ــــــــ قال (قارئ المتن): أحسن الله إليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين (الشيخ حفظه الله تعالى) (آمين) يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى في موطأه برواية يحيى بن يحيى الليثي،
باب النهي عن البكاء على الميت
ــــــــ قال: حدثني يحيى، عن مالك، عن عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث، وهو جد عبدالله بن عبدالله بن جابر أبو أمه، أنه أخبره: أن جابر بن عتيك، رضي الله عنه، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) جاء يعود عبدالله بن ثابت رضي الله عنه، فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((غلبنا عليك يا أبا الربيع))، فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر، رضي الله عنه، يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعهن فإذا وجب، فلا تبكين باكية)).
(الشيخ حفظه الله تعالى) (إذا وجب، يعني توفي، وفيه النهي عن البكاء على الميت، فلا تبكين باكية، والبكاء المنهي عنه ما يحصل من الصياح، والصراخ، أما البكاء بدمع العين، وحزن القلب، فهذا لا يلام عليه، فالبكاء بكاءان: بكاء منهي عنه وهو ما كان بصوت، صياح وعويل، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، برئ من الصالقة، التي ترفع صوتها عند المصيبة، والبكاء المأذون فيه بكاء الدمع بالعين وحزن القلب، ولما جاء نعي جعفر بن أبي طالب،رضي الله عنه، وعبدالله بن رواحة، رضي الله عنه، في غزوة مؤتة، جلس النبي صلى الله عليه وسلم، على المنبر، يرى في وجهه الحزن، ولما مات ابنه إبراهيم، قال: (( إن القلب يحزن، وإن العين تدمع، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون))، فالبكاء بدمع العين لا بأس به، أما البكاء برفع الصوت هذا هو المنهي عنه ولذلك قال: ((فإذا وجب، فلا تبكين باكية))، إذا وجب أي مات، نعم).
ــــــــ قال (قارئ المتن): أحسن الله إليكم. قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما الوجوب؟ قال: ((إذا مات))، فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجوا أن تكون شهيدا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) ((إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟)) قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الشهداء سبعة، سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد )).
(الشيخ حفظه الله تعالى) ( إيش التخريج؟).
ــــــــ قال (قارئ المتن): (قال: أخرجه أحمد وأبوداود والنسائي).
(الشيخ حفظه الله تعالى) ( أعد الحديث حدثنا).
ــــــــ قال (قارئ المتن): قال: حدثني يحيى، عن مالك، عن عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث، وهو جد عبدالله بن عبدالله بن جابر أبو أمه، أنه أخبره: أن جابر بن عتيك، رضي الله عنه، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) جاء يعود عبدالله بن ثابت رضي الله عنه، فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم،(الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) وقال: ((غلبنا عليك يا أبا الربيع))، فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر، رضي الله عنه، يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) ((دعهن فإذا وجب، فلا تبكين باكية))، قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما الوجوب؟ قال: ((إذا مات))، فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجوا أن تكون شهيدا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيخ حفظه الله تعالى) (اللهم صل وسلم عليه) ((إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟)) قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الشهداء سبعة، سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد،
(الشيخ حفظه الله تعالى) (المطعون من مات في الطاعون، يسمى الكوليرا باللغة الأجنية، وداء البطن، فمن بالطاعون فهو شهيد، والمبطون كذلك، من مات بداء البطن، والغرق، من مات في الماء، والحرق الذي يموت بالنار، كل هؤلاء شهداء، والمرأة تموت بجمع، المرأة تموت بسبب النفاس، كل هؤلاء شهداء، نعم، المطعون).
ــــــــ قال (قارئ المتن): المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد،
(الشيخ حفظه الله تعالى) (صاحب ذات الجنب، مرض، نعم).
ــــــــ قال (قارئ المتن): والمبطون شهيد،
(الشيخ حفظه الله تعالى) (من مات بداء البطن، نعم).
ــــــــ قال (قارئ المتن):والحرق شهيد،
(الشيخ حفظه الله تعالى) (من مات بالحرق، نعم).
ــــــــ قال (قارئ المتن): والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد )).
(الشيخ حفظه الله تعالى) ( سبعة، هؤلاء كلهم شهداء في الفضل والشرف، لكن يغسلون، ويصلى عليهم، ليس كشهيد المعركة، شهيد المعركة لا يغسل، ولا يصلى عليه، أما هؤلاء يغسلون، ويصلى عليهم، وهم شهداء في الفضل والأجر، نعم، تكلم على الحديث، فيه تعليق على الحديث).
ــــــــ قال (قارئ المتن): ( فيه تعليق شرح بعض الكلمات، قد غلب عليه، غلبه الألم حتى منعه إجابة النبي صلى الله عليه وسلم، قوله: جهازك: بفتح الجيم وكسرها، ما تحتاج إليه في سفرك، قوله ذات الجنب: مرض معروف وهو ورم حار، يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع، وقوله والمرأة تموت بجمع: بضم الجيم وتفتح، وتكسر، وسكون الميم، الميتة في النفاس، وولدها في بطنها لم تلده، وقد تم خنقه).
(الشيخ حفظه الله تعالى) ( النسخة الثانية ).
ــــــــ قال (قارئ المتن): (قول ثان في المرأة تموت بجمع، ذكره ابن عبدالبر: وأما المرأة تموت بجمع شهيد، ففيه قولان: لكل واحد منهما وجهان: أحدهما المرأة تموت من الولادة، وولدها في بطنها، قد تم خنقه، وقد ذكرنا الشواهد لذلك في التمهيد، وقيل: إذا ماتت من النفاس فهي شهيدة، سواء ألقت ولدها، أو مات وهو في بطنها، والقول الآخر: هي المرأة قبل أن تحيض وتطمث، وقيل: بل هي المرأة تموت عذراء لم يمسها الرجال، والقول الأول أشهر في اللغة وأكثر عند العلماء).
(الشيخ حفظه الله تعالى) (نعم هي ماتت، وولدها في بطنها، ثم خنقه، نعم).
ــــــــ قال (قارئ المتن): قال: وحدثني عن مالك، عن عبدالله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة بنت عبدالرحمن، أنها أخبرته: أنها سمعت عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها تقول: وذكر لها أن عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، يقول: ((إن الميت ليعذب ببكاء الحي))، فقالت عائشة، رضي الله عنها: يغفر الله لأبي عبدالرحمن أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيهودية يبكي عليه أهلها، فقال: ((إنكم لتبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها)).
(الشيخ حفظه الله تعالى) (هذا الحديث صحيح، رواه البخاري في الصحيح، وفيه أن عائشة رضي الله عنها وهمت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وهي الواهمة، في رواية أنها قالت: أخطأ السمع، النبي صلى الله عليه وسلم، مر بيهودية، وإلا فالمؤمن لا يعذب، لأن الله يقول: ((...وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ...(164) الأنعام ))، استشهدت بالآية، والآية عامة والحديث خاص، وهي التي وهمت رضي الله عنها، مع قوة حفظها وهي أفقه امرأة، لكنها وهمت، لها أوهام، منها هذا، وهمت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وهي رضي الله عنها، واهمة، ابن عمر رضي الله عنهما، سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث ثابت، مر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيهودية يبكي عليه أهلها، فقال: ((إنكم لتبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها)) إيش قال عليه في التمهيد).
ــــــــ قال (قارئ المتن): (قال ابن عبدالبر: اختلف العلماء في قوله: ((إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه))، فقال منهم قائلون: معناه أن يوصي بذلك الميت فيعذب حينئذ بفعل نفسه، لا بفعل غيره، (الشيخ حفظه الله تعالى) (يعني يعذب إذا أوصى بذلك أو رضي بذلك أو أمرهم بذلك، وأما إذا لم يفعل ذلك فإنه لايعذب، القول الثاني: أن هذا مستثنى وأنه يعذب مطلقا، والتعذيب يعني أنواع، ما يلزم من ذلك أن يعذب بالنار، بل التعذيب يطلق على الألم، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ((في السفر قطعة من العذاب))، للمشقة، نعم).
ــــــــ قال (قارئ المتن): (وقال آخرون معناه أن يمدح الميت في ذلك البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهلية، أونحوه من الفتكات، والغدرات، والغارات، والقدرة على الظلم، وشبه ذلك من الأفعال، التي هي عند الله ذنوب، فهم يبكونه لفقدها، ويمدحونه بها، وهو يعذب من أجلها).
(الشيخ حفظه الله تعالى) (تكلم على توهيم عائشة).
ــــــــ قال (قارئ المتن): (قال: وذهبت عائشة، رضي الله عنها، إلى أن أحدا لا يعذب بفعل غيره، وهو الأمر المجتمع عليه لقوله الله عز وجل: ((...وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ... (164) الْأَنْعَامِ))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأبي رمثة في ابنه: ((إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك))، وقد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، والمغيرة بن شعبة، رضي الله عنه، وغيرهم، رضي الله عنهم، أنه قال: (( يعذب الميت بما نيح عليه))، وقد ذكرنا الآثار بذلك، من طرق شتى في التمهيد، ومعناه النهي عن النياحة على الموتى، وكل حديث أتى فيه ذكر البكاء، فالمراد به النياحة عند جماعة العلماء، إلا أن الله تعالى يقول: ((أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) النجم))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب))، وقال لعمر، رضي الله عنه، إذ نهى النساء عن البكاء ((دعهن ياعمر، رضي الله عنه، فإن النفس مصابة، والعين دامعة، والعهد قريب))، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عن النياحة، ولعن النائحة، والمستمعة))، ونهى عن شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعوى الجاهلية، وقال: (( ليس من حلق، وى من سلق، ولا من خرق))، وقال: (( ثلاث من أفعال الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنياحة على الموتى، والاستسقاء بالأنواء))، وكل ذلك بالأسانيد مذكور في التمهيد، قال الشافعي رحمه الله: (( أرخص في البكاء على الميت، بلا ندب، ولا نياحة، لما في النياحة من تجديد الحزن، ومنع الصبر، وعظيم الإثم)) )).
(الشيخ حفظه الله تعالى) (بركة، بارك الله فيكم، أحسنتم).
ــــــــ قال (قارئ المتن): أحسن الله إليكم.
