بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى أشرف الأنبياء والمرسلين نَبِيّنَا محمد عليه أفضل الصَّلَاة وأتم التسليم, أَمَّا بعد, اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
القارئ:
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
378 - وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا صالح بن محمد بن شاذان، قال: حدثنا إسحاق بن هبيرة بن معبد الخراساني قال: قال أبو معشر في الحفظ:
يا أَيُّهَا المضمن الصحائفا |
|
ما قد روى تضارع المصاحفا |
احفظ وإلا كنت ريحا عاصفا |
شرح الشيخ:
يعني الحفظ هُوَ الأصل.
القارئ:
379 - وقال أعرابي: «حرف في تامورك خير من عشرة في كتبك» قال أبو عمر: التامور علقة القلب.
شرح الشيخ:
يعني حرف في قلبك أكثر من .. يعني الكتب الآن فيها كل شيء لكن تدري ما في الكتب الآن؟ يشكل عَلَى الإنسان المسألة وهو عنده مكتبة, مئات الكتب لكن يبحث عن المسألة وينتقها, لكن إذا كانت عندك العلم في نفسك خلاص تجيب عَلَى طول, يقولون المثل المشهور: العلم ما حوى الصدر, ما العلم ما حواه القمطر, الكتب يعني.
س: ( ...01:56)؟
ج: لِأَنَّهُ يركن إِلَى الكتاب, أو لو صار في مسجل يقول: نرجع إِلَى الشريط أو نرجع إِلَى الكمبيوتر, هُوَ متى يرجع؟ ما يرجع.
القارئ:
380 - أخبرنا سعيد بن عثمان قال: أخبرنا إسماعيل بن القاسم، قال: حدثنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال: سمع يونس بن حبيب رجلاً ينشد:
استودع العلم قرطاسًا فضيعه |
|
وبئس مستودع العلم القراطيس |
. . .
فقال يونس: " قاتله الله ما أشد صيانته للعلم وصيانته للحفظ، إن علمك من روحك، وإن مالك من بدنك، فصن علمك صيانتك روحك، وصن مالك صيانتك بدنك ".
381 - ومما ينسب إلى منصور الفقيه من قوله:
علمي معي حيث ما يممت أحمله |
|
بطني وعاء له لا بطن صندوق |
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي |
|
أو كنت في السوق كان العلم في السوق |
قال أبو عمر: من ذكرنا قوله في هذا الباب فإنما ذهب في ذلك مذهب العرب؛ لأنهم كانوا مطبوعين على الحفظ مخصوصين بذلك والذين كرهوا الكتاب كابن عباس، والشعبي، وابن شهاب، والنخعي، وقتادة ومن ذهب مذهبهم وجبل جبلتهم كانوا قد طبعوا على الحفظ فكان أحدهم يجتزئ بالسمعة، ألا ترى ما جاء عن ابن شهاب أنه كان يقول:
382 - " إني لأمر بالبقيع فأسد آذاني مخافة أن يدخل فيها شيء من الخنا فوالله ما دخل أذني شيء قط فنسيته ".
شرح الشيخ:
والشعبي قال: ما كتبت سوداء في بيضاء, حفظ, ما كتب سوداء في بيضاء الكل يحفظ.
القارئ:
383 - وجاء عن الشعبي نحوه، وهؤلاء كلهم عرب.
384 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب».
شرح الشيخ:
وَهَذَا وصفٌ أغلبي «نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» هَذَا وصف أغلبي وإن هناك من يكتب.
القارئ:
وهذا مشهور أن العرب قد خصت بالحفظ كان بعضهم يحفظ أشعار بعض في سمعة واحدة وقد جاء أن ابن عباس رضي الله عنه حفظ قصيدة عمر بن أبي ربيعة:
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر
في سمعة واحدة على ما ذكروا.
شرح الشيخ:
نعم في جلسة واحدة تكون القصيدة طويلة مئات الأبيات يسمع مرة واحدة ويكفي ما يحتاج إِلَى إعادة, وهو يعدها عليه في الحال, هَذَا موجود, الشناقطة معروفين بهذا, معروفين بالحفظ يحفظ الكتاب كاملاً.
القارئ:
وليس أحد اليوم على هذا ولولا الكتاب لضاع كثير من العلم، وقد أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب العلم ورخص فيه جماعة من العلماء وحمدوا ذلك ونحن ذاكروه بعد هذا بعون الله إن شاء الله، وقد دخل على إبراهيم النخعي شيء في حفظه لتركه الكتاب.
385 - ذكر الحلواني قال، قال: حدثنا معاوية بن هشام، وقبيصة قالا: قال: حدثنا سفيان، عن منصور قال: كان إبراهيم يحذف الحديث فقلت له: إن سالم بن أبي الجعد يتم الحديث قال: «إن سالما كتب وأنا لم أكتب» قال: أبو عمر: " فهذا النخعي مع كراهيته كتاب الحديث قد أقر بفضل الكتابة، والحمد لله.
باب ذكر الرخصة في كتاب العلم.