شعار الموقع

شرح ذيل مختصر المختصر من صحيح ابن خزيمة_19

00:00
00:00
تحميل
51

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فنبدأ درسنا هذا المساء بعون الله وتوفيقه،

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، أما بعد:

قارئ المتن: فقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: "حدثنا ربيع بن سليمان، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة رضي الله عنه أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن يدخل بيتًا مرقومًا".

قال: "إسناده حسن من أجل سعيد جمهان، وأخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبزار، والطبراني، والحاكم".

الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان كما هو معروف، ومرقومًا، بيتًا مرقومًا.

قارئ المتن: قال: "مرقومًا يريد النقش والوشي والأصل فيه الكتابة".

شرح الشيخ: أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن يدخل بيتًا مرقومًا، يعني منقوش فيه وشي مزين، وهذا الرقم يكون في الجدار أو في السقف، سبق في الحديث -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تأخر لما كان هناك ستر للجدار، تأخر، سبق الحديث في الصباح، قال: «تسترين الجدار»، لما رأى نمط فيه صور، لعلها نقوش، قال: وضعتها على الجدار، قال: «تسترين الجدار»، فجعله (...)، وهذا كأن النمط هذا كان فيه نقوش، غير الصور ذوات الأرواح، وهذا كذلك، لم يكن يدخل بيتًا مرقومًا يعني موشًا مزين بالخطوط، إما في الجدار أو في السقف، لكن ما فيه تحريمها، فيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما كان يدخلها، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الصحيح: «ما لي وللدنيا، إنما أنا كراكب في ظل دوحة جلس قيلولة ثم راح وتركها».

يفهم منه عدم استحباب ترقيم وتزيين، وجعل الرقوم والخطوط والنقوش في السقف أو في الجدران، ويكون مثله مثل الحديث السابق، قال: «أتسترين الجدار»؟ [00:03:42] من جنس، وتركها أولى، الأفضل والأولى والأحسن ترك التزيين والتذويق والستائر التي لا حاجة لها، وقد يقال بكراهتها، كراهة التزيين.

قارئ المتن: قال: "حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء المكي عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: ما مات رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى حل له من النساء ما شاء".

الشيخ: وهذا الإسناد والمتن أيضاً من صحيح ابن حبان، ماذا قال في تخريجه؟

قارئ المتن: قال: "ظاهر إسناد الحديث يدل على الصحة، وقد قال الترمذي: حسن صحيح، وقد ضعفه بعض العلماء؛ لمعارضته ظاهر قوله تعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾[الأحزاب:52]، قال ابن العربي في أحكام القرآن: وهو حديث واه، ومتعلق ضعيف، وقد بيناه في القسم الثاني من الناسخ والمنسوخ فتم تمام القول وبيانه".

شرح الشيخ: مر بنا، ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾[الأحزاب:52]، قال بعضهم: هذه الآية منسوخة، وقيل: هي ناسخة، فيها الخلاف، مرت بنا الآية في التفسير، وما مات رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى حل له من النساء ما شاء، قوله: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾[الأحزاب:52]، على هذا القول تكون منسوخة، ثم أحل الله له بعد النساء، كما مر في التفسير، قيل: إنها منسوخة، وأنه حل له النساء كما دل عليه هذا الحديث، وقيل: هي ناسخة، هي الآية، هي متأخرة.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن العلاء بن كريب، قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة".

الشيخ: يحتاج إلى النظر في أقوال المفسرين والجمع بينها حتى يتبين أي القولين أصوب، هل هي ناسخة أو منسوخة؟

هذا الحديث يؤيد أنها منسوخة، وأن الله أحل له النساء، حديث سفينة.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن العلاء بن كريب، قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأقول: تهب المرأة نفسها؟! فلما أنزل الله: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾[الأحزاب:51]، قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك".

الشيخ: اللهم صل وسلم على نبينا محمد، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، تخريجه...

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، قال: "صحيح، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم".

شرح الشيخ: الحديث معروف، وغيرهما، قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن، وأقول: تهب المرأة نفسها؟! على حذف حرف الاستفهام، والتقدير: أتهب المرأة نفسها؟! أتستنكح المرأة نفسها؟! كيف تهب المرأة نفسها؟! ما تستحي، فأنزل الله هذه الآية: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾[الأحزاب:51]، الله تعالى خير نبيه، ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾[الأحزاب:51]، من شئت أبقيتها، ومن شئت رددتها، ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾[الأحزاب:51]، يعني أن تردها مرة أخرى، فقالت: والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك، عليه الصلاة والسلام، وسبق أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الله تعالى لم يوجب عليه العدل بين الزوجات في القسم، لكنه عليه الصلاة والسلام يعدل ويقسم بينهن، ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلومني فيما تملك ولا أملك»، عليه الصلاة والسلام.

قال الله: ﴿وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَينَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾[الأحزاب:51]، ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَينَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾[الأحزاب:51]، إذا علمن أن الله ما أوجب على نبيه، وأن الله خير نبيه، ثم يعدل بينهم تقر أعينهم بذلك، ولا يحزن بما آتاهم، كل واحدة ترضى بما آتاها الرسول، ليس بواجب عليها، عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: قال: "حدثنا أبو عمار الحسين بن واقد عن يحيى بن عقيل، قال: سمعت ابن أبي أوفى رضي الله عنه يقول: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف ولا يستكثر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته".

شرح الشيخ: عليه الصلاة والسلام، وهذا الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، وهو معلوم، قال: إسناده حسنه، الحسين بن واقد صدوق حسن الحديث.

قال فيه: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يأنف ولا يستكبر ولا يستكثر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته، هذه أخلاق عظيمة، كان يكثر الذكر عليه الصلاة والسلام، وأفضل الذكر تلاوة القرآن، التسبيح والتهليل والتكبير، ويقل اللغو، هو أقل الناس لغوًا عليه الصلاة والسلام، عصمه الله من اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، وجاء في حديث آخر: «إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته مئنة من فقهه»، يعني دليل على فقهه، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: «فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة»، وذلك أن الخطيب الفصيح البليغ هو الذي يجمع المعاني الغزيرة في ألفاظ قليلة، فتكون الخطبة قليلة، الخطبة قليلة لكن معانيها غزيرة، وأما غير الفقيه فالعكس، تكون الألفاظ كثيرة والمعاني قليلة، يكرر ويعيد الكلام ولا يوفق للكلام الذي يجمع جوامع الكلم فتطول الخطبة حينئذ.

وكذلك أيضاً طول الصلاة يعني الطمأنينة فيها، الرقود وعدم العجلة، بعض الخطباء تجده يخفف الجمعة في الصلاة والقراءة كثيرًا، يداوم على قصار السور، ولا بأس، وبعض الخطباء لا يفعل السنة، السنة يقرأ بسبح والغاشية وبالجمعة والمنافقين، أو بالجمعة والغاشية، كل هذا ورد عنه، كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا كان يوم جمعة يوم عيد يقرأ بسبح والغاشية، في العيد في الصباح يقرأ بسورة الجمعة، ينبغي المحافظة على السنة، بعض الخطباء ما يحافظ على السنة، يقرأ من قصار السور، يقصر الصلاة ويسرع فيها، والخطبة طويلة، والمعاني غير غزيرة، فطول صلاة الرجل وقصر خطبته دليل على فقهه، أنه فقيه، خطبته قليلة؛ لأنها ألفاظ قليلة تجمع معاني كثيرة، والصلاة فيها طمأنينة وطول.

هكذا كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمر بهذا، وهكذا فعله، كان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين، المساكين والفقراء، والأرملة التي ليس لها أحد يقوم بكفايتها.

قارئ المتن: السند وقع فيه سقط في صحيح ابن حبان، قال: "أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد".

الشيخ: عجيب! هذا موجود في صحيح ابن حبان.

