بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمدٍ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد:...
القارئ:
قال المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ في تتمة باب: جامعٌ في فضل العلم.
226 – قال: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن فتح بن عبد الله رحمه الله، قال: حدثنا حمزة بن محمد بمصر، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الإمام البغدادي، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أبي حنيفة، عن إبراهيم قال: بلغني "أنه توضع موازين القسط يوم القيامة فيوزن عمل الرجل فيخف فيُجاء بشيء مثل الغمام أو السحاب فيوضع في ميزانه فيرجح فيقال له: أتدري ما هذا؟ فيقول: لا فيقال: هذا علمك الذي علمته للناس فعملوا به وعلموه من بعدك".
شرح الشيخ:
منقطع هذا وضعيف, ماذا قال عليه؟.
الطالب: ضعيف.
القارئ:
227 – قال: حدثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا محمد بن قاسم بن شعبان، قال: حدثنا إبراهيم بن عثمان، قال: حدثنا حماد بن عمرو بن نافع، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا وكيع قال: سمعت سفيان الثوري يقول: "لا أعلم من العبادة شيئًا أفضل من أن تعلم الناس العلم".
228 – قال: أخبرني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي، حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن عمر بن لبابة قال: سمعت العتبي محمد بن أحمد يقول: حدثني سحنون بن سعيد أنه رأى عبد الرحمن بن القاسم في النوم، فقال له: "ما فعل بك ربك؟ فقال: وجدت عنده ما أحببت، فقال له: فأي أعمالك وجدت أفضل؟ قال: تلاوة القرآن قال: قلت له: فالمسائل فكان يشير بأصبعيه يلشيها قال: فكنت أسأله عن ابن وهب فيقول لي: هو في عليين".
229 – وأخبرنا أبان, قال: أخبرنا مسلمة بن القاسم، قال: حدثنا أسامة بن علي بن سعيد يعرف بابن عِليك محمد بن إبراهيم بن جناد، قال: حدثنا جعفر بن بسام، عن حبيش بن مبشر، قال: "رأيت يحيى بن معين في النوم فقلت: يا أبا زكريا، ما صنع بك ربك؟ قال: زوجني مائة حوراء وأدناني، وأخرج من كمه رقاعًا كان فيها حديث، فقال: بهذا".
شرح الشيخ:
الشيخ: تخريجه؟.
الطالب: إسناده ضعيف, مسلمة بن القاسم هو أبو القاسم القرطبي, قال ابن الفرضي: سمعن مَنْ ينسبه للكذب.
الشيخ: قد يثبت فيه أحاديث هذا, إلا الأحاديث المشهورة الصحيحة, الأحاديث في فضل العلم كثيرة لكن المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ يسوغ ما ورد في الباب من الأحاديث الضعيفة والآثار المنقطعة.
القارئ:
230 – قال: حدثنا خلف بن القاسم، قال: حدثنا أبو عبد الله محمود بن محمد الوراق، قال: حدثنا أحمد بن مسعدة، قال: حدثنا محمد بن حماد المصيصي، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، قال: حدثنا أحمد بن أبي رجاء قال: سمعت أبي، يقول: "رأيت محمد بن الحسن في المنام فقلت: إلام صرت؟ قال: غُفر لي ثم قيل لي: لم نجعل هذا العلم فيك إلا ونحن نريد أن نغفر لك, قال: قلت: وما فعل أبو يوسف؟ قال: فوقنا بدرجة قلت: وأبو حنيفة؟ قال: في أعلى عليين".
شرح الشيخ:
الشيخ: تخريجه؟.
الطالب: ما تكلم عليه.
الشيخ: هي آثار.
القارئ:
231 – قال: حدثنا أحمد بن فتح، قال: حدثنا حمزة، قال: حدثنا عاصم بن عتاب قال: سمعت زيد بن أخرم يقول: سمعت عبد الله بن داود يقول: "إذا كان يوم القيامة عزل الله عز وجل العلماء عن الحساب فيقول: ادخلوا الجنة على ما كان فيكم إني لم أجعل حكمتي فيكم إلا لخير أردته بكم" وزاد غيره في هذا الخبر, إن الله يحشر العلماء يوم القيامة في زمرةٍ واحدة حتى يقضي بين الناس ويدخل أهل الجنةِ الجنة وأهل النارِ النار، ثم يدعو العلماء فيقول: يا معشر العلماء إني لم أضع حكمتي فيكم وأنا أريد أن أعذبكم، قد علمت أنكم تخلطون من المعاصي ما يخلط غيركم، فسترتها عليكم، وقد غفرتها لكم، وإنما كنت أعبد بفتياكم وتعليمكم عبادي، ادخلوا الجنة بغير حساب، ثم قال: لا معطي لما منع الله ولا مانع لما أعطى الله. وقد روي نحو هذا المعنى بإسناد مرفوع متصل.
232 – قال: أخبرناه عبد الرحمن بن مروان، قال: حدثنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا طاهر بن محمد بن الحكم، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا منبه بن عثمان، عن صدقة عن طلحة بن يزيد، عن موسى بن عبيدة، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبعث الله العباد يوم القيامة ثم يميز العلماء، ثم يقول لهم: يا معشر العلماء، إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم , ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم».
شرح الشيخ:
هذا يشمل العلماء العاملين, العلماء بالله وبأسمائه وصفاته أهل الحق وأهل البصيرة, أما علماء الضلال ما يدخلون في هذا.
القارئ:
233 – قال: وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال: حدثنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا أبو كلثم سلامة بن بشر بن بديل العدوي الدمشقي، قال: حدثنا صدقة بن عبد الله، قال: حدثنا طلحة بن زيد، عن موسى بن عبيدة، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبعث الله عز وجل العباد يوم القيامة ثم يميز العلماء، فيقول: يا معشر العلماء، إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم، ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، انطلقوا فقد غفرت لكم».
234 – قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا ابن الأصبهاني قال: أخبرنا عفيف بن سالم الموصلي، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم في قوله: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}[الإسراء/55] قال: «في العلم».
235 - وينسب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه من قوله وهو مشهور من شعره سمعت غير واحد ينشده له:
الناس في جهة التمثيل أكفاء |
|
أبوهم آدم والأم حواء |
نفس كنفس وأرواح مشاكلة |
|
وأعظم خلقت فيهم وأعضاء |
فإن يكن لهم من أصلهم حسب |
|
يفاخرون به فالطين والماء |
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم |
|
على الهدى لمن استهدى أدلاء |
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه |
|
وللرجال على الأفعال أسماء |
وضد كل امرئ ما كان يجهله |
|
والجاهلون لأهل العلم أعداء |
236 - وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام يا إبراهيم عليه السلام، إني عليم أحب كل عليم».
237 - وأنشدني أبو القاسم أحمد بن عمر بن عبد الله بن عصفور رحمه الله لنفسه شعره هذا في العلم وهو أحسن ما قيل في معناه:
مع العلم فاسلك حيث ما سلك العلم |
|
وعنه فكاشف كل من عنده فهم |
ففيه جلاء للقلوب من العمى |
|
وعون على الدين الذي أمره حتم |
فإني رأيت الجهل يزري بأهله |
|
وذو العلم في الأقوام يرفعه العلم |
يعد كبير القوم وهو صغيرهم |
|
وينفذ منه فيهم القول والحكم |
وأي رجاء في امرئ شاب رأسه |
|
وأفنى سنيه وهو مستعجم فدم |
يروح ويغدو الدهر صاحب بطنة |
|
تركب في أحضانها اللحم والشحم |
إذا سئل المسكين عن أمر دينه |
|
بدت رحضاء العي في وجهه تسمو |
وهل أبصرت عيناك أقبح منظر |
|
من أشيب لا علم لديه ولا حلم |
هي السوءة السوءاء فاحذر شماتها |
|
فأولها خزي وآخرها ذم |
فخالط رواة العلم واصحب خيارهم |
|
فصحبتهم زين وخلطتهم غنم |
ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم |
|
نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجم |
شرح الشيخ:
هذا يعني أهل العلم, في قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}[الكهف/28] يعني: لا تفارقهم ولا تخالفهم.
القارئ:
فوالله لولا العلم مما اتضح الهدى |
|
ولا لاح من غيب الأمور لنا رسم |
238 – قال: أنشدنا محمد بن خليفة قال: أنشدنا محمد بن الحسين قال: أنشدنا عبد الله بن محمد العطشي قال: أنشدنا عمر بن محمد بن محمد بن عبد الحكم لبعض الحكماء:
بنور العلم يكشف كل ريبٍ |
|
ويبصر وجه مطلبه المريد |
فأهل العلم في رحب وقربٍ |
|
لهم مما اشتهوا أبدًا مزيد |
إذا عملوا بما علموا فكلٌ |
|
له مما ابتغاه ما يريد |
فإن سكتوا ففكر في معادٍ |
|
وإن نطقوا فقولهم سديد |
239 – قال: حدثنا خلف بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا ابن وضاح، قال: حدثنا أبو نعيم، عن عطاء بن مسلم، عن أبي المليح قال: سمعت ميمون بن مهران يقول: "بنفسي العلماء".
شرح الشيخ:
يعني: أفدهم بنفسي.
القارئ:
"بنفسي العلماء هم ضالتي في كل بلدة وهم بغيتي إذا لم أجدهم، وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء".
شرح الشيخ:
أعد.
الطالب: "بنفسي العلماء هم ضالتي في كل بلدة".
الشيخ: يعني: في كل بلدة هم ضالتي إذا وجدتهم خلاص, وجدت بُغيتي.
الطالب: "وهم بغيتي إذا لم أجدهم".
