شعار الموقع

شرح كتاب العقيدة الواسطية للهراس_10

00:00
00:00
تحميل
86

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية:

المتن:

وَلِهَذَا قَالَ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. فَسَبَّحَ نَفْسَهُ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ، وَسَلَّمَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ؛ لِسَلاَمَةِ مَا قَالُوهُ مِنَ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيما وَصَفَ وَسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ بينَ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ.

الشيخ:

سبّح: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ نزه نفسه سبحانه عما يصفه المفترون والمشركون، وحمد نفسه لأنه مستحق للحمد بما له من الصفات وبديع المخلوقات وبديع النعم، وحمد نفسه، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والإثم والبهتان: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. نعم.

المتن

قَوْلُهُ: "وَلِهَذَا قَالَ ... إِلَخْ"؛ تعليلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَكْمَلَ صِدْقًا، وأتمُّ بَيَانًا وَنُصْحًا، وَأَبْعَدَ عَنِ الْعُيُوبِ وَالْآفَاتِ مِنْ كَلَامِ كُلِّ أَحَدٍ.

وَ (سُبْحَانَ) اسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ التَّسْبِيحِ، الَّذِي هُوَ التَّنْزِيهُ وَالْإِبْعَادُ عَنِ السُّوءِ، وَأَصْلُهُ مِنَ السَّبْحِ، الَّذِي هُوَ السُّرْعَةُ وَالِانْطِلَاقُ وَالْإِبْعَادُ، وَمِنْهُ فرسٌ سَبُوحٌ؛

الشيخ

سبوح: يعني سريع في الجري والعدو، نعم.

المتن

إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةَ الْعَدْوِ. وَإِضَافَةُ الرَّبِّ إِلَى الْعِزَّةِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الرَّبِّ قَبْلَهُ.

الشيخ

إضافة الموصوف إلى صفته: رب العزة؛ ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، العزة وصفه سبحانه وتعالى، نعم، وإضافة ماذا؟

المتن

وَإِضَافَةُ الرَّبِّ إِلَى الْعِزَّةِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الرَّبِّ قَبْلَهُ.

الشيخ:

الله تعالى الرب، وهو الموصوف، والصفة العزة، أضاف الموصوف وهو (الرب) إلى الصفة وهي (العزة)، هذا ربك رب العزة، العزة من صفاته سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8].

المتن

فَهُوَ سُبْحَانَهُ ينزِّه نَفْسَهُ عَمَّا يَنْسُبُهُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنَ اتِّخَاذِ الصَّاحبة وَالْوَلَدِ، وَعَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ، ثُمَّ يسلِّم عَلَى رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِبْعَادُهُ عَنْ كُلِّ شَائِبَةِ نَقْصٍ وَعَيْبٍ، فَيَجِبُ اعْتِقَادُ سَلَامَةِ الرُّسُلِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ كَذَلِكَ، فَلَا يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ، وَلَا يُشْرِكُونَ بِهِ، وَلَا يغشُّون أُمَمَهُمْ، وَلَا يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.

الشيخ: أعد (فَيَجِبُ اعْتِقَادُ ...)

المتن

فَيَجِبُ اعْتِقَادُ سَلَامَةِ الرُّسُلِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ

الشيخ:

لأنهم معصومون عليهم الصلاة والسلام، معصومون عن الكلام السيء وعما ينافي العصمة، معصومون من الكبائر، معصومون من الشرك ومعصومون من الكبائر، ومعصومون عن الخطأ فيما يبلغون عن الله عز وجل، أما الصغائر فقد تحصل الصغائر منهم.

هذا بعد النبوة، أما قبل النبوة فقد يقع، مثل موسى قتل القبطي هذا قبل النبوة.

المتن:

فَيَجِبُ اعْتِقَادُ سَلَامَةِ الرُّسُلِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ كَذَلِكَ، فَلَا يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ، وَلَا يُشْرِكُونَ بِهِ، وَلَا يغشُّون أُمَمَهُمْ، وَلَا يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.

قَوْلُهُ: (والحمدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)؛ ثناءٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ على نفسه بما له مِنْ نُعُوتِ الْكَمَالِ، وَأَوْصَافِ الْجَلَالِ، وَحَمِيدِ الْفِعَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الْحَمْدِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.

الشيخ:

هو الثناء على المحمود بصفتاته الاختيارية مع حبه وإجلاله وتعظيمه.

المتن:

لَمّا بيَّن فِيمَا سَبَقَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَصِفُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُلُّهُ إِثْبَاتًا وَلَا كُلُّهُ نَفْيًا؛ نبَّه عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ ... إِلَخْ)، وَاعْلَمْ أنَّ كُلًّا مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مجملٌ ومفصَّلٌ.

أَمَّا الْإِجْمَالُ فِي النَّفْيِ؛ فَهُوَ أَنْ يُنفَى عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كلُّ مَا يضادُّ كَمَالَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:11]،

الشيخ:

هذا في الغالب، الغالب أن يكون الإجمال في النفي، والتفصيل في الإثبات، فالنقائص تُنفى عن الله إجمالا: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى:11]، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[الإخلاص:4]، ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾[البقرة:22]، ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾[النحل:74]، فهي نفي مجمل، أما الإثبات فالإثبات يكون مفصلا، كل صفة (00:06:48) على حدة، صفة العلم، صفة القدرة، صفة السمع، اسم العليم، اسم السميع البصير (00:06:53) الحكيم، هذه هي طريقة القرآن والسنة.

وأما أهل البدع فإنهم .. وإذا جاء النفي مفصلا فهو للرد على أهل البدع، كنفي الولد، أما أهل البدع فإنهم بالعكس، ينفون نفيا مفصلا، ويثبتون إثباتا مجملا، فلا يثبتون إلا إجمالا، يقولون: لله الكمال (00:07:16)، لكن نفي العيوب يفصلونه، ليس له كذا وليس له كذا، وليس بذي جثة، وليس له طعم ولا لون.. إلى آخر التفصيلات التي يفصلونها، وهذا مع كونه مخالف لنص الكتاب والسنة وفيه تنقص للرب سبحانه وتعالى، فإن النقائص تنفى إجمالا ولا تنفى تفصيلا، ولله المثل الأعلى، لو وقف إنسان بي يدي ملك أو رئيس أو أمير وجعل ينفي العيوب، قال: أيها الأمير أو أيها الملك لست بزبال ولا كساح ولا كناس.. لعاقبه، بل قتله؛ هو صادق أم ليس صادق؟

أيها الأمير لست بكناس ولا كذا، ولا تعمل في الحمامات، ولا تعمل كذا، هذا نفي، وهو نفي صحيح، لكنه غير مناسب، النقائص لا تنفى تفصيلا وإنما تنفى إجمالا، فأهل البدع سلكوا هذا المسلك، ينفون نفيا مفصلا، وأهل السنة سلكوا طريقة القرآن، ينفون النقائص والعيوب نفيا مجملا، ويثبتون الأسماء والصفات (00:08:32)، قف على هذا، وصلى الله على محمد، سبحانك اللهم وبحمدك..

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد