بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , إله الأوليين والآخرين وأشهد أن سيدنا ونبينا وقدوتنا وإمامنا محمد بن عبد الله سيد الأنبياء وخاتم المرسلين صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
فنحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقنا لهذه المجالس العلمية , وأسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذريتنا كما أسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا جميعا الإخلاص في العمل والصدق في القول , كما أسأله سبحانه أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما , كما أسأله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده , فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده .
أيها الإخوان إن تعلم العلم والتعليم منه أفضل القربات وأجل الطاعات ، وذلك لأن المتعلم والمعلم يعلم ويتعلم ويتفقه في دين الله وفي شريعة الله، فينقذ نفسه من الجهل وينقذ غيره من الجهل , لأن الإنسان الأصل فيه أنه لا يعلم قال الله تعالى: وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ فالمتعلم والمعلم كل منهم على خير إذا حسن القصد وصلحت النية وهذا من علامات إرادة الله للعبد الخير، من علامة إرادة الله الخير للعبد أن يوجهنا إلى العلم والتعلم والتعليم ليتفقه في دين الله ويتبصر في شريعة الله حتى يعلم الله ويعلم أسماءه وصفاته سبحانه وتعالى وحتى يعلم شريعته وحدوده وما أمر الله به وما نهى عنه فيعبد الله على بصيرة ثبت في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان أن النبي ﷺ قال : من يرد الله به خيرا يفقه في الدين وهذا الحديث كما قال العلماء له منطوق وله مفهوم , منطوقه أن من فقه الله في الدين فقد أراد الله به خيرا ومفهومه أن من لم يفقه الله في الدين لم يرد به خيرا ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ونحن في هذه الليلة ندرس ونتدارس العقيدة التي كتبها الإمام المجدد الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، قدس الله روحه ورفع درجته في المهدين، وأعلى منزلته وجمعنا وإياكم وإياه به وبالنبيين وبالمرسلين وبالصديقين والشهداء والصالحين في دار كرامته إنه ولي ذلك والقادر عليه .
هذه الرسالة كتبها رحمة الله لأهل القصيم، قال كتبها وهو مشتغل البال، لما طلبوا منه أن يكتب عقيدته كتب عقيدة مختصرة في عقيدة أهل السنة والجماعة هذه العقيدة لو أردنا أن نتوسع فيها التوسع فيها يحتاج إلى مجلدات، يكتب في شرحها مجلدات كاملة فنحن الآن نريد أن نشرحها شرحا مختصرا وتشرح إن شاء الله فيما بعد شرحا متوسطا وتشرح شرحا موسعا فلو أردنا أن نتوسع لن نتجاوز الأصل الأول وهو الإيمان بالله ، لو أردنا الإيمان أصل الكلام عن الأصل الأول يحتاج إلى ساعات طويلة حتى نتكلم في الأصل الأول وذكر الأصول الستة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وبالقدر خيره وشره وهذا هو الإيمان كامل هذا يحتاج إلى أوقات طويلة , ولكننا نمره مر الكرام ونشرحها شرحا مجملا تحصل فيه الفائدة إجمالا ويحصل المقصود ونستوعب الرسالة , إن شاء الله بحوله وقوته .
( المتن )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وأصحابه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد :
قال شيخ الإسلام العالم الرباني والصديق الثاني، مجدد الدعوة الإسلامية والملة الحنفية، أوحد العلماء وأورع الزهاد الشيخ محمد ابن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب، وأسكنه الجنة بغير حساب، لما سأله أهل القصيم عن عقيدته :
بسم الله الرحمن الرحيم
( الشرح )
والملة الحنِفية ليست الحنَفية .. نعم
( المتن )
بسم الله الرحمن الرحيم
أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية
( الشرح )
الفِرقة بالكسر الطائفة والفُرقة بالضم والافتراق الاختلاف يختلف المعنى , الفرقة يعني الطائفة الناجية والطوائف متعددة والطائفة الناجية واحدة ، فِرقة ، أما الفُرقة فهي الفرقة والاختلاف ، يكره الفرقة والاختلاف . نعم
( المتن )
أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت ، والإيمان بالقدر خيره وشره
( الشرح )
قال شيخ الإسلام العالم , شيخ الإسلام هو محمد بن عبد الوهاب , لا شك أنه أهل لهذا اللقب ، هو شيخ الإسلام العالم الرباني لا شك أن هذا وصفه ، هو عالم فتح الله عليه ورزقه العلم ، الرباني هو الذي يعلم الناس لصغار العلم ، قيل في تعريف العالم الرباني هو الذي يعلم الناس لصغار العلم قبل كباره والشيخ هكذا، علم الناس صغار العلم ثم علم كباره والصديق الثاني يعني كأنها إضافة، الصديق الثاني بالنسبة للصديق الأول يعني أبو بكر، والصديق الثاني هنا يعني أراد به الإمام المجدد، ومنهم من يطلق الصديق الثاني يطلقه على عدد من الأئمة يطلق على الإمام أحمد وعلى شيخ الإسلام ابن تيمية وعلى المجدد كلهم يطلق عليهم مجدد الدعوة الإسلامية جددها هو الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب جدد الدعوة بعد أن اندثرت معالمها وانتشرت البدع والخرافات والشرك جدد الدعوة الإسلامية وأعاد الناس إلى شريعة نبينا محمد ﷺ وهي التوحيد والملة الحنفية ، الملة الحنفية ملة الإسلام ، والحنفية يعني المائلة عن الشرك إلى التوحيد فهي ملة حنفية، ويقال لها الملة العوجاء لكونها منحرفة عن الشرك والبدع وهي في نفسها مستقيمة ، في نفسها مستقيمة ولكنها سميت الحنفية من الحنف والميل أو العوجاء لكونها مائلة عن الشرك والبدع قائمة عن التوحيد ، أوحد العلماء يعني وحيد في عصره قام بالدعوة الإسلامية ، وأورع الزهاد في زمانه ، الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب هذا دعاء ، الأجر والثواب مترادفان ، وأسكنه الجنة بغير حساب ، آمين .
لما سأله أهل القصيم عن عقيدته، سألوه عن عقيدته فكتب لهم هذه العقيدة المختصرة، وذكر في آخرها أنه كتبها على عجالة وهو مشتغل البال، قال في آخرها : ( كتبت لكم هذه ، هذه عقيدة وجيزة _ يعني مختصرة _ حررتها وأنا مشتغل البال ) لم يكتبها وهو متفرغ لكثرة أعماله و قيامه بالدعوة ، بالدعوة إلى الله وتعليم الناس ، قال: ( لتطلعوا على ما عندي _ يعني من المعتقد _ والله على ما نقول وكيل ) قال الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في بيان عقيدته بدأها ببسم الله أبتدأ هذه العقيدة بالبسملة اقتدى ، تأسيا بالكتاب العزيز ، فأن الله تعالى افتتح كتابه العظيم بالقران ، بالبسملة بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد الله رب العالمين وكان النبي ﷺ يفتتح كتبه بالبسملة ، كتب إلى هرقل بسم الله من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم وهكذا ، سليمان لما كتب رسالة إلى بلقيس قال : بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ إِنَّهُۥ مِن سُلَیۡمَـٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ .
قال : ( أشهد الله ) المؤلف -رحمه الله- يشهد الله على عقيدته ، قال : ( أشهد الله أني على هذا المعتقد ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم على هذه العقيدة ) المؤلف -رحمه الله- يشهد الله ويشهد الملائكة ويشهد من حضر من المسلمين أنه يعتقد هذا المعتقد ، وهو يقول أني اشهد الله على هذا المعتقد والله مطلع على ما في نفسي مطلع على عقيدتي أني أعتقد هذا الاعتقاد يشهد الله ومن حضر وأشهد من حضر من الملائكة ، من الحفظة وملائكة الليل وملائكة النهار وغيرهم ، الملائكة الذين يحضرون مجالس الذكر ، الملائكة الذين يحضرون مجالس الذكر يتتبعون مجالس الذكر عدد من الملائكة ، وكذلك الملائكة الحفظة والملائكة الكتبة كلهم يشهدهم المؤلف على عقيدته ، أشهد الله وأشهد من حضر من الملائكة وأشهدكم أنتم أيها الحضور ، أيها الحضور حينما يشهدهم يعني: يشهد الحضور ويشهد أيضا أهل القصيم، حينما كتب هذا الكلام يعني: اشهدوا أن هذا معتقدي، الذي أكتبه لكم اشهدوا علي يوم القيامة أني أعتقد هذا المعتقد ، ثم قال : ( أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة ) يقول عقيدتي عقيدة الفرقة الناجية ، الفرقة الطائفة، والناجية أهل السنة وصفهم بأهل السنة والجماعة ، سموا بالفرقة الناجية لأنهم ينجون من العذاب يوم القيامة بخلاف الفرق الأخرى فأنهم متوعدون بالعذاب قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : افترقت الأمة ، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقه ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقه ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقه كلها في النار إلا واحدة _ من هم _ وهي الجماعة سئل من ؟ قيل من هم يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة ، وفي رواية هي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي وفي رواية و هي الجماعة هذه هي الفرقة الناجية، والباقي متوعدون بالعذاب كلهم في النار إلا واحدة أهل السنة والجماعة , يقول أنا اعتقد عقيدة الفرقة الناجية، الذين استثناهم الرسول ﷺ في قوله : كلها في النار إلا واحدة يعني يعتقد عقيدة هذه الفرقة الواحدة ، من هي هذه الفرقة الناجية ، الناجية من الوعيد والعذاب ، أهل السنة والجماعة ( 12:44) يعني هم أهل السنة والجماعة ، الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ، سموا أهل السنة للزومهم السنة وعملهم بالسنة ، وسموا بالجماعة لأنهم يجتمعون على الحق ، وهم الطائفة المنصورة، منصورة في الدنيا بالحجة والبيان وفي الآخرة ينصرهم الله ، فهذه الأسماء لمسمى واحد ، هي الفرقة الناجية ، هي الفرقة المنصورة ، هم أهل السنة والجماعة ، وهم أهل الحق ، وهذه الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، بشر النبي ﷺ أنها باقية إلى قيام الساعة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وهذه بشارة لا يزالون باقين ، لكن هذه الفرقة قد تكثر في بعض الأزمنة وقد تقل ، كل من لزم الحق كل من اعتقد العقيدة السليمة كل من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره فهو من أهل السنة ولجماعة ، وفي مقدمتهم العلماء ، قال العلماء أن منهم قد يكون منهم المزارع منهم الصانع منهم النجار ، قد يكون منهم النجار قد يكون منهم المزارع ، قد يكون منهم البائع والمشتري، ومنهم قد يكون صاحب مهنة قد يكون جزار ومن أهل السنة والجماعة قد يكون بائع ومن أهل السنة والجماعة، قد يكون خياط قد يكون مزارع ومن أهل السنة والجماعة لكن مقدمتهم العلماء والحديث مقدمتهم أهل العلم وأهل الحديث ، وهم الصحابة وهم الصحابة ومن تبعهم ، الصحابة والتابعون هم الأئمة هم العلماء هم أهل الحق ممن تبعهم ولو لم يكن من أهل العلم ، فالمؤلف يقول أننا نعتقد ما تعتقده الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة من يعني هذه العقيدة ( من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره ) هذه أصول الإيمان وهذه أركان الإيمان الستة التي اخبر بها ، التي بينها واخبر بها النبي ﷺ لما سأله جبرائيل في الحديث الصحيح لما سأل عن الإسلام قال : الإسلام أن تشهد لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت قال ما الإيمان قال : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر والقدر خيره وشره هذه أصول الإيمان الستة وأركان الإيمان الستة ، هذه الأصول الإيمان بالله ، الأصل الأول الإيمان بالله ، الأصل الثاني الإيمان بالملائكة ، الأصل الثالث الإيمان بالكتب المنزلة ، الأصل الرابع الإيمان بالرسل ، الأصل الخامس الإيمان باليوم الأخر قال هنا بالبعث بعد الموت الإيمان باليوم الآخر يشمل البعث يشمل الحساب والجزاء الجنة والنار ، الأصل السادس الإيمان بالقدر خيره وشره ، هذه أصول الإيمان هذه أصول جاءت بها الكتب المنزلة جاء بها النبيون، ونزلت بها الكتب وأجمع عليه المسلمون، ولم يجحد شيئا منها إلا من خرج عن دائرة الإسلام وصار من الكافرين ، هذه أصول الحق من جحد واحدة منها فليس من أهل الإسلام وهو كافر ، من جحد الأصل الأول وهو الإيمان بالله كافر ، من جحد الإيمان بالملائكة كافر ، من جحد الإيمان بالكتب المنزلة كافر ، من جحد الإيمان بالرسل كافر ، من جحد البعث أو الجزاء أو الجنة أو النار كفر ، من جحد القدر كفر ، المؤلف يقول أنا اعتقد ما تعتقده الفرقة الناجية أومن بالله و أومن بالملائكة و أومن بالكتب و أومن بالرسل و أومن بالبعث بعد الموت و أومن بالقدر خيره وشره ، فالإيمان بالله هو الإيمان ، هو الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى أنه موجود والإيمان بربوبيته وأنه الرب وغيره مربوب والإيمان بأنه الخالق وغيره مخلوق والإيمان بأنه المالك وغيره مملوك والإيمان بأنه المدبر وغيره مدَبر ، والإيمان بأسمائه وصفاته وأفعاله والإيمان بإلوهيته واستحقاقه العبادة ، الإيمان بالله ربا وملكا وإلها ومعبودا بالحق ، والإيمان بالملائكة الإيمان بالملائكة الكرام وأنهم أشخاص وذوات محسوسة وأن لهم وظائف ، ولهم عند الله عز وجل متفاوتون و أن الله وكل إليهم كل حركة في هذا الكون ، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، والإيمان بالكتب المنزلة وأن الله أنزل كتب على أنبيائه ورسوله لهداية الناس لا يعلم ولا يحصي عددها إلا الله ، فنؤمن بها إجمالا ونؤمن بما سمى الله منها وهي الكتب الأربعة العظيمة ( التوراة والإنجيل و الزبور والقران وصحف إبراهيم وصحف موسى ) وما عداه نؤمن به إجمالا ، والإيمان بالرسل نؤمن بأن الله أرسل رسلا إلى أنبياء إلى خلق كثيرين لا يعلم ولا يحصي عددهم إلا الله ونؤمن بما سمى الله منهم في القران العظيم وهم خمسة وعشرون في سورة النساء وفي سورة الأنعام ، ونؤمن بالبعث بعد الموت وأن الله تعالى يبعث الناس بعدما يموتون تبعث الأجساد ، يُنشأها الله خلقا جديدا ويعيد لها الذرة التي استحالت، بعد أن ينفخ إسرافيل في الصور نفخة الصاعقة ويموت الناس يمكث الناس أربعين ، ثم ينزل الله مطرا تنبت منه أجساد الناس فإذا كمل خلقهم أمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور النفخة الثانية فعادت الأرواح إلى أجسادها، لأن الأرواح ما تموت الأرواح تبقى في عذاب أو في نعيم ، إذا مات الإنسان نقلت روحه إلى الجنة ولها صلة ، روح المؤمن ولها صلة بالجسد ، والكافر إذا مات نقلت روحه إلى النار ولها صلة بالجسد ، والجسد يبلى والروح باقية في عذاب أو نعيم، والجسد والروح كل منهما ينال ما قدر له من النعيم والعذاب، فإذا بلي الجسد وصار ترابا بقيت الروح ، روح المؤمن في الجنة ، وروح الكافر في النار فإذا بعث الله الأجساد يوم القيامة ونفخ إسرافيل في الصور بأمر الله عادت الأرواح إلى أجسادها، فدخلت كل روح في جسدها، فقام الناس ينفضون التراب عن رؤؤسهم ويقفون بين يدي الله للحساب والجزاء ، حفاة لا نعال عليهم عراة لا ثياب عليهم غرلا غير محجوبين عن هذه الحالة، شاخصة أبصارهم إلى السماء ، ((قالت عائشة: يا رسول الله : الرجال والنساء عراة ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال النبي: يا عائشة الأمر أشد من ذلك كلا شاخصا بصره إلى السماء كلا لا تهمه إلا نفسه)) ، ذهل ذهول ورعب وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِیدࣱ یَوۡمَ یَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِیهِ وَأُمِّهِۦ وَأَبِیهِ وَصَـٰحِبَتِهِۦ وَبَنِیهِ لِكُلِّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ شَأۡنࣱ یُغۡنِیهِ وأول من يكسى في الموقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم يكسى الناس .