الشيخ: وإذا لم أجدهم هم طلبي, أطلبهم.
الطالب: "وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء".
الشيخ: إذًا هم بُغيتي وهم مطلوبي في كل مكان إذا وجدتهم سكن قلبي.
الطالب: "وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء".
الشيخ: كما سبق المراد: علماء الشريعة, علماء الحق, علماء الهدى, العلماء بالله وبأسمائه وصفتاته وشرعه ودينه.
القارئ:
240 - وقال سابق البلوي المعروف بالبربري في قصيدة له:
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه |
|
كما يجلي سواد الظلمة القمر |
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها |
|
ولا البصير كأعمى ما له بصر |
241 – قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا مسلمة، قال: حدثنا محمد بن خالد بن يزيد البرذعي قال: سمعت أحمد بن محمد بن يزيد بن مسلم الأنصاري المعروف بابن أبي الخناجر قال: كنا على باب محمد بن مصعب القرقساني جماعة من أصحاب الحديث وفينا رجل عراقي بصير بالشِعر ونحن نتمنى أن يخرج إلينا فيحدثنا حديثًا واحدًا أو حديثين إذ خرج إلينا فقال: قد خطر على قلبي بيت من الشعر فمَن أخبرني لمَن هو حدثته ثلاثة أحاديث، فقال الفتى العراقي: يرحمك الله أي بيت هو؟ فقال الشيخ:
العلم فيه حياة للقلوب كما |
|
تحيا البلاد إذا ما مسها المطر |
فقال الفتى: هو لسابق البربري، فقال الشيخ: صدقت, فما بعده؟ فقال:
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه |
|
كما يجلي سواد الظلمة القمر |
فقال الشيخ: صدقت وحدثه بستة أحاديث سمعناها معه.
242 – قال: أخبرني عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا سحنون بن سعيد، قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدثنا ابن أنعُم، عن عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلسين في مسجده، أحد المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلمون ويعلمون الجاهل وإنما بعثت معلمًا»، ثم أقبل فجلس معهم
243 - وقال ابن وهب، وحدثني عبد الرحمن بن شريح قال: سمعت عبيد الله بن أبي جعفر يقول: "العلماء منار البلاد منهم يقتبس النور الذي يهتدى به".
244 – قال: حدثني خلف بن قاسم، قال: حدثنا الحسن بن رشيق، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا قرة، قال: حدثنا عون قال: قال ابن مسعود: «نِعم المجلس مجلس تُنشر فيه الحكمة وتُرجى فيه الرحمة».
245 - قال: وحدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن هشام، عن الحسن قال: «مَن طلب الحديث يريد به وجه الله كان خيرًا مما طلعت عليه الشمس».
شرح الشيخ:
الحسن البصري.
القارئ:
246 - قال: وحدثنا علي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري قال: «ما عُبد الله بمثل العلم».
247 - قال: وحدثنا علي قال: أنا الزبير بن بكار، قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة، عن إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس قال: قال لي عمر مولى غفرة: "يا إسحاق عليك بالعلم؛ فإنه لا يعدمك منه كلمة تدل على هدى أو أخرى تنهى عن ردى".
248 – قال: وأخبرني عبد الرحمن بن يحيى قراءة مني عليه، أن أبا الحسن علي بن محمد بن مسرور حدثهم، قال: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا سحنون، قال: حدثنا ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي عبيد، عن ابن سيرين قال: دخلت المسجد والأسود بن سريع يقص وقد اجتمع أهل المسجد وفي ناحية أخرى من المسجد حلقة من أهل الفقه يتحدثون بالفقه ويتذاكرون فركعت ما بين حلقة الذكر وحلقة الفقه فلما فرغت من السبحة قلت: لو أني أتيت الأسود بن سريع فجلست إليه فعسى أن تصيبهم إجابة أو رحمة فتصيبني معهم، ثم قلت: لو أتيت الحلقة التي يتذاكرون فيها الفقه فتفقهت معهم لعلي أسمع كلمة لم أسمعها فأعمل بها فلم أزل أحدث نفسي بذلك وأساورها حتى جاوزتهم فلم أجلس إلى واحد منهم وانصرفت فأتاني آت في المنام، فقال: أنت الذي وقفت بين الحلقتين؟ قلت: نعم قال: أما إنك لو أتيت الحلقة التي يتذاكرون فيها الفقه لوجدت جبريل معهم.
شرح الشيخ:
الشيخ: أعد اللي قبله.
الطالب: وأخبرني عبد الرحمن بن يحيى قراءة مني عليه، أن أبا الحسن علي بن محمد بن مسرور حدثهم، قال: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا سحنون، قال: حدثنا ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي عبيد، عن ابن سيرين قال: دخلت المسجد والأسود بن سريع يقص وقد اجتمع أهل المسجد وفي ناحية أخرى من المسجد حلقة من أهل الفقه.
قف على أثر ابن سيرين.