بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى أشرف الأنبياء والمرسلين وَعَلَى آله وصحبه أجمعين, أَمَّا بعد, اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
القارئ:
قال المصنف رحمه الله في تتمة باب كيفية الرتبة في أخذ العلم:
668 - قال ثعلب: وحدثت عن إسماعيل الموصلي قال: دخلت على الأصمعي، فرأيت بين يديه قمطرًا فقلت: هذا علمك كله فقال: «إن هذا من حَقّ لكثير».
شرح الشيخ:
القمطر كتاب يعني, العلم ما حوى الصدر لا ما حوى القمطر, العلم ما حوى الصدر لا ما حوى الكتب.
القارئ:
669 - وروينا عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أَنَّهُ قال: «العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كل شيء أحسنه».
670 - وعن الشعبي مثله.
671 – قال: أنشدني محمد بن مصعب، لابن أغنس:
ما أكثر العلم وما أوسعه |
|
من ذا الذي يقدر أن يجمعه |
إن كنت لا بد له طالبًا |
|
محاولًا فالتمس أنفعه |
672 – قال: وأحسن من هذا قول منصور الفقيه:
قالوا خذ العين من كل فقلت لهم |
|
في العين فضل ولكن ناظر العين |
حرفان في ألف طومار مسودة |
|
وربما لم تجد في الألف حرفين |
673 - وكان يقال: «العالم النبيل الذي يكتب أحسن ما يسمع ويحفظ أحسن ما يكتب ويحدث بأحسن ما يحفظ».
باب ذكر ما روي عن لقمان الحكيم من وصية ابنه وحضه إياه على مجالسة العلماء والحرص على العلم.
674 - قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا سحنون بن سعيد قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا السري بن يحيى، عن سليمان التيمي قال " قال لقمان لابنه: ": يا بني، ما بلغت من حكمتك؟ قال: لا أتكلف ما لا ينبغي قال: يا بني، إِنَّهُ قد بقي شيء آخر، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن الله يحيي القلوب الميتة بالحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء ".
675 - وعن لقمان، أن عيسى المسيح عليه السلام قال: «كما ترك لكم الملوك الحكمة فاتركوا لهم الدنيا».
676 - وقرأت على أبي محمد عبد الله بن محمد بن أسد، أن أحمد بن محمد المكي حدثهم، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا القعنبي، عن مالك، أنه بلغه أن لقمان الحكيم، قال لابنه: «يا بني، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن الله يحيي القلوب الميتة بالحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء».
677 - وحدثني إبراهيم بن شاكر، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان، قال: حدثنا سعيد بن عثمان، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح، قال: حدثنا يعقوب بن كعب قال: قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن كلثوم بن زياد، عن سليمان بن حبيب المحاربي قال: " قال لقمان لابنه: يا بني، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن الله عز وجل يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء ".
678 - قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن ابن أبي حسين قال: " بلغني أن لقمان، كان يقول: " يا بني، لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء وتماري به السفهاء وترائي به في المجالس، ولا تدع العلم زهدًا فيه ورغبة في الجهالة، يا بني: اختر المجالس على عينك، فإذا رأيت قومًا يذكرون الله فاجلس معهم؛ فإنك إن تك عالمًا ينفع علمك، وإن تك جاهلاً يعلموك، ولعل الله عز وجل يطلع عليهم برحمة فتصيبك معهم، وإذا رأيت قومًا لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تك عالمًا لا ينفعك علمك، وإن تك جاهلاً يزيدوك عيًا، ولعل الله عز وجل أن يطلع عليهم بعذاب فيصيبك معهم ".
679 - وحدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا عمر، قال: حدثنا علي، قال: حدثنا سعيد بن منصور، أراه عن ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن شهر بن حوشب قال: قال لقمان لابنه، فذكر مثل حديث ابن أبي حسين سواء.
680 - وحدثنا أحمد بن فتح، قال: حدثنا حمزة بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، أن لقمان، قال لابنه: " يا بني لا تتعلم العلم إلا لثلاث، ولا تدعه لثلاث: لا تتعلمه لتماري به ولا لتباهي به ولا لترائي به، ولا تدعه زهادة، ولا حياء من الناس ولا رضا بالجهالة ".
681 - قال زيد بن أسلم: كان لقمان من النوبة.
شرح الشيخ:
نوبة كأَنَّهُ نسب للبربر, الأقرب أَنَّهُ عبد لقمان من بلاد النوبة, نسب محتمل, إذا كان لقمان عبد فَإِنَّهُ يراد أصل نسبه, محتمل هَذَا, المهم أن لقمان أتاه الله الحكمة, الله أعطاه الحكمة ولا يضره هَذَا.
القارئ:
682 - ومن مواعظه لابنه أَيْضًا: لا تجادل العلماء فتهون عليهم ويرفضوك ولا تجادل السفهاء فيجهلوا عليك ويشتموك، ولكن اصبر نفسك لمن هُوَ فوقك في العلم ولمن هُوَ دونك فإنما يلحق بالعلماء من صبر لهم ولزمهم واقتبس من علمهم في رفق.
شرح الشيخ:
يعني لا تجادل هؤلاء ولا هؤلاء, واصبر لمن هُوَ فوقك ولمن دونك, أمره أن لا يجادل لا هؤلاء ولا هؤلاء, وأن يصبر لهؤلاء ولهؤلاء.
القارئ:
683 - قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا ضمرة، عن السري، قال لقمان لابنه: «يا بني، إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك».
شرح الشيخ:
صحيح رفعتهم, الْقُرْآن أعظم, إذا كانت الحكمة من الْقُرْآن فأعظم؛ كما في الحديث في حديث عمر: «إن الله ليرفع بهذا الْقُرْآن أقوامًا ويضع به آخرين» أطلقت الحكمة عَلَى السنة, وتطلق عَلَى العلم النافع.
القارئ:
باب آفة العلم وغائلته وإضاعته وكراهية وضعه عند من ليس بأهله.
شرح الشيخ:
بركة.