والإيمان بالبعث والجنة والجزاء والنار كله داخل فيه ، والإيمان بما يحصل في القبر من العذاب والنعيم وسؤال منكر ونكير كله داخل ، كله تابع للإيمان باليوم الآخر ، والإيمان بالقدر خيره وشره وأن الله علم الأشياء وكتبها في اللوح المحفوظ وأراد كل شيء في هذا الوجود وخلق كل شيء ، هذه أصول الإيمان الستة ،والإيمان بالقدر خيره وشره ، أنه قدر الأشياء كلها خيرها وشرها . نعم
( المتن)
ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل ، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه ، ولا ألحد في أسمائه وآياته ، ولا أكيف ، ولا أمثل صفاته،
تنبيه : هنا نبه الشيخ القارئ: (صفاته, جمع المؤنث السالم ينصب بإيش , كما يقول النحاة , ينصب بالكسرة هذا جمع مؤنث ، صفاته . نعم )
ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سميَّ له ولا كفؤ له ، ولا ند له ، ولا يقاس بخلقه .
( الشرح )
يقول المؤلف -رحمه الله- : ومن الإيمان بالله ، يدخل في الإيمان الأصل الأول والأصول ستة ، الأصل الأول أو الركن الأول الإيمان بالله ترقمونها ،
2- الأصل الثاني الإيمان بالملائكة
3- الأصل الثالث الإيمان بالكتب
4- الأصل الرابع الإيمان بالرسل
5- الأصل الخامس الإيمان بالبعث أو باليوم الآخر
6- الأصل السادس الإيمان بالقدر خيره وشره .
المؤلف -رحمه الله- يشرح هذه الأصول الستة بدأ بالأصل الأول ، قال : ومن الإيمان بالله اللي هو الأصل الأول يعني: يدخل فيه الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله ، في كتابه ((لعله وعلى لسان رسوله ساقطة فيها "الواو" الإيمان وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله حط "واو" ))، المؤلف يقول الإيمان يدخل في الأصل الأول الإيمان بالله الإيمان بما وصف الله به نفسه في الكتاب وبما وصف به رسوله ﷺ في السنة ، فالله تعالى وصف نفسه بالعلم والقدرة والسمع والبصر ، سمى نفسه بأنه عليم سميع بصير وهو السميع البصير وهو العليم الحكيم هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَیۡمِنُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ هذه الأسماء وهذه الصفات كلها داخلة في الإيمان بالله ، الإيمان بالله ومن الإيمان بالله الإيمان بأسمائه وصفاته ، وكذلك ما وصف به النبي نفسه ، ربه ، وعلى لسان رسوله الرسول ﷺ وصف الله بصفات وسماه بأسماء لم تأتِ في القران نؤمن بها ، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجب له؟ ، من يسألني فأعطيه؟ ، من يستغفرني فأغفر له؟ فالرسول ﷺ وصف نفسه بالنزول وهذا ليس في القران ، قوله عليه الصلاة والسلام : يعجب ربك من شاب ليس له صبوه كذلك ، و فالإيمان ، فيدخل في الإيمان بالله الإيمان بما وصف الله به نفسه في الكتاب العزيز من الصفات وما سمى به نفسه ، وكذلك الإيمان بما وصف به النبي ﷺ ربه وبما سمى به ربه في السنة المطهرة ، قوله : أيها الناس: أربعوا عن أنفسكم فأنكم لا تدعون أصم ولا غائبا أن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته هذا مما وصف به النبي ﷺ ربه في السنة ، قال : ( من غير تحريف ولا تعطيل ) ، التحريف : نوعان يكون في اللفظ و في المعنى ، في اللفظ مثل كتحريف اليهود حينما قال لهم الله: (قولوا "حطة") قالوا حنطه زادوا نون ، نون حنطه ، (قولوا حطة نغفر لكم خطاياكم) فقالوا حنطه هذا تحريف لفظي زادوا ، وكذلك الجهمية لما حرفوا قَول: "استوى" السماء قالوا: استولى وى ) قال الجهمية: معناها استولى ، يقول العلماء: إن الجهمية شابهوا اليهود في هذا ، اليهود زادوا نون والجهمية زادوا لام ، كما يقول ابن القيم يقول : لام الجهمية مثل نون اليهود زادوا حرفوا تحريف ، اليهود قال الله : وَقُولُوا۟ حِطَّةࣱ حط عنا يا لله ذوبنا، فاستهزؤوا وقالوا حنطة ، والجهمية قال الله ٱلرَّحۡمَـٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ فأنكروا وقالوا الله تعالى استولى هذا التعريف اللفظي ، والتعريف المعنوي مثل تحريف بعضهم آيات المعاني كتحريف المعاني التي قوله تعالى ، قولهم : جرحه بأظافر الحكمة ، وكلمه ربه قالوا الكلام معناه الجرح ، جرحه بأظافر الحكمة ، كذلك من التحريف اللفظي بعض الجهمية قرأ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِیمࣰا وكلم اللهَ موسى تكليما، الآية وَكَلَّمَ ٱللَّهُ وهم حرفوها قالوا وكلم اللهَ منصوبة على التعظيم، حتى يجعلوا موسى هو المتكلم والله لا يتكلم ،كلم اللهَ موسى تكليما هذا تحريف لفظي ، فقال لهم بعض أهل السنة : هب يا عدو الله أنك حرفت هذه الآية فكيف تقول في قوله : ( وكلمه ربه ) فقال جرحه بأظافر الحكمة، حرفوا المعاني من التعديل والجرح، الإيمان بما وصف الله به نفسه من غير تحريف هذا التحريف ، والتعطيل إنكار الصفة ، إنكار الصفة جحد الصفة أو تأويلها بالتأويل الباطل ، من غير تحريف ولا تعطيل ، قال المؤلف : ( بل أعتقد بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء ) يعني: لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في شي (وهو السميع البصير ) السميع البصير اسمان من أسماء الله، كل اسم مشتمل على صفة ، السميع مشتمل على صفة السمع والبصير مشتمل على صفة البصر ، قال : (فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ) كما فعلت المعطلة ( ولا أحرف الكلم عن مواضعه ولا ألحد في أسمائه وآياته ولا أكيف ) الإلحاد هو الميل به عن الحق إلى الباطل ، الإلحاد في أسماء الله بإنكارها أو تأويلها تأويلا باطلا ، وكذلك الإلحاد في آيات الله جحدها أو تأويلها تأويلا باطلا ، ( و لا أكيف ) يعني: ما أقول صفة الله كيفيتها كذا، أو على كيفية كذا، لا يعلم الكيفية إلا الله ، ولا أمثل صفاته بصفات خلقه كما تقول المشبهة، يقولون أن الله تعالى يده كيد المخلوق واستواءه كاستواء المخلوق هذا تمثيل تكيف ، تمثيل ، قال المشبهة يقولون : لله يد كيدي واستواء كاستوائي وعلم كعلمي وهذا كفر وضلال ، هؤلاء مثلوا صفات الله بصفات خلقه .
قال : ( لأنه تعالى لا سمي له ) يعني السمي هو المماثل يعني لا يماثله أحد من خلقه ( ولا كفؤ له ) الكفؤ المماثل أيضا كما قال تعالى : ولم يكن له كُفُوا أحد قال تعالى : هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِیࣰّا الاستفهام بمعنى النفي ، والمعنى لا يساميه أحد ولا يكافئه أحد ولا ند له الند هو المثيل أيضا ، كما قال تعالى : فَلَا تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادࣰا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ، (ولا يقاس بخلقه ) يعني: لا يقاس ولا يشبه بخلقه ، فالمؤلف -رحمه الله- يقول الله تعالى: لا سمي له لا يساميه أحد، ولا كفوا له ولا يكافئه أحد، ولا ند له ليس له نديد، ولا مثيل ولا يقاس بخلقه، فلا يقاس بخلقه ولا يشبه بخلقه، لأنه سبحانه وتعالى لا يماثله أحد من خلقه. نعم
( المتن )
فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل : وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلى المُرْسلين والحمْدُ لله رَبّ العالمين.
( الشرح )
قال : ( فإنه سبحانه _ يعني الرب سبحانه _ أعلم بنفسه وبغيره ) أعلم سبحانه بنفسه إـــــ ، أعلم سبحانه يعلم نفسه ويعلم أسمائه ويعرف صفاته ويعلم ما له من الأسماء والصفات وبغيره أعلم ، هو أعلم من الخلق بنفسه ، وأعلم من الخلق بغيره ، فإذًا نؤمن بما أخبر الله به عن نفسه وبما أخبر عنه الرسول لأنه أعلم بنفسه ، وأعلم بغيره من الخلق ، وأصدق قيلا يعني: أصدق قولا ، قول الله أصدق القيل والله تعالى أخبر عن نفسه بأسمائه وصفاته فنؤمن بها ، لأن قول الله أصدق القيل ، وأحسن حديثا كما قال الله تعالى : وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلࣰا وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِیثࣰا قال : (فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون) يعني الرب سبحانه نزه نفسه عما وصف به المخالفون من أهل البدع وأهل الشرك من أهل التكيف والتمثيل ، أهل التكيف الذين يقولون الله كيفيته كذا وصفات كيفيته كذا ، وأهل التمثيل الذين يمثلون ويقولون أن صفاته مثل صفات المخلوقين أو أن ذاته مثل ذات المخلوقين كما تقول المشبه ، الله تعالى نزه نفسه عما يصفه به المخالفون من أهل التكيف والتمثيل ، (وعما نفاه عنه النافون) الذين نفوا أسمائه وصفاته نزه الله نفسه ، فقال: ( من أهل التحريف والتعطيل ، عما نفاه عنه النافون من أهل التحريف ) الذين حرفوا ألفاظ أسماء الله وصفاته أو حرفوا معانيها ، والتعطيل الذين عطلوا الرب من أسمائه وصفاته أو عطلوا معانيها فقال سبحانه في تنزيه رَّبه : سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ سبحان تنزيه ،المقصد فيها تنزيه، تنزيها لله ، ربك يا محمد، ورب المخلوقين، ربُّ العزة صاحب العزة، والعزة صفة من صفات الله ، صاحب العزة يعني الذي له العزة سبحانه وتعالى، فالعزة صفة من صفاته ، سبحان ربك ، رب العزة صاحب العزة عَمَّا یَصِفُونَ عما يصفه به المشركون وأهل الكفر والضلال ، فأنهم وصفوه بالنقائص والعيوب، والله نزه نفسه عن ذلك وَسَلَـٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِینَ سلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الكذب و الإفك والافتراء وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ حمد نفسه لأنه مستحق للحمد، لما له من الأسماء والصفات العظيمة ولما له من النعم على خلقه . نعم
( المتن )
والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية ، وهم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية ؛ وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة ، وبين المرجئة والجهمية ، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله ﷺ بين الروافض والخوارج .
( الشرح )
هذا أهل السنة والجماعة ، هذا وسط ، والفرقة الناجية ، وهم أهل السنة والجماعة وسط ، وسط في باب أفعال الله ، و وسط في باب وعيد الله ، و وسط في باب الدين والإيمان ، و وسط في باب الصحابة ، والفرقة الناجية وسط بين الفرق ، كما أن هذه الأمة وسط بين الأمم هذه الأمة وسط قال الله تعالى وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا يعني خيارا عدولا بين اليهود وبين النصارى بين تفريط اليهود والنصارى ، اليهود ، وغلو النصارى ، فمثلا اليهود ، النصارى غلو في المسيح فقالوا أنه ابن الله فرفعوه من مقام العبودية والرسالة إلى مقام الإلوهية -والعياذ بالله- ، والنصارى ، واليهود فرطوا وأنكروا حقه، حتى أنهم قالوا ابن زنا -والعياذ بالله- ، وأهل الإسلام كما علمهم ربهم قالوا أنه عبد الله ورسوله ، فكذلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة وسط بين فرق الأمة المخالفة بين فرق أهل البدع ، ففي باب أفعال الله هم وسط بين القدرية والجبرية ، القدرية يقولون : إن العبد يخلق فعل نفسه، وأنكروا أن يكون الله هو الفاعل أنكروا أن يكون الله هو الخالق لأفعال العباد ، قالوا : العباد هم الذين يخلقون الطاعات والمعاصي ولذلك يستحقون ، المؤمن يستحق النعيم يستحق الثواب على الطاعة كما يستحق الأجير أجرته، يقولون أن الله لا منة له في ذلك، العبد هو الذي خلق الحسنات والأفعال فيستحق على الله يجب على الله عقلا أن يثيبه هكذا ، وهو الذي خلق المعصية فيجب على الله أن يعذب المعاصي وليس له أن يغفر له ولا يرحمه ، لأن الله توعده فلابد له أن ينفذ وعيده هذا من ، هذا هم القدرية، أنكروا أن يكون الله هو الخالق لأفعال العباد أنكروا أفعال الله ، خلق الله لأفعال العباد وقالوا العباد هم الخالقون والفاعلون لأفعالهم .
والجبرية غلو فقالوا : العباد لا يفعلون شيئا وأفعالهم كلها اضطرارية، والله تعالى هو الذي خلق العباد وخلق أفعالهم، والعباد ليس لهم شيئا من أفعالهم أبدا بل هم مجبورون ، مجبورون على أفعالهم ، والفاعل هو الله ، الله هو المصلي والصائم والعباد وعاء حركاتهم اضطرارية كحركة المرتعش والنائم ، ويقول العباد كالكوز الذي يصب فيه الماء فهم وعاء فالناس وعاء والله كصباب الماء فيه فالعبد (34:35) ، وأهل السنة وسط لن يقولوا بقول القدرية أن العباد هم الذين ، هم الذين يخلقون أفعالهم ، ولم يقولوا بقول الجبرية إن العبد مجبور ، توسط ، قالوا إن أفعال العباد هي من الله خلقا وإيجادا ومن العبد فعلا وتسببا وكسبا ، فالله تعالى هو الخالق للعباد ولأفعالهم قال تعالى وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ ولكنه سبحانه وتعالى جعل للعبد قدرة واختيار فيختار ويفعل ومشيئته تابعة لمشيئة الله عز وجل ، فصاروا وسط بين القدرية الذين قالوا أفعال العباد ، أفعال العباد هم الذين خلقوها ، وبين الوعيدية الذين قالوا العبد مجبور وليس له حركة ولا فعل ، بل قالوا أن العبد له اختيار وقدرة والله تعالى هو خالق العباد وخالق أفعالهم بقدرته ، فالأفعال من الله خلقا وإيجادا ومن العبد فعلا وتسببا وكسبا .
وهم وسط في باب الإيمان بالدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية ، الحرورية الخوارج ، باب الإيمان والدين، الحرورية والمعتزلة يقولون : إذا فعل الإنسان المعصية كفر ، إذا فعل ، زنى أو سرق أو شرب الخمر عند الخوارج يكفر ويجب قتله ويستحلون دمعه وماله ويخلدون في النار في الآخرة بالمعصية ، والمعتزلة قالوا : إذا فعل المعصية خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر في الدنيا يصير في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر وفي الآخرة مخلد في النار .
