شعار الموقع
شعار الموقع

الرسالة التدمرية (5) قوله " وهكذا القول في المثل الثاني" – إلى "بائن من خلقه"

00:00
00:00
تحميل
108

المتن:

وهكذا القول في المثل الثاني وهو الروح التي فينا فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية.

الشرح:

بين المؤلف رحمه الله أن التحقيق في إثبات الأسماء والصفات قال يتبين في أصلين شريفين ومثلين مضروبين وخاتمة جامعة تشتمل على سبع قواعد ، وبيّن الأصلين وهما /

الأصل الأول : القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر .

الأصل الثاني : القول في الصفات كالقول في الذات .

أما المثلان ، فالمثل الأول حقائق الآخرة حقائق الآخرة الآن متفقة مع حقائق الدنيا في الاسم وفي أصل المعنى أن في الجنة لين وخمر وعسل لكن لا نعلم حقيقتها وكنهها إذا كنا لا نعلم كنها وهي مخلوق فكيف نستطيع أن ندرك كنه حقيقة ذات الرب وأسماءه وصفاته من باب أولى

والمثل الثاني هو/

 الروح التي فينا روح موجودة فينا ولا حد ينكرها وموصوفة بصفات ومع ذلك لا نعلم حقيقتها على ما هي عليه ولا نستطيع أن نكيفها ، فكيف نستطيع أن نكيف صفات الله إذا كنت ما تستطيع أن تكيف مخلوق وهو موجود فيك وهي الروح ولا تعرف حقيقتها وكنها فكيف يمكن أن تعرف حقيقة كنه ذات الرب وأسمائه وصفاته ،إذا لا بد من قطع الطمع أو معرفة الكيفية كيفية أسماء الله وصفاته لا نعلمها  لكن نثبت المعنى وننفي الكيفية .

المتن:

وهكذا القول في المثل الثاني وهو أن الروح التي فينا فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء.

الشرح:

كما في الحديث قبض روح المؤمن والكافر وأنها تصعد إلى السماء وتفتح لها أبواب السماء ويخرج منها أطيب ريح والفاجر والكافر تصعد وتغلق أبواب السماء دونها ويخرج منه كأنتن ريح وجدته على وجه الأرض هذه كلها أوصاف المعلوم هي ذات لكن الله أعلم بكيفيتها.

المتن:

وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء وأنها تقبض من البدن وتسل منه كما تسل الشعرة من العجينة

الشرح:

في الحديث  أن الروح إذا قُبضت تبعها البصر ،البصر يتبع الروح

المتن:

والناس مضطربون فيها ; فمنهم طوائف من أهل الكلام يجعلونها جزء من البدن

الشرح:

والناس طوائف في القول فيها ، فبعضهم يقول إنها جزء من البدن وبعضهم يقولون إنها هي الدم الذي في البدن وقد قال ابن القيم على الأرجح عنها أنها جسم لطيف نوراني يسري في البدن سريان الماء في العود وسريان النار في الفحم فالناس اضطربوا في وصفها لدرجة أن بعض الفلاسفة  وصفوها بالعدم قالوا لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته وهذا باطل ، وبعضهم قال أنها جزء من البدن صفة من صفات البدن وبعضهم قال هي الدم وبعضهم قال هي الهواء هنا اضطراب اضطربوا فيها  قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العَلْمِ إِلّا قَلِيْلاً.

مداخلة / غير واضحة

الجوب /

جسم لطيف نوراني يسري في البدن سريان الماء في العود والنار في الفحم

مداخلة / غير واضحة

الجواب / حقيقته وكنهه وكيفيته من أمر الله لا يعلمها إلا الله

مداخلة / هل الروح هي النفس ؟

الجواب / نعم هي تسمى نفس وتسمى روح هي من أسمائها، لكن الغالب إنها تسمى نفس إذا كانت في البدن وتسمى روح إذا كانت خارج البدن هذا الغالب في النصوص تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك هذا الغالب النفس هي الروح والروح هي النفس تسمى نفساً وتسمى روحاً لكن أغلب ما تسمى نفس إذا كانت في البدن وأغلب ما تسمى روح إذا كانت خارج البدن إن الروح إذا حوصرت تبعها البصر.

مداخلة / ابن القيم نسب النفس إلى ("")

الجواب  / لا النصوص دلت على هذا سمت النصوص النفس وسمته الروح

المتن:

والناس مضطربون فيها ; فمنهم طوائف من أهل الكلام يجعلونها جزء من البدن أو صفة من صفاته كقول بعضهم : أنها النفس أو الريح التي تردد في البدن.

الشرح:

يعني ليس النفس الروح هي النفس النفَس كقول بعضهم النفْس اللي يدخل ويخرج هذا هو الريح هذا هو الروح عند بعضهم وهو صفة من صفات البدن .

المتن:

وقول بعضهم : إنها الحياة أو المزاج أو نفس البدن

الشرح:

كل هذا اضطراب متخبط من غير دليل

المتن:

ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود

الشرح:

يصفونه بما يصفون به الله عز وجل يقولون الروح  لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصل به ولا منفصل عنه ولا مباين له ولا محايز له وش يصير ؟؟ أشد من العدم مستحيل يصفون الرب بهذا يقولون الرب لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصل به ولا منفصل عنه ولا مباين له ولا محايز له وش يصير شيء لا داخل العالم ولا خارجه هذا لا وجود له ويصفون الروح ("") يقولون لا داخل البدن ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصلة به ولا منفصلة عنه ، عدم بل مستحيل ما في شيء ("") إما داخل العالم أو خارجه اللي لا داخل العالم ولا خارجه لا وجود له.

المتن:

ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود

الشرح:

وهو الله سبحانه وتعالى

المتن:

وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود

الشرح:

يعني مستحيل يعني أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود يعني مستحيل الوجود اللي لا داخل العالم ولا خارجه هذا مستحيل والمستحيل أشد من العدم أو أخف ؟؟ أشد لأن المعدوم يمكن أن يوجد لكن المستحيل لا يوجد.

المتن:

فيقولون : لا هي داخلة البدن ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة له ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض وقد يقولون : إنها لا تدرك الأمور المعينة والحقائق الموجودة في الخارج وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة .

الشرح:

الأمور الكلية المطلقة إنما هي بالذهن لو قيل صف المعدوم بأكثر من هذا ما استطعت لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه وليس لها صلة بالجسد.

المتن:

وقد يقولون : إنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع  وإذا قيل لهم : إثبات مثل هذا ممتنع في ضرورة العقل قالوا : بل هذا ممكن بدليل أن الكليات موجودة وهي غير مشار إليها.

الشرح:

كل هذا من المغالطة إذا قيل لهم ما يمكن ("") قيل لهم ممكن ("") كليات وكليات الذهن موجودة ولا يشار إليها الكليات مثل الإنسانية هذه كلية في الذهن ولا يشار إليها الإنسانية أمر ذهني لا يتحقق إلا بأفراده في الخارج ما هي أفراد الإنسانية ؟أنا وأنت وبكر وعمر وزيد وخالد هذه أفرادها حيوان يسمى حيوان أمر كلي في الذهن هل له وجود في الخارج لا وجود له إلا بأفراده الحيوان ما هو الأسد والنمر والفهد وهذه الحيوانات هذه أفرادها قالوا هذه كليات ذهنية فإذا قيل لهم مستحيل الروح التي وصفتم لا داخل العالم ولا خارجها  قال لا غير مستحيل عندنا الكلية الذهنية الآن لا يشار إليها وهي موجود وين موجودة ،موجودة في الذهن.

الشرح:

قالوا هذه كليات ذهنية فإذا قيل لهم مستحيل الروح التي وصفتم لا داخل العالم ولا خارجه قالوا لا ليس مستحيل عندنا كليات ذهنية الآن لا يشار إليها وهي موجودة وين موجودة ،موجودة في الذهن ما في شيء في الخارج اسمه إنسانية أو حيوانية قالوا هذا موجود هذه من المغالطات إذا قيل لهم لا شيء داخل العالم ولا خارجه ، قالوا : بلى يوجد هناك شيء خارج لا هو داخل العالم وهو خارجه وهي الكليات الذهنية والأبوة موجود وش الأبوة؟؟ ( نسبة الأب إلى ابنه ) والبنوّة ( نسبة الابن إلى أبيه ) أي إنها موجودة ولا يشار إليها ، نقول هذا أمر ذهني هذه من المغالطات عندهم.

مداخلة / قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة منها مع تفسيرهم للجسم بما يقبل الإشارة الحسية ويصفونها بأنها ("")

المتن:

وقد يقولون : إنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع. 

الشرح:

بما لا يقبل الإشارة الحسية لأنه فسرها الآن

المتن:

وقد يقولون : إنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع. 

الشرح:

محتمل أنها أيضاً بما يقبل الإشارة الحسيّة لأن الأجسام تقبل الإشارة الحسية والرب ليس بجسم ، ولهذا ممنوع عند أن تشير لأنك لو أشرت إليه لكان جسما إلي يشار إليه جسم والرب ليس بجسم فلا يقبل الشارة الحسية ، ولهذا لو رفعت إصبعك إلى السماء وعندك جهمي لقطع إصبعك لأنه يقول أنت مجسّم ، يعتبرك تنقصت الرب وحددت مكانه وأنه جسم وهو ليس الجسم .جعلته محدود في مكان معين الجسم والله لا يقبل الإشارة الحسية وأنت فسرته بما يقبل الإشارة الحسية.

الحاشية /

ذكر الشيخ فالح صاحب التحفة المهدية :وذكر أنهم يفسرون الجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية وهذا مجرد اصطلاح لهم في الجسم يخالفهم فيه جماهير العقلاء وقالوا بناء على هذا: إن الروح مما لا يشار إليه.

الشرح  /

على هذا فسرها على ما لا يقبل الإشارة الحسيّة وهم أيضا كذلك يقولون هم إن الرب ليس بجسم فلا يشار إليه ، فهم مضطربون منهم من يقول يقبل الإشارة ومنهم من يقول لا يقبل الإشارة فهذا من اضطراب أهل الكلام . ولهذا اختلفت النسخ في هذا فبعضهم يقول أنه يشار إليه وبعضهم يقول لا يشار إليه ولهذا يقال لا يشار إلى الرب لأنه ليس بجسم لو كان جسما لقبل الإشارة ومنهم من يقول إن الجسم لا يقبل الإشارة.

مداخلة / غير واضحة

جواب الشيخ / تبقى على تفسير الشيخ فالح رحمه الله ذكر أنهم (") بما يقبل الإشارة الحسية

المتن:

وإذا قيل لهم : إثبات مثل هذا ممتنع في ضرورة العقل قالوا : بل هذا ممكن بدليل أن الكليات موجودة وهي غير مشار إليها وقد غفلوا عن كون الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان .

الشرح:

فسرنا الكليات قبل ، فهي مثل الإنسانية والحيوانية الموجودة في الذهن.

المتن:

فيعتمدون فيما يقولونه في المبدأ والمعاد على مثل هذا الخيال الذي لا يخفى فساده على غالب الجهال

الشرح:

 المبدأ والخيال يعتمدون كلهم يعتمدون على مسألة الجسم وحدوث الأجسام ، ("") جعلوا الجسم هو دينهم أهل الكلام مسألة الجسم ومسألة العرض فقالوا لا يعلم الرب إلا بحدوث العالم ولا يعلم حدوث العالم إلا بالأجسام ولا تعلم الأجسام إلا بالأعراض ، فهكذا بنوا دينهم في الرب والمعاد على حدوث الأجسام وعلى الجوهر الفرد مسألة الجوهر الفرد.

المتن:

واضطراب النفاة والمثبتة في الروح كثير وسبب ذلك أن الروح التي تسمى بالنفس الناطقة عند الفلاسفة ليست هي من جنس هذا البدن ولا من جنس العناصر والمولدات منها ; بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة.

الشرح:

السلوب بعني النفي ما يعرفون الروح إلا بالسلوب بالنفي ("") الروح لا داخل العالم لا خارجه لا يشار إليها لا تلمس لا هكذا لا يتعارفون إلا بالسلوب نفي نفي لا يعرفون إلا بالسلوب.

المتن:

فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة.

الشرح:

بعضهم يجعلها جسم وبعضهم ("") يدل مثل ما سبق أنهم اختلفوا منهم من قال أنه يشار إليه ومنهم من قال أنه لا يشار إليه ، من قال أنه يشار إليها قالوا أنها جسم ، و من قال أنه لا يشار إليها أنها ليست كالأجسام.

المتن:

فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة  وكلا القولين خطأ.

الشرح:

ماذا قال الشيخ فالح في أولئك ذكر أنهم اضطربوا فيها ؟

الحاشية /

ذكر الشيخ فالح في التحفة المهدية :

والمثبتون للروح من طوائف المتكلمين وهم الذين يقولون عنها: أنها نفس البدن أو جزء منه أو الحياة أو المزاج أو الريح،يقول المؤلف: إن سبب اضطرابهم، أن الروح المسماة عند الفلاسفة النفس الناطقة ليست من جس البدن وليست من العناصر المشاهدة التي تتكون منها الأشياء، ولا من جنس ما يتولد من العناصر كتولد الخل من عناصره التي هي أصله بل الروح من شكل آخر، واضطربوا فيها لكونهم لم يتلقوا العلم بها عن مشكاة النبوة، كما لم يتلقوا العلم بالله وصفاته من كتابه وسنة رسوله ﷺ، فصار الفلاسفة لا يعرفونها إلا بالأوصاف السلبية وطوائف المتكلمين يجعلونها البدن أو صفة من صفاته.

الشرح:

يعني أولئك طوائف المتكلمين طوائف المتكلمين يقولون إنه يشار إليها لأنهم جعلوها من جنس البدن من صفاته جزء من البدن فيشار إليها والفلاسفة يقولون إنه لا يشار إليها لأنها ليست من جنس البدن

الحاشية /

وكلا القولين باطل، مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة،

المتن:

وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة  وكلا القولين خطأ وإطلاق القول عليها بأنها جسم أو ليست بجسم يحتاج إلى تفصيل فإن لفظ الجسم للناس فيه أقوال متعددة اصطلاحية غير معناه اللغوي فإن أهل اللغة يقولون : الجسم هو الجسد والبدن وبهذا الاعتبار فالروح ليست جسما ; ولهذا يقولون : الروح والجسم ; كما قال تعالى : وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ وقال تعالى : وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وأما أهل الكلام : فمنهم من يقول الجسم هو الموجود ; ومنهم من يقول : هو القائم بنفسه ومنهم من يقول : هو المركب من الجواهر المفردة ومنهم من يقول : هو المركب من المادة والصورة وكل هؤلاء يقولون : إنه مشار إليه إشارة حسية ومنهم من يقول.

الشرح:

أهل الكلام يقولون يشار إليه بالإشارة الحسية والفلاسفة يقولون لا يشار إليه

المتن:

ومنهم من يقول : ليس مركبا من هذا ولا من هذا بل هو مما يشار إليه ويقال : إنه هنا أو هناك

الشيخ/

(..)

الحاشية /

ومنهم من يقول: ليس مركباً من هذا ولا من هذا، يعني أن بعض المتكلمين ينفي أن يكون الجسم مركباً من الجواهر المفردة، أومن المادة والصورة وهذا قول صحيح، فأكثر العقلاء يقولون الجسم ليس مركباً من هذا ولا من هذا فعلى هذا إن كانت الروح مما يشار إليها ويتبعها بصر الميت كما قال ﷺ إن الروح إذا خرجت تبعها البصروأنها تقبض ويعرج بها إلى السماء، كانت الروح جسما بهذا الاصطلاح.والمقصود: أن الروح إذا كانت موجودة حية، عالمة قادرة، سميعة بصيرة، تصعد وتنزل، وتذهب وتجيء، ونحو ذلك من الصفات والعقول قاصرة عن تكييفها وتحديدها، لأنهم لم يشاهدوا لها نظيراً والشيء إنما تدرك حقيقته بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، فإذا كانت الروح متصفة بهذه الصفات مع عدم مماثلتها لما يشاهد من المخلوقات فالخالق أولى بمباينته لمخلوقاته مع اتصافه بما يستحقه من أسمائه وصفاته وأهل العقول هم أعجز من أن يحدوه أو يكيفوه منهم عن أن يحدوا الروح أو يكيفوها فإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لها ومن مثلها بها يشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها، وهي مع ذلك ثابتة بحقيقة الإثبات، مستحقة لما لها من الصفات، فالخالق سبحانه وتعالى أولى أن يكون من نفى صفاته جاحدا معطلا، ومن قاسه بخلقه جاهلا به، ممثلا وهو سبحانه وتعالى ثابت بحقيقة الإثبات، مستحق لما له من الأسماء والصفات.

الشرح:

هذا هو المقصود بضرب المثل ، فإذا كانت الروح موجودة وثابتة ولها أوصاف ومع ذلك لا يستطيع الإنسان وصفها على ما هي عليه ما يعرف حقيقتها وكنها وكيفيتها مع أنها موجودة فالخالق سبحانه وتعالى أولى أن لا يستطيع العباد أن يكيفوا ذاته ووصفاته سبحانه وتعالى .إذا كانت الروح من نفى وجودها  يكون جاهل ويكون  مبطل وكذلك  من مثلها بما يشاهده من الأجسام يكون مبطل ، فكذلك من نفى صفات الرب مبطل ومن مثلها بصفات المخلوقين يكون مبطل .وإنما الحق إثبات الصفات ونفي المماثلة و نفي الكيفية نفي مماثلة المخلوقات ونفي الكيفية قطع الطمع عن معرفة الكيفية . لا بد للإنسان أن يثبت الصفات مع نفي المماثلة وقطع الطمع عن معرفة الكيفية يعني لابد من هذه الأمور إثبات الصفات ،ثانيا نفي المماثلة ،ثالثا قطع الطمع عن معرفة الكيفية ،بهذا يكون إثبات الصفات بهذه والأسماء بهذه الأركان الثلاثة إثبات الصفات ،ثانيا نفي المماثلة ،ثالثا قطع الطمع عن معرفة الكيفية.

المتن:

فصل :وأما الخاتمة الجامعة ففيها قواعد نافعة :

الشرح:

القاعدة الأولى التي يتبين فيها تحقيق الإثبات للأسماء والصفات بأصلين شريفين ومثلين مضروبين وخاتمة جامعة تشتمل على سبع قواعد أما الأصلان الأصل الأول : القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر الأصل الثاني : القول في الصفات كالقول في الذات والمثلان المضروبان ، المثل الأول حقائق الآخرة مشابهة لحقائق الدنيا في الأسماء  لكن لا نعلم حقيقتها وكنها الآخرة فيها عسل وخمر ولبن ولا نعرف حقيقتها على ما هي عليه مع أنا ندرك أشياء مشابهة لها في أصل المعنى في الدنيا وفي الاسم لكن الحقيقة تختلف فإذا كان مخلوق لا نعرف كنها فكيف نعرف كنها صفات الرب والمثل الثاني هو الروح التي بين جنبي الإنسان معروف الكل يعترف بأن الإنسان فيه روح وأنه ذات وتوصف بأنها قادرة سميعا بصيرا لكن لا نعلم كيفيتها ولا كنها فإذا كنت لا تعرف كنها الروح التي بين جنبيك ولا حقيقة الروح  فأنت أعجز من أن تعرف كنها صفات الرب وكنه وذاته وأما الخاتمة الجامعة فهي سبع قواعد.

المتن:

القاعدة الأولى أن الله سبحانه موصوف بالإثبات والنفي فالإثبات كإخباره بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك والنفي كقوله لا تأخذه سنة ولا نوم وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتا وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال ; لأن النفي المحض عدم محض ; والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل : ليس بشيء ; فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال .

الشرح:

القاعدة الأولى : أن الله تعالى موصوف بالإثبات والنفي

  1. الإثبات كقوله وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ  إن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ هذه أسماء سمى الله بها نفسه وهي مشتملة على معاني الصفات سميع مشتملة على صفة السمع وبصير صفة البصر العليم صفة العلم والحكيم صفة الحكمة الرحيم صفة الرحمة الله صفة الألوهية القدير صفة القدرة وهكذا فأسماء الله مشتقة والله موصوف بالإثبات وصف نفسه بأسماء ووصف نفسه بأسماء ووصف نفسه بصفات.
  2.  وأيضا موصوف بالنفي كقوله لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ‏ نفي يثبت كمال حياته وقيومته ، وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا نفي لإثبات كمال قوته واقتداره ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ نفي يثبت كمال علمه لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وهذا النفي مشتمل على إثبات ضده من الكمال ليس نفيا صرفا ولا نفي محضا بل هو نفي يستلزم إثبات ضده من الكمال النفي الوارد في باب الأسماء والصفات ليس نفي محض ولا صرفا لأن المحض والصرف يوصف به الجماد والمعدوم والممتنع والمعدوم والجماد لا يوصف بمدح تصف الجدار بأنه سميع ولا بصير وهذا ليس بمدح للجدار فالنفي الصرف المحض ليس فيه مدح ولا كمال لأن الوصف الذي لا يستخدم إثبات ضده من الكمال  يوصف به المعدوم ويوصف به الجماد والمعدوم والجماد لا يوصف بمدح فإذاً النفي الذي جاء في باب الأسماء والصفات نفي يستلزم إثبات ضده من الكمال  كقوله (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ‏, ) لكمال حياته وقيومته نفي السنة والنوم فإثبات كمال الحياة والقيومية وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا لكمال قوته واقتداره لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السموات والأرض لكمال علمه لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ لكمال عظمته وكونه أكمل من كل شيء كل نفي متضمن إثبات الضد في السنة و النوم يتضمن إثبات كمال الحياة والقيومية وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا يتضمن إثبات كمال القوة والقدرة لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ يتضمن إثبات كمال العظمة لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ يتضمن إثبات كمال العلم وهكذا ليس هناك نفي صرف في باب الأسماء والصفات لا نفي صرف ولا نفي محض هذا لا يرد في باب الأسماء والصفات لأن النفي المحض ليس فيه مدح ولا كمال ولأنه النفي الصرف يوصف به الممنوع والممتنع والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا الكمال ولأن المعدوم ليس بشيء.

المتن:

 القاعدة الأولى أن الله سبحانه موصوف بالإثبات والنفي فالإثبات كإخباره بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير

الشرح:

إذاً اثبت لنفسه العلم والقدرة على كل شيء وأثبت لنفسه القدرة على كل شيء هذه صفات ثبوتية فالصفات نوعان : ثبوتية وسلبية السلبية متضمنة لإثبات ضدها من الكمال النفي الصرف مثل الشاعر للقبيلة :قبيّلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل، صغرهم بقوله قبيّلة تحقير لهم لا يغدرون بذمة لا يغدر بالذمة هذا  ظاهره أنه مدح لكن لا يغدرون بذمة لعجزهم لأنهم عاجزون ولو استطاعوا لغدروا ولا يظلمون الناس حبة خردل لعجزهم وإنما يكون كمال متى الذي لا يغدر مع القدرة أما إذا كان  لا يغدر مع العجز ويغدر مع القدرة ما صار كمال متى يكون الكمال إذا كان ترك الغدر مع قدرته عليه ترك الظلم مع قدرته عليه ولهذا يقول الشاعر الآخر لما سرقت إبله واستنجد بقوم فلم ينجدوه سبهم وذمهم وقال إنهم عاجزون ولو كنت من القبيلة الفلانية لفزعوا لي يقول الشاعر الجاهلي لما سرقت إبله : لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا إذن لقام بنصري معشر خشن = عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا 

وقال :

لكنّ قومي وإن كانوا ذوي عددٍ. ليسوا من الشرِّ في شيءٍ وإن هانا.

 يجزون من ظلمْ أهل الظلم مغفرةً ومن إساءة أهل السوء إحسانا

لا يستطيعون ليسوا من الشر في شيء ولو كان قليل يجزون من ظلمْ أهل الظلم مغفرةً إذا ظلمهم أحد غفروا له يعني عجز أنهم عاجزون ومن إساءة أهل السوء إحسانا وإذا أساء إليهم أحد أحسنوا له لعجزهم سبهم وأنه متى يكون الإحسان على المسيء عند القدرة يكون مع القدرة على رد السيئة بمثلها هذا هو الكمال أما مع العجز لا يكون كمال هذا مثال للنفي الصرف المحض ولا يرد في باب الأسماء والصفات قوله قبيّلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل إنما الوارد في باب الأسماء والصفات هو النفي الذي يتضمن إثبات ضده من الكمال ( وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا) لكمال قوته واقتداره  (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ‏, ) لكمال حياته وقيومته لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ لكمال علمه لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ لكمال عظمته وكونه أكمل من كل شيء وأعظم من كل شيء.

المتن:

فالإثبات كإخباره بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك والنفي كقوله لا تأخذه سنة ولا نوم وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتا وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال.

الشرح:

مجرد النفي الصرف يعني ليس بمدح ولا كمال حتى يتضمن كمال

المتن:

 لأن النفي المحض عدم محض ; والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل : ليس بشيء .

الشرح:

النفي المحض عدم المحض والعدم كاسمه ليس بشيء النفي المحض عدم والعدم كاسمه ليس بشيء والمعدوم لا يمدح.

المتن:

 فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال .

الشرح:

الممتنع المستحيل يعني يوصف به المعدوم والمستحيل النفي المحض يوجه إلى المعدوم يوجه إلى المستحيل شيء لا داخل العالم ولا خارجه تقول هذا منفي لا وجود له ما فيه مدح نفيته لا داخل العالم ولا خارجه تنفي عنه النقيضين لابد من وجود أحدهما إما شيء داخل العالم وإما خارجه فيقول داخل العالم ارتفع كون خارج العالم وإذا قلت خارج العالم ارتفع كونه داخل العالم فلا يجتمعان ولا يرتفعان داخل العالم وخارجه(..) وهو شيء موجود لا بد يكون واحد من أربعة إما داخل العالم أو خارجه مثل الوجود والعدم هذا الشيء موجود معدوم ما يمكن إذا وجد الوجود ارتفع العدم وإذا وجد العدم ارتفع الوجود و إذا نفيت الوجود ثبت العدم وإذا نفيت العدم ثبت الوجود  أما أن تنفي النقيضين وترفع النقيضين فهذا مستحيل.

المتن:

فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنا لإثبات مدح كقوله : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ إلى قوله :  وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا فنفي السنة والنوم : يتضمن كمال الحياة والقيام ; فهو مبين لكمال أنه الحي القيوم وكذلك قوله :  وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا أي لا يكرثه ولا يثقله وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة فإن هذا نقص في قدرته وعيب في قوته

الشرح:

مثل المريض إذا كان يستطيع القيام ولكن يتجشم من القيام هذا يعتبر عاجز ولهذا قال النبي صلي قائم وإن لم تستطيع فقاعدا والمراد بعدم الاستطاعة هنا يعني عدم الاستطاعة بعدم التجشم والمشقة فإذا كان لا يستطيع القيام إلا بتجشم ومشقة فهو غير مستطيع يعني هو مستطيع لكن تكلف شديد نقول أنت غير مستطيع صلي قاعدا 

المتن:

وكذلك قوله :  ( لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السموات والأرض

الشرح:

مستلزم لكمال العلم نعم

المتن:

 وكذلك قوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ

الشرح:

وما مسنا من لغوب هذا نفي من لغوب من تعب وإعياء متضمن لكمال القوة والقدرة

المتن:

 فإن نفي مس اللغوب الذي هو التعب والإعياء دل على كمال القدرة ونهاية القوة بخلاف المخلوق الذي يلحقه من التعب والكلال ما يلحقه وكذلك قوله : لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة كما قاله أكثر العلماء

الشرح:

لأن في الإحاطة المعنى أن الله يرى ولا يحاط به رؤية كما أنه يُعلم ولا يحاط به علم وفرق بين نفي الإدراك ونفي الإحاطة الله تعالى ما قال لا يرى قال لا تدركه الأبصار ما قال لا يرى ما نفى الرؤية فالله تعالى يرى لكن لا يحاط به رؤية وإذا كان الإنسان يرى الجبل ولا يحيط به رؤية وهو مخلوق فالخالق أولى وأعظم أنت الآن ترى الجبل أليس كذلك لكن هل تحيط بالجبل من جميع الجهات الجبل مسافته كيلو ونص الجبل هل تحيط به رؤية ؟؟الجهات الأخرى ما تراها ولا تحيط بها والإنسان يرى البستان إذا كان البستان مزرعة مسافة 10 كيلو في 10 كيلو وأنت في وسط البستان هل تراه ؟ تراه لكن هل تحيط به رؤية ؟؟ الجهات الأخرى ما تحيط بها أنت الآن في وسط مدينة الرياض هل تحيط بها تعلم ما يحدث في الشميسي أو في النظيم أو في الشمال أو في الجنوب ؟؟ لا تعلم إذا كان المخلوق لا تحيط به رؤية فكيف تحيط بالخالق

المتن:

وكذلك قوله : {  لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة كما قاله أكثر العلماء ولم ينف مجرد الرؤية ; لأن المعدوم لا يرى

الشرح:

ويدل على هذا قول الله تعالى عن جيش موسى وفرعون فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قال كلا يعني لستم من المدركين إذا أثبت الرؤية للجيشين تراءى الجمعان جمع موسى وجمع فرعون كل واحد منهم يرى الآخر قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قال موسى كلا إذا موسى نفى الرؤية أم الإدراك؟ نفى الإدراك الرؤية ثابتة نفى الإدراك الذي هو الإحاطة وقال لسنا بمدركين إنما ربي سيهدين وفعلاً ما أحاط بهم أمر الله موسى فضرب البحر بعصاه فدخل موسى وقومه البحر ثم تبعهم فرعون ولم يدركوهم وخرجوا من الجهة الأخرى ولما ("") أمر الله البحر أن يعود على حالته فانطبق عليهم ونجا الله موسى وقومه فلم يدركوهم إذاً الإدراك شيء والرؤية شيء لا تدركه الأبصار وإن كانت تراه وقال بعض العلماء لا تدركه الأبصار يعني في الدنيا لا تراه في الدنيا .

المتن:

لأن المعدوم لا يرى وليس في كونه لا يرى مدح ; إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوحا وإنما المدح في كونه لا يحاط به وإن رئي ; كما أنه لا يحاط به وإن علم فكما أنه إذا علم لا يحاط به علما : فكذلك إذا رئي لا يحاط به رؤية  فكان في نفي الإدراك من إثبات عظمته ما يكون مدحا وصفة كمال وكان ذلك دليلا على إثبات الرؤية لا على نفيها

الشرح:

صحيح فهو يرى سبحانه وتعالى لكن لا يدرك لكمال عظمته

المتن:

لكنه دليل على إثبات الرؤية مع عدم الإحاطة وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها

الشرح:

خلافاً للجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين نفوا الرؤية وقالوا أن هذه الآية تدل على أن الله لا يرى وأبطلوا رؤية الله في الآخرة جهل وضلال النصوص متواترة تدل على أن الله يُرى دل عليها القرآن والنصوص المتواترة رواها العلامة بن القيم في كتابه الروح رواها أكثر من 30 صحابيا في الصحاح والسنة والمسانيد في إثبات الرؤية ، والآيات القرآنية صريحة في هذا وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ۝ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ  لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ رؤية الرب النظر لوجهه سبحانه .

المتن:

وإذا تأملت ذلك : وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه

الشرح:

هذه قاعدة أي نفي لا يستلزم الثبوت لا يصف الله به نفسه ، كل نفي ورد في الكتاب والسنة في حق الله فهو يستلزم إثبات ضده من الكمال ، أما نفي الصرف الذي لا يستلزم كمالاً لا يرد في الكتاب والسنة في حق الله سبحانه وتعالى .

المتن:

وإذا تأملت ذلك : وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفس فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب : لم يثبتوا في الحقيقة إلها محمودا بل ولا موجودا وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا لا يتكلم أو لا يرى أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش ويقولون ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا مباين للعالم ولا مجانب له إذ هذه الصفات ممكن أن يوصف بها المعدوم وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت .

الشرح:

وإذا تأملت ذلك : وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا لا يصف الله به  نفسه المعنى أن صفات الله نوعان

إثبات ونفي فصفات الإثبات كوصفه سبحان بالعلم والرحمة والقدرة والسمع والبصر وهو السميع البصير والثاني صفات نفي ولا بد أن تستلزم ثبوت ضدها من الكمال لأنها لو لم تستلزم ثبوت ضدها من الكمال يكون النفي صرفا محضا والنفي المحض لا يمدح فيه لأنه يمدح به المعدوم فصفات النفي لا بد أن تستلزم  إثبات ضدها من الكمال وإلا فلا يصف الرب نفسه بالنفي المحض مثال ذلك قول الله تعالى لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ هذا نفي تستلزم إثبات ضدها من الكمال وهو كمال الحياة والقيومية مثل قوله تعالى وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا تستلزم  إثبات كمال القوة والقدرة لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السماوات والأرض تستلزم  إثبات كمال العلم لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ يستلزم  كمال العظمة وأنه أعظم وأكبر من كل شيء وهكذا فالصفات النفي الواردة في باب الأسماء والصفات تستلزم إثبات ضدها من الكمال ولا يرد النفي الصرف في أسماء الله وصفاته لأن النفي المحض لا يستلزم كمال ويوصف به المعدوم والمعدوم لا يمدح .  

المتن:

وإذا تأملت ذلك : وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب : لم يثبتوا في الحقيقة إلها محمودا بل ولا موجودا وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا لا يتكلم أو لا يرى أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش ويقولون : ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا مباينا للعالم ولا مجانب له ; إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم ; وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت

الشرح:

يصفونه بالسلوب يعني بالنفي المحض مثل كثير من البدع  يقولوا ليس بكذا ولا  كذا وليس له كذا وهكذا ليس بجثة وليس له أعضاء ولا لون ولا طعم هكذا يقول أهل البدع نسأل الله العافية مع إن الوارد في باب  الأسماء والصفات  هو الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات ، فالصفات تُعدّد ، أما نفي النقائص فإنها تأتي مجملة كقوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ  وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ وهكذا النفي يكون مجمل فإذا جاء النفي مفصل فإنما هو للرد على أهل البدع كما في قوله لم يلد ولم يولد فهو للرد على من نسب لله الولد أما الصفات الثبوتية فإنها تأتي متعددة أثبت الله لنفسه العلم والقدرة والسمع والبصر أهل البدع عكسوا ذلك صاروا ينفون نفيا مفصلا ويثبتون إثباتا مجملا إذا اثبتوا قالوا له الكمال وإذا فصلوا جاؤوا يعددون ليس له كذا ولا كذا ليس له جثة ولا ذو أعضاء ولا ذو لون ولا كذا وهذا ليس فيه كمال ولا مدح بل فيه تنقص إنما النفي في الإجمال ولله المثل الأعلى لو قال إنسان لأمير أو لملك وجاء يعدد صفات النقص يقول أنت لست بكذا  ولست بكذا ولست بدبار ولست بجزار ولست بكذا لست بمن يعمل كذا ولست كناسا يكنس الشوارع هذا يؤدبه هذا يعتبر تنقص وإن كان صادق لكن لو أجمل وقال أنت لست مثل أحد من رعيتك أنت أعلى منهم و أكمل هذا هو الكمال تعداد النفي فيه تنقص وإساءة أدب كيف يأتي أهل البدع ويعددون وينفون نفيا مفصلا.

المتن:

فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهاً محموداً بل ولا موجوداً وكذلك من شاركهم

الشرح:

إذا قال شخص أنت لست بدباغ ولا حجام ولا كناس يؤدب ويصير هذا متنقص وإن كان صادق لكن كونه ينفي هذا النفي المفصل إساءة أدب تنقص فأهل البدع تنقصوا الرب وأساؤوا الأدب فنفوا نفيا مفصلا

المتن:

فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهاً محموداً بل ولا موجوداً  وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا لا يتكلم أو لا يرى أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش ويقولون : ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا مباينا للعالم ولا مجانب له .

الشرح:

هذا مستحيل هؤلاء الذين يصفون ربهم بالسلوب لم يثبتوا إلها محمودا بل ولا موجودا ًلأن السلب الآن ينفي الوجود وينفي جميع الأسماء والصفات معناه ليس له وجود إلا في الذهن وهؤلاء الملاحدة يصفون الله بالسلوب حتى قالت الجهمية المعطلة النفاة ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه ماذا يكون ؟ أشد من العدم مستحيل نسأل الله العافية .

المتن:

 إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم ; وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت

الشرح:

يقصد بها المعدوم والممتنع المستحيل

المتن:

ولهذا " قال محمود بن سبكتكين " لمن ادعى ذلك في الخالق : ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم

الشرح:

صدق محمود بن سبكتكين لما رأى شخص يصف الله بالسلوب قال ميز بين هذا الرب وبين المعدوم إذا كنت تقول ليس له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حكمة ولا رحمة وليس فوق ولا تحت ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا ("") ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم ما فيه فرق بينهم بل إنه أشد من المعدوم نعوذ بالله .

المتن:

وكذلك كونه لا يتكلم أو لا ينزل ليس في ذلك صفة مدح ولا كمال ; بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات

الشرح:

صحيح الذي لا يتكلم ولا ينزل ولا يفعل الفعل كمال ولهذا مدح الله نفسه بأنه فعّال إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ  تمدح الرب بأنه فعال لما يريد ومن ينفي عن الرب أنه لا ينزل ولا يتكلم ولم يستو على عرشه ولم يخلق ولم يرزق اش يكون هذا تعطيل .

المتن:

وكذلك كونه لا يتكلم أو لا ينزل ليس في ذلك صفة مدح ولا كمال ; بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات فهذه الصفات : منها ما لا يتصف به إلا المعدوم ومنها ما لا يتصف به إلا الجمادات والناقصات

الشرح:

إذا نفى السمع والبصر هذا يتصف به الجماد وإذا نفى الذات والصفات هذا وصف المعدوم

المتن:

فمن قال : لا هو مباين للعالم ولا مداخل للعالم فهو بمنزلة من قال :لا هو قائم بنفسه ولا بغيره

الشرح:

هذا قول الجهمية المعطلة النفاة الجهمية طائفتان المعطلة النفاة يقولون لا هو داخل العالم ولا هو مباين للعالم يعني لا داخل العالم ولا خارج العالم اش يكون ؟؟ لا يمكن شيء موجود إلا داخل أو خارج شيء لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباين للعالم ولا منفصل عن العالم ماذا يكون هذا لا وجود له.

المتن:

فمن قال : لا هو مباين للعالم ولا مداخل للعالم فهو بمنزلة من قال :لا هو قائم بنفسه ولا بغيره

الشرح:

معناه لا وجود له

هناك شيء لا يقوم بنفسه ولا يقوم بغيره ما فيه شيء إلا يقوم بنفسه ، الجدار قائم بنفسه والبياض صفة الجدار قائم بغيره يعني إما صفة وإما موصوف فإذا قلت لا قائم بنفسه ولا قائم بغيره نفيت الصفة والموصوف نفيت صفة الذات والصفة اش يكون لا وجود له لا شيء موجود إلا ذات أو صفة نسأل الله السلامة والعافية

المتن:

لا هو قائم بنفسه ولا بغيره ولا قديم ولا محدث.

الشرح:

القديم يريدون به وجود الله والمحدث وجود المخلوق والنصوص جاءت بأن الرب سمى نفسه بالأول الذي ليس قبله شيء لكن اصطلح.

المتن:

لا هو قائم بنفسه ولا بغيره ولا قديم ولا محدث

الشرح:

القديم يريدون به وجود الله والمحدث وجود المخلوق والنصوص جاءت بأن الرب سمى نفسه بالأول الذي ليس قبله شيء لكن اصطلح أهل الكلام أن يقولوا القديم وهو وجود الله والمحدث وجود المخلوق فإذا قال لا قديم ولا محدث لا خالق ولا مخلوق فماذا يكون ؟!!ما في في الوجود إلا خالق ومخلوق الخالق هو الله سبحانه وتعالى فوق العرش فوق السماوات والمخلوقات تحته سبحانه وتعالى فإذا قال لا قديم ولا محدث اش يكون فالجهمية يعبدون العدم يعني هذا ربكم الذي (..)  هذا ربهم الذي يعبدونه المعطلة يعبدون العدم نسأل الله السلامة والعافية

  • مداخلة / المعطلة هل يشملون الجهمية والمعتزلة ؟
  • جواب / التعطيل أقسام ، التعطيل الكامل هو تعطيل الجهمية أما التعطيل الجزئي فهو تعطيل الأشاعرة
  • مداخلة / غير واضحة
  • جواب / بلا ("")

المتن:

ولا قديم ولا محدث  ولا متقدم على العالم ولا مقارن له

الشرح:

الفلاسفة يقولون أنهم مقارن للعالم ، أنكروا أن يكون الله هو الأول قالوا مقارن للعالم ما سبق العالم بل هو مقترن به إلا أنه هو الأول في هذا العالم أو هو مبدأ الحركة ، أو علة الحركة هذا العالم هكذا يقول الفلاسفة هكذا يقول الفلاسفة أنكروا أن يكون الله هو الأول من كفرهم وضلالهم فإن قال لا متقدم على العالم ولا مقارن للعالم ، يعني لا خالق ولا مخلوق أنكروا وجود الله والمسلمون في عافية من هذا لكن هؤلاء الفلاسفة ابتلوا وأهل البدع سطروا هذه الأشياء موجودة وسودوا بها القلوب والأوراق فاضطر العلماء إلى الرد عليهم  .

مداخلة / غير واضحة

الجواب / ("") في كتب اليونان والرومان في زمن المأمون نسأل الله السلامة والعافية

المتن:

ومن قال : إنه ليس بحي ولا ميت ولا سميع ولا بصير ولا متكلم لزمه أن يكون ميتا أصم أعمى أبكم .

الشرح:

إذا نفيت صفة الكمال ثبتت أضداده ، فإذا نفى الحياة ثبت الموت ، وإذا نفى السمع ثبت الصمم وإذا نفى البصر ثبت العمى نعوذ بالله .

المتن:

فإن قال : العمى عدم البصر عما من شأنه أن يقبل البصر وما لم يقبل البصر كالحائط لا يقال له أعمى ولا بصير قيل له : هذا اصطلاح اصطلحتموه وإلا فما يوصف بعدم الحياة والسمع والبصر والكلام : يمكن وصفه بالموت والعمى والخرس والعجمة .

الشرح:

فيقول أن هذا الذي يقبل الصفات هو الذي إذا نفيت عنه لزم أن يتصف بأضدادها إذا كان يقبل الصفات ، مثل الحيوان إذا نفيت عنه الحياة ثبت الموت وإذا نفيت عنه السمع ثبت الصمم وإذا نفيت عنه البصر ثبت العمى ،  هذا لأنه يقبل الصفات ، لكن الذي لا يقبل الصفات لا يلزمه ثبوت أضدادها ، مثل الجدار ،الجدار ما يقبل ما نقول حي ولا ميت فإذا نفيت الحياة عن الجدار ما يلزمه الوصف بالموت إذا نفيت السمع عن الجدار لا يلزم وصفه بالصمم إذا نفيت البصر عن الجدار ما يلزم وصفه بالعمى هكذا يقولون والرب يقولون ليس بقابل للصفات نعوذ بالله جعلوا الرب مثل الجدار الذي لا يقبل الصفات، فيقول المؤلف هذا اصطلاح اصطلحتم عليه ، والاصطلاح لا يبطل الحقائق العلمية ، فالجماد قد يوصف بالموت ، قال تعالى : أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ وصف الأصنام التي يعبدونها بأنها أموات ، فكونكم تصطلحون هذا الاصطلاح فهو لا يبطل الحقائق العلمية فالله تعالى وصف الجماد بالموت مثل الآية لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُون أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ

المتن:

قيل له : هذا اصطلاح اصطلحتموه وإلا فما يوصف بعدم الحياة والسمع والبصر والكلام : يمكن وصفه بالموت والعمى والخرس والعجمة وأيضا فكل موجود يقبل الاتصاف بهذه الأمور ونقائضها فإن الله قادر على جعل الجماد حيا كما جعل عصا موسى حية ابتلعت الحبال والعصي.

الشرح:

يعني يقول قولكم أنه ما يقبل الجدار ما يقبل صفاته فإذا وصفته مثلا بالموت يعني إذا نفيت عنه الحياة لا يلزم وصفه بالموت إذا نفيتم عن الجدار السمع ما يلزم وصفه  بالصمم يقول المؤلف هذا اصطلاح اصطلحتم عليه والله قادر على أن يجعل الجماد متصف ، كما قد جعل عصا موسى حيّة تبتلع الحبال والعصي وهي جماد ، إذا أخذها بيده صارت عصا وإذا وضعها صارت حيّة .

المتن:

وأيضا فالذي لا يقبل الاتصاف بهذه الصفات أعظم نقصا ممن لا يقبل الاتصاف بها مع اتصافه بنقائضها

الشرح:

  هذا تنزه معهم فلو سلمنا إن الجدار لا يقبل الاتصاف بالسمع والحياة والبصر و السمع لا يقبل الاتصاف بصفة الكمال وهي الحياة ولا يقبل الاتصاف بنقيضها وهي الموت ولا يقبل الاتصال بالسمع صفة الكمال ولا بنقيضها وهو الصمم نقول هذا الذي لا يقبل الاتصاف بالصفات أنقص من الذي يقبل الاتصاف فالأعمى الذي يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجدار الذي لا يقبل الاتصاف بالعمى والبصر ، فأنتم وصفتم ربكم بالأنقص جعلتموه كالجدار الذي هو أنقص من الحيوانات الناقصة ، تعالى الله عما يقولون .

المتن:

فالجماد الذي لا يوصف بالبصر ولا العمى ولا الكلام ولا الخرس : أعظم نقصا من الحي الأعمى الأخرس

الشرح:

صحيح لأن الجماد لا يقبل واحد منها والأعمى يقبل الاتصاف بالبصر أكمل والأخرس يقبل الصمم والكلام فهو أكمل

المتن:

 فإن قيل : إن الباري لا يمكن اتصافه بذلك : كان في ذلك من وصفه بالنقص أعظم مما إذا وصف بالخرس والعمى والصمم ونحو ذلك ;

الشرح:

إذا قيل لا يقبل الاتصاف بذلك صار أعظم لأن الذي يقبل أكمل من الذي لا يقبل

المتن:

 فإن قيل : إن الباري لا يمكن اتصافه بذلك : كان في ذلك من وصفه بالنقص أعظم مما إذا وصف بالخرس والعمى والصمم ونحو ذلك ; مع أنه إذا جعل غير قابل لها كان تشبيها له بالجماد الذي لا يقبل الاتصاف بواحد منها .

الشرح:

فإذا قيل أنه غير قابل صار تشبيهه بالجماد الذي لا يقبل تشبيهه بالجدار الذي لا يقبل الاتصاف بشيء من الصفات كالحياة والسمع والبصر لا يقبل الموت

 

المتن:

 وهذا تشبيه بالجمادات ; لا بالحيوانات ,

الشرح:

والتشبيه بالجمادات أقبح من التشبيه بالحيوانات الناقصة

المتن:

وهذا تشبيه بالجمادات ; لا بالحيوانات , فكيف ينكر من قال ذلك على غيره ما يزعم أنه تشبيه بالحي

الشرح:

 يعني كيف ينكر على من أثبت السمع والبصر قال إن هذا تشبيه بالحي وهو يشبه الله بالمعدوم وبالجماد الذي لا يقبل واحدا من الكمال ولا من ضد نقيضه .

المتن:

 وأيضا فنفس نفي هذه الصفات نقص

الشرح:

ونفي الصفات من حيث هي يعني تنزل يعني نفي الصفات من حيث هي نقص ، كونك تنفي السمع والبصر والعلم والكلام هذا نقص لأن هذه صفات كمال فنفيها نقص

المتن:

وأيضا فنفس نفي هذه الصفات نقص كما أن إثباتها كمال

الشرح:

إثباتها كمال ونفيها نقص فكيف ينفي الكمال عن الرب.

المتن:

فالحياة من حيث هي مع قطع النظر عن تعيين الموصوف بها صفة كمال

الشرح:

فالحي الذي يتصف بالحياة أكمل من الجماد الذي لا يتصف بالحياة من حيث هو  ، حتى الحيوان البهيمة أكمل من الجدار ولو كانت بهيمة لأن الحي أكمل من الجماد الذي هو ميت.

المتن:

 وكذلك العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والفعل ونحو ذلك ;

الشرح:

كل هذه صفات كمال فالذي يتصف بالعلم أكمل من الجاهل والذي يتصف بالسمع أكمل من الأصم والذي يتصف بالبصر أكمل من الأعمى.

المتن:

وما كان صفة كمال : فهو سبحانه أحق أن يتصف به من المخلوقات

الشرح:

كل صفة كمال ثبتت للمخلوق لا يقصد به وجه من الوجوه فالخالق أولى ما كان صفة كمال فالخالق أولى بها مع تنزهه عن النقص الذي يكون فيها

المتن:

فلو لم يتصف به مع اتصاف المخلوق به : لكان المخلوق أكمل منه

الشرح:

فلو لم يتصف الرب بصفات الكمال العلم والقدرة والسمع والبصر والمخلوق متصف بها لكان المخلوق أكمل من الخالق وهذا أبطل الباطل .

المتن:

واعلم أن الجهمية المحضة كالقرامطة ومن ضاهاهم : ينفون عنه تعالى اتصافه بالنقيضين حتى يقولوا ليس بموجود ولا ليس بموجود ولا حي ولا ليس بحي ومعلوم أن الخلو عن النقيضين ممتنع في بدائه العقول كالجمع بين النقيضين .

الشرح:

لا شك أن هذا أمر شنيع  يؤدي إلى وصف الله بالعدم نفي القيضين ليس بموجود ولا ليس بموجود لا حي ولا ليس بحي لا عليم ولا ليس بعليم مثل القول لا داخل العالم ولا خارجه هذا يؤدي إلى الامتناع فلا يوجد شيء بهذا ولهذا فهؤلاء يعبدون عدما بل يعبدون ممتنعا مستحيل فلا يمكن أن تقول هذا الشيء لا موجود ولا ليس بموجود ولا حي ولا ليس بحي ولا عليم ولا ليس بعليم لأن هذا ممتنع في بدائه العقول يعني ممتنع امتناعاً بدهياً لا يحتاج تأمل ونظر واستدلال ، بل كل أحد يدرك ذلك بديهة لأن الأشياء موجودة إما داخل العالم وخارجها ما تقول لا داخل العالم ولا خارجه ما فيه شيء إلا داخل العالم أو خارجه وكذلك تقول هذا الشيء موجود ومعدوم تقول لا ليس بموجود ولا ليس بموجود نفي النقيضين لا يمكن فالنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان .

المتن:

وآخرون وصفوه بالنفي فقط فقالوا ليس بحي ولا سميع ولا بصير ; وهؤلاء أعظم كفرا من أولئك من وجه

الشرح:

الطائفة الثانية لم ينفوا النقيضين إنما نفوا واحد منهما ، قالوا ليس بموجود ولا عليم ولا حي ولا قدير ولا سميع ، هؤلاء كفار وأولئك كفار ، وكل منهما كفره أعظم من وجه ، فهؤلاء الذين نفوا أعظم كفراً من أولئك من جهة أنهم قالوا ليس بحي أنه لزم ووصفه بالنقيض وهو النقص ، فإذا قال ليس بحي فإنه وصفه بالموت وإذا قال ليس بعليم وصفه بالجهل وإذا قال ليس بقدير وصفه بالعجز أما أولئك الذي قالوا ليس بعليم ولا ليس بعليم فنفوا صفة الكمال ونفوا صفة النقص فصاروا أقل كفراً من هذه الناحية حيث أنهم نفوا صفة الكمال ونفوا صفة النقص ، وهؤلاء نفوا صفة الكمال فلزم الاتصاف بصفة النقص فصاروا أعظم كفر من هذا الوجه الذين نفوا النقيضين نفوا الكمال ونفوا النقص قالوا ليس بعليم ولا ليس بعليم والذين نفوا فقط نفيا بدون نفي النقيضين قالوا ليس بعليم فقط وسكتوا  لزمهم الاتصاف بالنقيض وهو بالجهل النقيض فصاروا أعظم كفراً من هذي الناحية وأولئك الذين نفوا النقيضين أعظم كفراً من جهة أنهم جعلوه ممتنع وصفوه بالممتنع بالمستحيل بالعدم فهم أعظم كفراً من هذه الناحية . فالذين لم ينفوا النقيضين أعظم كفراً من أولئك حيث أنهم نفوا صفة الكمال فلزمهم اتصافه بصفة النقص وأولئك أعظم كفراً حيث أنهم نفوا النقيضين فلزمهم من ذلك أن يكون  معدوماً ممتنعاً فكل منهما أعظم من جهة ، نعم.

المتن:

 فإذا قيل لهؤلاء هذا مستلزم وصفه بنقيض ذلك كالموت والصمم والبكم .

الشرح:

إذا قيل أنه ليس بعليم ولا حي ولا سميع ولا بصير فإنه يستلزم وصفه بالموت والعمى والخرس والصمم؟؟ ، فقالوا لا: هذا إذا كان قابل لكن الرب ليس قابل للصفات ، لا يلزمنا وصفه بالنقيض إلا إذا كان قابلاً ، كالجدار ما يقال لا أعمى ولا بصير ولا حي ولا ميت وهذا من تلبيسهم .

المتن:

فإذا قيل لهؤلاء هذا مستلزم وصفه بنقيض ذلك كالموت والصمم والبكم قالوا إنما يلزم ذلك لو كان قابلا لذلك وهذا الاعتذار يزيد قولهم فسادا

الشرح:

هذا الاعتذار يزيد قولهم فسادا ما يعفيهم قالوا إن هذا إنما يلزمنا و كان قابل لكن الرب غير قابل للصفات هذا يزيد قولهم فساد لأن الذي لا يقبل الصفات أنقص من الذي يقبل الصفات من جهة أخرى هذا يزيد القول فساد الأعمى الذي يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجدار الذي لا يقبل البصر ولا العمى نسأل الله السلامة والعافية هذا يزيد قولهم فساد.

المتن:

وكذلك من ضاهى هؤلاء - وهم الذين يقولون : ليس بداخل العالم ولا خارجه إذا قيل هذا ممتنع في ضرورة العقل كما إذا قيل : ليس بقديم ولا محدث - ولا واجب ولا ممكن ولا قائم بنفسه ولا قائم بغيره قالوا هذا إنما يكون إذا كان قابلا لذلك

الشرح:

نفس الاعتذار اعتذار فاسد يزيد قولهم فساد إذا قيل لهم أنتم تقولون لا داخل العالم ولا خارجه ما في شيء لا داخل العالم ولا خارجه الذي ينفى عنه النقيضين لا وجود له قالوا لا إذا كان قابل لكن هذا ليس بقابل ليس بقديم ولا محدث اش يكون ؟؟ لا قديم ولا محدث لا خالق ولا مخلوق اش يكون ؟؟ لا وجود له ليس بقائم بنفسه ولا قائم بغيره قالوا لا ما يلزمنا هذا إلا إذا توجهت هذه الصفات إلى القابل والرب ليس بقابل للصفات فلا يلزمنا ما تقول نعوذ بالله يقال لهم أن الذي لا يقبل أنقص من الذي يقبل هذا الاعتذار يزيد قولهم فساد نسأل الله السلامة والعافية كلام كفري لولا ("") ما صدق الإنسان أحد يقول مثل هذا الكلام 

المتن:

قالوا هذا إنما يكون إذا كان قابلا لذلك والقبول إنما يكون من المتحيز فإذا انتفى التحيز انتفى قبول هذين المتناقضين

الشرح:

يقولون إن القبول إنما يكون للمتحيز الذي يكون في حيّز  في جهة معينة ، فمثلاً : لا نقول إن الرب في العلو لأنه إذا قلنا أن الرب في العلو صار متحيز صار في جهة متحيز وهذا تنقّص له أن تجعله في جهة واحد لكن نقول أنه في جميع الجهات لا نقول أنه في جهة واحدة المؤلف يقول ما مرادكم بالمتحيز ؟ هل مرادكم به أن تحوزه الأشياء وتحيط به فهذا باطل فالله لا  يحيط شيء به أو مرادكم بالمتحيز هو ما وراء الأحياز ، فالمتحيز يراد به شيء موجود ويراد به شيء معدوم ، فإن أردتم بالحيز شيء عدمي فالله تعالى فوق المخلوقات بعد أن تنتهي المخلوقات ، وإن أردتم بالحيز شيء وجودي وأن الله يحيط بشيء من المخلوقات فهذا باطل .

المتن:

فيقال لهم علم الخلق بامتناع الخلو من هذين النقيضين : هو علم مطلق لا يستثنى منه موجود

الشرح:

أي أن الناس كلهم علموا بأنه لا يمكن الخلو من النقيضين لا يمكن أن نقول لشيء لا موجود ولا بمعدوم لا داخل العالم ولا خارجه هذا يدركه جميع الخلق علم مطلق ما يستثنى منه شيء .

المتن:

فيقال لهم علم الخلق امتناع الخلو من هذين النقيضين : هو علم مطلق لا يستثنى منه موجود والتحيز المذكور : إن أريد به كون الأحياز الموجودة تحيط به فهذا هو الداخل في العالم ;

 الشرح:

فمثلاً الآن في الغرفة أو في المسجد المسجد تحيط به الأحياز من جيع الجهات إذا يصير داخل المتحيز الذي تحيط به الإحازة ، إذا كان الإنسان بالغرفة يقال متحيز معنى تحيط به الأحياز وهي الجداران فإن أردتم أن الرب تحيط به شيئاً من المخلوقات مثل الإنسان في الغرفة فهذا باطل ، فالله تعالى فوق المخلوقات لا يحيط به شيء من المخلوقات ليس داخل العالم بل هو سبحانه وتعالى فوق المخلوقات فإذا انتهت المخلوقات التي سقفها وأعلاها عرش الرحمن والله تعالى فوق العرش وبعد ذلك انتهت المخلوقات وإن أردتم بالأحياز فهذا باطل وإن أردتم بالأحياز شيء عدمي وهو ما وراء العالم فلا يضر قولكم أنه متحيز فالله تعالى فوق العالم .

المتن:

 قال والتحيز المذكور إن أريد به كون الأحياز الموجودة تحيط به فهذا هو الداخل في العالم ; وإن أريد به أنه منحاز عن المخلوقات ; أي مباين لها متميز عنها.

الشرح:

هنا المعنى الثاني منحاز عن المخلوقات منفصل باين عن المخلوقات بعد أن تنتهي فهذا حق فلا يضركم قولكم متحيز  أن يكون متحيز تحيط به المخلوقات فهذا باطل أو متحيز منحاز أي منفصل عنها مباين لها بعد أن تنتهي فهذا حق

المتن:

وإن أريد به أنه منحاز عن المخلوقات ; أي مباين لها متميز عنها فهذا هو الخروج فالمتحيز يراد به تارة ما هو داخل العالم وتارة ما هو خارج العالم فإذا قيل ليس بمتحيز كان معناه ليس بداخل العالم ولا خارجه , فهم غيروا العبارة ليوهموا من لا يفهم حقيقة قولهم أن هذا معنى آخر وهو المعنى الذي علم فساده بضرورة العقل.

الشرح:

إذا قالوا أنه ليس بمتحيز لا داخل الأحياز ولا خارجها فهو نفسه معناه أنه لا داخل العالم ولا خارجه فقط غيروا العبارة حتى يوهموا الغر و ضعيف البصيرة أن كلامهم حق وهو باطل ، فليس بمتحيز هو نفسه لا داخل العالم ولا خارجه .

المتن:

كما فعل أولئك بقولهم ليس بحي ولا ميت ولا موجود ولا معدوم ولا عالم ولا جاهل .

الشرح:

كما فعل النفاة الذين لم ينفوا النقيضين لكن نفوا نفياً عاماً ، ليس سميع ولا بصير ولا  كذا ، هؤلاء كفروا وأولئك كفروا ، كلهم كفار ، هؤلاء نفوا النقيضين وهؤلاء نفوا نفيا وإن لم ينفوا النقيضين إلا أنه نفي يؤدي إلى العدم .

المتن:

القاعدة الثانية أن ما أخبر به الرسول ﷺ عن ربه فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه أو لم نعرف لأنه الصادق المصدوق ; فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصا في الكتاب والسنة متفق عليه بين سلف الأمة

الشرح:

القاعدة الثانية من القواعد التي يتبين بها تحقيق إثبات الأسماء والصفات :

أن ما أخبر به الرسول عن ربه من الأسماء والصفات فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه أو لم نعرفه ، فما عرفنا معناه نؤمن ونصدق به ونفسره ، ومالا نعرفه نؤمن به نقول آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله ، وآمنا برسول الله وبما جاء على رسول الله على مراد رسول الله ، وذلك لأن النصوص بريئة من المعاني الفاسدة فنحن نأمن لأننا مطمئنون على أن النصوص لا تحتمل إلا المعاني الحق ، لا تحتمل معاني فاسدة فما ورد في النصوص في كتاب الله وسنة رسوله مما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر به رسوله  فيجب الإيمان به و يجب وصف الله بما وصف به نفسه أو بما وصفه به رسوله تسمية الله بما سمى به نفسه وسماه به رسوله سواء عرفنا معناها أو لم نعرفه ، لأن النصوص سليمة من المعاني الباطلة لا يمكن أن تحتمل معاني فاسدة أما ما أطلقه الناس ووصفوا به الرب فإن فيه تفصيل ، فإن عرف المعنى وكان المعنى حقاً فإنه يثبت المعنى الحق واللفظ الذي لم يَرِد يُرَد ، وإن لم يعرف المعنى أو عرف المعنى وأن معنى باطلاً فإنه يُرد ، فيكون في هذا ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله من أسماء وصفات يجب إثباته لله سواء عرفنا المعنى أم لم نعرفه وما أطلقه الناس على الله ففيه تفصيل، إن عرف المعنى وكان حقاً قبلناه ، وإن كان معنى  باطلاً رددناه ، وإن لم نعرف المعنى رددنا اللفظ والمعنى جميعا لأن كلام الناس  يحتمل الحق والباطل وقد يحتمل معاني فاسدة ، بخلاف النصوص لا تحتمل إلا معاني الحق فما أطلقه الله على نفسه وأطلقه عليه رسوله من أسماء وصفات يجب وصف الله به يوصف الله به سواء عرفنا المعنى أو لم نعرفه إن عرفنا المعنى فالحمد لله وإن لم نعرفه فنحن نعلم أن النصوص لا تحمل إلا معاني حقه أما ما أطلقه الناس على الله فهذا فيه تفصيل فإن كان المعنى حق قبلناه وإن كان المعنى باطل رددناه وإن كان المعنى محتمل فيرد مثل الجسم والحيز والحد و("") فمثلاً إذا قال شخص إن الله  جسم ، نقول ما نقبل ولا نرد ما مرادك بالجسم ؟ قال مرادي أن الله متصف بصفات ، وهذا المعنى حق لكن لا يعبر اللفظ بالجسم عليك أن تأتي بألفاظ وردت في نصوص وإن قال إن الله جسم ويقصد به أن الله به مشابهة المخلوقات فنقول هنا أن المعنى واللفظ كلاهما باطل.هذه هي القاعدة الثانية وهي :أن ما وصف الله به نفسه ورسوله في النصوص يوصف ويطلق على الله سواء عرفنا المعنى أو لم نعرفه ، وأما ما أطلقه الناس فهذا فيه تفصيل : نتوقف فيه ونستفسر

  1. إن كان المعنى حق قبلنا المعنى ورددنا اللفظ
  2. إن كان المعنى باطل رددنا اللفظ والمعنى جميعاً .
  3. وإن كان مشتمل على حق وباطل ، نتوقف فيه لا نثبته ولا ننفيه حتى يتبين الحق من الباطل .

المتن:

القاعدة الثانية أن ما أخبر به الرسول عن ربه فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه أو لم نعرف لأنه الصادق المصدوق ; فما جاء في الكتاب والسنة

الشرح:

لأن الرسول هو الصادق المصدوق فلا يخبر إلا بالحق والصدق عليه الصلاة والسلام ولا يصف الله بما أوحى الله إليه فيه لأن السنة وحي ثاني قال الله تعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )

المتن:

فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه وكذلك.

الشرح:

لأن معاني النصوص لا تكون إلا معاني حقه فهي بريئة من المعاني الباطلة فلهذا نصف الله بها ونؤمن بها ولو لم نعرف المعنى

المتن:

وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها مع أن هذا الباب

الشرح:

إذا ما ثبت باتفاق سلف الأمة ثبت بالإجماع فإن الإجماع مستند إلى نص إذا أجمع العلماء على أن الله موصوف بكذا فالإجماع مستند إلى نص وهذه الأمة معصومة أن تجتمع على ضلالة  وخطأ ، والمراد به أهل الحق وليس أهل البدع فهم ليسوا داخلين في ذلك .

المتن:

وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصا في الكتاب والسنة متفق عليه بين سلف الأمة

الشرح:

يعني مع أن هذا الباب باب الأسماء والصفات لا يوجد اتفاق فقط بل النصوص موجودة إلي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها موجود  في الكتاب ولا السنة لكن لو اتفق السلف والأئمة على وصف الله بشيء ولم نجد في الكتاب والسنة فالإجماع لا بد أن يكون مستند إلى نص ، لكن عامة ما يتفق عليه السلف والأئمة لا أدلته في الكتاب والسنة ، فإذا أجمع العلماء على أن الله موصوف بالكلام هذا أدلته موجودة في الكتاب والسنة إذا أجمع العلماء أن الله موصوف بالاستواء هذا أدلته موجودة إذا أجمع العلماء على أنه موصوف بالعلم والقدرة بالسمع والبصر أدلته موجودة.

المتن:

مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصا في الكتاب والسنة متفقا عليه بين سلف الأمة

الشرح:

باب الأسماء والصفات

المتن:

وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد بل ولا له : أن يوافق أحدا على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى

الشرح:

هذا هو الواجب فيما تنازع فيه المتأخرون ما أطلقوه على الله نفيا وإثباتا  فليس لأحد أن يقبله ولا لأحد أن يرده حتى يستفسر من القائل ، فإن أراد حقاً قبِل له ، وإن أراد باطلاً رددناه ، وإن اشتمل على حق وباطل فإنه يوقف اللفظ ويفسر المعنى فإن كان حقاً قُبِل وإن كان باطلاً رُدّ .

المتن:

وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد بل ولا له : أن يوافق أحدا على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى

الشرح:

مثل ما سبق مثل لفظ الجسم ولفظ الحيز والعرض وسيبين المؤلف رحمه الله الاحتمالات لهذا إذا قيل بأن الله جسم يقول ما ورد يقول جسم قال المراد إن الله فوق العرش نقول هذا حق لكن تسمية العلو جسم هذا باطل قال المراد بأن الله ليس بجسم المراد أنه ليس متصف بصفات نقول هذا باطل المعنى باطل واللفظ باطل وهكذا يقول أن الله متحيز نقول ما مرادك بمتحيز قال مرادي متحيز يعني أنه فيه شيء من المخلوقات متحيز ما تحوزه الأشياء نقول هذا باطل الله تعالى لا تحوزه المخلوقات وإن أراد بالمتحيز منحاز عن المخلوقات أي منفصل عنها فوقها بعد أن تنتهي بعد العرش الذي هو سقف المخلوقات نقول هذا حق وهكذا.

مداخلة ( غير واضحة)

الجواب / يقبل المعنى الحق ويرد اللفظ وإن كان المعنى باطل فيرد المعنى واللفظ جميعاً

مداخلة / غير واضحة

الجواب / هذا من باب الخبر أن هذا واجب الوجود لذاته الواجب وجود الخالق واجب لذاته والمخلوق ممكن يعني يجوز عليه الحدوث والعدم هذا من باب الخبر مثل تسميته بالصانع وليس من باب التسمي باب الخبر أوسع من باب الوصف

المتن:

كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك ,

الشرح:

كذلك قولك إن الله في جهة نقول له ماذا تريد بالجهة ؟ هل المراد جهة مخلوقة تحويه وتحيط به هذا باطل وإن أردت بالجهة أمر عدمي وما فوق العرش فالله في جهة بهذا لكن اللفظ هذا ليس له أصل وهكذا .

المتن:

 كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك , فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله فيكون مخلوقا كما إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السموات وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى

الشرح:

إذا أريد به نفس الجهة وأن الله داخل السماوات أو تحت العرش هذا باطل وإن أريد بالجهة شيء عدمي أو أمر عدمي وهو ما فوق العرش فهذا حق.

المتن:

 وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه

الشرح:

ما ورد في النصوص لا إثباته ولا نفيه وهو محدث مثل الجسم ما ورد لا نفيه ولا إثباته والحيز  ما ورد لا نفيه ولا إثباته والحد كذلك

مداخلة / غير واضحة

الجواب / إذا أراد المعنى الحق نقبل المعنى ونرد اللفظ وإذا أراد معنى باطل رددنا اللفظ والمعنى جميعاً

مداخلة /

الجواب / كذلك ليس من أسماء الله لكن جاء وسلطانه القديم لكن اصطنع أهل الكلام أنه قديم مقابل للمخلوق المحدث من باب الخبر وإلا فهو ليس من أسماء الله ، من أسماء الله الأول 

المتن:

ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك وقد علم أن ما ثم موجود  إلا الخالق والمخلوق والخالق مباين للمخلوق - سبحانه وتعالى –

الشرح:

مبين يعني منفصل عن المخلوقات ليس مختلط بها بل فوقها سبحانه بعد أن تنتهي المخلوقات التي أعلاها وسقفها عرش الرحمن والله تعالى فوق العرش

المتن:

والخالق مباين للمخلوق  سبحانه وتعالى ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ; ولا في ذاته شيء من مخلوقاته . فيقال لمن نفى الجهة : أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق ؟

الشرح:

هل المراد بالجهة ؟ العرش وأنه داخل العرش فهذا باطل هل المراد بالجهة السماء وما تحت السماء فهذا باطل .

هل المراد بالجهة أمر عدمي وهو ما فوق العرش فهذا حق ، فالله فوق العرش .

المتن:

فيقال لمن نفى أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق فالله ليس داخلا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم ؟ فلا ريب أن الله فوق العالم مباين للمخلوقات وكذلك يقال لمن قال الله في جهة : أتريد بذلك أن الله فوق العالم ؟ أو تريد أن الله داخل في شيء من المخلوقات ؟

الشرح:

إن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل

المتن:

فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل وكذلك لفظ التحيز : إن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات

الشرح:

 إذا قال إن الله متحيّز ، فنقول ما مرادك بـ متحيّز ؟ هل مرادك أنه تحوزه المخلوقات يعني تحيطه وتحيط به إحاطة الظرف بالمظروف كما يكون الإنسان في  المسجد تحيط به الجداران فهذا باطل وإن أردت أنه منحاز عنها منفصل عنها وفوقها بعد نهاية المخلوقات فهذا حق هذا محتمل الحق والباطل متحيز لا بد من التفصيل .

المتن:

وكذلك لفظ التحيز : إن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات فالله أعظم وأكبر ;

الشرح:

تحوزه يعني تحيط به وتحصره وتحيط به إحاطة الظرف بالمظروف

المتن:

فالله أعظم وأكبر ; بل قد وسع كرسيه السماوات والأرض وقد قال الله تعالى : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ . وقد ثبت في الصحاح عن النبي ﷺ أنه قال :  يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ وفي حديث آخر : وإنه ليدحوها كما يدحو الصبيان بالكرة 

الشرح:

إذا كان الله يقبض السماوات  بيده فكيف يُقال إن هناك شيء من المخلوقات تحيط به وتحصره ، السماوات العظيمة هذه كلها يطويها بيده ، وكما قيل بالحديث أن الله يجعل السماوات والأرض يوم القيامة على إصبع والأراضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والشجر على إصبع وسائر خلقه على إصبع ثم يهُزّهُنّ بيده فيقول أنا الملك فأين ملوك الأرض ، كيف يقال بعد هذا إن شيء من المخلوقات تحيط به وهذا من عظمته سبحانه وتعالى السماوات كلها على إصبع والأراضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والشجر على إصبع والجبال على إصبع  وسائر المخلوقات على إصبع كيف يقال إن شيء من المخلوقات تحيط به وتحصره وتحيط به إحاطة الظرف بالمظروف تعالى الله

المتن:

وفي حديث آخر : وإنه ليدحوها كما يدحو الصبيان بالكرة وفي حديث ابن عباس :  ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم 

الشرح:

سبحانه ما أعظم شأنه السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا  كخردلة والخردلة الحبة الصغيرة ، معلوم أن الإنسان إذا كان عنده حبة خردلة فهي لا تساوي شيء مسيطر عليها إن شاء قبضها وإن شاء جعلها تحته فإذا كانت نسبة السماوات السبع والأرضين السبع إلى عظمة الرحمن كالخردلة ، تعالى الله وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 

المتن:

وإن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات ; أي مباين لها منفصل عنها ليس حالا فيها : فهو سبحانه كما قال أئمة السنة

الشرح

يعني الحق وإن أراد  أنه منحاز عن المخلوقات منفصل  عنها ومباين لها فهذا حق .

المتن:

فهو سبحانه فهو سبحانه كما قال أئمة السنة فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه .

الشرح:

سبحانه لا إله إلا هو .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد