المتن:
والأصل الثاني معرفه دين الإسلام بالأدلة، هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، وهو ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، وكل مرتبة لها أركان.
الشرح:
هذا الأصل الثاني سبق الأصل الأول هو معرفة الإنسان ربه، تعرف الإسلام دينك الإسلام تعرف ما هو الإسلام، كما أنك عرفت الله بآياته ومخلوقاته، فيجب عليك أن تعرف دين الإسلام، بالأدلة، عرفه المؤلف، ما هو الإسلام، قال المؤلف: هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، هذه هو الإسلام استسلام، استسلم يعني: انقاد وذل وخضع، يقال: استسلم الجمل لصاحبه يعني: انقاد، انقاد وقاده بزمامه، استسلم يعني انقاد وذل وخضع وأطاع، المستسلم هو المنقاد، وأما الذي لا ينقاد هذا يسمى مستكبر، فالمسلم مستسلم لله سمي مسلم لأنه مستسلم لله منقاد لشرعه ودينه والكافر مستكبر غير مسلم، استكبر واستنكف واستكبر وأبى أن يعبد الله فصار مستكبرا، والمسلم انقاد وذلَّ وخضع لله فكان مسلما، إذا الإسلام :استسلام، اسـ تـ ـسـ لام، استسلام معنى انقياد، استسلم: انقاد وذلَّ وخضع ، استسلم الجمل انقاد لصاحبه، استسلم لله بأي شيء يستسلم لله ؟ بالتوحيد، يعني : توحد الله وتخلص له العبادة، وتصفها له، والانقياد له بالطاعة تنقاد لله بالطاعة، تنقاد يعني: تقبل وتطيع الله، والبراءة من الشرك وأهله تتبأر من الشرك وأهله، هذا ديننا هذا الإسلام، قال: وهو ثلاث مراتب: الإسلام ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: وهي مرتبة الإسلام وهي الدنيا، ثم يليها مرتبة الإيمان وهي أعلى منها، ثم المرتبة الثالثة وهي مرتبة الإحسان وهي أعلى منها، فإذا الدين دين الإسلام ثلاث مراتب، دين الإسلام ثلاث مراتب، المرتبة الأولى مرتبة الإسلام، الدين ثلاث مراتب، المرتبة الأولى من مراتب الدين: الإسلام، المرتبة الثانية من مراتب الدين: الإيمان، المرتبة الثالثة من مراتب الدين الإحسان، وكل مرتبة لها أركان، فالإسلام: له أركان خمسة، والإيمان له أركان ستة، والإحسان له ركن واحد.
المتن:
وأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
الشرح:
أركان الإسلام خمسة، هذه أركانه التي يقوم عليها ويستقيم عليها، هذه الأركان وهناك شرائع أخرى، لكن هذه العمد ، عمد الإسلام التي لا يقوم ولا يستقيم إلا بها خمسة، الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وهناك شرائع للإسلام أخرى، بر الوالدين، وصلة الأرحام، وأداء الأمانات، وغير ذلك من الواجبات، وكذلك المحرمات يتركها المسلم ، لكن هذه عمده، أركان الإسلام خمسة: الركن الأول: الشهادتان، شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله، هذه أصل الدين وأساس الملة، أعظم الأركان الشهادتان، أصل الدين وأساس الملة، أن تشهد لله تعالى بالوحدانية، وتشهد لنبيه محمد ﷺ، هذا أصل الدين وأساس الدخول في دين الإسلام، وهما مفتاح دار السلام، وبالشهادتان يدخل المسلم في الإسلام، وهتان الشهادتان هما مفتاح الجنة، مفتاح دار السلام، بهاتين الشهادتين يدخل المسلم في الإسلام، وبهما يفتح باب الجنة، وعليهما يموت المسلم، المسلم يحيى على الشهادتين ويموت عليها، أصل الدين وأساس الملة، الركن الأول من أركان الاسلام: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمد رسول الله، الشهادة لله تعالى بالوحدانية والشهادة لنبيه بالرسالة، شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمد رسول الله.
والثاني: إقام الصلاة: قال: إقام الصلاة ، ولم يقل الصلاة ، ولا يقل فعل الصلاة، إقامة الصلاة يعني تقيمها وتؤديها، أقام الشيء يعني أعطاه حقه، أدَّاه ومعطيه حقه، وليس كل من صلى مقيم للصلاة، لا، بل يصلي بعض الناس وهو لا يقيمها، فالمصلي كثير والمقيم للصلاة قليل، كما أنا الحجاج الركب كثير، إللي يركبون إلى مكة في وقت الحج كثير، والحاج الذي أدى الحج كما أمره الله قليل، الركب كثير والحاج قليل، والمصلي كثير والمقيم للصلاة قليل، نشوف المساجد تمتلئ من المصليين ، لكن من هو المقيم للصلاة ؟، صلى على الإخلاص وعلى الرغبة والرهبة، وأدى هذه الصلاة بشروطها، وحدودها وقيامها، وركوعها وحضور القلب فيها، ومتابعة الإمام فيها، والطمأنينة فيها، وأدائها في وقتها، عن اخلاص ورغبة ورهبة، من هو هذا قليل، فالمصلي كثير ، والمقيم للصلاة قليل، كما أن الرَّكب كثير، الذين يركبون بالطائرات والسفن، والمراكب والسيارات إلى مكة، كم عددهم؟! كم مليون مليونين أو ثلاثة ملايين، يكبون إلى مكة، هذا إللي يركبون، ولكن الحاج الذي يحج كما أمره الله تعالى قليل، الركب كثير والحاج قليل، والمصلي كثير والمقيم للصلاة قليل، لهذا قال: إقام الصلاة ، ولم يقل فعل الصلاة، هذا الركن الثاني، والركن الثالث: إيتاء الزكاة يعني دفع الزكاة، والركن الرابع: صوم رمضان. والركن الخامس: حج بيت الله الحرام، هذه أركان الإسلام الظاهرة وكل ركن له دليل، كما سيذكر المؤلف.
المتن:
ودليل الشهادة قوله تعالى شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ
الشرح:
هذا دليل شهادة أن لا إله إلا الله ، شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يعني لا معبود بحق إلا الله، وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قرن الله شهادة العلماء بشهادته وشهادة الملائكة، على أعظم مشهود وأجل مشهود به، وهو الشهادة لله بالوحدانية، شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ
المتن:
ومعناها لا معبود بحق إلا الله وحد النفي من الإثبات، لَاۤ إِلَـٰهَ نافيا جميع ما يعبد من دون الله (إلا الله)، مثبتا العبادة لله وحده، لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه.
الشرح:
وهذا معنى كلمه التوحيد لا إله إلا الله، معناها: لا معبود حق إلا الله "لا" نافية للجنس، "إله" اسمها، لا نافية للجنس من أخوات إن، تنصب الاسم وترفع الخبر،
ملاحظة: ذكر الشيخ -حفظه الله-أن ( لا النافية للجنس) من أخوات إن، وإنما هي تعمل عمل إن وليست من أخوات إن )
"إله" اسمها، والمعنى الإله المعبود، والخبر محذوف تقديره "حق" لا إله حق، "إلا" أداة استثناء، "لا إله"، هذا هو الكفر بالطاغوت، "إلا الله" مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، وهذا هو الإيمان بالله كما أنه ليس له شريك في ملكه، "فلا إله" هذا هو الكفر بالطاغوت، إلا الله هذا هو الإيمان بالله، "لا إله" براء، براء من كل معبود سوى الله، ومن كل عبادة، "إلا الله" ولاء، ولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، فكلمة التوحيد فيها كفر وإيمان، كفر بالطاغوت في قول " لا إله " إيمان بالله بقول "إلا الله" قال تعالى: فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
و المؤلف يقول : "لا إله" نافيا جميع ما يعبد من دون الله، "إلا الله" مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه.
المتن:
وتفسيره الذي يوضحها قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ قوله تعالى قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
الشرح:
هذا تفسير كلمة التوحيد تفسيرها الذي يوضحه وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ هذا معنى: "لا إله" هذا نفي الشرك، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي هذا الإيمان بالله، فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ، وجعلها إبراهيم كلمة باقية في عقبه يعني كلمة التوحيد، لعلهم يرجعون. قوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ هي كلمة التوحيد، سَوَاءٍ نصف عدل، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ماهي هذه الكلمة؟ كلمة أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا هذا معنى لا إله إلا الله، ألا نعبد إلا الله هو معنى لا إله إلا الله، تعالوا يقول: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ كلمة واحدة، وهي لا إله إلا الله سَوَاءٍ نصف عدل، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وهي: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن قبلوا فالحمد لله فإن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
المتن:
ودليل شهاده أن محمدا رسول الله قوله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ومعنى شهاد أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع .
الشرح:
هذا دليل على شهادة أن محمد رسول الله، قوله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ هو محمد عليه الصلاة والسلام، عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ بعني يشق عليه ما يشق عليكم، حَرِيصٌ عَلَيْكُم يعني على هدايتكم وإيصال النفع الدنيوي والأخروي إليكم، بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ هذا دليل شهادة أن محمد رسول الله، وقوله تعالى: ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ، ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله: يفسرها المؤلف فمعناها: طاعته فيما أمر يعني: طاعة الرسول في أوامره، وتصديقه فيما أخبر تصدقه في أخباره، واجتناب ما عنه نهى وزجر يعني: اجتناب نواهيه، وألا يعبد الله إلا بما شرع ، هذا معناه، إللي يشهد أن محمد رسول الله يطيعه في أوامره، ويصدقه في أخباره، ويجتنب نواهيه ، ويعبد الله بما شرعه، هذا الصادق، أما الذي يدعي أنه يشهد أن محمدا رسول الله وهو لا يصدقه في أخباره، ولا يطيعه في أوامره، ولا يجتنب نواهيه، ولا يعبد الله بما شرع هذا كاذب، ولا تنفعه قوله أنه يشهد أن محمدا رسول الله.
المتن:
ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد، قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ( البينة:5) ، ودليل الحج قوله تعالى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (آل عمران:97)
الشرح:
هذه الآية فيها دليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد وهي: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ هذا تفسير التوحيد، تفسيره العبادة مع الإخلاص، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) يعني مخلصين له العبادة، حُنَفَاءَ هذا تفسير التوحيد، أن يخلص العبادة لله، يكون حنيفا، مائلا عن الشرك إلى التوحيد، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
المتن:
ودليل الصيام قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
الشرح:
دليل الصيام قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، قال: كتب يعني فرض، هذه إعادة فرضية الصيام، ودليل الحج قوله تعالى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ قال: ولله على الناس لله تفيد الوجوب، يعني: ولله على الناس يعني: معناها أوجب الله على الناس، ولله على الناس حج البيت يعني أوجب الله على الناس حج البيت، لله تفيد الوجوب، هذه هي أركان الإسلام الخمسة وهذه وأدلتها.
المتن:
المرتبة الثانية: الإيمان وهو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان وأركانه ستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى : لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ( البقرة:177)
ودليل القدر قوله تعالى : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ
الشرح:
هذه المرتبة الثانية: من مراتب الدين، قلنا أن الدين ثلاث مراتب ، المرتبة الأولى: الإسلام، المرتبة الثانية: الإيمان، الإيمان هو تصديق بالقلب، تصديق وإقرار بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالقلوب وبالجوارح، يشمل أربعة أشياء، التصديق بالقلب والإقرار هذا من الإيمان، ويشمل الإقرار باللسان التلفظ به، ويشمل أعمال القلوب: من الخشية والرغبة والرهبة والمحبة والخوف والرجاء، ويشمل أعمال الجوارح: من الصلاة والصيام والزكاة والحج، فإذا الإيمان يشمل: اعتقاد القلب، ويشمل الإقرار باللسان، ويشمل أعمال القلوب وأعمال الجوارح، كله من الإيمان، والإيمان هو: بضع وستون شعبة، البضع :من ثلاثة إلى تسعة، (3-9) يعني فوق السبعين ، من ثلاثة وسبعين إلى تسعة وسبعين شعبة (73-79) الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، أعلى الشعب كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، إزالة الأذى، والحياء شعبة من الإيمان، فالإيمان بضع وسبعون شعبة، وهذا ما أخذ من حديث أبو هريرة رواه البخاري قال: ( الإيمان بضع وستون شعبة ) ورواية مسلم: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة )، قال: يقول النبي ﷺ: الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة، من الإيمان)، رواه البخاري ورواه مسلم، رواه البخاري بلفظ بضع وستون، ورواه البخاري ))بلفظ بضع وسبعون،
ملاحظة: هنا الشيخ حفظه الله ذكر أن رواية بضع وسبعون للبخاري، وهي رواية مسلم) فالنبي ﷺ جعل الإيمان فوق السبعين شعب، أعلى هذه الشعب كلمة التوحيد لا إله إلا الله، أقلها إماطة الأذى عن الطريق، "تزيل..." وبين الأعلى والأدنى شعب متفاوتة، بعضها يقرب من شعب بعض الشعب، مثلا: الصلاة شعبة، والزكاة شعبة، والصوم شعبة والحج شعبة، وبر الوالدين شعبة، وصلة الأرحام شعبة، والأمر بالمعروف شعبة، والنهي عن المنكر شعبة، كلها من شعب الإيمان، لكن أعلاها كلمة التوحيد لا إله إلا الله ، وأقلها أدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، الحياء شعبة قلبية، من أعمال القلوب، الحياء خلق داخلي، يحمل الإنسان على فعل ما يزينه ويجمله، ويمنعه عن فعل ما يشينه ويدنسه، هذا هو الحياء، الحياء شعبه من الإيمان، قال المؤلف: وأركانه ستة، أركان الإيمان ستة،: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره.
