شعار الموقع

سورة البقرة - 10

00:00
00:00
تحميل
104


 [عن محمد بن أحمد بن النضر عن معاوية بن عمرو عن زايدة عن عمار بن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما أسكن آدم الجنة إلى ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.
ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه].
المقصود من هذا عن ابن عباس أنه وقت ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهذا ليس عليه دليل، وإن صح فهو من أخبار بني إسرائيل، ويحتمل أنه لا يصح سندا.
  [وقال عبد بن حميد في تفسيره: حدثنا روح عن هشام عن الحسن قال: لبث آدم في الجنة ساعة من نهار، تلك الساعة ثلاثون ومائة سنة من أيام الدنيا].
وهذا كذلك لا دليل عليه، وهو موقوف على الحسن.
[وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: خرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنا من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة، وهو الإكليل من ورق الجنة.
وقال السدي: قال الله تعالى: {اهبطوا منها جميعا} [البقرة:38] فهبطوا ونزل آدم بهم، ونزل معه الحجر الأسود وقبضة من ورق الجنة، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب.
فإنما أصل ما يجاء به من الطيب من الهند من قبضة الورق الذي هبط بها آدم، وإنما قبضها آدم أسفا على الجنة حين أخرج منها.
وقال عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهبط آدم بدحنا أرض الهند].
عطاء بن السائب اختلط في آخره، والأثر ضعيف.
[وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها: دحنا بين مكة والطائف.
وعن الحسن البصري قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدستميان من البصرة على أميال] أي: أن هناك مسافة بعيدة بين آدم وحواء، فآدم في الهند وحواء في جدة، وهذه مسافة عظيمة.
وكل هذه الآثار من أخبار بني إسرائيل، والله أعلم.
  [وأهبطت الحية بأصفهان. رواه ابن أبي حاتم.
وقال محمد بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار بن الحارث حدثنا محمد بن سعيد بن سابق حدثنا عمر بن أبي قيس عن الزبير بن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أهبط آدم بالصفا، وحواء بالمروة].
هناك خلاف بين القولين، فالأول: آدم في الهند وحواء بجدة، والثاني: في الصفا والمروة، فليس بينهما مسافة، وكل هذا تخمين.
[وقال رجاء بن سلمة: هبط آدم عليه السلام يداه على ركبته مطأطئا رأسه، وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى السماء.
وقال عبد الرزاق: قال معمر: أخبرني عوف عن قسامة بن زهير عن أبي موسى قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض علمه صنعة كل شيء، وزوده من ثمار الجنة، فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير.
وقال الزهري عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها) رواه مسلم والنسائي].
هذا ثابت في الصحيح.
[وقال الرازي: اعلم أن في هذه الآية تهديدا عظيما عن كل المعاصي من وجوه: الأول: أن من تصور ما جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزلة الصغيرة كان على وجل شديد من المعاصي.
قال الشاعر: يا ناظرا يرنو بعيني راقد ومشاهدا للأمس غير مشاهد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان ونيل فوز العابد أنسيت ربك حين أخرج آدم منها إلى الدنيا بذنب واحد].
هذا كلام طيب للرازي، والرازي في كتابه مفاتيح الغيب كما قال بعضهم: فيه كل شيء إلا التفسير، ومع هذا فالكلام جيد، حيث إن الله تعالى أخرج آدم من الجنة بزلة صغيرة ليحذر العاصي، ويخبره بأن المعاصي لها شؤم ولها آثار عظيمة.
[وقال ابن القيم: ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم].
يقصد بالعدو وإبليس، ونحن سبي العدو، فهل ترى نرجع إلى أوطاننا وهي: الجنة.

[قال الرازي عن فتح الموصلي: أنه قال: كنا قوما من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا، فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نرد إلى الدار التي أخرجنا منها، فإن قيل: فإذا كانت جنة آدم التي أخرج منها في السماء كما يقوله الجمهور من العلماء، فكيف تمكن إبليس من دخول الجنة وقد طرد من هنالك طردا قدريا، والقدري لا يخالف ولا يمانع؟
الجواب
أن هذا بعينه استدل به من يقول: إن الجنة التي كان فيها آدم في الأرض لا في السماء كما قد قصصنا هذا في أول كتابنا البداية والنهاية، وأجاب الجمهور بأجوبة: أحدها: أنه منع من دخول الجنة مكرما، فأما على وجه السرقة والإهانة فلا يمتنع.
ولهذا قال بعضهم كما جاء في التوراة: إنه دخل في فم الحية إلى الجنة، وقد قال بعضهم: يحتمل أنه وسوس لهما وهو خارج باب الجنة، وقال بعضهم: يحتمل أنه وسوس لهم وهو في الأرض وهما في السماء.
ذكره الزمخشري وغيره.

وقد أورد القرطبي ها هنا أحاديث في الحيات وقتلهن وبيان حكم ذلك، فأجاد وأفاد].
قال الله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} [البقرة:37].