والمرجئة والجهمية قالوا : المعاصي لا تضر الإيمان لو فعل جميع المنكرات والمعاصي فلا يتأثر إيمانه فهو مؤمن كامل الإيمان ، وأهل السنة توسطوا لم يقولوا بهؤلاء ولا هؤلاء فلا يقولون بقول الخوارج إنه يكفر ويخرج من الإيمان بالمعصية ، لا ، ولا يقولون بقول المرجئة أن المعاصي لا تضر ، لا ، المعاصي تضر الإيمان وتضعفه لكن لا يكفر ، المعاصي تضر، تضر الإيمان وتضعفه وتنقصه لكن لا ينتهي الإيمان إلا بالكفر، لا يخرج من الإيمان كما يقول الخوارج بالمعصية ، لا ، المعاصي لا تخرج الإنسان من الإيمان ، لا يزال مؤمن لكنه ناقص الإيمان ضعيف الإيمان ، فهم وسط بين هؤلاء وهؤلاء .
وهم وسط في باب أصحاب رسول الله بين الروافض وبين الخوارج ، الروافض الذين كفروا الصحابة وشتموهم ولعنوهم ولم يستثنوا إلا نفر قليل كعلي ومن والاه، وغلو في أهل البيت وعبدوهم من دون الله ، ومن الخوارج الذين نصبوا العداوة لأهل البيت وأَذَوهم، فهم وسط أهل السنة لا يقولون بقول الخوارج ولا يقولون بقول الروافض ، فهم يتولون أصحاب رسول الله ﷺ ولا يبغضونهم ولا يسبونهم ولا يشتمونهم ويتولون أهل البيت وينزلونهم منازلهم بالإنصاف والعدل على حسب النصوص ، فهم لا يؤذون أهل البيت كما تفعل الخوارج ، ولا يؤذون الصحابة كما تفعل الروافض، فهم يتولون الجميع ، يتولون آل البيت ويتولون الصحابة وأزواج النبي ﷺ وينزلونهم منازلهم بالإنصاف والعدل التي جاءت به النصوص، فهم وسط بين هؤلاء و هؤلاء، هذا ما قالوه وسط في باب أصحاب رسول الله بين الروافض والخوارج . نعم ، المرجئة والوعيدية واحد المرجئة في باب وعيد الله وهم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية ، المرجئة الذين يقولون إن الإيمان لا يتأثر، الإيمان لا تؤثر فيه المعاصي، والوعيدية هم الخوارج والمعتزلة الذين يقولون إن الإنسان ، إن الإنسان إذا فعل الكبيرة يكفر، المرجئة والجهمية هم المرجئة هناك والوعيدية هم الحرورية والمعتزلة باب وعيد الله، كأن هذي تكرار في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية المرجئة هم المرجئة والجهمية ، والوعيدية هم الحرورية والمعتزلة في باب الوعيد هناك ، هناك في باب الوعيد هنا في باب الإيمان والدين ، في باب الوعيد في باب وعيد الله المرجئة يقولون : ما ينكر عليه اللي يفعل جميع الكبائر ما عليه وعيد، آمن إيمانه كامل ، والوعيد عند الخوارج والمعتزلة يقولون: إذا فعل الكبيرة فهو موعود بالنار ومن أهل النار ، وفي باب الإيمان والدين تسميه الحرورية والمعتزلة، الحرورية يسمون فاعل الكبيرة كافر، والمعتزلة يسمونه فاسق، لا مؤمن ولا كافر وفي الآخرة يتفقون على تخليد النار ، والمرجئة والجهمية، يسمون فاعل الكبائر يسمونه مؤمن كامل الإيمان المرجئة والجهمية، هذا في التسمية وذاك في الوعيد هم طائفة واحدة المرجئة هم المرجئة والجهمية ،والوعيدية هم الحرورية والمعتزلة . نعم.
( المتن )
وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود ؛ وأنه تكلم به حقيقة وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد ﷺ ؛ وأومن بأن الله فعال لما يريد ، ولا يكون شيء إلا بإرادته ، ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور .
( الشرح )
يقول المؤلف -رحمه الله- : ( وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود وأن الله تكلم به حقيقة ) هذا عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة ، أهل السنة والجماعة ، اعتقدوا أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه ، وأن كلام الله حروف وكلمات ، حروف وكلمات وأن الله تكلم به بحرف وصوت ، سمعه منه جبرائيل ونزل به على قلب نبينا محمد ﷺ كما قال الله تعالى : نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ بِلِسَانٍ عَرَبِیࣲّ مُّبِینࣲ ( منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود وأنه تكلم به حقيقة ) خلاف لأهل البدع الذين قالوا أن القرآن مخلوق كالمعتزلة ، قالوا أن القرآن مخلوق ، كلام الله مخلوق لفظه ومعناه ، قالت الأشاعرة : لفظ القرآن معنى قائم بنفس الرب لا يسمع ليس بحرف ولا صوت ، القران معنى ، أما الألفاظ والحروف فهي مخلوقة ، فيقولون أن القران الذي بين أيدينا ، يقولون هذا ليس كلام الله كلام الله في نفسه ما يسمع لكن هذا عبارة عن كلام الله عبر به جبريل أو محمد ، فالله تعالى اضطر جبريل اضطرار ففهم المعنى قائم بنفسه جعلوا الرب أبكم ما يتكلم -نعوذ بالله- ، الرب ما يتكلم ، لأنهم يقولون لو قلنا أنه يتكلم حروف و أصوات صار محل للحوادث فقالوا ما في كلام ، كلام الرب معنى قائم بنفسه مثل الشيء الذي تحدث به نفسك هذا كلام ، كيف إذا هذا القرآن؟ قالوا: هذا القران اضطر الله جبريل اضطرار ففهم المعنى القائم بنفسه فلما فهمه عبر به عبر القرآن ، هذا القرآن كلام جبريل ، ومنهم من قال: الذي عبر هو محمد ، وقالت طائفة ثالثة: إن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ ولم يسمع من الله ولا كلمة تعالى الله عما يقولون ، هذا كلام باطل ، القرآن عقيدة أهل السنة والجماعة أن كلام الله القرآن كلام الله لفظه ومعناه ، لفظه ومعناه تكلم الله اللفظ والمعنى ، تكلم به الله عز وجل وسمعه منه جبرائيل ونزل به على قلب محمد ﷺ ، ولهذا الأشاعرة يهونون من شأن المصحف ، المصحف هذا ما فيه كلام الله هذا عبارة عن كلام الله ، لكن يقولون يقال كلام الله مجازا ، يعني يقولون كلام الله مجازا ، لكن عند التحقيق وعند البحث والمناقشة يقولون : لا هذا عبارة عن كلام الله هنا يقول كلام الله مجاز، يعني :كلام الله ما يسمع بنفسه فإذا قلنا كلام الله هذا تسامح في العبارة يعني من باب المجاز وإلا فليس فيه كلام الله، تعالى الله عما يقولون، والمعتزلة قالوا مخلوق ، وأهل السنة والجماعة يقولون هذا كلام الله منزل غير مخلوق لفظه ومعناه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف ، قال بعضهم المعاني وقال بعضهم الحروف يعني الكلام هو الحروف والألفاظ ، فالمؤلف الشيخ -رحمه الله- يقول عقيدتي عقيدة أهل السنة والجماعة ليست عقيدة الأشاعرة ولا عقيدة المعتزلة ، قال : ( القران كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود وأنه تكلم به حقيقة _ يعني الله تكلم به حقيقة _ وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه محمد ﷺ وسفيره بينه وبين عباده ) لأنه عليه الصلاة والسلام هو الواسطة بيننا وبين الله ، نبينا محمد ﷺ.
قال المؤلف –رحمه الله-: ( وأومن بأن الله فعَّال لما يريد ) أومن بأن الله فعال وأنه سبحانه وتعالى يفعل ما يريد ، فيه إثبات الإرادة وإثبات الفعل، كما قال تعالى : فَعَّالࣱ لِّمَا یُرِیدُ هذا في سورة البروج فَعَّالࣱ لِّمَا یُرِیدُ فهو يفعل سبحانه وتعالى باختياره ومشيئته وهو يريد ، فهو فعال من صفاته وكذلك الإرادة من صفاته ولا يكون شيء إلا بإرادته ، نؤمن أن ما في شيء في هذا الوجود إلا بإرادته كونا وقدرا ، فالإرادة نوعان: إرادة كونية قدريه وإرادة دينية شرعية ، والمراد هنا كونية، لا يكون شيء إلا إذا أراده ما يمكن إن يقع في هذا الوجود شيء إلا بإرادة الله ، ما يمكن أن يقع في هذا الكون شيء إلا بإرادة الله ومشيئته، ولا يخرج شيء عن مشيئته ما يخرج شيء عن مشيئته كل شيء في هذا الكون أراد الله وجود كفرا و إيمانا ، لأنه ملكه، لكن له الحكمة البالغة ،لا يمكن أن يقع في ملك الله إلا ما أراده ، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ، العالم كله سوى الله ، ليس شيء في العالم السماوات والأرضيين وما بينهما يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره، لا يوجد إلا بتصويره ولا يخرج عن تقديره ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ، ما يمكن يخرج أحد عما قدره الله وكتبه في اللوح المحفوظ ( ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور ) اللوح المحفوظ كتب الله فيه كل شيء ، الأفعال والأقوال والنيات والشقاء والسعادة والعز والذل والرزق والرطب واليابس ، كل شيء مكتوب ، في الحديث كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء وأول ما خلق الله القلم قال له أُكتب قال وماذا أَكتب قال أَكتب مقادير كل شيء فجرى في تلك الساعة ما هو كائن إلى يوم القيامة ، قال تعالى : وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَیۡبِ لَا یَعۡلَمُهَاۤ إِلَّا هُوَۚ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا یَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةࣲ فِی ظُلُمَـٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبࣲ وَلَا یَابِسٍ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مُّبِینࣲ ( لا محيد لأحد) لا تجاوز لمخلوق لما في اللوح المحفوظ، قال الله تعالى ، قال في الحديث : وكتب في الذكر كل شيء في الذكر اللوح المحفوظ وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ. نعم .
( المتن )
وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون بعد الموت ، فأؤمن بفتنة القبر ونعيمه ، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد ، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا تدنو منهم الشمس ، وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون وتنشر الدواوين فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله .
( الشرح )
وأعتقد ، يعني في هذه العقيدة اعتقد أن الإيمان ، الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ بما يكون بعد الموت ، هذا كله داخل في الإيمان باليوم الآخر، أعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ بما يكون بعد الموت ، مثلا البرزخ ، البرزخ هو ما يكون بعد الموت إلى قيام الساعة ، فالدور ثلاثة ، دار الدنيا وهي من حين يولد الإنسان إلى أن يموت ، ودار البرزخ من حين أن يموت إلى يوم القيامة ، ودار القرار تبدأ من يوم القيامة إلى ما لانهاية، هذه الدور الثلاث ، فالمؤلف -رحمة الله- يقول : ( أؤمن أنا أؤمن ، أعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ بما يكون بعد الموت ) في دار البرزخ وفي دار الآخرة ، (فأومن بفتنة القبر ) فتنة القبر هي الفتنة السؤال والاختبار ، الاختبار وذلك أن الإنسان إذا مات ووضع في قبره يأتيه ملكان يختبرانه يقال لواحد منهما منكر والثاني نكير ، يختبرانه ويسألانه ثلاثة أسئلة ، السؤال الأول من ربك؟ ، والسؤال الثاني من نبيك؟ ، والسؤال الثالث ما دينك؟ ، إذا أجاب عن هذه الأسئلة نجح في الاختبار وصار من أهل الجنة، وإذا لم يجب هلك ، وهذا مبني على إذا كان الإنسان مؤمن في الدنيا فأنه يجيب كما جاء في الحديث الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي يثبته الله ، أسأل الله أن يثبتنا وإياكم قال تعالى : یُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وأما الكافر والمجرم والفاسق ولو كان أصلح الناس في الدنيا ولو كان يعلم "سبعة الألسنة كما يقولون" ما يستطيع أن يجب عن هذه الأسئلة يخذل، فإذا قيل له: من ربك؟ قال: الملائكة يقولون: من ربك؟ فلا يستطيع أن يجيب يقول: "ها ها" لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، فيقولون: من نبيك؟ ما يستطيع يجيب يقول: "ها ها" لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، يقولون: ما دينك؟ فلا يستطيع أن يجيب يقول: "ها ها" لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيضربه الملكان بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل من خلق الله إلا الجن والإنس، ولو سمعها الإنسان لصعق، ويقال: فيقولان له الملك: لا دريت ولا تليت، لا دريت لا عرفت من نفسك الحق، ولا سمعت من يقول الحق ويعمل به فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل من خلق الله إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق، هذه الفتنة ، قال المؤلف: (أؤمن بالفتنة) هذي جاء في الحديث جاء في الأحاديث الصحيحة أن الإنسان يفتن ويسأل هذه الأسئلة هذي الفتنة .
( ونعيمه ) ينعم المؤمن في قبره، يفتح له باب إلى الجنة، ويأتيه من روحها وطيبها -نسأل الله من فضله- ويفسح له في قبره مد البصر ، هذا من النعيم ، وكذلك العذاب المجرم يضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه، ويفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها –نعوذ بالله- ، والمؤمن يأتيه ملك طيب الريح يأتيه شخص طيب الريح حسن الوجه حسن المنظر فيقول من أنت ؟ فوجهك الذي يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح ، والفاجر يأتيه رجل خبيث المنظر قبيح المنظر قبيح الريح يروع يقول: من أنت؟ ووجهك الذي يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث -نسأل الله السلامة والعافية- ، أنا أومن بفتنة القبر ونعيمة وعذابه . (وبإعادة الأرواح إلى الأجساد) يعني: يوم القيامة إعادة الأرواح إلى الأجساد يعني: إذا مات الناس وبليت أجسادهم تبعث يبعثها الله مرة أخرى، وأعيدت الذرات التي صارت التي في التراب التي عادت يعيدها لأن الله عالم وقادر، فإذا كملت الأجساد بعد ذلك أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور، فعادت الأرواح إلى أجسادها لأن الأرواح -كما سبق- باقية، ما تموت الأرواح إما في نعيم وإما في عذاب، فإذا كملت الأجساد أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور فعادت الأرواح دخلت كل روح في جسدها، فيحيا الجسد فيقوم الناس فينفضون التراب عن رؤؤسهم ، (وبإعادة الأرواح إلى الأجساد فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا) يعني: أومن بإعادة الأرواح إلى الأجساد، إذا بعث الله الأجساد ونفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية عادت الأرواح إلى الأجساد، ودخلت كل روح في جسدها فيحيا الجسد، أومن بهذا خلاف الكفار الذين لا يؤمنون بالبعث ، الكفار ، وكذلك الفلاسفة لا يؤمنون ببعث الأجساد يقولون البعث للأرواح ، الأرواح هي التي تبعث يوم القيامة والأجساد ما تبعث هذا كفر من أنكر بعث الأجساد فهو كافر قال الله تعالى : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ أمر نبيه أن يقسم على البعث في ثلاث مواضع في القران العظيم هذا موضع قل بلى وربي حلف قسم بالله لتبعثن ، الموضع الثاني: قوله تعالى: في سورة يونس : وَیَسۡتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ يعني البعث قُلۡ إِی وَرَبِّیۤ إِنَّهُۥ لَحَقࣱّۖ والموضع الثالث: في سورة سبأ وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَا تَأۡتِینَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّی لَتَأۡتِیَنَّكُمۡ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِۖ قال المؤلف : یَوۡمَ یَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ يعني بعد بعث الأجساد وعود الأرواح إليها يقوم الناس لرب العالمين يقومون للحساب والجزاء ، ما هي حالهم ؟ وصفهم ثلاث صفات: حفاة عراة غرلا حفاة لا نعال، عليهم ما في نعال أنت الآن ، نحن الآن إذا مشى الواحد مسافة ما عليه حذاء يتعب تنكت رجليه الحجارة والشوك ، لكن في يوم القيامة ما في نعال ، ما في نعال الواحد يمشي حافي إلى المحشر يمشون حفاة ، حفاة الملوك والرؤساء والعامة والخاصة والرجال والنساء كلهم ، كلهم ما عليهم حذاء ، عراة ما في عليهم ثياب كل الرجال والنساء عراة، البصر شاخص إلى السماء ما أحد ينظر إلى الأخر من شدة الهول ، الإنسان في الدنيا إذا ذهل ما يرى من بعده من أمامه، تجد بعض الناس أحيانا يفكر في أشياء تمر عليه وتسلم عليه ولا يرد عليك السلام، فإذا لقيته بعد تقول: يا فلان ليش لماذا ما رديت علي السلام؟، يقول: والله ما علمت أنت سلمت ما علمت مشغول ذهنه مشغول، هذا في أمور الدنيا، لكن في أمور الآخرة الأهوال إذا انشقت السماء، وانكدرت النجوم، وسيرت الجبال، ومدت الأرض، وزلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وصارت الجبال كالعهن المنفوش، ماذا يكون حال الإنسان ؟ وشخصت الأبصار إلى السماء في محل نظر في أحد ينظر للثاني؟ ماحد ينظر الأبصار شاخصة إلى السماء إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمۡ لِیَوۡمࣲ تَشۡخَصُ فِیهِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ مُهۡطِعِینَ مُقۡنِعِی رُءُوسِهِمۡ لَا یَرۡتَدُّ إِلَیۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَاۤءࣱ هذا من شدة الأهوال، حفاة عراة لا ثياب عليهم ، غرلا يعني غير مختونين، الإنسان وهو صغير تقطع الجلدة التي في ذكره، يسميها البعض ختان يسميها بعضهم اطهار، هذه الجلدة تعود يوم القيامة كل واحد تعود إليه يصبح غير مختون غرل ، الجلدة التي قطعت من الإنسان وهو صغير من ذكره تعود الجلدة، تعود مكانها فيحشر أغرل غير مختون هذي حالة حفاة عراة غرلا .
يقول المؤلف : ( تدنوا منهم الشمس ) الشمس تدنوا من الرؤوس ويزاد في الحرارة أيضا قيل أن تكون أقرب ..من يعني قرب على قدر ميل من الرؤوس ويزاد في حرارتها ، ماذا تكون حال الناس ؟ ويلجمهم العرق على حسب ايش ؟ على حسب الأعمال منهم من يذهب عرقه مسافات قال المؤلف تدنوا الشمس ، ( وتنصب الموازين ) الموازين الأعمال الحسنات والسيئات تنصب الموازين بوزن الأعمال وتوزن بها أعمال العباد ، (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) من ثقلت رجحت الحسنات على السيئات فهم المفلحون ، أفلحوا وفازوا بالخيرات ،وتوزن الأعمال ويوزن الأشخاص، في الحديث يؤتى بالرجل العظيم السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة يكون بعمله والرجحان على حسب العمل ، ((ولما كشفت الريح عن ساق عبد الله بن مسعود ضحك الصحابة، فقال النبي ﷺ : لما تضحكون قالوا: يا رسول الله من دقة ساقيه دقيق الساقين فقال النبي ﷺ : والذي نفسي بيده لهما في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد هاتان الساقان الخفيفتان أثقل في الميزان من جبل أُحد بحسن العمل ، فالثقل والخف إنما هو بالعمل فمن ثقلت موازينه نجا فهم المفلحون ، ومن خفت موازينه هلك فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ فِی جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ .
( وتنشر الدواوين ) الدواوين صحف الأعمال ، (فآخذ كتابه بيمينه ) وهم المؤمنون (وآخذ كتابه بشماله) وهم الفجار ، فَأَمَّا مَنۡ أُوتِیَ كِتَـٰبَهُۥ بِیَمِینِهِۦ فَیَقُولُ هَاۤؤُمُ ٱقۡرَءُوا۟ كِتَـٰبِیَهۡ فرح مسرور الملائكة تقول انظر إِنِّی ظَنَنتُ أَنِّی مُلَـٰقٍ حِسَابِیَهۡ فَهُوَ فِی عِیشَةࣲ رَّاضِیَةࣲ فِی جَنَّةٍ عَالِیَةࣲ قُطُوفُهَا دَانِیَةࣱ كُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ هَنِیۤـَٔۢا بِمَاۤ أَسۡلَفۡتُمۡ فِی ٱلۡأَیَّامِ ٱلۡخَالِیَةِ والذي يعطى كتابه بشماله في الآيات الأخرى وراء ظهره، فهو يعطى كتابه بشماله ملوية وراء ظهره وأما من أوتي كتابه بشماله ماذا يقول فيقول یَـٰلَیۡتَنِی لَمۡ أُوتَ كِتَـٰبِیَهۡ يتحسر وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِیَهۡ یَـٰلَیۡتَهَا كَانَتِ ٱلۡقَاضِیَةَ مَاۤ أَغۡنَىٰ عَنِّی مَالِیَهۡۜ هَلَكَ عَنِّی سُلۡطَـٰنِیَهۡ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ ٱلۡجَحِیمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِی سِلۡسِلَةࣲ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعࣰا فَٱسۡلُكُوهُ ما هو عمله إِنَّهُۥ كَانَ لَا یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ ٱلۡعَظِیمِ وَلَا یَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ فَلَیۡسَ لَهُ ٱلۡیَوۡمَ هَـٰهُنَا حَمِیمࣱ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِینࣲ لَّا یَأۡكُلُهُۥۤ إِلَّا ٱلۡخَـٰطِـُٔونَ فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله . نعم .
( المتن )
وأومن بحوض نبينا محمد ﷺ بعرصة القيامة ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم .
( الشرح )
يقول المؤلف رحمه الله : (وأومن بحوض نبينا محمد ﷺ بعرصة القيامة ) العرصة هي المكان الفسيح عرصة يوم القيامة الأمكنة الفسيحة، ويوم القيامة العرصات تكون واسعة ، يزال ما على الأرض من جبال و وهاد وغيرها تصير كلها قاع صفصفا مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، بعرصة القيامة في حوض نبينا ﷺ، وهذا الحوض طوله مسافة شهر وعرضه مسافة شهر ، طول مسافة شهر يمشي فيها الإنسان مدة شهرما يوصل طرفه طولا والعرض كذلك، يصب فيه ميزابان من نهر الكوثر في الجنة ، (ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك )، الأواني : الكيزان التي يُشرب فيها عدد من نجوم السماء، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا حتى يدخل الجنة -نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الواردين إلى حوضه- ، والذين غيروا وبدلوا يردون على الحوض ويطردون تطردهم الملائكة تصدهم تضربهم، فهذا المؤلف يقول: ( أومن بحوض نبينا في يوم القيامة ) وجاء في الحديث أن لكل نبي حوضا ولكن حوض نبينا ﷺ أكثرها ، أعظمها وأكثرها وأحلاها وأكثرها واردا ، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه ، ولذلك المؤلف وصفه قال : (ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء- الكيزان اللي يشرب فيها - من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها - يعني حتى يدخل الجنة – أبداً) ، وأومن بأن الصراط منصوب على متنه على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم ، الصراط منصوب على متن جهنم يمر به الناس على قدر الأعمال ، فالطائفة الأولى تمر كما جاء في الحديث كالبرق، يمرون على الصراط يذهبون إلى الجنة على طول من تجاوز الصراط وصل الجنة هكذا الصراط ، الجنة فوق والنار تحت، (والصراط يكون هكذا) يصعد الناس فيه من تجاوز الصراط وصل الجنة ، الجنة فوق في الأعلى والنار تحت ، فالطائفة الأولى تمر كالبرق، ثم اللي بعدها كالريح، ثم الطائفة الثالثة كالطير، ثم طائفة كأجاود الخيل ثم بعدها الرجل يركض ركضا ثم الرجل يمشي مشيا ثم رجل يزحف زحفا وعلى الصراط كلاليب تخطف من أمرت بخطفهم وتلقى في النار، فناجي مسلَّم ، ومكردس على وجهه في النار ، والأنبياء والنبي ﷺ واقف على الصراط اللهم سلم ، سلم ، اللهم سلم ، سلم هذا صراط نؤمن به، المؤمن يؤمن بالصراط، وأن الصراط حس منصوب على شفير جهنم يمر الناس به على قدر الأعمال . نعم .
( المتن )
وأومن بشفاعة النبي ﷺ وأنه أول شافع وأول مشفع ، ولا ينكر شفاعة النبي ﷺ إلا أهل البدع والضلال ، ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضا كما قال تعالى : وَلا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنْ ارْتَضى ، وقال تعالى : مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بإذنه ، وقال تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ في السّمَوَاتِ لا تُغْني شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إلا مِنْ بَعْدِ أنْ يَأذَنَ اللهُ لمن يشاءُ ويَرْضى وهو لا يرضى إلا التوحيد ؛ ولا يأذن إلا لأهله ، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب ؛ كما قال تعالى : فَمَا تَنْفَعُهُمُ شَفَاعَةُ الشّافِعِين.
( الشرح )
يقول المؤلف -رحمه الله- الشيخ : (وأومن بشفاعة نبينا ﷺ وأنه أول شافع وأول مشفع ) يعني: النبي ﷺ يشفع يوم القيامة شفاعات ، شفاعات خاصة به كالشفاعة في موقف القيامة حتى يقرب من العباد، والشفاعة لأهل الجنة في الأذن لهم في دخولها، والشفاعة في عمه أبي طالب هذه خاصة به، وهناك شفاعة مشتركة بينه وبين الأنبياء والصالحين، كالشفاعة فيمن استحق دخول النار إلا يدخلها، والشفاعة في من دخلها من أهل التوحيد أن يخرج منها ، فالشفاعة تكون لأهل التوحيد، أما الكافر ماله نصيب من الشفاعة ما يشفع فيها الكافر الشفاعة تكون للموحد العاصي ، كموحد مات على التوحيد لكن له معاصي دخل النار أو استحق دخول النار يشفع فيه ، يشفع نبينا ﷺ كما جاء في الحديث، أربع شفاعات في كل مرة يحد الله لهم حدا يخرجهم من النار بالعلامة ، وكذلك الأنبياء يشفعون ، وكذلك الصالحون يشفعون ، والأسباط يشفعون، وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة، فيخرجهم رب العالمين برحمته ، والذين في النار يمكثون فيها على حسب أعمالهم، يطهرون على حسب معاصيهم، ولكن لا يبقون لأنهم ماتوا على التوحيد فإذا تكامل خروج العصاة ولم يبقَ أحد، أطبقت النار على الكفرة بجميع أصنافهم اليهود والنصارى والوثنيون والملاحدة والمنافقون في الدرك الأسفل، ما يخرجون منها أبد الآباد ( إنها عليهم موصدة ) يعني مطبقة مغلقة قال تعالى : یُرِیدُونَ أَن یَخۡرُجُوا۟ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَـٰرِجِینَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّقِیمࣱ قال سبحانه : كَذَ ٰلِكَ یُرِیهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ حَسَرَ ٰتٍ عَلَیۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَـٰرِجِینَ مِنَ ٱلنَّارِ الكفرة لا يخرجون تطبق عليهم بعد خروج العصاة ، العصاة الموحدون ، منهم من يعفوهم الله قبل الدخول من يشفع فيه يستحق الدخول ويشفع فيه فلا يدخل، ومنهم من يعفو الله عنه تحت مشيئته ، منهم من يعفو الله عنه ، ومنهم من يستحق دخول النار فيشفع فيه الشفعاء يشفعهم الله فيه ، ومنهم من يدخل النار فيشفع فيهم بعدم دخول النار ، فتبقى بقية ما تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته ، فإذا تكامل خروج العصاة ولم يبقَ إلا الكفرة أطبقت عليهم والكافر ما يناله نصيب من الشفاعة والجنة عليهم حرام والنار هي مقره ومستقره أبد الآباد -نسال الله السلامة والعافية- ، فالمؤلف يقول : (وأومن بشفاعة نبينا ﷺ ) الشفاعة ، أنكر الخوارج والمعتزلة الشفاعة ، قالوا ما في شفاعة الخوارج والمعتزلة يقولون العاصي مخلد في النار ماله شفاعة مثل الكافر، والأدلة التي فيها إثبات الشفاعة متواترة ومع ذلك أنكرها الخوارج أنكروها قالوا أخبار آحاد، وأهل السنة والجماعة يثبتون الشفاعة للعصاة الموحدين ، ( وأومن بشفاعة نبينا النبي ﷺ وأنه أول شافع وأول مشفع ) أول شافع هو الرسول وأول مشفع يشفعه الله ، ولا ينكر شفاعة النبي ﷺ إلا أهل البدع وأهل الضلال من هم ؟ الخوارج والمعتزلة أنكروا الشفاعة ، أنكروا الشفاعة في عصاة الموحدين ، قالوا خلاص النار من دخلها ما يخرج العاصي والكافر كلهم ما في شفاعة، من دخل النار ما يخرج منها ، كما من دخل الجنة ما يخرج منها، فمن دخل النار ما يخرج منها ، ما في ، من يدخل النار صنفان يقولون العاصي والكافر كلهم سواء وأهل الجنة المطيعون -وهذا باطل- ، النصوص متواترة في إخراج العصاة الموحدين و أنهم يخرجون بالشفاعة وبرحمة أرحم الراحمين ، ولهذا قال المؤلف : ( ولا ينكر شفاعة النبي ﷺ إلا أهل البدع والضلال) وهم الخوارج والمعتزلة (ولكنها لا تكون إلا بعد الإذن والرضا) بعد الإذن والرضا بعد الإذن للشافع إذا شفع الشافع ما يأذن الشافع ، ما يشفع حتى يأذن الله له ، محمد صلى الله عليه إذا أراد أن يشفع هل يشفع أولا ؟ لا ، أولا: حتى في الشفاعة الكبرى ما يبدأ بالشفاعة، يسجد تحت العرش فيفتح الله عليه المحامد يمجد الله في ذلك الموقف ويتركه الله ما شاء أن يتركه ثم يقول الله له: يا محمد ارفع رأسك وسأل تعط وشفع تشفع، هذا الإذن فيرفع رأسه بعد الإذن ويشفع، وكذلك من يشفع من الأنبياء والصالحين ما يشفع ألا بعد الإذن ، والشرط الثاني: أن لا بد أن يرضى عن المشفوع له المشفوع له إذا كان موحد رضي الله أن يشفع عنه، وإذا كان مشرك ماله نصيب في الشفاعة ، فالشفاعة كم لها شرط ؟ شرطان 1- إذن الله للشافع أن يشفع .
2- والثاني رضا الله عن المشفوع له .
ولهذا قال المؤلف : ( ولكنها لا تكون إلا بعد الإذن ) هذا الشرط الأول ( والرضا كما قال تعالى : وَلا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنْ ارْتَضى هذا الشرط الثاني ، وقال تعالى : مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بإذنه هذا الشرط الثاني الرضا و الإذن ، وقال تعالى : وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ في السّمَوَاتِ لا تُغْني شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إلا مِنْ بَعْدِ أنْ يَأذَنَ اللهُ لمن يشاءُ ويَرْضى هذه الآية ذكر الله فيها شرطان ، إلا من بعد أن يأذن الله هذا الإذن ويرضى هذا الشرط الثاني.
قال المؤلف : ( وهو لا يرضى إلا التوحيد ) وهو يعني الرب سبحانه وتعالى، لا يرضى إلا التوحيد، فاللي مات على التوحيد يرضى الله أن يشفع له، واللي مات على الشرك ما يرضى أن يشفع، وهو لا يرضى إلا التوحيد ، (ولا يأذن إلا لأهله ) لأهل التوحيد ، (وأما المشركون _ ما حكمهم _ فليس لهم من الشفاعة نصيب ) الدليل ؟ كما قال تعالى : فَمَا تَنْفَعُهُمُ شَفَاعَةُ الشّافِعِين وقال تعالى : مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خُلَّةࣱ وَلَا شَفَـٰعَةࣱۗ يعني الكفار .
وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله على محمد.