بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولوالدينا وللمسلمين.
قال الشيخ محمد بن خليل هراس في شرح العقيدة الواسطية:
المتن:
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ السميِّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يسمَّى بِمِثْلِ أَسْمَائِهِ، فَإِنَّ هُنَاكَ أَسْمَاءً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ،
الشيخ:
لا سمي له: الله تعالى لا سمي له يعني لا مثيل له، لا ند له، ولا سمي له، ولا مثل له، ليس له ند أي ليس له مماثل، وليس له سمي ليس له مسامي، قال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾[مريم:65]، ليس المراد (00:00:49) أنه لا يسمى، أنه ليس هناك أسماء مشتركة، لا، هناك أسماء مشتركة بين الخالق والمخلوق، لكن إذا سُمي الله تعالى بها فله الكمال، وإذا سُمي المخلوق فله ما يليق به، مثل (الحي)، الحي من أسماء الله، والمخلوق يسمى حيا، ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾[الروم:19]، و(الرؤوف والرحيم): ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحج:65]، وقال عن النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة:128]، أسماء مشتركة، و(العزيز)، و(الحكيم)، وغير ذلك من الأسماء، و (الرحيم)، هذه مشتركة، لكن الله تعالى له الكمال، والمخلوق له ما يناسبه.
هناك صفات خاصة لله لا يسمى بها إلا هو: (رب العالمين، خالق الخلق، النافع الضار، القابض الباسط، الخافض الرافع، الرحمن، الله) لا يسمى بها إلا هو سبحانه وتعالى.
القارئ:
ولكنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ إِذَا سمِّي اللَّهُ بِهَا؛ كَانَ مَعْنَاهَا مُخْتَصًّا بِهِ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَفْهُومِ الِاسْمِ الكلِّي، وَهَذَا لَا وُجُودَ لَهُ إلاَّ فِي الذِّهْنِ،
الشيخ:
الاشتراك في الاسم الكلي، وهذا لا وجود له في الصفات مثل اسم (عليم، خبير، سميع، بصير) هذا فيه اشتراك في الاسم الكلي، اسم كلي يعني الاسم العام الذي يتصوره الإنسان في ذهنه، مثلا العلم: عليم، هذا يشمل الخالق والمخلوق، لأن العلم ضد الجهل، حي: هذا ضد الموت في الخالق والمخلوق، هذا في الذهن، يشمل الخالق والمخلوق، ولكن إذا خُصص أو وُصف خرج عن كونه في الذهن إلى كائن في الخارج ويُزال الاشتراك.
الاشتراك يكون في الذهن، ومتى يكون؟
عند قطع الإضافة والاختصاص، ويزول الاشتراك إذا أضيف وخُصص، مثل أسماء الله وصفاته تكون موافقة لأسماء المخلوقين وصفاتهم، في الاسم العام الكلي، في الذهن: (علم، قدرة، سمع، بصر، حياة)، الحياة ضد الموت، وهذا في المخلوق، العلم ضد الجهل، القدرة ضد العجز، وهذا في المخلوق، وهذا متى يكون هذا الاشتراك؟ في الذهن. ومتى يزول هذا الاشتراك؟ إذا أضيف وخصص، (قدرة الخالق) زال الاشتراك، (قدرة المخلوق) زال الاشتراك، خرج من الذهن وزال الاشتراك، فإذا لم تضفه، إذا أتيت بالاسم العام ولم تضفه، جاء الاشتراك وصار ما انحبس في الذهن، إذا خصصت (00:04:04) خرج من الذهن وزال الاشتراك.
أين يكون الاشتراك؟
في الذهن.
ومتى؟
عند قطع الإضافة والاختصاص.
ومتى يزول؟
إذا أضيف وخصص، ويخرج من الذهن إلى الخارج.
القارئ: (00:04:33)
فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَفْهُومِ الِاسْمِ الكلِّي، وَهَذَا لَا وُجُودَ لَهُ إلاَّ فِي الذِّهْنِ، وَأَمَّا فِي الْخَارِجِ؛ فَلَا يَكُونُ الْمَعْنَى إِلَّا جُزْئِيًّا مُخْتَصًّا، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ، فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى الرَّبِّ؛ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ، لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْعَبْدُ،
الشيخ:
قال: علم الرب، قدرة الرب، خلاص، صار خاصا بالرب، قدرة المخلوق، علم المخلوق، صار خاصا بالمخلوق.
القارئ:
وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى الْعَبْدِ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الرَّبُّ.
وَأَمَّا الْكُفْءُ؛ فَهُوَ الْمُكَافِئُ الْمُسَاوِي،
الشيخ:
لا ند له، لا مساوي له، ولا كفؤ له، لم يكن له كفوا أحد، نعم، وأما الكفؤ..
القارئ:
وَأَمَّا الْكُفْءُ؛ فَهُوَ الْمُكَافِئُ الْمُسَاوِي، وَقَدْ دلَّ عَلَى نَفْيِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[الإخلاص:4].
الشيخ:
أي ليسله مساوي ولا مماثل.
القارئ:
وَأَمَّا النِّدُّ؛ فَمَعْنَاهُ الْمُسَاوِي الْمُنَاوِئُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:22].
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((ولاَ يُقاسُ بِخَلْقِهِ)) ؛ فَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شيءٍ مِنَ الْأَقْيِسَةِ الَّتِي تَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ وَالْمُسَاوَاةَ بَيْنَ المَقِيس والمَقِيس عليه في الشؤون الْإِلَهِيَّةِ.
الشيخ:
لا يقاس بخلقه، يعني لا يقاس سبحانه وتعالى بشيء من الأقيسة مع الخلق، لأنه سبحانه وتعالى منفرد لا مثيل له، فلا يدخل مع خلقه في الأقيسة.
القارئ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((ولاَ يُقاسُ بِخَلْقِهِ)) ؛ فَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شيءٍ مِنَ الْأَقْيِسَةِ الَّتِي تَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ وَالْمُسَاوَاةَ بَيْنَ المَقِيس والمَقِيس عليه في الشؤون الْإِلَهِيَّةِ.
الشيخ:
مثلا الأقيسة عند الفقهاء جاء حديث عبادة، ذكر أن الربا يكون في ستة أشياء: الذهب، والفضة، والبر، والتمر والشعير، والملح، «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد»، هذه الستة: الذهب والبر والفضة والشعير والتمر والملح يجري فيها الربا بالاتفاق بنص الحديث، ذهب الظاهرية إلى أنه لا يقاس عليها غيرها، وذهب الجمهور إلى أنه يقاس عليها غيرها، فقالوا: الذهب والفضة هذه ثمنية، يقاس عليها كل ما كان ثمنا للأشياء، فقال مالك: لو اتخذ الناس الجلود ثمنا لكان لها (00:07:39)، الآن يستخدم الناس الورق، أقل من الجلود.
وكذلك الأربعة: (البر والشعير والتمر والملح) اتفق الجمهور على أنه يقاس عليها غيرها، مثلا الأرز ما نص عليه، لكن البر نص عليه، يأتي الفقيه ويقول: الأرز كالبر في جريان الربا فيهما، يعني كما أن البر يجري فيه الربا، نقيس عليه الأرز، في أي شيء؟
في العلة، اختلفوا في العلة:
الحنابلة والأحناف قالوا: العلة الوزن والكيل، في كل منهما موزون أو مكيل.
والشافعية يقولون: العلة الطُّعم، كل منهما مطعوم.
والمالكية يقولون: كل منها يُدّخر.
فيأتي الثلاثة فيقولون: الأرز كالبر في جريان الربا في كل منهما، ذكر (00:08:45) قال الجامع الكيل والوزن، (00:08:48) قال الجامع الطعم، إذا كان مالك قال الجامع الادخار.
والأقرب أنه الأمرين: الطعم والادخار.
من قال الوزن والكيل أدخل الرصاص والحديد وغير ذلك.
المقصود أنه هذا قياس يعني، والله تعالى ما يُجعل قياسا يقاس بخلقه كالأقيسة، يُجعل اصل يُقاس له ويجعل فرع يقاس عليه، هو لا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى.
القارئ:
وَذَلِكَ مِثْلُ قِيَاسِ التَّمْثِيلِ الَّذِي يعرِّفه عُلَمَاءُ الْأُصُولِ بِأَنَّهُ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ فِي حكمٍ جَامِعٍ؛
الشيخ:
نعم، مثل هذا، هذا قياس التمثيل، إلحاق فرع (كالأرز) بأصل (البر)، الجامع هو الطعم، الحكم فيه تحريم الربا، جريان الربا فيه، هذا يسمى قياس تمثيل، إلحاق الفرع بالأصل في الحكم وهو تحريم الربا في كل منهما، وجريان الربا فيهما، والعلة يستنبطها الفقيه، العلة الطعم أو الادخار أو الوزن والكيل.
القارئ:
وَذَلِكَ مِثْلُ قِيَاسِ التَّمْثِيلِ الَّذِي يعرِّفه عُلَمَاءُ الْأُصُولِ بِأَنَّهُ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ فِي حكمٍ جَامِعٍ؛ كَإِلْحَاقِ النَّبِيذِ بِالْخَمْرِ فِي الْحُرْمَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، وَهِيَ الْإِسْكَارُ.
الشيخ:
النبيذ عصير العنب خاصة، الأحناف يرون أن الخمر لا يكون إلا من النبيذ (عصير العنب)، وغيرهم يرى أنه عام، (00:10:38) وذكر منها من العسل والعنب والتمر، وتون من كل شيء، من التفاح (00:10:49)، فيأتي الفقيه يقول: إن النبيذ كالخمر، من التمر مثلا أو من غيره، الجامع الإسكار، فكل منه مسكر، يحرم عصير النبيذ ويحرم عصير غيره لأن العلة الجامعة بينهما الإسكار. المؤلف رحمه الله توسع في هذا في مسألة القياس.
القارئ:
كَإِلْحَاقِ النَّبِيذِ بِالْخَمْرِ فِي الْحُرْمَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، وَهِيَ الْإِسْكَارُ.
فَقِيَاسُ التَّمْثِيلِ مبنيٌّ عَلَى وُجُودِ مُمَاثَلَةٍ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ،
الشيخ:
النبيذ مماثل للخمر، والأرز مماثل للبر، والله تعالى لا يماثل أحدا من خلقه.
القارئ:
فَقِيَاسُ التَّمْثِيلِ مبنيٌّ عَلَى وُجُودِ مُمَاثَلَةٍ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ، وَاللَّهُ عَزَّ وجلَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يمثَّل بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ.
وَمِثْلُ قِيَاسِ الشُّمُولِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ بِأَنَّهُ الِاسْتِدْلَالُ بكليٍّ عَلَى جزئيٍّ بِوَاسِطَةِ انْدِرَاجِ ذَلِكَ الْجُزْئِيِّ مَعَ غَيْرِهِ تَحْتَ هَذَا الكُلِّي.
فَهَذَا الْقِيَاسُ مبنيٌّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَفْرَادِ المُنْدَرِجة تَحْتَ هَذَا الكُلِّي،
الشيخ:
قياس الشمول كل مسكر هو خمر، وكل خمر حرام، جميع أنواع المسكرات، أفراد المسكرات، كل عصير سواء من التمر.. في زمنهم كانت الخمور من التمر، من العنب، من البر، من الشعير، من التفاح، ومن غيرها، هذه الأفراد لا يمكن أن يكون الله تعالى يجعل داخلا فيها معها، يكون مقيس بنفس الشمول، الشمول يشمل أفرادا، ولا يكون الرب واحدا من هذه الأفراد التي تحت هذا القياس، هذا قياس الشمول، ويسمى عند المناطقة، وقياس التمثيل عند الفقهاء.
القارئ:
وَمِثْلُ قِيَاسِ الشُّمُولِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ
الشيخ:
المناطقة: يعني أهل المنطق. مثل أرسطو وابن سينا والفارابي، فلاسفة اليونان وغيرهم.
القارئ:
الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ بِأَنَّهُ الِاسْتِدْلَالُ بكليٍّ عَلَى جزئيٍّ بِوَاسِطَةِ انْدِرَاجِ ذَلِكَ الْجُزْئِيِّ مَعَ غَيْرِهِ تَحْتَ هَذَا الكُلِّي.
فَهَذَا الْقِيَاسُ مبنيٌّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَفْرَادِ المُنْدَرِجة تَحْتَ هَذَا الكُلِّي،
الشيخ:
كله كذلك، كل جميع أفراد المسكرات كذلك، تستوي هذه الأفراد، والله تعالى لا يساوي أحدا بخلقه، لا يكون مثل خلقه.
القارئ:
وَلِذَلِكَ يُحكَم عَلَى كُلٍّ مِنْهَا بِمَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ. ومعلومٌ أَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيْنَ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ. وَإِنَّمَا يُستعمل فِي حَقِّهِ تَعَالَى قِيَاسُ الأوْلى، وَمَضْمُونُهُ أَنَّ كلَّ كَمَالٍ ثَبَتَ لِلْمَخْلُوقِ ..
الشيخ:
يُستعمل فِي حَقِّهِ تَعَالَى قِيَاسُ الأوْلى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾[النحل:60]، الوصف الكامل، كل كمال ثبت للمخلوق لا نقص بوجه من الوجوه فالخالق أولى به، وكل نقص تنزه عنه المخلوق فالخالق أولى بأن يتنزه عنه، مثلا من الكمال الملائكة صمت، لا يأكلون ولا يشربون، هذا كمال، الله أولى بهذا الكمال، كذلك النقص (عدم الأكل والشرب) هذا نقص، الملائكة سلمت من هذا النقص، فالله أولى بالتنزه عن هذا النقص.
ولهذا لما عبدت النصارى المسيح وأمه، بيّن الله، قال إنه لا يصلح للإلهية: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) ﴾[المائدة:73-74]، ثم قال: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ﴾[المائدة:75]، من يأكل الطعام يصلح للإلهية؟ محتاج إلى غيره، ﴿كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ﴾، يأكل الطعام محتاج، الخالق قائم بنفسه، ليس بحاجة، كامل، ومن يحتاج إلى طعام إذا فقد الطعام مات، فالله تعالى يستدل على عدم ألوهية عيسى وأنه لا يصلح للألوهية وأمه بأنهما كانا يأكلان الطعام.
القارئ:
فَهَذَا الْقِيَاسُ مبنيٌّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَفْرَادِ المُنْدَرِجة تَحْتَ هَذَا الكُلِّي، وَلِذَلِكَ يُحكَم عَلَى كُلٍّ مِنْهَا بِمَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ. ومعلومٌ أَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيْنَ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا يُستعمل فِي حَقِّهِ تَعَالَى قِيَاسُ الأوْلى، وَمَضْمُونُهُ أَنَّ كلَّ كَمَالٍ ثَبَتَ لِلْمَخْلُوقِ وَأَمْكَنَ أَنْ يتَّصف بِهِ الْخَالِقُ؛ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِ،
الشيخ:
إلا إذا كان فيه نقص، مثل الولد، المخلوق الذي يولد له أكمل من المخلوق الذي لا يولد له، لكن هذا لا يليق بالخالق.
القارئ:
وكلَّ نقصٍ تَنَزَّهَ عَنْهُ الْمَخْلُوقُ؛ فَالْخَالِقُ أَحَقُّ بالتنزُّه عَنْهُ.
الشيخ:
هذا هو المثل الأعلى، كل كمال ثبت للمخلوق لا نقص من وجه من الوجوه، فالخالق أولى به، كل نقص تنزه عنه المخلوق فالخالق أولى به.
هذا المثل الأعلى، قال: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[النحل:60]، هذا وصف كامل.
القارئ:
وَكَذَلِكَ قَاعِدَةُ الْكَمَالِ الَّتِي تَقُولُ: إِنَّهُ إِذَا قُدِّر اثْنَانِ:
الشيخ:
قف على قاعدة الكمال، وفق الله الجميع.