المتن:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
والفناء يراد به ثلاثة أمور أحدها وهو الفناء الديني الشرعي الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو أن يفنى عما ما لم يأمر الله به بفعل ما أمر الله به فيفنى عن عبادة غيره بعبادته وعن طاعة غيره بطاعته وطاعة رسوله وعن التوكل على غيره بالتوكل عليه وعن محبة ما سواه بمحبته ومحبة رسوله وعن خوف غيره بخوفه بحيث لا يتبع العبد هواه بغير هدى من الله وبحيث يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما كما قال تعالى قُلۡ إِن كَانَ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ وَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ وَأَزۡوَ ٰجُكُمۡ وَعَشِیرَتُكُمۡ وَأَمۡوَ ٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةࣱ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَاۤ أَحَبَّ إِلَیۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادࣲ فِی سَبِیلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ فهذا كله هو مما أمر الله به ورسوله وأما الفناء الثاني وهو الذي يذكره بعض الصوفية وهو أن يفنى عن شهود ما سوى الله تعالى فيفنى بمعبوده عن عبادته وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته بحيث قد يغيب عن شهود نفسه وما سوى الله فهذا حال الناقص قد يعرض لبعض السالكين وليس هو من لوازم طريق الله ولهذا لم يعرض مثل هذا للنبي ﷺ والسابقين الأولين ومن جعل هذا نهاية السالكين فهو ضال ضلالا مبينا وكذلك من جعله من لوازم طريق الله فهو مخطئ بل هو من عوارض طريق الله التي تعرض لبعض الناس دون بعض ليس هو من اللوازم التي تحصل لكل سالك وأما الثالث فهو الفناء عن وجود السوى بحيث يرى أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق وأن الوجود واحد بالعين فهذا قول أهل الإلحاد والاتحاد الذين هم من أضل العباد.
الشرح:
الفناء في اللغة والصرف فني يفنى فناء إذا اضمحل وتلاشى وعدم فناء أصل الفناء فني يفنى فناء اضمحل وتلاشى وعدم كأن تفني الدقيق في الماء تأتي بدقيق وتصبه على الماء وتفني أفنيت مادة في مادة أفنيت الدقيق في الماء أين الدقيق؟؟ ذهب صار شيئا واحد صار ماء من جملة الماء فالفناء إذا اضمحل وعدم وتلاشى ويطلق أيضا الفناء على من؟؟ على من ذهبت قوته وصفته وإن بقي أصله فإذا ذهبت قوة الشيء وصفته وبقي أصله يسمى فناء كقول الفقهاء لا يقتل في المعركة شيخ فان يعني ضعيف ذهبت صفاته وقوته قال تعالى كُلُّ مَنۡ عَلَیۡهَا فَانࣲ أي ذاهب ومضمحل وأما الفناء في اصطلاح الصوفية فهو ثلاثة أنواع يطلق على ثلاثة أمور الفناء عن مراد السوى والفناء عن شهود السوى والفناء عن وجود السوى الفناء عند الصوفين ينقسم إلى ثلاثة أقسام القسم الأول الفناء عن مراد السوى والثاني عن شهود السوى والثالث الفناء عن وجود السوى فالأول الفناء عن مراد السوى هذا فناء الأبرار والمتقين ومعنى هذا الفناء أن يقدم مراد الله على مراد النفس سمي فناء لأن الإنسان يلغي مراد نفسه لمراد الله عز وجل فيقدم محبة الله ومحبة رسوله على محبة نفسه وهواه يقدم طاعة الله وطاعة رسوله على طاعة غيره ومن ثمرات هذا الفناء ألا يحب إلا في الله ولا يبغض إلا في الله ولا يوالي إلا في الله ولا يعادي إلا في الله ولا يرجو إلا الله ولا يخاف إلا الله ولا يتوكل إلا على الله ولا يسعد إلا بالله هذا فناء الأبرار والمتقين سمي فناء في مقابلة النوعين الآخرين معنى فنى يعني تقديم ، تقديم الشيء على شيء تقدم مراد الله على مرادك تقدم ،تقدم محبة الله على محبة نفسك تقدم مراد الله على ما تهواه أنت فمعنى الفناء هنا التقديم تقديم ما يريد الله على ما تريده أنت وعلى ما تشتهيه نفسك والثاني الفناء عن شهود السوى وهو أن يفنى عن شهود ما سوى الله السوى يعني سوى الله أن يفنى عن شهود ما سوى الله وهذا هو الذي عليه الصوفية المتوسطون وهو الذي بنى عليه أبو إسماعيل الهروي كتابه منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين هو الذي شرحه ابن القيم في كتابه مدارج السالكين شرح منازل السائرين وأبو إسماعيل الهروي سمى كتابه منازل السائرين يعني يسيرون إلى الله بين إياك نعبد وإياك نستعين لكن مشى على طريقة الصوفية وغلب عليه الفناء والجبر فعطل العبادة الفناء عن شهود السوى هو أن يفنى عن شهود ما سوى الله بمعنى أنه يلغي ما سوى الله من الشهود لا ينكر ما سوى الله لكن يلغيه من الشهود يتناساه حتى لا يشوش عليه شهوده فهو يوحد شهوده إلى الله فلا ينظر إلا إلى الله ولا ينظر إلى السماوات ولا إلى الأرضين ولا إلى الآدميين ولا إلى الحيوانات ولا إلى الأزهار ولا إلى الأشجار تشوش عليه يزعم أنه تشهوه عليه شهوده فيلغيها ما كأنها موجودة ما ينكرها لكنه يلغيها من الشهود ولا يلغيها من الوجود ولهذا يقول هو هذا النوع من الفناء هو تجريد شهود الحقيقة الكونية والغيبة عن شهود الكائنات تجريد شهود الحقيقة الكونية والغيبة عن شهود الكائنات ، الكائنات المخلوقات تغيب عنها تغيب عنها يعني تنساها ،تنساها ولا تنظر إليها ما كأنها موجودة تنظر إلى الله فقط يقول أحدهم أنا ما أستطيع أن أنظر إلى السماوات وأرضين وشمس وقمر وآدميين تشوش علي فأنا أوحد شهودي فلا أشهد إلا الله حتى لا يتشتت ذهني فأنا ما أنظر إلا إلى الله ما كأن موجود إلا الله حتى نفسه ينساها وقد يقوى شهود القلب بالمحبوب حتى يفنى به ويظن أنه اتحد به وامتزج به حتى يظن أنه هو من شدة الشهود من شدة شهود القلب للمحبوب قد يقوى شهود القلب للمحبوب فيفنى فيه حتى يظن أنه اتحد منه وامتزج به حتى يظن أنه هو ومن ذلك أن محبوبا ألقى نفسه في اليم في البحر فألقى المحب نفسه خلفه فعتب عليه فقال ما الذي ألقاك فقال غبت بك عني فظننت أنك أني كأنه مغناطيس اجتذبه هذه حال ناقصة في هذه الحالة يضعف التمييز بل يفقد التمييز فيصير ليس عنده شعور ومن ذلك ما روي عن أبي يزيد البصطاني أنه لما غلب عليه الشهود في شهوده لله نفض جبته وقال ما في الجبة إلا الله نعوذ بالله هذا يقول الشرح رحمه الله شيخ الإسلام لو قال هذا وعنده تمييز فلا شك أنه كافر لكن يحمل هذا على أنه ما عنده تمييز سقط تمييزه ما عنه شعور فهذه حال ناقصة حال ضعف كما قال المؤلف رحمه الله لا تعلم حال جميع السالكين وإنما شيئا يعرض بعض السالكين ، السالكين العابدين وواحد سالك عند الصوفين يسمون العابد سالك ليس على كل العابدين بل على بعضهم بسبب نقصهم وضعفهم وضعف تمييزهم وهي حال ناقصة ومن زعم أن حاله كاملا فقد ضل ضلالا مبينا كما ذكر المؤلف رحمه الله ولا شك أن شهود العبد لربه وشهوده لنفسه وتمييزه يشهد نفسه بأنه عبد مربوب مخلوق وأنه مكلف ويشهد ربه بأنه معبود ويشهد نفسه أنه معبد وأنه عبد لله ويشهد لربه بأنه سبحانه وتعالى معبود بالحق وأنه ليرى الحق ويشهد المخلوقات والسماوات والأرض على أنها مسخرة وأن الله خلقها لحكمة هذا هو الكمال أما أن يلغي نفسه يلغيها من الشهود ولا يشهدها ولا يشهد نفسه هذا ضعف ونقص عظيم ومن قال إن هذا طريق سليم فقد ضل ضلالا مبينا النوع الثالث من الفناء ، الفناء عن وجود السوى وهو أن يفنى عن وجود من سوى الله بمعنى أنه ينكر ما سوى الله ويدعي أنه ليس في الوجود إلا الله فيقول الوجود واحد فوجود الخالق هو وجود المخلوق ووجود المخلوق هو وجود الخالق ووجود العبد هو وجود الرب ووجود الرب هو وجود العبد فالعبد هو الرب والرب هو العبد والخالق هو المخلوق والمخلوق هو الخالق نعوذ بالله هذا فناء الملاحدة والزنادقة الذين هم أكفر الخلق الذين قالوا إن الوجود واحد ورئيسهم ابن العربي الطائي الذي يقول ما سمى موجود إلا الله ويقول الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من الكلف التبس عليه الأمر ما يدري من هو المكلف يقول الرب هو العبد والعبد هو الرب أيهما المكلف الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف إن قلت عبد فذاك بيت أو قلت رب أنى يكلف ما يدري أيهم يقول إن قلت الرب فالرب لا يكلف وإن قلت عبد فهذا عبد بيت ويقول رب مالك وعبد هالك وأنتم ذلك والعبد فقط والكثرة وهن ويقول سر حيث شئت فإن الله ثم وقل ما شئت فالواسع هو الله سر حيث شئت فكل ما تراه هو الله السماوات والأرض يقول هذه مظاهر ليتجلى الحق والأسماء والصفات له هذا إلحاد وزندقة نعوذ بالله التبس على هؤلاء القوم لم يفرقوا بين الواحد من نوع وواحد بالعين كما ذكر المؤلف قال لم يفرقوا بين الواحد بالنوع والواحد بالعين قالوا الوجود واحد بالعين الوجود واحد وجود الله هو وجود الخالق ووجود المخلوق هو وجود المخلوق العين واحدة المؤلف رحمه الله يقول الواحد ينقسم إلى قسمين واحد بالعين وواحد بالنوع وهؤلاء التبس عليهم الأمر فلم يفرقوا بين الواحد بالنوع والواحد بالعين الواحد بالنوع هو الذي يقبل التنويع والتقسيم هذا يقبل واحد بالنوع مثل البر يعني الواحد بالنوع هو الذي يقبل التنويع والقسيم وهو الجنس الذي يكون تحته أنواع مثل البر ، البر عنده أجناس البر أنواع بر كذا بر من البلد الفلاني وبر من البلد الفلاني ومن الذرة وغير الذرة ونوع من البر يأتي من القصيم بر يأتي من الخليج وبر يأتي من الغرب هذه أنواع كل واحد كله يسمى بر يسمى بر هذا جنس لكن تحته أنواع كل واحد له نوع مستقل هذا غير هذا ومثل التمر هذا واحد من نوع يتنوع التمر واحد من نوع يتنوع إلى أنواع في تمر إخلاص تمر سكري تمر صقعي تمر خضري وتمر نبتة السيف هذه كلها أنواع فهذا واحد من نوع وهو الذي يقبل التنويع والتقسيم أما الواحد بالعين فهو الذي لا يقبل التنويع والتقسيم مثل السكري مثلا نوع واحد ما يقسم مثل نبتة السيف هذا نوع واحد ما يقال أنه أنواع فهؤلاء التبس عليهم الأمر فلم يفرقوا بين الواحد من النوع والواحد من العين فالوجود واحد من نوع الوجود ينقسم إلى قسمين يتنوع إلى نوعين وجود واجب وهو وجود الله وهو واجب الوجود لذاته لا يجوز عليه الحدوث والعدم ووجود ممكن وهو وجود المخلوق فهذا واحد من نوع الوجود واحد من نوع يتنوع الوجود إلى وجود الله ووجود المخلوق وجود الله وجود كمال وهو واجب الوجود لذاته لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم والثاني وجود ممكن وهو وجود المخلوق الذي يجوز عليه الحدوث والعدم فهذا واحد من نوع مثل البر أنواع ومثل التمر أنواع التبس عليهم الأمر فلم يفرقوا بين الواحد من نوع وبين الواحد بالعين فقالوا الوجود واحد بالعين عينه واحدة عين الخالق هي عين المخلوق ما يتنوع وهذا من الالتباس الوجود يتنوع إلى وجود واجب وهو جود الله ووجود ممكن وهو وجود المخلوق هم قالوا لا الوجود التبس على أهل وحدة الوجود هذا فناء عن وجود السوى بمعنى أنه ينكر ما سوى الله فيقول ليس في الوجود إلا الله وكل ما تراه هو الله هذه مظاهر لتجلي الحق والله بزعمهم هو الوجود المطلق في الذهن وهو الذي تلبسه المحدثات وتخلعه تعالى الله عما يقولون وهذا أعظم الكفر وأغلظ الكفر نعوذ بالله ورئيسهم ابن العربي وابن سبعين وابن الفارض وغيرهم من الملاحدة ومن الزنادقة .
المتن:
قال رحمه الله تعالى والفناء يراد به ثلاثة أمور أحدها وهو الفناء الديني الشرعي الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو أن يفنى عما لم يأمر الله به .
الشرح:
يعنى سمى فناء في مقابلة الأمرين فنى يعني يلغي ، يلغي الشيء الذي لم يأمر به يلغيه ويتركه ويأخذ ما أمر الله به .
المتن:
هو أن يفنى عما لم يأمر الله به بفعل ما أمر الله به فيفنى عن عبادة غيره بعبادته .
الشرح:
فيفنى عن عبادة غير الله بعبادته بمعنى أنه يلغي عبادة غير الله ويكتفي بعبادة الله هذا معناه يفنى عن عبادة غير الله بعبادة الله بمعنى أنه يلغي ويبطل عبادة غير الله ويوحد الله ويخلص له العبادة.
المتن ..
فيفنى عن عبادة غيره بعبادته وعن طاعة غيره بطاعته وطاعة رسوله .
الشرح ..
يعني يلغي طاعة غير الله اكتفاء بطاعة الله وطاعة رسوله ويقدم طاعة الله على طاعة رسوله هذا الفناء .
المتن:
وعن التوكل على غيره بالتوكل عليه .
الشرح:
يعني يقدم التوكل على الله على التوكل على غيره .
المتن:
وعن محبة ما سواه بمحبته ومحبة رسوله .
الشرح:
يعني يلغي محبة ما سوى الله ويقدم عليها محبة الله ومحبة رسوله.
المتن:
وعن خوف غيره بخوفه .
الشرح:
كذلك يقدم خوف الله على خوف غيره .
المتن:
بحيث لا يتبع العبد هواه بغير هدى من الله .
الشرح:
بل يتبع شرع الله .
المتن:
وبحيث يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .
الشرح ..
لأنه قدم محبة الله ومحبة رسوله على محبة كل الأشياء على جميع الأشياء .
المتن:
كما قال تعالى قُلۡ إِن كَانَ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ وَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ وَأَزۡوَ ٰجُكُمۡ وَعَشِیرَتُكُمۡ وَأَمۡوَ ٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةࣱ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَاۤ أَحَبَّ إِلَیۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادࣲ فِی سَبِیلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ
الشرح ..
توعد الله من قدم شيئا من الأصناف الثمانية على محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله بهذا الوعيد قال تربصوا حتى يأتي الله بأمره يعني انتظروا ماذا يحل بكم من عقوبة الله ثم قال في آخر الآية والله لا يهدي القوم الفاسقين حكم عليهم بالفسق فمن قدم محبة شيء من الأصناف الثمانية وهي الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن على محبة الله ورسوله وجهاد في سبيله فهو فاسق متعرض لوعيد الله وسخطه .
المتن:
فهذا كله هو مما أمر الله به ورسوله .
الشرح:
هذا الفناء الديني الشرعي تسميته فناء في مقابل النوعين الأولين والمعنى أنه يقدم محبة الله ومحبة رسوله وطاعة رسوله والتوكل عليه ورجاءه وخوفه على ما سواه.
المتن:
وأما الفناء الثاني وهو الذي يذكره بعض الصوفية وهو أن يفنى عن شهود ما سوى الله تعالى .
الشرح:
يفنى عن الشهود يعني عن المشاهدة يلغي ما سوى الله ن المشاهدة يوحد شهوده كأن ما ينظر إلا إلى الله ويتنسى ما سوى الله من المخلوقات حتى لاتشوش عليه فكرة وتشتت عليه بزعمه.
المتن:
وهو الذي يذكره بعض الصوفية وهو أن يفنى عن شهود ما سوى الله تعالى فيفنى بمعبوده عن عبادته .
الشرح:
يفنى بمعبوده عن عبادته يعني يكتفي بالنظر إلى الله عن العبادة فيترك العبادة يترك العبادة اكتفاء بالنظر إلى المعبود يفنى بالمعبود عن العبادة يعني يلغي العبادة اكتفاء بالنظر إلى المعبود هذا لا شك أنه نقص.
المتن:
وبمذكوره عن ذكره .
الشرح ..
يلغي ذكر الله اكتفاء بالمذكرو اكتفاء بالله بالنظر إلى الله فلا يذكر الله .
المتن:
وبمعروفه عن معرفته .
الشرح:
كذلك يلغي معرفة الله اكتفاء بمعروفه بمعروف هو الله هذا لا شك أنه معناه يؤدي إلى ترك العبادة وهذا ترك العبادة ترك عبادة الله.
المتن:
بحيث قد يغيب عن شهود نفسه وبما سوى الله .
الشرح:
يعني ما سوى الله من المخلوقات والأرضين والسماوات والأرضين حتى نفسه يغيب عنها اكتفاء بالنظر إلى الله ينساها يغيب ما كأنه موجود حتى نفسه ما يدري عنها ما يدري عن نفسه ولا عن من حوله اكتفاء غيبوبة مثل الإنسان الذي حصل له غيبوبة بالسكر أو بالإغماء أو بالنوم غائب عن نفسه وعن المخلوقات اكتفاء بالنظر إلى الله حتى لا تشوش عليه نسأل الله السلامة والعافية .
المتن:
فهذا حال ناقص.
الشرح:
لا شك الحال الناقص يؤدي إلى ترك العبادة نعوذ بالله ويؤدي إلى الكفر والظلال وهو وسيلة إلى الوصول إلى النوع الثالث وهو فناء الملاحدة .
المتن:
فهذا حال الناقص قد يعرض لبعض السالكين .
الشرح:
بعض السالكين من الصوفية يعرض لهم مثل هذا المؤمنون الذين ثبتهم الله جعل عندهم ثبات فلم يحصل ما حصل للصحابة رضوان الله عليهم لكن حصل لبعض التابعين لبعض المتأخرين عباد أهل الكوفة حصل لهم شيء من هذا التصوف لكن الصحابة أثبت رزقهم الله الثبات والعلم والإيمان واليقين ولم يحصلوا بشيء من هذا.
المتن:
فهذا حال ناقص قد يعرض لبعض السالكين وليس هو من لوازم طريق الله .
الشرح:
ما هو لازم لكل من سلك طريق إلى الله يحصل له هذا لكن يحصل بعض الضعفاء البصيرة وضعيف القلب يحصل له مثل هذا .
المتن:
ولهذا لم يعرض مثل هذا للنبي ﷺ والسابقين الأولين
الشرح:
ما عرض للنبي ولا عرض للصحابة ما عندهم غيبوبة ولا فناء.
المتن:
ومن جعل هذا نهاية السالكين فهو ضال ضلالا مبينا .
الشرح ..
بعض الصوفيين يقولون هذا أفضل حال وهذه النهاية وهذا الكمال هذا ضال لا شك ومخالف لما عليه النبي وعليه الصحابة.
المتن:
وكذلك من جعله من لوازم طريق الله فهو مخطئ.
الشرح:
يعني كل من سلك الطريق إلى الله يحصل له مثل هذا هذا باطل لا شك .
المتن:
بل هو من عوارض طريق الله التي تعرض لبعض الناس دون بعض ليس هو من اللوازم التي تحصل لكل سالك .
الشرح:
بعض الناس عنده ضعف ضعف شعور ضعف قلب ضعف إيمان أيضا وأما الثالث فهو الفناء عن وجود السوى .
الشرح:
السوى يعني ما سوى الله الفناء عن مراد السوى الفناء عن شهود السوى الفناء عن وجود السوى يعني ما سوى الله الفناء عن وجود السوى يعني معنى أنه الله هذا فناء ينكر ما سوى الله هذا معناه يقول ليس في الوجود إلا الله نعوذ بالله هذا فناء الملاحدة والزنادقة فناء أهل وحدة الوجود أهل الاتحاد والإلحاد لأنهم أكفر خلق الله .
المتن:
وأما الثالث فهو الفناء عن وجود السوى بحيث يرى أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق وأن الوجود واحد بالعين .
الشرح:
واحد بالعين سبق مثل ما سبق الواحد بالعين غير الواحد بالنوع الواحد بالنوع هو الذي يتنوع وينقسم والواحد بالعين هو الواحد الذي لا ينقسم ما ينقسم مثل الإنسان الإنسان يتنوع محمد وعلي و بكر لكن محمد نفسه ما يتنوع ما يصير إنسانين هذا واحد بالعين محمد أنت محمد أنت واحد بالعين لكن إنسان هذا واحد من نوع هذا إنسان وأنت إنسان تنوع فهم ما فرقوا بين الواحد من نوع والواحد بالعين .
المتن:
فهذا قول أهل الإلحاد والاتحاد الذين هم من أضل العباد وأما مخالفتهم لضرورة العقل والقياس فإن الواحد من هؤلاء لا يمكنه أن يطرد قوله فإنه إذا كان مشاهدا للقدر من غير تمييز بين المأمور والمحظور فعومل بموجب ذلك.
المتن:
فإن الواحد من هؤلاء لا يمكنه أن يطرد قوله فإنه إذا كان مشاهدا للقدر من غير تمييز بين المأمور والمحظور فعومل بموجب ذلك مثل أن يضرب ويجاع حتى يبتلى بعظيم الأوصاب والأوجاع فإن لام من فعل ذلك به وعابه فقد نقض قوله وخرج عن أصل مذهبه وقيل له هذا الذي فعله مقضي مقدور فخلق الله وقدره ومشيئته متناول لك وله وهو يعمكما فإن كان القدر حجة لك فهو حجة لهذا وإلا فليس بحجة لا لك ولا له فقد تبن بضرورة العقل فساد قول من ينظر إلى القدر ويعرض عن الأمر والنهي .
الشرح:
قال المؤلف من نظر إلى القدر وعظم الفناء ونظر إلى القيومية الشاملة والربوبية العامة وأعرض عن الأمر والنهي فإنه لا يفرق بين الهدى والضلال ولا بين الحق والباطل ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ولا بين أهل الجنة وأهل النار وسبق بدرس الأمس قبل هذا بين المؤلف رحمه الله أن هذا أن من نظر إلى القدر وعظم الفناء ونظر إلى القيومية الشاملة والربوبية العامة فهذا يلتبس عليه الأمر ولا يفرق بين الحق والباطل وهذا مخالف قال إنه مخالف لضرورة الحس والذوق كما أنه مخالف لضرورة ما جاء في كتب الله وأنبيائه ورسله ودينه وشرعه وهو مخالف لضرورة الحس والعقل وهنا بين أنه مخالف لضرورة العقل والقياس فهذا مخالف للضرورة لكتب الله ومخالف لدين الله ومخالف لما عليه الرسل لأن الكتب الإلهية والرسل التي أنزلها الله فيها الفرق بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال وبين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان وهؤلاء لا يفرقون بينهما ينظرون إلى الحقيقة الكونية وإلى الربوبية العامة وإلى القيومية الشاملة وأن كل شيء في هذا الوجود خلقه الله وأوجده ونفذ فيه قدرة الله ومشيئته فقط ولا ينظرون إلى الشرع ولا إلى الأوامر والنواهي إذا ما في فرق بين المؤمن والكافر ولا بين الحق والباطل فهذا النظر إلى القدر وتعظيم الفناء والإعراض عن الأمر والنهي مخالف لكتب الله ومخالف لشرع الله ومخالف لدين الله ومخالف أيضا لضرورة الحس والذوق وبين المؤلف أنه مخالف لضرورة الحس والذوق وذلك أن الإنسان يلتذ بأشياء ويتألم من أشياء فيصيبه الجوع ويصيبه العطش ويصيبه الحر والبرد فهو يأكل ويشرب يعلم أن الأكل يدفع الجوع والشرب يدفع الظمأ ويستدفئ ويعلم أن اللباس يدفع عنه البرد فإذا هو يشعر بما ينفعه وما يضره يفرق بين ما يضره وما ينفعه وهذا هو الحقيقة الدينية الشرعية فتبين من هذا أنه مخالف لضرورة الذوق والحس وهنا بين المؤلف هنا أيضا أنه مخالف لضرورة العقل والقياس وبيان ذلك أنه لا يطرد قوله فيما زعم بأنه لا يفرق بين هذا وهذا لا يطرد قوله بل يوافق هواه كما قيل أنت عند الطاعة قدري وعند المعصية جبري أي مذهب يوافق هواك تمذهبت به فلو جاء إنسان لهذا الشخص وضربه وآلمه وقطع يده وأخذ ماله وأفسد أهله إما أن يطالب بحقوقه ويدافع عن نفسه أو لا فإن طالب عن حقوقه ودافع عن نفسه أبطل مذهبه فيقال له هذا الذي اعتدى عليك وأخذ مالك وضربك مقدر عليك هذا مقدر فإن كان القدر حجة لك فهو حجة لهذا هو يحتج بالقدر يقول مقدر ومقدر أني أضربك وآخذ مالك وأوذيك أنت ما تفرق الآن ما تنظر إلى الشرع ما تنظر إلا إلى القدر فإن كان القدر حجة لك فهو حجة لهذا الإنسان وإن طالبت بحقك وقلت لا أنا أطالب بحقي ليس له أن يعتدي علي تركت مذهبك بطل احتجاجك بالقدر فتبين بهذا أن من يحتج بالقدر وينظر إلى ويعظم الفناء ويعرض عن الأمر والشرع مخالف لضرورة العقل والقياس كما أنه مخالف لضرورة الحس والذوق وكما أنه مخالف لكتب الله ورسله ودينه. سبق بالأمس مخالفتهم لكتب الله وشرعه ومخالفتهم للذوق والحس وهنا يبين مخالفتهم للعقل والقياس,
المتن:
قال وأما مخالفتهم لضرورة العقل والقياس فإن الواحد من هؤلاء لا يمكنه أن يطرد قوله.
الشرح:
لا يستند على قوله هو يقول أنا ما أنظر إلى للقدر كل شيء مقدر خلاص كل شيء مقدر المعصية مقدرة والطاعة مقدرة ما ينظر إلى الشرع وكل شيء يحصلك من هذا مقدر ولا أنظر إلا للقدر لو جاء إنسان وضربه واعتدى عليه وأخذ ماله يطالب وإلا ما يطالب؟؟ إن طالب معناه ترك قوله ولكنه في الطاعة والمعاصي يحتج بالقدر لكن في أمور الدنيا ما يحتج بالقدر ما يمكن أن يسكت الإنسان يأخذ ماله ما يسكت يطالب بماله فإذا جاء أحد يضربه يدافع عن نفسه ولا يقول هذا مقدر.
المتن:
فإن الواحد من هؤلاء لا يمكنه أن يطرد قوله فإنه إذا كان مشاهدا للقدر من غير تمييز بين المأمور والمحظور.
الشرح:
لهذا شاهد القدر لا يميز بين ما أمر الله به وما نهى عنه لأنه ما يعمل بالشرع ما ينظر إلا للقدر معرض عن الشرع وعن الأمر والنهي .
المتن:
فعومل بموجب ذلك مثل أن يضرب ويجاع حتى يبتلى بعظيم الأوصاب والأوجاع .
الشرح:
بموجب ، بموجب الثمرة فعومل بموجب استدلاله يقول أنا ما أنظر إلا للقدر أنا أحتج بالقدر فإذا جاء إنسان وضربه هل يسكت؟؟ لأن الذي ضربه يقول هذا مقدر اسكت تقول أنت أنا أحتج بالقدر ولا تنظر للشرع الشرع هو الذي يعطيك حقك يقول من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه أنت ما تعمل بالشرع تنظر إلى القدر إذا يلزمك أن تسكت فإن سكت نعم ولكن لا يمكن أن يسكت وإن لم تسكت معناها أبطلت قولك بطل احتجاجك بالقدر فإذا نلزمك بأن تؤدي الأوامر وأن تترك النواهي كما أنك الآن التزمت بما أنك الآن تطالب بحقك وتأخذ مالك وتطالب مثلا بالقصاص بمن اعتدى عليك فكذلك نطالبك بالعمل بالشريعة .
المتن:
فإنه إذا كان مشاهدا للقدر من غير تمييز بين المأمور والمحظور فعومل بمثل ذلك مثل أن يضرب ويجاع حتى يبتلى بعظيم الأوصاب والأوجاع.
الشرح:
الأوصاب يعني الأمراض يضرب و(..) حتى يصيبه أنواع الأمراض والأسقام هل يسكت؟ ما يسكت ، ما يسكت عاقل يقول هذا مقدر ما يمكن.
المتن:
فإن لام من فعل ذلك به وعابه فقد نقض قوله ورجع عن أصل مذهبه.
الشرح:
أصل مذهبه الاحتجاج بالقدر انتقض عليه قوله وإن طالب بحقه ألزمانه بالشرع نقول هذا الزامك نلزمك بالشرع مثل ما إنك تطالب بحقك نلزمك بالأوامر والنواهي .
المتن:
وقيل له هذا الذي فعله مقضي مقدور .
الشرح ..
الذي فعله من الضرب وأخذ ماله وإيذائه.
المتن:
هذا الذي فعله مقضي مقدور فخلق الله وقدره ومشيئته متناول لك وله وهو يعمكما.
الشرح:
أنت تحتج بالقدر وهو يحتج بالقدر فإذا عليك أن تسكت ولا تطالب .
المتن:
فإن كان القدر حجة لك فهو حجة لهذا وإلا فليس بحجة لا لك ولا له فقد تبن بضرورة العقل فساد قول من ينظر إلى القدر ويعرض عن الأمر والنهي.
الشرح:
وهي الشريعة يعرض عن الشريعة
المتن:
والمؤمن مأمور بأن يفعل المأمور ويترك المحظور ويصبر على المقدور كما قال تعالى وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ
الشرح:
هكذا المؤمن المأمور بأن يفعل المأمور يعني الأوامر وليس المحظور النواهي ويصبر على المقدور جاء في الشريعة الإنسان ينظر إلى الشرع وإلى القدر ففي الشرع يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي والقدر يصبر على ما أصابه من الأمراض والأسقام وغيرها يصبر لا يجزع ولا يتسخط ويسلم الأمر لله ويعلم أن الله له الحكمة البالغة في ذلك ويقول قدر الله وما شاء فعل هكذا المسلم ينظر إلى الشرع والقدر ففي الشرع يفعل الأوامر ويترك النواهي وفي القدر يصبر على ما أصابه وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ .
المتن:
وقال تعالى في قصة يوسف إِنَّهُۥ مَن یَتَّقِ وَیَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ.
الشرح:
الشاهد فيها الجمع بين الشرع والقدر إنه من يتق هذا هو الشرع ويصبر هذا القدر ففي الشرع اتق الله ، اتق الله امتثل الأوامر واجتنب النواهي فأخلص العبادة لله وفي القدر اصبر على المقدور إنه من يتق ويصبر ، وإن تصبروا وتتقوا جمع بين الأمرين بين الشرع وبين القدر تتقوا هذا الشرع تصبرا هذا القدر فالشرع اتق الله وأخلص العبادة لله وامتثل لأوامر الله واجتهد في آداء الواجبات وترك المحرمات والقدر اصبر على ما أصابك لا تجزع ولا تتسخط وسلم لله واعلم أن ربك حكيم وله حكمة بالغة وأنت مأجور .
المتن:
فالتقوى فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه.
الشرح:
هذه التقوى وأصل ا إخلاص العبادة لله.ه
المتن:
ولهذا قال تعالى فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ فأمره مع الاستغفار بالصبر فإن العباد لا بد لهم من الاستغفار أولهم وآخرهم قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فو الذي نفسي بيده إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
الشرح:
وذلك لأن الإنسان معرض للخطأ ولا يسلم من الخطأ ولا يسلم من النقص وليس هناك أحد يسلم من الذنوب ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون الإنسان بطبيعته الخطأ ولكن المسلم لا يصرعن المعاصي ولكن يبادر بالتوبة كما قال الله تعالى في وصف المتقين وَٱلَّذِینَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَـٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ یُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ ليس من شأن الإنسان أن لا يقع منه الخطأ بل يقع منه الخطأ لكن ليس من شأن المؤمن الإصرار والمعاصي بل يبادر بالتوبة ولهذا قال الله تعالى لنبيه الكريم وهو أعلى الناس مقاما وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ لِّیَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
المتن:
وقال ﷺ إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله وأتوب له في اليوم مائة مرة.
الشرح:
الغين شيء يصيب القلب من الغشاء شيء خفيف هناك غين وفي غيب وفي ران وفي قفل ويكون للقلوب حجابان أنواع من الحجب تكون عليه أشدها القفل والأكنة وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا فِیۤ أَكِنَّةࣲ مِّمَّا تَدۡعُونَاۤ إِلَیۡهِ والران كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ وبينك وبينه حجاب وهناك أقل شيء غين وغيب شيء غشاء خفيف رقيق يصيب القلب وقال النبي وإنه ليغان على قلبي يعني يحصل شيء مع الغفلة فأستغفر الله وأتوب إليه إنه ليغان في غين وفي أيضا غيب كلها غشاء تكون على القلوب خفيفة غين بالنون وغيب وفي ران وقفل وحجاب نسأل الله السلامة والعافية .
المتن:
وقال ﷺ إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة.
الشرح:
وهذه كلها أحاديث صحيحة بعضها في الصحيح وبعضها في الصحيحين وبعضها في صحيح مسلم .
المتن:
وكان ﷺ يقول اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي خطئي وعمدي وهزلي وجدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
الشرح:
الشاهد من الحديث فيه إثبات الخطأ والجهل والعمد والتقديم والتأخير وإذا كان سيد الخلق فله من باب أولى وإنما يدعوا بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام تعبدا لله وشكرا لله وتعليما للأمة عليه الصلاة والسلام .
المتن:
وقد ذكر عن آدم أبي البشر أنه استغفر ربه وتاب إليه فاجتباه ربه وتاب عليه وهداه وعن إبليس أبي الجن أنه أصر متعلقا بالقدر فلعنه وأقصاه فمن أذنب فتاب وندم فقد أشبه أباه ومن أشبه أباه فما ظلم .
الشرح:
كما قال الشارع ومن يشابه أباه فما ظلم فمن تاب فمن أذنب وتاب إلى الله شابه أباه ومن أصر على المعصية وعاند فقد شابه إبليس .
المتن:
ومن أشبه أباه فما ظلم قال تعالى وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا
الشرح:
الأمانة يعني الأمانة في التكليف حملها الإنسان عرضت على السماوات والأرض إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا إنه حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا أمانة في التكليف.
المتن:
قال تعالى وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا لِّیُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ وَیَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمَۢا
الشرح:
لا إله إلا الله هذا هو التوحيد.
المتن:
وقال تعالى فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ
الشرح:
فاستقيموا إليه هذا التوحيد واستغفروه.
المتن:
وقال تعالى الۤرۚ كِتَـٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَایَـٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِیمٍ خَبِیرٍ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِی لَكُم مِّنۡهُ نَذِیرࣱ وَبَشِیرࣱ
الشرح:
هنا الاستغفار وذلك أن الإنسان يعبد الله ويوحده ويستغفره من التقصير الإنسان لا بد أن يقصر ويستغفر الله من التقصير والتقصير نوعان تقصير في الواجبات وتقصير في فعل المحرمات كما سيأتي.
المتن:
وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِ یُمَتِّعۡكُم مَّتَـٰعًا حَسَنًا إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى وفي الحديث الذي رواه ابن أبي عاصم وغيره يقول الشيطان أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار.
الشرح:
جمع بين التوحيد وبين الاستغفار .
المتن:
يقول الشيطان أهلكت الناس بذنوبي وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
الشرح:
هذا المصيبة ، المصيبة أن يكون الإنسان على خطأ ولا يدري أنه على خطأ فلا يستغفر.
المتن:
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن ذي النون أنه نادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قال تعالى فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّیۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَ ٰلِكَ نُـۨجِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ
الشرح:
فجمع ذي النون بين التوحيد والاستغفار لا إله إلا أنت هذا التوحيد إني كنت من الظالمين اعتراف بالخطأ وذا النون هو يونس عليه الصلاة والسلام سمي ذا النون والنون الحوت سمي ذا النون لملازمته له لأنه ركب السفينة فألقى نفسه وسقط في بطن الحوت فجعله يسبح حتى أخرجه الله .
المتن:
قال وأورد الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد وقال عنه رواه أبو يعلا وفيه عثمان ابن مطر وهو ضعيف، قال النبي ﷺ دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله بها كربه.
الشرح:
وهي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين هذه دعوة ذا النون والشاهد أن الإنسان عليه أن يوحد الله ويخلص له العبادة ويتقي الله ويستغفر من التقصير هذا هو الواجب على الإنسان في الشرع وفي القدر يصبر على المقدور في الشرع يوحد الله ويؤدي الواجبات ويترك المحرمات ويستغفر من التقصير والنقص وأما القدر فإنه يصبر على ما أصابه ويسلم الأمر لله ويعلم أن ربه حكيم وأن له الحكمة البالغة.
المتن:
وجماع ذلك أنه لابد له في الأمر من أصلين ولا بد له في القدر من أصلين ففي الأمر عليه الاجتهاد والامتثال علما وعملا فلا يزال يجتهد في العلم بما أمر الله به والعمل بذلك ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور وتعديه للحدود ولهذا كان من المشروع أن تختم جميع الأعمال بالاستغفار.
الشرح:
هذان الأصلان في الأمر ، الأمر هو الشرع هناك أصلان في الأمر وأصلان في القدر جماع الأصلان في الأمر والشرع الاجتهاد في امتثال أوامر الله علما وعملا يجتهد في تعلم الشريعة يبذل جهده ويتعلم من طريق الحلقات أهل العلم وسؤالهم والقراءة في الكتب النافعة وسماع كلام أهل العلم بأي طريق وبأي وسيلة من الوسائل ثم بعد ذلك يجاهد نفسه في العمل بهذا الذي علمه يعمل يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي هذا الأصل الأول الاجتهاد في امتثال الأمر علما وعملا يجتهد ويتعلم ويتفقه ويتبصر بشرعه ودينه ثم يعمل يجاهد نفسه في العلم ويجاهد نفسه في العمل والأصل الثاني الاستغفار، الاستغفار من النقص الذي يحصل له الاستغفار في تقصيره في الواجبات أو اجتراح للمحرمات النقص يحصل بشيئين إما في لكونه قصر في أداء الواجبات أمره الله ثم قصر في هذه الواجبات أو تعدى حدود الله في الملهيات واجتراح المحرمات هو يستغفر ، يستغفر من تعديه الحدود حدود الله لأن حدود الله تطلق على الملاهي أو في تقصيره في الواجبات في أوامر الله هذان الأصلان لا بد منهما في الأمر الأصل الأول الاجتهاد في امتثال أوامر الله علما ثم الاجتهاد في العمل والأمر الثاني الاستغفار من التقصير وهو نوعان تقصير في الواجبات أو فعل للمحرمات وهو يجتهد ويستغفر الله في تقصيره للواجبات أو من تعديه حدود الله لفعله للمحرمات يعني في الأصل الأول شيئان اجتهاد في العلم والاجتهاد في العمل والأصل الثاني شيئان استغفار في ترك شيء من الواجبات أو عن فعل شيء من المحرمات .
المتن:
ولهذا كان من المشروع أن تختم جميع الأعمال بالاستغفار فكان النبي ﷺ إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقد قال تعالى والمستغفرين بالأسحار فقاموا الليل ثم ختموا بالاستغفار .
الشرح:
يعني يقومون الليل ويصلون الليل ثم في النهاية يجلس يستغفر يتأوه كالمقصر المذنب .
المتن:
وآخر سورة نزلت قوله تعالى إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ وَرَأَیۡتَ ٱلنَّاسَ یَدۡخُلُونَ فِی دِینِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجࣰا فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا
الشرح:
أمره الله بأن يختم حياته بالاستغفار عليه الصلاة والسلام والمعنى هذه السورة فيها بيان قرب أجل النبي ﷺ كما قال ابن عباس إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ فتح مكة وفتحت مكة وانتصر دين الله ودخل الناس في دين الله أفواجا يعني دخلوا في دين الإسلام جماعات ، جماعات فاعلم أن أجلك قريب وأن مهمتك من الدنيا انتهت فاستعد للقاء الله وأكثر من التسبيح والاستغفار فإنك قادم علينا فسبح بحمد ربك واستغفر ه فأمره أن يختم حياته بالاستغفار عليه الصلاة والسلام فالاستغفار تختم بها الصلاة وتختم بها الحج وتختم بها جميع الأعمال وتختم بها الحياة فكان النبي ﷺ بعد ذلك يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفرلي يتأول بالقرآن يعني يعمل به .
المتن:
وفي الحديث الصحيح أنه كان ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن .
الشرح:
يعني بعد هذه السورة يتأول القرآن يعني يفعل ما أمر به في القرآن والله أمر بالتسبيح قال سبح بحمد ربك واستغفره لأن التأويل والكلام نوعان خبر وأمر فالخبر تأويل الخبر وقوع المخبر به والأمر تأويل فعل المأمور به وهذا أمر فالكلام نوعان خبر وأمر فالخبر تأويله وقوع المخبر به والأمر تأويله فعل المأمور به هنا أمر فسبح بحمد ربك يتأول القرآن يعني يفعل ما أمر به في القرآن هذا حديث عائشة قال كان يقول في الركوع والسجود م بعد هذه السورة سبحانك اللهم (...) يتأول القرآن يعني يفعل ما أمر به في القرآن .
المتن:
وأما في القدر فعليه أن يستعين بالله في فعل ما أمر به .
الشرح:
يعني الأصلان في القدر سبق انتهينا من الأصلين في الأمر ، الأمر له أصلان وهو الاجتهاد في الامتثال علما وعملا والأصل الثاني الاستغفار والتقصير في الواجبات أو فعل المحرمات وأما الأصناف في القدر.
المتن:
وأما في القدر فعليه أن يستعين بالله في فعل ما أمر به ويتوكل عليه ويدعوه ويرغب إليه ويستعيذ به فيكون مفتقرا إليه في طلب الخير وترك الشر وعليه أن يصبر على المقدور ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وإذا آذاه الناس علم أن ذلك مقدر عليه.
الشرح:
هذا الأصلان في القدر التوكل والاستعانة والثاني الصبر الأصل الأول التوكل والاستعانة يتوكل على الله ويستعين بالله في أداء الواجبات وترك المحرمات الإنسان لا يستطيع أن يفعل شيء إلا بإعانة الله إياك نعبد وإياك نستعين هذا يستعين بالله ويتوكل عليه في أن يعينه في أداء الواجبات وترك المحرمات ويرغب إلى الله ويضرع إليه في أن يوفقه ويستعيذ بالله من شره ومن شر نفسه ومن شر الشيطان الذي يصده ويمنعه وهو يتوكل على الله ويستعين بالله ويطلب العون من الله في أن يوفقه ويعينه في أداء الواجبات وترك المحرمات ويرغب إلى الله ويلجأ إليه ويضرع إليه ويسأله ويستعيذ بالله من شر الشيطان ومن شر نفسه هذا الأصل الأول في القدر والأصل الثاني الصبر ، الصبر على المقدور إذا أصابه شيء لا يجزع ولا يتسخط يحبس نفسه عن الجزاء ويحبس لسانه عن التشكي ويحبس جوارحه عما يغضب الله يصبر على المقدور ويسلم الأمر لله ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطاه لم يكن ليصيبه وبذلك تحصل السعادة في هذين الأصلين في الأمر و(..) الأمر فمن حقق هذين الأصلين في الأمر وحقق هذين الأصلين في القدر تمت سعادته في الأصلين في الأمر يجاهد نفسه في امتثال أوامر الله في الامتثال في تعلم الشرع تعلم الشريعة يتعلم دينه يجاهد نفسه حتى يتعلم دينه ثم يجاهد نفسه على الأمر هذا الأصل الأول ثم يستغفر من التقصير في الواجبات أو فعل المحرمات وفي القدر يستعيذ بالله ويتوكل عليه ويطلب العون منه في أن يوفقه ويعينه في أداء الواجبات وترك المحرمات ويرغب إليه ويلجأ إليه ويتضرع إلى الله ويستعيذ بالله من شر نفسه ومن شر الشيطان والأصل الثاني يصبر على المقدور فلا يتسخط ولا يجزع ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأنه مقدر عليه وبذلك تتم السعادة للإنسان ويكون حقق هذين الأصلين ويكون محققا لهذه الآية إياك نعبد وإياك نستعين حقق العبادة في الأصلين الأول وحقق الاستعانة في الأصلين إياك نعبد العبادة تشمل الأصلين الأوليين الاجتهاد والامتثال علما وعملا والاستغفار من تقصير الواجبات وفعل المحرمات وإياك نستعين يحققها بالتوكل والاستعانة وطلب العون من الله في أداء الواجبات وترك المحرمات ثم الصبر على المقدور وبذلك يكون حقق هذه إياك نعبد وإياك نستعين وبهذا تتم السعادة .
المتن:
ومن هذا الباب احتجاج آدم وموسى لما قال يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة فقال له آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه فبكم وجدت مكتوبا علي قبل أن أخلق وعصى آدم ربه فغوى قال بكذا وكذا سنة .
الشرح:
بكذا وكذا سنة يعني تقدير مأخوذ من القدر السابق وهذا مكتوب في اللوح المحفوظ لكن هذا وجده موسى في التوراة أنه مقدر عليه هذا تقدير مأخوذ من القدر السابق يوافق ما في اللوح المحفوظ.
المتن:
قال فحج آدم موسى.
الشرح:
فحج آدم يعني غلبه بالحجة .
المتن:
وذلك أن موسى لم يكن عتبه لآدم لأجل الذنب فإن آدم كان قد تاب منه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ولكن لأجل المصيبة التي لحقتهم من ذلك وهم مأمورون أن ينظروا إلى القدر في المصائب وأن يستغفروا من المعائب كما قال تعالى فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ.
الشرح:
فهذا اللقاء بين آدم وموسى الله أعلم هل كان في السماء التقيا وكل واحد ذكر المميزات والخصائص فلما لقي موسى أباه آدم قال أنت آدم الذي هلك الله بيده وأسجد لك ملائكته ونفخ فيك من روحه وعلمك أسماء كل شيء قال نعم قال لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة قال أنت موسى ذكر خصائصه أنت موسى الذي أرسلك الله برسالته وتكليمه فبكم وجدت مكتوب علي العصا هذا مصيبة في القدر والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به ولهذا غلب آدم موسى بالحجة لأن موسى لام آدم على المصيبة التي لحقته في الخروج من الجنة فاحتج آدم بالقدر قال مصيبة مكتوبة علي فغلبه بالحجة والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به وإنما الممنوع الاحتجاج بالقدر على المعائب فالإنسان لا بأس أن يحتج بالمصائب المعائب الذنوب عليه أن يتوب يجاهد نفسه بالتوبة والاستغفار والمصائب عليه الصبر . ولهذا قال المؤلف من هذا الباب قصة آدم مع موسى وهو أن موسى يحتج على المصائب وأن المصائب عليه الصبر منها وأما الذنب فإنه يتوب منه ويستغفر فآدم تاب من الذنب واستغفر وصبر على المصيبة التي حصلت له.
المتن:
قال وذلك أن موسى لم يكن عتبه لآدم لأجل الذنب فإن آدم قد تاب منه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ولكن لأجل المصيبة التي لحقتهم من ذلك وهم مأمورون أن ينظروا إلى القدر في المصائب وأن يستغفروا من المعائب.
الشرح:
ينظر إلى القدر في المصائب يعني قدر الله وما شاء فعل من مصيبة حصل مصائب من فقد الأحبة والأمراض والأسقام ليس الإنسان دخل فيها يصبر يقول إنا لله وإنا إليه راجعون قدر الله وما شاء فعل اللهم آجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منها .
المتن:
كما قال تعالى فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ.
الشرح:
فاصبر هذا القدر اصبر على القدر واستغفر لذنبك هذه المعائب والذنوب والمعاصي استغفر منها وتوب إلى الله وأصلح ما فسد منك.
المتن:
فمن راع الأمر والقدر كما ذكر كان عابدا لله مطيعا له مستعينا به متوكلا عليه من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
الشرح:
من راع الأمرين راع الأمر والقدر راع الأمر بالاجتهاد في امتثال ما أمر الله به ثم الاجتهاد في العمل ثم الاستغفار من التقصير في الواجبات وفعل المحرمات ويراعي القدر يعني يصبر على قضاء الله وقدره ولا يتسخط ولا يجزع ويتوكل على الله ويستعين بالله في أداء ما أوجب الله عليه وترك ما حرم الله عليه بهذا يكون راع الأمر وراع القدر هذا هو العابد لله هذا هو المهدي هؤلاء هم الهداية هم الاستقامة وهؤلاء هم الموفقون والمسددون .
المتن:
فمن راع الأمر والقدر كما ذكر كان عابدا لله مطيعا له مستعينا به متوكلا عليه من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وقد جمع الله سبحانه بين هذين الأصلين في غير موضع .
الشرح:
يعني بين الأمر والقدر جمع الله بينهما في مواضع.
المتن:
كما قال تعالى إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ.
الشرح:
إياك نعبد هذا الأمر والعبادة وإياك نستعين هذا التوكل والصبر .
المتن:
وقوله تعالى فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ عَلَیۡهِۚ.
الشرح:
فاعبده هذه العبادة وتوكل عليه هذا الاستعانة يعني جمع بين الأمرين العبادة والاستعانة .
المتن:
وقوله تعالى عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ .
الشرح:
عليه توكلت هذه الاستعانة وإليه أنيب هذه العبادة.
المتن:
وقوله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا.
الشرح:
ومن يتوكل على الله فهو حسبه هذا الاستعانة ومن يتق الله هذا العبادة .
المتن:
فالعبادة له والاستعانة به
الشرح:
العبادة لله والاستعانة بالله المؤمن يعبد الله ويستعين بالله .
المتن:
وكان النبي ﷺ يقول عند الأضحية اللهم منك ولك فما لم يكن بالله فلا يكون .
الشرح:
اللهم منك يعني هذا منك ولك يعني نتقرب به لك وهذا منك أنت أعطيتنا يا الله .
المتن:
فما لم يكن بالله لا يكون.
الشرح:
فما لم يكن بالله لا يكون يعني ما يحصل شيء إلا بالله لا حول ولا قوة إلا بالله ما يمكن أن يحصل أي شيء إلا بالله فلا تستطيع أن تؤدي الأوامر ولا تجتنب النواهي إلا بإعانة الله وتوفيقه ولهذا شرع للمسلم في إجابته للمؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح يعني أقبل على الصلاة يقول لا حول ولا قوة إلا بالله يعني لا حول ولا قوة ولا قدرتي على امتثال الأمر إلا بإعانتك يا الله.
المتن:
فما لم يكن بالله لا يكون فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله .
الشرح:
يعني لا يمكن أن يكون شيء إلا بإعانة الله ولهذا قال ما لم يكن بالله لا يكون ما يمكن شيء أن يكون إلا بالله ولا قيام للمخلوقات إلا بالله ولا قيام للعبد ولا وجود له ولا بقاء له إلا بإبقاء الله له إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما أحد من بعده فهو سبحانه هو القائم على كل نفس بما كسبت أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت السماوات والأرضيين و البشر وجميع المخلوقات لا قيم لها إلا بالله ولا وجود لها إلا بالله .
المتن:
فما لم يكن بالله لا يكون فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله وما لم يكن لله لا ينفع ولا يدوم.
الشرح:
العمل الذي يكون لغير الله يكون باطل ذاهب مضمحل وهو وبال على صاحبه لا بد من الإخلاص ،الإخلاص لله يخلص العبد عمله لله حتى ينفعه أما إذا لم يكن خالص فهو باطل يكون وبال على صاحبه نعوذ بالله يكون لأجل الدنيا أو لأجل الناس أو لأي مقصد من المقاصد السيئة وبال على صاحبه.
المتن:
ولا بد في عبادته من أصلين أحدهما إخلاص الدين له والثاني موافقة أمره الذي بعث به رسله .
الشرح:
هذه العبادة لا بد لها من أصلين الثاني إخلاص العبادة لله وهذا مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله والثاني موافقة أمره الذي بعث به رسوله وهذا هو مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله فالأول يكون في الباطن والثاني في الظاهر العمل لا بد له من ظاهر وباطن فباطنه الإخلاص لله وظاهره موافقة الشرع ودل على الأول قوله ﷺ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ودل على الثاني حديث عائشة من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ولا توحيد ولا إسلام ولا إيمان ولا عمل إلا بهذين الأصلين ولا يصلح أحدهما دون الآخر فمن شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمدا رسول الله هذا لم تقبل منه ومن شهد أن محمدا رسول الله ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يشهد لله تعالى بالوحدانية ويشهد لنبيه محمد ﷺ بالرسالة فيخلص العمل لله ويكون عمله موافق للشرع ولسنة رسول الله ﷺ هذان الأصلان لا بد منهما ولا يصح أي عبادة ولا عمل إلا بهما .
المتن:
قال ولا بد في عبادته من أصلين أحدهما إخلاص الدين له والثاني موافقة أمره الذي بعث به رسله ولهذا كان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا.
الشرح:
واجعل عملي كله صالحا هذا موافقة أمر الله واجعل عملي كله خالصا هذا إخلاص العبادة لله وهو إخلاص شهادة أن لا إله إلا الله.
المتن:
وقال الفضيل ابن عياض رحمه الله تعالى في قوله (( ليبلوكم أيكم أحسن عملا قال أخلصه وأصوبه قيل يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة)).
الشرح:
صدق رحمه الله أبو علي هذا كنيته كنية الفضيل ابن عياض حتى يكون خالصا صوابا ليبلوكم أيكم أحسن عملا قال أخلصه وأصوبه أخلصه هذا العمل الخالص وأصوبه الموافق للشرع قيل ما أخلصه وأصوبه قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ما كان لله والصواب ما كان موافق لشرع الله .
المتن:
ولهذا ذم الله المشركين في القرآن على اتباع ما شرع لهم شركاؤهم من الدين الذي لم يأذن به الله من عبادة غيره وفعل ما لم يشرعه من الدين.
الشرح:
لأن هذا مخالف للشرع مخالف للسنة ذمهم الله لأنهم شرعوا لأنفسهم شرائع لم يأذن الله بها وعملوا أعمالا لي يشرعها الله فذمهم .
المتن:
ولهذا ذم الله المشركين في القرآن على اتباع ما شرع لهم شركاؤهم من الدين الذي لم يأذن به الله من عبادة غيره وفعل ما لم يشرعه من الدين قال الله تعالى أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ كما ذمهم على أنهم حرموا ما لم يحرمه الله والدين الحق أنه لا حرام إلا ما حرمه الله ولا دين إلا ما شرعه الله.
الشرح:
لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله ولا دين إلا ما شرعه الله فذم المشركين على كونهم شرعوا لأنفسهم شرائع وحرموا شيئا لم يحرمه الله وأبطل ما كانوا عليه فذمهم على ذلك .
المتن:
ثم إن الناس في عبادته واستعانته على أربعة أقسام فالمؤمنون المتقون هم له وبه يعبدونه ويستعينونه وطائفة تعبده من غير استعانة ولا صبر فتجد عند أحدهم تحريا للطاعة والورع ولزوم السنة لكن ليس لهم توكل واستعانة وصبر بل فيهم عجز وجزع وطائفة فيهم استعانة وتوكل وصبر من غير استقامة على الأمر ولا متابعة للسنة فقد يمكن أحدهم ويكون له نوع من الحال باطنا وظاهرا ويعطى من المكاشفات والتأثيرات ما لم يعطه الصنف الأول ولكن لا عاقبة له فإنه ليس من المتقين والعاقبة للتقوى فالأولون لهم دين ضعيف ولكنه مستمر باق إن لم يفسده صاحبه بالجزع والعجز وهؤلاء لأحدهم حال وقوة ولكن لا يبقى له إلا ما وافق فيه الأمر واتبع فيه السنة وشر الأقسام من لا يعبده ولا يستعينه فهو لا يشهد أن عمله لله ولا أنه بالله .
الشرح:
هذا أقسام الناس في العبادة والاستعانة أربعة أقسام القسم الأول وهو خيرها أن يجمع بين الأمرين يعبد الله ويستعين بالله يكون عابدا لله مستعينا به يجمع بين إياك نعبد وإياك نستعين ويعبد الله بامتثال الأوامر يجتهد في تعلم الشريعة ثم يجتهد في العمل ويجتهد في الاستغفار والتقصير والواجبات أو فعل المحرمات وكذلك يستعن بالله ويتوكل عليه في أداء الواجبات وترك المحرمات عليه ويستعن بالله من شر نفسه وشر الشيطان ويصبر على القدر هؤلاء هم خير الأقسام ويقابلهم شر الأقسام من لا يعبدون الله ولا يستعينون بالله الصنف الثاني مقابل هذا لا يعبد الله ولا يستعين بالله نعوذ بالله كالكفرة الذين لا يعبدون الله وليس عندهم جلد له ثم القسم الثالث من كان عنده عبادة ولكن ليس عنده استعانة عنده عبادة لكن ما عندهم صبر ولا جلد ولا تحمل فهذا عنده دين ضعيف قد يبقى وقد يذهب بالسخط والجزع والاعتراض على الله والقسم الرابع من عنده استعانة وقوة وجلد وصبر لكن ما عنده إيمان ولا عباده وقد يحصل بسبب الجلد والصبر والتحمل قد يحصل المكاشفات قد يحصل الأمور يستفيد منها قد يحصل له مكاشفات وقد يحصل له بصبره وجلده على ما يريد لكن ليس عنده توحيد ولا إيمان .
المتن:
قال ثم إن الناس في عبادته واستعانته على أربعة أقسام فالمؤمنون المتقون وهم له وبه.
الشرح:
هم له عابدون وبه يستعينون هذا المؤمنون والمتقون القسم الأول هم له عابدون وبه مستعينون عبدوا الله وتوكلوا عليه هذا أهل الإيمان والتقوى وهم خير الأقسام وشرهم القسم الرابع كما سيأتي .
المتن:
فالمؤمنون المتقون هم له وبه يعبدونه ويستعينونه وطائفة تعبده من غير استعانة ولا صبر.
الشرح:
عنده عبادة لكن ما عنده توكل لا صبر ولا استعانة بل إن أحد أصابه جزع وتسخط وضعف .
المتن:
فتجد عند أحدهم تحريا للطاعة والورع ولزوم السنة لكن ليس لهم توكل واستعانة وصبر بل فيهم عجز وجزع.
الشرح:
ما عندهم تحمل قد يفسد هذه العبادة بسبب جزعه وسخطه واعتراضه على القدر قد تفسد هذه العبادة وقد تبقى مع الضعف.
المتن:
وطائفة فيهم استعانة وتوكل وصبر من غير استقامة على الأمر ولا متابعة للسنة .
الشرح:
وقد وجد عند بعض الكفرة استعانة وصبر وجلد وتحمل قوة لكن ما عندهم عبادة.
المتن:
فقد يمكن أحدهم ويكون له نوع من الحال باطنا وظاهرا.
الشرح:
بسبب استعانته وصبره وتوكله.
المتن:
ويعطى من المكاشفات والتأثيرات ما لم يعطه الصنف الأول ولكن لا عاقبة له.
الشرح:
نعم لأن العقبة للمتقين.
المتن:
فإنه ليس من المتقين والعاقبة للتقوى فالأولون لهم دين ضعيف.
الشرح:
الأولون من هم ؟؟ الذين عندهم عبادة وليس عندهم استعانة عندهم دين ضعيف قد يبقى وقد يزول بالسخط والجزع والاعتراض على قدر الله.
المتن:
فالأولون لهم دين ضعيف ولكنه مستمر باق إن لم يفسده صاحبه بالجزع والعجز وهؤلاء لأحدهم حال وقوة.
الشرح:
وهؤلاء الذي عندهم استعانة وليس عندهم عبادة يعني قوة وصبر وجلد وتحمل لكن ما عندهم عبادة.
المتن:
وهؤلاء لأحدهم حال وقوة ولكن لا يبقى له إلا ما وافق فيه الأمر واتبع فيه السنة.
الشرح:
وليس عندهم أمر سبق أنه ما عندهم أمر ولا اتباع للسنة.
المتن:
وشر الأقسام من لا يعبده ولا يستعينه فهو لا يشهد أن عمله لله ولا أنه بالله.
الشرح:
لا يشهد أن عمله لله لأنه لا يعبد الله ولا أنه بالله لأنه لا يستعين بالله ولا يشهد أن عمله لله لأنه غير عابد له ولو أنه بالله لأنه غير مستعين بالله ما عنده توكل ولا استعانة ولا صبر .
المتن:
فالمعتزلة ونحوهم من القدرية الذين أنكروا القدر هم في تعظيم الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من هؤلاء الجبرية القدرية الذين يعرضون عن الشرع والأمر والنهي.
الشرح:
المعتزلة والقدرية هؤلاء يعظمون الشرع والأوامر والنواهي والوعد والوعيد وإن كذبوا بالقدر وقالوا أن أفعال العباد غير مخلوقة لكنهم خير من الجبرية الذين ينظرون إلى القدر ولكنهم يعرضون عن الشرع والأمر فرق بينهما لأن هؤلاء معظمون للأوامر والنواهي معظمون للشريعة والله تعالى بعث رسله وأنزل كتبه ليعمل الناس ليعبدوه ويخلصوا له العبادة يعملون بالشرع فالمعتزلة القدرية يعملون بالشرع يعظمون الأوامر والنواهي لكن عندهم خطأ وغلط في كونهم كذبوا بالقدر وقالوا أن أفعال العباد غير مخلوقة لله بخلاف الجبرية والصوفية الذين ينظرون إلى القدر ويغلون في القدر لكنهم يعرضون عن الشرع وعن الأوامر والنواهي معناها تكون الشرائع عبث والأوامر والنواهي عبث والرسل والكتب لا قيمة لها نعوذ بالله فهذا موازنة بينهما أيهما خير المعتزلة والقدرية الذين يكذبون بالقدر لكن يعظمون الشرع والأوامر والنواهي أو الذين يؤمنون بالقدر ولكنهم يعرضون عن الأمر والنهي الطائفة الأولى خير لأنهم هؤلاء عظموا الشرائع والأوامر والنواهي والكتب والرسل لأنهم عندما بعث الله الكتب والرسل (..) والطائفة الثانية ما عظموا الشرائع ولا الأوامر ولا النواهي يعني أبطلوا الشرائع والأوامر والنواهي واكتفوا بالإيمان بالقدر فرق بينهما.
المتن:
قال فالمعتزلة ونحوهم من القدرية الذين أنكروا القدر هم في تعظيم الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من هؤلاء الجبرية القدرية الذين يعرضون عن الشرع والأمر والنهي والصوفية هم في القدر ومشاهدة توحيد الربوبية خير من المعتزلة.
الشرح:
الصوفية لأنهم جبرية خير من المعتزلة حيث أنهم آمنوا بالقدر والمعتزلة كذبوا بالقدر في قولهم أن أفعال العباد غير مخلوقة لله وكل طائفة خير طائفة فالمعتزلة القدرية خير من الصوفية الجبرية في الشرع والأوامر والنواهي والجبرية والصوفية خير من المعتزلة في القدر ولكن المعتزلة أقرب إلى الحق من القدرية .
المتن:
والصوفية هم في القدر ومشاهدة توحيد الربوبية خير من المعتزلة ولكن فيهم من فيه نوع بدع مع إعراض عن بعض الأمر والنهي والوعد والوعيد حتى يجعل الغاية هي مشاهدة توحيد الربوبية والفناء في ذلك.
الشرح:
هذه مصيبة بدع وإعراض عن الأمر والنهي إعراض عن الشرع.
المتن:
حتى يجعل الغاية هي مشاهدة توحيد الربوبية والفناء في ذلك.
الشرح:
مثل ما سبق في الفناء عن شهود السوى إن الغاية هي الفناء في توحيد الربوبية وشهادة الخالق والغيبة عن شهود الكائنات وهذا نقص عظيم.
المتن:
حتى يجعل الغاية هي مشاهدة توحيد الربوبية والفناء في ذلك فيصيرون أيضا معتزلين لجماعة المسلمين وسنتهم.
الشرح:
نعم اعتزلوا عنهم لأن المسلمون وسنتهم العمل بالشرعية امتثال الأوامر واجتناب النواهي وهؤلاء أعرضوا عنهم اعتزلوهم وخالفوهم .
المتن:
فهم معتزلة من هذا الوجه.
الشرح:
من هذا الوجه من جهة أنهم خالفوا المسلمين في العمل بالشريعة بامتثال الأوامر واجتناب النواهي مجاهدة النفس في العمل بالأوامر وترك النواهي .
المتن:
وقد يكون ما وقعوا فيه من البدعة شرا من بدعة أولئك المعتزلة وكلتا الطائفتين نشأت ..
الشرح:
لا شك أن بدعتهم أشد بدعة هؤلاء ترك الشريعة الإعراض عن الأمر والنهي وبدعة أولئك التكذيب بالقدر والقول بأن أفعال العباد غير مخلوقة فبدعة هؤلاء الصوفية الجبرية أشد من بدعة المعتزلة وأولئك أقرب للحق المعتزلة أقرب إلى الحق من الصوفية الجبرية .
المتن:
وكلتا الطائفتين نشأت من البصرة.
الشرح:
كلاهما في البصرة يعني الجبرية القدرية النفاة هم المجوس والقدرية المجبرة هم هؤلاء هم المشركون فيسمون مشركية وهذا يسمون مجوسية أولئك النفاة سموا مجوسية أولئك نفاة سموا مجوسية لأنهم شبهوا المجوس في قول العبد كالخالق حيث أنكروا أن يكون الله خلق أفعال العباد وهؤلاء مشركية مشركية لأنهم احتجوا بالقدر على شركهم وافقوا المشركين في قولهم لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا كلهم نشأوا في البصرة القدرية المجوسية وهم النفاة والقدرية المجبرة وهم الجبرية الصوفية وغيرهم..
المتن:
وإنما دين الله ما بعث به رسله وأنزل به كتبه وهو الصراط المستقيم.
الشرح:
هذا دين الله دين الله هو الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله هذا صراط الله هذا دين الله وهذا طريق الله وهذا هو طريق السعادة والنجاة والفلاح أن يعبد الله وحده لا شريك له بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله.
المتن:
وإنما دين الله ما بعث به رسله وأنزل به كتبه وهو الصراط المستقيم وهو طريق أصحاب رسول الله ﷺ .
الشرح:
هذا دين الله وهو الصراط المستقيم وهو طريق أصحاب رسول الله وهو دين الله وهو حبل الله وهو الإسلام وهو البر وهو التقوى وهو الهدى .
المتن:
وهو طريق أصحاب رسول الله ﷺ خير القرون وأفضل الأمة وأكرم الخلق على الله بعد النبيين قال تعالى وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَـٰجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَـٰنࣲ رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ فرضي عن السابقين الأولين رضاء مطلقا ورضي عن لتابعين لهم بإحسان وقد قال النبي ﷺ في الأحاديث الصحيحة خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
الشرح:
ثلاثة قرون خير القرون الذي بعثت فيه وهم الصحابة .
المتن:
وكان عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه يقول ((من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه فتنة)).
الشرح:
من كان مقتديا فليقتدي بمن مات من مات على الاستقامة وعلى التوحيد وهم الصحابة والتابعون أما الأحياء فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة مادام الروح باقية فيخشى عليه من الفتنة نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه.
المتن:
من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد ﷺ أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله..
الشرح:
الله أكبر أبر ، أبر الأمة قلوبا وأبرها وأعمقها علما وأقلها تكلفا قلوبهم فيها بر وعلومهم فيها عمق للكتاب والسنة ولا يتكلفون ما عندهم تكلف قلوبه طاهرة نقية صافية لإخلاصهم العمل لله وعلومهم عميقة علوم الكتاب والسنة لم تتلوث بعلوم التي تخالفها فهم أقلها تكلفا وأبر الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ما عندهم تكلف ولا تشدد ولا تعنت.
المتن:
أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ﷺ.
الشرح:
أفضل الناس وخير الناس بعد الأنبياء لا كان ولا كان مثلهم اختارهم الله لصحبة نبيه والله لم يكن ليختار لصحبة نبيه إلا أفضل الناس .
المتن:
قوم اختاره الله لصحبة نبيه ﷺ وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
الشرح:
هذا الكلام يعرفونه حق وتمسكوا بما كانوا عليه فإنهم على الصراط المستقيم على دين صراط الله هو دين الله يعني نشروا دين الله وبلغوا دين الله وسمعوا كلام القرآن وهو ينزل على رسول الله ﷺ وسمعوا كلام الرسول ﷺ والرسول يوجههم وهم ببن أظهرهم يجاهدون معه ويجلسون معه ويخالطونه ويخالطهم فاستقاموا على دين الله ونشروا دين الله وكانوا دعاة إلى الله فتحوا المشارق والمغارب ونصر الله بهم الحق رضي الله عنهم وأرضاهم وحشرنا وإياكم في زمرتهم.
المتن:
وقال حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه (( يا معشر القراء استقيموا وخذوا طريق من كان قبلكم فو الله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا .
الشرح ..
رحمه الله حث على اتباع السابقين وهم الصحابة.
المتن:
وقد قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه (( خط لنا رسول الله ﷺ خطا وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰطِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ ذَ ٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ
الشرح:
يعني حث على السبل وهو دين الله وهو الصراط المستقيم وهو حبل الله وهو العمل بالكتاب والسنة توحيد الله وإخلاص الدين له والاستقامة على دين الله .
المتن:
وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن نقول في صلاتنا ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ قال النبي ﷺ اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون.
الشرح:
نسأل الله في كل ركعة من ركعات الصلاة أن يهديك الصراط المستقيم صراط النعم عليهم الذين وفقهم الله للعلم والعمل فتسأل الله أن يجنب طريق المغضوب عليهم الذين يعلمون ولا يعملون عندهم علم لكن ما يعملون بهذا العلم ونسأل الله أن يجنبك طريق الضالين الذين يتخبطون في الجهالات ويتعبدون من غير بصيرة ولا علم أما أهل الصراط المستقيم عندهم علم وعمل يعملون على علم وبصيرة والمغضوب عليهم عندهم علم لكنهم نكروا وامتنعوا عن العمل والضالون الذين ليس عندهم علم فقد العلم عندهم جهل يتعبدون على جهل وهذان داءان من سلم منهما فهو سالم داء الغواية وداء الضلال داء الغواية أن يعلم الإنسان ولا يعمل أن يكون غاوي يسمى غاوي لا يعمل بعلمه عنده علم ولكن لا يعمل به وداء الضلالة وهو أن يكون الإنسان جاهل ما عنده علم أما الذي عنده علم وعمل يسمى راشد قد برأ الله نبيه من داء الغواية وداء الضلالة في قوله تعالى وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ ما ضل ليس، ليس ضالا ولا غاويا ليس ضالا ما عنده علم بل هو على بصيرة من ربه وليس غاويا لا يعمل بعلمه بل هو راشد يعبد ربه على بصيرة .
المتن:
قال النبي ﷺ اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون وذلك أن اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه والنصارى عبدوا الله بغير علم.
الشرح:
ومن فسد من علماء هذه الأمة فله شبه باليهود ومن فسد من عباد هذه الأمة له مشبه بالنصارى كما قاله السلف وغيره ومن فسد من علمائنا فله شبه باليهود مثل اليهود يعلمون ولا يعملون ومن فسد من عبادنا فله شبه بالنصارى مثل النصارى يعبدون على جهل وضلال .
المتن:
ولهذا كان يقال تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
الشرح:
العالم الفاجر هو الذي لا يعمل بعلمه عالم لكن فاجر قلبه فاجر نعوذ بالله عنده علم ولكنه لم يعمل به فهو فاجر يحيد عن الحق ويميل عن الحق ويتعمد ترك الحق نعوذ بالله والعابد الجاهل الذي يتعبد لكن على جهل وضلالة ما عنده علم يتخبط في دياجين الظلمات .
المتن:
ولهذا كان يقال تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون وقال تعالى فَإِمَّا یَأۡتِیَنَّكُم مِّنِّی هُدࣰى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَایَ فَلَا یَضِلُّ وَلَا یَشۡقَىٰ قال ابن عباس رضي الله عنهما ((تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة)).
الشرح:
يعني نفهم من هذه الآية فلا يضل ولا يشقى .
المتن:
وقرأ هذه الآية وكذلك قوله تبارك وتعالى الۤمۤ ذَ ٰلِكَ ٱلۡكِتَـٰبُ لَا رَیۡبَۛ فِیهِۛ هُدࣰى لِّلۡمُتَّقِینَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ وَٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ یُوقِنُونَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ.
الشرح:
حكم لهم بالهداية والفلاح بسبب إيمانهم ووصفهم بالتقوى قال هدى للمتقين ثم ذكر أوصافهم الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون ثم حكم عليهم أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون وهم يؤمنون بالغيب يعني يؤمنون بما غاب يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار هذه غيب ويقيمون الصلاة ويأدونها كما أمر الله وأمر رسوله وينفقون مما رزقهم الله ويؤمنون بما أنزل على النبي ﷺ ويؤمنون بما أنزل من قبله من الكتب والرسل ويوقنون بالآخرة بالبعث بعد الموت والحشر والنشر والجزاء على الأعمال والحوض والصراط والميزان والجنة والنار ثم قال أولئك على هدى من ربهم فهم لهم وصف الهداية فهم مهديون في الدنيا وأولئك لهم الفلاح في الآخرة والفلاح هو الحصول على المطلوب والنجاة من المرهوب وأعلى ما يطلبه الإنسان رضى الله والتمتع بكرامته وأعظم ما يخافه الإنسان ويرهبه هو غضب الله وسخطه والنار فهؤلاء حصلوا على الفلاح حصلوا على ما يطلبون ونجوا مما يرهبون وصاروا من أهل الهداية فهم من أهل الهداية في الدنيا لهم الهداية في الدنيا ولهم الفلاح في الآخرة كما قال الله تعالى في الآيات الأخرى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة ولم يخلطوا إيمانهم وتوحيدهم بشرك أولئك لهم الأمن من العذاب في الآخرة وهم مهتدون في الدنيا كما قال هنا أولئك على هدى من ربهم يعني هداية في الدنيا وأولئك هم المفلحون في الآخرة.
المتن:
فأخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء مهتدون مفلحون وذلك خلاف المغضوب عليهم من الضالين .
الشرح:
المغضوب عليه والضالون هؤلاء منحرفون ولهم الشقاء وهؤلاء مهتدون ولهم الفلاح والسعادة هؤلاء على خلاف هؤلاء ضدان لا يجتمعان هؤلاء مهتدون مفلحون وأولئك ضالون منحرفون أشقياء هؤلاء سعداء وهؤلاء أشقياء هؤلاء أهل هداية وهؤلاء أهل الضلالة متضادان اليهود والنصارى أهل ضلال وهؤلاء المؤمنون أهل هداية واليهود والنصارى أهل شقاء وهؤلاء أهل سعادة وفلاح هم ضدان في الدنيا وفي الآخرة في الدنيا المؤمنون مهتدون واليهود والنصارى وفي الآخرة المؤمنون سعداء واليهود والنصارى أشقياء.
المتن:
فنسأل الله العظيم أن يهدينا وسائر إخواننا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
(انتهى)