بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه، ولنا ولوالدينا، وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا يا رب العالمين.
المتن:
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- في (العقيدة الواسطية): وقوله –تبارك وتعالى-: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾[النساء:149]، وقوله –سبحانه-: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور:22].
الشيخ: أعد الآية.
الطالب: ما قبله؟ أحسن الله إليك.
الشيخ: الآية الأولى.
المتن:
قال الله –عز وجل-: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾[النساء:149].
الشيخ:
نعم، إثبات العفوّ، والقدير، من أسماء الله: العفوّ والقدير، صفة العفو، وصفة القدرة، اسمان من أسماء الله؛ عبد العفوّ، وعبد القدير. صفة العفو، وصفة القدرة، نعم.
المتن:
وقال –سبحانه وتعالى-: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور:22].
الشيخ:
اسمان آخران: غفور ورحيم، إثبات صفة المغفرة والرحمة، أربعة أسماء، وأربع صفات. نعم.
المتن:
قال الشيخ محمد بن خليل هراس –رحمه الله تعالى-: وقوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾[النساء:149] الآية؛ هَذِهِ الْآيَاتُ تضمَّنت إِثْبَاتَ صِفَاتِ الْعَفْوِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَالْعِزَّةِ وَالتَّبَارُكِ، وَالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
فالعَفُوُّ الَّذِي هُوَ اسْمُهُ –تَعَالَى-؛ مَعْنَاهُ: الْمُتَجَاوِزُ عَنْ عُقُوبَةِ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ تَابُوا إِلَيْهِ وَأَنَابُوا؛ كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾[الشورى:25].
وَلَمَّا كَانَ أَكْمَلُ الْعَفْوِ هُوَ مَا كَانَ عَنْ قُدْرَةٍ تامَّة عَلَى الِانْتِقَامِ وَالْمُؤَاخَذَةِ جَاءَ هَذَانِ الِاسْمَانِ الْكَرِيمَانِ: العَفُوُّ وَالْقَدِيرُ مُقْتَرِنَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي غَيْرِهَا.
وَأَمَّا الْقُدْرَةُ؛ فَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي تتعلَّق بِالْمُمْكِنَاتِ إِيجَادًا وَإِعْدَامًا، فكلُّ مَا كَانَ وَوَقَعَ مِنَ الْكَائِنَاتِ وَاقِعٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.
الشيخ: ماذا؟ أعد.
المتن:
فالعَفُوُّ الَّذِي هُوَ اسْمُهُ –سبحانه وتَعَالَى-؛ مَعْنَاهُ: الْمُتَجَاوِزُ عَنْ عُقُوبَةِ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ تَابُوا إِلَيْهِ وَأَنَابُوا.
الشيخ:
نعم، العفوّ: المتجاوز عن عقوبة عباده إذا تابوا وأنابوا إليه، فإن الله -تعالى- يعفو عنهم، ولو شاء لعاقبهم، ولكنه يعفو -سبحانه- ويسمح، ويتجاوز ويصفح إذا تابوا وأنابوا إليه. نعم.
الطالب: أحسن الله إليك، (00:03:16)؟
الشيخ: هذا صحيح؛ لعموم قوله -تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48]؛ عام؛ الذنوب تحت المعاصي، إذا تاب العبد منها فالعفو محقَّق، يتوب الله على من تاب توبة نصوحًا، وإذا لم يتب فهو تحت المشيئة؛ إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عاقبه وعذَّبه، فإذا عفا الله عنه طَهُر بالعفو، وإذا لم يعف الله عنه فلا بد أن يُطهَّر بالنار إذا كان من أهل الكبائر، وقد يُشفع فيه قبل دخول النار، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48]، نعم.
الطالب: (00:04:13)؟
الشيخ: سيأتي الكلام، نعم.
المتن:
فالعَفُوُّ الَّذِي هُوَ اسْمُهُ –تَعَالَى-؛ مَعْنَاهُ: الْمُتَجَاوِزُ عَنْ عُقُوبَةِ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ تَابُوا إِلَيْهِ وَأَنَابُوا؛ كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾[الشورى:25].
وَلَمَّا كَانَ أَكْمَلُ الْعَفْوِ هُوَ مَا كَانَ عَنْ قُدْرَةٍ تامَّة عَلَى الِانْتِقَامِ وَالْمُؤَاخَذَةِ جَاءَ هَذَانِ الِاسْمَانِ الْكَرِيمَانِ: العَفُوُّ وَالْقَدِيرُ مُقْتَرِنَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي غَيْرِهَا.
وَأَمَّا الْقُدْرَةُ؛ فَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي تتعلَّق بِالْمُمْكِنَاتِ إِيجَادًا وَإِعْدَامًا، فكلُّ مَا كَانَ وَوَقَعَ مِنَ الْكَائِنَاتِ وَاقِعٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «مَا شَاءَ اللَّهُ كانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ».
وَأَمَّا قَوْلُهُ –تَعَالَى-: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾[النور:22] الْآيَةَ؛ فَقَدْ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، وَكَانَ ممَّن خَاضُوا فِي الْإِفْكِ، وَكَانَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتَ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ –رضي الله عنه-، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ –رضي الله عنه-: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. وَوَصَلَ مِسْطَحًا.
الطالب: أحسن الله إليك، قوله: (00:05:55) ألا يلحق به؟
الشيخ: متناقض في نفسه، مستحيل كالجمع بين النقيضين، ليس شيئًا، لا يسمَّى شيئًا، كل ما يسمى شيئًا فالله قادر عليه. وأما ماذا؟ أعد.
المتن:
وَأَمَّا الْقُدْرَةُ؛ فَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي تتعلَّق بِالْمُمْكِنَاتِ إِيجَادًا وَإِعْدَامًا، فكلُّ مَا كَانَ وَوَقَعَ مِنَ الْكَائِنَاتِ وَاقِعٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «مَا شَاءَ اللَّهُ كانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ».
الشيخ:
تقييده (بالممكنات)، وكان الأفضل لو قال: بالموجودات. كل موجود؛ فالله قادر عليه، كل شيء كما قُيِّد في الأول: كل شيء؛ فالله قادر عليه؛ تتعلق بالأشياء، بما يسمَّى شيء، الله على كل شيء قدير، تعبير الممكنات فيه. نعم.
المتن:
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-: وقوله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8]، وقوله عن إبليس: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾[ص:82].
قال الشيخ محمد –رحمه الله تعالى-: وأما قوله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8].
الشيخ: ماذا؟ أعد. (وأما قوله) ماذا؟
المتن:
وَأَمَّا قَوْلُهُ –تَعَالَى-: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾[النور:22] الْآيَةَ؛ فَقَدْ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، وَكَانَ ممَّن خَاضُوا فِي الْإِفْكِ.
الشيخ: وكان ابن خالة أبي بكر، ابن خالته، وممن شهد بدرًا، فهو قريب وفقير، وكان أبو بكر –رضي الله عنه- يُنفق عليه؛ لفقره وقرابته، ولكنه ابتُلي فخاض ممن خاض في الإفك، وجُلد؛ طهَّره الله. حلف أبو بكر –رضي الله عنه- أن يقطع عنه النفقة التي يُنفقها عليه بعدما تكلم في الإفك، فالله -تعالى- أنزل هذه الآية: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾[النور:22]، ﴿وَلا يَأْتَلِ﴾[النور:22]؛ لا يحلف، ﴿أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾[النور:22]؛ أبو بكر.
قال: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾[النور:22]؛ هذا وصف مسطح: قريب ومسكين ومهاجر.
﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور:22]، فقال أبو بكر لما سمع هذه الآية: بلى، وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فرجَّع النفقة إلى مسطح؛ أعادها عليه.
﴿وَلا يَأْتَلِ﴾[النور:22]؛ ولا يحلف، ﴿أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾[النور:22]؛ من الأغنياء –رضي الله عنه-، من أهل الفضل والسعة أبو بكر –رضي الله عنه-؛ من أغنياء الصحابة.
﴿أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى﴾[النور:22]، ﴿أَنْ يُؤْتُوا﴾[النور:22]؛ يعني النفقة، ﴿أُوْلِي الْقُرْبَى﴾[النور:22]؛ القريب؛ مسطح، ﴿أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾[النور:22]؛ هذا وصف مسطح: قريب ومسكين ومهاجر.
﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ﴾[النور:22]، فأبو بكر –رضي الله عنه- بادر، وقال: بلى، وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فأعاد النفقة، وقال: لا أنزعها منه أبدًا، -رضي الله عنه وأرضاه-. نعم.
المتن:
وَأَمَّا قَوْلُهُ –تَعَالَى-: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾[النور:22] الْآيَةَ؛ فَقَدْ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، وَكَانَ ممَّن خَاضُوا فِي الْإِفْكِ.
وَكَانَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتَ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ –رضي الله عنه-، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. وَوَصَلَ مِسْطَحًا.
الشيخ:
في لفظ الحديث إنه قال: بلى، وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. هذا اللفظ الذي جاء عن أبي بكر، قال: بلى، وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فرجَّع النفقة، نعم.
المتن:
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-: وقوله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8].
الشيخ: بارك الله فيكم.
الطالب: أحسن الله إليك.
الشيخ: وفَّق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.