شعار الموقع
شعار الموقع

مفتاح دار السلام بتحقيق شهادتي الإسلام (1) من بداية الكتاب – إلى قوله "المحصي المبديء المعيد"

00:00

00:00

تحميل
118

مفتاح دار السلام لتحقيق شهادتي الإسلام

الجزء الأول

الشرح..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن و الإنس ، إلى العرب والعجم ، وأشهد أنه خاتم النبيين وإمام المرسلين فلا نبي بعده وأشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه إلى يوم الدين ،،،،،،،،،، أما بعد   

       فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله وأسأله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، كما أسأله أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً ، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً ، وألا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروماً ، كما أسأله أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة ، وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.

أيها الأخوان نحن في هذه الدورة العلمية في مجلس علم فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ، العلم النافع والعمل الصالح هذا خير ما أتاه الله العبد ، ومن أُوتي هذا الخير فهو على خير عظيم وهو محسود حسد غبطة يتمنى المسلم أن يكون مثل من آتاه الله علماً نافعاً وعملاً صالحاً كما أن من آتاه الله المال وكسبه من وجوه المشروعة وأدى فيه الواجبات وأنفقه في المشاريع الخيرية فهو محسود أيضاً حسد غبطة ، كما ثبت في الحديث لا حسد إلا في اثنتين يعني غبطة ، والحسد نوعان حسد مذموم يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وهو أن تتمنى أن تزول النعمة عن أخيك المسلم ويكون معدماً هذا حسد مذموم وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ، والثاني حسد غبطة بمعنى أنك تتمنى أن يكون لك مثل ما لأخيك المسلم من غير أن تنتقل عنه النعمة، هذا هو الذي قال فيه النبي ﷺ : لا حسد إلا في اثنتين خصلتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار وفي اللفظ الآخر  لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق هذا هو الحسد حسد الغبطة. وأنت أيها المسلم على خير عظيم إذا كنت حريصاً على التعلم والتفقه والتبصر في دينك وفي شريعة الله حتى تعبد الله على بصيرة فأنت على خير ، أنت على خير عظيم ما دامت هذه النية عندك وهذا السعي فاعلم أنك على خير عظيم وأنك من أهل العلم وأن الله أراد بك خيراً ،  ثبت في الصحيحين من حديث معاوية بن الحكم أن النبي ﷺ قال  من يرد به الله خيراً يفقه في الدين من يرد الله به خيراً يفقه في الدين هذا الحديث له منطوق وله مفهوم فمنطوقه (أن من فقهه الله في الدين فقد أراد الله به خيراً ) ومفهومه  (أن من لم يفقهه الله في الدين فلم يرد به خيراً) ولا حول ولا قوة إلا بالله وعلى طالب العلم أن يخلص نيته لله عز وجل وأن يصحح نيته، وأن يجاهد نفسه على إصلاح النية وإخلاصها لله عز وجل لأنه في عبادة أنت تتعبد حينما تطلب العلم ، لأن العلم عبادة ، فأنت بحاجة إلى الإخلاص والعبادة الشرعية لا تصح ولا تكون نافعة ولا مقبولة عند الله عز وجل حتى يتحقق فيها هذان العنصران العنصر الأول أن تكون هذه العبادة خالصة لله مراداً بها وجه الله والدار الآخرة ، والثاني أن تكون موافقة لشرع الله وصواباً على هدي رسول الله ﷺ ، قال الله تعالى في كتابه العظيم: فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا ، وقال سبحانه : وَمَن یُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥۤ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، وقال عليه الصلاة والسلام : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ لمسلم : من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد إذا العبادة لابد فيها من الإخلاص ولا بد فيها من المتابعة وتعلم العلم الشرعي عبادة ، فأنت تتعلم وتتفقه وتتبصر في شريعة الله حتى تعبد الله على بصيرة وحتى تزيل الجهل عن نفسك وحتى تزيل الجهل عن غيرك أيضاً ، قيل للإمام أحمد– رحمه الله – ماذا ينوي طالب العلم قال : ينوي رفع الجهل عن نفسه ثم ينوي رفع الجهل عن غيره " الأصل في الإنسان أنه لا يعلم قال الله تعالى : وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ فعلى طالب العلم أن يجاهد نفسه على إخلاص النية ، وأن تكون لله وأن يكون مراده أن يتعلم ويتبصر ويتفقه حتى يعبد الله على بصيرة ، وحتى ينفي الجهل عن نفسه وينفي الجهل عن غيره لا بد من جهاد النفس على هذا ، لأن الإنسان إذا تعلم العلم لأجل الدنيا أو لأجل المال أو لأجل المنصب أو لأجل الشهرة أو لأجل الرياء والسمعة أو لأجل مباراة العلماء ومجارة السفهاء ، فهو على خطر عليه الوعيد الشديد إذا تعلم بهذه النية ، قال عليه الصلاة والسلام : من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة وهذا وعيد شديد ، وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة :  عالم أو قارئ ، ومجاهد مقاتل ،ومتصدق منفق فأما العالم أو القارئ فيؤتى به ويوقف به بين يدي الله ، فيقول الله ماذا عملت ؟ فيقول يا ربي قرأت فيك القرآن وتعلمت فيك العلم فقال الله عز وجل كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وليقال قارئ فقد قيل وليس لك إلا ذلك ، ثم يأمر به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار ، و يؤتى بالمقاتل الذي قتل في المعركة ويوقف به بين يدي الله ويقول له ماذا عملت ؟ فيقول يا ربي قاتلت في سبيل حتى قتلت فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت ، وإنما فعلت ذلك ليقال فلان شجاع ويقال فلان كريم ويقال فلان شجاع ويقال فلان جريء ، فقد قيل ، فليس لك إلا ذلك ، ثم يأمر الله به ويسحب على وجهه حتى يلقى النار ، ثم يؤتى بالمتصدق والمنفق الذي أنفق أمواله في المشاريع الخيرية في الظاهر فيقول الله ماذا عملت ؟ فيقول يا ربي ما تركت من سبيل تحب أن أنفق فيها إلا أنفقت فيها ابتغاء وجهك فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت ، وإنما فعلت ليقال فلان كريم ويقال فلان جواد فقد قيل وليس لك إلا ذلك ، ثم يأمر الله و يسحب على وجهه حتى يلقى في النار، قال أبو هريرة : هؤلاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ، لماذا ؟ أعمالهم صالحة في الظاهر ما الذي جعلها وبالاً عليهم ؟ النية ، النية السيئة وإلا فالعالم والقارئ لو كانت نيته صالحة لكان من الصديقين بعد الأنبياء ، وكذلك الذي قتل في المعركة لو كانت نيته لله لكان من الشهداء، وكذلك المنفق والمتصدق لو كانت نيته لله لكان من الصالحين ، وعلى الإنسان أن يجاهد نفسه  على إصلاح النية ، وأن يكون قصده أن يتعلم العلم لله لا للمال ولا للجاه ولا للمنصب ، ولا للرياء ولا للسمعة ولا للمفاخرة ولا للمجاراة ولا للمباهاة ، يجاهد نفسه و الإنسان المجاهد موعود بالهداية ، قال الله تعالى وَٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ فِینَا لَنَهۡدِیَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ وقال سبحانه وَمَن جَـٰهَدَ فَإِنَّمَا یُجَـٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ثم أيضاً على الإنسان أن يحرص ، أن يحرص على طلب العلم وتتبع الدروس العلمية والدورات والحلقات العلمية التي يلقيها أهل العلم والبصيرة ويختار الدروس العلمية التي يلقيها أهل العلم وأهل البصيرة المعروفين بسلامة المعتقد ، لا يأخذ عن ما هب ودب، وكذلك أيضاً يقرأ من الكتب النافعة و يسمع الأشرطة المفيدة النافعة لأهل العلم ولأهل البصيرة حتى يتبصر ويتفقه ويكون عنده حرص وسؤال عما أشكل عليه ومذاكرة مع إخوانه وزملائه ويستمر حتى يتعلم و يتبصر ويتفقه ويكون من أهل العلم ومن أهل البصيرة و يكون الإنسان  إما عالم أو متعلم أو مستمع أو محب ولا يكون الخامس فيهلك، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم جميعاً  العلم النافع والعمل الصالح و نسأله أن يفقهنا في دين الله  وأن يبصرنا في شريعته وأن يمنحنا الفقه في دينه ، وأن يرزقنا الإخلاص في العمل والصدق في القول ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله  وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .                                                              

في هذه الدورة كما سمعتم نقرأ رسالة الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - في الشهادتين ، والشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة ، أن تشهد لله بالوحدانية وتشهد للنبي محمد ﷺ بالرسالة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله هذا أصل الدين وأساس الملة لا يدخل الإنسان في الإسلام حتى يحقق هاتين الشهادتين، يشهد أن لا إله إلا الله بلسانه ويعتقد معناها بقلبه ، ويأتي بشروطها ومقتضياتها وحقوقها بجوارحه وقلبه ، ويشهد أن محمداً رسول الله بلسانه مصدقاً بقلبه ، ويأتي بحقوق هذه الشهادة بهذا يدخل الإنسان في الإسلام بهاتين الشهادتين ، وهاتان الشهادتان يدخل بهما المسلم الإسلام في الدنيا ويخرج بهما من الدنيا ، من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، وكلمة التوحيد هي مفتاح الجنة لا إله إلا الله  ، ولكن لها أسنان وأسنانها هي الأعمال ، قيل لوهب بن منبه – رحمه الله -  أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله قال : بلى ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان ، فإن أتيت بأسنانه فتح لك ، وإلا لم يفتح لك أسنان هذه الكلمة الصلاة والصيام والزكاة والحج بر الوالدين صلة الأرحام ، والمنهيات يتجنبها المسلم ، فإذا وحد الإنسان ربه ، واعتقد معنى هاتين الشهادتين وأتى بحقوقها وأتى بالواجبات وترك المحرمات واستقام على دين الله فإنه يكون من الموحدين من أهل الجنة بفضل من الله تعالى وإحسان إذا مات على ذلك غير مغير ولا مبدل .

( متن )

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،، غفر الله لشيخنا والحاضرين والمستمعين .

يقول الشيخ حافظ الحكمي رحمه - الله تعالى –:

الحمد لله الذي نشر على منابر الكائنات أعلام التوحيد ، ونكس رايات الشرك والمضلين  وقصم بشدة بطشه كل جبار عنيد ، وأيد بنصره وتأييده من أفرده بالتوحيد وسقى قلوبهم بوابل الكتاب و نهر السنة فأثمر المعتقد الخالص والقول السديد ، يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ، ويصل ويقطع ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وما ربك بظلام للعبيد ، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره ، وأسأله لذة النظر إلى وجهه يوم المزيد ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له المحصي المبديء المعيد الفعال لما يريد ، تعالى عن أن يكون له شريك في الملك ، أو ولي من الذل أو صاحبة أو ولد أو والد أو كفء أو نديد ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله سيد الخلق وخاتم الرسل الكرام العبيد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جردوا سيوف الحق ، لإزهاق كل باطل وإرغام كل كفار عنيد .

( الشرح )

هذه المقدمة افتتحها بالحمد والحمد هو الثناء على المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه وأل للاستغراق والمعنى أن أنواع المحامد كلها مستغرقة لله كلها لله ملكاً واستحقاقاً جميع أنواع المحامد لله عز وجل ، والحمد أكمل من المدح ، الحمد هو الثناء على المحمود في الصفات الاختيارية ، مع حبه وإجلاله وتعظيمه ، وأما المدح فإنه يكون في ذكر صفات الشيء ولا يلزم منه الحب ولا يلزم منه أن تكون الصفات اختيارية ، فأنت تثني على الإنسان وتمدحه بأنه طويل القامة ، أوبأنه جميل البشرة تثني على الأسد بأنه قوي وأنه ملك الحيوانات ولا يلزم من ذلك أن تكون هذه الصفات اختيارية جبلية جبله الله عليها وخلقه الله عليها بخلاف الحمد أنه هو الثناء على أن المحمود بصفاته الاختيارية ، التي هي باختياره مثل الإنسان له صفات اختيارية وله صفات اضطرارية ، الصفات الاضطرارية كونه طويل أو كونه قصير أو كونه أبيض البشرة هذه صفات اضطرارية لكن الصفات الاختيارية كونه كريم ، كونه مثلاً يكظم غيظه ، كونه شجاع ،كونه مثلاً لا يجزئ بالسيئة السيئة هذه هي الصفات الاختيارية هذه هي التي يثنى عليها الإنسان ويمدح عليها فالحمد والثناء على الله في صفاته الاختيارية مع حبه وإجلاله وإعظامه لله اللام للملك يعني مستحقة لله ، والله الاسم الشريف ، الاسم الشريف اسم لله لا يسمى به غيره وأصل الله الإله حذفت الهمزة فالتقت اللامان في كلمة الله والله هو الإله المألوه إله على وزن فعال بمعنى مفعول إله بمعنى المألوه والله هو المألوه الذي تألهه القلوب محبة وإجلالاً وتعظيماً ، قال ابن عباس : الإله ذو الألوهية والله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين والله أعرف المعارف لا يسمى به غيره ، وأسماء الله مشتملة على الصفات ، الله مشتمل على صفة الألوهية الرحمن على صفة الرحمة ، وأسماء الله نوعان نوع خاص به لا يسمى به غيره مثل الله الرحمن الرحيم الخلاق رب العالمين ذو الجلال والإكرام كذلك الأسماء المزدوجة النافع الضار والمعطي المانع ، القابض الباسط الخافض الرافع لا يسمى بها غيره ، وهناك أسماء مشتركة يسمى بها الله ويسمى بها غيره ، فإذا سمي الله بها فله الكمال ، وإذا سمي بها المخلوق فله ما يناسبه مثل الرحيم والعزيز والسميع والبصير  والقدير والحي هذه كلها مشتركة وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِی بِهِ ومن أسماء الله الملك والمخلوق يسمى ملك ، ومن أسماء الله العزيز والمخلوق يسمى العزيز قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ من أسماء الله السميع والبصير والمخلوق يسمى سميعاً بصيراً إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجࣲ نَّبۡتَلِیهِ فَجَعَلۡنَـٰهُ سَمِیعَۢا بَصِیرًا وهكذا ، هذه أسماء مشتركة إذا سمي الله بها فله الكمال ، وإذا سمي بها المخلوق فله ما يناسبه ، الحمد لله الذي نشر على منابر الكائنات أعلام التوحيد المعنى أنه جعل الكائنات كلها شاهدة بوحدانيته وربوبيته ، السماوات والأرضيين ، والبحار والأشجار والأنهار كلها شاهدة على وحدانيته ، وأنه الإله وأنه المستحق للعبادة ، وأنه الخالق وأنه القادر وأنه الذي لا شبيه له ولا نظير ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد في الكائنات والمخلوقات ، كل المخلوقات شاهدة ، شاهدة على وحدانيته وربوبيته ، ونكس رايات أهل الشرك والتنديد يعني أهل الشرك وأهل التنديد رياتهم منكسة لبطلانها وفسادها وعلو أعلام التوحيد عليها وقصم بشدة بطشه كل جبار عنيد ، يعني أن الله تعالى أهلك كل جبار كل من تجبر على عباد الله وتجاوز حده وطغى ، وعاند كتاب الله وسنة رسوله ، ولم يقبل هدى الله الذي أوحاه إلى أنبيائه ورسله ، هذا يقصمه الله تعالى ويهلكه ويعاجل بالعقوبة ولا يبقى ، ولهذا جميع الذين ادعوا النبوة لم تطل مدتهم عاجلهم الله بالعقوبة مسيلمة الكذاب عاجله الله بالعقوبة والأسود العنسي عاجله الله بالعقوبة  كل من ادعى النبوة عاجله الله بالعقوبة وقصمه ، وأيد بنصره وتأييده من أفرده بالتوحيد ، وأيد الله بنصره وتأييده من أفرده بالتوحيد أيد الأنبياء والرسل وأتباعهم والدعاة والمصلحون أيدهم الله وبقيت دعواتهم بتأييد الله لهم وسقى قلوبهم بوابل الكتاب وطل السنة ، أي سقى قلوبهم بوابل الوابل هو المطر ، وطل السنة الطل المطر الذي ينزل قليلاً شيئاً بعد شيء فأثمرت المعتقد الخالص والقول السديد ، قلوب الأولياء والصالحين والرسل سقاها الله بمطر الكتاب والسنة فأثمرت العقيدة الخالصة وأثمرت القول السديد المسدد الذي لا خطأ فيه ، ثم وصف الرب قال : يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويصل ويقطع ، هذا وصفه ، يعطي من شاء ويمنع من شاء وفق حكمته يتصرف في خلقه   ،لم يظلم أحداً لأنه ما منع أحد حقه الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، كأن يحرم أحداً من حسناته أو يحمله أوزار غيره هذا هو الظلم الذي يتنزه عنه فهو يعطي ويمنع على وفق حكمته ليس عبثاً تعالى الله ويخفض ويرفع ، يخفض العصاة والمشركين ويرفع الموحدين والدعاة والأنبياء والرسل وأتباعهم ، ويصل ويقطع يصل من شاء ويقطع من شاء وفق حكمته ولهذا قال ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة له الحجة التي تدمغ أهل الباطل فليس لأحد حجة على الله ، الله تعالى  أرسل الرسل مبشرين رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا، ولهذا قال  : وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمࣲ لِّلۡعَبِیدِ فالله تعالى نفى الظلم عن نفسه ونزه نفسه عن الظلم قال تعالى : لَا ظُلۡمَ ٱلۡیَوۡمَۚ  وَمَن یَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَا یَخَافُ ظُلۡمࣰا وَلَا هَضۡمࣰا وفي الحديث القدسي حديث أبي ذر يقول الله تعالى يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالمو، هذا الظلم حرمه الله على نفسه وهو وضع الشيء في غير  موضعه ، كأن يحرم أحداً من ثواب حسناته أو يحمله أوزار غيره هذا هو الذي يتنزه الله عنه .ثم قال أحمده سبحانه وأشكره ، أحمده يعني أذكر صفاته الاختيارية ، وأثني عليه بها سبحانه تنزيها عما لا يليق به ، وأشكره يعني أشكره على نعمه بقلبي بتعظيمه ولساني وجوارحي باستعمال نعمه في طاعته ، وأتوب إليه يعني أرجع إليه من الذنوب والمعاصي وأسأله التوبة وأندم على ما مضى واستغفره أطلب منه المغفرة ، بأن يغفر الذنوب ويسترها ، وأسأله لذة النظر إلى وجهه يوم المزيد ، يعني أسأله لذة النظر إلى وجهه  في يوم المزيد هو يوم القيامة ، والنظر إلى وجه الله الكريم هو أعظم نعيم يعطاه أهل الجنة ، نسأل الله الكريم من فضله ، أعظم نعيم يعطاه أهل الجنة هو النظر إلى وجهه الكريم ، حتى إن أهل الجنة إذا تجلى الرب وكشف الحجاب ونظروا إليه نسوا ما هم فيه من النعيم قال الله تعالى : لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱۖ والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجهه الكريم كما جاء تفسير ذلك في حديث صحيح الذي رواه الإمام مسلم من حديث سلمان الفارسي .

وأشهد ألا إله إلا الله يعني أقر وأعترف بأنه لا معبود بحق إلا الله لا إله إلا الله هذه كلمة التوحيد أعظم كلمة وأفضل كلمة يتكلم بها الناس كلمة التوحيد لا إله إلا الله وأعظم كلام ،كلام الله وأعظم ما تكلم به الناس كلمة التوحيد لا إله إلا الله قال عليه الصلاة والسلام : أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له أشهد أن لا إله إلا الله يعني أقر وأعترف بأنه لا معبود حق إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله يعني أقر وأعترف بأنه لا معبود حق إلا الله  وحده تأكيد لا شريك له يعني لا شريك له في الألوهية كما أنه لا شريك له في الربوبية و  الأسماء والصفات ، المحصي المبدئ المعيد من أسمائه المحصي يحصي على عباده كل شيء لا يفوت عليه شيء المبديء المعيد كما قال تعالى : إِنَّهُۥ هُوَ یُبۡدِئُ وَیُعِیدُ يبدئ الخلق ويعيده أوجد الخلق من عدم ثم يعيدهم ويبعثهم للجزاء والحساب الفعال لما يريد يفعل ما يريد ، وأفعاله مبنية على الحكمة تعالى عن أن يكون له شريك يعني تنزه أن يكون له شريك في الملك أو ولي من الذل أو صاحبة أو ولد أو والد أو كفؤ أو نديد  كل هذا تنزه الله عنه تعالى فليس له شريك في الملك  فهو المالك لكل شيء ، فهو المالك وغير مملوك وهو الرب وغير مربوب ، كما أنه الخالق وغير ومخلوق ، كما أنه المدبِر وغير مدبَر لا شريك له في الملك ولا شريك له في الربوبية ولا شريك له في الألوهية ولا شريك له في الأسماء ، وليس له ولي من الذل ليس له ولي من الذل يتذلل إليه كالمخلوق ، المخلوق يكون له ولي من الذل يكون له ولي يذل له ويخضع ويستفيد منه ويعينه ، أما الله فلا يحتاج إلى أحد سبحانه فليس فوقه أحد فهو فوق الجميع سبحانه ، وليس له ولي من الذل بل هو سبحانه و تعالى  يتولى عباده بفضله وإحسانه يحسن إليهم ولا يحتاج إلى أحد، ولا يحتاج إلى أحد ولا يذل لأحد ولا يخضع لأحد وليس فوقه أحد سبحانه ، أو صاحبة ليس له صاحبة منزه ، أما المخلوق له صاحبة والصاحبة الزوجة والله تعالى منزه ،أو ولد وكذلك أو والد والله منزه كما قال تعالى : قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ۝ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ۝ لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ ۝ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ لم يلد ليس له ولد تفرع منه وليس له  والد كان أصلاً له ، فهو منزه عن الولد والوالد بل هو سبحانه الواجد لذاته، الواجد لذاته الأول الذي لا بداية لأوليته  بأسمائه وصفاته وأفعاله فليس له ولد وليس له والد ، ليس له والد تفرع منه وكان أصلاً له  وليس له ولد أيضاً ، وهو منزه عن الصاحبة والولد والوالد ، أما المخلوق من بني آدم فله ولد وله والد لضعفه وهو أولاً مخلوق وله والد ، إلا آدم وحواء  ، وله ولد يحتاج إلى الولد ولا سيما عند الكبر ، أما الله فلا يحتاج إلى أحد فلا ولد له ولا والد ولا صاحبة ، وليس له كفؤ يعني مماثل ليس له مثيل ولا شبيه أو نديد يناده ويماثله والنديد هو الشبيه والمثيل . 

