شعار الموقع

الأصول الثلاثة (1) الأصل الأول

00:00
00:00
تحميل
836

المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل:

الأولى : العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ﷺ ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

الثانية : العمل به.

الثالثة : الدعوة إليه .

الرابعة : الصبر على الأذى فيه ،والدَّليل قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ  .( سورة العصر:1-3)

قال الشافعي -رحمه الله تعالى- لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم. وقال البخاري -رحمه الله تعالى- : بابنا العلم قبل القول والعمل ،والدليل قوله تعالى فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ سورة محمد الآية : (19)  فبدأ بالعلم قبل القول والعمل .

الشرح:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد :

فإن الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- قام بالدعوة إلى الله عزَّ وجل ،قام بهذا الأمر العظيم ، وترسَّم خطى الأنبياء والمرسلين ، واقتدى بنبينا محمد ﷺ في دعوته إلى الله ،وفي تعليمه للناس ونصحه وإرشاده ،وهو إمام هدى -عليه رحمة الله- ولهذا أثمرت دعوته ونفع الله بها وانتشرت دعوته في مشارق الأرض ومغاربها.

وهدى الله على يديه خلقًا كثيرًا ،وذلك -والله أعلم- بسبب إخلاصه لربِّه عزَّ وجل ،وصدقه في نصحه لعباد الله ، فلذلك أثمرت هذه الدعوة ثمارها الطيبة ، ونفع الله بها وانتشرت في مشارق الأرض ومغاربها، وهدى الله على يديه الخلق الكثير ، ومازلنا نتفيأ ظلال هذه الدعوة الوارفة وثمارها الطيبة ،وهو -رحمه الله- دعا النَّاس إلى ما دعا إليه نبينا ﷺ ، دعوته هي دعوة الرسل دعا النَّاس إلى عبادة الله عز وجل واخلاص الدين لله، والقيام بأمره سبحانه، وأداء حقوقه وحقوق عباده، فأثمرت هذه الثمار الطيبة ، فإن الكلام إذا خرج من القلب فإنه ينفذ إلى القلب ،فلهذا له الأثر الطيب في مؤلفاته وفي دعوته، وألف المؤلفات القيمة الكثيرة، الصغيرة في حجمها ومبناها ،الكبيرة في معناها ،هي قليله الكلمات، وهذا هو الأسلوب العلمي أسلوب العلماء .-رحمه الله- رحمة واسعة ، وجمعنا وإياكم وإياه في دار كرامته . وألف الرسائل العظيمة ،ومنها هذه الرسالة التي بين أيدينا ، وهي رسالة الأصول الثلاثة، والأصول الثلاثة: الأصل الأول هي: معرفه الإنسان ربه.

والأصل الثاني: معرفة الإنسان الإسلام بالأدلة ، يعني : معرفة الإنسان دينه, دين الإسلام بالأدلة .                                                         

الأصل الثالث: معرفة نبيه محمد ﷺ ، وهذه الأصول الثلاثة هي التي يُسأل عنها الإنسان إذا وضع في قبره ، وهذه الأصول الثلاثة التي كتب عنها هذه الرسالة هي التي يُسْأَل عنها الإنسان في قبره ، إذا وضع الإنسان في قبره وتولى عنه أصحابه ، يأتي ملكان كما ثبت في الحديث يقال لأحدهم المنكر ويقال للآخر النكير فيسألانه: من ربُّك ؟ وما دينُك ؟ ومن نبيك؟ ، هذه الأصول الثلاثة ، يسألانه : من ربك؟وما دينك؟ ومن نبيك ؟، فالمؤمن يثبته الله ، يقول : الله ربِّي ، والإسلام ديني ، ومحمد ﷺ نبيي ، والفاجر لا يستطيع أن يجيب على هذه الأسئلة ولو كان أفصح النَّاس في الدُّنيا "نسأل الله السلامة والعافية".

ينكر به، فيضل، فإذا قال من ربُّك؟ فيقول: "ها ها" لا أدري سمعتُ النَّاس يقولون شيئًا فقلته ، وإذا قال له الملكان ما دينُك ؟ فيقول: "ها ها" لا أدري سمعتُ النَّاس يقولون شيئًا فقلته ، وإذا قال له من نبيُك ؟ فيقول: "ها ها" لا أدري سمعتُ النَّاس يقولون شيئًا فقلته ، فيضربه الملكان بأرزبة من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل ما خلق الله إلا الثقلين.

كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ، فهذه الأصول الثلاثة التي ألفها ألف الرسالة فيها الإمام ، رسالة عظيمة ، ولهذا صارت هذه الرسالة تُحفظ ، يحفظها الطلبة الصغار والكبار ،ولا يستغني عنها الكبار ، يحفظونها وتدرس في المدارس والمساجد وهي من أول ما يبدأُ به طالب العلم بما يتعلق بالعقيدة :الأصول الثلاثة ،والقواعد الأربعة ،كشف الشبهات ،هذه رسائل يبدأ بها طالب العلم ثمَّ يترقى إلى كتاب التوحيد ،ثمَّ العقيدة(5:37) الواسطية ، ثمَّ العقيدة الطحاوية ، ثمّ الحموية ، ثمَّ التدمرية ، وهكذا ، كتب السَّنة ،سنن الإمام أحمد ولابن عبد الله ، ولغيره من أهل العلم ،السَّنة لخلال، السَّنة للبريهاري وغيرهم .

هذه الرسالة ينبغي حفظها وتفهم معانيها والعناية بها وحفظها للكبار وللصغار ، لا يستغني عنها أو فهمها.

إنَّ هذه الأصول الثلاثة هي التي لا يصح إسلام المرء إلا بمعرفتها ،وهي التي يُسأل عنها إذا وضع في قبره ،والمؤلف -رحمه الله- الشيخ الإمام المجدد أتى بكلمات وبأسلوب علمي أصيل يفهمه كل أحد ليس فيه حشو ولا تعقيد ولا تكرار ولا زيادة وكل كلمة يتكلم بها يعقبها بالدليل يذكر دليل بعدها . وهكذا...

لأن الكلام لا يصح إلا بدليل ،فأنا أوصي أبنائي وأخواني بالعناية بهذه الرسالة وتدريسها للصغار والكبار ،وتفهم معانيها ولو شرحت شرحا مطولا لأتى شرحها إلى مجلد، يأتي إلى مجلد شرحها ،وقد تشرح بشرحًا مختصرًا وشرحًا متوسطًا، ولو أراد الإنسان أن يتوسع فيها في شرحها ، لأتى شرحها مجلدات. يقول -رحمه الله- في أول هذه الرسالة وفي مطلعها ، (اعلم رحمك الله )كلمة (أعلم) يعني : تيقن وأجزم ،العلم :هو حكم الذِّهن الجازم وهو ما يتيقنه الإنسان، لأن المدركات أربعة أنواع :العلم ،والشك ،والظن ،والوهم ،هذه هي المدركات، فالشيء الذي تتيقن فيه يسمى "علم"، هذا حكم الذِّهن الجازم ،وأمَّا الشيء الذي تشك فيه وتتردد فإن كان متساوي الطرفين متردد بين اثنين لا يترجح أحدهما على الأخر يسمى "شك" ، وإن كان الأمر متردد فيه بين اثنين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يسمى "ظن" والمرجوح يسمى "وهم" ،هذه هي المدركات ،ما يتيقن به الإنسان ويجزم به يسمى "علم" ،وما يتردد فيه بين أمرين لا ترجيح لأحدهما عن الآخر يسمى "شك" ،وما يتردد فيه الإنسان بين أمرين أحدهما أرجح على الآخر الراجح يسمى "ظن" والمرجوح يسمى "وهم" ،فالمؤلف -رحمه الله- يقول: (اعلم)يعني: تيقن، واجزم لا تشك ولا تظن ولا تتوهم، تيقن ، ثم قال: (رحمك الله) هذه جملة المقصود منها الدعاء (رحمك الله) خبر بمعنى الدعاء ، والمعنى :الله يرحمك، وهذا من نصحه -رحمه الله- يعلمك ويدعو لك بالرحمة، يعلمك ويدعو لك بالرحمة ، والعلماء أنصح الناس للناس ، والعلماء ورثة الأنبياء ، والأنبياء أنصح الناس للناس ،الأنبياء، ثمَّ يليهم العلماء لأن ورثة الأنبياء ،يعلمون الناس الخير ويصبرون على أذاهم، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله- في خطبة رسالة الرد على الزنادقة "يحيون بكتاب الله الموتى، ويصبرون على الأذى ،فما أحسن أثرهم على النَّاس وما أقبح أثر النَّاس عليهم ، أثر العلماء على الناس حسن ، يعلمونهم ويرشدونهم وينقذونهم من الجهالات، وأثر النَّاس عليهم إذاءهم ، أثر الناس عليهم قبيح يؤذونهم ، وأثرهم على الناس حسن يعلمونهم ويرشدونهم ،فالإمام -رحمه الله- يعلمك ويدعو لك ،يقول: (اعلم رحمك الله) اجزم وتيقن ولا تشك ولا تتوهم ولا تظن، الله يرحمك ،"رحمك الله" خبر بمعنى الدعاء ،ومعناها الله يرحمك ، أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل ، يقول: اجزم وتيقن ولا تشك ولا تتوهم ، أنه يجب عليك ، وجوب وليس نافلة ، أن تتعلم هذه الأربعة مسائل، تعلمها فأن لم تتعلمها فإنك آثم الواجب :هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه ، هذا الواجب فإذا تعلمت هذه المسائل الأربعة، فأنت مثاب ،وإذا تركتها فأنت معاقب فأنت مذنب وعاصي ،فالمؤلف -رحمه الله- قال: (اعلم رحمك الله) أنه يجب عليك وجوباً تأثم إذا تركته ، يجب علينا جميعا تعلم أربع مسائل ..

ماهي هذه المسائل؟

الأولى: العلم ، الثانية: العمل ، الثالثة: الدعوة إليه، الرابعة: الصبر على الأذى فيه ،هذه الأربع مسائل يجب على كل إنسان يتعلمها.

العلم ،العلم ما هو؟ فسَّره هنا قال العلم هو: معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دينه الإسلامي بالأدلة ،العلم هذا واجب عليك ، العلم بالله بأسمائه وصفاته، وأن الله تعالى موجود، وأنه فوق العرش، وأنه له الأسماء الحسنى والصفات العلى، التي سمى به نفسه وأوصف بها نفسه ،وسماه بها رسوله ﷺ ،وصفه بها رسوله ﷺ، واعلم أن الله هو الرَّب ،وغيره مربوب، وأنه الخالق وغيره مخلوق، وأنه المالك وغيره مملوك ،وأنه المدَبِر وغيره المدَبَر، واعلم أن الله هو  مستحق بالعبادة ،لا يستحقها غيره ،والعبادة هي الأوامر والنواهي ، تفعل الأوامر وتترك النواهي، هي كل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ، وبهذا تكون عرفت ربك ،إذا أنه يجب عليك العلم بأن تعرف الله ، تعرف الله بأي شيء؟ تعرفه بأنه الرَّب ، بأنه الخالق ، بأنه المالك ، بأنه المدبر ، تعرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وتعرفه بأنه هو الذي يستحق العبادة ،الصلاة الزكاة ،الصوم ،والحج ،والدعاء والذبح ،والنذر ،والاستعاذة، والاستغاثة، والتوكل، والخوف، والرجاء ،هذه الأنواع كما سيبينها المؤلف –رحمه الله- ،كلها حق الله، نعتقد أن الله هو المستحق بها حقه وهو المستحق لها، وهي حقه سبحانه، لا يجوز صرفها لغيره ولا يرضى الله بأن يصرفها أحد لغيره، لا لملك مقرب ولا نبيي مرسل.

حتى الرَّسول الذي هو أشرف النَّاس خاتم النبيين لا تصرف له العبادة ، الله له حق وهو العبادة، والرَّسول له حق وهو الطاعة والمحبة والتعظيم، وبهذا تكون عرفت الله. 

والثاني: معرفة نبيه:، تعرف أنَّ نبيك: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم وهاشم من قريش وقريش من العرب والعرب من ذرية إسماعيل بن وإبراهيم الخليل وعلى الأنبياء وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، تعرف نبيك وأنه بعث بمكة ، كما سيبين المؤلف –رحمه الله-.

والثالث والثاني : معرفة الدين الإسلامي بالأدلة لا بالتقليد بالأدلة:، تعرف الإسلام بالأدلة ، تعرف أن الإسلام هو: الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك، الإسلام سمي الإسلام لما فيه من استسلام وانقياد والانقياد لله تعالى بالتوحيد، تنقاد له فتوحده، تستسلم له بالتوحيد، وتوحد الله ، وتنقاد له بالطاعة، تطيع أمره وتزيل منهاه، وتتبرأ من الشرك وأهله هذا هو الدين الإسلامي، هذا هو الأمر الأول الذي يجب عليك أن تعرفه،" العلم " العلم بالله والعلم بنبي الله، والعلم بالإسلام، هذا واجب عليك ليس نافلة فرض، كل إنسان يجب عليه أن يعرف ربه ويعرف نبيه ويعرف دينه الاسلام، لأنه مخلوق لذلك والذي لا يعلم يكون آثم ، الذي لا يعلم ربه ولا يعلم دينه ولا يعلم نبيه يكون آثم، هذا هو الأمر الذي خلقنا له ، خلقنا الله لم يخلقنا لنأكل ونشرب ونبيع ونشتري ونعمر ونزرع ، لا ، مخلقون لعبادة الله ونستعين بهذه الأمور على طاعة الله، إذا هذا هو الأمر الأول   هذه المسألة الأولى التي يجب علينا تعلمها :

المسألة الأولى: العلم بالله، والعلم بنبيه، والعلم بدين الإسلام بالأدلة، وهذا على سبيل الاختصار كما قلت لكم، ولا أريد أن أتوسع في شرح هذه المسألة، تحتاج إلى ساعات طويلة.                                          

  المسألة الثانية: العمل به، العمل، العمل به: والضمير يعود إلى ما سبق، العمل به ،تعمل إذا عرفت ربك بأسمائه وصفاته ،تثبت له الأسماء الحسنى وتثبت له الصفات العلى، وتعتقدأن له الأسماء الحسنى وأن له الصفات العلى، وتعتقد أنه هو الخالق، المدبر، الرَّازق، المالك، الرَّب وتعتقد أنه مستحق العبادة، هذا هو العمل، عمل قلبي، تعتقد بقلبك وتعمل بجوارحك، تصرف العبادة لله، الصلاة، صيام، زكاة، تحج، تباشر الصلاة  بجوارحك، تباشر دفع الزكاة، تباشر الصيام، تباشر الحج، تكون المسألة تعمل، الأولى العلم، الثانية العمل، ما يكفي كونك عرفت الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وكونك عرفت نبيك، وعرفت دين الإسلام، لابد أن تعمل أيضًا تعتقد بقلبك وتعمل بجوارحك.

تعتقد أن الله هو المستحق بالعبادة، تعتقد أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى، تعتقد ربوبية الله، كذلك إذا عرفت نبيك تعتقد أن نبيك محمد صلى الله عليم وسلم يجب عليك أتباعه، وتعظيمه ومحبته، وتصديق أخباره، وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه ،وتعمل بأوامر الله بما شرع، كذلك عرفت الدين الإسلام تعمل بمعنى أنك تستسلم لله تعالى بالتوحيد وتوحد الله وتنقاد لله بالطاعة، فتطيع أوامره، وتجتنب نواهيه وتتبرأ من الشرك وأهله، وبذلك تكون عملت، إذا الأمر الأول العلم، والمسألة الثانية: العمل به.

المسألة الثالثة: الدعوة إليه، إذا منَّ الله عليك بالعلم والعمل، فإنه يجب عليك أن تدعو النَّاس إلى هذا الخير الذي منَّ الله عليك به، تدعو النَّاس إلى التوحيد، تدعو النَّاس إلى الإيمان بالله، والإيمان بأسمائه وصفاته وأفعاله، والإيمان بربوبيته، والإيمان بأنَّه مستحق العبادة، تدعو النَّاس إلى الإيمان بمحمد ﷺ، واعتقاد أنَّه رسول الله، وأنَّه خاتم النبيين، وأنَّه لا نبي بعده، وأنَّه رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس، وأنَّ ليس بعده نبي، كذلك أيضًا تدعو إلى لدين الإسلامي ، تدعو النَّاس إلى أن يوحدوا الله وينقادوا له بالطاعة ويتبرؤوا من الشرك وأهله، ويمتثلوا الأوامر ويجتنبوا النَّواهي، وبذلك تكون دعوت إلى الله المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه ، يعني إذا علمت ثم عملت ثم دعوت النَّاس إلى لتوحيد فإنه لابد أن يصيبك أذى ، لأن الذي يدعو النَّاس يقف أمامهم يقف أمام رغباتهم وشهواتهم، يمنعهم من أن يباشروا الأعمال التي يهونها، إذا منعهم أذوه، إمَّا بالقول أو بالفعل فلابد من الصبر، فاصبر على الأذى الذي يصيبك بقول بسب أو شتم أو اعتداء باليد، لابد أن تصبر فإذا لم تصبر انقطعت، اصبر على ما يصيبك، سباب شتام ضرب سجن، الأنبياء صبروا،  وهم القدوة والأسوة صبروا، نوح عليه الصلاة والسَّلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عام، وهم يؤذونه ويقولون مجنون ويقولون ساحر كذلك هود، كذلك صالح، كذلك موسى وعيسى وشعيب ونبينا ﷺ أصابه ما أصابه وضع السلا على رقبته عليه الصلاة والسلام، وخنقه بعض الكفَّار حتى جاء أبو بكر وأزاله وأبعده عنه وحاولوا قتله مرات ، طريق الدعوة ليس مفروش بالورود، لا بد من الصبر الذي لا يصبر ينقطع، ولهذا قال الله تعالى للنبي ﷺ : فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ    هذه هي الأمور التي يجب على المسلم أن يتعلمها .                         

 الأولى: العلم، الثانية: العمل به، الثالثة: الدعوة إليه، الرابعة الصبر على الأذى فيه. " طيب "  المؤلف يقول: أنه يجب علينا أن نتعلم هذه الأربع المسائل ما الدليل؟ قلت لكم أنه يعقب كلامه بالدليل ، الدليل قول الله تعالى :بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ (العصر:1-3)هذا هو الدليل، هذه الآية هي الدليل على هذه المسائل الأربع ، وأنه يجب على الإنسان أن يتعلمها ويعمل بها ويدعو إليها، أقسم الله تعالى بالعصر، والعصر: هو الزمان هذا الصحيح لأنه محل والزمان هو محل اكتساب الحسنات والسيئات محل العمل ،  وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ "إنَّ" للتأكيد، "والقسم" للتأكيد، الإنسان و "ال" للجنس والمراد: جنس الإنسان، لَفِي خُسْرٍ يعني: في خسارة وهلاك، أقسم الله وهو الصادق سبحانه وتعالى وإن لم يقسم، ولكن لتأكيد المقام، أقسم إن الإنسان لفي خسر، جنس الإنسان لفي خسر وهلاك، واستثنى الله من هؤلاء الخاسرين الذين اتصفوا بهذه الصفات قال : إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ هؤلاء هم الرابحون ، استثناهم الله من الخسران، خرجوا من الخسران، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا الإيمان الصادق مبني على علم، ليس هناك إيمان صحيح إلا بالعلم، هذا هو العلم، هذه المسألة الاولى.

وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هذه المسألة الثانية، المسألة الثانية العمل به، عمل الصالحات، الصالحات  هي أداء الواجب، والواجبات ترك المحرمات، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ هذه الدعوة إلى الله، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ يدعون إلى الحق ويدعون إلى الله، وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ هذا هو الصبر، هؤلاء هم الرَّابحون استثناهم الله، فالنَّاس كلهم في خسارة وهلاك إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع، إذا الإيمان المبني العلم، والثانية العمل، والثالثة التواصي بالحق والدعوة إلى الله، والرابعة التواصي بالصبر، فمن تكمل هذه الصفات، وأقامها واستقام عليها، كمل ربحه وهو الرابح، ومن ضيعها كمل خسرانه، ومن نقص شيئا منها فاته من الربح وحصل على شيء من الخسران بقدر نقصه من هذه المسائل.

قال الشافعي -رحمه الله-: لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم، يعني يقول: إن هذه السورة وهي سورة العصر لو ما أنزل الله على خلقه حجه إلا هذه السورة لكفتهم لإقامة الحجة عليهم، لأن فيها بيان أن أهل الربح هم الرابحون، وهم الذين يتصفون بهذه الصفات، وأن من فقد هذه الصفات فهو الخاسر، فلو ما أنزل الله على خلقه حجة إلا هذه السورة لكفتهم لإقامة الحجة، وليس معنى ذلك تكفيهم في تفصيل أمور الشريعة، التفاصيل لابد منها، التفاصيل معرفة أحكام الصلاة، وأحكام الصيام، وأحكام الحج، هذه لابد منه، لكن مقصود الشافعي -رحمه الله- أنها تكفيهم في إقامة الحجة عليهم، لأنها هذه السورة أوجبت على الإنسان أن يتعلم ويعمل ويدعو ويصبر وبينت أن هذه الصفات هي صفات الرابحين، وأن من فقدها فهو الخاسر فيقول الشافعي -رحمه الله-: لو ما أنزل حجة إلا هذه السورة لكانت كافية لإقامة الحجة عليهم، فكيف وقد أنزل الله من الحجج الكثيرة التي لا حصر لها في كتابه وفي سنة رسوله ﷺ، قال المؤلف -رحمه الله-،: وقال البخاري –رحمه الله-: باب العلم قبل القول والعمل والدليل قوله تعالى:  فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ (محمد:19) فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.

البخاري يعني في صحيحه، رواه البخاري أبو عبدالله، صاحب الصحيح، إمام من أئمة أهل السنة والجماعة، محدث مشهور، كتابه صحيح البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله عزَّ وجل، عند المحقين وعند كثير من أهل العلم وأهل الحديث، وبعض العلماء قدم صحيح مسلم، لكن الذي قدم صحيح مسلم، إنما قدمه من جهة الصناعة الحديثية، من جهة الترتيب، وإلا فإن صحيح البخاري أصح  من صحيح مسلم، ومسلم تلميذ للبخاري.

قال البخاري -رحمه الله-: في كتابه الصحيح باب العلم قبل القول والعمل، يعني: العلم مقدم تعلم أول شيء ثم تعمل وتتكلم، العلم قبل القول والعمل ، العلم إمام للعمل، يعني تتعلم أول ثم تقول وتعمل، لأن الإنسان إذا عمل بدون علم، صعب وهو في ظلام، صار في ضالة، هذا هو الضلال، الضلال أن يعمل الإنسان بدون علم، هذا الضلال والجهل، وهذه هي طريقة النَّصارى، الذي نسأل الله أن يجنبنا طريقهم في كل صلاح، و غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ ، الله تعالى قسم النَّاس ثلاثة أقسام بهذه السورة سور الفاتحة التي هي أعظم سورة في القرآن، بعد أن بين الله تعالى في هذه السورة حمد نفسه، وأثنى على نفسه ومجد نفسه، فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ۝ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، (الفاتحة:2-4)، ثم بين أنه المستحق بالعبادة، قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ،( الفاتحة:5-6) ثم جاء بعدها الدعاء، هذا الدعاء العظيم، أعظم دعاء ، وأجمع دعاء، وأفضل دعاء، وأنفع دعاء، دعاء الفاتحة، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، ( الفاتحة:6-7)، الله تعالى قسَّم النَّاس إلى ثلاثة أقسام، "منعم عليهم"، وهم الذين منَّ الله عليهم بالعلم والعمل، و"مغضوب عليهم"، وهم الذين يعملون ولا يعلمون، و"ضالون" وهم الذين يعملون بدون علم، فأنت تسأل الله أن يهديك الصراط مستقيم صراط المنعم عليهم، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يعني: بالعلم والعمل، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الذين علموا ولم يعملوا، "وصاروا غاويين، يعملون ولا يعلمون، ولا الضالين" يعني ولا طريق الضالين وهم الذين يعملون على جهل وضلال، حاجة الإنسان إلى هذا الدعاء أعظم من حاجته للطعام والشراب، بل أعظم من حاجته إلى النفس الذي يتردد بين جنبي الإنسان، لأن الإنسان إذا فقد الطعام والشراب والنفس مات الجسد، والموت لابد إن عاجلا أو آجلا ، ولا يضر الإنسان موت الجسد إذا كان مستقيما على طاعة الله، إذا كان قلبه سليما حيَّا لا يضره موت الجسد، لكن إذا مات قلبه إذا فقد الهداية مات قلبه وروحه صار إلى النَّار، لهذا تبين أن حاجة الإنسان إلى هذا الدعاء أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب بل أعظم من حاجته إلى النفس الذي يتردد بين جنبي الإنسان، فالعلم قبل القول والعمل، ولهذا قال البخاري: باب العلم قبل القول والعمل، تتعلم تتبصر ثم تعمل وتقول، أمَّا أن تعمل بدون علم هذا طريق الضلال، وهذه طريقة النَّصارى، طريقة أهل البدع يعملون على جهل وضلال، لابد أن يسبق العمل علم، البخاري يقول: باب العلم قبل القول والعمل ، العلم أول ثم تقول ثم تعمل قال: والدليل قوله تعالى ف-رحمه الله تعالى-، لا يأتي بالمسألة إلا ويقرنها بالدليل، فالدليل قوله تعالى فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ (محمد:19)، قال المؤلف: فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، قال: " اعلم" هذا العلم، ثم العمل: "استغفر لذنبك" هذا العمل، العلم سبق العمل. "فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك" قال المؤلف: فبدأ بالعلم قبل القول و العمل .

 

المتن

اعلم رحمك الله، أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلاث والعمل بهن: الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولا فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النَّار، والدليل قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ۝ فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلً (المزمل:15-16)، الثانية: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا، (الجن:16)، الثالثة: أن من أطاع الرسول ﷺ و وحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، والدليل قوله تعالى لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، (الحشر:22) .

الشرح

يقول المؤلف -رحمه الله- اعلم رحمك الله، أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث المسائل والعمل بهن، "اعلم" -كما سبق- يعني تيقن واجزم لا تشك، ولا تتوهم، ولا تظن، رحمك الله دعاء، دعاء بالرحمة، يعني: أن الله يرحمك، أنه يجب على كل مسلم ومسلمه تعلم هذه الثلاث المسائل، والعمل بهن، يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلم هذه المسائل الثلاث، فإذا لم يتعلم صار آثمًا ، صار عاصي، الواجب هو: ما أُثيب فاعله و عُوقب تاركه، الصلاة واجبة ، من صلى أثابه الله ، ومن لم يصلِ عاقبه الله، كذلك بر الوالدين طاعة، من بر والديه أثابه الله ومن لم يبر والديه عاقبه الله . فهذه المسائل الثلاث يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلمها وأن يعمل بها، ومن يتعلمها وعمل بها أثابه الله ومن لم يتعلمها ولم يعمل بها أو تعلمها ولم يعمل بها، فهو معاقب، آثم، فهذه ليس للإنسان اختيار فيها، وإنما فرض، فرض على الإنسان أن يتعلم هذه المسائل، كما أنه فرض عليه أن يتعلم المسائل الأولى الأربع، العلم ، والعمل بها، والدعوة إليها، والصبر على الأذى، وكذلك يجب عليه أن يتعلم هذه المسائل ، فرض ليس نافلة، فرض، على كل إنسان يتعلم هذه المسائل الثلاث ويعمل بها، يتعلم ثم يعمل، لابد من أمرين : 

 الأولى :أن الله خلقنا و رزقنا  ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولا من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، والدليل قول الله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ۝ فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا هذه المسألة الأولى ,أن تعلم أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولا، وهذا الرسول جاء بالأوامر والنواهي، وأنزل الله عليه القرآن وأعطاه السنة وهي وحي ثابت، أوامر ونواهي، فمن أطاع هذا الرسول وامتثل لأوامره دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، لابد أن تعلم هذا، لأنك مخلوق لهذا، ما خلقت كالبهيمة تأكل وتشرب، لا ، مخلوق لتعمل، الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولا أنزل الله عليه القرآن وأعطاه الحكمة، وفيها الأوامر والنواهي، فمن أطاعه وامتثل لأوامره دخل الجنة، ومن عصاه دخل النَّار، والدليل كل كلمة يأتي بها المؤلف يعقبها بالدليل، والدليل قوله تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ​​​​ خطاب لهذه الأمة، خطاب لأمة محمد ، إنا أرسلنا إليكم أيها الأمة المحمدية، رسولا شاهدا عليكم وهو محمد رسول الله ﷺ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا كما أرسل الله إلى فرعون ملك مصر الطاغية في زمانه، رسولا هو موسى عليه السلام، فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرسول فعصى فرعون الرسول وهو موسى عليه السلام، فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا أخذا شديدا أهلكه الله، وأتباعه أهلكهم الله وأغرقهم وصارت أجسامهم إلى الغرق، وأرواحهم إلى النَّار والحرق، -أعوذ بالله- إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ۝ فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) ) إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ هذا خطاب لهذه الأمة المحمدية، رَسُولًا، هو محمد ﷺ، كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا هو موسى عليه السلام ، فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ هو موسى عليه السلام، فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا في دليل على أن من لم يطع الرسل فإن الله يأخذه ويعاقبه، ولهذا عاقب الله فرعون ، قال فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا، هذه المسألة الاولى.

المسألة الثانية: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحداً في عبادته، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، الله تعالى أحق بالعبادة، ولا يرضى أن يشرك معه في عبادته  أحد، فالعبادة حقه، ولا يرضى أن يشرك معه في العبادة ، لا ملك مقرب  ولا نبي مرسل، حتى محمد عليه الصلاة والسلام أشرف الناس وأفضل الناس، لا تشركوه في عبادة الله، وكذلك جبريل ملك مقرب لا يشرك في عبادة الله، الرسول له حق، والله له حق، والمؤمن له حق. لا تخلط بين الحقوق، الله أحق بالعبادة، حقه أن يعبد، والعبادة لا تصح إلا بالإخلاص لله، والمتابعة لنبيه ﷺ، لا تسلم إلا بهذين الشرطين، لا تصح إلا بهذين الشرطين، أن تخلص العمل أن يكون قصدك الله والدار الآخرة بهذه العبادة، والثاني أن تكون متابع للنبي ﷺ، كما قال تعالى قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ قال سبحانه فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا فالله أحق بالعبادة، والعبادة قلنا هي: الاوامر والنواهي، هي اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة و الظاهرة، فهذا حق لله، الله تعالى لا يرضى أن يشرك معه أحد، ما يرضى أن تصلي له وتصلي للرسول، أو تصلي لجبريل، لا ، الصلاة حق الله، ما يرضى أن تصوم له وتصوم لنبي ﷺ، أو تصوم له وتصوم للقمر، لا ، حقه لا يرضى أن تشاركه بأي شيء، لا تشرك معه أحد، ما يرضى أن تحج له و للرسول ،ما يرضى أن تدعوه وتدعو للرسول، ما يرضى أن تذبح له وتذبح للرسول، ما يرضى أن تتوكل عليه وتتوكل على الرسول، لا ، العبادة حق لله، الدعاء، والذبح، والنذر، والاستعاذة الاستغاثة، والصلاة والصيام والزكاة والحج، والرغبة والرهبة، والتوكل والخشية، والإنابة،.........إلخ .

هذه العبادة أنواعها هذه أنواع العبادة حق الله، لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته، فالعبادة مختصة به، هذا حقه سبحانه وتعالى، حقه خاص به، لا يرضى أن يشرك معه أحد، لا ملك مقرب كـ جبريل، ولا نبي مرسل كـ محمد ﷺ، "طيب" هل هناك دليل؟ قلتُ لكم أن المؤلف يأتي بالدليل، قال والدليل قوله تعالى : وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا ۝ وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ یَدۡعُوهُ كَادُوا۟ یَكُونُونَ عَلَیۡهِ لِبَدࣰا وأَحَدࣰا عند أهل الأصول نكرة سبقها نهي، والقائل عند الأصوليين أن النكرة إذا سبقها نهي، أو نفي، أو استفهام فإنها تعم، فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا كل ما سوى الله أحد، لا تدعوا ملك، ولا نبي، ولا شجر، ولا حجر، ولا جني، ولا جماد، ولا غير ذلك، وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا. المسألة الثالثة: أن من أطاع الرَّسول ووحد الله، أنَّ من أطاع الرَّسول عليه الصلاة والسلام ووحد الله، لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، يعني من أطاع الرَّسول عليه الصلاة والسلام وامتثل أوامره وأجتنب نواهيه، وصدق أخباره، و وحد الله وأخلص له العبادة، عبده وحد فأخلص له العبادة، وكانت العبادة موافقة لشرع الله، وصون عهد رسول الله ﷺ، لا يجوز له موالاة من حادَّ الله ورسوله، موالاة يعني: المحبة، لا يجوز محبة من حادَّ الله ورسوله، من حادَّ الله ورسوله يعني: من كان في حد والله ورسوله في حد، في شق بعيد والله ورسوله في شق، وهو الكافر ، الكافر لا يجوز موالاته ولا محبته، الموحد المسلم لا يحب الكافر، ولا يوده بل يبغضه، ويعتقد أنه عدو له، عدو لله ورسوله، لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ فهو عدو له وعدو لله ولرسوله، يتخذه عدو ولا يحبه بل يبغضه، ولو كان أقرب قريب، حتى ولو كان أباه، أو أمه أو أخاه للنسب يبغضه دينا ولا يحبه، ويعتقد أنه عدوًا لله وعدو له، لكن المحبة الطبيعية لا تدخل في هذا، فيحب أباه وأمه المحبة الطبيعية، كما أن الإنسان الجائع يحب الطعام والظمآن يحب الماء، كذلك يحب قريبه يحبه محبة طبيعية لا محبة دينية، محبة طبيعية هذه المحبة الطبيعية تقتضي أن يحسن إليه ، ولو كان كافراً يطعمه ويكسوه ويحسن إليه ويتلطف معه، لكن لا يطيعه في معصية الله، ولا يحبه محبة دينية، بل يبغضه، فالكفار على قسمين:           

القسم الأول: المحاربون، الذين يحاربوننا، هؤلاء يقاتلون، وليس بيننا وبينهم إلا القتال، لا يطعمون ولا يسقون، لو رأيت الواحد جائعا لا تطعمه، ولا تسقيه، بل اتركه يموت لأنه عدو لك وقاتلك.                                      ا

لقسم الثاني: كافر غير محارب ذمي، بيننا وبينه عهد، دخل البلاد بأمان أو عهد، وله ذمه، فهذا لا نحبه محبة دينيه نبغضه، ونعتقد أنه كافر، وأنه عدو لله، ونتبرأ منه ومن دينه، لكن نحسن إليه ونطعمه ونسقيه ونعامله معاملة حسنة وقد يكون هذا من أسباب دخوله في الإسلام، قال تعالى في كتابه العظيم: لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ۝ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( الممتحنة:8-9)                            

فقسم الكفار لقسمين: قسم لا يقاتلوننا ولا يخرجونا من ديارنا، هؤلاء لا بأس أن نبرهم ونحسن إليهم.                                                  

والقسم الثاني: المقاتلون، نقاتلهم ولا نطعمهم ولا نسقيهم، قوله تعالى في آخر سورة المجادلة: لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا تجد، لا تجد مؤمنا يود الكافر ويحبه لا تجد، فإذا ودَّ الكافر وأحبه صار مثله، إذا أحبَّ الكافر لكفره صار كافرا مثله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (الممتحنة:51) من أحبهم لدينهم فهو منهم، لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ  يُوَادُّونَ: يحبون، مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وهو الكافر الذي يكون في حد والله ورسوله في حد، في شق، وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( الأنفال:13). وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ،(المجادلة:22). لا يحبه ولو كان أباه، ولو كان ابنه، ولو كان أخاه، ولو كان... لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لا تجد مؤمنًا بالله وباليوم الآخر، يود ويحب الكافر الذي هو عدو الله ورسوله، ولو كان من أبنائه، ولو كان أباه، ولو كان ابنًا له، ولو كان أخا له، ولو كان من عشيرته، هؤلاء المؤمنون لا يودون إلا المؤمنين، هؤلاء المؤمنون، قال الله: أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ المؤمنون كتب الله في قلوبهم الإيمان لأنهم يوالون في الله ويعادون في الله، كتب الله في قلوبهم الإيمان، ثبت الإيمان في قلوبهم، وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ أيدهم سبحانه وتعالى بروح منه، أيدهم سبحانه وتعالى بروح منه، حيث استقاموا على طاعة الله، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله، أيدهم سبحانه بملائكته، وبما جعل الله في قلوبهم من الإيمان، وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ هذا ثوابهم وجزاءهم خَالِدِينَ فِيهَا لا يرحلون ولا يضعنون، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ إثبات الرضا لله عزَّ وجل، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ رضي الله عنه حيث أنهم موحدون مخلصون في العبادة، وَرَضُوا عَنْهُ حيث أحلهم دار كرامته، أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ هؤلاء حزب الله،هم أولياء الله وأحبابه، أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، (المجادلة:22).وأمَّا حزب الشيطان: هم الذين يوادون الكفرة ويحبونهم، وحزب الشيطان هم الخاسرون.

المتن:

اعلم أرشدك الله لطاعته، أن الحنفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدِّين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ

ومعنى يعبدون: يوحدون، وأعظم ما أمر الله به: التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة،  وأعظم ما نهى عنه: الشرك وهو دعوة غيره معه، والدليل قوله تعالى وَٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ، وإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على الانسان معرفتها؟ فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد ﷺ، فإذا قيل لك من ربك؟ فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته، فهو معبودي ليس لي معبود سواه، والدليل قولة تعالى ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ، وكل من سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم.

الشرح:

يقول للمؤلف –رحمه الله- اعلم أرشدك الله لطاعته، "اعلم" يعني: تيقن واجزم لا تشك ولا تظن ولا تتوهم، " اعلم أرشدك الله لطاعته" هذا دعاء، خبر بمعنى الدعاء، المعنى: أسأل الله أن يرشدك لطاعته، وهذا من نصحه هذا الإمام، بأنه يعلمك ويدعو لك، بأن يرشدك الله لطاعته، كما أنه في الأول دعا لك بالرحمة، هنا دعا قال " اعلم أرشدك الله لطاعته، أنَّ الحنيفة ملة إبراهيم، أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين، هذه الحنيفة، الحنفية ملة إبراهيم هي عبادة الله مع الإخلاص، وسميت الحنفية لكونها من الحنفة والميل، لكونها مائلة عن الشرك إلى التوحيد، ولهذه تسمى عادة تسمى الملة العوجاء، لأنها مائلة عن الشرك إلى التوحيد، فهي في نفسها مستقيمة، ولكنها عوجاء مائلة، مائلة عن الشرك إلى التوحيد، هي بالنسبة للتوحيد والشرك، مائلة عن الشرك إلى التوحيد، وهي في نفسها مستقيمة، كما قال سبحانه وتعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( الأنعام:161)، فالحنفية سميت حنفية لكونها ملة إبراهيم، لكونها مائلة عن الشرك إلى التوحيد، قال ﷺ بُعثتُ بالحنيفة السمحة، ماهي الحنفية ملة إبراهيم؟، إذا قيل ماهي الحنفية ملة إبراهيم؟ الجواب: هي أن تعبد الله مخلصا، أن تعبد الله بأن تصرف العبادة لله، أن تعبد الله بالصلاة، تعبد الله بالصوم، تعبد الله بالحج، تعبد الله بالدعاء، تعبد الله بالذبح، تعبد الله بالنذر، تعبد الله ببر الوالدين، تعبد الله بصلة الرحم، تعبد الله بالإحسان للجيران،  تعبد الله بالجهاد في سبيل، تعبد الله في الأمر بالمعروف، تعبد الله بالنهي عن المنكر، تعبد الله بكفِّ نفسك عن الفواحش وعن الحرمات، تعبد الله مخلصا له الدين، الدين هو العبادة، مخلصا له العبادة، مع الإخلاص، ما يكفي أن تعبد الله، بل لا بد من الاخلاص، والإخلاص هو أن تعبده ولا تعبد غيره، لا تشرك معه غيره، لأن المشركون يعبدون الله ويعبدون غيره، والمشركون الذين بعث إليهم النبي ﷺ، يصلون، ويصومون، ويتصدقون، ويحجون، ويذكرون الله كثيرا، لكنهم يشركون مع الله غيره، يدعون الله ويدعون غيره، يذبحون لله ويذبحون لغيره، وينذرون لله وينذرون لغيره، فصاروا مشركين، العبادة حق الله، لابد من الإخلاص، الإخلاص هو أن توجه العبادة لله دون غيره، وألا تعبد إلا الله ولا تعبد غيره، وهذا هو الفرق بين دين المشركين ودين المسلمين، المشركون يعبدون الله الذين بعث إليهم النبي ﷺ، يعبدون الله، ويصلون ويتصدقون، ويذكرون الله كثيرا، ويحجون، لكنهم يعبدون معه غيره، ما أخلصوا العبادة لله، إذًا، إذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ فقل معرفة العبد ربه هذا الأصل الأول، ودينه هذا الأصل الثاني، ونبيه محمد ﷺ هذا الأصل الثالث.

ثم قال المؤلف سؤال آخر، فإذا قيل لك من ربك؟ فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي وليس لي معبود سواه، لو قيل لك من ربك؟ فقل ربي الله، الله سبحانه وتعالى، أصل "الله" الإله، حذفت الهمزة، واجتمع اللامين، فشددا "الله" و"الله" هو الإله هو المألوه الذي تألهه القلوب محبة وإجلالا وخوفا ورجاءً وتعظيماً، أعرف المعارف "الله" لا يسمى به غيره سبحانه، و الرحمن كذلك، لأسماء الله قسمان، قسم خاصة به، لا يسمى بها غيره: مثل الله الرحمن، رب العالمين، خالق الخلق، مالك الملك، القابض الباسط، الخافض الرافع، النافع الضار، المعطي المانع.

وقسم مشترك يطلق على الله وعلى غيره، يسمى بها الله ويسمى بها غيره، فإذا سمي بها الله فله الكمال، وإذا سمي بها المخلوق فله ما يناسبه، مثل: الرحيم والسميع والبصير والعليم والقدير والحي، كل هذه يسمى به، والملك، الملك من أسماء الله ويمسى ملك الملوك في الدنيا، وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ لكن ملك الله كامل، وملك المخلوق ناقص، ومسبوق بالعدم، ويلحقه العدم أيضا، يزول عنه الملك، وكذلك أيضا الحي، من أسماء الله الحي، المخلوق الحي، الله له الحياة الكاملة، والمخلوق له الحياة التي تناسبه، الحياة التي تناسبه ضعيفة، يلحقها انوم والموت والضعف والفساد، وحياة الله كاملة، وهكذا، فإذا قيل لك من ربك؟ فقل: ربي الله، ربي الله وهو سبحانه وتعالى ، المالك الخالق المدبر، وهو في السماء فوق العرش، سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى، ربي الله الذي رباني، رباني بنعمه، خلقني وأوجدني من العدم، ورباني بنعمته، وهداني للإسلام، ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته، وتربية الله نوعان:

تربية عامه: تشمل المؤمن والكافر، الله ربى جميع الخلق بنعمه، خلقهم خلق المؤمن والكافر، ورزقهم وأعطاهم السمع والأبصار والأفئدة، وأنعم عليهم بالنَّعم وأدرَّ عليهم الأرزاق.

وثاني نوع تربية خاصة: خاصة بالمؤمن، وهي تربيته بالإيمان، والعمل الصالح بأن وفقه الله وهداه، وهدى قلبه، وجعله يقبل الحق ويرضاه، ويختاره ويؤثره على غيره، هذه تربية خاصة بالمؤمن، خصه الله بنعمة دينية، دون الكافر، جعله يحب الإيمان وزينه في قلبه، وجعله يكره الكفر والفسوق، ويكره المعاصي، وجعله راشدا، هذا خاص بالمؤمن، وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ* فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً (الحجرات:7-8) فلله على المؤمن نعمة دينية، خصَّه بها دون الكافر، إذا قيل لك من ربك؟ فقول ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي ليس لي معبود سواه، هكذا المؤمن لا يعبد إلا الله، أمَّا الكافر فله معبود سواه، يعبد الله ويعبد غيره، هذا المشرك، الدليل على أن الله هو الرَّب وهو المستحق للعبادة، قال الدليل: ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ.

الحمد: "ال" للاستغراق، جميع أنواع المحامد كلها لله،

ربَّ العالمين: يعني مربيهم جميعا، خالقهم وموجدهم ومنعم عليهم، من هم العالمون؟ قال المؤلف: وكل ما سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم، كل ما سوى الله عالم، والله ربُّ الجميع، وأنا وأنت واحد من ذلك العالم، السماوات عالم، والأرضين عالم، والجن عالم، والإنس عالم، والملائكة عالم، والأشجار عالم، والبحار عالم، كلها عالم، كل ما سوى الله عالم، هذه العوالم كلها ربها الله، العالم العلوي والسفلي، كلها، أنا وأنت واحد منها، والله رب الجميع، وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم.

المتن:

فإذا قيل لك بما عرفت ربَّك فقل بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنَّهار والشَّمس والقمر، ومن مخلوقاته السَّماوات السَّبع والأرضون السَّبع، وما فيهنَّ وما بينهما، والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( فصلت:37)،  وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا ۝ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( الأعراف: 54)، والرَّبُّ هو المعبود، والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ.(البقرة:21_22)

قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة، وأنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام والإيمان والإحسان، ومنه الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنَّذر وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها لله تعالى والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ، ومن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر.

الشرح:

يقول المؤلف -رحمه الله- فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته، عرفتُ الله بآياته ومخلوقاته، لأن الله تعالى أعطاك السّمع، أعطى الإنسان السمع والبصر والعقل، يسمع ويشاهد هذه الآيات ويراها، فهي دليل عليه سبحانه تعالى، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، إذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقول بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار، والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السماوات والأراضين، وهذه مخلوقات الله، والليل والنهار والشمس والقمر، كذلك مخلوقاته وآياته، كلها مخلوقاته وآياته، خلقها الله وآياته ، يعني دلالة، دلالات تدل على قدرة الله و وحدانيته واستحقاقه للعبادة، و أنه المستحق للعبادة، فإذا قيل لك: بما عرفت ربك؟ فقل عرفته بآياته، وعرفته بمخلوقاته، آياته التي تدل على أنه واحد وأنه المستحق بالعبادة، وأنه هو الموجد الخالق لهذه الأشياء، ومن الآيات الليل والنهار، والشمس والقمر، ومن المخلوقات السماوات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهما، كل هذه من  الآيات والمخلوقات، والهواء والطيور وغيرهم، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن، كل هذه آيات أخبر الله أنها....، الليل والنهار، والشمس والقمر، من آياته ونهى عن السجود لها، وأمر بالسجود له سبحانه، وقال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أخبر سبحانه أنه هو الرب، وأنه خلق السموات والأرض، فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ فيه اثبات استواء الله وأن الله سبحانه وتعالى على العرش فوق العرش ،وهو سبحانه فوق العرش، وهو المدبر، وهو الخالق وهو الذي يعلم أحوال عباده لا تخفى عليه خافية، وهو فوق العرش، إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَ یَطۡلُبُهُۥ حَثِیثࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَ ٰ⁠تِۭ بِأَمۡرِهِۦۤۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ، يعني يغطي الليل النهار، إذا انتهى النهار جاء الليل وغطاه، وإذا انتهى الليل جاء النهار وأزاله، يغشى الليل النهار یَطۡلُبُهُۥ حَثِیثࣰا فالليل يطلب النهار والنهار يطلب الليل، حثيثاً سريعا.                     

لَا ٱلشَّمۡسُ یَنۢبَغِی لَهَاۤ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّیۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلࣱّ فِی فَلَكࣲ یَسۡبَحُونَ ۝ وَءَایَةࣱ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّیَّتَهُمۡ فِی ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ سخرها الله، مسخره فالشمس كل يوم تشرق من الشرق وتغرب من المغرب مسخره، والقمر كذلك مسخر من أول الشهر يخرج دقيقا صغيراً ضعيفاً، ثم لا يزال ينمو حتى يكتمل نموه في منتصف الشهر ثم يضعف وهكذا، مثل الإنسان يبدأ طفلا ثم شاباً ثم شيخاً ثم هرما ثم يموت، وهكذا القمر "يطلبه حثيثا..." وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَ ٰ⁠تِۭ بِأَمۡرِهِۦۤۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ، هذه الآية فيها دليل على معرفة الله بآياته ومخلوقاته، والرب هو المعبود، إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ يعني: معبودكم، الرب هو المعبود هو المستحق للعبادة ، لأنه هو المربي، هو الذي ربى العباد بنعمه، خلقهم أوجدهم فهو المعبود والدليل قوله تعالى: یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ هذه أول آية في القرآن فيها الأمر بالتوحيد، ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ۝ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَ ٰ⁠شࣰا وَٱلسَّمَاۤءَ بِنَاۤءࣰ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ رِزۡقࣰا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادࣰا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ هذا النهي عن الشرك، فَلَا تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادࣰا أمثالا ونظراء، تصفونهم بالعبادة وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ.

قال ابن كثير، حافظ بن كثير -رحمه الله- في تفسيره الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة، ما هو الخالق لهذه الأشياء؟ يعني هو الذي خلقكم، والذي خلق من قبلكم، والذي جعل لكم الأرض فراشًا، والذي جعل السماء بناءً، والذي أنزل من السماء ماءً، فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة، و أما غيره فلا يستحق للعبادة.

المتن:

وأنواع العبادة التي أمر الله مثل الإسلام والإيمان والإحسان، ومنه الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله، تعالى والدليل قوله تعالى : وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا، فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر.

الشرح:

يقول: أنواع العبادة التي أمر الله بها كثيرة، -كما سبق- العبادة هي الأوامر والنواهي، كل ما أمر الله به أمر إيجاب أو أمر استحباب فهذه عبادة تفعلها وكل ما نهى الله عنه تحريما وتنزيه عبادة، كل ما أمر الله به أمر إيجاب، مثل : ( اقيموا الصلاة ) الأمر إيجابي تفعله عبادة، يجب صرفه لله ، فإذا صلى لغير الله أشرك، وأمر استحباب كقوله ﷺ ، كأمره بالسواك لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك فالسواك عبادة يفعلها الإنسان يتسوك تعبدا  لله عزَّ وجل ،ولكنه مستحب، تفعله عبادة.

والنهي نوعان: نهي تحريم كقوله تعالى: وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰۤۖ، فأنت تبتعد عن الزنا، خوفاً من الله وتعظيماً له، وطمعاً في ثوابه، فتكون عابداً لله تعالى في هذا، بكفّ نفسك عن الزنا.     

 كذلك النَّهي نهي التنزيه، كالنهي عن الحديث بعد صلاة العشاء هذا نهي للكراهة إذا تركت الحديث بعد صلاة العشاء امتثالاً لأمر النبي ﷺ، فأنت تعبد الله بذلك، هذه أنواع العبادة، الأوامر والنواهي سواء أمر إيجاب أو استحباب، والنواهي: نهي تحريم ونهي تنزيه، تفعلها وتترك النواهي طاعة لله، أنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل هنا قال : مثل الإسلام، الإسلام وهو: الاستسلام لله بالتوحيد، هو أن تستسلم لله بالتوحيد، وتنقاد له بالطاعة، وتتبرأ من الشرك وأهله، هذا الإسلام، الإسلام استسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة وبراءة من الشرك وأهله، ومثل الإيمان، الإيمان وهو: تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، أعمال القلوب، وأعمال الجوارح، وأقوال اللسان، كلها داخلة في مسمى الإيمان، هذا هو الإيمان.

والإحسان هو: أن تبعد الله على المراقبة، تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، هذه من العبادات.

ومنه يعني ومن العبادات التي أمر الله بها ،من أنواعها من أنواع العبادات: الدعاء: يا أرحم الراحمين تغمدني برحمتك من النار هذا دعاء،  والخوف خوف العبادة خوف السر، أما الخوف الطبيعي كالخوف من سبع أو خوف من عدو، أو أسد وغيره، هذا خوف طبيعي وليس خوف عبادة، وكذلك الرجاء المراد بالرجاء العبادة، كأن يرجو الميت أن يدخله الجنة، أو ينجيه من النار بسره، هذا رجاء العبادة، أما الرجاء العادي كأن يقول الرجل "أرجوك أن تساعدني" هذا رجاء عادي، والتوكل هو الاعتماد على الله ،امتثال لأمره بعد فعل الأسباب، والرغبة وهي الرغبة إلى الله، وإلى ما عنده من ثواب، والرهبة الخوف من الله عز وجل، والخوف من العذاب، والخشوع كونه يخشع لله ويخضع له ويذل له، والخشية هي: خوف مع علم، أدق من الخوف، والإنابة الرجوع إلى الله عز وجل، وترك المعاصي، والاستعانة الاستعانة بالله تستعين بالله تعالى في أمورك كلها، و الاستعاذة تستعيذ بالله من شر أعدائك ومن شر الشياطين، والاستغاثة: الاستغاثة الدعاء من المكروب، إذا وقع في كرب يسمى استغاثة، كالغريق الذي يدعوا هذا يسمى استغاثة، وأما إذا لم يكن في كرب يسمى دعاء، والاستغاثة أخص، الاستغاثة دعاء من المكروب، والذبح ذبح الإبل والبقر والغنم تقربا إلى الله هذا عبادة، والنذر كأن ينذر طاعة، ينذر صلاة أو صيام فيجب عليه الوفاء، وإذا نذر بمعصية فلا يجوز له.

وغير ذلك من أنواع العبادات، العبادة التي أمر الله بها كلها لله ، كلها تصرفها لله، إذا صرف الدعاء أو الذبح أو النذر أو الاستعاذة أو الاستغاثة لغير الله  وقع في الشرك، والدليل قال المؤلف: يقول الله تعالى: وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا، لا تدعو مع الله أحدا، "لا"  نهي،  و"أحدا" نكرة، والقاعدة عند أهل الأصول أن النكرة إذا سبقها نفي أو نهي أو استفهام فهي تعم، إذا سبق النكرة نفي أو نهي أو استفهام تكن عامة، وهنا أحدا نكرة سبقها نهي فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا أي : كلمة أحدا شاملة لكل ما سوى الله، ولهذا قال المؤلف بعد ذلك: فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر، من صرف الدعاء أو الخوف خوف العبادة، أو الرجاء أو التوكل أو الرغبة أو الرهبة أو الخشوع أو الخشية ، أو الإنابة أو الاستعانة أو الاستعاذة أو الاستغاثة أو الذبح أو النذر أو غيرها من أنواع العبادات من صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر.

المتن:

والدليل قوله تعالى وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ، وفي الحديث: الدعاء مخ العبادة، والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ( غافر:60)

الشرح:

الدليل على أن العبادة حق الله وأن من صرفها لغيره وقع في الشرك والكفر، قوله تعالى: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ حكم عليه بالكفر، ومن دعا لغير الله فهو كافر، وكذلك أيضا من دعا لغير الله فهو مشرك لقوله تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ۝ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر: 13، 14]. سماه الله شركًا.

وفي الحديث الدعاء مخ العبادة، هذا الحديث فيه ضعف، فيه ابن لهيعة, وأصح منه الدعاء هو العبادة رواه الترمذي، أما حديث  الدعاء مخ العبادةفيه ضعف، لكن الأصح منه  الدعاء هو العبادة، والدليل على أن الدعاء عبادة قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ قال: ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ ثم قال: إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ وهي الدعاء، فسمى الدعاء عبادة،  ادعوني ، إن الذين يستكبرون عن دعائي، ( ادعوني)، إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ وهو الدعاء، سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ يعني أذلة صاغرين، وسمى الدعاء عبادة.

المتن:

ودليل الخوف، قوله تعالى: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (آل عمران:175) ودليل الرجاء، قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا( الكهف:110)

الشرح:

دليل الخوف قوله تعالى: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ خوف العبادة، أما الخوف الطبيعي فلا يدخل في هذا، كالخوف من عدو أو  سبع أو الخوف من حية أو العقارب تأخذ سلاحك، الخوف من العدو تأخذ سلاحك أمامك مع أسباب ظاهرة، هذا طبيعي، الخوف من البرد فتلبس الثياب، الثياب الصوف، الخوف من الجوع فتأكل، الخوف من العطس فتشرب، هذا خوف طبيعي ما يمنع الإنسان، لكن المنع المراد خوف العبادة، كأن يخاف من صاحب القبر، أو يخاف يحرمه دخول الجنة، أو يخاف أن يدخله النار، أو يخاف أن يسلط عليه عدو في سره لا بشيء ظاهر، أما العدو الذي معه سلاح أمامك ظاهر، هذا تخاف منه خوف طبيعي، تأخذ السلاح ضده، حيات و عقارب أو أرض مسبعة أو سباع، هذا خوف طبيعي، تخاف خوف طبيعي تأخذ سلاحك، لكن خوف العبادة، وكذلك الرجاء، ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا ( الكهف:110)،الرجاء خاص بالله، وهو رجاء العبادة من صرفه لغير الله أشرك، كأن يرجو الميت أن يدخله الجنة، يرجو الميت أن لا يحرمه دخول الجنة، يرجوه أن لا يدخله النار بسره، لا بشيء، أما الرجاء العادي كأن يقول "أرجوك أن تساعدني"  ، "أرجوك أن تقرضني" ، "أرجوك أن تساعدني في إصلاح سيارتي" هذا رجاء عادي والدليل قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ دليل الرجاء، فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا الشاهد: في قوله یَرۡجُوا۟ ،  والخوف والرجاء ييسر بهما الله للمؤمن كجناح طائر المؤمن يعبد الله بالحب والخوف والرجاء، وييسره الله كجناحي الطائر، فإن الطائر له جناحان فإذا استقام؛ استقام طيرانه وإذا سقط أحد جناحيه أو سقط فهو في إعداد الموت.

وكذلك بمن سار بالخوف والرجاء، فمن سار بالخوف بلا رجاء هلك، لأن الخوف إذا خاف ولم يرجو صار يحمله على سوء الظن بالله، والتشاؤم واليأس والقنوط، وكذلك الرجاء وحده، إذا غلب جانب الرجاء صار يسترسل بالمعاصي ولا يبالي ولا يخاف، لكن المؤمن يخاف لكن خوفا لا يؤدي به إلى القنوط واليأس، لأنه يرجو، ويرجو لكن رجاءً لا يؤدي به إلى الاسترسال بالمعاصي لأنه يخاف، يجب أن يجمع بين الخوف والرجاء كجناح طائر.

المتن:

ودليل التوكل قوله تعالى وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ وقوله وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ

الشرح:

هذا دليل التوكل : وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ هنا قدم الجار و المجرور على الفعل، لإفادة الحصر، والمعنى: فعلى الله توكلوا لا على غيره، والتوكل هو الاعتماد، هو الاعتماد على الله في حصول النتيجة بعد فعل الأسباب ، تفعل الأسباب ثم تعتمد بقلبك في حصول النتيجة، هذا خاص بالله سبحانه ، تفعل الأسباب التي أمرك الله به، تطلب الرزق تبيع تشتري، أن يكون في يدك مهنه، تحرث الأرض تبذرها، تفعل الأسباب، ثم تتوكل على الله في حصول النتيجة، حصول الثمرة وحصول الفائدة ، وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ يعني والمعنى توكلوا على الله لا على غيره، وقال تعالى: وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ يعني فهو كافيه، ومن كان الله كافيه فلا مطمع لأحد فيه.

المتن:

ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ

الشرح:

هذا دليل الرغبة والرهبة والخشوع ، يدعوننا رَغَبࣰا يعني رجاء يرغبون فيما عند الله ، وَرَهَبࣰاۖخوفا منه، وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ خاضعين، فالرغب والرهب والخشوع ، خاص بالله، لا يرغب الإنسان إلى الله، ولا يرهب إلا منه، والمراد بالرغب والرهب العبادة.

المتن:

ودليل الخشية قوله تعالى فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِی

الشرح:

دليل الخشية، قوله: فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِی لا تخشوا الناس، فالخشية هي الخوف، خوف مع علم، لا تخشوا، الخشية خاصة بالله، لا تخشَ الناس خشية العبادة، أما الخوف الطبيعي كما سبق.

المتن:

ودليل الإنابة قوله تعالى وَأَنِیبُوۤا۟ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُوا۟ لَهُۥ

الشرح:

يعني: ارجعوا إليه سبحانه وتعالى، والإنابة هي الرجوع إلى الله بالتوبة، وأسلموا له، فالإنابة خاصة بالله، ما ينيب الإنسان إلى غير الله ينيب إلى المخلوق يتوب إلى المخلوق، ويطلبه أن يغفر ذنوبه، كما يفعل النصارى وكما يفعل الشيعة، النصارى يتوبون إلى القسيس، فيغفر ذنوبهم، والله تعالى يقول: وَمَن یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ

يعطيه صك الغفران الى الجنة، قساوسة النصارى، ، وكذلك بعض الشيعة يرجعون إلى شيوخهم يعطونهم يغفرون ذنوبهم، وهذا الشرك، قال تعالى: وَمَن یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ هنا الإنابة خاصة بالله، والإسلام خاص بالله،  وَأَنِیبُوۤا۟ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُوا۟ لَهُ

المتن:

ودليل الاستعانة قوله تعالى: إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ وفي الحديث فإذا استعنت فاستعن بالله.

الشرح:

دليل الاستعانة قال: إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ معنى إياك نعبد قدم الظرف على الفعل، إفادة للاختصاص والحصر، والمعنى أن نعبدك يا لله ولا نعبد غيرك، ونستعين بك ولا نستعين بغيرك، إِیَّاكَ نَعۡبُدُ هو معنى: لا إله إلا الله، وهذا مفهوم من تقديم الظرف، لأنه يفيد الاختصاص، لو قلت نعبدك ما أفاد  الاختصاص، و نستعينك ما أفاد، لكن لما قدم الظرف إِیَّاكَ نَعۡبُدُ صار المعنى إياك نعبدك ولا نعبد غيرك، وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ.

فالعبادة حق الله، ومن عبد غير الله وقع في الشرك، كذلك الاستعانة، من استعان بغير الله فقد أشرك، ودليل الاستعانة قوله تعالى إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ، وفي الحديث  إذا استعنت فاستعن بالله والمراد في الاستعانة: استعانة العبادة، أما الاستعانة في الأمور العادية فلا بأس، كأن تقول: "يا فلان أعني في اصلاح سيارتي "حي حاضر قادر ، أعني في اصلاح مزرعتي ، أعني في قضاء ديني لا بأس، الحي الحاضر قادر، لكن تستعين بالميت أو بالغائب هذا لا يجوز، هذا شرك لأن الميت ما معه أسباب، أو تستعين بحي حاضر في أمور لا يقدر عليها إلا الله، حتى لو كان الحي حاضر، تستعين بحي حاضر في شفائك من مرضك، هذا لا يستطيع، هذا شرك،  وتستعين بحي حاضر في أن ينجيك من النار لا يستطيع ، أما الذي يستطيعه تسأله فيما يستطيعه لا بأس، أن يقضي دينك، أو يصلح سيارتك، أو يعينك في اصلاح مزرعتك، لابأس، وفي الحديث إذا استعنت فاستعن بالله.

المتن:

ودليل الاستعاذة قوله تعالى: قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ وقوله تعالى: قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ

الشرح

دليل الاستعاذة، الاستعاذة خاصة بالله، قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ الاستعاذة فيما لا يقدر عليه إلا الله، أما الاستعاذة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه فلا بأس، كأن تقول: يا فلان أعذني من شر أولادك ، أعذني من شر لسان زوجتك إذا كانت سليطة اللسان، لأنه حي حاضر قادر، لكن الاستعاذة بميت أو بغائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله هذا شرك.

قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ.

المتن:

ودليل الاستغاثة قوله تعالى إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ

الشرح:

الاستغاثة هي: الدعاء من المكروب، الذي وقع بالكرب ، خاص بالله، فيما لا يقدر عليه إلا الله، أما الاستغاثة بالحي الحاضر القادر فلابأس به، كأن يستغيث الغريق بسبَّاح، غريق يستغيث بسبَّاح يستطيع ينزل ويخرجه هذا لابأس به.

لكن الذي يستغيث بميت هذا لا يجوز، أو بغائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله، هذ شرك قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ

 

المتن:

ودليل الذبح قوله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ومن السنة:  لعن الله من ذبح لغير الله (الأنعام:161-162)

الشرح:

يقول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي يعني: وذبحي، قل إن صلاتي ونسكي يعني: وذبحي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ هذا هو الشاهد، لله لا شريك له، وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( الكوثر:2)، اذبح، "صل لربك وانحر" ، اذبح.

ومن السنة لعن الله من ذبح لغير الله، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله  لأنه مشرك .

المتن:

ودليل النذر قوله تعالى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ( الإنسان:7)

الشرح:

النذر هو أن ينذر عباده لم يوجبها الله وأوجبها على نفسه، وقد تكون مطلقة وقد تكون مقيدة، مطلقة كأن ينذر أن يصلي عشرين ركعة يجب عليه الوفاء بنذره، قال من نذر أن يطيع الله فليطعه أو نذر أن يتصدق بألف ريال على الفقراء يجب عليه أن يتصدق، إذا كان عباده، أما اذا كان معصية فلا يجوز له الوفاء بمعصية، وأحيانا يكون النذر مقيد،كأن يقول: إن شفى الله مريضي أو نجح ولدي في الامتحان لأتصدقنَّ بألف ريال، فإذا نجح ولده، أو شفي مريضه، يجب عليه أن يتصدق، أو قال: إن شفى الله مريضي، أو نجح ولدي في الامتحان لأصلينَّ لله عشرين ركعة، أو لأذبحن خروفا وأتصدق به على الفقراء يجب، هذا النذر عبادة، إذا صرفه لغير الله، وقع في الشرك، كأن ينذر أن يذبح لصاحب القبر، هذا شرك، أو ينذر أن يصلي لشخص هذا شرك، النذر عبادة لا يكون إلا لله، لكن أصل النذر مكروه، لأن الإنسان يوجب على نفسه عبادة لم يوجبها الله عليه، فإذا نذر وكان عبادة، فإنه يمدح عليها، يقول النبي ﷺ: إياكم والنذر فإنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج من البخيل لكن إذا نذر وكان عباده ثم وفى به هذا يمدح عليه، لأن الله تعالى مدح الأبرار ،فقال يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (الإنسان:7) فالنذر إذا كان لعبادة، أصل النذر مكروه لأن الإنسان يوجب على نفسه عبادة قد لا يستطيعها، فإذا نذر ووفى بها فهو ممدوح، يمدح على وفائه بالنذر ، لأن الله مدح الأبرار قال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد