بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه، ولنا ولوالدينا، وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزدنا علمًا يا رب العالمين.
المتن:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في (العقيدة الواسطية): وقوله -سبحانه-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8]، وقوله عن إبليس: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾[ص:82].
قال الشيخ محمد بن خليل هراس –رحمه الله تعالى-: وَأَمَّا قَوْلُهُ –تَعَالَى-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8]؛ فَقَدْ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيِّ بْنِ سَلُولَ رَئِيسِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ قَدْ أَقْسَمَ ليخرجنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ وَأَصْحَابَهُ مِنَ المدينة.
الشيخ:
كما قال الله عنهم أنهم ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾[المنافقون:8]، قال الله ردًّا عليهم: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾[المنافقون:8]. نعم.
المتن:
فنزل قوله –تَعَالَى-: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾[المنافقون:8]؛ يَقْصِدُ بِالْأَعَزِّ -قبَّحه اللَّهُ- نَفْسَهُ وَأَصْحَابَهُ، وَيَقْصِدُ بِالْأَذَلِّ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَدَّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾[المنافقون:8].
الشيخ:
وكان له ابن اسمه عبد الله؛ على اسمه؛ عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ؛ من خيار المؤمنين، ومن أصلحهم، ولما قال ذلك، وأتى أبوه ليدخل المدينة وقف عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ، وقال: والله لا تدخل حتى تكون أنت الأذل، ورسول الله هو الأعز. –رضي الله عنه-.
وجاء ما يدل على أنه قال للنبي: يا رسول الله، إن أردتَّ قتله فمرني أنا. قال: «نُبقيه»، أو «نستبقيه»، أو «نستصلحه»، أو كما قال. يُراجع هذا.
المقصود أن له ابن من خيار المؤمنين اسمه عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ، فلا بأس أن يسمِّي الإنسان على نفسه، لكن الخوف من الاشتباه، وإلا فلا بأس، كان عبد الله بن عمر له ابنان؛ أحدهما عبد الله، والثاني عبيد الله. نعم.
الطالب: يمنعون الآن التسمية على الأب إلا أن يكون ميت فقط، في التسجيل؛ يمنعون أن يسجِّل الرجل ابنه عليه.
الشيخ: خوفًا من الاشتباه لا سيما في هذا الزمن وإلا جائز، لكن في الأمور سابقًا؛ كانت الأمور سهلة مبسطة، ما تعقدت الأمور مثل الآن، الله المستعان. نعم.
المتن:
والعزَّة صفةٌ أثبتها لله -عَزَّ وَجَلَّ- لِنَفْسِهِ؛ قَالَ –تَعَالَى-: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[الجاثية:37]، قَالَ الله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾[الأحزاب:25].
وَأَقْسَمَ الله بِهَا –سُبْحَانَهُ-؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: «وعزَّتي وكِبْريائي وَعَظَمَتِي؛ لأُخرجنَّ مِنْهَا مَن قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ».
وَأَخْبَرَ عَنْ إِبْلِيسَ أَنَّهُ قَالَ: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾[ص:82، 83].
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-.
الشيخ:
العزَّة صفة من صفات الله -تعالى-؛ ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8]، (وَأَخْبَرَ عَنْ إِبْلِيسَ أَنَّهُ قَالَ: ﴿فَبِعِزَّتِكَ﴾[ص:82])؛ هذا قَسَم، والله -تعالى- أخبر، قال: «وعزَّتي وجلالي لأُخرجنَّ مِنْهَا مَن قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ».
وفي حديث أبي هريرة؛ ذكر قصة الرجل الذي هو آخر أهل النار خروجًا، وآخر أهل الجنة دخولًا أنه قال: «وعزَّتك لا أسألك غيرها»؛ أقسم بالعزة، هذا هو الشاهد. نعم.
الطالب: الكبرياء. أحسن الله إليك. اسم أم صفة؟
الشيخ: نعم؟ نعم؟
الطالب: العزة والكبرياء؛ اسم أم صفة؟
الشيخ: صفة، العزة والكبرياء لله –عز وجل-، ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[الجاثية:37]، نعم.
المتن:
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-: «بَيْنَمَا أيُّوب -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ ربُّه: يَا أيُّوب، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى؛ وعزَّتك، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ».
الشيخ:
والحديث صحيح، رواه البخاري في الصحيح، وهذا من آيات الله؛ «خرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ»؛ جعل يحثو، «فَنَادَاهُ ربُّه»؛ هذا نداء خاص لأيوب: «أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى؛ وعزَّتك، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ». وهذا من البَركة، والشاهد: «قَالَ: بَلَى؛ وعزَّتك». نعم.
المتن:
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ الَّذِي علَّمه النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ كَانَ بِهِ وَجَعٌ: «أَعُوذُ بعزَّة اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شرِّ مَا أَجِدُ وأُحاذر».
وَالْعِزَّةُ تَأْتِي بِمَعْنَى الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ؛ مِنْ عزَّ يعُزُّ -بِضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ-.
الشيخ:
الحديث في الصحيح في قصة الرجل الذي هو آخر أهل النار خروجًا، وآخر أهل الجنة دخولًا أنه تُرفع له شجرة بعد الشجرة، فيأخذ الله عليه المواثيق ألا يسأل غيرها، فيقول: «وعزَّتك لا أسألك غيرها»، فقَسم بالعزة، ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾[ص:82]، أخبر الله عن إبليس أنه أقسم بعزة الله، وأقرَّه على ذلك، ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ﴾[المنافقون:8]، «وعزَّتي وجلالي»، قال: «وعزَّتك». (وَالْعِزَّةُ)، نعم.
المتن:
وَالْعِزَّةُ تَأْتِي بِمَعْنَى الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ؛ مِنْ عزَّ يعُزُّ -بِضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ-، يُقَالُ: عزَّه إِذَا غَلَبَهُ. وَتَأْتِي بِمَعْنَى الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ؛ مِنْ عزَّ يعَزُّ –بِفَتْحِهَا-، وَمِنْهُ أَرْضٌ عَزَازٌ؛ لِلصَّلْبَةِ الشَّدِيدَةِ.
الشيخ:
عز يعُزُّ بمعنى القوة والغلبة، وعز يعَزُّ بمعنى ماذا؟ القوة والصلابة. (وَتَأْتِي)، أعد، (وَتَأْتِي بِمَعْنَى).
المتن:
وَتَأْتِي بِمَعْنَى الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ؛ مِنْ عزَّ يعَزُّ –بِفَتْحِهَا-، وَمِنْهُ أَرْضٌ عَزَازٌ؛ لِلصَّلْبَةِ الشَّدِيدَةِ. وَتَأْتِي بِمَعْنَى علوِّ الْقَدْرِ، وَالِامْتِنَاعِ عَنِ الْأَعْدَاءِ؛ مِنْ عزَّ يَعِزُّ -بِكَسْرِهَا-. وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا ثَابِتَةٌ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
الشيخ:
وله الغلبة، وله القوة –سبحانه وتعالى-، وله الامتناع؛ يمتنع على غيره أن يصيبه بشيء، أو أن يناله شيء من خلْقه. نعم.
ماذا؟ ذكر ثلاثة.
الطالب: (تَأْتِي بِمَعْنَى الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ).
الشيخ: نعم، من حيث العموم، بمعنى القوة والصلابة، لكن بالنسبة لله بمعنى القوة والغلبة، وبمعنى ماذا؟ والأخير: يعِزُّ بمعنى ماذا؟ القدر.
الطالب: التي قبلها يا شيخ: (القوة والصلابة). ثم قال الأخيرة –أحسن الله إليك-.
الشيخ: نعم.
المتن:
وَتَأْتِي بِمَعْنَى علوِّ الْقَدْرِ، وَالِامْتِنَاعِ عَنِ الْأَعْدَاءِ.
الشيخ:
نعم، (علوِّ الْقَدْرِ، وَالِامْتِنَاعِ عَنِ الْأَعْدَاءِ)؛ لا ينال منه أحد؛ لا يضره أحد من خلقه، علو القدر، والامتناع، والقوة والغلبة، وتأتي من جهة اللغة بمعنى ماذا؟
الطالب: من القوة والصلابة.
الشيخ: من القوة والصلابة؛ هذا من معانيه في اللغة، لكن بالنسبة لله؛ يوصَف –سبحانه وتعالى- بصفة الامتناع والغلبة. نعم.
المتن:
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-: وقوله -تعالى-: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾[الرحمن:78].
الشيخ: بارك الله فيكم، وفَّق الله الجميع لطاعته.
الطالب: أحسن الله إليك.