قارئ المتن: لأن هذا السند ثلاثي.

الشيخ: حدثنا ماذا؟

قارئ المتن: بعد قوله أبي عمار... "أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد".

الشيخ: ينبغي أن يضاف، يضاف هذا السقط، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت إسماعيل عن قيس عن الصنابحي قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ألا إني فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم، فلا تقتتلن بعدي».

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح كما قال المحقق، رجاء الحميدي بن أبي شيبة وابن أبي عاصم وغيرهم، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان.

الصنابحي، هذا الصنابحي صحابي، من صنابح، صحابي قليل، غير مكثر رواية الصنابحي، قال: «إني فرطكم على الحوض»، ومعنى فرطكم، أي: سابق، أتقدمكم، وأنتظركم، «فرطكم على الحوض»، يعني أسبقكم وأنتظر مجيئكم، «وإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة، فلا تقتتلن بعدي»، يعني لا يحصل بينكم نزاع؛ لأن القتال يذهب الحسنات، ومن الأعمال الكفرية، قال في الحديث الآخر: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض»، فأنا أنتظركم على الحوض حتى تقدموا، استمروا على التوحيد الخالص، وعدم إضاعته بالمعاصي، «فإني مكاثر بكم الأمم»، فلا تبتعدوا عني بالمعاصي التي تضعف التوحيد والإيمان، ولهذا قال: «فلا تقتتلن بعدي»، عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: في الإصابة: الصنابح بن الأعسر البجلي الأحنسي، حديثه عند قيس بن أبي حازم عنه، وهو عند أحمد وابن ماجه والبغوي من رواية إسماعيل بن أبي خالد عن قيس، ووقع في رواية ابن المبارك ووكيع عن إسماعيل الصنابحي بزيادة ياء، وقاله الجمهور من أصحاب إسماعيل بغير ياء، وهو الصواب ونص ابن المديني والبخاري ويعقوب بن شيبة وغير واحد على ذلك، وقال أبو عمر: روى عن الصنابحي هذا قيس بن أبي حازم وحده، وليس هو الصنابحي الذي روى عن أبي بكر الصديق، وهو منسوب إلى قبيلة من اليمن وهذا اسم لا نسب، وذاك تابعي وهذا صحابي، وذاك شامي وهذا كوفي.

الشيخ: الفرق بين صنابح والصنابحي.

قارئ المتن: وقال ابن البرقي: جاء عن الصنابح بن الأعسر حديثان، قلت -يعني ابن حجر-: ذكرهما الترمذي في العلل عن البخاري وأعل الثاني بمجالد، أخرجهما الطبراني.

الشيخ: صحابي مقل رواية للحديث.

قارئ المتن: قال: "حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، قال: حدثني دكين بن سعيد المزني، قال: أتيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ركب من مزينة، فقال لي عمر رضي الله عنه: انطلق فجهزهم، قال: يا رسول الله! إن هي إلا آصع من تمر، فانطلق فأخرج مفتاحًا من حزته ففتح الباب، فإذا شبه الفصيل الرابض من التمر، فأخذنا منه حاجتنا قال: فلقد التفت إليه وإني لمن آخر أصحابي كأنى لم نرزأه تمرة".

الشيخ: وهذا الإسناد وهذا المتن أيضاً من صحيح ابن حبان، قال عنه...

قارئ المتن: قال: "صحيح، أخرجه الحميدي، وأحمد، والبخاري في التاريخ، وأبو داود".

الشيخ: ماذا؟ أعد الحديث، قال: حدثنا علي بن مسلم...

قارئ المتن: قال: "حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، قال: حدثني دكين بن سعيد المزني، قال: أتيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ركب من مزينة، فقال لي عمر رضي الله عنه: انطلق فجهزهم، قال: يا رسول الله! إن هي إلا آصع من تمر، فانطلق فأخرج مفتاحًا من حزته ففتح الباب، فإذا شبه الفصيل الرابض من التمر، فأخذنا منه حاجتنا قال: فلقد التفت إليه وإني لمن آخر أصحابي كأنى لم نرزأه تمرة".

شرح الشيخ: لم نرزأه يعني لم ننقصه، يعني أعطاهم حاجتهم وأخذ من التمر ثم نظروا فإذا هي كما هي، ما نقص، حلت فيه البركة، هذه من دلائل النبوة، كـأنه أراد أن يجهز هؤلاء، كانوا جماعة، يقول دكين بن سعيد: أتيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ركب من مزينة، جماعة، فقال لي عمر: انطلق فجهزهم، أعطهم ما يحتاجون، فأخذ المفتاح وفتح الباب، فإذا هو شبه الفصيل الرابض، يعني تمر مرتفع كثير كأنه فصيل رابض، فأخذوا حاجتهم، الركب يحتاجون، أخذوا كمية، فإذا أخذوا كمية ينقص، فلما أخذوا التفت فإذا هو على حاله، كأنه ما نقص، كأننا ما أخذنا منه ولا تمرة، هذه من البركة التي جعلها الله، والله على كل شيء قدير، ومن دلائل نبوة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كأنى لم نرزأه تمرة، كأنى لم نأخذ منه ولا تمرة، مع أنهم ركب، جهزهم وأخذ منه شيئًا يعني له تأثير، وإن كان التمر مثل الفصيل الرابض يعني المرتفع، الخزانة، كان من بيت مال المسلمين.

قارئ المتن: قال: "حدثنا أحمد بن أبي سريج قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: حدثني ورقاء عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتب إلى حبر تيماء فسلم عليه".

الشيخ: وهذا الإسناد والمتن أيضاً من صحيح ابن حبان، إسناده ضعيف.

قارئ المتن: قال: "إسناده ضعيف؛ لضعف رواية روقاء في منصور خاصة، فقد تكلم يحيى القطان في حديثه عن منصور، لم أقف عليه".

الشيخ: تيماء.

قارئ المتن: تيماء بالفتح وسكون التحتية والمد، بليد في أطراف الشام بينهما وبين وادي القرى على طريق حاج دمشق، معروف تيماء في المدينة، في طريق المدينة إلى تبوك، تيماء هناك، معروف، عن ابن عباس أنه كتب إلى حبر تيماء، حبر تيماء يعني عالم، العالم يقال: حِبر، ويقال: حَبر، كتب إلى إن كان تيماء عندهم عالم، فسلم عليه، كأنه مسلم، وإلا لو كان غير مسلم ما سلم عليه، لما كتب إلى هرقل عظيم الروم وهو غير مسلم قال: «من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى»، ما سلم عليه؛ لأنه غير مسلم، وهذا يقول: سلم عليه، كتب له، قال: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، وهذا يدل على أنه مسلم، لكن هذه القصة تحتاج إلى أيضاًح بسبب الكتابة، وهذا الحبر، كيف وهم مسلمون؟ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذهب إلى تبوك في آخر حياته، غزوة تبوك، وهي على طريق تبوك، الكتابة كيف سلم عليه؟ هذا فيه إشكال، وهذا الحديث ضعيف؛ لضعف رواية ورقاء بن منصور خاصة، من الذي أخرجه؟

قارئ المتن: ما ذكر أحسن الله إليكم له تخريج، لم أقف عليه.

الشيخ: قال: لم أقف عليه؟

قارئ المتن: نعم، أحسن الله إليك.

الشيخ: يعني ما وقف عليه.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، لكن في التفسير من سنن سعيد بن منصور ذكره عن ابن عباس موقوفًا.

الشيخ: ذكره عن ابن عباس؟

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، عن حماد المديني عن كريب قال: دعاني ابن عباس رحمه الله، فقال: اكتب من عبد الله بن عباس إلى فلان حبر تيماء، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، فقلت: تبدأه فتقول: سلام عليك، فقال: إن الله هو السلام، اكتب: سلام عليك أما بعد، ثم ذكر حديث طويل.

الشيخ: حديث طويل يتعلق بماذا؟

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، قال: فحدثني عن مستقر ومستودع، وعن جنة عرضها السماوات والأرض، قال: فذهبت بالكتاب إلى اليهودي، فأعطيته إياه.

الشيخ: يهودي! كيف يهودي ويسلم عليه؟! يقول: سلام عليك.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، فأعطيته إياه، فلما نظر إليه قال: مرحبًا بكتاب خليلي من المسلمين.

الشيخ: كتاب خليلي من المسلمين؟! ما التناقض هذا؟ كيف خليله من المسلمين، وهو ذهب إلى اليهودي؟

قارئ المتن: المعلق عليه قال: سنده ضعيف، قال: سنده ضعيف إن كان الراوي عن كريب هو حميد بن زياد، قال: مرحبًا بكتاب خليلي من المسلمين، فذهب بي إلى بيته ففتح أسفارًا له كثيرة، فجعل يطرح تلك الأسفار لا يتلفت إليها، قلت: ما شأنك؟ قال: هذه أسفار كتبتها اليهود حتى أخرج سفر موسى، فنظر إليه فقال: المستودع الصلب، أو الصَّلب.

الشيخ: أو الصُّلب.

قارئ المتن: غير مشكول أحسن الله إليك، والمستقر الرحم، كأنها الصُّلب، المستودع الصلب والمستقر الرحم، ثم قرأ هذه الآية: ﴿وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ﴾[الحج:5]، ﴿وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾[البقرة:36].

قال: هو مستقره في الأرض، ومستقره في الرحم، ومستقره تحت الأرض حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار، ثم نظر فقال: جنة عرضها السماوات والأرض، قال: سبع سماوات، وسبع أراضين يلفقن كما تلفق الثياب بعضها إلى بعض، فقال:...

الشيخ: يلففن.

قارئ المتن: بالقاف أحسن الله إليك.

الشيخ: لعلها بالفاء، يلففن كما تلف، يلففن ماذا بعدها؟

قارئ المتن: هنا كما تلفق الثياب بعضها إلى بعض، قال في الحاشية...

الشيخ: كما تلفقن بالقاف، لعلها بالفاء، تلففن كما تلفف الثياب، نعم.

ماذا قال في الحاشية؟

قارئ المتن: قال: يلفقن أي ضمت بعضها إلى بعض، انظر لسان العرب.

الشيخ: لعلها بالفاء، نعم.

قارئ المتن: فقال: هذا عرضها ولا يصف أحد طولها، انتهى.

الشيخ: على كل حال ضعيف، يعني هذا ضعيف وهذا ضعيف، ولذلك الإشكال هذا، وجد هذا الإشكال كما قلنا: كيف يكتب إلى حبر تيماء ويسلم عليه، هذا ضعيف لا يعتمد، إذا جاء بسند صحيح ثم بعد ذلك يبحث عنه.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا داود بن أبي هند عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ضماضًا قدم مكة من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمدًا مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يديه، قال: فلقيه فقال: يا محمد! إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد»، فقال: أعد علي كلماتك هذه، فأعادها عليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاث مرات، فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، هات يدك أبايعك على الإسلام، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وعلى قومك»؟ فقال: وعلى قومي، قال: فبايعه، فبعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية فمروا بقومه، فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئًا، فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة، قال: ردوها، فإن هؤلاء قوم ضماد".

الشيخ: وهذا السند من صحيح ابن حبان، تخريجه.

قارئ المتن: قال: "صحيح، أخرجه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي".

شرح الشيخ: هذا ضماد، قدم من أزد شنوءة يعني، من جهة الجنوب من مكة، ضامد وزهرة كلهم من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، الريح يعني كأنها المس، الجنون يعني، يرقي الناس من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون، ضماد هذا، ما ذكر اسمه ضماد ماذا؟

ضماد بن ثعلبة، ذكر هنا اسمه أو ما ذكره؟

قارئ المتن: [00:29:54]

الشيخ: تعليق؟ ضماد قدم مكة، وكان يرقي من الريح، من المس، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمدًا مجنون، فقال ضماد: لو أني لقيت هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يدي، ما دام مجنون، قال: فلقيه، فقال: يا محمد! إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟ أرقيك؟ حتى يشفيك الله من الجنون الذي يقولونه الناس، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تشهد، فقال: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله»، فيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مأمور بأن يشهد لنفسه بالرسالة، كغيره، كما نشهد أن محمدًا رسول الله، هو عليه الصلاة والسلام يشهد لنفسه، قال في خطبته: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، ويقول: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد»، فقال ضماد: أعد علي كلماتك هذه، فأعادها عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاث مرات، كانوا عندهم عقول يعرفون كلام العرب، عندهم عناية، في الأول ما سمعوا هذه الكلمات، قال: أعد علي، سمعت قول الكهنة، هذا ما مثل كلامهم، سمعت قول السحرة، ليس مثل هذا، سمعت قول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هذه، وقال: هات يدك أبايعك على الإسلام، كان يقول: أرقيك، الآن بايعه على الإسلام، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وعلى قومك»؟ يعني: يبايعوني، فقال: وعلى قومي، قال: فبايعه، فبعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية تمر بقومه، فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئًا؟ يعني قوم ضماد، فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة، يعني إناء يتوضأ فيه، فقال: ردوها، فإنهم قوم ضماد، يعني مسلمون، ردوها عليهم، لو كانوا غير مسلمين لأخذوها، أموال الكفار حلال، ولهذا قال سليمان عليه السلام لما أرسل لبلقيس أنه يأتيها بجيش لا قبل لهم به، قال: من يأتينا بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، يأتوا مسلمين، خلاص، ما يجوز أن يأخذوا العرش، لكن الآن من يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، فأتى العرش قبل أن يسلموا، ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾[النمل:40].

فكذلك هؤلاء السرية الذين أرسلهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصابوا مطهرة من قوم ضماد، فقال: ردوها، يعني ردوها عليهم فإنهم قوم مسلمون، لا تحل أموالهم، عصموا بالإسلام، لأنه قال: وعلى قومي، نعم فيه كلام للنووي على هذا الحديث؟

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت القاسم بن أبي بزة يحدث عن أبي الطفيل رضي الله عنه أنه قال: سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخصكم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشيء، قال: ما خصنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشيء لم يعمم به الناس كافة، إلا ما كان في قراب سيفي هذا، فأخرج صحيفة مكتوبة: «لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا»".

شرح الشيخ: هذا الحديث حديث صحيح، رواه مسلم، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، وفيه أنه سئل: خصكم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يا أهل البيت بشيء؛ لأن الشيعة يزعمون أنهم خصوا بشيء، وأن الخلافة لعلي، وأن أبا بكر وعمر اغتصبوا الخلافة، فقال: ما خصنا بشيء إلا ما في هذا القراب، وأخذ هذا القراب وفيه هذا، وفي الحديث الآخر أن فيها أسنان الإبل، فيها شيء من أسنان الإبل وما أشبه ذلك، وهذا فيه الرد على الشيعة، يقولون: أهل البيت خصوا بشيء، فيها هذا مكتوب: «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من سرق منار الأرض»، وفي لفظ: «من غير منار الأرض، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا»، وهذا يدل على أن هذه الأمور من كبائر الذنوب، لما ذبح لغير الله هذا من الشرك، من غير منار الأرض، سرق منار الأرض، هنا المراد أنها العلامات التي جعلت للمسافرين، يسرقها فلا يهتدي الناس في الطرق، وقيل: العلامة التي بينك وبين جارك.

«لعن الله من لعن والديه» يعني: تسبب في لعنهما، قيل: يا رسول الله! هل يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أباه ويسب أمه»، وإذا لعنهما مباشرة كان أعظم وأعظم، «لعن الله من آوى محدثًا»، محدثًا يعني من فعل ما يوجب الحد ثم أواه حتى يقام عليه الحد، هذا محدث، وقيل: المحدث الذي فعل البدعة، آوى المبتدع، أو آوى شخص حتى لا يقام عليه الحد، ملعون هذا، وهذا فيه رد على الشيعة، قالوا: إن آل البيت خصوا بشيء، علي قال: ما عندنا شيء إلا ما في هذه الصحيفة، وما في قراب هذا السيف، فيه أسنان الإبل، وفيه الديات، وفيها ما ذكر، فلم يخص آل البيت بشيء، خلافًا للرافضة الذين يزعمون أن آل البيت خصوا بشيء دون الناس، ومنهم الخلافة، أن الخلافة فيهم، عندك؟

قارئ المتن: أحسن الله إليك، قال الإمام النووي رحمه الله في كلامه على الحديث السابق: "قوله: أما بعد، فيه استحباب قول أما بعد في خطب الوعظ والجمعة والعيد وغيرها، وكذا في خطب الكتب المصنفة، وقد عقد البخاري بابًا في استحبابه، وذكر فيه جملة من الأحاديث اختلف العلماء في أول من تكلم به، فقيل: داود عليه السلام، وقيل: يعرب بن قحطان، وقيل: قس بن ساعدة، وقال بعض المفسرين أو كثير منهم: إنه فصل الخطاب الذي أوتيه داود، وقال المحققون: فصل الخطاب: الفصل بين الحق والباطل، قوله: إن ضمادًا قدم مكة وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، أما ضماد فبكسر الضاد المعجمة، وشنوءة بفتح الشين وضم النون، وبعدها مد، ويرقي بكسر القاف، والمراد بالريح هنا الجنون ومس الجن، في غير رواية مسلم: يرقي من الأرواح، أي: الجن، سموا بذلك؛ لأنهم لا يبصرهم الناس فهم كالروح والريح، قوله: فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغنا ناعوس البحر ضبطناه بوجهين، أشهرهما ناعوس بالنون والعين، هذا هو الموجود في أكثر نسخ بلادنا، والثاني قاموس بالقاف والميم، وهذا الثاني هو المشهور في روايات الحديث في غير صحيح مسلم، وقال القاضي عياض: أكثر نسخ صحيح مسلم وقع فيها قاعوس بالقاف والعين، قال: ووقع عند أبي محمد بن سعيد تاعوس، بالتاء المثناة فوق، قال: ورواه بعضهم ناعوس بالنون والعين".

الشيخ: قوله: خصكم رسول الله بشيء؟ قال: خصكم رسول الله بشيء؟ في زيادة، فيها أسنان الإبل، وفيها الديات في قراب السيف، إذا وجدتها أكمل.

قارئ المتن: قال: "حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو العنبس عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: اشتكى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال نساؤه: انظر حيث تحب أن تكون فيه فنحن نأتيك، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أوكلكن على ذلك»؟ قالت: نعم، فانتقل إلى بيت عائشة رضي الله عنها، فمات فيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

شرح الشيخ: اللهم صل وسلم على نبينا محمد، الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما اشتكى من المرض، قال نساؤه: انظر حيث تحب أن تكون، يعني لما كان في صحته ينتقل هو، كل ليلة عند واحدة، لكن الآن صار ما يستطيع، فلابد أن يبقى، فلا يستطيع أن ينتقل، كل واحدة ليلة، فرضينه كلهم أن يبقى في بيت عائشة، قال النساء: انظر حيث تحب أن تكون، يعني عند أي امرأة فنحن نأتيك، فقال: «أوكلكن على ذلك»؟ كلكم موافقون على ذلك؟ قالت: نعم، فانتقل إلى بيت عائشة، فمات بها، قالت عائشة: مات بين سحري ونحري رضي الله عنها، هذا من عنايته عليه الصلاة والسلام بنسائه أن يأتي بالعدل، وإلا لا يجب عليه، لا يجب عليه القسم عليه الصلاة والسلام، لكن من عنايته واسترضاءه لنسائه عليه الصلاة والسلام، ولهذا رضين كلهن، ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَينَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾[الأحزاب:51]، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي والأشج قالا: حدثنا ابن علية عن أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان إبراهيم ابنه مسترضعًا في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت، وكان ظئره قينا فيأخذه فيقبله ويرجع..."

الشيخ: الظئر: المرضع، له مرضعة إبراهيم غير أمه، كان ظئره قينًا، يعني حدادًا، نعم.

قارئ المتن: قال عمرو: "فلما مات إبراهيم".

الشيخ: قال: فيأخذه ويقبله ويرجع، نعم.

قارئ المتن: "قال عمرو: فلما مات إبراهيم قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن ابني إبراهيم كان في الثدي، وإن له ظئرين تكملان رضاعه في الجنة».

شرح الشيخ: الظئر هي المرضعة، قلنا: له مرضعات، بدل، يعني في الدنيا له مرضعة، وفي الآخرة أبدل بظئرين، كانا يكملان رضاعه في الجنة، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، أنس يقول: ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال، كان إبراهيم يسترضع في عوالي المدينة، كان ينطلق حتى يدخل البيت، وكان ظئره قينًا يعني حدادًا، في البعض أنه كان في دخان كثير، فيأتي في الدخان فيأخذ ابنه يقبله ويرجع، ومات وهو رضيع، ما فطم، مات وهو صغير، وكسفت الشمس في اليوم الذي مات فيه إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهم فافزعوا إلى الصلاة».

قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن إبراهيم ابني كان في الثدي» يعني: ما يزال يرضع، ومات وإن له ظئرين تكملان رضاعه في الجنة، له مرضعتين، في الدنيا مرضعة، في الآخرة أبدل بمرضعتين، وفيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سماه في اليوم الذي ولد، سماه إبراهيم، دليل على جواز التسمية في اليوم الأول، ويجوز التسمية في اليوم السابع، جاء في الحديث أن: «أن كل غلام مرتهن بعقيرته، يحلق رأسه يوم سابعه، ويسمى»، اليوم السابع، ويجوز التسمية في اليوم الأول، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ولد لي الليلة ولد سميته إبراهيم»، في اليوم الذي ولد فيه، نعم.

قارئ المتن: هل الرضاع خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يُرضع في الجنة أو جميع أطفال المسلمين.

الشيخ: الله أعلم، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر عن ابنه إبراهيم، أما غيره فيحتاج إلى دليل، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا الحسين بن حريث أبو عمار، قال: حدثنا الفضل بن موسى عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أراد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يمسح مخاط أسامة بن زيد، فقالت عائشة رضي الله عنها: دعني حتى أكون أنا الذي أفعله، قال: «يا عائشة! أحبيه فإني أحبه»".

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث إسناده حسن من أجل طلحة بن يحيى فهو صدوق حسن الحديث، طلحة بن يحيى، أراد الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يمسح مخاط أسامة، فقال عائشة: دعني أكون أنا الذي أفعله، فقال: «يا عائشة! أحبيه فإني أحبه»، هذا فيه فضل أسامة، فأسامة، زيد بن حارثة أبوه حب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأسامة ابن حبه، أبوه حبه وهو ابن حبه، كان يحبه عليه الصلاة والسلام، وهذه منقبه لأسامة بن زيد، أحبه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هذه منقبة عظيمة، نعم.

قارئ المتن: قال: "حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال لي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رأيتك في المنام مرتين، إذا رجل يحملك في سرقة حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه»".

شرح الشيخ: والحديث صحيح، أخرجه ابن سعد في الطبقات، أخرجه مسلم والبخاري، وفيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أري عائشة قبل أن يتزوجها مرتين، قال: «رأيتك في المنام مرتين، إذا رجل يحملك في سرقة حرير»، يعني قطعة من الحرير، رأى صورتها في قطعة من الحرير، فيقال له: «هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه»، هذا فيه فضل عائشة، ومنقبة لعائشة، هذا فيه منقبة لعائشة أنه رآها في المنام مرتين، وإذا رجل يحملها كأنه ملك في سرقة حرير، في صورتها، سرقة حرير يعني قطعة من حرير، «فيقول له: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه»، فأمضاه الله، فيه منقبة لعائشة رضي الله عنها، أنها هكذا، وأن الله آراه إياها في المنام، ويحملها ملك، منقبة، نعم، سمِّ.

قارئ المتن: قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: "حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو العنبس سعيد بن كثير عن أبيه قال: حدثتنا عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر فاطمة رضي الله عنها، قالت: فتكلمت أنا، فقال: «أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة»؟ قلت: بلى والله، قال: «فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة»".

الشيخ: هذا الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، الحديث...

قارئ المتن: قال: "في إسناده مقال، فإن كثير بن عبيد مقبول حيث يتابع ولم يتابع".

الشيخ: كثير بن عبيد؟

قارئ المتن: نعم، الراوي عن عائشة.

الشيخ: أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر فاطمة، روى عن عائشة؟

قارئ المتن: لكن قال -أحسن الله إليك-: "أخرجه إسحاق بن راهويه، والترمذي، وابن حبان، والإسماعيلي من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة، قال: الروايات متباينة اللفظ متفقة المعنى".

الشيخ: ما في كثير بن عبيد، أين هو؟

قارئ المتن: الراوي عن عائشة، سعيد بن كثير عن أبيه.

الشيخ: سعيد، أبو العنبس سعيد بن كثير عن أبيه، وهو كثير بن عبيد، قال: حدثتنا عائشة أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر فاطمة، قالت: فتكلمت أنا، فقال: «أما ترضين...»، يخاطب عائشة، «أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة»؟ قلت: بلى، الحديث وإن كان ضعيف، لكن معناه صحيح، وهذا ثابت أن زوجاته في الدنيا هن زوجاته في الآخرة، عائشة زوجته في الدنيا والآخرة، هذا حق، ولو كان الحديث ضعيف، الحديث ضعيف لكن المعنى صحيح، هذا جاء في أخبار مفادها أن زوجات النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الدنيا هن زوجاته في الآخرة، الله تعالى خَيَّر أزواج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا(29)﴾[الأحزاب:28/29]، كلهن اخترن الله ورسوله، فهن زوجاته في الآخرة كما هن زوجاته في الدنيا، فهذا حق، أما سند الحديث فضعيف، لكن الصحيح ثابت بأخبار، نعم.

قارئ المتن: "حدثنا علي بن حجر السعدي، قال: حدثنا علي بن مسعر عن إسماعيل عن قيس عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، فقال: إني لست أعني النساء، إنما أعني الرجال، فقال: «أبو بكر»، أو قال: «أبوها».

في الصحيحين وغيره".

شرح الشيخ: وفيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصرح بحبه لعائشة، ولا يأنف من هذا، قال: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، قال: لست عن النساء أسأل، إنما عن الرجال، قال: «أبوها»، وعمرو بن العاص ظن أنه هو الأول لما يحبه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لما رأى من حسن خلق ومعاملته، جعل يسأل، قال: «أبوها، ثم عمر، ثم عثمان»، ما وصله الدور، فظن أنه من أحب الناس للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذا من حسن خلق النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وفيه أن عائشة أحب الناس إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأن أبوها أحب الرجال، وهو أفضل الناس بعد الأنبياء رضي الله عنه، ثم يليه عمر، ثم عثمان، ثم علي، ترتيبهم بالفضل والمحبة كترتيبهم في الخلافة، نعم.

قارئ المتن: "حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا هشام بن عروة عن عوف بن الحارث بن الطفيل عن رميثة أم عبد الله بن محمد أبي عتيق عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كلمنني صواحبي أن أكلم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يأمر الناس فيهدوا له حيث كان، فإن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نحب الخير كما تحب عائشة، فسكت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يراجعني، فجائني صواحبي فأخبرتهن أنه لم يكلمني، فقلن: والله لا ندعه، فقالت: فقلت مثل المقالة الأولى مرتين أو ثلاثًا، كل ذلك يسكت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم قال: «يا أم سلمة! لا تؤذيني في عائشة، فإني والله ما نزل الوحي علي وأنا في بيت امرأة من نسائي غير عائشة»، قالت: قلت: أعوذ بالله أن أسوءك في عائشة"، رضي الله عنها.

الشيخ: الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، رواه الشيخان.

قارئ المتن: البخاري وغيره.

الشيخ: ما ذكر مسلم؟

قارئ المتن: ما ذكر مسلم.

الشيخ: الحديث صحيح، في هذا أن النساء أصابهن الغيرة، هذا من الغيرة، أن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة؛ لأنه بذلك تقر عينه عليه الصلاة والسلام؛ لأن عائشة أحب الناس إليه، فمن كان عنده هدية من لبن أو غيره إذا كان يوم عائشة أهدوا له؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له تسع نسوة، كل امرأة في غرفة واحدة، فالناس يتحرون بهداياهم اليوم الذي فيه عند عائشة، لأنه تقر عينه، فأصاب بقية نساء النبي الغيرة، فقلن: يا أم سلمة! كلمي رسول الله يكلم الناس، يقول للناس: يا أيها الناس! من أحب أن يهديني في أي يوم، لا يختار هذا اليوم، فكلمته فسكت ولم يكلمها، فرجعن إلي، ماذا عملتِ؟ قالت: قلت له، كلمته، قالوا: كلميه مرة ثانية، فكلمته مرتين أو ثلاثًا، وكل ذلك يسكت، ثم قال: «يا أم سلمة! لا تؤذيني في عائشة، فإني والله ما نزل الوحي علي وأنا في بيت امرأة من نسائي غير عائشة»، قالت: قلت: أعوذ بالله أن أسوءك في عائشة.

هذا فيه منقبة لعائشة، وأنها من أفضل النساء، من أفضل نساءه عليه الصلاة والسلام، وما نزل الوحي على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في بيت امرأة من نسائه غير عائشة، هذه منقبة، وعائشة من النساء التي كملن، فإنه كمل من النساء خمس، ومن الرجال كثير، أفضل النساء: مريم بنت عمران أم عيسى، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعائشة أم المؤمنين، وفاطمة بنت محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هؤلاء أكمل النساء، كمل من النساء، أكمل النساء وأفضل النساء، واختلف العلماء أيهن أفضل؟ منهم من قال: فاطمة؛ لما فيه أنها من أهل الجنة، ومنهم من قال: خديجة أفضل؛ لأن جبريل جاءها وقال: أقرأها السلام من ربها ومني، هذه منقبة لخديجة، قال: أقرأها السلام من ربها ومني، جبريل، وأما عائشة فإنه قال: أقرأها السلام منه، هذا يدل على أنها أفضل، ومن العلماء من قال: عائشة أفضل؛ لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما سيأتي في الحديث الذي بعده: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»، الثريد الذي فيه لحم.

ومنهم من قال: مريم، وعلى كل حال هؤلاء النساء كلهن فاضلات، أما أيهن أفضل فمحل خلاف بين أهل العلم، وهذا من فضائل عائشة أنه ما نزل الوحي عليه وهو في بيت امرأة من نسائه غير عائشة، ومن فضائلها كما سيأتي في الحديث الذي بعده.

قارئ المتن: في رواية البخاري: «فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة».

الشيخ: في ثوب، وهنا: في بيت امرأة، وفي بعضها: في لحاف، ذكر في بيت، البيت قد ينزل الوحي فيه، ما أدري اللفظة هذه هل هي من غير البخاري؟ البخاري في لحاف ولا في ثوب؟

قارئ المتن: في ثوب، وفي لحاف.

الشيخ: في لحاف، نعم، في لحاف امرأة، هذه هي المنقبة، أما البيت واسع، نعم.

قارئ المتن: "حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة الهمذاني عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام»".

شرح الشيخ: والحديث صحيح، والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، قال: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وهي أم عيسى، وآسية امرأة فرعون»، وفي الحديث الآخر تكملة: «وخديجة زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعائشة زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفاطمة بنت محمد»، قال: «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام»، هذا من أدلة من قال: إن عائشة هي أفضل النساء؛ لأن الثريد أفضل الطعام، الثريد طعام فيه خبز ولحم، ويفضل على سائر الطعام الذي فيه لحم، ودل على فضلها، وعلى كل حال محل خلاف في أيهن أفضل؟ وكلهن فاضلات رضي الله عنهن وأرضاهن، نعم.

قارئ المتن: "حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه أن أباه رضي الله عنه هلك وترك تسع بنات، أو سبع بنات، قال: فأتيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال لي: «تزوجت يا جابر»؟ قلت: نعم، قال: «بكرًا أو ثيبًا»؟ قلت: بل ثيبًا، قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك»؟ فقلت: إن عبد الله مات وترك سبع بنات أو تسع بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، وأردت امرأة تقوم عليهن، فقال لي: «بارك الله لك»".

الشيخ: تخريج الحديث.

قارئ المتن: سبق تخريجه.

شرح الشيخ: قال: سبق، الحديث في الصحيح، وهو في الصحيحين، ما علق عليه؛ لأنه سبق، الحديث صحيح، فيه أن جابر توفي أبوه عبد الله بن حرام، قتل يوم أحد، وترك تسع بنات أو سبع بنات أخوات له، قال: فأتيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: «تزوجت يا جابر»؟ قلت: نعم، قال: «بكرًا أو ثيبًا»؟ قلت: بل ثيبًا، قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك»؟ قال العلماء: فيه دليل على استحباب البكر، وأنه أفضل من الزواج بالثيب؛ لأنها تعفه أكثر من غيرها، فقال: إن عبد الله يعني والده عبد الله بن حرام مات وترك سبع بنات، أو تسع بنات، وإني كرهت أن آتيهن بمثلهن.

كره أن يجيء بمثلهم تلعب معهم ولا تفيدهم، ولكن أتيت بامرأة مضى عليه السن، تقوم عليهن، وفي لفظ: وتمشطهن، وتقوم بشؤونهن، فقال: «بارك الله لك»، أو قال: «أحسنت»، هذا فيه دليل على فضل جابر رضي الله عنه، أنه قدم مصلحة أخواته على مصلحة نفسه، مصلحة نفسه أن يتزوج بكر، ومصلحة أخواته أن يتزوج ثيب، امرأة ثيب ليست كالبكر، يعني مضى عليها مدة، وخبرت الدنيا وعرفتها، يعني لها عناية، فتقوم على هذه البنات، وتسرحهن، وتمشطهن، أما إذا جاء بجارية خلاص واحدة مثلهم، تلعب معهم، ما تستفيد الأخوات، فدل على فضل زواج البكر إلا لمصلحة، قال: كرهت أن أجيئهن بمثلهن، إذا جاء بمثلهن ما يستفدن منها، وأردت امرأة تقوم عليهن، وفي لفظ: تمشطهن، فقال: «بارك الله لك»، يعني دعا له النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي لفظ قال: «أحسنت وأصبت»، صوبه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فدل على أن العدلة عن زواج البكر إلى الثيب للمصلحة فيه فضل، وفيه فضل جابر حيث قدم مصلحة أخواته على مصلحة نفسه، رضي الله عنه وأرضاه.

قارئ المتن: "حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾[الحجرات:2]، قال ثابت بن قيس: أنا والله الذي كنت أرفع صوتي عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنا أخشى أن يكون الله قد غضب علي، فحزن واصفر، ففقده رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فسأل عنه فقيل: يا نبي الله! إنه يقول: إني أخشى أن أكون من أهل النار، إني كنت أرفع صوتي عند النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بل هو من أهل الجنة»، فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة.

شرح الشيخ: الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح أخرجه مسلم والبخاري، أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو حديث صحيح، وثابت بن قيس كان خطيب للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويرفع صوته، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موجود، والخطيب مضطر أن يرفع صوته، فخشي أن يكون حبط عمله، لما نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾[الحجرات:2]، وفي لفظ آخر أنه جلس في بيته، وقال: حبط عمله، ففقده النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأرسل إليه فقال: إنه حبط عمله، إنه يرفع صوته فوق صوت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنه من أهل النار، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أخبروه أنه من أهل الجنة وليس من أهل النار»، هذه شهادة له، شهادة له، وهو معذور في هذا؛ لأنه خطيب يحتاج إلى رفع الصوت، قال: أنا والله الذي كنت أرفع صوتي عند رسول الله، وأنا أخشى أن يكون قد غضب عليَّ، وفي لفظ آخر أنه قد حبط عمله، فحزن واصفر وجلس في بيته، ففقده النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقيل: يا نبي الله! إني أخشى أن أكون من أهل النار؛ لأني كنت أرفع صوتي عند النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بل هو من أهل الجنة»، فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة، هذا ممن شهد له الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه من أهل الجنة.

قارئ المتن: "حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا، ألا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح»، في الصحيحين وغيرهما".

شرح الشيخ: والإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح، وفيه مناقب لعدد من الصحابة، قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر»، هذه منقبة لأبي بكر في الرحمة، «وأشدهم في أمر الله عمر»، الشدة في أمر الله، يعني في تنفيذ الأحكام وتصديق الأخبار، «وأصدقهم حياء عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أبي بن كعب»، جاء في الحديث أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأبي: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب»، قال: وسماني بأبي؟ قال: «نعم»، فبكى أبي فرحًا، البكاء يكون للحزن ويكون للفرح.

«وأفرضهم زيد بن ثابت» يعني أعلمهم بالفرائض، وهي قسمة التركات بعد الموت، «وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، فيه دليل على أن الإنسان قد يكون عالم في جزء من السنة، وأعلم من غيره، نوع من الفقه دون نوع آخر، معاذ امتاز بين الصحابة بعلمه بالحلال والحرام، قال: «وإن لكل أمة أمين وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح»، هذه منقبة لأبي عبيدة، أنه أمين هذه الأمة، وفيه دليل أن الله تعالى يوفق الشخص لعمل يمتاز به، هذه يفوق غيره، وإن كان غيره قد يفوقه في نوع آخر من العلم أو من العمل، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، فيه فضائل ومناقب لهؤلاء الصحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وأبي وزيد بن ثابت ومعاذ وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم وأرضاهم.

قارئ المتن: أحسن الله إليك، الذي في الصحيحين الجملة الأخيرة...

الشيخ: «ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح»، هذه في الصحيحين، لكن البقية ما فيه.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، الحاكم قال: "أخرجه الحاكم، وقال: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وإنما اتفقا بإسناده هذا على ذكر أبي عبيدة فقط".

الشيخ: اتفقا، ولو انفرد أحدهما بشيء، لعله انفرد أحدهما.

قارئ المتن: الذين خرجوه لم يذكروه، ولم يعزوه إلا للبخاري ومسلم أحسن الله إليك.

الشيخ: يعني ما انفرد البخاري بشيء من هذا غير الأمانة لأبي عبيدة، ومسلم هل انفرد بشيء من ذلك؟

قارئ المتن: نفس الرواية أحسن الله إليكم عند البخاري ومسلم.

الشيخ: كيف يقول أخرجه البخاري ومسلم المحقق؟

قارئ المتن: قال في آخره: "الروايات مطولة ومختصرة".

الشيخ: الروايات مطولة، لكن ما يمكن أن يكون أخرجها بإطلاق، يقال: أخرج الجملة الأخيرة منه، وهي قوله: «إن لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة»، أخرجه البخاري ومسلم، لا يقل: أخرجه البخاري بإطلاق، هذا غريب من المحقق، لا بد أن يذكر اللفظ أو الجملة التي اتفقوا عليها، لكن قوله: اتفقا على هذه يدل على أن بعض الجمل رواها بعضهم، رواها بعض الشيخين، يعني بعضها عند البخاري وبعضها عند مسلم ينظر، لعل هناك أحاديث أخرى.

زيد بن ثابت اشتهر بالفرائض، والعلماء يستدلون على ذلك بقوله: «أفرضكم زيد بن ثابت»، وكذلك يفعلون بالحلال والحرام كذلك يرويها العلماء، كذلك أبي بن كعب كان أقرأ، على كل حال ينظر في ثبوتها، من أخرجها من غيرهم؟

قارئ المتن: الترمذي...

الشيخ: نعم، بسند صحيح لا بأس به، ينظر سند الترمذي، وسند النسائي وغيره إذا كانت ثابتة والحمد لله، لكن كون المحقق يقول: رواه البخاري بإطلاق، ومسلم بإطلاق، ولا يبين، هذا الإشكال، لكن يقول: أخرجه البخاري، أو اتفق البخاري ومسلم على الجملة الأخيرة منه، نعم.

قارئ المتن: أحسن الله إليكم، في فتح الباري قال: تنبيه! أورد الترمذي وابن حبان هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء بهذا الإسناد مطولًا، وأوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أبي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا وإن لكل أمة أمينًا...»، وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري، والله أعلم.

الشيخ: هذا ابن حبان والترمذي، طيب وغيره؟

قارئ المتن: ما ذكر هنا.

الشيخ: في رواية ابن ماجه والطيالسي والنسائي، رواية النسائي نفسها مرسلة، والبيهقي والبغوي في [01:15:26] كل هؤلاء ينظر إليه إذا كان مرسل، والمرسل ضعيف، إلا إذا جاء مرسل آخر صحيح يعضده، نعم، يراجع الناس، نعم.

قارئ المتن: "حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ هذه الآيات يومًا على المنبر، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67]، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول هكذا بأصبعه يحركها، يمجد الرب جل وعلا نفسه: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم، فرجف برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المنبر حتى قلنا: ليخرن به".

شرح الشيخ: وهذا الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، والحديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما، وفيه من حديث ابن عمر أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ هذه الآيات على المنبر، قال: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67]، فيه: بيان عظمة الرب سبحانه وتعالى، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾[الزمر:67]، يعني: ما عظموه حق تعظيمه، ﴿وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾[الزمر:67]، فيه إثبات القبض، أن الله سيقبض الأرض يوم القيامة، ﴿وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67]، إثبات اليمين لله -عَزَّ وَجَلَّ-، الصفات، وإثبات القبض، هذه الأرض العظيمة متى يقطعها الإنسان طولها وعرضها؟ الآن من المسائل الحديثة، وهناك أشياء قد لا يستطيع الوصول إليها، ﴿قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾[الزمر:67]، فلازم من هذا حديث أبي ذر يقول: «ما السماوات السبع والأراضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم»، السماوات السبع، ما نهاية السماوات؟ والأرضون السبع في كف الرحمن كخردلة، الخردلة الحبة الصغيرة في يد أحدكم، لو أن الإنسان بيده خردلة، قابضًا لها، مستول عليها، إن شاء قبضها، وإن شاء وضعها، لا تساوي شيء، فهذه المخلوقات العظيمة لا تساوي شيء بالنسبة لعظمة الرب سبحانه وتعالى.

«ما السماوات السبع والأراضون السبع في كف الرحمن إلا كحبة في يد أحدكم»، الملائكة الذين يحملون العرش، لا يساوون شيء، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أذن لي أن أحدث عن ملك ما بين شحمة أذنه وبين كتفه مسيرة ثلاثين عامًا»، وفي رواية: «سبعين» أو «سبعمائة»، هؤلاء المخلوقات العظيمة لا تساوي شيء بالنسبة لعظمة الرب سبحانه وتعالى، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ هذه الآية جعل يحرك بأصبعه هكذا، يمجد الرب جل وعلا، يقول: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم، فيه إثبات هذه الأسماء لله -عَزَّ وَجَلَّ-، أن من أسمائه الجبار، وأن من أسمائه المتكبر، ومن أسمائه الملك، ومن أسمائه العزيز، ومن أسمائه الكريم، قال: فرجف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المنبر حتى قلنا: ليخرن به حتى يسقط.

ما سبب هذه الرجفة؟ هل المنبر تأثر مما يسمع ورجف برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ مثل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما غير الجذع الذي يخطب عليه صاح الجذع حتى كاد أن ينشق، فنزل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجعله يسكته، لما غير المنبر صاح؛ لما فاته من المواعظ التي يسمعها، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[البقرة:74]، فيحتمل هذا في كذا أحد تكلم في سبب الرجفة، رجف برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المنبر مما يسمع من الخشية.

قارئ المتن: ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا خطب يحمر وجهه كأنه مُنذر جيش؟!

الشيخ: كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا خطب احمر وعلا صوته، حتى كأنه منذر جيش، يقول: «صبحكم، ومساكم»، هذا فعله عليه الصلاة والسلام، يعني هل هو إذا احمر صوته يرجف المنبر؟ ولا هو يرجف برجه على المنبر.

قارئ المتن: من شدة خوف الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الله فارتجف المنبر.

الشيخ: المنبر يرجف هو، ولا هو الذي حرك المنبر، قال: رجف المنبر برسول الله حتى قلنا: ليخرن به، يراجع في الشروح، تكلم على قوله رجف، سبب الرجفة، هل هو النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ لكن لو كان رجف من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال: رجف من يده أو من رجله، لكان يسقط من عمله هو، لكنه قال: رجف برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المنبر، حتى قلنا: ليخرن به يعني: ليسقطن به، تراجع الشروح.

قارئ المتن: "حدثنا يوسف بن واضح الهاشمي، قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى بن يعمر، قال: قلت: يا أبا عبد الرحمن! يعني لابن عمر رضي الله عنهما: إن أقوامًا يزعمون أن ليس قدر، قال: هل عندنا منهم أحد؟ قلت: لا، قال: فأبلغهم عني إذا لقيتهم: إن ابن عمر يبرأ إلى الله منكم، وأنتم برئاء منه".

"حدثنا عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أناس إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد".

شرح الشيخ: ليس سحناء، السحنة هي بشرة الوجه وهيئته وحاله، وهي مفتوحة السين، السَّحناء، السحناء هي بشرة الوجه وهيئته وحاله وهي مفتوحة السين، وقد تكسر السِّحنة، ويقال لها: السحناء أيضاً بالمد كما في النهاية لابن الأثير، نعم.

قارئ المتن: أحسن الله إليك، "وليس من أهل البلد يتخطى حتى ورك".

الشيخ: جاء رجل ليس عليه سحناء السفر، يعني ما يظهر عليه السفر، في الحديث الآخر أنه رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، والعادة أن الذي يأتي في الأسفار في ذلك الوقت يكون متسخ الثياب، منتفش الشعر؛ لأنه راكب الإبل، وأسفار طويلة، وغبار، ما عندهم مراكب مثل مراكبنا المكيفة، مغلقة بزجاج، وأسفار سريعة، يلبس ثياب ومعه ثياب يأخذه معه مكوية، فيخرج منها، وتكون ثيابه غير متسخة، لكن في ذلك الوقت لا، ما في شيء من هذا، ولهذا استغرب الصحابة، كيف هذا الرجل من السفر وما عليه الأثر؟ ثياب بيض، وليس عليه علامة من علامات السفر، نعم.

قارئ المتن: أحسن الله إليك، "إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد يتخطى حتى ورك".

شرح الشيخ: حتى ورك، يعني: اعتمد على وركه كما في لسان العرب، اعتمد على وركه.

قارئ المتن: "والحاصل بين يدي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا محمد! ما الإسلام؟ قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان»، قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: يا محمد! ما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالجنة والنار والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره»، قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: يا محمد! ما الإحسان؟".

شرح الشيخ: وعجب له الصحابة يسأله ويصدقه، سائل عارف، يصدقه، سؤال العارف.

قارئ المتن: "قال: يا محمد! ما الإحسان؟ فقال: «الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه، فإنك إن لا تراه فإنه يراك»، قال: فإذا فعلت هذا فأنا محسن؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: فمتى الساعة؟ قال: «سبحان الله! ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن إن شئت نبأتك عن أشراطها»، قال: أجل، قال: «إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون في البنيان وكانوا ملوكًا".

شرح الشيخ: نعم، هذه من أشراطها، نعم.

قارئ المتن: "قال: ما العالة الحفاة العراة؟ قال: «العريب»، قال: «وإذا رأيت الأمة تلد ربتها فذلك من أشراط الساعة»، قال: صدقت، ثم نهض فولى، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علي بالرجل، فطلبناه كل مطلب فلم نقدر عليه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

شرح الشيخ: ما قدروا عليه، طار، ملك من الملائكة بأجنحة، طار، جاء في صورة آدمي فرأوه، ثم بعد ذلك طار، أعطاه قوة تسخره، في الحديث: لما ذهبوا ما وجدوا أحد، لو كان آدمي ما يذهب بعيد.

قارئ المتن: "فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هل تدرون من هذا؟ هذا جبريل أتاكم ليعلمكم دينكم، خذوا عنه والذي نفسي بيده ما شبه علي منذ أتاني قبل مرتي هذه، وما عرفته حتى ولى، والله أعلم".

شرح الشيخ: الإسناد والمتن من صحيح ابن حبان، نعم، وهذا الحديث أصله يعني في الصحيحين، والأصل في مسلم، الحديث مطول في مسلم، وهو مختصر من رواية أبي هريرة، حديث ابن عمر المطول اختصر فيه مسلم، وهو رواه ابن أبي هريرة مختصرًا، لكن رواية مسلم فيها اختلاف عن هذا، فيها زيادات ونقص، ليس في رواية مسلم: عليه سحناء السفر، إنما فيها: لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، وليس فيه أنه يتخطى حتى ورك، ولا فيه الحط بين يدي رسول الله، وليس فيه الصلاة وأن تحج وتعتمر وتغسل من الجنابة وتكمل الوضوء، هذه ليست في مسلم.

المحقق على الصحيح روى الحديث من مختصر المختصر، [01:28:05] مطولًا، وقد سبق تخريجه، يرجع إلى رقم تخريجه، وليس فيه قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: «نعم»، وسأل عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالجنة والنار والميزان، هذا ليس في مسلم، في مسلم: أن تؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وليس فيه فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن.

وفي مسلم: «الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، وهنا «أن تعمل لله كأنك تراه، فإنك إلا تراه فإنه يراك»، اختلاف، قال: فمتى الساعة؟ قال: «سبحان الله! ما المسؤول عنها بأعلم من السائل».

في مسلم: «ما المسؤول عنها»، ما في سبحان الله، في مسلم قال: أخبرني عن أماراتها، وهنا قال: «ولكن إن شئت نبأتك عن أشراطها»، قال: أجل، قال: «إذا رأيت العالة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان»، هناك في مسلم: رعاء الشاة يتطاولون في البنيان في مسلم، حتى العراة العالة رعاء الشاة، وهنا قال: «العالة الحفاة العراة يتطاولون في البنيان، وكانوا ملوكًا»، هذه زيادة، وكانوا ملوكًا، وفيه قال: أن العالة الحفاء العراة، قال العريب: هذه كلها زيادة، ليست في مسلم.

قال: «وإذا رأيت الأمة تلد ربتها فذلك من أشراطها»، قال: صدقت، ثم نهض فولى، فقال: ثم لبثنا مليًا، قال: أتدرون من السائل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل.

وفي هذا الحديث، حديث عظيم في بيان الإسلام والإيمان والإحسان، وفيه أن الإسلام له مراتب هذه المراتب ثلاثة: الإسلام فسرها بالعمل، والإيمان فسرها بأعمال القلوب، والإحسان".

فيه دليل على أن من أتى بأعمال الإسلام وأعمال الإيمان فهو مؤمن مسلم ظاهرًا وباطلًا، ومن ترك أعمال الإسلام الشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج، وإن لم يأت بها في الأعمال الباطنة لم يكن مؤمنًا بالله وملائكته، فهذا منافق في الدرك الأسفل من النار.

ومن أتى بالإيمان، أعمال الإيمان، أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ولكنه امتنع عن الصلاة أو النطق بالشهادتين فإنه لا يقبل منه، ولو كان عندي أنه مؤمن، لابد أن يطلب الشهادتين، ولابد أن يصلي، وفيه أن دائرة الإسلام أوسع، ثم دائرة الإيمان، ثم دائرة الإحسان، أهل الإسلام أكثر، فالإسلام يطلق على العاصي، العاصي يطلق عليه مسلم ولا يسمى أنه مؤمن بإطلاق حتى يلتزم بأداء الواجب، وترك المحرمات، فإذا كان عاصي أو مقصر في بعض الواجبات يسمى مسلم بإطلاق، ولا يسمى مؤمن بإطلاق لا بد من القيد، لكن مؤمن ناقص الإيمان، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، لكن المسلم يطلق عليه الإسلام ولو كان عاصيًا، والإحسان أضيق دائرة، كل محسن مؤمن ومسلم، وكل مؤمن فهو مسلم، وليس كل مسلم مؤمنًا، وليس كل مؤمن محسنًا.

هذه المراتب ثلاثة: الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان، وفيه أن علم الساعة مختص علمها بالله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولهذا قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل»، المسؤول والسائل كلاهما علمهما واحد، لا يعلمان متى الساعة، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾[الأعراف:187]، نعم، عند شيء فيه كلام.

قارئ المتن: أحسن الله إليك، مسلم أخرج إسناد هذه الطريق ولم يخرج لفظها، قال: بنحو حديثهم، أخرجه من طريق المعتمر عن أبيه عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن عمر عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: بنحو حديثهم، لم يذكر لفظه، في صحيح مسلم بعد الرواية هذه.

الشيخ: في الصحيح؟

قارئ المتن: نعم.

الشيخ: ماذا قال؟

قارئ المتن: وحدثني حجاج بن الشاعر، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا المعتمر عن أبيه عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن عمر عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنحو حديثهم، والبيهقي أخرجه بمثل هذا اللفظ ثم قال: رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر عن يونس بن محمد إلا أنه لم يسق متنه.

شرح الشيخ: على كل حال هذا الحديث عظيم، شامل للإسلام والإيمان والإحسان، فيه شيء زيادات للشراح والحديث السابق الذي قلناه؟

قارئ المتن: نعم، أحسن الله إليك، الحديث السابق في شرح النووي على صحيح مسلم، قال: وقوله في المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، أي: من أسفله إلى أعلاه؛ لأن بحركة الأسفل يتحرك الأعلى، ويحتمل أن تحركه بحركة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذه الإشارة، قال القاضي: ويحتمل أن يكون بنفسه هيبة لسمعه كما حن الجذع.

الشيخ: يعني ارتجف بنفسه هو، ليس ببعيد، هو الأقرب، هو الذي أرجحه.

بهذا نكون انتهينا من الكتاب...

قارئ المتن: [01:35:06]

الشيخ: لا، الظاهر أن الاختلاف صعب في الرواية بالمعنى، يروون بالمعنى بشروط، ويختلفون في الألفاظ، وقد يكون بعضهم حضر بينما لم يحضره الآخر، في زيادات، هذا قد يحصل.

وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على محمد وآله وصحبه، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد