الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وعلى أله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ({وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (40) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)})
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (يَقُولُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ} أَيْ: يَتَعَامَى وَيَتَغَافَلُ وَيُعْرِضُ، {عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} وَالْعَشَا فِي الْعَيْنِ: ضَعْفُ بَصَرِهَا. وَالْمُرَادُ هَاهُنَا: عَشَا الْبَصِيرَةِ، {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النِّسَاءِ: 115]، وَكَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصَّفِّ: 5]، وَكَقَوْلِهِ: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [فُصِّلَتْ:25]؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} أَيْ: هَذَا الَّذِي تَغَافَلَ عَنِ الْهُدَى نُقَيِّضُ لَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يُضِلُّهُ، وَيَهْدِيهِ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ. فَإِذَا وَافَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يتبرم بالشيطان الذي وكل به، {قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [أَيْ: فَبِئْسَ الْقَرِينُ كُنْتَ لِي فِي الدُّنْيَا] (1) وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: "حَتَّى إِذَا جَاءَانَا" يَعْنِي: الْقَرِينَ وَالْمُقَارِنَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيري قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُعِثَ مِنْ قَبْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَفَع بِيَدِهِ شَيْطَانٌ فَلَمْ يُفَارِقْهُ)
في الحاشية قال: سفع بيده أخذها وقبض عليها بشدة.
(حَتَّى يُصَيِّرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النار، فذلك حين يقول: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} (2))
الشيخ: وهذا منقطع يقول بلغنا، ماذا قال عليه؟ ضعيف؟
الطالب: ما ذكر شيء عندي.
الشيخ: منقطع.
الطالب: إسناده يقول صحيح للجريري.
الشيخ: ما ينفع، قول جريري يعني.
الطالب: (وَالْمُرَادُ بِالْمَشْرِقَيْنِ هُنَا (3) هُوَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ هَاهُنَا تَغْلِيبًا، كَمَا يُقَالُ (4) الْقَمَرَانِ، وَالْعُمَرَانُ، وَالْأَبَوَانِ، [وَالْعُسْرَانِ] (5). قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ.)
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول الله تعالى: ({وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}) بهذه الآيات الكريمة بيان حال المعرض الذي أعرض عن الحق وصدا عنه وتركه بعد معرفته، وأن حاله سيئة وأنه يعاقب في الحال، فمن ترك الحق بعد ما علمه وعرفه فإنه يعاقب، ويقيض له شيطان يصده ويضله عن السبيل، ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾[النبأ:26] لأنه ترك الحق بعد ما علمه، كما قال الله تعالى: ({فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ})، قال سبحانه ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾[النساء:115] يعني بعد ما تبين له، الجاهل قد لا يعاقب، قد يُعفى عنه لكن العالم الذي يعلم الحق ويتضح له ثم يتركه هذا هو الذي يعاقب، ولذلك قال سبحانه وتعالى: ({وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}) يعني يُعرض عن الذكر وعن الحق ويتعامى ويتغاضى ويصد عن الحق بعد معرفته يعاقب نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}) مقارن لا يفارقه يضله، ({وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}) وإنه يعني الشياطين يصدون المعرضين، ({وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}) يظنون أنهم على الحق، ({حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}) في يوم القيامة يتبرأ القرين من قرينه، يتبرأ الشيطان ممن أضله، نسأل الله السلامة والعافية.
وقوله: ({وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}) هنا بالجمع وقوله ({وَمَنْ يَعْشُ}) قول من من صيغ العموم، تقال عن الواحد وعنى الجمع، ({وَمَنْ يَعْشُ}) يعني واحد أو أكثر ({وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}) يتغاضى ويتعامى ويُعرض عن الحق بعد معرفته فإنه يقيض له شيطان يضله ويصده سواءً كان واحدًا أو جماعة، لذلك قال: ({وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ}) إنهم يعني الشياطين الذين يصدون المعرضين عن الحق، ({وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}) يحسبون أنهم على الحق كما قال سبحانه يقول: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾[الكهف:104-103] قال سبحانه: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾[الأعراف:30-28] يحسبون أنهم مهتدون وهم على الضلال، نسأل الله السلامة والعافية.
الطالب: (ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} أَيْ: لَا يُغْنِي عَنْكُمُ اجْتِمَاعُكُمْ فِي النَّارِ وَاشْتِرَاكُكُمْ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ.
وَقَوْلُهُ: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ})
الشيخ: أي لا ينفعهم اشتراكهم في العذاب ولو خفف عنهم شيء ({وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}) كونهم مشتركون في العذاب والنار يصلونها وهم مجتمعون لا يغني عنهم شيئًا ولا يخفف عنهم شيئًا بل الألم والحسرة مستمرة، ألمهم مستمر وحسرتهم مستمرة، ولا يخفف عنهم كونهم مشتركون في العذاب، كما قاله سبحانه وتعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ﴾ ﴿وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ﴾[الشعراء:96-94] كونهم مجتمعون وكبكبوا في النار جميعًا لا يخفف عنهم شيئًا ولا ينقصهم شيئًا من العذاب، نسأل الله السلامة والعافية.
الطالب: (وَقَوْلُهُ: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أَيْ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ، إِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، ويضل من يشاء، وهو الحكم العدل (7) في ذلك.
ثُمَّ قَالَ: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ})
الشيخ: وهذا فيه تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآية فيها تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عدم قبولهم الحق لأن ذلك إلى الله وإنما الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والرسل جميعًا والدعاة عليهم البلاغ، أما قبول الحق واختياره والرضى به فهذا إلى الله هو الذي يفتح قلوب من يشاء إلى الحق، هو الذي بحكمته يضل من يشاء بعدله وحكمته، ({أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}) يعني لا تستطيع ذلك، ({أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}) الذين لا يقبلون الحق ولا يرغبونه ولا يختارونه، أو تهدي العمي الذين لا يبصرون الحق ولا يرونه وإنما يرون الباطل ويتبعونه، لا تستطيع أن تسمع الصم ولا تستطيع أن تهدي العمي، إنما هذا إلى الله هو الحكم العدل وهو الذي يضل من يشاء بعدله وحكمته ويهدي من يشاء بفضله ورحمته، وهو الحكيم العليم، فأنت يا محمد عليك البلاغ وعليك الإشارة والنذارة، كما أن ذلك على الأنبياء السابقين، هذا تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عدم قبول من لم يقبل الحق ({أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}) من كان في ضلال مبين فهدايته التوفيق والتسديد وقول الحق إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، أما هداية الدلالة والإرشاد والوعظ فهي للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال في الآية الأخرى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[الشورى:52]
الطالب: (ثُمَّ قَالَ: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} أَيْ: لَا بُدَّ أَنْ نَنْتَقِمَ مِنْهُمْ وَنُعَاقِبَهُمْ، وَلَوْ ذَهَبْتَ أَنْتَ، {أَوْ (1) نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ} أَيْ: نَحْنُ قَادِرُونَ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا. وَلَمْ يَقْبِضِ اللَّهُ رَسُولَهُ حَتَّى أَقَرَّ عَيْنَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَحَكَّمَهُ فِي نَوَاصِيهِمْ، وَمَلَّكَهُ مَا تَضَمَّنَتْهُ صَيَاصِيهِمْ. هَذَا مَعْنَى قَوْلِ السُّدِّيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنِ جَرِيرٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ (2) حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ (3) ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: تَلَا قَتَادَةُ: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} فَقَالَ: ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَتِ النِّقْمَةُ، وَلَمْ يُرِ اللَّهُ (4) نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ، حَتَّى مَضَى (5) ، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا وَرَأَى (6) الْعُقُوبَةَ فِي أُمَّتِهِ، إِلَّا نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وذُكر لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرِيَ مَا يُصِيبُ أُمَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَمَا رُئِي ضَاحِكًا مُنْبَسِطًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. (7)
وَذُكِرَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ. ثُمَّ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: "النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أمَنَة لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ". (8((
الشيخ: ماذا قال عن تخريجه؟
الطالب: قال: صحيحٌ أخرجه مسلم وأحمد وأبو يعلى من حديث أبي بردة.
الشيخ: ألا يوجد تكبير له؟
الطالب: هذا الذي ذكره، ما ذكر إلا هذا.
الطالب: [00:15:32]
الشيخ: نعم هذا فيه [00:15:40]، ما قال عن تخريجه؟
الطالب: قال: رواه مسلم [00:15:50] بحديث أبي موسى الأشعري.
الشيخ: تخريجه لمن؟
الطالب: أخره الأوزاعي.
الشيخ: في هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى سلَّى نبيه عليه الصلاة والسلام مما يصيبه من أذى قومه وصدودهم وإعراضهم واستمرارهم على كفرهم، قال الله تعالى: ({فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}) الله سبحانه وتعالى سلَّى نبيه قال إن ذهب وتوفاك الله وقد أديت الرسالة فسوف أنتتقم منهم، وقد نُقر عينك في حياتك فيعاقبون ويمكنك الله منهم، ولهذا قال سبحانه: ({أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}) فإما نذهبنَّ بك فإنا منهم منتقمون، ({أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}) قال بعضهم أن النبي توفي بعد ذلك، وقال بعضهم إن الله ملكهم عقابهم، يعني إن الله سبحانه وتعالى فتح لنبيه مكة وتمكن من غلبة الكفار ومنَّ عليهم، وكذلك يهود المدينة مكنهم الله منهم، منهم من أجري ومنهم من قتل، فلكلٍ وجه، فقد يقال أنه ({فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}) أي أن هذا يكون انتقام قد يكون انتقام في الآخرة، وقد يكون في الدنيا، قوله: ({أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ}) ما حصل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نصر وتأييد وهو فتح مكة كونه صارت بعد الإسلام، كذلك أيضًا مكنه الله من اليهود.
الطالب: (قَالَ: وذُكر لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرِيَ مَا يُصِيبُ أُمَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَمَا رُئِي ضَاحِكًا مُنْبَسِطًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. (7))
الشيخ: هذا ليس بصحيح، الرسول جعل يتبسم ويضحك، [00:20:05]
وتكملة لأصحابي (وَأَنَا أمَنَة لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ".) معناه أنه بعد الصحابة انتهى الأمر.
الطالب: (ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أَيْ: خُذْ بِالْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ عَلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّهُ هُوَ الْحَقُّ، وَمَا يَهْدِي إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ الْمُفْضِي إِلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُوصِلِ إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَالْخَيْرِ الدَّائِمِ الْمُقِيمِ.)
الشيخ: استمسك هذا فيه لزوم، هذا أمر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأمته، الاستمساك بالقرآن والعمل به والتحاكم إليه وتصديق أخباره وتنفيذ أحكامه، ({فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ}) القرآن والسنة، السنة وحيٌ ثانٍ كما قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾[النجم:3-4] استمسك والزم بما أوحي إليك ({إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فإن الوحي يفضي إلى العمل والسرعة إلى الوصول إلى الصراط المستقيم والعمل ودين الله وتوحيد الله، وهو يوصل من عمل به إلى تجاوز الصراط المنصوب على جهنم والعبور عنه والعبور معه بدون أذى إلى الجنة، ({فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}) إنك على الحق فالزم الحق واستمسك به فإن الحق هو ما جاء في هذا الوحي.
الطالب: (ثُمَّ قَالَ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} قِيلَ: مَعْنَاهُ لَشَرَفٌ (9) لَكَ وَلِقَوْمِكَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ زَيْدٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَلَمْ يَحْكِ سِوَاهُ.
وَ [قِيلَ] (11) مَعْنَاهُ: أَنَّهُ شَرَفٌ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أُنْزِلَ بَلُغَتِهِمْ، فَهُمْ أَفْهَمُ النَّاسِ لَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا أَقْوَمَ النَّاسِ بِهِ وَأَعْمَلَهُمْ بِمُقْتَضَاهُ، وَهَكَذَا كَانَ خِيَارُهُمْ وَصَفْوَتُهُمْ مِنَ الخُلَّص مِنَ الْمُهَاجِرِينَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَمَنْ شَابَهَهُمْ وَتَابَعَهُمْ.
وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَلَمْ يَحْكِ سِوَاهُ.)
الشيخ: يوجد زيادة؟
الطالب: نعم، (وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَلَمْ يَحْكِ سِوَاهُ.
وَأَوْرَدَ الْبَغَوِيُّ هَاهُنَا حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُنَازِعُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ إِلَّا أكَبَّه اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (10)
وَ [قِيلَ] (11) مَعْنَاهُ: أَنَّهُ شَرَفٌ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أُنْزِلَ بَلُغَتِهِمْ، فَهُمْ أَفْهَمُ النَّاسِ لَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا أَقْوَمَ النَّاسِ بِهِ وَأَعْمَلَهُمْ بِمُقْتَضَاهُ، وَهَكَذَا كَانَ خِيَارُهُمْ وَصَفْوَتُهُمْ مِنَ الخُلَّص مِنَ الْمُهَاجِرِينَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَمَنْ شَابَهَهُمْ وَتَابَعَهُمْ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أَيْ: لَتَذْكِيرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ، وَتَخْصِيصُهُمْ بِالذِّكْرِ لَا يَنْفِي مَنْ سِوَاهُمْ، كَقَوْلِهِ: {لَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10]، وكقوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} [الشعراء: 214 ].
{وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} أَيْ: عَنْ هَذَا الْقُرْآنِ وَكَيْفَ كُنْتُمْ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَالِاسْتِجَابَةِ لَهُ.)
الشيخ: ({وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}) يعني هذا القرآن، وإن هذا القرآن لذكرٌ لك يا محمد، شرفٌ لك ولقومك من العرب لأنه نزل بلغتهم، فهم أفهم الناس، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس، القرآن نزل بلغة العرب، فالعرب أفهم الناس لهذا القرآن لأنه نزل بلغتهم، فينبغي أن يشكروا الله عَزَّ وَجَلَّ وأن يكونوا أقوم الناس لهذا القرآن، يعني مقيمين له لحروفه وحدوده، مستجيبين له، فالله تعالى أنزله بلغتهم فهم أعرف الناس باللغات العربية فينبغي أن يكونوا أقوم الناس بالعمل، وأما الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث الزهري «لا يزال هذا الأمر» يعني في قريش، «لا ينازعهم فيه أحد ما أقاموا الدين» يعني المراد الخلافة تكون في قريش إن كان عن طريق الاختيار والانتخاب، لأن الخلافة ونصب الإمام قد يكون بالاختيار والانتخاب وقد يكون بالغلبة، وقد يكون بالإستخلاف من ولي العهد السابق، هكذا تكون الإمامة، لابد للناس أن يقيموا إمام، نصب الإمام واجب، نصب الإمام ولي الأمر به تقام الحدود وتؤمن السبل وتؤدى الحقوق إلى أهلها، ولا يمكن أن يكون الناس فوضى بدون إمام، لا يمكن ولا تستقر أحوالهم، «لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا»، فنصب الإمام واجب، ونصب الإمام له طريقتان: الطريقة الأولى أن يكون بالاختيار والانتخاب كما في خلافة أبي بكر، فإنه ثبت بالاختيار والانتخاب من أهل الحلِّ والعقد، المراد أهل الحلِّ والعقد والباقي تبعٌ لهم، وكذلك مثل الخلافة لعثمان رضي الله عنه بالانتخاب والاختيار، وكما ثبتت لعلي رضي الله عنه الخلافة باختيار وانتخاب أكثر أهل الحلِّ والعقد، وقد تكون بالإستخلاف وولاية العهد من الخليفة السابق كما ثبت لعمر رضي الله عنه، إنما ثبت له بالإستخلاف من أبي بكر، ولهذا لما طُعن عمر رضي الله عنه قيل له: يا أمير المؤمنين استخلف، قال: إن استخلف فقد استخلف من هو خيرٌ مني، إن استخلف فلن استخلف من هو خيرٌ مني، يعني رسول الله، وإن استخلف فقد استخلف من هو خيرٌ مني، يعني أبا بكر، هذا إذا كان عن طريق الاختيار والانتخاب.
وقد تكون الخلافة تثبت أيضًا في طريق القوة والغلبة، كما ثبتت لخلفاء بني أمية وبني العباس وغيرهم إلى يومنا هذا، بالقوة والغلبة، إذا غلبهم واستتب الأمر له وجب له السمع والطاعة وصار إمام المسلمين.
وقول النبي: ("إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ") يعني إذا كان الاختيار بالانتخاب لهم اختاروا من قريش، وإذا غلبهم غيرهم ثبت لهم الخيار، قوله: ("مَا أَقَامُوا الدِّينَ") يعني ما داموا يقيمون الدين فتكون الإمامة في قريش، فإن لم يكون فيهم من يقيم الدين فلا يختار منهم، تكون الخلافة في قريش إذا أقاموا الدين، ما أقاموا الدين، وفي لفظٍ: «ما بقي منهم اثنان»، هم أولى بالخلافة من غيرهم، أنما إذا لم يجد من يقيم الدين فلا تكون الخلافة فيهم.
ماذا قال عن حديث الزهري؟ هل أورد البغوي حديث الزهري؟
الطالب: (وَأَوْرَدَ الْبَغَوِيُّ هَاهُنَا حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُنَازِعُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ إِلَّا أكَبَّه اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (10))
الشيخ: ما قال عليه؟
الطالب: قال: صحيحٌ أخرجه البخاري وأحمد والبغوي في تفسيره.
الطالب: [00:30:46]
الشيخ: لا شك أن من أقام الدين وفي اللفظ الآخر: «أئمةٌ من قريش»، وفي الآخر: «لا يزال الأمر فيهم ما بقي منهم اثنان» ما أقاموا الدين، هذا قيد، إذا أقاموا الدين تكون الخلافة فيهم، وهذا كما سبق إذا كانت الإمامة عن طريق الاختيار والانتخاب، إذا كان المسلمين يختارون من تتوفر فيه الشروط، يكون مسلم يكون عادل تنطبق فيه الشروط يكون من قريش، أما إذا لم يكن عن طريق الاختيار فإنه تثبت له الخلافة، وفي الحديث قال: «اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبدٌ حبشي كأن رأسه زبيبة»، إذا غلب تأمر وغلب ثبتت له الخلافة والولاية، تكون الخلافة والولاية تثبت عن طريق الاستحلاف وولاية العهد أو عن طريق الانتخاب والاختيار أو عن طريق القوة والغلبة، يكون بهذا إمامًا.
الطالب: لفظ البخاري: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحدٌ إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين».
الشيخ: لا يعاديهم فيه ضعف، يعني وسوف تسألون على هذا الشرف هذا القرآن شرفٌ لكم أنزل بلغتكم فأنتم أولى الناس بمعرفته سوف تُسألون عنها، عن إقامتكم لهذا الدين، فسوف تُسألون عن هذا الخير الذي أنتم أولى الناس به، حيث أنزله الله بلغتكم فأنتم أفهم الناس له فينبغي أن تكونوا أقوم الناس وأسرع الناس في الاستجابة وسوف تُسألون عن ذلك.
الطالب: (وَقَوْلُهُ: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}؟ أَيْ: جَمِيعُ الرُّسُلِ دَعَوْا إِلَى مَا دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَهَوْا عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ، كَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النَّحْلِ: 36]. قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "وَاسْأَلِ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ رُسُلَنَا".)
الشيخ: تحمل على تفسير، لأن القراءة لم تثبت [00:34:37].
الطالب: (وَهَكَذَا حَكَاهُ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَا تِلَاوَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: وَاسْأَلْهُمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ جُمِعوا لَهُ. وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ الْأَوَّلَ، [وَاللَّهُ أَعْلَمُ] (1).)
الشيخ: والصواب ({وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}) يعني أن الله تعالى أرسل الرسل كلهم يدعون الناس إلى التوحيد، وينهونهم عن الشرك، هذه دعوة الرسل، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36] قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء:25]، ({وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}) إن الله تعالى نهى عن عبادة غير الله وأمر بالتوحيد بعث بذلك الرسل وأنزل الكتب، هذ هو الصواب كما اختاره ابن جرير.
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه وذريته وللحاضرين ووالديهم ومستمعينا وعموم المسلمين.