ثم قال ( وأشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده ورسوله سيد الخلق وخاتم النبيين والرسل الكرام العبيد) أشهد يعني أقر وأعترف وأعلن وأرفع صوتي بها أن سيدنا يعني رئيسنا وكبيرنا وعظيمنا ونبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي عبده ورسوله هو عبد الله عبد ليس إلهاً هو رسول عبد رد على من غلا في النبي ﷺ وجعله إلهاً والرسول عبد ليس إلهاً يعبد لهذا يأكل ويشرب ويموت والإله لا يأكل ولا يشرب ولا يموت ، عليه الصلاة والسلام نبي كريم هو عبد من العبيد لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً لكن الله أكرمه بالرسالة فهو عبد ليس إلهاً ورسول وهذا فيه رد على من جفا الرسول وأنكر نبوته ورسالته رسول أرسله الله وبعثه إلى الثقلين الجن والإنس ، يدعو إلى التوحيد وينهى عن الشرك ، هو سيد الخلق هو سيد الخلق كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : أنا سيد ولد آدم ولا فخر وخاتم الرسل الكرام قال الله تعالى : مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَاۤ أَحَدࣲ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِیِّـۧنَۗ ، وقال عليه الصلاة والسلام : وَخَاتَمَ ٱلنَّبِیِّـۧنَۗ قال أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي وقال عليه الصلاة والسلام : أتيت خمساً لم يؤتهن أحداً من الأنبياء قبلي وذكر وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة وفي لفظ آخر وختم بي النبييون .( وخاتم الرسل الكرام العبيد) العبيد يعني الذين يعبدون الله ويوحدونه  (صلى الله عليه و على آله وسلم ) صلى الله هذا خبر بمعنى الدعاء والمعنى اللهم صل عليه أصح ما قيل في الصلاة الله على عبده ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي العالية الرياحي أنه  ،  قال صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى ، فأنت تسأل ربك أن يثني على نبيه في الملأ الأعلى ، الصلاة من الله الثناء على عبده وقيل الرحمة وقيل الثناء والرحمة والصلاة من الملائكة ومن البشر الدعاء الصلاة من الآدميين والصلاة من الملائكة هو دعاء الله والصلاة من الله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى ﷺ ،وسلم يعني اللهم سلمه من الآفات الدعاء بالسلامة فأنت تدعو الله أن يسلم نبيه من الآفات ومن عذاب النار ، وهذا دليل على عدم أولوهيته لأنه يدعى له بالسلامة والإله يدعى ولا يدعى له والرسول يدعى له وهذا دل على أنه ليس إله وهذا فيه رد على من عبد الرسول ﷺ ، يقال الرسول يدعى له بالسلامة اللهم صل وسلم عليه ، والذي يدعى له بحاجة والذي يحتاج لا يكون إلهاً وليس بإله ، فيه الرد على من عبد الرسول وجعله إلهاً ، ﷺ   ( وعلى آله ) على آله  قيل : المراد بآله الزوجات وذريته وقيل أتباعه على دينه يشمل أتباعه على دينه ويدخل في ذلك ذريته وأقاربه المسلمون دخولاً أولياً  ويدخل في ذلك صحابته ، قال: ( وصحبه ) الصحب جمع صاحب ، والصاحب أصح  ما قيل فيه هو الذي لقي النبي ﷺ مؤمناً ومات على ذلك ولو لحظة ، من لقي النبي مؤمناً ومات على ذلك فهو صحابي ، ويشمل صغار الصحابة الذين حنكهم النبي ورأوه فهؤلاء الأطفال ، ويشمل أيضاً العميان الذين لقوا النبي ﷺ ، كعبد الله بن مكتوم ، فإنه لقي النبي ولم يره وهذا التعريف أولى من رأى النبي ﷺ  من لقي النبي اللقاء أعظم سواء كان مبصراً أو أعمى ، من لقي النبي ﷺ مؤمناً ومات على ذلك مات على الإسلام فهو صحابي وهو داخل في الآله ، فتكون على آله يشمل أتباعه على دينه والصحابة ، وذكروا مرتين مرة في العموم ودخولهم في الآل ومرة في الخصوص وصحبه ، وصحبه الذين جردوا سيوف الحق لإزهاق كل باطل ، والصحابة جردوا سيوف الحق وجاهدوا مع النبي ﷺ ، ودعوا إلى الله وجاهدوا في سبيل الله وجردوا سيوف الحق لإزهاق  الباطل أي لإذهاب كل باطل ( وإرغام كل كافر عنيد ) إرغام الكافر على الدخول في الإسلام هذا وصفهم ، هم أفضل الناس وأخلص بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، على المسلم أن يترضى عنهم ويترحم عليهم، وأن يعتقد أنهم أفضل الناس ، وليسوا معصومين ولكنهم أفضل الناس ، وأن الله زكاهم وعدلهم في كتابه ووعدهم بالجنة على العموم ، فهم أفضل الناس وخير الناس ، فلا يجوز للإنسان أن يتكلم فيهم أو أن يذكر مساوئهم ، أو مثالبهم وما يروى من الأخبار في مثالبهم ، بعضها كذب لا أساس له من الصحة ، وبعضها له أصل وزيد فيه ونقص وحرف ، وبعضها صحيح والصحيح فيهم مابين مجتهد مصيب له أجران ، ومخطئ له  أجر ، وليس الواحد منهم معصوماً ، وما صدر عنهم من السيئات أو من المعاصي فهم إما أن يوفقوا للتوبة ، وإما أن يوفقوا لحسنات ماحية ، أو يشفع فيهم النبي ﷺ والذين هم أولى الناس وخير الناس بشفاعته ﷺ .

( متن

أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله فاتقوا الله عباد الله يرحمكم الله واعلموا أنكم لم تخلقوا عبثاً ولا سدى بل الله خلقكم لأمر عظيم وخطب جسيم بينه في محكم تنزيله وهو الحكيم في خلقه وشرعه الصادق في قيله ومن أصدق من الله قيلاً وأبين دليلاً : وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ۝ مَاۤ أُرِیدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقࣲ وَمَاۤ أُرِیدُ أَن یُطۡعِمُونِ أخبرنا تعالى أنه ما خلقنا إلا لعبادته

( الشرح )

وقوله أما بعد فهذه كلمة يؤتى بها للدخول في صلب الموضوع ، أما بعد في كتابة الخطب في الرسائل  يأتي الإنسان بالخطبة أولاً يؤتى بها للدخول في الموضوع واختلف فيمن أول من قال :" أما بعد" فقيل أنه داوود عليه السلام وهي فصل الخطاب ، وقيل قس بن ساعدة الإيادي ، وقيل غير ذلك وكان النبي ﷺ  يأتي بها في خطبه و في رسائله، وكان عليه الصلاة إذا خطب الناس يوم الجمعة قال :" أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ﷺ ، وكذلك في رسائله لما كتب إلى هرقل كتب " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد ،،،،، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين " فيؤتى بها في الرسائل والخطب للانتقال من الخطبة للدخول في الموضوع . 

( فأما بعد أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ) المؤلف يوصي المسلمين  بتقوى الله يوصيهم ويوصي نفسه بتقوى ثم قال " فاتقوا الله عباد الله " أمر " اتقوا الله عباد الله رحمكم الله " وهذا من نصحه يأمرهم بالتقوى ويدعو لنا بالرحمة رحمه الله ، والتقوى هي وصية الله للأوليين والآخرين قال الله تعالى: وَلَقَدۡ وَصَّیۡنَا ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِیَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ ، وصية النبي ﷺ لأمته قال عليه الصلاة والسلام اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة تمحها وخالق الناس بخلق حسن وأصل التقوى هي توحيد الله وإخلاص الدين له وأداء حقوقه والقيام بأمره بامتثال أمره واجتناب نواهيه ، التقوى قال النبي ﷺ : أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله التقوى إذاً تشمل الدين كله أداء الأوامر واجتناب النواهي والاستقامة على طاعة الله ، توحد الله وتخلص له العبادة وتؤدي الواجبات وحقوق الله وحقوق العباد وتنتهي عن المحرمات هذه هي التقوى .   

ثم قال ( واعلموا أنكم لم تخلقوا عبثاً ولا سدى ، بل والله خلقكم لأمر عظيم وخطب جسيم ) . 

واعلموا العلم هو اليقين يعني تيقنوا أنكم لم تخلقوا عبثاً ولا سدى ما خالقكم الله عبثاً ولا سدى بل والله أقسم وهو بار في قسمه بل والله خلقكم لأمر عظيم خلقنا لأمر عظيم ،  وخطب يعني أمر شأن جسيم عظيم ، ما هو هذا الأمر ؟ بينه الله في محكم تنزيله و محكم تنزيله القرآن تنزيل من حكيم حميد ، تكلم الله به وسمع منه جبريل ونزل به على قلب نبينا محمد ﷺ ، كما قال الله تعالى : نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ ۝ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ بينه في  محكم تنزيله ما هو هذا الأمر قال وهو الحكيم الرب سبحانه الحكيم في خلقه وشرعه والحكيم له الحكمة ، لا يخلق شيء إلا لحكمة ولا يشرع شيء إلا لحكمة وهو منزه عن العبث ، (الصادق في قيله ) إذا قال قولاً فهو صادق ومن أصدق من الله قيلاً و أبين دليلاً ومن أحسن من الله حديثاً ، وقد قال : وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ هذا قوله وهو الصادق في قيله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون إذاً هذه الحكمة من خلق الجن والإنس ما الحكمة من خلق الجن والإنس أن يعبدوا الله ، ويعرفوه بأسمائه وصفاته ويتعبدوا لله بذلك قال تعالى: ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰ⁠تࣲ وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ یَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَیۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عِلۡمَۢا ما خلقنا لنأكل ونشرب ونعيش كما تعيش البهائم ، نبني العمارات ونشق الأنهار ونغرس الأشجار فقط ،لا بل خلقنا لعبادته ولكن أيضاً نأكل ونشرب ونبني ونغرس ونستعين بذلك على طاعة الله ونوحد الله وندعو إلى توحيد الله وفيه الرد على من قال إن العباد خلقوا لأجل محمد ، أو إن آدم خلق من أجل محمد هذا باطل و هذا من أبطل الباطل يذكر في بعض الموضوعات أن آدم رأى مكتوباً فوق العرش خلقتك لأجل محمد كل هذا باطل بل خلق الله الخلق لعبادته وتوحيده وطاعته، لا لأجل محمد ، محمد ﷺ نبي كريم وهو أشرف الخلق وهو عبد لله خلقه الله لعبادته وخلقنا لعبادته " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " هذا كلام الله هذا حاصل ما خلقتهم إلا للعبادة ، ثم قال سبحانه مَاۤ أُرِیدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقࣲ وَمَاۤ أُرِیدُ أَن یُطۡعِمُونِ  والله تعالى ما أراد من الخلق أن يرزقوه وما أراد أن يطعموه ، وهو سبحانه لا يحتاج إلى أحد لا يَطعم وهو يُطعِم لا يُطعم  لا يطعم لا يأكل ولا يشرب والله الصمد لا يحتاج إلى شيء لا إلى ولا إلى شرب بل الملائكة صمد لا يأكلون ولا يشربون والله منزه عن الأكل والشرب وعن الحاجة مَاۤ أُرِیدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقࣲ وَمَاۤ أُرِیدُ أَن یُطۡعِمُونِ ۝ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِینُ هو الرزاق ولهذا قال المؤلف فأخبرنا تعالى أنه ما خلقنا إلا لعبادته وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ما هي العبادة تكلم عليها المؤلف .

( متن )

وأخبرنا تعالى أنه ما خلقنا إلا لعبادته و العبادة هي : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وأصل العبادة وقوامها الذي لا قوام لها بدونه  هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل ونزلت به الكتب ومن أجله أمر بالجهاد وفرض على كل فرد من الأفراد ، ولأجله خلقت الدنيا والآخرة ، والجامع له كلمة خفيفة اللفظ  واسعة المعنى جليلة القدر  وهو لا إله إلا الله كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة ، بل هي أصل الدين وأساسه ورأس أمره وساق شجرته وعمود فسطاطه وبقية الأركان والفرائض متفرعة عنها متشعبة منها مكملات لها مقيدة  بالتزام معناها والعمل بمقتضاها فهي العروة الوثقى التي قال الله تعالى : فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ .

( الشرح )

العبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة  ، وهذا التعريف أخذه من كلام شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وهو الذي عرف العبادة بهذا ، قال : العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه ، كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال مثل الذكر والتسبيح والتهليل هذا يرضاه الله ، وقراءة القرآن والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأقوال ، والأعمال مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام كل هذا عبادة الظاهرة كما سمعنا والباطنة مثل الخوف والرجاء والمحبة والإجلال والتعظيم هذه أعمال باطنة من العبادة ، الأعمال سواء كانت باطنة أو ظاهرة  المحبة الخوف والرجاء والرغبة والرهبة والإنابة والخشوع كل هذه أعمال باطنة ، هذه العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وقال بعض العلماء هي ما أُمر به شرعاً من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي ما أمر به شرعاً من غير أن يطرد به العرف ، ومن غير أن يقتضيه العقل ، يعني ليس أمراً مطرداً عرفاً ولا شيئاً اقتضاه العقل بل لأن الله أمر به يعني العبادة هي الأوامر والنواهي ، تفعل الأوامر وتترك النواهي ، محبة وإجلالاً وخوفاً ورجاءً ، والأوامر نوعان أمر إيجاب وأمر استحباب ، والنواهي نوعان نهي تحريم ونهي تنزيه ، فأنت تفعل الأوامر تفعلها محبة لله عن رغبة وعن نية ، وعن إخلاص وعن صدق وعن محبة ، مثال أمر الوجوب وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰ⁠كِعِینَ  ٱسۡتَجِیبُوا۟ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا هذه أوامر للوجوب ، أوامر النهي سواء والأوامر أمر وأمر رسوله ، والنواهي كذلك نهي الله ونهي رسوله ، أمر بالاستحباب مثل أمره ﷺ  بالسواك عند كل صلاة ، هذا أمر استحباب ، يفعله المسلم عبادة سواء كان أمر إيجاب أو أمر استحباب ، والنواهي يتركها المسلم سواء نهي تحريم مثل قوله وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةࣰ وَسَاۤءَ سَبِیلࣰا  وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلۡفَوَ ٰ⁠حِشَ  وَلَا تَقۡتُلُوا۟ ٱلنَّفۡسَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ هذا نهي تحريم ، ونهي التنزيه كنهي النبي ﷺ عن الحديث بعد صلاة العشاء هذا نهي تنزيه ، إذا تركه المسلم بنية الامتثال يكون مأجور ، ويكون عبادة بفعل الأوامر واجتناب النواهي وأعظم العبادة هي توحيد الله ، وأعظم أمر الله به هو التوحيد ، وأعظم نهي نهى الله عنه هو الشرك ، وقال المؤلف وأصل العبادة وقوامها والذي لا قوام لها بدونه هو التوحيد ، وأصلها أساسها وأصل العبادة التوحيد ، والتوحيد هو الإفراد وهو أن تفرد الله في ربوبيته وألوهيته وفي أسمائه وصفاته ، بأن تعتقد أن الله واحد في ربوبيته فلا شريك له ولا مدبر معه بل هو منفرد بالربوبية بالخلق والرزق والإماتة والإحياء  ليس له شريك ، كذلك أن تفرده في الأسماء والصفات فأسماء الله خاصة به ولا يشاركه أحد في الكمال وكذلك في الصفات وكذلك في الأفعال وكذلك أن تفرد الله بالألوهية والعبادة فلا تعبد إلا الله توجه جميع أعمالك التي تتعبد بها لله دون غيره فتوحد الله في الدعاء في الذبح في النذر في الصلاة في الصيام في الزكاة في الحج في بر الوالدين في صلة الرحم هذا هو أصل العبادة ، وقوامها الذي لا قوام لها بدونه هو التوحيد توحد الله وتفرده بأعمالك التي تتعبده بها وأقوالك في صلاتك في صيامك في حجك في ذبحك في دعائك في نذرك هذا أصل العبادة الذي لا قوام لها بدونه هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل ، نزلت به الكتب ومن أجله أمر بالجهاد ، من أجل هذا أمر بالجهاد أمر الله بقتال المشركين وَقَـٰتِلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ كَاۤفَّةࣰ كَمَا یُقَـٰتِلُونَكُمۡ كَاۤفَّةࣰۚ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ حَیۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ  لماذا أمر الله بقتلهم ؟ لأجل أن يوحدوا الله لا للتشفي ولا لأجل إراقة دمائهم لا ، وإنما لأجل أن يعبدوا الله ويوحدوه ويخلصوا له العبادة ، من أجل التوحيد أمر الله بالجهاد ، أمر بالجهاد وفرض على كل فرد من الأفراد ، يعني يكون الجهاد فرض عين وفرض كفاية ، يكون فرض عين إذا وقفوا في صف الجهاد في صف المسلمين وأمام صف الكفار ، والتحم القتال في هذه الحالة يكون فرض عين ، وليس له أن يفر ويخذل إخوانه، ولكن قبل أن يصل إلى الصف قد لا يكون فرض عين ، و كذلك إذا داهم العدو بلداً من بلاد المسلمين صار الجهاد فرض عليهم ليدافعوا عن أنفسهم ، وكذلك إذا عين إمام المسلمين عين واحدا على الجهاد صار فرض عين وبعدها فرض كفاية ، ومن أجله أُمر بالجهاد على كل فرد من الأفراد ، ولأجله خلقت الدنيا والآخرة ، لأجل التوحيد خلق الله الدنيا والآخرة ، لأجل أن يعبد ويوحد ويعرف بأسمائه وصفاته، لأجله خلقت الدنيا والآخرة قال ( والجامع له كلمة خفيفة اللفظ واسعة المعنى جليلة القدر وهي لا إله إلا الله ، هذا الجامع كلمة خفيفة اللفظ خفيفة لا إله إلا الله ما تستغرق شيء ثانية خفيفة اللفظ واسعة المعنى معناها عظيم ، جليلة القدر وهي لا إله إلا الله ، معناها لا معبود حق لا بد أن تعرف معنى هذه الكلمة ، وأنها مشتملة على نفي وإثبات صدرها لا إله ، وعجزها إلا الله  فالصدر نفي والبراءة من كل معبود سوى الله ، وهذا هو الكفر بالطاغوت ، والعجز إثبات الإيمان بالله ، هذه الكلمة مشتملة على أمرين على أصلين الأصل الأول النفي لا إله هذا هو الكفر بالطاغوت والبراءة من كل معبود سوى الله نفي العبادة عن غير الله وعجزها الإيمان بالله قال الله تعالى : فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ ، ولا يكون التوحيد إلا بهذين الأمرين ، ما يكون التوحيد إلا بنفي وإثبات لا إله إلا الله لا معبود حق إلا الله فلو قال الإنسان أنا ما آتي بالنفي آتي  بالإثبات أنا أعبد الله فقط  هل أكون موحد ؟ نقول لا ما يكفي ، ما يكفي أن تعبد الله  قال : أنا عبد الله  لكن ما أنفي العبادة عن غير الله يكون مشرك تعبد الله وتنفي العبادة عن غير الله  ، وتعتقد أن عابد غير فهو مشرك  وعلى هذا من الكفر بالطاغوت أن تعتقد أن اليهود على دين باطل والنصارى على دين باطل والوثنيين على دين باطل ، وليس على الدين الحق إلا أهل التوحيد لا بد أن تعتقد هذا فإذا قال : أنا أعبد الله أنا وأصلي وأصوم ولا لي دعوى في الآخرين ، فإذا قيل ماذا تقول في اليهود والنصارى يقول ما أقول فيهم شيء يحتر فيهم ما أدري؟يقول قد يكونون على دين حق مالي دعوى فيهم أنا لي دعوى أن أصلى وأصوم وأعبد الله هل هذا يكون موحد؟  لا ما يكون موحد ما كفر بالطاغوت ، وما نفى العبادة عن غير الله لا بد أن تعتقد أن النصارى على دين باطل وأن اليهود على دين باطل وأن الوثنيين على دين باطل وأن تكفر الكفرة وتتبرأ من دينهم ، ولا يلزم من ذلك أن تقاتلهم لا يلزم من ذلك أن تقاتلهم ، والكفار نوعان  النوع الأول حربيون ، يحاربون المسلمين هؤلاء حلال دمهم ومالهم ويقاتلهم المسلمين ، والقسم الثاني مسالم ذمي تحت الدولة الإسلامية ، أو مستأمن دخل بأمان أو بعهد ، هذا دمه معصوم وماله معصوم لا يجوز قتله ولا أخذ ماله من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة​​​​​  لكن لا بد أن تبغضه في الله وتعاديه ولا يلزم قتاله تعتقد أنه عدو لله مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّلَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِیلَ وَمِیكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوࣱّ لِّلۡكَـٰفِرِینَ عدو كل كافر عدو لله تعتقد أن عدو لله تتبرأ منه ومن دينه وتبغضه لكن تتعامل معه إذا كان غير محارب تتعامل معاملة طيبة تحسن إليه إذا كان ذمي يسقى ويطعم ويحسن إليه ويعامل معاملة حسنة كل ذلك بدعوته إلى الإسلام ، وأنت مع ذلك تبغضه وتعتقد أنه عدو لله وتتبرأ منه ومن دينه واضح هذا إذا لا يتم التوحيد والإيمان وليس هناك توحيد إلا بأمرين بالنفي والإثبات والبراءة من كل معبود سوى الله وتكفير المشركين ، واعتقاد أنهم على دين باطل وتتبرأ منهم ومن أخلاقهم ومن عاداتهم وهذا هو الكفر بالطاغوت ، والإيمان بالله لا إ له إلا الله لا بد من هذين الأصلين براءة من كل معبود سوى الله وهذا هو كفر بالطاغوت ، وإيمان بالله لا إله إلا الله ، وهذا قول المؤلف – رحمه الله – والجامع له كلمة خفيفة اللفظ واسعة المعنى جليلة القدر وهو لا إله إلا الله كلمة الشهادة هذه الكلمة كلمة الشهادة ، ومفتاح دار السعادة دار السعادة هي الجنة مفتاحها، كما سمعنا قول وهب بن منبه قيل لوهب بن منبه : أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله قال بلى : ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك ، فهي مفتاح دار السعادة قال : فهي أصل الدين وأساسه ، أصل الدين وأساس الملة الشهادة لله بالوحدانية والشهادة للنبي ﷺ بالرسالة يقول المؤلف - رحمه الله – كلمة التوحيد وكلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة هي أصل الدين وأساسه ، أصل الدين وأساس الملة الشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيه محمد ﷺ بالرسالة ، ورأس أمره رأس هذا الأمر الذي جاء به النبي ﷺ هو التوحيد وهو الإسلام ،الإسلام هو التوحيد أصل هذا الأمر الذي جاء به ورأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة رأس هذا الأمر الذي جاء به الإسلام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة ، فالتوحيد هو رأس الأمر الذي جاء به النبي ﷺ ، وساق شجرته الإسلام شجرة وساقها التوحيد أساسها الذي تقوم عليه وعموده ، وعمود فسطاطه ،الفسطاط هي الخيمة والعمود يقوم عليه الفسطاط وإذا سقط الفسطاط سقط ، وكذلك التوحيد قال : وبقية الأركان والفرائض متفرعة عنها ، متشعبة منها بقية الأركان مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج والفرائض والواجبات التي فرضها الله متفرعة عنها ، عن هذه الشجرة متشعبة منها متشعبة من هذه الشجرة شجرة الإسلام ، يعني الإسلام شجرة ساقها التوحيد ، والفرائض والأركان متفرعة عنها متشعبة منها مكملات لها مقيدة بالتزام معناها ، يعني الفرائض والواجبات مقيدة بأن يلتزم الإنسان معناها ، معنى هذه الكلمة وهي إثبات العبادة لله ونفيها عما سواه ، لا بد أن يتقيد  المسلم بالفرائض والواجبات التي يأتي بها ما تصح إلا بأن تكون مقيدة بالتزام معنى كلمة التوحيد ، لا تصح الصلاة حتى يلتزم معنى التوحيد ، وهو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، لازم له هذا إذا صلى  وهو لم يكفر بالطاغوت ولم يؤمن بالله ما صحت صلاته ، إذا زكى وهو لم يكفر بالطاغوت ولم يؤمن بالله ما صحت زكاته ، إذا صام ولم يكفر بالطاغوت ولم يؤمن بالله ما صح صومه ، إذا حج وهو لم يكفر بالطاغوت ولم يؤمن بالله ما صح حجه وهكذا ،قيد الفرائض والواجبات بالتزام معنى كلمة التوحيد ، والعمل بمقتضاها بما تقتضيه ، من أداء الواجبات وترك المحرمات قال المؤلف : فهي العروة الوثقى يعني كلمة التوحيد هي العروة الوثقى التي قال الله تعالى : فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ هي العروة الوثقى كلمة التوحيد .

( متن )

المحصي المبديء المعيد ، ومعلوم أن أسماء الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة هي التي يشتق منها الأفعال و ليس كل فعل يشتق منه اسم فما الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة على الأسماء المذكورة (46:35)  ).

( الشرح )

نعم إنه هو يبدئ يعيد جاء في الحديث المحصي المبدئ المعيد وجاء في أحاديث ثابتة ، ومنها قوله تعالى : إِنَّهُۥ هُوَ یُبۡدِئُ وَیُعِیدُ فهو المبدئ المعيد جاء فيها أحاديث ثابتة ولا شك أن الأسماء والصفات توقيفية بمعنى أن العباد لا يخترعون لله أسماء أوصفات من عند أنفسهم، بل أسماء الله وصفاته توقيفية بمعنى أن يوقف فيها على النصوص السميع البصير العليم جاء إطلاقها على الله والمحصي والمبدئ والمعيد جاءت فيها أحاديث .

(سؤال)                                                                              

ما نصيحتكم لمن عنده عقيدة الإرجاء وفقكم الله تعالى ؟

( الجواب )

الإرجاء عقيدة الإرجاء بمعنى التأخير هي اعتقاد أن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان ، فمن عنده هذه العقيدة عليه أن يتأمل ويتدبر الكتاب والسنة ، ويعلم أن العقيدة لا بد لها من عمل ، وأن الرسول ﷺ أمر الناس بالعمل ، ولا يمكن أن يكون هناك عقيدة بدون عمل ، نفس الإيمان الذي في القلب وهو التصديق لا يتحقق إلا بالعمل ، وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون ، إبليس مصدق وفرعون مصدق بقلبه لكن ما عنده عمل يتحقق به ، كما أن العمل من الصلاة والصيام والزكاة والحج لا بد له من تصديق وإيمان يصدقه وإلا صار كإسلام المنافقين المنافقون يصلون ويصومون ويحجون ولكن ما عندهم إيمان يصحح عملهم ، فلا بد من الأمرين عمل يتحقق به الإيمان ، وتصديق يصحح العمل ، قال تعالى : فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ لا صدق هذا نفي للإيمان ولا صلى  نفي للعمل وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ لا بد من الأمرين إيمان وتصديق وعمل ، تصديق يصحح العمل وعمل يتحقق به الإيمان ، لأن الذي ليس عنده عمل يكون مثل إيمان إبليس وفرعون ما الفرق إبليس مصدق وفرعون مصدق بقلبه لكن ما عنده عمل أبى واستكبر  إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ استكبر عن العمل والمنافقون في عهد النبي ﷺ يعملون ويحجون لكن ما عندهم إيمان ، فصاروا في الدرك الأسفل من النار ، ما عندهم إيمان يصحح هذا العمل فلا بد من الأمرين.

( سؤال )

أحسن الله إليكم وسائل آخر يقول هل يجوز أن نقول إخواننا النصارى  أم لا، وما حكم من يقول ذلك ؟

( الجواب )

لا يجوز النصارى ليسوا إخوانناً لنا ، قال الله تعالى إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ إنما المؤمنون إخوة ، هذا حصر فلا يجوز أن نقول إخواننا النصارى ، النصارى ليسوا إخواناً لنا و لا اليهود ، بل هم أعداء لنا  مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّلَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِیلَ وَمِیكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوࣱّ لِّلۡكَـٰفِرِینَ النصراني كافر وهو عدو لله وعدو للمؤمنين ، وكذلك اليهودي وكذلك الوثني ، لكن كما سبق لا يلزم من عداوته أنك تقاتله ، أو تأخذ ماله لا ، ماله معصوم إذا كان غير حربي ، غير محارب، الكفار نوعان : كافر يحارب المسلمين ويقاتلهم هذا دمه حلال وماله حلال ، وكافر مستأمن  دخل بأمان أو دخل بعهد ، أو تحت الدولة الإسلامية يدفع الجزية هذا دمه معصوم وماله معصوم ، لا يجوز قتاله ويحسن إليه ، ويطعم ويسقى ويعامل معاملة حسنة ، وتتعامل معه تبيع وتشتري معه ، ولكن تبغضه بقلبك ، وتعتقد أنه عدو لله هذا شيء ، وهذا شيء ، ولا يكون أخ ما يسمى أخ ، كذلك الترحم ما يترحم عليه ما يترحم على الكافر  لا يقول  رحمه ولا يقول غفر الله له ولا يصلى عليه قال الله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدࣰا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِ  ثم قال : إِنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ هذه العلة من كفر بالله ورسوله لا يصلى عليه ولا يقام على قبره ولا يدعى له  ومن كان مؤمناً بالله ورسوله فإنه يدعى له ويصلى عليه ولو كان عنده بعض المعاصي ، الشيعة طبقات منهم الكافر ومنهم المبتدع ، فمن كان عنده عقيدة توصله إلى الكفر فهذا حكمه حكم الكفرة لا يترحم عليه ، ومن كان عنده عقيدة لا توصله إلى الكفر فهذا يكون مبتدع ويكون من المسلمين (51:14 ) الله تعالى قال :" إنما المؤمنون إخوة " دع عنك التشققة و التأويلات بلا تأويلات ، هو ليس أخاً لك والمعاملة شيء آخر عامله  تستطيع أنك تدعوه للإسلام بالمعاملة لكن ما تقول أنه أخوك إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ حصر الله الأخوة بالدين .

( سؤال)

أحسن الله إليكم وسائل يقول ما حكم الصلاة خلف من يؤول بعض الصفات (51:50)

( الجواب )

إذا كان تأويله هذا لا يوصله إلى الكفر فهو مسلم ، والصلاة خلف العصاة فيها كلام عند أهل العلم ، من العلماء  من قال لا تصح الصلاة خلف المبتدع أو خلف من فعل الكبيرة ، ومنهم من قال إذا كان فسقه غير ظاهر كفره غير ظاهر  يصلى خلفه ، فيه خلاف بين العلماء ، ومنهم من قال يصلي ويعيد، هذا بالنسبة لصاحب الكبيرة إذا كان فسقه ظاهر ، أو يدعو إلى بدعته فلا يصلى خلفه ، وإنما يصلى خلف مستور الحال ، ومن العلماء من قال يصلى خلفه ، اختلف العلماء في صحة الصلاة إذا صلى خلفه والصواب أن صلاته صحيحة ما دام أن فسقه لا توصله إلى الكفر ، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يصلي خلفه  يجب الإنكار عليه ، ولا يرتب إمام للمسلمين ، ولكن لو صلى وهو لا يعلم فالصلاة صحيحة ، ولكن كونه يذهب يصلي خلف الفاسق والمبتدع هذا ينكر عليه ، يجب أن ينكر عليه ، فكيف يصلي خلفه فصلاتك خلفه معنى أن هذا إقرار له بالمنكر،ولهذا وجهة نظر العلماء الذين قالوا لا يصلى خلفه قالوا: أنه إذا صلى خلفه أقر المنكر ، والواجب الإنكار عليه و الإنكار عليه عدم الصلاة خلفه .

( سؤال ) 

أحسن الله إليكم وهذا سائل يقول قال بعض من أهل العلم  بجواز قول أخواننا النصارى بدليل قوله تعالى : وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودࣰاۚ وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰا وغير ذلك فما الحكم ؟

( الجواب )

نعم هذا أخوة في النسب هذا أخبر الله عنهم  ولكن جاء في شريعتنا وفي القرآن العظيم أن الله تعالى حصر الأخوة في الدين في المسلمين ، هذا في شرع ما قبلنا ، هذا في إخبار الله عما مضى من الأنبياء أخاهم هوداً أخاهم في النسب ، لكن في القرآن   قال : إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَة حصر ، وهذا تشريع .    

( سؤال )

أحسن الله إليكم وهذا سائل يقول فضيلة الشيخ حفظك الله ذكر في بداية حديثك الحسد يأكل الحسنات فهل هذا حديث أم قول ؟ 

( الجواب )

هذا قول والله تعالى يقول: وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ والحسد معصية وأذية للغير ومعلوم أن من اعتدى على غيره فهو يأخذ حسناته ، من اعتدى على غيره في ماله أو عرضه إذا لم يأخذها في الدنيا أخذها في الآخرة ، يقتص له منه .

(سؤال)

أحسن الله إليكم  وهذا سائل يقول ما حكم العمل في بيئة مختلطة يختلط فيها الرجال بالنساء ؟  

( الجواب )

لا يجوز للرجل المسلم أن يعمل الرجل في بيئة مختلطة ولا للمرأة لأن هذا من أسباب الفواحش ومن أسباب الزنا ، ومن أسباب عدم سلامة العرض ، والواجب على الرجل أن يعمل مع الرجال والنساء مع النساء ، أما الاختلاط فلا يجوز ، لأن هذا من أسباب الفواحش ومن أسباب الفتن والشرور .

(سؤال)  

أحسن الله إليكم  يقول كنت في سفر ودخلت مسجد بلدة ووجدتهم يصلون صلاة الجمعة ، فدخلت معهم بنية الظهر فهل يجوز لي أن أجمع معها العصر ؟

( الجواب )

إذا كنت فاتك الركعة الثانية نعم تصليها ظهراً ، وأما إذا كنت أدركت الركعة الأولى فإنك تضم إليها الأخرى وتكون لك جمعة ، ولا تجمع معها العصر على الصحيح في أصح  أقوال العلماء .

(سؤال)

أحسن الله إليكم يقول إذا عممت جسدي بالماء وغسلت أذني واستنشقت واستنثرت بنية الغسل وإرادة والطهارة الكبرى فهل يجوز لي أن أصلي بهذا الغسل ، مع العلم أني لم أكن محدثاً حدثاً أكبر ؟ 

( الجواب )

لا يجوز أن تصلي حتى تتوضأ الوضوء الشرعي ، إلا لو كان عليك حدث أكبر عليك جنابة فإنك إذا نويت رفع الحدثين ونويت الصلاة ، تستنجي تغسل فرجيك ثم تتوضأ و للصلاة ثم تعمم جسدك بالماء ، أنه يرفع الحدثين هذا يجزئ عند جمع من أهل العلم،  لكن الأكمل حتى لمن عليه جنابة أن يستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً ثم يغسل شقه الأيمن ثم يغسل شقه الأيسر ، أما إذا كان يغتسل للتبرد مثل ما قال السائل عمم جسده وغسل أذنيه ما يجزئ ، ما يجزئ حتى يتوضأ ، حتى يتوضأ الوضوء شرعي .

( سؤال)

أحسن الله إليكم السؤال الأخير يقول البلاد التي تتأخر فيها صلاة العشاء كثيراً وأحياناً الشفق لا يختفي في بعض الأماكن هل يجوز الجمع بين المغرب والعشاء لوقتها القصير أم تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي قد يكون قريباً من الساعة الثانية عشرة ليلا ؟.

( الجواب )

نعم تؤخر الصلاة حتى يدخل وقتها لأن صلاة المغرب إلى مغيب الشفق ، الحمد لله  ولو كان الوقت قليل الحمد لله ، يصلي المغرب في وقتها والعشاء في وقتها،وينام ما تيسر  في الليل ، وينام أيضاَ الوقت الطويل من النهار والحمد لله.

وفق الله الجميع لطاعته وثبت الله الجميع لهداة وخدمة دينه وصلى الله على نبينا محمد وسلم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد