بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه، ولنا وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين.
المتن:
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- في (العقيدة الواسطية): وقوله –تبارك وتعالى-: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾[الطور:48]، وقوله –جل وعلا-: ﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾[القمر:13، 14]، وقوله -تعالى-: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾[طه:39].
قال الشيخ محمد بن خليل هراس –رحمه الله تعالى-: وقَوْلُهُ: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾[الطور:48] إلى آخر الآية؛ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ يُثْبِتُ اللَّهُ –سُبْحَانَهُ- لِنَفْسِهِ عَيْنًا يَرَى بِهَا جَمِيعَ الْمَرْئِيَّاتِ، وَهِيَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، فَلَا يَقْتَضِي إِثْبَاتُهَا كَوْنَهَا جَارِحَةً مُركَّبة مِنْ شَحْمٍ وَعَصَبٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَتَفْسِيرُ المعطِّلة لَهَا بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ نفيٌ وتعطيلٌ.
الشيخ:
ولا يثبتها كونها جارحة، (00:01:43)، كل هذا مما ينبغي تركه، ما يقال: جارحة، ولا غير جارحة، كل هذا؛ كلمة جارحة هذه كلها من البدع، يسمونها جارحة. نعم.
وهذا إثبات جنس العين، ولكن الدليل على إثبات العين لله حديث الدجال، وهو حديث صحيح: «إن الدجال أعور العين اليمنى، وإن ربكم ليس بأعور»؛ الحديث جاء فيه إثبات أن لله عينين سليمتين، الدجال له عين، والأعور الذي ليس له إلا عين واحدة، والله -تعالى- له عينان سليمتان.
أما هذه الآيات فيها إثبات جنس العين، وأن الله -تعالى- يرى؛ مثل قوله -تعالى- في اليد: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾[الملك:1]؛ إثبات جنس اليد، والآيات التي فيها إثبات اليدين: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة:64]، ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[ص:75]، لله يدين.
فـالمراد من الآيات إثبات جنس العين، ولا يقال: جارحة، ولا غير جارحة. نعم.
المتن:
وَأَمَّا إِفْرَادُهَا فِي بَعْضِ النُّصُوصِ وَجَمْعُهَا فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى نَفْيِهَا؛ فَإِنَّ لُغَةَ الْعَرَبِ تَتَّسِعُ لِذَلِكَ، فَقَدْ يعبَّر فِيهَا عَنِ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَيَقُومُ فِيهَا الْوَاحِدُ مَقَامَ الِاثْنَيْنِ كَمَا قدَّمنا فِي الْيَدَيْنِ.
عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْعَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرُوهَا إِلَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَهُ عَيْنٌ حَقِيقِيَّةٌ.
فَهَلْ يُرِيدُ هَؤُلَاءِ المعطَّلة أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ يتمدَّح بِمَا لَيْسَ فِيهِ، فَيُثْبِتُ لِنَفْسِهِ عَيْنًا وَهُوَ عاطلٌ عَنْهَا؟! وَهَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ رُؤْيَتَهُ لِلْأَشْيَاءِ لَا تَقَعُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ بِهَا؛ بَلْ هُوَ يَرَاهَا بِذَاتِهِ كُلِّهَا -كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ-: إِنَّهُ قَادِرٌ بِذَاتِهِ، مُرِيدٌ بِذَاتِهِ إلى آخره.
وَفِي الْآيَةِ الْأُولَى يَأْمُرُ اللَّهُ نبيَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالصَّبْرِ لِحُكْمِهِ، وَالِاحْتِمَالِ لِمَا يَلْقَاهُ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ، ويعلِّل ذَلِكَ الْأَمْرَ بِأَنَّهُ بِمَرْأى مِنْهُ، وَفِي كِلَاءَتِهِ وَحِفْظِهِ.
وَفِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ يُخْبِرُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْ نبيِّه نوحٍ –عَلَيْهِ الصلاة السَّلَامُ- أَنَّهُ لَمَّا كذَّبه قَوْمُهُ، وحقَّت عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ؛ حَمَلَهُ هُوَ ومَن مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَفِينَةٍ ذَاتِ ألواحٍ عَظِيمَةٍ مِنَ خشب ودُسُرٍ؛ أَيْ: مَسَامِيرَ، جَمْعُ دِسَار، تُشَدُّ بِهَا الْأَلْوَاحُ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تَجْرِي بِعَيْنِ اللَّهِ -سبحانه- وَحِرَاسَتِهِ.
وَفِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ خطابٌ مِنَ اللَّهِ لنبيِّه مُوسَى –عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَامُ- بِأَنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهِ محبَّةً مِنْهُ؛ يَعْنِي: أَحَبَّهُ هُوَ –سُبْحَانَهُ-، وحبَّبه إِلَى خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ صَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ، وربَّاه تَرْبِيَةً اسْتَعَدَّ بِهَا لِلْقِيَامِ بِمَا حَمَّلَهُ مِنْ رِسَالَةٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ.
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-: وقوله -سبحانه-.
الشيخ:
نراجع كلام الشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد، شرحه في التحقيق أحسن من هذا، عندك في الشرح؟ (التنبيهات السَّنية على العقيدة الواسطية).
الطالب: نأتي بها أحسن الله إليك؟
الشيخ: نعم.