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى: باب الرخصة للنساء والضعفاء الذين رُخص لهم في الإفاضة من جمعٍ بليل في رمي الجمار قبل طلوع الشمس.
الشيخ: يعني هذا الباب أمرهم بالرخصة للنساء والضعفاء الذين رُخص لهم في الإفاضة من جمع الجمع هي مزدلفة، سميت جمع لأنها يجتمع الناس فيها، وتسمى مزدلفة لأن الناس يزدلفون فيها، وتسمى المشعر الحرام، لها أسماء، وقوله: باب الرخصة للنساء الضعفاء من جمع، دليل على أن غيرهم لا يُرخص لهم، لأن الرخصة إنما تكون لشيءٍ ممنوع عنه غيرهم، فإذا رُخص للنساء والضعفاء الإفاضة من جمع بليل فلا يرخص للأقوياء، بل الأقوياء يكونون مع الإمام يدفعون بعد إرسال جدة وطلوع الشمس، رُخص لهم في الإفاضة آخر الليل ورُخص لهم في الرمي قبل طلوع الشمس قبل زحمة الناس، لأن هذا هو الحكمة في الترخيص لهم آخر الليل حتى يرموا قبل طلوع الشمس، قبل زحمة الناس، ورُخص لهم في الإفاضة ورُخص لهم في الرمي قبل طلوع الشمس قبل حطبة الناس، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص لابن عباس كما سيأتي لضعافة أهله، ورخص لسودا، ولا يُرخص لغيرهم هذا ما دل عليه الحديث وهذا ما اختاره جمعٌ من أهل العلم، وذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى أنه يُرخص للجميع بعد نصف الليل من الدفع من مزدلفة ورمي الجمار، وقالوا إذا دفع آخر الليل فإنه يرمي، البيتوتة إنما تتحقق بنصف الليل بعد غيبوبة القمر وهذا يتحقق في النصف الأول، وظاهر السنة كما دلت عليها الأحاديث أنه إنما رخص للضعفاء ولم يرخص لغيرهم.
الطالب: قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى وعيسى ابن إبراهيم الغافقي قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن سالمًا بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفه أهله، فمنهم من يقدموا منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الشيخ: في الحديث أخرجه الإمام مسلم، ماذا قال عليه؟
الطالب: قال: صحيح أخرجه البخاري ومسلم من طريق يونس عن الزهري به.
الشيخ: وهذا ظاهر في أن ابن عمر يقول: أرخص أولئك رسول الله، يعني للضعفاء، ابن عمر يرخص للضعاف منهم من يقدم منى من صلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك لكنهم يرمون قبل طلوع الشمس، قبل زحمة الناس.
الطالب: قال أبو بكرٍ: قد خرجت طرق أخبار ابن عباس رضي الله عنه في الكتاب الكبير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أبينيً»
الشيخ: أبينيَّ جمع ابن.
الطالب: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» ولست أحفظ في تلك الأخبار إسنادًا ثابتًا من جهة النقل، فإن ثبت إسنادٌ واحد منها فمعناه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر المذكور ممن قدمهم تلك الليلة.
الشيخ: هل عندكم المذكور؟ الذكور هو الصواب، لأنه سيأتي في الحديث التي بعدها المؤلف يقول: رُخص للذكور، للنساء قبل طلوع الشمس للنساء دون الذكور، معناه أن النبي زجر الذكور يعني يُرخص للإناث دون الذكور، فيكون الزجر للذكور، قال: «أبينيً» هذا ذكور جمع ابن، قال: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» زجر من الذكور أم الإناث؟ أبينيَّ جمع ابن، «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس»
الطالب: أبينية.
الشيخ: لعل النسخة أبينيَّ، ضبطها عندك؟ ماذا قال؟
الطالب: قال صاحب عون المعبود: بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء وبعدها والنون مكسورة.
الشيخ: أبينيَّ ضبطها، فيكون الزجر للذكور هذا اختيار المؤلف الآن.
الطالب: قال: ولستُ أحفظ في تلك الإخبار إسنادًا ثابتًا من جهة النقل، فإن ثبت إسنادٌ واحدٌ منها فمعناه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر الذكور ممن قدمهم تلك الليلة عن رمي الجمار قبل طلوع الشمس لا النساء مع الذكور.
الشيخ: عندك لا النساء؟
الطالب: نعم.
الشيخ: أنا عندي النسخة الأعظمي لا السامع، هذا بين أيضًا أن المراد الذكور لا النساء، إذًا تصحح النساء مع الذكور هذا هو الصواب السامع ما لها وجه، هنا السامع كأنها الهمزة صارت ميم، كتبت الميم هذه زائدة.
الطالب: لأن خبر عمر يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لضعفة النساء في رمي الجمار قبل طلوع الشمس، فلا يكون خبر ابن عمر خلاف خبر ابن عباس إن ثبت خبر ابن عباسٍ من جهة النقل على أن رمي الجمار لضعفة النساء بالليل قبل طلوع الفجر أيضًا عندي جائز للخبر الذي أذكره في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله.
الشيخ: المؤلف رحمه الله يقول إن حديث ابن عباس وفيه: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» يقول هذا لستُ أحفظ له إسنادًا، فإذا ثبت من جهة النقل فيجمع بينه وبين حديث ابن عمر لهذا الجمع، يكون حديث ابن عباس: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» خاصٌ بالذكور، وحديث ابن عمر خاصٌ بالإناث، ابن عمر كان يقدم ضعفة أهله، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا رموا الجمرة قبل طلوع الشمس يكون هذا خاصٌ بالإناث، وحديث ابن عباس خاصٌ بالذكور، هذا هو الجمع بينهما، هذا الذي ذهب إليه المؤلف كما سيأتي أيضًا في الباب الذي بعد هذا وذكر حديث أسماء، وأنها قالت إنه رٌخص للضعن من النساء، تسمى ضعينة وهي المرأة التي تكون على البعير، تسمى ضعينة، رٌخص للضعن رُخص للنساء، ومفهومه أنه لا يرخص للذكور.
هنا حديث ابن عباس ذكر في الحاشية أنه رواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق الحسن عن عمر ابن عباس، ويكون منقطع لأن الحسن بن لم يرى ابن عباس، والمنقطع ضعيف، وعلى هذا لا يوجد إشكال «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» يقولون لا يصح منقطع، ويؤيده أنه على هذا يكون الذكور والاناث من الضعفاء كلهم يرمون قبل طلوع الشمس، إذا كان ضعيف لا فرق بين الرجل والمرأة إذا كان ضعيف ولا يستطيع فإنه يرمي قبل طلوع الشمس قبل خطبة الناس وهذا هو الحكمة في الرخصة في أن يدفع في آخر الليل، الرخصة للضعيف أن يدفع حتى يرمي قبل خطبة الناس سواءً كان ذكر أو أنثى.
أما حديث ابن عباس «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» فهذا حديثٌ ضعيف منقطع، لكن قال: الشيخ ناصر له طرقٌ أخرى بعضها صحيح كما بينت في رؤيا الغريب، له طرقٌ أخرى يصح بها، فإذا صح فيكون المؤلف رحمه الله جمع بينهما بين حديث ابن عباس محمولٌ على الذكور وحديث ابن عمر محمولٌ على الإناث مع حديث أسماء.
فيكون الضعفاء قسمان: ذكورٌ وإناث، الذكور لا يرمون قبل طلوع الشمس، والإناث يرمون قبل طلوع الشمس، هذا الجمع الذي ذكره المؤلف وكما سيأتي هنا، لكن هناك جمعٌ آخر أولى منه وهو أن يقال لو صح الحديث يقال أن النهي محمولٌ على التنزيه، حديث ابن عمر محمولٌ على الجواز للذكور والإناث، وحديث ابن عباس يكون نهي للاستحباب، يعني تركه الأولى ألا يرمي الذكر قبل طلوع الشمس، فإن رمى فلا بأس، يكون نهي ليس للتحريم وإنما هو للتنزيه، والذي صرف عن ذلك حديث ابن عباس، وهذا اختيار سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله، يُراجع القولين في المسألة إن كان هناك كلام للحافظ ابن حجر في هذا، كون الآثار والطرق الأخرى التي ذكر الشيخ ناصر هل يتقوى بها حديث ابن عباس فيكون صحيحًا؟ هذا إذا صح، جمع الأول اختيار ابن خزيمة وهو أن النهي محمول على الذكور والجواز على الإناث، كلهم يدفعون آخر الليل لكن الذكور لا يرمون إلا بعد طلوع الشمس والإناث يرمون، هذا إذا صح.
والاختيار الثاني أن الجميع لهم أن يرمون كلهم، وهذا هو الحكمة لكن النهي يكون للتنزيه، الأولى للذكور ألا يرموا، فإن رموا فلا بأس، وعندي إشكال في صحة حديث ابن الحسن العرني إذا لم يصح حديث ابن عباس زال الإشكال، لأن الحكمة من الرخصة هي حتى يرموا قبل خطبة الناس فكيف نقول لهم لا ترموا إلا بعد طلوع الشمس! بعد طلوع الشمس يأتي الأقوياء ويزاحمونهم، فكيف نقول إن هذا هو الخلاف الأولى والأفضل! نقول الأولى أن يأخذوا بالرخصة.
عندي يوجد إشكال في كون الحديث يصح كما قال الشيخ ناصر، الباب الذي في هذا سيبين المؤلف رحمه الله اختياره في هذا وأنه يختار أن الرخصة للإناث دون الذكور.
الطالب: باب الرخصة للنساء اللواتي رُخص لهنَّ في الإفاضة من جمعٍ بليل في رمي الجمار قبل طلوع الفجر.
الشيخ: الرخصة للنساء فقط، والذكور لا يرخص لهم لماذا؟ لحديث ابن عباس: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» فهذا اختيار المؤلف، صرح المؤلف عن اختياره أن الرخصة خاصة بالنساء قال: باب الرخصة للنساء والضعفاء الذين رُخص لهم في الإفاضة من جمعٍ بليل في رمي الجمار قبل طلوع الفجر، أما الذكور فلا يرخص لهم لحديث ابن عباس: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» أما الجمع الثاني أن نقول رخص للجميع، ويكون حديث: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» النهي محمول على التنزيه، بدليل حديث ابن عمر أن قال أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرخص للجميع، يعني ضعافة أهله ذكورًا وإناثًا فمنهم من يقدم في صلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك [00:51:38] يعني رخص للجميع في الرمي.
الطالب: قال: حدثنا محمد ابن بشار، قال: حدثنا يحيى عن ابن جريجٍ حاء وحدثنا محمد ابن معمر قال: حدثنا محمد قال: أخبرنا جريج قال: حدثني عبد الله مولى أسماء أن أسماء نزلت ليلة جمعٍ دار المزدلفة فقامت تصلي فقالت: يا بنيَّ قم انظر هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ثم قالت: يا بني انظر هل غاب القمر؟ قلت: نعم قالت: ارتحل، فارتحلنا فرمينا الجمرة ثم صلت الغداة في منزلها.
الشيخ: يعني أسماء.
الطالب: فقلت لها: يا هنتاه لقد رمينا الجمرة بليل، قال: كنا نصنع هذا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا حديثهم دار.
الشيخ: ماذا قال عنه؟ أخرجه مسلم.
الطالب: قال: صحيح أخرجه الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم.
الشيخ: وهذا الحديث فيه أن أسماء لم تدفع من مزدلفة حتى غاب القمر، ثم بعد ذلك رمت الجمرة قبل طلوع الفجر، وصلت الغداة يعني الفجر في منزلها في منى، ولما سألها مولاها عبد الله قالت، يا هنتاه يعني كلمة عامة قال: لقد رمينا الجمرة بليل، قالت: كنا نصنع هذا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن الضعفاء يرمون قبل طلوع الفجر.
الطالب: قال: وقال ابن معمرٍ: أخبرني عبد الله مولى أسماء عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت: أي بنيَّ هل غاب القمر؟ فقلت: نعم، قالت: فارتحلوا، قال: ثم مضينا بها حتى رمت الجمرة، ثم رجعت حتى صلت الصبح في منزلها، فقلت لها: يا هنتاه لقد غلثنا، قال: كلا يا بني إن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للضعن.
الشيخ: نعم، هذا فيه دليل على أن [00:54:11] بعد غيبوبة القمر، القمر يغيب ليلة العاشر الساعة الثانية، ساعتين بعد نصف الليل، فارتحلوا فلما رمت الجمرة أسماء رضي الله عنها قبل طلوع الفجر ثم رجعت وصلت الصبح في منزلها في منى، فقال لها: يا هنتاه لقد غلثنا، يعني بكرنا، التغليث يعني رمينا بليل، قالت: كلا يا بني إن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للضعن، جمع ضعينة، والضعينة هي المرأة تكون على البعير قال ضعينة، الضعن يعني النساء، المؤلف استدل بهذا أن الرخصة للضعن خاصٌ بالنساء دون الذكور، وحديث ابن عباس: «أبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» هذا النهي للذكور خاصة.
الطالب: قال أبو بكرٍ: فهذا الخبر دالٌ على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أذن في الرمي قبل طلوع الشمس للنساء دون الذكور، وعبد الله مولى أسماءٍ هذا قد روى عنه عطاء بن أبي رباحٍ أيضًا قد انتفى عنه اسم الجهالة.
الشيخ: المؤلف قال: هذا الحديث دلالة على أنه أذن في الرمي قبل طلوع الشمس للنساء دون الذكور، اختار المؤلف في هذا لكن اختياره هذا فيه إشكال، يعني ما يرفع الحرج عن الذكور، الذكور قد يكون ذكر صغير دون التميز، أو بعد التميز فهو من الضعفاء لا يستطيع أن يزاحم الناس فكيف نقول لا ترمي إلا بعد طلوع الشمس! إذا طلعت الشمس جعل الأقوياء يتزاحمون، فالرخصة إنما هي للضعفاء حتى يرموا قبل زحمة الناس، فهذا الجمع الأول فيه إشكال لكن الجمع الثاني وهو أن يقال أن النهي محمول على التنزيه وليس للتحريم «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» بدليل حديث ابن عمر أنه قال: أرخص أولئك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرخص للجميع، منهم من أقدم بعد طلوع الفجر ومنهم من أقدم بعد ذلك، فإذا قدم رمى الجمرة فالذي يقدم من صلاة الفجر أو قبل ذلك أو بعد ذلك كلٌ يرمون ويقول ابن عمر أن النبي رخص للجميع للذكور والإناث، ويراجع القول في هذا الجمع، هذا لو صح حديث ابن عباس ولكنه حديث ضعيف، لكن لو صح الشيخ ناصر يقول يصح، له طرق وبينها في رؤيا الغريب، هذا يُراجع، نرى كلام الحافظ ابن حجر أولًا في صحة حديث ابن عباس ثم في الجمع بينهما، الجمع الثاني واختيار شيخنا رحمه الله أنه هذا أولى أنه يرخص للجميع في الرمي لكن النهي في ابن عباس محمول على التنزيه، هذا إذا صح الحديث، وإن لم يصح الحديث زال الإشكال يكون الجميع ذكور وإناث كلهم يرمون قبل طلوع الشمس وليس في ذلك كراهة.
الطالب: [00:58:04]
الشيخ: يقول تذهب معه وهو لا يرى يرمي مرةً أخرى، هو يرمي بعد ذلك.
الطالب: ألا يوجد توكيل لرمي الجمرات توكل شخص أقوى منك لأنك ضعيف؟
الشيخ: العاجز يوكل، الذي لا يستطيع له أن يوكل.
الطالب: قال: باب قطع التلبية إذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم النحر، قال: حدثنا علي ابن حجر قال: حدثنا إسماعيل، يعني ابن جعفر، قال: حدثنا محمد وهو ابن أبي حرملة عن كريبٍ مولى ابن عباس، قال كريب: فأخبرني عبد الله بن عباس أن الفضل أخبره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة.
الشيخ: ما قال عن تخريجه؟
الطالب: قال: تخريجه صحيح، أخرجه الشافعي في مسنده والحميدي والبخاري ومسلم.
الشيخ: حديث صحيح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، يعني التلبية مستمرة للحاج حتى يرمي، فإذا رمى قطع التلبية، وبدأ بعد ذلك بالتكبير، ولهذا يقول العلماء التكبير المقيد، بالنسبة للحاج يبدأ من ظهر يوم العيد يوم النحر، وأما الفجر فإنه لا يزال يلبي، وأما غير الحاج فإنه يبدأ التكبير في حقه من فجر يوم عرفة خمسة أيام يوم عرفة ويوم العيد أيام التشريق يكبر بعد الفريضة، أما الحاج فإنه يوم عرفة يلبي، ويوم العيد فجر النحر يلبي، فإذا رمى الجمرة بعد طلوع الشمس انقضت التلبية وبدأ يكبر، شارك، فيكون التكبير مقيد خمسة أيام بعد الصلوات لغير الحاج، يوم عرفة ويوم العيد وأيام التشريق، وأما الحاج فإنه يبدأ التكبير من ظهر يوم العيد، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
الطالب: قال أبو بكر: خرجت طرق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشيخ: التلبية واضحة قال: باب قطع التلبية إذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم النحر، يقطع التلبية ويبدأ بالتكبير، والحديث واضح في هذا.
الطالب: قال أبو بكر: خرجت طرق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة في الكتاب الكبير، وهذه اللفظة دالةٌ على أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة بسبع حصيات، إذ هذه اللفظة: حتى رمى الجمرة، وحتى رمى جمرة العقبة، ظاهرها حتى رمى جمرة العقبة بتمامها إذ غير جائزٍ من جنس العربية إذا رمى الرامي حصاةٍ واحدة، أن يقال رمى الجمرة، وإنما يقال: رمى الجمرة إذا رماها بسبع حصيات.
الشيخ: يعني مقصود المؤلف رحمه الله لا يقال رمى جمرة العقبة حتى يرمي السبع جمار سبع حصيات وليس المراد بعضها، فإذا رمى حصا أو حصتين لا يقال رمى الجمرة، رمى بعض الجمرة، هذا معنى القيد، هذه اللفظة دالة على قال: ظاهرها حتى رمى الجمرة العقبة بتمامها، لأنه غير جائز في اللغة العربية أن تقول إذا رمى الرامي حصى واحدة يقال رمى أو اثنتين يقال رمى، ما يقال رمى إلا إذا رمى السبع، هذا تنبيه المؤلف، لا يقال رمى العقبة حتى يرمي السبع أما إذا رمى بعضها فلا يقال إنه رمى.
الطالب: قال: وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاه، حدثناه علي بن حجرٍ قال: أخبرنا شريك عن عامر عن أبي وائل قال: رمقت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاه.
الشيخ: تخريجه.
الطالب: قال: حديثٌ صحيح، شريك سيء الحفظ لكن الحديث صح من غير طريقه، أخرجه البيهقي من طريق المصنف وأخرجه أحمد والطحاوي في شرح المعاني.
الشيخ: بعضهم يقال إسناده صحيح لغيره، وهو النسائي في السنن الكبرى البيهقي وابن خزيمة، وعلى هذا يكون هذا يعارض كلام المؤلف.
الطالب: قال أبو بكر: ولعله يخطر ببال بعض العلماء أن هذا الخبر دلالة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقطع التلبية عند أول حصاةٍ يرميها من جمرة العقبة، وهذا عندي من الجنس الذي أعلمت في غير موضعٍ من كتبنا أن الأمر قد يكون إلى وقتٍ مؤقت في الخبر والزجر يكون إلى وقتٍ مؤقتٍ الخبر، ولا يكون في ذكر الوقت ما يدل على أن الأمر بعد ذلك الوقت ساقط، ولا أن الزجر بعد ذلك الوقت ساقط، كزجره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فلم يكن في قوله دلالة على أن الشمس إذا طلعت فالصلاة جائزةٌ عند طلوعها، إذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد زجر أن يُترحى بالصلاة طلوع الشمس وغروبها، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعلم أن الشمس تطلع بين قرني شيطان، فزجر عن الصلاة عند طلوع الشمس، وقال: «وإذا ارتفعت ففارقها».
الشيخ: ففارقها يعني الشطيان، «تطلع بين قرني الشيطان وإذا ارتفعت ففارقها».
الطالب: قال: فدلهم بهذه المخاطبة أن الصلاة عند طلوعها غير جائزةٍ حتى ترتفع الشمس، وقد أمليت من هذا الجنس في مسائل كثيرة في الكتب المصنفة، والدليل على صحة هذا التأويل الحديث المصرح الذي حدثنه محمد بن حفصٍ الشيباني.
الشيخ: المؤلف يقول إن حديث ابن مسعود فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصى، قد يخطر ببال بعض العلماء أن هذا الحديث يدل على أنه يقطع التلبية عند أول حصاة، يقول هذا غير صحيح لأن الزجر إنما يكون إلى وقتٍ مؤقت في الخبر، القول إنه رمى جمرة العقبة بأول حصاة ليس معناه أنه بعد ذلك يقطع التلبية، وإنما معناه بأول الحصاة يعني بدأ الآن، بدأ الآن في التحلل ولكن لابد أن يكمل السبع، هذا معنى قوله: ولعله يخطر ببال بعض العلماء أن هذا الخبر دلالة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقطع التلبية عند أول حصاةٍ يرميها من جمرة العقبة، يقول لا، لا يدل على هذا، قال: وهذا عندي من الجنس الذي أعلمت في غير موضعٍ من كتبنا أن الأمر قد يكون إلى وقتٍ مؤقت في الخبر والزجر يكون إلى وقتٍ مؤقتٍ الخبر، ولا يكون في ذكر الوقت ما يدل على أن الأمر بعد ذلك الوقت ساقط، لا يدل على أنه يجوز التلبية قبل الحصاة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، لا يدل على هذا، لكن هذا توقيت مؤقت قال حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة يعني أنه بدأ الآن في التحلل فلا بد من أن يكمل السبع، فلا تنقطع التلبية ولا يبدأ التكبير حتى يكمل السبع، ومثله يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عن الصلاة حتى تطلع الشمس، ليس معناه إذا طلعت الشمس يقوم يصلي، لا، بل يصبر حتى ترتفع الشمس قدر رمح، ترتفع، قال والدليل على صحة التأويل الحديث.
الطالب: والدليل على صحة هذا التأويل الحديث المصرح الذي حدثناه محمد ابن حفص الشيباني، قال: حدثنا حفص ابن غياثٍ قال: حدثنا جعفر بمحمدٍ عن أبيه عن علي ابن حسين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أخيه الفضل قال: أفضت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عرفات فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخرها حصاة.
الشيخ: هذا الدليل يقول على هذا، هذا حديث الفضل ابن عباس أفضت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عرفات فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخرها حصاة، فقوله في حديث ابن عباس حتى رمى الجمرة بأول حصاة لا يدل على أنه يقطعها قبل أن يكمل السبع، بدليل هذا حديث الفضل وإلا ما معنى قوله رمى الجمرة بأول حصاة؟ يعني أنه شرع بالتحليل، لكن لابد أن يكمل السبع، قال لأن الأمر إذا كان مؤقت في الخبر والزجر إذا كان مؤقت الخبر فإنه لا يدل على أن الأمر يسقط بعد ذلك الوقت، ولا أن الزجر يسقط، فإذا نهى النبي عن الصلاة قبل طلوع الشمس ليس معناه أنه يجوز الصلاة بعد طلوع الشمس، بل لا بد من الانتظار حتى ترتفع الشمس.
الطالب: قال أبو بكر: فهذا الخبر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاةٍ لا مع أولها.
الشيخ: أبو بكر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاة لا مع أولها، إذا أشكل هذا على بعض طلبة العلم
الطالب: فإن لم يفهم بعض طلبة العلم هذا الجنس الذي ذكرنا في الوقت فأكثر ما في هذين الخبرين أمراسٌ لو قال: لم يلبي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أول حصاةٍ، قربناها، وقال الفضل لبى بعد ذلك حتى رمى الحصاة السابعة.
الشيخ: ماذا؟
الطالب: أمراس، وقال في نسخة: هذين الخبرين من أساسٍ.
الشيخ: والتصويب؟
الطالب: هو أثبت هنا أمراس.
الطالب: في طبعة التصويب قال: فأكثر ما في هذين الخبرين أن ابن مسعود لو قال ليس في الأصل ابن مسعود، والمثبت لابد منه لاستقامة السياق ويدل عليه حديثٌ سابق.
الشيخ: هذا الذي معك نسخة الأصيل؟ أكثر ما في هذين الخبرين في الأساس لا تستقيم.
الطالب: [01:11:30]
الشيخ: كذلك لا تستقيم، وأكثر ما في هذين الخبرين عندك ماذا؟
الطالب: أمراس.
الشيخ: لا، نسخة الأصيل.
الطالب: أن ابن مسعود لو قال
الشيخ: لا يستقيم إلا بهذا، [01:12:15]
الطالب: قال: فأكثر ما في هذين الخبرين أن ابن مسعود لو قال لم يلبي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أول حصاةٍ رماها، وقال الفضل: لبى بعد ذلك حتى رمى الحصاة السابعة، فكل من يفهم العلم ويحسن الفقه ولا يكابر عقله ولا يعاند فعلم أن الخبر هو من يخبر بكون الشيء أو بسماعه، لا ممن يدفع الشيء وينكره، وقد بينت هذه المسألة في مواضع من كتبنا.
الشيخ: لأن قول المؤلف قال: فأكثر ما في هذين الخبرين أن ابن مسعود لو قال لم يلبي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أول حصاةٍ رماها، وقال الفضل: لبى بعد ذلك حتى رمى الحصاة السابعة، هكذا عندك في الأصيل؟ قال حين بدل حتى حين رمى الحصاة السابعة، هذا تصحيح.
الطالب: بعد الرمي لم يقطع التلبية إلا بعد السابعة.
الشيخ: هو قال حين رمى بدل أن يقول حتى، قال الفضل: لبى بعد ذلك حين رمى الحصاة السابعة، يعني بعد ما رمى بدأ، يعني لبى حتى بعد رمي الجمرة الأولى، فكان ابن مسعود ولو قال لم يلبي بعد أول حصوة رماها وقال الفضل لبى حتى رمى السابعة دل على أن المراد أن التلبية تستمر حتى ينتهي من الجمرات السبع بعد ذلك تبأ التكبير.
الطالب: فكل من يفهم العلم ويحسن الفقه ولا يكابر عقله ولا يعاند فعلم أن الخبر هو من يخبر بكون الشيء أو بسماعه، لا ممن يدفع الشيء وينكره، وقد بينت هذه المسألة في مواضع من كتبنا.
الشيخ: هكذا عندكم؟
الطالب: عندي فقط بدل من يخبر هو ممن يخبر، قال في الأصل من
الشيخ: فكل من يفهم العلم ويحسن الفقه ولا يكابر عقله ولا يعاند فعلم أن الخبر هو من يخبر بكون الشيء أو بسماعه، لا ممن يدفع الشيء وينكره، الآن النسخة الثانية ممن، يعلم أن الخبر هو ممن يخبر بكون الشيء أو بسماعه لا ممن يدفع الشيء وينكره، على كل حال المسألة واضحة قصد المؤلف أنه إذا بدأ برمي جمرة العقبة لا يقطع التلبية حتى يرمي السبع، والكلام كله يدل على هذا، وحديث أنه بدأ بأول حصاة لا يدل على أنه يبدأ التكبير حتى يكمل السبع بدليل الحديث الثاني حديث الفضل، الأمر في هذا سهل، المؤلف رحمه الله يعيد في هذا، والمعنى أنه إذا رمى جمرة العقبة بدأ التلبية وقطع التكبير ولكن لابد أن يكمل السبع، هذا هو الصواب.
الطالب: كلام ابن خزيمة هذا هل محصله أن المثبت مقدم على النافلة؟
الشيخ: لا، يبين، رمى جمرة العقبة في أول حصاة وفي حديث الفضل قطع التلبية مع آخر حصاة، وضح الإبهام في قوله حتى رمى بأول حصاة، المراد بالأول يعني وما يتبعها من الحصاة السبع، حتى يصدق عليه أنه رمى الجمرة.
الطالب: هل يتسع الوقت للتلبية أثناء الرمي؟
الشيخ: يمكن، بين الحصاتين، لكن هل يشرع؟ المشروع التكبير في الرمي، يعني قصده أنه لابد أن تنتهي حتى يبدأ التكبير، هو يكبر لا يزال لكن التكبير لا يزال يكبر في أثناء الرمي يكبر مع كل حصاة، يقول الله أكبر الله أكبر، أما التكبير المقيد الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد، هذا يكون بعد أن ينتهي، والأمر في هذا سهل، والمؤلف رحمه الله أطال في هذا والمسالة سهلة.
الطالب: [01:18:57]
الشيخ: لا، الآن لما رمى الجمرات شرع في التحلل، ولكن ما يصدق عليه أنه تحلل حتى يكمل السبع، فلا يبدأ التكبير المقيد في حقه حتى ينتهي من آخر حصاة، وهو لا يزال حتى ينتهي في حكم الملبي حتى ولو ما لبى يكون في حكم الملبي، والأمر في هذا واسع وقد طال في هذا رحمه الله، ويراجع الجمع بين الحديثين حديث الحسن هذا في صحته وكذلك الجمع بين بن خزيمة هل ذكره الحافظ أو غيره؟
الطالب: [01:19:45]
الشيخ: عندك الآن؟
الطالب: نعم، قال: باب ترك الوقوف عند جمرة العقبة.
الشيخ: قف عند هذا.
الطالب: قال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح حديث أسماء قال: واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي بعد طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفاء وعند من لم يخصص.
الشيخ: يعني من يقول إنه مخصص للضعفاء، وعند من لم يخصص الجمهور، الجمهور يقولون التعجيل لا ما نع فيه إذا غاب القمر كل الحجاج تعجلوا، لا يوجد تخصيص، من خصص قال الرخصة إنما جاءت للضعفاء، كلهم يجوز لهم أن يرموا قبل طلوع الشمس.
الطالب: وخالف في ذلك الحنفية فقالوا: لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها، وبهذا قال أحمد واسحاق والجمهور، وزاد إسحاق: ولا يرميها قبل طلوع الشمس، وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور، ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاووس والشعبي والشافعي، واحتج الجمهور بحديث ابن عمر الماضي قبل هذا، واحتج إسحاق بحديث ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لغلمان بني عبد المطلب.
الشيخ: حديث ابن عمر أنه قدم ضعافة أهله فيقدمون منهم من يقدم قبل الفجر ومنهم بعد الفجر، وقد خص في أولئك.
الطالب: «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس»، وهو حديث حسن أخرجه أبا داوود والنسائي والطحاوي وابن حبان من طريق الحسن العرني وهو بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون، عن ابن عباس، وأخرجها الترمذي والطحاوي من طرقٍ عن الحسن عن مقسم عنه، وأخرجه أبي داود عن طريق حبيبٍ عن عطاء، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا ومن ثم صححه الترمذي وابن حبان، وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس فمن لم يرخص له أولى.
الشيخ: إذا كان الضعفاء رُخص لهم أن يدفع من مزدلفة ولم يُرخص لهم في الرمي فالذين يرخص لهم من باب أولى.
الطالب: واحتج الشافعي بحديث أسماء هذا، ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس في حمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب، ويؤيده ما أخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى ابن عباس عنه، قال: بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر، وقال ابن المنذر: السنة ألا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذٍ فلا إعادة عليه إذا لا أعلم أحدًا قال لا يجزئه.
الشيخ: يجمع على الندب، هذا هو اختيار رحمه الله هو الأولى، يعني لا ترموا قبل طلوع الشمس على الاستحباب، الأفضل، لكن إذا رميتم فلا بأس، وهذا أولى من الجمع، لذلك ذكر ابن خزيمة رحمه الله، ذكر ابن خزيمة هذا مشكل، فيه إشكال، يعني يقول الإناث ترمي والذكور لا يرمون، كلهم ضعفاء، إذا كان طفلة سبع سنوات ترمي وإذا كان طفل له سبع سنوات لا يرمي، هذا أولى نعم على الندب نقول على الاستحباب، هذا لو صح، والحافظ يقول صح، الشيخ ناصر كذلك يقول صح، إلا أنه منقطع، لكن له طرق أخرى، يحمل على الاستحباب، يحمل على الندب، الأفضل ألا يرمي فإن رمى فلا بأس، هذا أولى من الجمع بين جمع ابن خزيمة بين الذكور يحمل على النهي محمل على الذكور والجواز يحمل على الإناث، يقول لا، النهي للجميع لكن للاستحباب، الأفضل أن يكون للاستحباب، أو يكون للذكور بالنسبة للذكور بالنسبة للذكور يكون للاستحباب فقط.
«لا ترموا حتى تطلع الشمس» هذا على الاستحباب وليس للمنع، الحنفية يقولون إذا رمى قبل طلوع الشمس لا يجزئه، إما أن يعيد وإن لم يعيد فعليه دم، والصواب الجواز، والجمهور يجيزون هذا من باب أولى، وعلى هذا يكون الجمع الذي ذهب إليه ابن خزيمة ليس بوجيه رحمه الله، إنما الوجيه أن يقال إن النهي محمول على الاستحباب كما ذكره الشيخ رحمه الله، لأنه هنا كون منع الذكور حتى وإن كانوا صغارًا لبعد طلوع الشمس معناها يشاركون الأقوياء ويزاحمونهم وهذا فيه مشقة عليهم.
وفق الله الجميع لطاعته، رزق الله الجميع، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.