إذا المرتبة الأولى: الإيمان بالله، المرتبة الثانية: الإيمان بالملائكة، المرتبة الثالثة: الإيمان بالكتب المنزلة ،المرتبة الرابعة الإيمان بالرسل ، المرتبة الخامسة الايمان باليوم الآخر
المرتبة السادسة الإيمان بالقدر، وهذا مأخوذ من حديث جبريل، حديث جبريل لما سأل النبي ﷺ عن الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ستة أركان، الفرق بين أركان الإسلام وأركان الإيمان، أركان الإسلام : الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج،-سبقت- أركان الإسلام هذه أركان ظاهرة كل واحد يشاهدها، أشهد أن لا إله إلا الله بالنطق، الصلاة تشاهد، الزكاة تشاهد دفع الزكاة، الصوم يشاهد الحج يشاهد، أعمال ظاهرة، لكن أركان الإيمان أعمال باطنة ما يطلع عليها إلا الله، الإيمان بالله داخلي، الإيمان بالملائكة داخلي، الإيمان بالكتب داخلي، الإيمان باليوم الآخر باطني، الإيمان بالقدر باطني، هذه أركان الإيمان الباطنة، وأركان الإسلام الظاهرة، فمن أتى بأركان الإسلام الظاهرة وأركان الإيمان الباطنة فهو مؤمن، ظاهرا وباطنا، ومن أتى بأركان الإسلام الظاهرة ( الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج) ولم يأتِ بأركان الإيمان الباطنة فهو المنافق في الدرك الأسفل من النار، يعني ينطق بالشهادتين ويصلي ويصوم وهو في الباطن لا يؤمن بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا باليوم الآخر، هذا منافق في الدرك الأسفل من النار، ومن أتى بأركان الإيمان الستة ولم ينطق بالشهادتين أيضا لا يعترف بإسلامه لابد من النطق بالشهادتين، ولابد من أداء شعائر الإسلام، والدليل على هذه الأركان الستة، قوله تعالى: في آية البر: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ (البقرة:177) هذه الآية فيها خمسة أصول، وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ هذا واحد، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ بقي الركن السادس: وهو القدر قال ودليل القدر قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ
المتن:
المرتبة الثالثة: الإحسان وهو ركن واحد: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والدليل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ( النحل:128)، وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( الشعراء:216:220)، وقوله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ( يونس:61)
الشرح:
هذه المرتبة الثالثة من مراتب الدين الإحسان: والإحسان ركن واحد ، الإسلام خمسة أركان، والإيمان ستة أركان، والإحسان ركن واحد، وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لك لم تكن تراه فإنه يراك، ركن واحد وهو المراقبة، تراقب الله، تعبد الله على المراقبة، وأنت تصلي تراقب الله، تصوم تراقب الله، تصوم ،تحج وهكذا، ركن واحد، مع أنه ركن واحد ، لكن هذا الركن له مرتبتان، المرتبة الأولى أكمل من المرتبة الثانية، المرتبة الأولى أن تعبد الله كأنك تراه، تعبد الله كأنك ترا الله أمامك، فإن ضعفت عن هذه المرتبة، تنتقل للمرتبة الثانية: فإن لم تكن تراه فإنه يراك، تعبد الله على أنه يراك، المرتبة الأولى تعبد الله كأنك تراه، المرتبة الثانية تعبد الله كأنه يراك، "ما ظنك" هذا الإحسان أو وصل لدرجة الإحسان، هذا الكمال في الإيمان، فالإنسان الذي يعبد الله على المشاهدة، هل يمكن يرائي في عمله؟! ما يرائي، إللي يعبد الله على المشاهدة، حينما يتصدق ، حينما يصوم، تجده مخلص لله عزَّ وجل، ثوابه عظيم وأجره كبير، لا يغفل ولا يلتفت قلبه عن الله، يعبد الله على المشاهدة، تعبد الله كأنك تراه، تشاهده أمامك، فإن ضعفت عن هذه المرتبة، تنتقل للمرتبة الثانية فإن لم تكن تراه فإنه يراك، اعبد الله كأنه يراك، الدليل على هذه المرتبة قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون والشاهد : وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون.
وهذه المعية ، إن الله مع المحسنين معية نصر وتأييد، وتوفيق وتسديد والمعية معيتان، معية عامة ومعية خاصة، معية عامة للمؤمن والكافر، فالله مع المؤمن والكافر باطلاعه واحاطته ونفوذ قدرته، ومشيئته وهو فوق العرش، هذه معية عامة، قوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ هذه معية عامة للكافر والمؤمن، الثانية: معية خاصة بالمؤمن، بالمؤمنين والأنبياء، قال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا مع المتقين، وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون مع المحسنين، فهو مع المتقين ومع المحسنين، بنصره وتأييده وتوفيقه وتسديده ، وهو فوق العرش، قال الله تعالى لموسى و هاورن: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ (طه:46) هذه معية خاصة، وقال عن نبيه وهو في غار حراء، مع أبي بكر لا تحزن إن الله معنا ، هذه معية خاصة، وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ هذا الشاهد "الذي يراك" هذا الإحسان الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
وقوله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ هذا الإحسان، ما تكون في شأن ، وما تتلو من قرآن ، ولا تعمل من عمل ، إلا الله يشاهدك، إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ
المتن:
والدليل من السنة حديث جبريل المشهور، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي الله ﷺ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، فجلس إلى النبي ﷺ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : " يا محمد أخبرني عن الإسلام " ، فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال : " صدقت " ، فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال : " أخبرني عن الإيمان " قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : " صدقت " ، قال : " أخبرني عن الإحسان " ، قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال : " أخبرني عن الساعة " ، قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، قال : " فأخبرني عن أماراتها " ، قال : أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان قال: فمضى، فلبثنا مليا ، فقال : يا عمر ، أتدرون من السائل ؟ ، قلنا : "الله ورسوله أعلم " ، قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم
الشرح:
هذا الحديث الطويل، وهو حديث جبرائيل المشهور، رواه عمر رضي الله عنه، مطولا راوه الإمام مسلم في صحيحه، ورواه البخاري مختصرا عن أبي هريرة، في هذا الحديث فيه مراتب الدين الثلاثة: مرتبة الإسلام ومرتبة الإيمان ومرتبة الإحسان، ذكر المؤلف أدلتها من القرآن وذكر أدلتها من السنة، هذا لحديث حديث عظيم، تلقاه العلماء بالقبول وشرحوه يأتي شرحه في مجلدات، مجلدات شرح هذا الحديث، مجلدات ضخام، لما فيه من العلم الغزير، يقول المؤلف: والدليل من السنة على هذه المراتب، مراتب الدين الثلاثة، الإسلام والإيمان والإحسان، حديث جبريل المشهور، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، -عاد تعجبنا- كيف رجل ،جاء رجل غريب ما يعرفونه، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، يعني هذا مسافر، والمسافر عندهم في ذلك الزمن، يأتي رثَّى الثياب، يأتي منتفش الشعر، والثياب متسخه، لأن المواصلات عندهم على الإبل والتراب والغبار، مسافات، ليس أسفارهم مثل أسفارنا الآن، على الطائرات وعلى الباخرة، يصل وثيابه نظيفة، ثيابه نظيفة، وكل شيء مهيأ له ، لا، هذا رجل جاء مسافر لا يعرفونه، ليس من أهل البلد، ومع ذلك شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، ولا يعرفه أحد، تعجبوا، من هذه الحالة، كيف يأتى هذه الصورة ، هذا جبريل يأتي بصورة رجل لكن لا يعرفونه في ذلك الوقت، ولا يعرفون...، فجلس إلى النبي ﷺ، جلسة المتأدب، فأسند ركبتيه إلى ركبتين النبي ﷺ، ووضع كفيه على فخذيه، مؤدب، يسأل وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ جاء في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ قال: سلوني : فهابوه ، فأرسل الله جبريل يسأله، حتى يستفيد الصحابة، قال يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ ، قال: ذكر الأركان الخمسة، قال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، و تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال صدقت، فعجبنا له ، يسأله ويصدقه!، تعجب مره ثانية، السائل عادة لا يعرف! وهذا يسأل سؤال العارف، ولهذا يصدقه، قال صدقت ، إذا سأل قال صدقت، إذا هو عارف، وتعجبوا مرة ثانية، ثم قال أخبرني عن الإيمان؟ قال :أن تؤمن – هذه المرتبة الثانية- قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، قال: صدقت ، قال أخبرني عن الاحسان؟ هذا -المرتبة الثالثة- قال: أن تعبد الله كأن تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك، قال: أخبرني عن الساعة؟ متى تأتي الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، أنا المسؤول وأنت السائل، علمي وعلمك واحد، أنا لست أعلم منك، كما أنك لا تعلمها فأنا لا أعلمها، الساعة لا يعلمها إلا الله، يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ( الأعراف:187)، فالساعة لا يعلمها إلا الله، فلما قال له أن الساعة ما يعلمها...، قال أخبرني بأماراتها، إذا كنت لا تعرف قيام الساعة، أخبرني عن الأمارات، الأمارات والعلامات التي تدل على قربها، فذكر له بعض العلامات في هذا الحديث، وذكرت علامات أخرى كثيرة، علامات الساعة، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان، ذكر له أمارتين، الأمارة الأولى: أن تلد الأمة ربتها، -وفي رواية ربَّها- الأمة العبدة الرقيقة، تلد سيدتها كيف تلد سيدتها؟ قال العلماء: معنى ذلك أن الملوك يتسرون الإيماء، يتسرون الإيماء، تكثر السراري، فيتسراها الملوك فتلد هذه الأَمة سيدتها لأنها بنت الملك، فتكون سيدة على أمها وعلى غيرها، فتلد الأَمة الرقيقة تلد سيدتها، لأنها بنت الملك، فهي سيدة على أمها، سيدة على أمها وعلى غيرها، وفي اللفظ الآخر أن تلد الأمة ربَّها سيدها، يعني: تكون الأَمة تلد ولد، و الولد ابن الملك، ويكون ملك مثل أبيه، فيكون سيدا على أمه وعلى غيرها، وهذا في آخر الزمان، يكثر السراري، والثانية: أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان ، ترى الحفاة يعني أهل البوادي، ما يلبسون نعال في الغالب، العراة ثيابهم مشققه، ليس مثل أهل المدن، ، رعاء الشاء يرعون الغنم ، يتحضرون ويتطاولون في البنيان، بعد أن كانوا لا نعال عليهم، ولا ثياب عليهم، ويرعون الشياه ، سكنوا في المدن، وصاروا يبنون العمارات، والبنايات ويتطاولون في البنيان، هذ من أشراط الساعة، شرطين، وهناك أشراط كثيرة، منها إماتة الصلاة، ومنها عقوق الوالدين ومنها أن يكون المطر قيظا والولد غيظا، ومنها بعثة النبي ﷺ من أمارات الساعة، ومنها فتح بيت المقدس، ومنها أيضا ظهور القينات والمعازف علامات كثير لا حصر لها، هذه أشراط الساعة الصغرى.
وهناك أشراط كبرى تعقبها الساعة مباشرة، منها خروج المهدي وهو من سلالة النبي ﷺ، اسمه كاسم النبي ﷺ، محمد بن عبدالله المهدي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يبايعوا له في الوقت الذي ليس له لناس ايماء، ثم يخرج في زمن المهدي الدجال رجل يدعي الصلاح أولا، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الربوبية، وهو أعور عينه اليمنى كأن عينه عنبة طافية، ثم ينزل عيسى ابن مريم ويقتله، في زمان الدجال، ثم يخرج يأجوج ومأجوج في زمان عيسى، هذه أربع متوالية، ، المهدي ثم الدجال ثم عيسى، ثم يأجوج ومأجوج ، ثم تتوالى أشراط الساعة، ومنها الدخان الذي يملأ ما بين السماء والأرض فيصيب المؤمن كهيئة الزكام، والكافر يصيبه ألم شديد، ومنها نزع القران من المصاحف ومن الصدور، إذا ترك الناس العمل به، ومنها هدم الكعبة في آخر الزمان، ومن آخرها طلوع الشمس من مغربها ومنها الدابة التي تسم الناس في وجوههم، فالمؤمن تسمه سمة بيضاء، يبيض لها وجهه، والكافر تسمه سمة سوداء يسود لها وجهه، وآخر أشراط الساعة العشر، نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر إلى أرض فلسطين.
تبيت معهم إذا باتوا وتقول معهم إذا قالوا، ثم تقوم الساعة الكفرة، قبل ذلك تأتي ريح طيبة، تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، فلا يبقى مؤمن ولا مؤمنة في الأرض، إلا قبضته فيبقى الكفرة وعليهم تقوم الساعة، الساعة ما تقوم إلا على الكفرة، ولا يخلو هذا العالم إلا إذا خلا من التوحيد والإيمان، لا تقوم الساعة حتى لا يكون هناك من يقول "الله الله" . هذه شروط الساعة، ذكر شرطين من أشراط الساعة، ثم مضى هذا الرجل الذي يسأل، فلبثنا مليا، وفي لفظ قال: النبي ﷺ: ردوه ثم فذهبوا فلم يجدوا أحدا، راح جبريل طار، ملك، قال: يا عمر، أتدرون من السائل؟ قلنا الله ورسوله أعلم؟ يقال في حياة النبي "الله ورسوله أعلم"، وبعد وفاته يقال " الله أعلم" قال: هذا جبريل، أتاكم ليعلمكم أمر دينكم، أتاكم ليعلمكم دينكم، فسمى الإسلام والإيمان والإحسان دين، أتاكم ليعلمكم دينكم.
المتن:
الأصل الثالث: معرفة نبيكم محمد ﷺ، وهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم وهاشم من قريش وقريش من العرب والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبيَّا رسولا، نُبأ باقرأ وأُرسل بالمدثر، وبلده مكة، بعثه الله بالنَّذارة عن الشرك، ويدعوا إلى التوحيد والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ *وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ( المدثر:1-6) ومعنى: قم فأنذر ينذر عن الشرك ويدعوا إلى التوحيد، وربك فكبر أي: عظمه بالتوحيد، وثيابك فطهر أي: طهر أعمالك عن الشرك، والرجز فأهجر الرجز الأصنام، وهجرها تركها، والبراءة منها وأهلها، أخذ على هذا عشر سنين يدعوا إلى التوحيد.
الشرح:
الأصل الثالث: من الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم معرفتها، والعمل بها، والدعوة إليها والصبر على الأذى فيما يناله، وهي التي يسأل الإنسان عنها إذا وضع في قبره، معرفة نبينا محمد ﷺ، معرفة نبيكم محمد ﷺ، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وله أسماء كثيرة عليه الصلاة والسلام، محمد و أحمد والماحي إللي يمحو الله به الشرك، والحاشر الذي يحشر الله تعالى به..، والعاقب الذي ليس بعده نبي.
وهو محمد بن عبدالله، وجده عبدالمطلب ابن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن ابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، هذا نسبه عليه الصلاة والسلام، وقد ذكر النسّابون والمؤرخون نسبه عليه الصلاة والسلام، وذكره إلى معد بن عدنان، هذا متفق عليه، وهناك أجداد مختلف فيها، خمسة أو ستة أجداد، بين عدنان وإسماعيل، مع اتفاقهم على أنه من ذريه إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، فنسبه الشريف معروف، يحفظه الطلبة الصغار، وهو من قريش ، قريش هي القبيلة المعروفة، بني هاشم وهو عليه الصلاة والسلام العربي الهاشمي المطلبي ،وهاشم من قريش وقريش هي أشرف القبائل، وهي من العرب والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل لأن إسماعيل هو الأب الثاني، والأب الأول إبراهيم وقبله نوح وقبله آدم ، آدم هو أبو البشر، ثم نوح الأب الثاني وحمل معه في السفينة من آمن وهم عدد قليل، ثم نزلوا ولما نزلوا انقرضوا وبقي أولاد نوح، قال تعالى: وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ( الصافات:77) سام ويافث وحام، ثم بعد ذلك إبراهيم لما بعث الله إبراهيم صار كل نبي بعث بعد إبراهيم فهو من سلالته ومن وذريته، وكل كتاب أنزله الله بعد إبراهيم فهو على نبي من ذريته، ورزق الله إبراهيم إبنان الابن الأول إسماعيل وأمه هاجر التي أخدمها ملك مصر في ذلك الزمان، فأنجبت إسماعيل، سرَّاها إبراهيم، أعطاها سارة بنت عمه زوجه، فأعطتها إبراهيم فتسراها، وولدت إسماعيل، ومن ذرية إسماعيل نبينا محمد ﷺ، و زوجه سارة كانت عقيم ثم رزقها الله إسحاق، بعد اسماعيل بمدة، يقال 12 عاما، وكان من سلالة إسحاق، يعقوب وهو إسرائيل، وجميع أنبياء بني إسرائيل كلهم من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وآخرهم عيسى عليه السلام، فجميع الأنبياء من سلالة إسحاق، وأما إبراهيم ،وأما إسماعيل فمن ذريته نبينا محمد ﷺ، وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، نُبأ بعد تمامه الأربعين، لأنه هو الوقت الذي يبلغ فيه الإنسان أشده وقوته العقلية والجسمية، بعث على تمام الأربعين ، ومدة نبوته أو بلوغه الرسالة ثلاث وعشرين سنة، وله من العمر على الصحيح وقيل ستون سنة وقيل وخمسة وستون و الصواب ثلاثة وستون سنة.
نُبأ باقرأ وأرسل بالمدثر، نبأه الله باقرأ، أنزل الله اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (العلق:1)، ثم بعد فتره أُرسل بالمدثر لأنه جاءه جبريل في غار حراء وهو يتعبد وحبه وميله للخلاء ، وكان يتعبد في غار حراء، كأنه يتعبد على ما توارثه الناس على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويأخذ يتزود من زوجه خديجة ما يكفيه من الطعام والشراب، ليالي التعبد، ليلتين أو ثلاث أو أربع، ثم يذهب ويأخذ وهكذا، فجاءه الحق وهو في هذا المكان، جاءه جبريل على الصورة التي خُلق عليها وله ستمائة (600) جناح، فرُعب منه رعبًا شديدًا، صورة عظيمه تملأ ما بين السماء والأرض، وقال له: اقرأ؟ فقال: ما أنا بقارئ، فغطَّه حتى بلغ منه الجهد، وقوله ما أنا بقارئ ليس امتناعًا منه عليه الصلاة والسلام، ولكن بمعنى نفي يعني لست بقارئ ما تعلمت القراءة ،أُمِّي لا أقرأ ولا أكتب، كيف أقرأ وأنا ما أعرف؟! فقال: اقرأ غطَّه المرة الثانية حتى بلغ منه الجهد، قال العلماء هذا توطئة لتحمل الرسالة، لتحمل الرسالة لأن الرسالة عبء ثقيل، ثم قاله له في الثالثة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ( العلق:1-5) فرجع يرجف فؤاده من رؤية الملك مذعورا خائفا وجاء لزوجه خديجة، خفت أن يختلج عقلي، قالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرَّحم، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم ، وتحمل الكل ، وتعيين على نوائب الحق، هذه خصال حميدة، ومن يتصف بهذه الصفات لا يخزيه الله أبدا، وبشرته وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان رجل يتنصر ويقرأ الكتب الأول بالعبرانية، فسأله: ما الذي يأتيك؟ وقال: كذا وكذا، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقال: هذا الناموس الذي يأتي موسى، لما أخبره، إنك نبي هذه الأمة، يا ليتني أكون جذعا حين يخرجك قومك، -لأنه شيخ كبير قد طعن-، فقال: أوَ مخرجيَّ هم؟! قال نعم، لم يأتِ أحدا بمثل ما أوتيت به إلا عودي أو أوذي، ثم لبث وتوفي، جاء بعض الأحاديث أن النبي بشره بالجنة، لأنه أول من آمن به، ثم بعد مده قال: دثروني دثروني، زملوني زملوني جاءه الملك وقال له: يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر فصار رسولا بذلك، قال: فأنذر أنذر الناس، اقرأ هذا نُبأ صار نبيًا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ثم لما جاءه بالمدثر قال: يا أيها المدثر قم فأنذر الناس، أنذر حذر، صار رسولا، نُبأ باقرأ وأرسل بالمدثر، وبلده مكة عليه الصلاة والسلام، بعثه الله بالنذارة عن الشرك و، يدعو إلى لتوحيد، بعثه الله ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، يدعو إلى التوحيد وما أوجبه الله من الخصال الحميدة، وما شرعه ويَنْهُ عن الشرك و ما نهى الله عنه، من الأعمال السيئة والخصال الذميمة، والدليل، الدليل على أنه أرسل بالمدثر قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ المدثر : تدثر بالثياب وتغطى بها، وفي الآية الأخرى يا أيها المزمل المتلفف ، قُمْ فَأَنذِرْ هذا أمر؛ قم أنذر الناس عن الشرك، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ عظم ربك بالتوحيد، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ فسَّرها المؤلف قال: ومعنى قم فأنذر: ينذر عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد، وربك فكبر عظمه بالتوحيد، وثيابك فطهر طهر أعمالك من الشرك، الثياب تطلق على الأعمال، طهر أعمالك من الشرك، وقيل طهر ثيابك من النجاسة، يشمل هذا وهذا ، لكن المهم طهارة الأعمال من الشرك، ولهذا أختار المؤلف التفسير المهم وثيابك فطهر الثياب تطلق على الأعمال، يعني طهر أعمالك من الشرك، وطهر ثيابك العادية من النجاسات، لكن المهم هذا، لأن هذا في مكة يدعو إلى التوحيد، -وأما الطهارة والنجاسة وكذلك النجاسات-، التشريع إنما جاء في المدينة، وإنما هذا في مكة، وثيابك فطهر طهر أعمالك من الشرك، والرجز فاهجر الرجز : الأصنام وهجرها: تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها، والمعنى: اترك الأصنام واهجرها واترك أهلها، ولا تمنن تستكثر لا تمن تستكثر، ولربك فاصبر قال المؤلف : أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد في مكة، أخذ هذا يدعوا إلى التوحيد ولم يزد شيئا منها، من الشرائع، لا صلاة ولا زكاة ولا صيام لا حج، لأن المهم التوحيد ، التوحيد أصل الدين وأساس الملة، ولا تصح الأعمال إلا بالتوحيد، وهم مشركون في مكة، وهو يدعوهم إلى التوحيد عشر سنين، عشر سنين يدعوهم إلى التوحيد ثم بعد ذلك نزلت فرضية الصلاة إجمالا.
المتن:
وبعد العشر عرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وصلى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أُمِرَ بالهجرة إلى المدينة، والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة، والدليل قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (النساء:97-98-99)
وقوله تعالى يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (العنكبوت:56)
قال البغوي -رحمه الله- سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين بمكة لم يهاجروا ناداهم الله باسم الإيمان، والدليل على الهجرة من السنة قوله ﷺ: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.
الشرح:
يقول المؤلف -رحمه الله- بعد العشر السنين، يدعو إلى التوحيد في مكة، عرج به إلى السماء، يعني قبل الهجرة بثلاث سنين عرج به، وقيل قبلها بسنة، على الخلاف ، ولكن المفترض أنه عرج به قبل الهجرة بثلاث سنين، عرج به إلى السماء، بعد أن أسري به من مكة إلى بيت المقدس، لأن الإسراء والمعراج في ليلة واحدة على الصحيح، أسري به بروحه وجسده، على الصحيح يقظة لا مناما، وقيل أسري به مناما، وقيل أسري به بروحه، وقيل مرة يقظة ومرة مناما، والصواب، وقيل الإسراء في ليلة والمعراج في ليلة ، والصواب: أن الإسراء والمعراج في ليلة واحدة، مرة واحدة يقظة لا مناما، بروحه وجسده، يقول الله تعالى: سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا والعبد اسم للروح والجسد، عرج به إلى السماء بعد أن أسري به، أسري به على البراق، بصحبة جبريل، وسمي البراق والبراق دابة فوق الحمار ودون البغل، أكبر من الحمار وأقل من البغل، ركبه جبريل ومحمد ﷺ من مكة، سافرا به إلى بيت المقدس بالشام، وهذا البراق خطوه مد البصر، يعني الخطوة الواحدة مد البصر نهاية بصرك هي الخطوة، والخطوة الثانية نهاية البصر، وقطع المسافة التي هي بين مكة والشام كانوا يقطعونها في شهر في ذلك الزمان على الإبل، قطعها في مدة وجيزة ما يقارب ساعة وساعة ونصف، من جنس الطائرة مثل الطائرة تقريبا سرعته، سرعة الطائرة، قطع هذه المسافة في مدة وجيزة، وسمي بريق براق: لما فيه من البريق واللمعان، ثم لما وصل بيت المقدس ربط البراق الدابة بحلقة في باب بيت المقدس، وجمع الأنبياء وولي النبي بالأمامة وصلى بهم عليه الصلاة والسلام.
ثم أوتي بالمعراج، كهيئة الدرج، وصعد فيه جبريل ومحمد ﷺ من بيت المقدس إلى السماء، صعد إلى السماء الدنيا، وجد فيها آدم، ثم صعد إلى السماء الثانية وجد فيها يحيى وعيسى، ثم السماء الثالثة وجد فيها إدريس، ثم السماء الرابعة وجد فيها يوسف، ثم السماء الخامسة وجد فيها هارون، ثم السماء السادسة وجد فيها موسى، ثم السماء السابعة وجد فيها إبراهيم، وكل سماء محروسة لها حراس، وكل سماء يستفتح جبريل يقول من ؟ يقول: جبريل يقول: من معك؟ يقول: محمد، محروسة السماوات، يقول قد أرسل إليه كل واحد من الأنبياء يرحب به، ويقر بنبوته ، آدم قال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، وإبراهيم قال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، وبقية الأنبياء كل واحد يقول: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم تجاوز إلى سدرة المنتهى، تجاوز السبع الطباق، حتى وصل الى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، التي تكتب القدر، فكلمه ربُّ العزَّة والجلال بدون واسطة لكنه لم يرى الله على الصحيح، من وراء حجاب، وقيل رأى الله، لكن قول مرجوح، والصواب أنه رآه بعين قلبه لا بعين رأسه، لأن لا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا، حتى النبي ﷺ، لو كشف الحجاب لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه من بصره من خلقه، ولما سأل موسى الله الرؤية، قال له لن تراني، ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى الله إلى الجبل تدكدك الجبل وانساخ، فلا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا و رؤية الله نعيم ادخره الله لأهل الجنة، ثم فرض الله عليه خمسين صلاة، وجعل يتردد بين ربه وموسى لما وصل إلى السماء السادسة سأله: كم فرض عليك ربك؟ قال: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك واسأله التخفيف على أمتك، لأن أمتك ضعيفة لا تطيق خمسين صلاة في اليوم والليلة، فاستشار جبريل ، فأشار إليه، فعلا به الى الجبار جلَّ جلاله، وضع عنه عشرا، وفي رواية خمسًا، وجعله يتردد بين ربه وموسى، حتى صارت إلى خمس، حتى خففها الله إلى خمس، فقال: فأمره موسى أن يسأله التخفيف من خمس، قال : لا ، قال: إني سألت ربي حتى استحيت ولكن أرضى وأسلم، ونادى منادي من السماء: أن أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، ما يبدل القول لدي، هي خمسة في العدد وخمسون في الأجر، خمسة في العدد وخمسون في الأجر والميزان، هذا يدل على عظم شأن الصلاة، فرضت في المحل الأعلى خمسين صلاة، فرضت هذه الصلاة خمس وصلى في مكة ثلاثة سنين، ولكن الجماعة فرضت في المدينة، الجماعة والأذان، ما فرضت إلا في المدينة، في مكة صلاة ليس هناك جماعة ولا أذان، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة، والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وأما الهجرة من مكة إلى المدينة انتهت بعد أن فتحت مكة، وصارت بلد الإسلام، قال والهجرة فريضة على هذه الأمه من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة، الدليل على وجوب الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام هذه الآية: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ الذين بقوا بين أظهركم فهو المهاجرون توفتهم الملائكة، قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ تخاطبهم الملائكة عند قبض أرواحهم، قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَة فَتُهَاجِرُوا فِيهَا قال الله: فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (النساء:97)،هذا يعني أنها مسألة كبيرة توعدهم الله بالنار، لكن أستثنى الله العاجز، فقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (النساء:98-99) هذا وعيد شديد لمن ترك الهجرة، وقوله تعالى يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (العنكبوت:56) واسعة الأرض ، المكان الذي ما تستطيع أن تعبد الله فيه انتقل، قال البغوي -رحمه الله- : سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة، لم يهاجروا ، ناداهم الله باسم الإيمان، إلا على أنهم مؤمنون لكن ضعفاء الإيمان، توعدهم بالنار، كم يتوعد أهل الكبائر، ناداهم الله باسم الإيمان، والدليل على الهجرة من السنة، قوله ﷺ لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، الهجرة باقية، إلى قيام الساعة.
المتن:
ولما استقر في المدينة أمر ببقية شرائع الإسلام : مثل الزكاة والصوم والحج والأذان والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام أخذ على هذا عشر سنين، وتوفي صلاة الله وسلامه عليه ودينه باقي، وهذا دينه لا خير إلا دلَّ الأمه عليه، ولا شر إلا حذرها منه، والخير الذي دلَّها عليه التوحيد، وجميع ما يحبه الله ويرضاه، والشر الذي حذرها (منه) الشرك، وجميع ما يكرهه الله ويأباه.
تصحيح الشيخ للقارئ: (حذَّرها عنه)
الشرح:
فلما استقر في المدينة وهاجر عليه الصلاة والسلام أمر ببقية شرائع الإسلام مثل: الزكاة والصوم والحج والأذان والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام، كلها فرضت في المدينة، فرض الجهاد والأذان وصلاة الجماعة، والجهاد والزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام، أخذ على ذلك عشر سنين، مكث في المدينة عشر سنين، وتوفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باقي، دينه باقي إلى قيام الساعة، وهذا دين لا خير إلا دلَّ الأمة عليه، ولا شرَّ إلا حذرها عنه، والخير الذي دلها عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، الخير هو التوحيد وجميع الأقوال والأعمال التي يحبها الله، والشَّر الذي حذرها منه الشرك وجميع الأقوال والأعمال التي يكرهها الله، جميع ما يكرهه الله ويأباه.
المتن:
بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين الجن والإنس ، والدليل قوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ( الأعراف:158) وكمل الله به الدين، والدليل قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (المائدة:3) والدليل على موته ﷺ قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (الزمر:30-31)
الشرح:
بعثه الله إلى الناس كافة، رسالة النبي ﷺ عامة إلى الثقلين الجن والإنس، فمن قال إن الرسالة خاصة بالعرب ،هو خاتم النبيين، أو قال بعده نبي فهو كافر، بإجماع المسلمين قال الله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ
وقال قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وقال: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا وقال عليه الصلاة والسلام: بعثت إلى الناس كافة، وكان النبي يبعث إلى الناس خاصة، وبعثت إلى الناس كافة بعثه الله إلى الناس كافة،
وافترض طاعته على جميع الثقلين الجن والإنس، طاعة الرسول واجبه، على جميع الثقلين الجن والإنس، والنبي رسول إلى العرب والعجم، وللجن والإنس، الجن مكلفون بالشرائع والأوامر مثل ما كلف به الإنس من الشرائع، والدليل قول تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا هذه الآية عامة، مثل قوله تعالى تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، وأكمل الله به الدين الدليل أن الدين كامل، قوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا والدليل على موته قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ فهو ميت ولكنه عليه الصلاة والسلام حيّ حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء، وجسده الشريف لا تأكله الأرض، طري باقي، حرم الله بل حرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء جميعا، وأما سائر الناس تبلى أجسامهم ولا يبقى إلا عجم الذنب وهو العصعص آخر فقرة في العمود الفقري، حبة صغيرة ما تأكلها الأرض، يقول عليه الصلاة والسلام كل ابن آدم يبلى إلا عجم الذنب، منه خلق ابن آدم ومنه يركب والدليل على موته قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ بعض الناس ينازع يقولون ما مات الرسول، الدليل هذا،: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ وقوله تعالى وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ، إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ
المتن:
و الناس إذا ماتوا يبعثون والدليل على قوله تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ، ( طه:55)، وقوله تعالى وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا، ( نوح:17-18). وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم، والدليل قوله تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (النجم:31)، ومن كذب بالبعث كفر، والدليل قوله تعالى زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، (التغابن:7)
الشرح:
الناس إذا ماتوا يبعثون، والدليل قوله تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ يعني الأرض، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ هذا دليل على البعث، قوله: وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ،وقوله تعالى: وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا قال: ويخرجكم إخراجا هذا دليل على البعث، وبعد البعث محاسبون ومجزيون، يبعث الله العباد، حينما ينزل الله مطرا تنبت فيه أجساد الناس، فإذا هذبوا ونقوا ، أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور، فعادت الأرواح إلى أجسادها، وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة:7-8)
والدليل على الناس محاسبون قوله تعالى وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى،هذا الجزاء، جزاء لابد منه، ومن كذب بالبعث كفر، من قال أن الأجساد لا تبعث فهو كافر،
والدليل قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، (التغابن:7)، زعم الذين كفروا كفرهم أن لن يبعثوا، كفر البعث، ومثله قوله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ۖ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ (سبأ:3)، قوله : وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ يعني البعث، قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ومن كذب بالبعث كفر، ومن قال إن التي تبعث الأرواح فهو كافر، كالفلاسفة، الفلاسفة يقولون إللي يبعث الأرواح، الأرواح باقية، روح المؤمن إذا مات نقلت إلى الجنة ولها صلة بالجسد، وروح الكافر تنقل إلى النار ولها صلة بالجسد، والجسد يبلى والروح باقية في النعيم أو عذاب، فالذي يقول إن البعث للأرواح كالفلاسفة كافر، لابد من الإيمان ببعث الأجساد والأجساد تبعث ، ومن لم يؤمن ببعث الأجساد فهو كافر.
المتن:
وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين والدليل قوله تعالى رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ (النساء:165)، وأولهم نوح عليهم السلام وآخرهم محمد ﷺ وهو خاتم النبيين، والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى، قوله تعالى إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ (النساء:163)
الشرح:
أرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين، هذه وظيفة الرسل يبشرون من أطاعهم ومن وحد الله بالتوحيد بالجنة وينذرون من عصاهم وأشرك بالله ينذرونهم االنار،
والدليل قوله تعالى، - المؤلف كل مسألة يربطها بالدليل، والدليل قوله تعالى: رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ هذه وظيفة الرسل، مبشرين من أطاعهم بالجنة ومنذرين من عصاهم بالنار، أرسلهم الله لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، فلا يكون هناك حجة، قال الله تعالى كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وأولهم نوح وآخرهم محمد وهو خاتم النبيين عليهم الصلاة والسلام، أول الرسل نوح وأخرهم محمد وهو خاتم النبيين، والدليل قوله تعالى إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ نوح أول رسول بعثه الله للأرض، بعد وقوع الشرك، وأرسله الله إلى بنيه وغيره، لكن سبقه نبي، سبقه آدم إلى ذريته، سبقه شيث، إدريس أيضا، لكنه لم يقع الشرك في زمانهم، في زمن آدم وقعت المعصية، قابيل قتل هابيل، قال ابن عباس في قوله تعالى وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على التوحيد، ما حدث شرك، في قوم نوح ود وسواعا مات قوم صالحون في زمن نوح هذه أسماءهم ((واحد اسمه ود واحد اسمه سواع واحد اسمه يغوث واحد اسمه يعوق واحد اسمه نسر))، في زمن متقارب، فحزنوا عليهم فصوروا صورهم، ليتذكروا عبادتهم، وتشوقوا وتشويقا لهم، ثم جاء أحفادهم فعبدوهم، ذبَّ إليهم إبليس ،فقال إن أباءكم يستسقون بهم فعبدوهم، حدث الشرك فأرسل الله نوحا، أرسل الله نوح بعد حدوث الشرك، وإلا كان قبله آدم نبي ما لكن ما في شرك، نبي في معصية، قابيل قتل أخيه هابيل، وكذلك شيث، ثم أن آدم نبي إلى بنية، ما معهم غيره، أما نوح نبي إلى بنيه وغير بنيه، وهو أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك، وآخرهم محمد ﷺ.
المتن:
وكل أمه بعث الله إليهم رسولا من نوح إلى محمد ﷺ، يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت، والدليل قوله تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ( النحل:36) وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله.
الشرح:
كل أمة بعث الله إليهم رسولا من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت، والطاغوت كل ما يعبد من دون الله فهو طاغوت، الطاغوت كل ما عبد من دون الله فهو طاغوت، إلا من لم يرضى بالعبادة كالأنبياء وعيسى فلا يسمى طاغوت، كل أمة بعث الله إليهم رسولا من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن الشرك وعن عبادة الطاغوت، وعن عبادة غير الله، "فالطاغوت هو"، لابد من الكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. والكفر بالطاغوت هو البراءة، من كل معبود سوى الله، وتركها ومعادتها وبغضها وبغض أهلها فرض على كل إنسان أن يؤمن بالله وأن يجتنب الطاغوت، ولا يصح إيمانه إلا بهذين الأمرين، كفر بالطاغوت وإيمان بالله قال تعالى: فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ،كلمة التوحيد فيها كفر بالطاغوت، لا إله هذا كفر بالطاغوت، إلا الله هذا الايمان بالله، لابد من أمرين، كفر بالطاغوت البراءة من كل معبود سوى الله، ومن كل عبادة سوى الله، وأن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتنكرها وتكفر أهلها وتبغضهم وتعاديهم، هذا الكفر الطاغوت فرض على كل إنسان، أن ينكر عبادة غير الله، وأن يكفر أهلها ويعاديهم ويبغضهم، ويؤمن بالله، فلا يحصل التوحيد ولا الإيمان إلا بهذين الأمرين، كفر بالطاغوت وإيمان بالله. براءة من كل معبود سوى الله ثم الإيمان بالله، "لا إله" كفر بالطاغوت، "إلا الله " إيمان بالله.
المتن:
قال ابن قيم -رحمه الله تعالى- معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة، إبليس لعنه الله دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيء من علم الغيب ومن حكم بغير ما أنزل الله.
الشرح:
قال ابن قيم -رحمه الله- معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، إذا تجاوز العبد حده فهو طاغوت، أنت حدك أنت تكون إيش؟ أن تكون عبدا لله، حد الإنسان أن يكون عبدا لله، فإذا تجاوز حده ورضي يعبد من دون الله صار طاغوتا، حدك أن تكون عبدا لله، فإذا رضي الإنسان يعبده الناس من دون الله صار طاغوت، تجاوز حده، وكذلك المتبوع إذا رضي أن يتبع بالباطل تجاوز حده صار طاغوت، وكذلك إذا رضي أن يطاع في معصية الله صار طاغوت، هنا تجاوز حده ، حدك أن تكون عبدا لله، مؤمنا بالله، مطيعا لله، تابعا للنبي ﷺ، فإذا تجاوزت هذا الحد بأن رضيت أن تعبد من دون الله، أو رضيت أن تتبع في غير طاعة، الله أو رضيت أن تطاع في غير طاعة الله، هذا تجاوز به العبد حده فصار طاغوتا، هذا كلام ابن القيم يقول: معنى الطاغوت:ما تجاوز به العبد حده، حد العبد أن يكون عبدا لله، من معبود أو متبوع أو مطاع، والطواغيت كثيرون ، كثيرون الذين يرضون بعبادة غير الله ، وكثيرون الذين يطاعون في غير الله، وكثيرون الذين يتبعون في غير الله ، كثيرون ، ولكن رؤوسهم خمسة، قال رؤوسهم خمسة: الرأس الأول إبليس لعنه الله، هو قواد لكل شر، يدعو إلى كل شر وفتنه، الثاني: من عبد وهو راضٍ يعبده الناس وهو راضي ، هذا طاغوت، الثالث: من دعا الناس إلى عبادة نفسه، يدعو الناس إلى أن يعبدوه من دون الله ، الرابع: من ادعا شيئا من علم الغيب يدعي المغيبات هذا طاغوت، الخامس: من حكم بغير ما أنزل الله حكم بالقوانين الوضعية مختارا طاغوت، هذه رؤوس الطواغيت، وإلا كثيرون هم ، رؤوسهم خمسة : إبليس لعنه الله، ومن عبده الناس ومن عُبد وهو راضِ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعا شيئا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله، هؤلاء الخمسة رؤوس الطواغيت، ويتبعهم بقية الطواغيت.
المتن:
والدليل قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وهذا هو معنى لا إله إلا الله، وفي الحديث رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة و ذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ، والله أعلم وصلى على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشرح:
الدليل قوله على أنه يجب على الإنسان يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله، قوله تعالى : لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قيل هذه قبل الجهاد، وقيل نزلت في أهل الكتاب، لأنهم تخيروا بين الإسلام والجزية، قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ الرُّشْدُ هو دين النبي ﷺ، و الْغَيِّ هو الكفر، وضح الإيمان من الكفر، فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ هي كلمة التوحيد، لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، قد تبين، لا إكراه في الدين لا أحد يكره في الدين لأن الرشد قد تبين من الغي ووضح، ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله قيل هذه قبل نزول الجهاد، وقيل أنها في أهل الكتاب، ومن يكفر بالطاغوت ، يتبرأ من عبادة غير الله، ويتركها وينفيها ويبغضها ويعاديها ويعادي أهلها، من يؤمن بالله فهذا هو المؤمن، فقد استمسك بالعروة الوثقى تمسك بالعروة الوثقى وهي كلمة التوحيد، لا انفصام لها، والله سميع عليم، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، لا إله إلا الله معناها: لا معبود إلا الله، معناها الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، ومن يفكر بالطاغوت هذا معنى "لا إله" ، " لا إله" هذا كفر بالطاغوت، إلا الله هذا هو الإيمان بالله، ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله يقول المؤلف: هو معنى لا إله إلا الله، معنى هذا لا يخرج عن لا إله إلا الله، فيها كفر بالطاغوت وإيمان بالله، وكلمة التوحيد فيها كفر بالطاغوت وإيمان بالله ، وهذا معنى لا إله إلا الله، وفي الحديث رأس الأمر الإسلام، رأس الأمر الذي جاء به النبي ﷺ الإسلام، والشهادتان، الشهادة لله تعالى بالوحدانية، والشهادة للنبي محمد ﷺ بالرسالة، وعموده الصلاة الركن الأعظم وذرة سنامه أعلاه أعلى شيء فيه هو الجهاد في سبيل الله، فهذا الأمر الذي جاء به النبي ﷺ رأسه الإسلام التوحيد، وعموده الصلاة، وأعلاه وأعلى شيء فيه الجهاد، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سائل يسأل يقول الجن هل هم مكلفون؟
نعم مكلفون بما كلف به الإنس، يشهدون ويصلون عليهم صلاة وصيام وحج، جميع الأعمال، الجهاد أيضا، يجاهدون الكفار ، في جن كفار وجن مسلمين قال الله تعالى عن الجن وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (الجن:11-12) هذا أخبر الله تعالى عن الجن أنهم قالوا هذا، منهم الصالحون ، الجن مثل الإنس، فيهم الكافر وفيهم المؤمن والمبتدع فيهم والرافضي والخارجي فيهم الشيعي فيهم السني وفيهم المبتدع مثل الإنس، طبقات فيهم ضعيف الإيمان وقوي الإيمان.
وفق الله الجميع لطاعته، وثبت الجميع على هدايته وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.