شعار الموقع

شرح كتاب جامع بيان العلم وفضله_5

00:00
00:00
تحميل
97

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وآله وصحبه أجمعين,  اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

القارئ:

قَالَ ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

32 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد، قَالَ: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع بمصر, قَالَ: حدثنا المقدام بن داود بن تليد، قَالَ: حدثنا عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب قال: سُئِلَ  مالك عن طلب العلم أهو فريضة عَلَى النَّاس؟ فقال: «لا، والله ولكن يطلب منه المرء ما ينتفع به في دينه».

شرح الشيخ:

يعني الواجب: هُوَ ما يقيم به دينه, يتعلم ما يقيم به دينه, الصَّلَاة هَذَا يجب عَلَيْه أن يتعلم كيف يقيم الصَّلَاة, هَذَا فرض, كذلك يجب عَلَيْه أن يتعلم كيف يصوم؛ لِأَنَّ هَذَا فرض, وإذا كان عنده مال يجب عَلَيْه أن يتعلم أحكام الزَّكَاة, وإذا كان عنده زوجة يتعلم الواجب عَلَيْه نحو زوجته وأولاده, إِذَا ما كان عنده زوجة ما وجب عَلَيْه, وإذا كان ما عنده مال ما وجب عَلَيْه, وما زاد عَلَى ذَلِكَ يكون مستحب ليس بواجب؛ أن يتعلم أحكام البيع, وأحكام الشراء, وأحكام الإجارة, والمزارعة والتجارة, وهُوَ ما عنده شيء من هَذَا؛ هَذَا مستحب في حَقَّه, الواجب عَلَيْه: أن يتعلم ما يقيم به دينه.

القارئ:

33 - وروينا عن الحسن بن الربيع, قال: سألت ابن المبارك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة عَلَى كُلّ مسلم» قال: ليس هو الَّذِي يطلبونه ولكن فريضة على من وقع في شيء من أمر دينه أن يسأل عنه حتى يعلمه.

شرح الشيخ:

وَهَذَا عَلَى صحة الحديث, قَالَ: «طلب العلم فريضة عَلَى كُلّ مسلم» وَقَدْ سبق أَنَّهُ فيه ضعف, لكن عَلَى فرض صحته فَهُوَ محمول عَلَى أن الفريضة عَلَيْه أن يتعلم ما يقيم به دينه.

القارئ:

34 - حدثنا عبد الوارث، قَالَ: حدثنا قاسم، قَالَ: حدثنا ابن وضاح، قَالَ: حدثنا محمد بن معاوية الحضرمي قال: سُئِلَ  مالك بن أنس وأنا أسمع، عن الحديث الذي يذكر فيه «طلب العلم فريضة على كل مسلم» فقال: ما أحسن طلب العلم ولكن فريضة فلا .

35 - وذكر عبد الملك بن حبيب، أَنَّهُ سمع عبد الملك بن الماجشون قال: سمعت مالكًا، وسئل عن طلب العلم أواجب؟ فقال: «أما معرفة شرائعه وسننه وفقهه الظاهر فواجب، وغير ذَلِكَ منه لمن ضعف عنه فلا شيء عليه» هكذا ذكر ابن حبيب ولا يشبه هذا لفظ مالك ولا معنى قوله والله أعلم.

36 - أخبرنا عبد الوارث بن سفيان, قَالَ: حدثنا قاسم بن أصبغ، قَالَ: حدثنا أحمد بن زهير, قَالَ: حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة، قَالَ: قال سفيان يعني ابن عيينة: " طلب العلم والجهاد فريضة على جماعتهم ويجزئ فيه بعضهم عن بَعْض " وقرأ هذه الآية { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون}[التوبة/122].

37 - حدثنا خلف بن القاسم، قَالَ: حدثنا محمد بن أحمد بن كامل، قَالَ: حدثنا أحمد بن محمد بن رشدين قال: سمعت أحمد بن صالح، وَسُئِلَ  عما جاء في «طلب العلم فريضة على كُلّ مسلم» فقال أحمد:  " معناه عندي إذا قام به قوم سقط عن الباقين مثل الجهاد ".

38 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن, قَالَ: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ببغداد, قَالَ: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: سمعت علي بن الحسن بن شقيق قال: قلت لابن المبارك: ما الَّذِي لا يسع المؤمن من تعليم العلم إلا أن يطلبه؟ وما الذي يجب عليه أن يتعلمه قال: " لا يسعه أن يقدم على شيء إلا بعلم ولا يسعه حتى يسأل ".

قال أبو عمر: قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصة نفسه ومنه ما هو فرض على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه عن أهل ذلك الموضع, واختلفوا في تلخيص ذلك والذي يلزم الجميع فرضه من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عَلَيْه؛ نحو الشهادة باللسان والإقرار بالقلب بأن الله وحده لا شريك له ولا شبه له ولا مثل له{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد}[الإخلاص/3-4].

خالق كل شيء وإليه يرجع كل شيء، المحيي المميت الحي الذي لا يموت عالم الغيب والشهادة هما عنده سواء لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السَّمَاء, هو الأول والآخر والظاهر والباطن، والذي عليه جماعة أهل السنة والجماعة أَنَّهُ لم يزل بصفاته وأسمائه ليس لأوليته ابتداء ولا لآخريته انقضاء، وهو على العرش استوى.

والشهادة بأن محمدا عبده ورسوله وخاتم أنبيائه حق وأن البعث بعد الموت للمجازاة بالأعمال، والخلود في الآخرة لأهل السعادة بالإيمان والطاعة في الجنة، ولأهل الشقاوة بالكفر والجحود في السعير حق وأن القرآن كلام الله وما فيه حق من عند الله يلزم الإيمان بجميعه واستعمال محكمه.

وأن الصلوات الخمس فريضة ويلزمه من علمها علم ما لا تتم إلا به من طهارتها وسائر أحكامها وأن صوم رمضان فرض، ويلزمه علم ما يفسد صومه.

شرح الشيخ:

لِأَنَّ هَذَا لازم لكل أحد ما تقوم العبادة إِلَّا بِهَذَا, يعلم أن الصوم معناه الإمساك من طلوع الفجر الثاني إِلَى غروب الشمس, يلزم أن يتعلم هَذَا, وكذلك جميع الواجبات, يجب عَلَيْه أن يتعلم ما يقيم به دينه, وما زاد عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ تطوع.

القارئ:

وما لا يتم إلا به، وإن كان ذا مال، وقدرة على الحج لزمه فرضًا أن يعرف ما تجب فيه الزكاة ومتى تجب وفي كم تجب, ولزمه أن يعلم بأن الحج عليه فرض مرة واحدة في دهره إن استطاع السبيل إليه إلى أشياء يلزمه معرفة جملها ولا يعذر بجهلها نحو تحريم الزنا وتحريم الخمر وأكل الخنزير وأكل الميتة، والأنجاس كلها والسرقة والربا والغصب والرشوة في الحكم، والشهادة بالزور، وأكل أموال الناس بالباطل وبغير طيب من أنفسهم إلا إذا كان شيئًا لا يتشاح فيه ولا يرغب في مثله.

وتحريم الظلم كله وهو كل ما منع الله عز وجل منه ورسوله صلى الله عليه وسلم وتحريم نكاح الأمهات والبنات والأخوات ومن ذكر معهن، وتحريم قتل النفس المؤمنة بغير حق، وما كان مثل هذا كله مما قد نطق به الكتاب وأجمعت الأمة عليه، ثم سائر العلم، وطلبه والتفقه فيه وتعليم الناس إياه وفتواهم به في مصالح دينهم ودنياهم والحكم به بينهم فرض على الكفاية يلزم الجميع فرضه فإذا قام به قائم سقط فرضه عن الباقين بموضعه لا خلاف بين العلماء في ذلك وحجتهم فيه قول الله عز وجل { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون}[التوبة/122].

فألزم النفير في ذلك البعض دون الكل، ثم ينصرفون فيعلمون غيرهم والطائفة في لسان العرب الواحد فما فوقه, وكذلك الجهاد فرض على الكفاية لقول الله عز وجل: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ }[النساء/95]. إلى قوله: {وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء/95].

شرح الشيخ:

{لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } بيّن أَنَّهُمْ لا يستويان, ثُمَّ قَالَ سبحانه: {وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء/95].

{لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} فهم معذورون, هَذِهِ الآية نزلت وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يملها عَلَى الكاتب؛ فجاء عبد الله بن أم مكتوم وكان رجل أعمى؛ فَقَالَ: يا رسول الله لولا أني ضرير ( ...15:00) ولا أستطيع, فأنزل الله في الحال: {غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء/95]. وبيّن قَالَ: كلهم موعودون بالجنة؛ ولكن المجاهدين لهم درجات عالية.

القارئ:

 لقول الله عز وجل: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ}[النساء/95]. إلى قوله: {وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء/95]. ففضل المجاهد ولم يذم المتخلف والآيات في فرض الجهاد كثيرة جدًا.

شرح الشيخ:

ومنه قوله تعالى في سورة الحديد: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}[الحديد/10]. بيّن أَنَّهُمْ لا يستويان وأن المنفق أفضل؛ ثُمَّ قَالَ: { وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} كلٌ منهما كلٌ من المنفق وغير المنفق كلٌ موعودة بالجنة؛ لكن المنفق فضله الله.

القارئ:

ففضل المجاهد ولم يذم المتخلف والآيات في فرض الجهاد كثيرة جدًا, وترتيبها مع الآية التي ذكرنا على حسب ما وصفنا عند جماعة أهل العلم فإن أظل العدو بلدة لزم الفرض حينئذ جميع أهلها, وكل من قرب منها إن علم ضعفها عنه وأمكنه نصرتها لزمه فرض ذَلِكَ أَيْضًا.

شرح الشيخ:

نعم حَتَّى يندفع العدو, وهنا يكون فرض عين, إِذَا هجم العدو عَلَى بلد وجب عليهم جميعًا أن يجاهدوا, فرض عين ولا يحتاج إِلَى استئذان, الكل يجاهد الرجل والنساء, كلٌ باستطاعته, ومن قرب منهم ويعلم أن العدو لا يندفع بهم يجب عَلَيْه أَيْضًا؛ حَتَّى يجب عَلَى المسلمين جميعًا أن يدافعوا هَذَا العدو.

في الأول: يجب عَلَى أهل البلد الَّذِينَ داهمهم العدو, ثُمَّ عَلَى من حولهم وهكذا.

القارئ:

 قال أبو عمر: ورد السلام عند أصحابنا من هذا الباب فرض على الكفاية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

39 - «وإن رد السلام واحد من القوم أجزأ عنهم» وخالفهم العراقيون فجعلوه فرضًا معينًا على كل واحد من الجماعة إذا سلم عليهم.

شرح الشيخ:

الشيخ: عَلَيْه تعليق هَذَا إِذَا سلم عَلَى واحد كفى, عَلَيْه تعليق الحديث الَّذِي أشار إليه؟

الطالب: أخرجه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يسلم الراكب عَلَى الماشي وإذا سلم من القوم واحدٌ أجزأ عنهم» وأخرجه ابن وضاح في جزئه.

الشيخ: مرسل, قوله: « وإذا سلم من القوم واحدٌ أجزأ عنهم» هَذَا مرسل والمرسل ضعيف.

القارئ:

وخالفهم العراقيون فجعلوه فرضًا معينًا على كل واحد من الجماعة إذا سلم عليهم, وقد ذكرنا وجه القولين والحجة لمذهب الحجازيين في كتاب التمهيد لآثار الموطأ، والآية المبينة لرد السلام بإجماع هي قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}[النساء/86].

ومن هذا الباب أيضا تكفين الموتى وغسلهم، والصلاة عليهم، ومواراتهم، والقيام بالشهادة عند الحكام فَإِن كان الشاهدان عدلين، ولا شاهد له غيرهما تعين الفرض عليهما، وصار من القسم الأول، ومن هذا الباب عند جماعة من أهل العلم، الأذان في الأمصار، وقيام رمضان، وأكثر الفقهاء يجعلون ذلك سنة وفضيلة، وقد ذكر قوم من العلماء في هذا الباب عيادة المريض، وتشميت العاطس قالوا: هذا كله فرض على الكفاية.

39 - وقال أهل الظاهر: بل ذلك كله فرض متعين واحتجوا بحديث.

40 - البراء بن عازب قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإفشاء السلام، وإجابة الداعي، وتشميت العاطس، ونصر المظلوم وإبرار القسم» الحديث وقد ذكرنا هذه السبع وغيرها على اختلاف أحكامها عند العلماء في كتاب التمهيد وخالفهم جمهور العلماء فقالوا: ليس تشميت العاطس من هذا الباب وكذلك عيادة المريض، وَإِنَّمَا ذَلِكَ ندب وفضيلة وحسن أدب أمر به للتحاب والألفة ولا حرج على من قصر عنه إلا إنه مقصر عن حظ نفسه في اتباع السنة وأدبها.

شرح الشيخ:

41 - وذكر ابن المبارك، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: " ست إذا أداها قوم كانت موضوعة عن العامة وإذا اجتمعت العامة عَلَى تركها كانوا آثمين: الجهاد في سبيل الله يعني سد الثغور، والضرب في العدو، وغسل الميت وتكفينه والصلاة عليه، والفتيا بين النَّاس، وحضور الخطبة يوم الجمعة، ليس لهم أن يتركوا الإمام ليس عنده من يخطب عليه، والصلاة في جماعة " قال الحسن: «وإذا جاءهم العدو في مصرهم فعليهم أن يقاتلوا يعني أجمعين» قال ابن المبارك: وبهَذَا كله أقول وقد جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه ما يعضد قول الحسن.

42 - قال أبو الدرداء: «لولا أن الله عز وجل يدفع بمن يحضر المساجد عمن لا يحضرها وبالغزاة عمن لا يغزو لجاءهم العذاب قبلاً» قال أبو عمر: " قد ذكرنا قول من قال: شهود الجماعة فرض متعين ومن قال: ذَلِكَ فرض عَلَى الكفاية، ومن قال: ذَلِكَ سنة مسنونة في كتاب التمهيد، فأغنى ذَلِكَ عن إعادته ها هنا ولم نقصد في كتابنا هَذَا إلى هَذَا المعنى فلذَلِكَ أضربنا عَلَى تقصيه واستيعاب القول فيه وبالله التوفيق، والقول عندنا في شهود الجماعة أَنَّهُ سنة والذي عليه جمهور العلماء وجماعة الفقهاء أن شهود الجمعة فرض متعين عَلَى كل حر بالغ من الرجال في المصر أو خارج منه بموضع يسمع منه النداء، وسترى الحجة لذَلِكَ في كتابنا الاستذكار إن شاء الله ".

43 - وروى يونس بن عبد الأعلى، وابن المقرئ، وابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: " وجدنا علم الناس كله في أربع، أولها: أن تعرف ربك.

شرح الشيخ:

يعني أن تعرف ربك بأسمائه وصفاته وأفعاله وبنعمه عَلَيْه, وبأنه المعبود بحق؛ مثل ما ذكر محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, يجب عَلَى الإنسان أن يتعلم أربع مسائل: العلم.. والعمل .. والدعوة .. والصبر عَلَى الأذى.

أن تعرف ربك بأسمائه وصفاته هَذَا أشرف العلوم؛ لِأَنَّ أشرف العلوم أن تعرف ربك, ثُمَّ تعرف حَقَّه الَّذِي أوجبه عليك.

أولًا: أن تعرف ربك, وأَنَّهُ الخلاق الرزاق وأَنَّهُ رب العالمين, وأَنَّهُ له الأسماء الحسنى والصفات  العلا, وأَنَّهُ المنعم عَلَى عباده, وأَنَّهُ يحييهم ويميتهم ويرزقهم ويسعدهم ويشقيهم, ثُمَّ بعد ذَلِكَ تعرف حَقَّه الَّذِي خلقك من أجله وهي العبادة.

قَالَ: وجدنا إيش؟

القارئ:

وجدنا علم الناس كله في أربع، أولها: أن تعرف ربك, والثاني: أن تعرف ما صنع بك.

شرح الشيخ:

(ما صنع بك) أَنَّهُ خلقك ورزقك وأوجدك وأنعم عليك, هَذَا تابع للأول.

القارئ:

والثالث: أن تعرف ما أراد منك.

شرح الشيخ:

هَذِهِ العبادة (ما أراد منك) أراد أن تعبده, قَالَ تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}[الذاريات/56]. تعرف ما أ راد بك؛ يعني لماذا خلقك؟ خلقك للعبادة وتوحيد  الله وطاعته.

القارئ:

والرابع: أن تعرف ما تخرج من دينك.

شرح الشيخ:

تعرف الفعل أو  العمل الَّذِي يخرجك من الدين وهُوَ الشرك والعياذ بالله, يعرف الشرك حَتَّى يجتنبه, والردة  الَّتِي يرتد بها عن الإسلام, وَالَّذِي يخرج من الدين بالكفر والشرك, إِذَا أشرك بالله, أنكر ما هُوَ معلوم من الدين بالضرورة, أو فعل الشرك سواء كان فعلاً أو قولًا أو شكًا أو اعتقادًا, أو رفضًا وتركًا للعمل والشريعة, أو ظنًا, أو كان أَيْضًا من المنافقين بِهَذَا يخرج من الدين, قَالَ سفيان: وجدنا العلم في أربع أشياء:

أولًا: أن تعرف ربك.

الثاني: أن تعرف ما صنع بك.

الثالث: أن تعرف ما أراد بك.

الرابع: أن تعرف ما تخرج به من دينك, ما يخرج الإنسان به من دينه.

القارئ: 

وقال بعضهم: ما يخرجك من دينك.

تفريع أبواب فضل العلم وأهله.

شرح الشيخ:

بركة وفق الله الجميع لطاعته.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد