بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:
(المتن)
قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالنِّكَاحُ، وَقَدْ بَيَّنَ مَعْنَاهَا قَوْلُهُ.
وَلِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَرْفَعُهُ: «لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِي ثَلَاثٍ: الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالْعَتَاقُ فَمَنْ قَالَهُنَّ، فَقَدْ وَجَبْنَ» وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ ابْنَ لَهِيعَةَ. وَفِيهِ انْقِطَاعٌ أَيْضًا وَالْأَحَادِيثُ دَلَّتْ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ الْهَازِلِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي الصَّرِيحِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَالنَّاصِرُ وَالصَّادِقُ وَالْبَاقِرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَامٌّ خَصَّهُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْعِتْقِ.
الحديث السابق: وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «طَلَّقَ أَبُو رُكَانَةَ» بِضَمِّ الرَّاءِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ, «أُمُّ رُكَانَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعْ امْرَأَتَك، فَقَالَ إنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا قَالَ قَدْ عَلِمْت رَاجِعْهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَفْظُ أَحْمَدَ, أَيْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «طَلَّقَ رُكَانَةُ امْرَأَتَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا فَحَزِنَ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا وَاحِدَةٌ» وَفِي سَنَدِهِمَا, أَيْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ أَيْ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ السِّيرَةِ وَفِيهِ مَقَالٌ, قَدْ حَقَّقْنَا فِي ثَمَرَاتِ النَّظَرِ فِي عِلْمِ أَهْلِ الْأَثَرِ وَفِي إرْشَادِ النُّقَّادِ إلَى تَيْسِيرِ الِاجْتِهَادِ عَدَمَ صِحَّةِ الْقَدْحِ بِمَا يَجْرَحُ رِوَايَتَهُ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ: «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ».
(الشرح)
وصاحب السيرة محمد بْنُ إسحاق هذا ثقة وإمام إذا صرح بالتحديث لكنه يدلس, فإذا صرح بالتحديث زال المحظور, لَكِنْ في السيرة يروي المقاطيع والمراسيل.
(المتن)
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ: «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ» بالسين الْمُهْمَلَةُ مَضْمُونَةٌ تَصْغِيرُ سُهْمَةَ «أَلْبَتَّةَ، فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَصَحَّحَهُ وَطُرُقُهُ كُلُّهَا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ عَمِلَ الْعُلَمَاءُ بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ فِي عِدَّةٍ مِنْ الْأَحْكَامِ مِثْلِ حَدِيثِ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ» تَقَدَّمَ، وَقَدْ صَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَحْسَنَ مِنْهُ وَهِيَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنَّ رُكَانَةَ الْحَدِيثَ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ مُصَحِّحٍ وَمُضَعِّفٍ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إرْسَالَ الثَّلَاثِ التَّطْلِيقَاتِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَكُونُ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: إنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا طَلَاقُ بِدْعَةٍ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَأَدِلَّتُهُمْ.
(الشرح)
ليس عَلَى إطلاقه, يَعْنِي: شيخ الإسلام اِبْن تيمية وابن القيم يرون عدم وقوع الطلاق في الحيض والنفاس ومع ذلك يرى أَنَّه يقع طلقة واحدة.
(المتن)
الثَّانِي: إنَّهُ يَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَرِوَايَةٌ عَنْ عَلِيٍّ وَالْفُقَهَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَاسْتَدَلُّوا بِآيَاتِ الطَّلَاقِ، وَأَنَّهَا لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ وَاحِدَةٍ، وَلَا ثَلَاثٍ. وَأُجِيبَ بِمَا سَلَفَ أَنَّهَا مُطْلَقَاتٌ تَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ بِالْأَحَادِيثِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بِحَضْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ» فَدَلَّ عَلَى إبَاحَةِ جَمْعِ الثَّلَاثِ وَعَلَى وُقُوعِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، وَلَا عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ فِي طَلَاقٍ رَافِعٍ لِنِكَاحٍ كَانَ مَطْلُوبَ الدَّوَامِ وَالْمُلَاعِنُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ إمْسَاكُهَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بِاللِّعَانِ حَصَلَتْ فُرْقَةُ الْأَبَدِ سَوَاءٌ كَانَ فِرَاقُهُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ، أَوْ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ.
فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ: «فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُخْبِرَ بِذَلِكَ قَالَ لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ» وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ قَالُوا عَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ؟ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفْصِلْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْوَاقِعُ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ غَالِبًا عَدَمَ إرْسَالِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُنَا غَالِبًا لِئَلَّا يُقَالَ قَدْ أَسْلَفْنَا أَنَّهَا وَقَعَتْ الثَّلَاثُ فِي عَصْرِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ لَكِنْ نَادِرًا.
وَمِثْلُ هَذَا مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ الْآخَرُ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ هُوَ مَا سَلَفَ وَلَهُمْ أَدِلَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ فِيهَا ضَعْفٌ، فَلَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ، فَلَا نُعَظِّمُ بِهَا حَجْمَ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ فَتَاوَى الصَّحَابَةِ أَقْوَالُ أَفْرَادٍ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا تَقَعُ بِهَا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالصَّادِقُ وَالْبَاقِرُ وَنَصَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ تِلْمِيذُهُ عَلَى نَصْرِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا مَرَّ مِنْ حَدِيثَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمَا صَرِيحَانِ فِي الْمَطْلُوبِ وَبِأَنَّ أَدِلَّةَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ غَيْرُ نَاهِضَةٍ أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَلِمَا عَرَفْت وَيَأْتِي مَا فِي غَيْرِهِمَا.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا وَتَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ اسْتَدَلُّوا بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: «أَمَا عَلِمْت أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ» وَبِالْقِيَاسِ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَانَتْ مِنْهُ بِذَلِكَ، فَإِذَا أَعَادَ اللَّفْظَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ فَكَانَ لَغْوًا وَأُجِيبَ بِمَا مَرَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَدْخُولَةِ وَغَيْرِهَا فَمَفْهُومُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد لَا يُقَاوِمُ عُمُومَ أَحَادِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ يُكَرِّرَ هَذَا اللَّفْظَ ثَلَاثًا.
(الشرح)
يقول: أنت طالق ثلاثًا, الفقهاء يفرقون بين هذا وشيخ الإسلام ما يفرق.
(المتن)
وَفِي كُتُبِ الْفُرُوعِ أَقْوَالٌ وَخِلَافٌ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى دَلِيلٍ وَاضِحٍ، وَقَدْ أَطَالَ الْبَاحِثُونَ فِي الْفُرُوعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأَقْوَالَ، وَقَدْ أَطْبَقَ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ مُتَابَعَةً لِإِمْضَاءِ عُمَرَ لَهَا وَاشْتَدَّ نَكِيرُهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ.
(الشرح)
أطبق: يَعْنِي اجتمعوا وأجمعوا.
(المتن)
وَصَارَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَمًا عِنْدَهُمْ لِلرَّافِضَةِ وَالْمُخَالِفِينَ وَعُوقِبَ بِسَبَبِ الْفُتْيَا بِهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ.
(الشرح)
يَعْنِي: صار من قَالَ: ما تقع الثلاث قَالَ: هذا مذهب الرافضة, وحديث اِبْن عباس صريح, «كَانَ طلاق الثلاث عَلَى عهد رسول الله r وأبي بكر وجزء من خلافة عمر واحدة» الصحابة أجمعوا عَلَى هذا تبعًا لعمر, وعمر فعل هذا من باب التعزير, قَالَ: إن الناس استعجلوا أمرًا لهم فلو أمضيناه عَلَيْهِمْ؟ فأمضاه عَلَيْهِمْ, وأخذ بِهِ الفقهاء والأئمة الأربعة.
(المتن)
وَعُوقِبَ بِسَبَبِ الْفُتْيَا بِهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَطِيفَ بِتِلْمِيذِهِ الْحَافِظِ ابْنِ الْقَيِّمِ عَلَى جَمَلٍ بِسَبَبِ الْفَتْوَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ مَحْضُ عَصَبِيَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي مَسْأَلَةٍ فَرْعِيَّةٍ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا سَلَفُ الْأُمَّةِ وَخَلَفُهَا، فَلَا نَكِيرَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَهَاهُنَا يَتَمَيَّزُ الْمُصَنِّفُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ فُحُولِ النُّظَّارِ وَالْأَتْقِيَاءِ مِنْ الرِّجَالِ.