[قيل: إن هذه الكلمات مفسرة لقوله تعالى: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف:23]، وروي هذا عن مجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وخالد بن معدان وعطاء الخرساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال أبو إسحاق السبيعي: عن جل من بني تميم، قال: أتيت ابن عباس فسألته ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال: علم شأن الحج].
هذا ضعيف؛ لأن فيه أبا إسحاق السبيعي وهو مدلس، أيضا فيه رجل مبهم.
[وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع: أخبرني من سمع عبيد بن عمير، وفي رواية قال: أخبرني مجاهد عن عبيد بن عمير أنه قال: قال آدم: يا رب! خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك، قال: فكما كتبته علي فاغفر لي، قال: فذلك قوله تعال: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} [البقرة:37].
وقال السدي عمن حدثه عن ابن عباس: (فتلقى آدم من ربه كلمات) قال: قال آدم عليه السلام: يا رب! ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى، ونفخت في من روحك؟ قيل له: بلى، وعطست فقلت: يرحمك الله، وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، وكتبت علي أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى، قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قال: نعم].
هذا أيضا ضعيف؛ لأن فيه مبهما.
[وهكذا رواه العوفي وسعيد بن جبير وسعيد بن معبد عن ابن عباس بنحوه، ورواه الحاكم في مستدركه من حديث ابن جبير عن ابن عباس، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهكذا فسره السدي وعطية العوفي.
وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا شبيها بهذا فقال: حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب، حدثنا علي بن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال آدم عليه السلام: أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة؟ قال: نعم.
فذلك قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} [البقرة:37]]
هذا الحديث ضعيف؛ لأنه منقطع بين الحسن وأبي بن كعب، وكذلك أيضا فيه قتادة، وهو مدلس وقد عنعن، والصواب أن الكلمات هي ما أخبر الله بها: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف:23].
فهذه هي الكلمات، أما هذه الآثار فضعيفة.
[وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وفيه انقطاع].
أي: انقطاع بين الحسن وبين أبي بن كعب، وفيه عنعنة قتادة أيضا.
[وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} [البقرة:37] قال: إن آدم لما أصاب الخطيئة قال: أرأيت يا رب إن تبت وأصلحت؟ قال الله: إذا أدخلك الجنة، فهي الكلمات.
ومن الكلمات أيضا {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف:23]، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان يقول في قول الله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} [البقرة:37] قال: الكلمات: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فرحمني إنك خير الراحمين، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
وقوله تعالى: {إنه هو التواب الرحيم} [البقرة:37] أي: إنه يتوب على من تاب إليه وأناب كقوله: {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده} [التوبة:104]، وقوله: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} [النساء:110] الآية، وقوله: {ومن تاب وعمل صالحا} [الفرقان:71] وغير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى يغفر الذنوب ويتوب على من يتوب، وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده لا إله إلا هو التواب الرحيم].
قال: ذكرنا في المسند الكبير من طريق سليمان بن سليم عن ابن بريدة وهو سليمان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم قال: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما عندي فاغفر ذنوبي، أسألك إيمانا يباشر قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي، قال: فأوحى الله إليه: إنك قد دعوتني بدعاء أستجيب لك فيه ولمن يدعوني به، وفرجت همه من غمومه، ونزعت فقره من بين عينيه، وأجرت له من وراء كل تاجر، وأتته الدنيا وهي كارهة، وإن لم يردها)، رواه الطبري في المعجم الكبير.
الأقرب أنه ضعيف لا يصح؛ لأن الأحاديث التي فيها طواف آدم في الكعبة ضعيفة؛ لأن الكعبة إنما بناها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأما قبل ذلك فالله أعلم، إلا أن يقال: إنه طاف بالربوة، وكانت ربوة وأرضا مرتفعة، ثم أيضا لم يكن هناك مقام صلى خلفه فالمقام مقام إبراهيم، وإبراهيم من ذريته وهو بعده بدهور، فكيف يصلي خلف المقام والمقام مقام إبراهيم؟ ثم إن هذا الدعاء: (أسألك إيمانا يباشر قلبي) الحديث يوجد في كتيبات، ويقرؤها بعض الذين يطوفون، والأقرب أن هذا الدعاء لا يصح.
قال الله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة:38 - 39].
[يقول تعالى مخبرا عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة، والمراد الذرية، إنه سينزل الكتب، ويبعث الأنبياء والرسل، كما قال أبو العالية: الهدى: الأنبياء والرسل والبينات والبيان.
وقال مقاتل بن حيان: الهدى: محمد صلى الله عليه وسلم. وقال الحسن: الهدى: القرآن.
وهذان القولان صحيحان، وقول أبي العالية أعم].
الهدى عام في القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم، فالقرآن هدى، والرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله بالهدى.
قال: [{فمن اتبع هداي} [طه:123] أي: من أقبل على ما أنزلت به الكتب، وأرسلت به الرسل {فلا خوف عليهم} [البقرة:38] أي: فيما يستقبلونه من أمر الآخرة {ولا هم يحزنون} [البقرة:38] على ما فاتهم من أمور الدنيا، كما قال في سورة طه: {قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [طه:123]، قال ابن عباس: فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه:124] كما قال هاهنا: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة:39] أي: مخلدون فيها لا محيد لهم عنها ولا محيص.
وقد أورد ابن جرير هاهنا حديثا ساقه من طريقين عن أبي سلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد واسمه: سعد بن مالك بن سنان الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أهل النار الذي هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أقوام أصابتهم النار بخطاياهم فأماتتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة) وقد رواه مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة به].
والمراد بأهلها يعني: الكفرة -نعوذ بالله- فلا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن قوم أصابتهم النار بذنوبهم، وهم عصاة الموحدين، فيموتون فيها إماتة ثم يأذن الله بالشفاعة، وأما الذين هم أهلها فهم الكفرة وهؤلاء لا يموتون فيها ولا يحيون، كما أخبر الله تعالى: {ثم لا يموت فيها ولا يحيا} [الأعلى:13].
وعصاة الموحدين يموتون فيها إماتة خاصة، حيث يصيرون فيها فحما ثم يلقون على نهر الحياة فينبتون ويحيون.
[وذكر هذا الإهباط الثاني لما تعلق به ما بعده من المعنى المغاير للأول، وزعم بعضهم: أنه تأكيد وتكرير، كما يقال: قم قم، وقال آخرون: بل الإهباط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا، والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض، والصحيح الأول، والله أعلم]
يعني: الصحيح أنه ذكر الإهباط الثاني لتعلق ما بعده بمعنى مختلف عن المعنى الأول.

قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم)
قال الله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون} [البقرة:40].
[يقول تعالى آمرا بني إسرائيل بالدخول في الإسلام، ومتابعة محمد عليه من الله أفضل الصلاة والسلام، ومهيجا لهم بذكر أبيهم إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام، وتقديره: يا بني العبد الصالح المطيع لله! كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق، كما تقول: يا ابن الكريم! افعل كذا، يا ابن الشجاع! بارز الأبطال، يا ابن العالم! اطلب العلم ونحو ذلك، ومن ذلك أيضا قوله تعالى: {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا} [الإسراء:3]، فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي، حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال: حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟ قالوا: اللهم نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اشهد
وقال الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن إسرائيل كقولك عبد الله]
هذه الآية يخاطب الله تعالى فيها بني إسرائيل فيقول: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} [البقرة:40]، وقد أنعم الله بهذه النعمة على آبائهم، فالنعمة على الآباء نعمة على الأحفاد، فهو تذكير لهم بما أنعم به على آبائهم، وتهيج وحث لهم على أن يعملوا بطاعة الله عز وجل، وإسرائيل هو نبي الله يعقوب حفيد إبراهيم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم، فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام رزق ابنين نبيين كريمين أحدهما: إسماعيل، وهو الابن الأول من هاجر التي أهداها له ملك مصر، فكانت سرية تسراها فأتت بإسماعيل، وإسماعيل هو الأب الثاني، وهو أبو العرب، ومن ذريته نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ثم أنجبت زوجته سارة وهي بنت عمه، وكانت لا تنجب، ثم أنجبت إسحاق بعد مدة ما يقارب اثنتي عشرة سنة بعد إسماعيل، وأنجب إسحاق يعقوب، ويعقوب هو إسرائيل، وأنبياء بني إسرائيل كلهم من ذرية يعقوب بن إسحاق، وآخرهم عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، فإسرائيل هو يعقوب.
والناس الآن يقولون دولة إسرائيل ويسبونها ويشتمونها، والصواب أن تسمى دولة اليهود لا دولة إسرائيل، ولا ينبغي أن يسب إسرائيل عليه الصلاة والسلام ولو كان الإنسان لا يقصد النبي الكريم بل يقصد الدولة، فلا ينبغي أن تسمى بهذا الاسم، بل يقال: دولة اليهود قبحها الله، وأما أن يقال: إسرائيل ويشتم إسرائيل فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الموافقة لاسم إسرائيل نبي الله عليه الصلاة والسلام.
[وقوله تعالى: {ذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} [البقرة:40] قال مجاهد: نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمى وفيما سوى ذلك: أن فجر لهم الحجر، وأنزل عليهم المن والسلوى، ونجاهم من عبودية آل فرعون]
هذا حصل لآبائهم وأجدادهم، والخطاب لليهود الذين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فيذكرهم بنعمته سبحانه وتعالى على آبائهم وأجدادهم؛ لأن النعمة على الآباء والأجداد نعمة على الأحفاد، وتذكيرا لهم بأن يشكروا نعمة الله التي أنعم بها على آبائهم وأجدادهم فيكونوا أول المتبعين لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأول المؤمنين به والمنقادين لشرعه ودينه.
[وقال أبو العالية: نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب.
قلت: وهذا كقول موسى عليه السلام لهم: {يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} [المائدة:20] يعني: في زمانهم].
والمراد بقوله: {وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} [المائدة:20] يعني: من عالمين زمانهم، كما في قوله تعالى: {وهو فضلكم على العالمين} [الأعراف:140] أي: فضلهم على عالمي زمانهم؛ لأن هذه الأمة أفضل منهم، والمراد على عالمين زمانهم في وقتهم فهم أفضل الناس، وأما بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فهذه الأمة أفضل منهم.
  [وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} [البقرة:40] أي: بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم من فرعون وقومه، {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [البقرة:40] قال: بعهدي الذي أخذت في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم، أنجز لكم ما وعدتكم عليه من تصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم؛ بذنوبكم التي كانت من إحداثكم، وقال الحسن البصري: هو قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار} [المائدة:12] الآية.
وقال آخرون: هو الذي أخذ الله عليهم في التوراة أنه سيبعث من بني إسماعيل نبيا عظيما يطيعه جميع الشعوب، والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم، فمن اتبعه غفر الله له ذنبه، وأدخله الجنة، وجعل له أجرين، وقد أورد الرازي بشارات كثيرة عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم.
قال أبو العالية: {وأوفوا بعهدي} [البقرة:40] قال: عهده إلى عباده دين الإسلام وأن يتبعوه، وقال الضحاك عن ابن عباس: أوف بعهدكم، قال: أرض عنكم، وأدخلكم الجنة، وكذا قال السدي والضحاك وأبو العالية والربيع بن أنس].
هذه المعاني كلها حق، وكلها جزء من المعنى، وقوله تعالى: {وأوفوا بعهدي} [البقرة:40] يعني: دين الإسلام، واتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه والانقياد لشرعة؛ وقوله تعالى: {أوف بعهدكم} [البقرة:40] أي: أرض عنكم، وأدخلكم الجنة.
[وقوله تعالى: {وإياي فارهبون} [البقرة:40] أي: فاخشون.
قاله أبو العالية والسدي والربيع بن أنس وقتادة، وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وإياي فارهبون} أي: أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره، وهذا انتقال من الترغيب إلى الترهيب، فدعاهم إليه بالرغبة والرهبة لعلهم يرجعون إلى الحق، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، والاتعاظ بالقرآن وزواجره، وامتثال أوامره، وتصديق أخباره، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم].
جمع له سبحانه بين الترغيب والترهيب، وهكذا ينبغي للمؤمن أن يكون راجيا خائفا، فيجمع بين الرجاء والخوف، كما قال الله سبحانه وتعالى عن أنبيائه ورسله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا} [الأنبياء:90]، وقال سبحانه: {يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون} [السجدة:16]، فالمشروع للمؤمن الواجب عليه أن يجمع بين الرجاء والخوف في سيره إلى الله، وفي عبادته لربه عز وجل، فلا يقنط من رحمة الله فيغلب جانب الخوف، ولا يغلب جانب الرجاء فيأمن مكر الله؛ لأنه إذا غلب جانب الرجاء أمن مكر الله واسترسل في المعاصي، وإذا غلب جانب الخوف قنط ويئس وتشاءم وأساء الظن بالله.
وفيه دليل على أن الرهبة إنما هي عبادة لا تكون إلا لله عز وجل، والرهبة هي الخوف، والخوف الذي هو العبادة خاص لله، ولهذا قال تعالى: {وإياي فارهبون} يعني: ارهبوني، ولا ترهبوا غيري، فالرهبة وخوف العبادة لا يكون إلا لله، فمن صرفه لغير الله فقد أشرك، وأما الخوف الطبيعي كالخوف من السبع أو من عدو معه سلاح أو من البرد فيلبس ليستدفئ أيام الشتاء، فهذا خوف طبيعي، فالخوف من العدو الذي أسبابه ظاهرة كما قال الله تعالى عن موسى: {فخرج منها خائفا يترقب} [القصص:21] لا بأس به، وأما خوف السر كالذي يخاف من الميت في سره، أو يخاف من غائب ليس معه أسباب فهذا شرك، فخوف العبادة هو خوف السر كالذي يخشى من الميت أن يضره بسره لا بشيء ظاهر، ويخشى منه أن يسلط عليه عدوه، أو يحرمه دخول الجنة، أو يقطع رزقه بسره لا بشيء ظاهر، فهذا خوف العبادة، وخوف العبادة صرفه لغير الله.
قال الله تعالى: [ولهذا قال: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون} [البقرة:41].
[يعني به القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي، بشيرا ونذيرا، وسراجا منيرا، مشتملا على الحق من الله تعالى، مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل، قال أبو العالية رحمه الله في قوله تعالى: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم} يقول: يا معشر أهل الكتاب! آمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم، يقول: لأنهم يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
وروي عن مجاهد والربيع بن أنس وقتادة نحو ذلك.
وقوله: {ولا تكونوا أول كافر به} [البقرة:41] قال بعض المعربين: أول فريق كافر به أو نحو ذلك.
قال ابن عباس: ولا تكونوا أول كافر به وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم].
لأنهم أهل كتاب أنزل الله عليهم التورة، فهم أهل كتاب وليسوا كالجهلة من كفار قريش، فإنهم عباد أوثان ليس عندهم شيء من العلم، وأما هؤلاء فعندهم علم التوراة، ولهذا فكفار قريش في الجاهلية يأتون إلى اليهود ويسألونهم ويقولون: أنتم أهل العلم، فليس من يعلم كمن لا يعلم.
[قال أبو العالية: يقول: ولا تكونوا أول من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم يعني من جنسكم أهل الكتاب بعد سماعكم بمبعثه، وكذا قال الحسن والسدي والربيع بن أنس، واختار ابن جرير أن الضمير في قوله به عائد على القرآن الذي تقدم ذكره في قوله: (بما أنزلت)، وكلا القولين صحيح؛ لأنهما متلازمان].
قوله تعالى: {ولا تكونوا أول كافر به} [البقرة:41] أي: بالقرآن أو بمحمد فهما متلازمان، فمن كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد، ومن كفر بمحمد فقد كفر بالقرآن، فهما متلازمان وكل منهما حق.
[وكلا القولين صحيح؛ لأنهما متلازمان؛ لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالقرآن، وأما قوله: {أول كافر به} [البقرة:41] فيعني به: أول من كفر به من بني إسرائيل؛ لأنه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب بشر كثير، وإنما المراد أول من كفر به من بني إسرائيل مباشرة، فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن، فكفرهم به يستلزم أنهم أول من كفر به من جنسهم]
  [وقوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} [البقرة:41] يقول: لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها؛ فإنها قليلة فانية، كما قال عبد الله بن المبارك: أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر عن هارون بن يزيد قال: سئل الحسن يعني البصري عن قوله تعالى: (ثمنا قليلا) قال: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها].
قوله: {ولا تشتروا بآياتي} [البقرة:41] يعني: تعتاضوا، والمراد بالشراء الاعتياض، يعني: تأخذون هذا بدلا من هذا، كما أن المشتري يأخذ السلعة ويعطي الثمن، فهؤلاء يأخذون الدنيا ويعطون دينهم، فيبيعون الدين بالدنيا، وسماها ثمنا قليلا؛ لأن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة؛ ولهذا في الحديث: (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء)، فالدنيا كلها ثمن قليل مهما أعطي الشخص من المناصب والرئاسات والأموال فهي كلها ثمن قليل، والمعنى لا تعتاضوا عن الإيمان بالله ورسوله وطلب ما عند الله في الدار الآخرة من الثواب في الدنيا مهما أعطيتم من الدنيا، فمهما حصل لكم من الدنيا فكلها ثمن قليل وشيء قليل.
  [وقال ابن لهيعة: حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} [البقرة:41] إن آياته كتابه الذي أنزله إليهم، وإن الثمن القليل الدنيا وشهواتها.
وقال السدي: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} [البقرة:41] يقول: لا تأخذوا طمعا قليلا، ولا تكتموا اسم الله، فذلك الطمع هو الثمن، وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} [البقرة:41] يقول: لا تأخذوا عليه أجرا، قال: وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول: يا ابن آدم! علم مجانا كما علمت مجانا، وقيل معناه: لا تعتاضوا عن البيان والإيضاح ونشر العلم النافع في الناس بالكتمان واللبس؛ لتستمروا على رياستكم في الدنيا القليلة الحقيرة الزائلة عن قريب.
وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة)]
الحديث المعروف: (لم يرح عرف الجنة) وكأن المؤلف رواه بالمعنى، فعرف الجنة هو ريحها.
وهذا يشكل على بعض الإخوة الذي يدرسون في الجامعات في تخصص شرعي، بقصد الدنيا فقط، فإن في هذا الحديث وعيد شديد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح عرف الجنة) فهذا وعيد شديد يدل على أن هذا من الكبائر؛ وذلك لأنه قصد بتعلمه للعلم الذي هو من أجل الطاعات وأفضل القربات الدنيا، والله تعالى يقول في كتابه: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} [هود:15 - 16]، وأيضا هذه الآية كذلك شاملة لمن تعلم العلم في هذه الدنيا، فالواجب على طالب العلم أن يخلص عمله لله، وأن يجاهد نفسه حتى تكون نيته لله، وإنما يكون ما يأتيه من المال أو من المكافآت وسيلة تعينه على طلب العلم وعلى تعلم العلم والتعليم، ولا يكون قصده الدنيا فقط، وأما إذا لم يكن تعلمه إلا لأجل الدنيا فهو من أهل الوعيد، كأن يكون ما تعلم إلا لأجل وظيفة، أو لأجل المال الذي يحصل له، أو لأجل الشهادة، فهذا عليه الوعيد الشديد، لكن الإنسان يجاهد نفسه حتى تصلح نيته، وإن كانت النية من أصعب الأمور كما قال بعض السلف، والله تعالى يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت:69]، وقال: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} [العنكبوت:6]، قال بعض السلف: تعلمنا لأجل الدنيا فأبى العلم إلا أن يكون لله، فالإنسان يتوب مما سلف، ويجاهد نفسه حتى تصلح نيته وتستقيم، ويضرع إلى الله عز وجل أن يوفقه للإخلاص والصدق.
[فأما تعليم العلم بالأجرة فإن كان قد تعين عليه فلا يجوز أن يأخذ عليه أجرة، ويجوز أن يتناول من بيت المال ما يقوم به حاله وعياله، فإن لم يحصل له منه شيء وقطعه التعليم عن التكسب فهو كما لم يتعين عليه، وإذا لم يتعين عليه فإنه يجوز أن يأخذ عليه أجرة عند مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء، كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد في قصة اللديغ: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله)].
هذا التفصيل الذي ذكره المؤلف رحمه الله غير ظاهر، والمعروف عند أهل العلم أنه يجوز أخذ الأجرة على تعليم العلم؛ لأنه عمل، وهذا بخلاف أخذ الأجرة على تلاوة القرآن، فتلاوة القرآن لا يجوز أخذ الأجرة عليها، ومثل ذلك من يقرأ القرآن للميت ويأخذ أجره على أخذ تلاوة القرآن فقط، فحتى ولو لم يقرأ للميت فلا يجوز؛ لأن أخذ الأجرة على العبادات ممنوع، لا تلاوة القرآن، ولا تعلم العلم، ولا على الآذان، ولا على الإمامة أو القضاء، وإنما يؤخذ له من بيت المال كمرتبات، أو يؤخذ معونة من دون شرط من المتبرعين فلا بأس بذلك، وأما أن يستأجر شخصا ليقرأ سورة البقرة فيعطي كذا، أو يعلم فيعطى كذا أجرة، أو يستأجر لأن يصلي كل يوم بكذا أو كل شهر بكذا، أو يؤم الناس بكذا فلا يصح، ولهذا سئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل يقول: أصلي وأصوم رمضان بكذا وكذا درهم، فقال: اسأل الله العافية، ومن يصلي خلف هذا، وإنما يؤخذ له من بيت المال؛ لأن بيت المال فيه كفالة هؤلاء، أو معونات تعطى كتبرع، وأما الاستئجار فلا، وقال بعض العلماء: إذا تعطل ولم يجد أحدا يعطيه أو تعطل المسجد ولم يوجد مؤذن جاز أن يستأجرونه للضرورة، وإلا فإن العبادات لا يؤخذ عليها أجرة مطلقا، ولهذا من حج ليأخذ أجرة فإنه ممنوع، أما من حج بقصد إعانة أخيه وقصد الاستفادة ورؤية المشاعر فلا بأس، ولهذا فرق شيخ الإسلام رحمه الله بين من حج ليأخذ ومن أخذ ليحج، فأما من حج ليأخذ فهذا داخل في قول الله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} [هود:15 - 16]، فهذا أخذ أجرة على العبادة، فهو كمن صلى أو أذن أو قرأ القرآن لأجل الدراهم، وأما من أخذ ليحج فهذا لا بأس به، وهو كمن أخذ المال ليتوصل به إلى الحج وله رغبه فيه ولكن لا يستطيع؛ ولهذا قالوا: إذا حج ليأخذ فإن عليه أن يرد الباقي على الصحيح إلا إذا سمح له، وأما المشارطات كأن يشارط على ألا يحج إلا بكذا، فلا يصلح، والقاعدة في هذا أن جميع العبادات لا يؤخذ عليها أجرة.
فالمقصود: أن التعليم لا بأس بأخذ الأجر عليه؛ للأحاديث، كحديث البخاري: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله)، وأما تفصيل المؤلف فهو واه.
والمقصود بكل ما سبق العلوم الشرعية ومما يبتغى به وجه الله، وأما العلوم الدنيوية وإن كانت مستحبة أو فروض كفاية فهذه قد يتعلم الإنسان الزراعة أو الصناعة أو الصيدلة أو الهندسة أو النجارة أو الخرازة لأجل أن يتكسب فلا بأس بذلك، فهذه الحرف إذا حسنت نية الإنسان فيها أجر عليها، لكن ليست كتعلم العلم الشرعي، ومثل من يتعلم ليكون بناء، أو دهانا أو مبلطا، أو كهربائيا، أو سباكا، أو يتعلم الطب والهندسة والصيدلة، فكل هذه أعمال دنيوية لا بأس بها.
 [كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد في قصة اللديغ: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله)، وقوله في قصة المخطوبة (زوجتكها بما معك من القرآن)، فأما حديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة شيئا من القرآن فأهدى له قوسا، فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله، فتركه)، رواه أبو داود.
وروي مثله عن أبي بن كعب مرفوعا، فإن صح إسناده فهو محمول عند كثير من العلماء منهم أبو عمر بن عبد البر على أنه لما علمه لله لم يجز بعد هذا أن يعتاض عن ثواب الله بذلك القوس، فأما إذا كان من أول الأمر على التعليم بالأجرة فإنه يصح كما في حديث اللديغ وحديث سهل في المخطوبة، والله أعلم].
حديث عبادة: أنه علم رجلا من أهل الصفة فأهدى له قوسا، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله) هو عند أهل العلم ضعيف، ولكن لو صح فهو محمول على أنه تبرع، فنهاه النبي أن يفسد أجره.
وهنا أبو داود ذكر سندين لحديث عبادة، حيث قال: كتاب الإجارة: بسم الله الرحمن الرحيم، باب في كسب المعلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرواسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت قال: (علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا، فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه، فأتيته فقلت: يا رسول الله! رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبله)].
فيه الأسود بن ثعلبة ذكر أنه مجهول.
السند الثاني: قال: حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا: حدثنا بقية) حدثني بشر بن عبد الله بن يسار، قال عمرو: وحدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر، والأول أتم، فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله؟ فقال: (جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها)].
فيحتاج إلى مراجعة رجال السند الثاني، لكن لو صح فيحمل على ما سبق جمعا بين النصوص.
وهذا الحديث في ابن ماجة بالأسناد الأول الذي فيه الأسود بن ثعلبة، ثم ذكر حديث أبي، فقال: حدثنا سهل بن أبي سهل، حدثنا يحيى بن سعيد عن ثور بن يزيد، حدثنا عبد الرحمن بن سلم عن عطية الكلاعي عن أبي بن كعب قال: (علمت رجلا القرآن فأهدى إلي قوسا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخذتها أخذت قوسا من نار فرددتها).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وقال البويصيري: هذا إسناد مضطرب، قاله الذهبي في ترجمة عبد الرحمن بن سلم.
وفي التقريب قال عن عبد الرحمن: مجهول شامي من السادسة.
والغالب أن الأحاديث التي ينفرد بها ابن ماجة فيها ضعف، لكن السند الثاني هو الذي يحتمل أنه صحيح.
[وقوله: {وإياي فاتقون} [البقرة:41] قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عمر الدوري حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عاصم الأحول عن أبي العالية عن طلق بن حبيب قال: التقوى أن تعمل بطاعة الله، رجاء رحمة الله، على نور من الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.
ومعنى قوله: (وإياي فاتقون) أنه تعالى يتوعدهم فيما يتعمدونه من كتمان الحق، وإظهار خلافه ومخالفتهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه].
قال الله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون * وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} [البقرة:42 - 43].
 [يقول تعالى ناهيا لليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل وتمويهه به وكتمانهم الحق، وإظهارهم الباطل: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} [البقرة:42]، فنهاهم عن الشيئين معا، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به؛ ولهذا قال الضحاك عن ابن عباس: {ولا تلبسوا الحق بالباطل} [البقرة:42] لا تخلطوا الحق بالباطل، والصدق بالكذب.
وقال أبو العالية: (ولا تلبسوا الحق بالباطل) يقول: ولا تخلطوا الحق بالباطل، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ويروى عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس نحوه، وقال قتادة: (ولا تلبسوا الحق بالباطل) ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله الإسلام، وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله.
وروي عن الحسن البصري نحو ذلك.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: {وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} [البقرة:42] أي: لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي، وبما جاء به وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم.
وروي عن أبي العالية نحو ذلك.
وقال مجاهد والسدي وقتادة والربيع بن أنس: {وتكتموا الحق} [البقرة:42] يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.
قلت: وتكتموا يحتمل أن يكون مجزوما، ويحتمل أن يكون منصوبا، أي: لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، قال الزمخشري: وفي مصحف ابن مسعود: (وتكتمون الحق) أي: في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون الحق حال كتمانه أيضا، ومعناه: وأنتم تعلمون الحق، ويجوز أن يكون المعنى: وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق؛ لتروجوه عليهم، والبيان: الإيضاح، وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل].
فهما شيئان: الشيء الأول: لبس الحق بالباطل، مثل لبسهم اليهودية والنصرانية بالإسلام، وادعاؤهم أن اليهودية دين حق، فهذا من لبس الحق بالباطل، والثاني: الكتمان، حيث يكتمون ما عندهم من العلم بأن محمدا رسول الله حقا، وأن الشريعة نفس الشرائع السابقة، فهذا من كتمانهم الحق، فنهوا عن هذا، فهم نهوا عن لبس الحق بالباطل، وعن كتمان الحق، قال تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} [البقرة:42]، فهم يعلمون أنهم يلبسون الحق ويكتمون الحق عن علم، نسأل الله السلامة والعافية.
قال الله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} [البقرة:43].
[قال مقاتل: قوله تعالى لأهل الكتاب: {وأقيموا الصلاة} أمرهم أن يصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
(وآتوا الزكاة) أمرهم أن يؤتوا الزكاة، أي: يدفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
{واركعوا مع الراكعين} أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يقول: كونوا معهم ومنهم.
وقال علي بن طلحة عن ابن عباس: يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص، وقال وكيع عن أبي جناب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: وآتوا الزكاة قال: ما يوجب الزكاة؟ قال: مائتان فصاعدا.
وقال مبارك بن فضالة عن الحسن في قوله تعالى: (وآتوا الزكاة) قال: فريضة واجبة لا تنفع الأعمال إلا بها وبالصلاة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن الحارث العكلي في قوله تعالى: (وآتوا الزكاة) قال: صدقة الفطر.
وقوله تعالى: {واركعوا مع الراكعين} [البقرة:43] أي: وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم، ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة، وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة، وأبسط ذلك في كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله تعالى، وقد تكلم القرطبي على مسائل الجماعة والإمامة فأجاد].
هذه الآية فيها وجوب صلاة الجماعة، وذلك في قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة) فهذا أمر بإقامة الصلاة، ثم قال: (واركعوا مع الراكعين) يعني: أقيموها مع المصلين والأمر للوجوب، فقوله: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} [البقرة:43] يعني: أقيموا الصلاة وأدوها في الجماعة مع الراكعين المصلين، فإذا جمعت بين الأمرين دل على الوجوب، فقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} [البقرة:43] أي: أقيموها مع الراكعين.
وقد يقول قائل: أنا أصلي مع جماعة في البيت فأكون قد ركعت مع الراكعين، فهذه الآية هل هي نص واضح في وجوب صلاة الجماعة؟ نقول: هي تدل على صلاة الجماعة عموما، والنصوص الأخرى تدل على أنه لا بد من أدائها في المسجد، ومن ذلك حديث ذكره البخاري أن النبي قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق إلى رجال لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم) فهذا فيه وجوب الجماعة في المسجد على الرجال، ومعلوم أن الغالب في كل بيت وجود اثنين أو ثلاثة، فلو صلى الناس في البيوت لتعطلت المساجد، ولكن النصوص فيها أنه: (من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر)، والأعمى سأل النبي أن يصلي في بيته وقد يكون عنده أولاده فيصلي معهم فلم يرخص له، والذين أمر أن يحرق عليهم بيوتهم بالنار قد يقولون إنهم يصلون في بيوتهم ومع ذلك ما عذرهم، إلى غير ذلك من الأحاديث، فالآية هذه عامة في وجوب الجماعة والنصوص الأخرى دلت على أنه لا بد من أدائها في المسجد.
قال الله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} [البقرة:44].
[يقول تعالى: كيف يليق بكم يا معشر أهل الكتاب وأنتم تأمرون الناس بالبر -وهو جماع الخير- أن تنسوا أنفسكم فلا تأمرونها بما تأمرون الناس به، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب، وتعلمون ما فيه على من قصر في أوامر الله، أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم فتنتبهوا من رقدتكم، وتتبصروا من عمايتكم، وهذا كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} [البقرة:44] قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون، فعيرهم الله عز وجل].
فعيرهم، يعني: عابهم وذمهم، وهذا ليس خاصا ببني إسرائيل، بل هو عام لبني إسرائيل ولهذه الأمة، ولهذا قال بعضهم: مضى القوم ولم يعن به سواكم، أي: أن المراد هذه الأمة؛ لأن بني إسرائيل قد مضوا، والله تعالى إنما ذكر هذا ليحذرنا من أن نفعل مثل فعلهم، فيصيبنا ما أصابهم.
فالواجب على الإنسان إذا أمر بالمعروف أن يكون أول المؤتمرين به، وإذا نهى عن منكر أن يكون أول المنتهين عنه، ولا شك أنه قبيح بالإنسان أن يأمر الناس بالخير ويتخلف عنه، ولكن كما سيأتي أن الإنسان عليه واجبات: الأول: واجب العمل، والثاني: واجب الدعوة.
فيعمل بالواجب ويدعو الناس إليه، وإذا قصر في واحد منهما لم يسقط الآخر، فإذا كان الإنسان مقصر في الامتثال فلا يدعوه هذا التقصير إلى ألا يدعو غيره، بل يدعو ولو كان مقصرا، لكنه عيب منه، فهذا مما يعاب به الإنسان ويذم.
[وكذلك قال السدي، وقال ابن جريج: {أتأمرون الناس بالبر} [البقرة:44]: أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة، ويدعون العمل بما يأمرون به الناس، فعيرهم الله بذلك، فمن أخبر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة.
وقال محمد بن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس: {وتنسون أنفسكم} [البقرة:44] أي: تتركون أنفسكم.
{وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} [البقرة:44] أي: تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم، أي: وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي.
وقال الضحاك عن ابن عباس: في هذه الآية يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة وتنسون أنفسكم.
وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني علي بن الحسن قال: حدثنا أسلم الحرمي قال: حدثنا مخلد بن الحسين عن أيوب السختياني عن أبي قلابة في قول الله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} [البقرة:44] قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا].

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد