غير الحديث وغير قصة الربيع، على كل حال الحديث صحيح، نعم، رواه مسلم، وهو في الصحيحين وغيرهما، رواه جمع.

 

 

قارئ المتن: "قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت بن أنس رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «لا شغار في الإسلام».

الشيخ: الحديث يقول المؤلف ماذا؟

قارئ المتن: "قال: صحيح سبق تخريجه قريبًا".

الشيخ: حديث: «لا شغار في الإسلام»، سبق الكلام على قوله: «لا شغار في الإسلام»، والشغار هو أن يزوج موليته على أن يزوجه الآخر موليته، لا أزوجك بنتي حتى تزوجني بنتك، [00:07:44]، هذا يجعل بضع هذه مهر هذه، وبضع هذه مهر هذه، هذا فيه أنه ينظر إلى مصلحة نفسه، ولا يعترف بالمرأة فحرم، وقال بعض العلماء: إذا جعل بينهما صداق زال المحظور كما فسرها، المعروف أن الشغار في الإسلام أن يزوج الرجل أخته على أن يزوجه الرجل أخته ولا صداق بينهما، فإذا كان ليس بينهما صداق زال المحظور.

 والصواب أنه لا يزول، ما دام أنه جعل زواجه معلقًا بزواجه، قال: لا أزوجك أختي حتى أزوجك أختك، ولو سمي صداق، ولا أزوجك موليتي حتى تزوجني موليتك، أو لا أزوجك ابنتي حتى تزوجني بنتك، هذا الشغار ولو جعل مهر على الصحيح؛ لأنه جعل بُضع هذه مهر هذه، ولأنه إنما نظر إلى مصلحة نفسه على حساب ضياع مصلحة موليته، قد يكون غير مناسب هذا الذي يزوجه، قد يكون مناسب له، لكن غير مناسب لموليته؛ لأنه كبير السن، أو لأنه غير مناسب، فلهذا حرم الشغار.

قارئ المتن: ولو تساوى يا شيخ المهر؟

الشيخ: ولو تساوى المهر، ولو تساوى؛ لأنه جعل بُضع هذه مهر هذه؛ لأنه علق هذه على هذه، فهو ينظر إلى مصلحة نفسه.

قارئ المتن: [00:09:38]

الشيخ: ولو، ليست العبرة هنا بالمهر، العبرة بكونه النظر إلى مصلحة المرأة، وهذا فيه مصلحة الولي نفسه فقط، ما ينظر إلى مصلحة المرأة.

قارئ المتن: ولو اختلف المهر؟

الشيخ: ولو اختلف، لا يجعل بضع هذه معلق على هذه، يزوجه، يقول: أزوجك بنتي أو أختي فقط، ولا يقول: على أن تزوجني ابنتك، وإذا زوجه بعد ذلك أخته ورضيت الثانية لا بأس، ولكن يقول: لا أزوجك موليتي حتى تزوجني موليتك، أو لا أزوجك بنتي حتى أزوجك بنتي، هذا مصلحة لمن؟ له أم للبنت؟ له، والبنت ضيع مصلحتها، ولهذا قال المحققون: ولو جعلا بينهما صداق، وإن كان بعضهم قال: وإن جُعل صداق زال المحظور، لكن ما يزول المحظور، ما يزول، الشغار باق.

المهم أن لا يجعل موليته مرتبطة بزواج موليته.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، مر الحديث بنفس السند مطولًا.

الشيخ: نعم، قال: «لا شغار ولا جلب ولا كذا».

قارئ المتن: قال هناك: صحيح، أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، والنسائي.

الشيخ: لا شك في صحته.

قارئ المتن: قال: "حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدثنا: جعفر بن عون، قال: حدثنا ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن نهار العبدي، عن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بابنة له، فقال: يا رسول الله! هذه ابنتي قد أبت أن تتزوج، فقال لها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أطيعي أباك»، فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «حق الزوج على زوجته أن لو كانت قرحة فلحستها ما أدت حقه»، قالت: والذي بعثتك بالحق لا أتزوج أبدًا، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا تنكحوهن إلا بإذن أهلهن»".

الشيخ: هذا إسناده في صحيح ابن حبان، لكن الحديث يقول: في إسناده مقال.

قارئ المتن: قال: "في إسناده مقال، فهذا الحديث قد تفرد به ربيعة بن عثمان، قال البزار: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن ربيعة إلا جعفر، وربيعة هذا ذكره الذهبي في الميزان، وقال: وثقه ابن معين، وقال: وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ليس بذاك القوي، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس، وهو ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي المدني، لذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام، فلعل هذا الحديث من أوهامه، إذ لا تخلو بعض ألفاظ الحديث من نكارة".

شرح الشيخ: في قوله: «حق الزوج على زوجته أن لو كان له قرحة فلحستها ما أدت حقه»، جاء في الحديث الآخر: «لو كنت آمر أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، ولا شك أن حق الزوج عظيم، لكن هذا الحديث بهذا السند ضعيف، وقوله: «لا تنكحوهن إلا بإذن أهلهن»، هذا صحيح، هذا له شواهد، «لا تنكح إلا بإذن أهلها»، «ولا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن»، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت، والزوج له حق على زوجته، والزوجة لها حق أن يكرمها وأن يكسوها بالمعروف، وألا يهجرها إلا في البيت إلى غير ذلك، كما سيأتي في الحديث الذي بعده.

قارئ المتن: الأب له حق إجبار موليته حتى إذا رفضت؟

شرح الشيخ: هذا عند جماعة من العلماء والفقهاء من الحنابلة وغيرهم، الأب له أن يجبر ابنته البكر خاصة، أما الثيب لا؛ لأن كامل الشفقة، وقول ثان: لا يجبرها، ودل عليه الحديث: «لا تنكح الأيم حتى تستأذن ولا البكر حتى تستأمر»، قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: «أن تسكت»، ولهذا قال ابن القيم: هذا الذي ندين الله به، وفي الحديث: جاءت امرأة بكر إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا رسول الله! إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع به خسيسته، فجعل الأمر إليها، فقالت: إني أجزت ما صنع بي، ولكن أردت أن يعلم الآباء أنه ليس لهم من الأمر شيء في تزويج بناتهم، وهذا فيه بعض الكلام، والمشهور عند الحنابلة والشافعية أن الأب يزوج البكر خاصة؛ لأنه كامل الشفقة، لكن ظاهر الحديث أنه لا بد من أخذ إذنها، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن رافع عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه رضي الله عنه أن رجلًا سأل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما حق المرأة على الزوج؟ قال: «يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ثم لا يضرب الوجه ولا يقبح، ولا يهجر إلا في البيت».

الشيخ: والحديث حديث صحيح، رواه جمع من أصحاب المؤلفات، من المؤلفين للسنن والمسانيد، قال: «يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ثم لا يضرب الوجه ولا يُقَبح ولا يهجر إلا في البيت»، ولا عند أهلها ولا عند غيرهم. لا يوبخ أو يضرب أو يهجر إلا في البيت خاصة بينه وبينها، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان.

وحق الزوج على زوجته أن تطيعه إذا أمر وألا تعصيه ولا تدع في بيته لمن يكره، وألا تمتنع إذا دعاها وغيره من الحقوق، نعم.

قارئ المتن: قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن الحسن رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «سبع للبكر وثلاث للثيب»، هذا الحديث صحيح، رواه الشيخان وغيرهما، سبع للبكر إذا تزوج وله زوجات فإنه يجلس عند البكر سبعًا ويبدأ القسم، ثم يدور على زوجاته، وإذا تزوج ثيب فإنه يقيم عندها ثلاثًا، ثلاثة أيام ثم يدور على نسائه، وإن شاءت الثيب أن يقوم عندها سبعًا أقام عندها سبعًا لكن تضيع عليها الثلاثة أيام، ثم يدور؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما تزوج أم سلمة قال: «إن شئتِ سبعت، وإن سبعت سبعت لنسائي، وإن شئت ثلثت»، قالت: ثلثت، يعني ثلاثة أيام تكون لها، وإذا اختارت سبعة أيام تضيع عليها، تكون كل زوجاته تكون مثلها سبع، بخلاف البكر، البكر يكون عندها سبع ثم يدور، كل واحدة ليلة ويأتيها الدور بعد نسائه، قال: «سبع للبكر وثلاث للثيب».

قال: "حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، قال: حفظناه عن حميد عن أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله".

الشيخ: وإسناده، وقد سبق تخريجه، إسناده في صحيح ابن حبان.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى القطان، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني محمد بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه عن أم سلمة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما تزوجها أقام عندها ثلاثًا، وقال: «ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت لك، فإن سبعت لك سبعت لنسائي».

شرح الشيخ: الحديث صحيح، قد سبق تخريجه، والإسناد من صحيح ابن حبان، قال: «ليس بك على أهلك هوان»، الرسول هو أهلها، وهم أهله، لكن «إن شئت سبعت لك»، يعني سبعة أيام، «فإن سبعت لك سبعت لنسائي»، يعني كل امرأة يقوم عندها سبع بعدك، يدور عليهم، في الآخر تكملة: «وإن شئت ثلثت»، قالت: ثلث، تكون الثلاثة خاصة بها، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت امرأة أحب إليَّ من أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة، فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعائشة، قالت: يا رسول الله! قد جلعت يومي منك لعائشة، قالت: وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة.

الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، رواه عدد من المؤلفين وغيرهم، والمسلاخ...

قارئ المتن: قال: "المسلاخ بكسر الميم وبالخاء المعجمة هو الجلد، ومعناه أن أكون أنا هي، ولم ترد عائشة عيب سودة بذلك، بل وصفته بقوة النفس وجودة القريحة وهي الحِدة -بكسر الحاء-".

شرح الشيخ: الحدة، فيها بعض الحدة يعني قد يكون شيء من سرعة الغضب، قالوا: ما ترد العيب، وصفتها بقوة النفس، وجودة القريحة، يعني وصفتها بأنها امرأة كريمة، تحب أن تكون مثلها إلا أنها فيها شيء من الحدة، ما يضر هذا، يدل على النشاط والقوة، جعلت نوبتها لعائشة، لما كبر سنها وخشيت أن يطلقها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالت: يا رسول الله! أبقني عندك ويومي لعائشة، فكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقسم لها يومين، يوم لها ويوم لسودة، والنساء كل واحدة يوم، والقسم ليس واجب على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولكنه يقسم على نسائه وإن كان القسم ليس واجب عليه، هذا من كرمه عليه الصلاة والسلام.

 

قارئ المتن: قوله: "أي: نوبتها، وهي يوم وليلة، وفيه: جواز هبتها نوبتها لضرتها؛ لأنه حقها، لكن يشترط رضا الزوج بذلك؛ لأن له حقًا في الواهبة، فلا يفوته إلا برضاه، ولا يجوز أن تأخذ على هذه الهبة عوضًا، ويجوز أن تهب للزوج فيجعل الزوج نوبتها لمن شاء".

شرح الشيخ: يعني: إذا رضي، تقول: يومي لفلانة، ورضي بذلك لا بأس، ولها أن تقول: يومي لك، تعطيه من تشاء من زوجاتك، فيختار هو، نعم.

قارئ المتن: "وقيل: يلزمه توزيعها على الباقيات، ويجعل الواهبة كالمعدومة والأول أصح، وللواهبة الرجوع متى شاءت، فترجع".

شرح الشيخ: يعني إذا وهبت إليها شهر أو شهرين أو سنة ثم أرادت أن ترجع ترجع، ترجع لها ليلتها ويومها.

مداخلة: [00:23:04]

الشيخ: لها أن تعود، نعم.

قارئ المتن: فترجع في المستقبل دون الماضي؛ لأن الهبات يرجع فيما لم يقبض منها دون المقبوض".

الشيخ: هذا كلام النووي.

قارئ المتن: قال: "حدثنا أبو زرعة الرازي، قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، عن أبيه عن طلحة بن مصرف عن خيثمة، قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذ جاءه قهرمان له، فدخل فقال: أعطيت الرقيق قوتهم، قال: لا، قال: فانطلق فأعطهم، قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عما يملك قوتهم».

شرح الشيخ: الإسناد والمتن من صحيح ابن حِبَّان، والحديث صحيح، أخرجه مسلم وغيره، رواه الشيخ في الأمثال، [00:24:10]، في مكارم الأخلاق.

 والقهرمان: هو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده، والقائم بأمور الرجل بلغة الفرس، ويطلق القهرمان على المولى، لهذا القهرمان وكيل لابن عمر، أو خازن أو حافظ، إما أنه رقيق أو غير رقيق، أو مستأجر، قال: أعطيت الرقيق قوتهم، تؤدي، أنت الخازن، وأنت الوكيل، وأنت الذي عندك مفاتيح الخزانة، هل أعطيت الأرقاء حقوقهم؟ قال: لا، قال: أعطهم حقهم.

 قال الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوتهم»؛ لوجوب النفقة على الأرقاء والبهائم والعناية بهم، وأنه لا يجوز للإنسان أن يهملهم، أن يقوم بالنفقة عليهم بنفسه أو بوكيله، هذا وكيل الخازن، وكيله أعطاه مفاتيح، وعهد إليه وكان يقوم بالنفقة على الأرقاء والدواب وغيرها، فالنفقة واجبة على الأرقاء وعلى الأولاد وعلى الأهل، وعلى الزوجة، فمن حبس قوتهم فقد أثم، «كفى بالمرء إثمًا»، يعني إثمًا عظيمًا، «أن يحبس عمن يملك قوته»، حبس شيئًا واجب، أن يمسك شيئًا أوجبه الله عليه، يترتب عليه ضرر عليهم، قد يؤدي إلى هلاك الأنفس أو الدواب إذا حبس القوت عنهم.

قارئ المتن: قد يصل إلى إجباره؟

الشيخ: قد يصل إذا وصل إلى أذاهم، إذا وصل بهم الحال إلى الشدة والموت لا شك، قد يصل إلى إرغامه.

قارئ المتن: قال: "حدثنا عيسى بن مثرود الغافقي، قال: حدثنا ابن وهب عن سفيان عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث».

شرح الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه جمع، أحمد وغيره، والإسناد والمتن من صحيح ابن حِبَّان، وفيه: أن من قال: إن شاء الله، فإنه لا يحنث إذا حلف، إذا حلف فقال: والله لا أدخل بيت فلان إن شاء الله، ما يحنث، إذا دخله تبين مشيئة الله، فإذا قال: إن شاء الله لا يحنث بشرط أن يكون إن شاء الله متصلة بالكلام، فإن كان بينهما انقطاع فلا، أو في وقت آخر، قال: والله لا أدخل بيت فلان، ثم قال بعد ساعة: إن شاء الله، لا يفيد، لابد أن يكون متصل بالكلام، إلا أن يفصل بينهما شيء لا بد منه، عطاس أو كحة ثم قال: إن شاء الله، فهذا فاصل يسير، عند الحاجة لا بأس به، أما أن يكون فاصل طويل فإنه لا ينفع استثناء، إذا قال: والله لا أدخل بيت فلان ثم ذهب وتحدث وشرب القهوة والشاي، ثم قال: إن شاء الله، ما ينفع، هذا فاصل طويل، بخلاف الفاصل اليسير أو الحاجة للضرورة أو العطاس أو الكحة أو التثاؤب وما أشبه ذلك، فهذا فاصل يحتاج إليه لا يؤثر.

قارئ المتن: أحسن الله إليك يا شيخ، لو قال: بينه وبين نفسه بدون ما يظهرها؟

الشيخ: لالا، ما ينفع، لا بد أن يظهرها، لا بد أن يتكلم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا بندار، قال: حدثنا سالم بن نوح، قال: حدثنا الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال: نزل علينا أضياف لنا، وكان أبي يتحدث إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الليل، فانطلق وقال: يا عبد الرحمن! افرغ من أضيافك، فلما أمسيت جئنا بقراهم فأبوا، وقالوا: حتى يجيء أبوك منزله فيطعم معنا، فقلت: إنه رجل حديد، وإنكم الم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى، فأبوا علينا، فلما جاء قال: قد فرغتم من أضيافكم؟ فقالوا: لا والله، فقال: ألم آمر عبد الرحمن وتنحيت، قال: أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي إلا جئت، فجئت فقلت: والله ما لي ذنب، هؤلاء أضيافك فسلهم، قد أتيتهم بقراهم فأبوا أن يطعموا حتى تجيء، فقال: ما لكم لا تقبلون عنا قراكم، وقال أبو بكر: والله لا أطعمه الليلة، قالوا: فو الله لا نطعمه حتى تطعمه، فقال: لم أر كالشر منذ الليلة، ثم قال: أما الأول فمن الشيطان، فهلموا قراكم، فجيء بالطعام فسمى الله وأكل وأكلوا، فلما أصبح غدا على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله! بروا وحنثت، فقال: بل أنت أبرهم وخيرهم".

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، رواه البخاري في الصحيح، ومسلم أيضاً وغيرهم، وهو حديث صحيح، وهو في قصة الأضياف الذين جاؤوا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وجاؤوا إلى الصديق، والصديق أمر بقراهم، وهيئ لهم ووكل ابنه عبد الله أن يأتي بقراهم ويعشيهم وهو ذهب إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في البخاري أنه ذهب إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجلس عنده، وكان قراهم ما بعد العصر إلى بعد المغرب، فتأخر أبو بكر عند النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عبد الرحمن جاء بالطعام إلى الضيوف قال: كلوا، قالوا: لا، ما نأكل حتى يجيء رب البيت، مضيفنا، أبوك، أين هو؟ أين هو؟ فقال: كلوا، اقبلوا عنا قراكم، إنه رجل حديد، أي فيه حدة، الصديق أفضل الناس فيه حدة، رضي الله عنه، قال: لا يصيبنا منه أذى، قالوا: ما نقبل شيء حتى يأتي مضيفنا، قالوا: لا والله.

فجاء أبو بكر رضي الله عنه، قال عبد الرحمن: لما وصل اختفيت عنه، خشيت أن يتكلم علي، فتنحيت، فقال: أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي إلا خرجت، إلا جئت، فجاء، فقال: والله ما لي ذنب، عرضت عليهم، أعطيتهم فأبوا، هؤلاء أضيافك قد أتيتهم بقراهم، فأبوا أن يقربوه، فقال: ما لكم لا تقبلون منا قراكم؟ قالوا: ما نقبل حتى تأتي، قال: تنتظروني؟ قالوا: نعم، قال: والله لا أطعمه، فقال الضيوف: والله لا نطعمه، ضيوف عندهم شدة، فقال أبو بكر: لم أر كالشر منذ الليلة، ثم قال: هذه من الشيطان، ثم قال: هلموا قراكم، فجيء بالطعام فسمى الله وأكل فأكلوا، فلما أصبح قال لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا رسول الله! أنا حنثت، وهم بروا، أنا حلفت وما نفذت، وهم حلفوا وبروا، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بل أنت أبرهم وخيرهم».

وفي صحيح البخاري تكلمة لهذا الحديث وهو أنها عند الطعام كثره الله زاد، وحملوا من الطعام وأكل منه ناس كثيرون، كانوا ما أكلوا شيئًا إلا ربى منه أكثر منه، فحملوه أكثر مما كان، ودفع إلى أقوام وأكلوا منه.

قارئ المتن: الآن يا شيخ تلزم الكفارة أبو بكر؟

الشيخ: هو الظاهر، قال: بروا، قال: «بل أنت أبرهم»، هذا معروف من الأحاديث الأخرى.

وقال لما حملوا الطعام، قال: أكثر منها الآن مما أكلت، زادت، هذا لأنها قرة عين لها لا أكثر، لو حنث رضي الله عنه بر بقسمه، لكن أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه حنث، قال: بل أنت أبرهم؛ لأنك فعلت الخير، وكونه يكفر بعد ذلك ما يضره، [00:34:00] هذا معروف عند أبي بكر رضي الله عنه.

قارئ المتن: قال: "حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا بن أيوب، قال: حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح الحسين بن واقد، قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: رجع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بعض مغازيه، فجاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله! إني نذرت إن ردك الله سالمًا أن أضرب على رأسك بالدف، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن نذرت فافعلي وإلا فلا»، قالت: إني كنت نذرت، فقعد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فضربت بالدف".

قال: "إسناده حسن، الحسين بن واقد صدوق حسن الحديث"

شرح الشيخ: أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن عساكر، وهذا فيه دليل على أن هذا مستثنى، وأن هذه المرأة أو الجارية نذرت إن رده الله سالمًا من بعض المغازي، إن رد الله النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سالمًا أن تضرب على رأسه بالدف، فأمرها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تفي بنذرها، قال: وأما حسن خلق النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد كانت هي الأخلاق الحميدة، والآداب المجيدة، جميعها الانتهاء في كمالها والاعتدال في غاياتها، حتى أثنى الله تبارك وتعالى عليه بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم:4].

وكان -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب، وكان -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محلى بصفات الكمال المنقطعة النظير، أدبه ربه فأحسن تأديبه، وما أحسن قول صاحب البردة حيث قال:

فاق النبيين في خلق وفي خلق ولم يدانوه في علم ولا كرم

صاحب البردة فيه غلو، لكن هذا من الكلام الحسن، من الذي انتقد عليه قوله:

 يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحالل العمم

إذا لم تكن فيه آخذًا بيدي (...) وإلا فقل يا زلة القدم

هذه مصيبة، يثري ربه، يقول:

من جودك الدنيا ودرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم

من جودك يا محمد الدنيا والآخرة، ماذا بقي لله؟ ما بقي شيء، أعوذ بالله، هذا من الغلو القبيح السيء.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، يجوز الاستشهاد بالأبيات مثل هذه من البردة، ليس فيها مخالفة؟

الشيخ: هذا من القول الحسن، يبين ما فيها من الخطأ والغلط ويبين ما فيها من الصحة، هذا حق، فالحق يقبل ممن جاء به، وإن كان باطل يرد عليه، اليهودي عندما جاء إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: إن الله يضع السماوات على أصبع والأراضين على أصبع، والماء والثرى على أصبع ضحك تصديقًا لقول الحبر.

والشيطان الذي قال لأبي هريرة: إذا أتيت فراشك فاقرأ آية الكرسي، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قد صدقك وهو كذوب»، قبل منه الحق، الحق يقبل مما جاء، يقال: هذا حق، وقوله كذا باطل.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، والترحم على صاحبها كما هنا؟

الشيخ: محل نظر هذا، يقول الإمام النووي: إنه شرك فلا يترحم على مشرك، لكن بعضهم يعتذر عنه يقول: هذا من الشفاعة والمحبة، لكن ليس بصحيح.

قارئ المتن: دعك عنك ما قال النصارى...

الشيخ: دع ما قالت النصارى في نبيها، قل كل شيء إلا أنك لا تقل مثل النصارى: إن عيسى ابن الله، والباقي قله، إذا لم يقل مثل النصارى، ثم دعاه من دون الله، يصلح؟ ما يصلح، وذكر أيضاً فيه أنه بينه وبينه نسب، أنا اسمي محمد وهو اسمه محمد، ذكر أيضاً كذلك في قصيدته ما يدل على أن فيه سب لله، في البيت الذي يقول، نسيت، لكن يوجد بيت فيه إساءة الأدب مع الله -عَزَّ وَجَلَّ-، المقصود أن البردة فيها الغلو.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، النذر في هذا الحديث هل هو نذر مباح؟

الشيخ: قولها ماذا؟

قارئ المتن: إني نذرت إن ردك الله سالمًا أن أضرب على رأسك بالدف، هل هو نذر مباح؟

الشيخ: هذا مستثنى، الدف يضرب بالدف في زواج للنساء، يباح، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: «أعلنوا النكاح، والضرب فيه بالدف للنساء»، خاصة، هذا في النكاح.

قارئ المتن: يعني جائز؟

الشيخ: نعم، جائز، وكذلك منه هذا، نذرها أن تضرب بالدف إن قدم سالمًا فأمرها بذلك، هذا خاص، ولذلك الرجال ما يضربوا بالدف، هذا خاص بالنساء في الزواج، هذه كامرأة تضرب بالدف من جنس ضرب الدف للنساء في الزواج.

قارئ المتن: لكن النذر المباح يجب الوفاء به؟

الشيخ: لا، النذر المباح مخير بين فعله وبين كفارة اليمين.

قارئ المتن: العبادة يجب أن توفي به، «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه».

الشيخ: نعم.

قارئ المتن: ما المقصود بأن تضرب على رأسه؟

الشيخ: يعني وهو يسمع.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «لا وفاء لنذر في معصية، ولا وفاء نذر فيما لا يملك العبد أو ابن آدم»".

قال: "صحيح، أخرجه مسلم وغيره".

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، وفيه أن نذر المعصية لا يفي به، وهل يجب فيه كفارة يمين؟ جاء في حديث (...)، من العلماء من قال: يكفر، ومنهم من قال: لا يكفر؛ كأن نذر أن يشرب الدخان، فلا يجوز له، ويكفر كفارة يمين، لا يجب الوفاء به، كذلك أيضاً فيما لا يملك العبد أو ابن آدم، نذر أن يبيع سيارة جاره أو بيته، هذا لا يملك، فلا يفي بالنذر.

قارئ المتن: عليه كفارة؟

الشيخ: لا، الكفارة في المعصية، على الخلاف، الحديث فيه مقال.

قارئ المتن: فرق بين العبد...، هل يقصد العبد الرقيق؟

الشيخ: يعني شك في اللفظ، قال: في العبد أو فيما لا يملك ابن آدم، العبد الرقيق لا يملك، إلا ما ملكه سيده، المراد بالعبد يعني عبد الله، الحر، أما العبد الرقيق لا يملك، هو وماله لسيده.

قارئ المتن: بالترتيب يا شيخ؟

الشيخ: نعم، مثل كفارة اليمين.

قارئ المتن: قال: "حدثنا أبو عمار، قال: حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه كان قائمًا على رأس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسيف، وهو ملثم وعنده عروة، فجعل عروة يتناول لحية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويحدثه، فقال المغيرة لعروة: لتكفن يدك عن لحيته أو لا ترجع إليك، قال: فقال عروة: من هذا؟ قال: هذا ابن أخيك، المغيرة بن شعبة، فقال عروة: يا غدر! ما غسلت رأسك من غدرتك بعد".

الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، أخرجه البخاري وغيره وهذا في كتابة الصلح يوم الحديبية، والمفاوضات كانت بين قريش وبين النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرسلها واحدة بعد واحدة، وأرسل عروة للمفاوضة بينها وبين النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وجعل عروة من شدته يعني يحاول بيده أن يمس لحية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال له المغيرة: كف يدك عن لحية رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وضرب يده بنعل السيف، كف يدك عن لحية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: من هذا؟ قال: هذا المغيرة، جعل يعيره بما كان في الجاهلية، قال: أنا ما غسلت رأسك من غدرتك، وأرسلوا واحدًا بعد واحد حتى أرسلوا سهيل، وجرى الصلح على يد سهيل، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «سهل أمركم»، وفيه عناية الصحابة ومحبتهم للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما قال له البعض: إني أرى عندك أوباش من الممكن أن يتركوك، قال له: امصص بظر اللات، وفي لفظ أنه أمره أن يمصص فرجه هو، فأنكروا عليه هذه الكلمة، فقال: [00:46:07].

حتى قال بعضهم: إني وفدت على الملوك كسرى وقيصر، ما رأيت أحدًا يعظمه أصحابه كما يعظم محمدًا أصحابه، هذا فيه بيان لمحبة الصحابة للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنايتهم به رضي الله عنهم وأرضاهم، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا عمران بن موسى القزاز، قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أفضل دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه على فرسه في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله»".

شرح الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، وفيه: قال: «أفضل الدينار دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه على فرسه في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله»، هذه الدنانير مقدمة، النفقة على الأهل، وفي سبيل الله، وعلى أصحابه، وفي لفظ آخر: «دينار أنفقته على أهلك، ودينار أنفقته في سبيل الله، ودينار تتصدق به على مسكين، أفضلها وأعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك»، فالنفقة على الأهل مقدمة؛ لأنها واجبة، والواجب مقدم على غيره، فهو أفضل من الإنفاق على الفقير، أفضل من الإنفاق في سبيل الله، الإنفاق في سبيل الله مستحب، وهذا واجب، والواجب مقدم، فيبدأ بالواجب، ثم بعد ذلك المثل، ينفق على أهله هذا واجب، ثم ينفق في سبيل الله، ويخرج في سبل الخيرات، ينفق على الفقراء والمساكين بعد أن يؤدي النفقات الواجبة.

قارئ المتن: الزكاة أو النفقة؟

شرح الشيخ: نفقة، لا ما هي زكاة، الزكاة هذه فرض مستقل، نعم، مستقلة، الزكاة ما ينفقها على أهله، الزكاة لا تنفق على الزوجة ولا على الأب ولا على الأم ولا على الأولاد، ينفع نفسه وينفق عليهم منها.

قارئ المتن: السيارة في الوقت الحالي تقوم مقامها إذا أوقفها الإنسان.

الشيخ: لا شك، وكذلك الأسلحة في كل وقت، مثله تقوم مقامه، لأنها الآن هي مركوب.

قارئ المتن: النفقة على الأولاد هل لها مقدار معين؟

الشيخ: الحاجة، حاجتهم، ما يحتاجون، هي سد حاجتهم من النفقة والكسوة والسكنى، وبعد ذلك ما يكفيهم.

قارئ المتن: أصحابه في سبيل الله...

الشيخ: يعني أصحابه من يعرفهم، ولهم صلة، ينفق عليهم ويعينهم على الجهاد في سبيل الله، نعم.

قارئ المتن: قال: "قال حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف، قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- دعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه ثم صنع لهم طعامًا وما قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وبلت تميرات من الليل في تور من حجارة، فلما فرغ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتته به، فسقته تخصه بذلك".

شرح الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، والحديث صحيح في قصة زواج أسيد الساعدي أنه دعا أصحابه وصنع لهم طعامًا وجعله في تور، والتور إناء من نحاس أو من الحجارة وقال لامرأته أم أسيد، بلت تمرات من الليل، وخصت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك، وجاءت مع حضور زوجها ومع التحجب والاستتار، نقل أن هذا في جواز تخصيص صحاب الطعام بعض الحاضرين بشيء من الطعام.

قارئ المتن: قال: "وفي هذا جواز تخصيص صاحب الطعام بعض الحاضرين بفاخر من الطعام والشراب إذا لم يتأذى الباقون لإيثارهم المخصص؛ لعلمه أو صلاحه أو شرفه أو غير ذلك، كما كان الحاضرون هناك يؤثرون رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويسرون بإكرامه ويفرحون بما جرى، وإنما شربه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعلتين: إحداهما: إكرام صاحب الشراب وإجابته التي لا مفسدته فيها، وفي تركها كسر قلبه، والثانية: بيان الجواز، والله أعلم".

الشيخ: هذا كلام النووي، صحيح، هذا فيه أنه عند الحاجة يكون خص شيء، كذلك أم أسيد قال: كانت هي خادمتهم عند الحاجة مع تمام التحجب وعدم الفتنة.

قارئ المتن: قال: "حدثنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وكل على خير، احرص على ما ينفعك ولا تعجز، فإن غلبك شيء فقل: قدر الله وما شاء، وإياك واللو فإن اللو تفتح عمل الشيطان».

شرح الشيخ: هذا الحديث صحيح، أخرجه مسلم وبعض المخرجين، وبعض المؤلفين، وما ذكره في البخاري، أخرجه مسلم وغيره، وهو حديث صحيح، يقول فيه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، وفي لفظ آخر: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير»، والمراد هنا بالقوة: النفع المتعدي، والضعيف، المراد بالضعف كونه يقتصر على نفسه، وفي كل خير: كل منهما مشترك في الإيمان، كل خير، المؤمن القوي الذي يتعدى نفعه، قوي ببدنه يدافع عن الناس، وبإعانته، وبحمله بعض الأمور عن الناس، أو بسيارته يحمل بعض الناس، أو بنصحه وتوجيهه وإرشاده وتعليمه للناس، هذا كله من القوة في الإيمان، والمؤمن الضعيف المقتصر على نفسه، لا عنده دعوة ولا عنده نصح ولا عنده سيارة يحمل الناس، ولا يحمل عن الناس شيء، مقتصر على نفسه، أيهما خير؟ الأول خير، «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف».

والقوة هي النفع المتعدي، وليس معناها قوة البدن فقط، بل منها قوة البدن إذا كان يستعملها في النفع المتعدي، وفي كل خير، يعني اشتركوا في أي شيء في الإيمان، ثم قال: «احرص على ما ينفعك ولا تعجز»، احرص على الخير ولا تعجز، العجز هو ترك الشيء مع القدرة عليه، احرص على ما ينفعك من الخير في الدنيا والآخرة، ولا تعجز عن شيء تستطيعه.

 قال: «فإن غلبك شيء فلم تستطع فقل: قدر الله وما شاء فعل، وإياك واللو فإن اللو تفتح عمل الشيطان»، وفي اللفظ الآخر: «ولا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان»، لأن فيه تحسر، لو أني ما فعلت كذا ما أصابني المرض، لو أني ما عملت كذا ما كان كذا، هذا تحسر على الماضي، لو التحسر على القدر والاعتراض على القدر هذا لا يجوز، أما اللو في تمني الخير ما تضر، لو عملت درس علميًا في المسجد وحضرت، هذا طيب، لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، لو في تمني الخير ما تدخل في هذا، لكن لو إنما هي في الاعتراض على القدر، والتحسر، هذا هو المنهي عنه، هي التي تفتح عمل الشيطان.

قارئ المتن: القوة هل هي قوة البدن فقط أو قوة البدن والإيمان.

الشيخ: ما سمعت الكلام، أنا أتكلم الآن لي خمسة دقائق عن القوة وتقول ذلك، القوة قلنا: النفع المتعدي، القوة في البدن، القوة في العلم والنصيحة، القوة في التوجيه والإرشاد، القوة في النفقة على الناس، القوة في حمل أمتعة الناس، عام، النفع المتعدي، تتكلم عنه هنا الحاشي نقل عن القوة والمراد بقوة هنا...

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، "المراد بالقوة هنا: عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه وذهابًا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى".

الشيخ: هنا أيضاً كذلك، قال الإمام النووي...

قارئ المتن: "قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم عقب الحديث، قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدًا ذلك حتمًا".

الشيخ: النهي في قوله: «فإن لو تفتح عمل الشيطان»، «لا تقل لو فإن لو تفتح عمل الشيطان»، هذا النهي ماذا؟

قارئ المتن: "هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدًا ذلك حتمًا، وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعًا، فأما مرد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله فليس من هذا، واستدل بقول أبي بكر الصديق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في الغار: لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا، قال القاضي: وهذا لا حجة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن مستقبل وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه، قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه لكنه نهي تنزيه، ويدل عليه قوله: «فإن لو تفتح عمل الشيطان»، أي: يلقي في القلب معارضة القدر، ويوسوس به الشيطان، هذا كلام القاضي.

قلت: وقد جاء من استعمال لو في الماضي قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي»، وغير ذلك، فالظاهر أن النهي إنما هو عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه، فيكون نهي تنزيه لا تحريم، فأما من قاله تأسفًا على ما فات من طاعة الله تعالى، أو ما هو متعذر عليه من ذلك أو نحو هذا فلا بأس به وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث والله أعلم".

الشيخ: هذا ليس بجيد، والصواب كما سبق أن لو، أن النهي إنما هو في الاعتراض على القدر والتحسر على القدر، والجواز إنما هو في تمني الخير، هذا هو الضابط، لا يحتاج للكلام الكثير هذا، إذا كان لو اعتراض على القدر وتحسر على القدر، هذا هو المنهي عنه، أما في تمني الخير فليس من هذا الباب، ولا تقل، النهي للتحريم، قوله: النهي للتنزيه ليس بظاهر، إنما هو للتحريم، لا يجوز للإنسان الاعتراض على القدر، قال في اللفظ الآخر، في لفظ غير هذا، «ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل»، قوله: ولا تقل، هذا نهي، والنهي للتحريم، لا يجوز الاعتراض على القدر، أما لو قاله في تمني في الخير فليس من هذا الباب.

قارئ المتن: في قصة أبي بكر، إنما تستعمل لو...

الشيخ: ما هي قصة أبي بكر؟

قارئ المتن: ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾[الحديد:23]

شرح الشيخ: لا، هذا ما فيه، هذا ما فيه تحسر، ما فيه اعتراض على القدر، ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾[الحديد:23]. والآية التي قبلها: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[الحديد:22].

يعني كل إنسان يعلم أن كل ما أصابه مكتوب ما يتأثر، ولا يحزن على ما فات، ولا يفرح بما هو آت، إذا علم أن ذلك بقضاء الله وقدره.

قارئ المتن: قال: "حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أمه أسماء بنت عبد الرحمن، وكانت في حجر عائشة عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أنها قالت: قدم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من سفر وعندي نمط فيه صورة، فوضعته على سهوتي، قالت: فأخذه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاجتبذه وقال: «أتسترين الجدار»؟ فجعلته وسادتين، فرأيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرتفق عليهما".

الشيخ: هذا الإسناد والمتن عند ابن حبان، والحديث صحيح، أخرجه أحمد وغيره، والبخاري ومسلم، [01:01:51] ذكره البخاري ومسلم بلفظ آخر، قالت عائشة: قدم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من سفر وعندي نمط فيه صورة، فوضعته على سهوتي، سهوة يعني كوة في الجدار، قالت: فأخذه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاجتبذه، وقال: «أتسترين الجدار»؟ فجعلته وسادتين، فرأيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرتفق بهما يعني يتكيء عليهما، هنا فيه كراهة ستر الجدار.

لكن في الحديث الآخر في قصة جعل عائشة صورة على الباب وهتكها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذه الصورة، السابق في القراءة وهتكه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه ستر الجدار، ما في صورة، فيه صورة هتكه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطعه إلى قطعتين، وأما هذا الحديث فيه ستر الجدار، هذا فيه كراهة ستر الجدار، «أتسترين الجدار»؟ قالت: فجعلته وسادتين، وقالت: يا رسول الله! أرتفق بهما، فاجتذبه، يعني يدل على أنه لا ينبغي المبالغة في هذا، الآن في العصر الحاضر الستائر والجدران والشبابيك وغيرها صار يوجد توسع كبير في العصر الحاضر، هذا التوسع في الدنيا، فإذا كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعته على سهوة على كوة اجتذبه، وقال: «أتسترين الجدار»؟ الجدار ما فيه حاجة، وفي غير هذا الحديث أنه أنكر ستر الجدر وقال: «أتجعلوه كالكعبة يستر».

قارئ المتن: الآن تقصد أنه ما في صورة هنا يا شيخ؟

الشيخ: هنا ما في صورة.

قارئ المتن: قال هنا: نمط فيه صورة.

الشيخ: عندك موجود هذا؟

قارئ المتن: عندي نمط فيه صورة، فوضعته على سهوة.

الشيخ: نعم، عندي نمط فيه صورة، هذا فيه صورة، وقالت: «أتسترين الجدار»؟ فجعله وسادتين، هنا ذكر ستر الجدار، ما ذكر الصورة، ولعلها ليست صورة تعلق، لعلها من الصور...

قارئ المتن: لعلها صور الخيل..

الشيخ: الخيل؟ لا، في غير هذا، فيه صورة، يعني فيه صورة شيء ما فيه روح، أو هي صورة نقوش وأشجار؛ لأنه ما ذكر الآن الصورة، لو كانت صورة ذات أرواح لأنكرها أشد كما أنكر في الحديث الذي بين أنه لم يدخل جبريل لوجود الصورة، الصورة تطلق على ما فيه روح وعلى ما ليس فيه روح، قال ابن عباس: المصور من يصور الشجر وما لا روح فيه، فلعل الصورة هذه غير الصورة ذات الأرواح، ولهذا ما ذكرها، ما أنكر هذه الصورة، إنما أنكر الستر، ستر الجدار، أتسترين الجدار؟

قارئ المتن: السند والمتن من ابن حبان.

الشيخ: السند والمتن لابن حبان في الإتحاف.

قارئ المتن: أظن من الإسراف أحسن الله إليك.

الشيخ: لا ما في حاجة، نعم نعم، يعني إنفاق في شيء لا فائدة فيه، ما في فائدة في ستر الجدار، الجدار ما يحتاج إلى ستر، نفقة في شيء لا فائدة فيه، وقد يدخل في الإسراف.

قارئ المتن: إذا كان الجدار فيه شباك وأضطر للستارة.

الشيخ: هذا للحاجة، إذا كان للحاجة، إذا كان للحاجة فلا بأس، للشباك، لكن في غير الشباك، الشباك في حاجة يحتاجه.

قارئ المتن: حديث: «أميطي عنا كرامك»، ما ذكر فيه الصورة.

الشيخ: هذا فيه صورة ذوات الأرواح، «أميطي عنا كرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض علي في صلاتي»، لكن هنا كان صورة غير صورة الأرواح، ولهذا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعرض عنها، وإنما أنكر ستر الجدار، والتوسع مثل الحاضر، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خشي علينا من انفتاح الدنيا علينا، «فتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم»، توسع في الستائر وفي غيرها، وفي الكراسي والكنبات، وفي البسط، وغيرها، والطاولات، توسع كبير.

قارئ المتن: ما تكون من باب إظهار نعمة الله عليك تخرج هذه الستائر.

الشيخ: نعم، «إن الله يحب إذا أنعم على عبد أن يرى أثر نعمته عليه»، لكن من غير إسراف ومن غير تجاوز للحدود، نعم.

قارئ المتن: الآن في شكل ورق جدران يضعون عليه ورود وورق زينة.

الشيخ: هذا من باب الستر.

قارئ المتن: بدل البويا، بدل البويا استعمال الورق هذا، أرخص من البويا.

الشيخ: الله المستعان، لكن هذا لو كان ليس لهم فيه شيء ما احتاجوا لها، ما احتاجوا إلى بويات، ولا احتاجوا إلى غيرها، عندما كان الناس في قلة ما يحتاجون إلى شيء مثل هذا، هذا توسع، وقد طغت الدنيا على الناس فتوسعوا.

قارئ المتن: النهي عن الزلات السابقة، أنت سويت، أنت فعلت قبل سنة وقبل سنتين...

الشيخ: يعني رفيقه وصاحبه، كونه يسكت عما مضى هذا هو الأولى من الصحبة.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، "في رواية عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج في غزاته فأخذت نمطًا فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط فعرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: «إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين»، قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليف، فلم يعب ذلك عليَّ".

الشيخ: هذا صريح، «إن الله لا يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين»، هذا يدل على الكراهة، كراهة ستر الجدر سواء بستائر أو ورق أو غيرهما.

قارئ المتن: هذا في الباب صريح.

الشيخ: نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن إسحاق بن سهل بن حثمة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان في حجري جارية من الأنصار، فزوجتها، قالت: فدخل علي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم عرسها فلم يسمع غناء ولا لعبًا، فقال: يا عائشة! هل غنيتم عليها أو لا تغنون عليها؟ ثم قال: إن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء".

الشيخ: الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث يقول: إسناده ماذا؟ ضعيف...

قارئ المتن: قال: "إسناده ضعيف؛ لجهالة إسحاق بن سهل، فقد تفرد بالرواية عنه محمد بن إبراهيم".

الشيخ: إسحاق، لجهالة...

قارئ المتن: "إسحاق بن سهل، فقد تفرد بالرواية عنه محمد بن إبراهيم، ويغني عنه ما في التخريج، أخرجه أحمد والبخاري والحاكم والبيهقي والبغوي ولفظه عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يا عائشة! ما كان معكم له، فإن الأنصار يعجبهم اللهو".

الشيخ: يعني هذا الحديث ضعيف، لكن معناه صحيح، المراد الغناء المراد به الكلمات والقصائد التي تقولها النساء فيما بينهم، وليس المراد ما كان فيه المزامير، وما كان فيه أصوات منكرة، ومكبرات الصوت التي يسمعها الرجال، لا، هذا يسمى غناء، جاء في حديث أنهم كانوا يقولون: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم، لولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم، هذه الكلمات تقال، يقولها النساء فيما بينهم، أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم، لولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم، هذا لا بأس به بين النساء في الأعراس، وكذلك الضرب بالدف للنساء، لا بأس بين النساء، أما أصوات المغنيين والمغنيات، وأصوات المطربين والمطربات، لا سيما إذا كان في اختلاط في الرجال مع النساء، أو يكون أمام الرجال أو يكون بأصوات تقعدها وتفتن، هذا ممنوع، وقوله: «إن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء»، المراد بالغناء هذا، فإنهم يحبون اللهو، وفي اللفظ الآخر: «ما كان معكم من لهو، فإن الأنصار يحبون اللهو»، يعجبهم اللهو، هذا هو اللهو، اللهو هو الغناء للنساء.

اللهو المباح، اللهو نوعان: لهو مباح، ولهو محرم، اللهو المحرم مثل الكفار اتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، نسأل الله العافية، نعم.

قارئ المتن: حكم الاستخدام مباح؛ لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالنسبة للنساء في الدف؟

الشيخ: إظهار النكاح مستحب، هذا من باب إظهار النكاح، وضع كهرباء على الباب لإظهاره وإعلام الناس لا بأس، دعوتهم واجتماعهم، كل هذا من باب الإظهار، هذا فاصل بين النكاح وبين السفاح، يظهر الزواج والاجتماع وإخبار الناس واجتماعهم والضرب بالدف للنساء، وما أشبه ذلك، ووضع الكهرباء والعلامة، كل هذا من باب إظهار النكاح المأمور به، فرقًا بينه وبين السفاح.

قارئ المتن: قال: "حدثنا بشر بن معاذ العقدي، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها أنها قالت: جاء رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدخل علي صبيحة عرسي فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بدف لهن، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غدي، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دعي هذا وقولي ما كنتِ تقولين»".

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، أخرجه أحمد وغيره والترمذي والنسائي، وهو حديث صحيح، وفيه: أن الرُّبَيْع بنت معوذ قالت: جاء رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ودخل علي صبيحة عرسي فجلس على فراشي، فجعلت جويرات يضربن بدف لهن، فيه دليل على جواز الضرب بالدف، وصبيحة العرس، ولما فعلن أشياء محرمة أنكر عليهن، جعل يندبن من قتل يوم بدر، حتى قالت واحدة: وفينا نبي يعلم ما في غدي، أنكر، أنكر عليها، لا يعلم الغيب إلا الله، «دعي هذا وقولي ما كنت تقولين»، قولي الكلام الطيب الأول، واتركي هذا الكلام الممنوع، ولو كن جاريات، الإنكار على الجواري وعلى الصغار الذين يتكلمون بالباطل، ينكر عليهن، يؤدبون، كذلك الصغير يؤدب، ولو كان يتيمًا، بعض الناس يقول: اليتيم لا يؤدب، ما يترك اليتيم يفسد خلقه، يؤدب حتى ينشأ حسن الخلق، إن اعتدى على إخوانه أو فعل محرمًا أو تكلم يؤدب ولو بالضرب للتأديب، وينكر عليه إذا تكلم بالباطل، كان بعض الصحابة يضربوننا على الشهادة والحلف الباطل ونحن صغار إذا شهدوا زورًا أو حلفوا باطلًا أدبوهم حتى يتعلموا، حتى يتربوا على الأخلاق الفاضلة والأخلاق الحميدة وعلى فعل ما أمر الله، وترك ما حرم الله.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، يعلم على سبع ويضرب على عشر سنين؟

الشيخ: «اضربوهم عليها لعشر»، هذا في الصلاة، في الصلاة لا يضرب إلا بعد عشر إذا امتنع، أما قبل سبع سنين، هذا ينظر، إذا كان يفيده يضرب، لكن ضرب خفيف، ضرب للتأديب والتعليم، مثل: ضرب الرجل امرأته إذا نشزت، يضربن، ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾[النساء:34]، قال العلماء: ضرب إشعار بأنها مخطئة، حتى قال بعضهم: ضرب بالسواك، أول شيء يعظها، فإذا لم تتعظ هجرها في المضجع، في الكلام، فإن أبت ضربها ضربًا يشعرها بأنها مخطئة، لا يجرح ولا يكسر العظم، حتى قال العلماء: ضرب بالسواك، وكذلك الصبي عندما يبلغ عشر سنين إذا أخطأ يضربه ضرب خفيف بيده، ما يضر، للتعليم، ليس الضرب المؤذي أو ضرب العصا.

قارئ المتن: خاص بالجواريات فقط، يوجد نساء كبار يضربن بالدف...

الشيخ: نعم، لا بأس، كذلك النساء الكبار في الزواج.

قارئ المتن: ليس خاص بالجاريات الصغيرات؟

الشيخ: لا، بين النساء لا بأس به؛ لأنه من إعلان النكاح، ولهذا قال العلماء: ويسن إعلان النكاح، والضرب فيه بالدف للنساء، هذا في الزاد، زاد المستقنع، يسن إعلان النكاح والضرب فيه بالدف للنساء.

قارئ المتن: هل لها قرابة بالرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟

الشيخ: هل لها قرابة؟

قارئ المتن: قال: لأنها قالت: فجلس على فراشي كمجلسك مني، فدخل علي صبيحة عرسي فجلس على فراشي كمجلسك مني.

الشيخ: ويندب من قُتل من آبائي، هي الربيع بنت معوذ، جعل يندبن من قتل من آباءها.

قارئ المتن: فدخل علي صبيحة عرسي، وجلس على فراشي كمجلسك مني.

الشيخ: ما يحتاج لمحرم هذا، هذا ما هو سفر، وهنا ما في خلوة، في جواري وفي غيرها.

قارئ المتن: قال: "حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «ما حق امريء مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»".

شرح الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم وغيرهما، وفيه: أنه ينبغي للمسلم أن يكتب وصيته، وهذا إذا كان عليه حقوق للناس، لو عليه يكتب حتى لا تضيع حقوقهم، أما إذا لم يكن له شيء أو عليه شيء فتكون الوصية مستحبة؛ ولهذا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ما حق امريء مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»، ولهذا قال ابن عمر: فلم تمضي علي ليلتين إلا ووصيتي مكتوبة عند رأسي منذ أن بلغني هذا الحديث، والإسناد هذا كما سبق من صحيح ابن حبان.

قارئ المتن: لو يريد أن يبني مسجد ولم يوص بالمسجد ومات، فهل هذا يعتبر دين عليه؟

الشيخ: لم يوص هو؟

قارئ المتن: ما وصي إكمال المسجد ولا شيء، هو تكفل بالمسجد ودفع دفعة أولى ومات، الورثة ما يكملون المسجد.

الشيخ: ما دام ما وصى، له أن يوصي وله ثلث المال، ولو أوصى أن يكمل الثلث ينفذ، وإذا وصى يرجع إلى الورثة، فإن سمحوا وكملوه، وإن لم يسمحوا يكملون غيره، وله أجره ونيته، وعمله ونيته.

قارئ المتن: ما يكتبه في الوصية؟

الشيخ: إذا كتب طيب، وإذا لم يكتب، إذا كتب تنفذ الوصية، له الثلث، الوصية بالثلث والربع، الثلث والثلث كثير، وإذا ما وصى وأحب الورثة أن يكملوه -أو بعض أبناءه- كملوه، وإلا يكمله غيره وله أجر، قال الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ-...

قارئ المتن: "قال الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ-: معنى الحديث: ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، ويستحب تعجيلها وأن يكتبها في صحتها، ويشهد عليه فيها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه، فإن تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها".

شرح الشيخ: هذا هو الحزم والاحتياط، يستحب تعجيل الوصية، ويكتبها في صحته قبل مرضه، ويشهد عليها، يكتب ما يحتاج إليه من الديون، ويكتب عليها وصية بأولاده الصغار، من يتولى عليهم، ومن ينفق عليهم، تؤدى ديونه، يوصي من الثلث في أعمال البر، كل هذا له، وإذا أحب أن يزاد فيها بعد ذلك ويغير ويبدل فلا بأس، له ذلك، له أن يزيد وله أن ينقص إلى وفاته.

قارئ المتن: لو لم يوجد شهود ما تسير الوصية؟ لابد من الشهود؟

الشيخ: نعم، إذا وافق الورثة وعرفوا خطها وأمضوها فلا بأس، وإلا فلا بد من الإثبات، لا بد من التأكد، هذا يرجع إلى الورثة؛ لأن المال لهم.

قارئ المتن: بالنسبة للوصية للزوج إذا كان ماله كثير أو غيره.

شرح الشيخ: نعم، إذا كان المال قليل فالأولى أن يتركه للورثة، قال ابن عباس: لو أن الناس رضوا من الثلث إلى الربع، فإن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «الثلث والثلث كثير»، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لجابر: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»، إذا كان المال قليل يتركه لهم، هذا هو الأولى كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كونه يترك ورثته أغنياء خير من أن يتركهم عالة يتكففون الناس، وإذا كان الورثة لهم مرتبات، وأحب أن ينفق في أعمال الخير فله ذلك.

قارئ المتن: يوصي لذريته من الفقراء.

الشيخ: ذريته يكفيهم الميراث، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير، قال: حدثنا الليث عن ابن مسافر عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- قالت: هاجر عبيد الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان وهي امرأته إلى أرض الحبشة، فلما قدم أرض الحبشة مرض، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم حبيبة وبعث معها النجاشي شرحبيل بن حسنة".

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما، فيه: أن عبيد الله بن جحش كان زوج أم حبيب بنت أبي سفيان في أرض الحبشة، فلما مرض وتوفي، أوصى إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فتزوج الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم حبيبة، وأصدقها النجاشي، دفع المهر النجاشي وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ومن معه، ليس هناك خلوة، كان معه غيره، هذا فيه أن نجاشي الحبشة أن من محاسنه وفضائله أنه دفع المهر للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجهز أم حبيبة إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتزوجها فصارت إحدى أمهات المؤمنين، نعم.

نقف على هذا الحديث السادس والعشرين، وإن شاء الله في المساء بعد المغرب، وإذا انتهينا إن شاء الله نقرأ في التفسير، تفسير الحافظ ابن كثير، إن شاء الله نقرأ في التكملة، نحن قرأنا من ياسين إلى ما وقفنا عليه، وقرأنا من الروم إلى سبأ، فبقي عندنا تكملة سبأ وتكملة فاطر، فاطر قليلة، نبدأ إن شاء الله من سورة سبأ، نكمل الفراغ هذا، سبأ وبقية فاطر، لا، من الأصل، نحن قرأنا من الأصل نكمل إن شاء الله في المساء إذا أكملنا نكمل، وإذا ما أكملنا يكون غدًا إن شاء الله الخميس، نكمل التفسير حتى يكون الفراغ هذا أكملناه.

وفق الله الجميع لطاعته.

قارئ المتن: هل أوصى الصحابي للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتزوج أم حبيبة؟

الشيخ: ظاهره أنه يتزوجها، قال: فأوصى إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هذا هو الظاهر، لكنه أبهم، قال: فتزوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم حبيبة، هذا أوصى له بشيء، والظاهر أنه أوصى له بالزواج، ومبهم هذا، يراجع، لعل الطرق الأخرى ذكر فيه تكملة لها، يراجع بعض التخريجات لعله يبين هذا.

 

 

قارئ المتن: هل يجوز لإنسان أن يوصي لإنسان بالزواج من زوجته.

الشيخ: محل نظر، هذا محل نظر، ولهذا في إشكال هنا، قال: أوصانا رسول الله.

وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على نبينا محمد، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد