شعار الموقع

شرح كتاب العقيدة الواسطية للهراس_7

00:00
00:00
تحميل
89

 

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية:

المتن:

فَلاَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلاَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ، وَلاَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللهِ وآيَاتِهِ،

الشيخ:

هذا مذهب أهل السنة والجماعة، لا ينفون عن الله أسمائه وصفاته، ولا يحرفون، ولا يؤولون، بل يثبتونها على ما يليق بجلال الله وعظمته، إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها لله بلا تعطيل، لا يعطلون الصفة، ولا يمثلونها بصفة المخلوقين، ولا يكيفونها.

القارئ:

 وَلاَ يُكَيِّفُونَ وَلاَ يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ: لاَ سَمِيَّ لَهُ، وَلاَ كُفْءَ لَهُ، وَلاَ نِدَّ لهُ

الشيخ:

لا سمي: لا أحد يسميه ولا أحد يماثله، وليس له ند ولا نظير سبحانه وتعالى.

القارئ:

ولاَ يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهَ وَتَعَالَى، فَإنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَأَصْدَقُ قِيلاً، وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خَلْقِهِ.

الشيخ:

اقرأ الشرح.

القارئ:

وَقَدِ اختُلِفَ فِي إِعْرَابِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ عَلَى وُجُوهٍ؛ أصحُّها: أَنَّ الكافَ صلةٌ زيدَت لِلتَّأْكِيدِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَيْسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ ... خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الفَضَائِلِ

وَقَوْلُهُ: (فلَا يَنْفونَ عَنْهُ ... إلخ) تفريعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ فَإِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ فَلَا يَنْفُونَ وَلَا يحرِّفونَ، وَلَا يكيِّفون وَلَا يمثِّلُون.

الشيخ:

سبق الفرق بين التكييف والتمثيل، أن التكييف يقال صفات الله على كيفية (00:02:30)، والتمثيل تمثيل بصفات المخلوقين، التكييف أن يجعل لها كيفية، والتمثيل التمثيل بالمخلوقين، والله تعالى لا تُكيف صفاته ولا تُمثل.

القارئ:

وَالْمَوَاضِعُ: جَمْعُ مَوْضِعٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَعَانِي الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيلُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُتَبَادِرَةُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَهُمْ لَا يعدِلون بِهِ عَنْهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَلَا يُلْحِدون فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ)؛ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ القيِّم رَحِمَهُ اللَّهُ:

(وَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ هُوَ الْعُدُولُ بِهَا وَبِحَقَائِقِهَا وَمَعَانِيهَا عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهَا؛ مأخوذٌ مِنَ الْمَيْلِ؛ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَادَّةُ (ل ح د)،

الشيخ:

اللام والحا والدال تدل على الميل، ومنه اللحد الذي في القبر، سمي لحدا لأنه مائل عن سمت القبر الذي هو جهة القبلة، والإلحاد أنواع، معظم الإلحاد الكفر بالله عز وجل، وقد يكون إلحاده في صفات الله، قد يكون إلحاده في أسماء الله، والملحد يطلق على الجاحد المعطل والكافر، ويطلق على أيضا.. يطلق على الكافر، والملحد الجاحد، ويطلق على أيضا من عنده نوع من الإلحاد وعنده نوع من الميل.

الإلحاد أنواع، أعظم الإلحاد  قد ينقل الكلام عن ابن القيم رحمه الله في أنواع الإلحاد، وأن الإلحاد تعطيل الخالق عن مخلوقاته، تعطيل الخالق عن أسمائه، تعطيل الخالق عن صفاته.

والمعطلة أقسام:

الجهمية: ينفون الأسماء والصفات.

المعتزلة: أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات.

الأشاعرة: أثبتوا الأسماء وبعض الصفات.

والملاحدة الذين أنكروا الرب العظيم، الذي قامت (00:05:11) الأرض والسماوات، الملاحدة أقسام.

القارئ:

فَمِنْهُ اللَّحْدُ، وَهُوَ الشَّقُّ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ، الَّذِي قَدْ مَالَ عَنِ الْوَسَطِ، وَمِنْهُ المُلْحِد فِي الدِّينِ: الْمَائِلُ عَنِ الْحَقِّ، المُدْخِل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ) اهـ.

فَالْإِلْحَادُ فِيهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجَحْدِهَا وَإِنْكَارِهَا بالكليَّة،

الشيخ:

هذا كما يفعل ذلك الجهمية وغلاة الجهمية، ينكرون الأسماء والصفات، هذا جحد، جحد كامل للأسماء والصفات،  ومنهم من يجحد الصفات ويثبت الأسماء، كالمعتزلة.

القارئ:

فَالْإِلْحَادُ فِيهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجَحْدِهَا وَإِنْكَارِهَا بالكليَّة، وَإِمَّا بِجَحْدِ مَعَانِيهَا وَتَعْطِيلِهَا، وَإِمَّا بِتَحْرِيفِهَا عَنِ الصَّوَابِ وَإِخْرَاجِهَا عَنِ الْحَقِّ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ، وَإِمَّا بِجَعْلِهَا أَسْمَاءً لِبَعْضِ المُبتَدَعات؛

الشيخ:

المبتدعات: المخلوقات، بعضهم يقول هذه الأسماء والصفات أسماء لمخلوقاته وليست له، ومنهم من قال مخلوقة، ومنهم من أثبت الأسماء دون الصفات، ومنهم من أثبت (00:06:43) عن الصفات، كل هذا نوع من التعطيل.

القارئ:

كَإِلْحَادِ أَهْلِ الِاتِّحَادِ.

وَخُلَاصَةُ مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُؤْمِنُونَ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيمَانًا سَالِمًا مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ،

الشيخ:

معظم الإلحاد إلحاد الاتحادية، الذين أنكروا وجود الخالق وقالوا ليس هناك إلا وجود واحد، وجود الخالق هو وجود المخلوق نعوذ بالله، وجود الرب هو وجود العبد، هذا أعظم الإلحاد، والإلحاد يتفاوت نسأل الله السلامة والعافية. أعد.

القارئ:

وَخُلَاصَةُ مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُؤْمِنُونَ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيمَانًا سَالِمًا مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ، وَمِنَ التَّكْيِيفِ وَالتَّمْثِيلِ، وَيَجْعَلُونَ الْكَلَامَ فِي ذَاتِ الْبَارِي وَصِفَاتِهِ بَابًا وَاحِدًا؛ فَإِنَّ الكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فرعُ الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ،

الشيخ:

فرع الكلام في الذات، كما أن الله تعالى له ذات لا تشبه الذوات، فله صفات لا تشبه الصفات، لا تشبه صفات  المخلوقين.

القارئ:

يُحْتَذَى فِيهِ حَذْوُه، فَإِذَا كَانَ إِثْبَاتُ الذَّاتِ إثباتَ وجودٍ لَا إِثْبَاتَ تَكْيِيفٍ؛ فَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ. وَقَدْ يعبِّرون عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: (تُمَرُّ كَما جَاءَتْ بِلَا تَأْوِيلٍ)، ومَن لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُمْ؛ ظنَّ أَنَّ غَرَضَهُمْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ هُوَ قِرَاءَةُ اللَّفْظِ دُونَ التعرُّض لِلْمَعْنَى، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ الْمَنْفِيِّ هُنَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمَعْنَى وَكُنْهُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَا يوصَفُ اللَّهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، وَلَا يُتَجَاوَزُ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ).

وَقَالَ نُعيم بْنُ حمَّاد (شَيْخُ الْبُخَارِيِّ): (مَن شبَّه اللهَ بِخَلْقِهِ؛ كَفَرَ، ومَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ؛ كَفَرَ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ تشبيهٌ وَلَا تمثيلٌ).

الشيخ:

هذا نعيم بن حمّاد الخزاعي، شيخ البخاري، قال: "من شبه الله بخلقه كفر، ومن نفى ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسله كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله بذلك تشبيه أو تحريف.

القارئ:

وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ تشبيهٌ وَلَا تمثيلٌ).

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ ... إلخ)؛ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ إِخْبَارًا عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: (لَا يكيِّفون وَلَا يمثِّلون).

وَمَعْنَى: (لَا سميَّ لَهُ) أَيْ: لَا نَظِيرَ لَهُ يستحقُّ مِثْلَ اسْمِهِ، أَوْ لَا مسامِيَ لَهُ يُسَامِيهِ،

الشيخ:

قال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾[مريم:65]، أي مساميا يساميه.

القارئ:

أَوْ لَا مُسامِيَ لَهُ يُسَامِيهِ، وَقَدْ دلَّ عَلَى نَفْيِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾[مريم:65].

الشيخ:

هنا الاستفهام بمعنى النفي، والمعنى: ليس له سميّ، ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾[مريم:65]، ليس له سمي، وليس له مماثل سبحانه وتعالى، استفهام بمعنى النفي، أي لا مسامي له.

القارئ:

فَإِنَّ الِاسْتِفْهَامَ هُنَا إنكاريٌّ، مَعْنَاهُ النَّفْيُ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ السميِّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يسمَّى بِمِثْلِ أَسْمَائِهِ، فَإِنَّ هُنَاكَ أَسْمَاءً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، ولكنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ إِذَا سُمِّي اللَّهُ بِهَا؛ كَانَ مَعْنَاهَا مُخْتَصًّا بِهِ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ،

الشيخ:

لَا يَشْرَكُهُ؛ أسماء الله نوعان: أسماء مشتركة وأسماء خاصة، لا يُسمى (الله، الرحمن، رب العالمين، العزيز الحكيم، القابض الباسط، الخافض الرافع) كلها أسماء مشتركة (العزيز، الحي، الرؤوف، الرحيم)، هذه مشتركة، إذا سمي الله بها فله الكمال، وإدا سمي المخلوق فله ما يناسبه، إذا سمي الله بها فلا يشابه المخلوق، قالت امرأة العزيز، ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾[الروم:19]، الحي والعزيز والرؤوف والرحيم، هذه مشتركة، إذا سمي الله بها فله الكمال، وإذا سمي بها المخلوق فله ما يناسبه.

هناك أسماء خاصة بالله عز وجل: رب العالمين، خالق الخلق، مالك الملك، القابض الباسط، الخافض الرافع، النافع الضار، هذه أسماء خاصة بالله، ولذلك لا يسمى ملك الملوك أو حاكم الحكام أو سلطان السلاطين كما بوّب الإمام محمد بن عبد الوهاب: "إن أخنى اسم عندنا رجل يسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله".

قف على هذا، بارك الله فيك، وفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد