شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من سبل السلام_7

00:00
00:00
تحميل
81

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ ثُمَّ يُرَاجِعُ، وَلَا يُشْهِدُ، فَقَالَ أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَعَلَى رَجْعَتِهَا, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَكَذَا مَوْقُوفًا وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ سُئِلَ عَمَّنْ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ، فَقَالَ: أَرْجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ فَيُشْهِدُ الْآنَ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ.

دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى شَرْعِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}[البقرة/ 228] الْآيَةَ.

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ رَجْعَةَ زَوْجَتِهِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا وَرِضَا وَلِيِّهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَكَانَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا إذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ سُورَةِ الطَّلَاقِ وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق/ 2] بَعْدَ ذِكْرِهِ الطَّلَاقَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَكَأَنَّهُ اسْتَقَرَّ مَذْهَبُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ الْمَرْزَعِيُّ فِي تَيْسِيرِ الْبَيَانِ، وَقَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ جَائِزٌ.

وَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا قَرِينَتُهُ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ الْإِشْهَادُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِطَابِ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَهُ عِمْرَانُ اجْتِهَادًا إذْ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسْرَحٌ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: "أَرْجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ" قَدْ يُقَالُ إنَّ السُّنَّةَ إذَا أُطْلِقَتْ فِي لِسَانِ الصَّحَابِيِّ يُرَادُ بِهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ لِتَرَدُّدِ كَوْنِهِ مِنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ بِالْقَوْلِ الصَّرِيحِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الرَّجْعَةِ بِالْقَوْلِ وَاخْتَلَفُوا إذَا كَانَتْ الرَّجْعَةُ بِالْفِعْلِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى إنَّ الْفِعْلَ مُحَرَّمٌ، فَلَا تَحِلُّ بِهِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْإِشْهَادَ، وَلَا إشْهَادَ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}[المؤمنون/ 6] وَهِيَ زَوْجَةٌ وَالْإِشْهَادُ غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا سَلَفَ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ يَصِحُّ بِالْفِعْلِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شَرْطِ الْفِعْلِ النِّيَّةُ، فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ بِالْفِعْلِ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لِعُمُومِ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ شَرْعًا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}[المؤمنون/ 6]، وَلَا يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي لَمْسِ الزَّوْجَةِ وَتَقْبِيلِهَا وَغَيْرِهِمَا إجْمَاعًا.

وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهَا بِأَنَّهُ قَدْ رَاجَعَهَا لِئَلَّا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَجِبُ وَتَفَرَّعَ مِنْ الْخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ رَاجَعَهَا، فَقَالَ الْأَوَّلُونَ النِّكَاحُ بَاطِلٌ وَهِيَ لِزَوْجِهَا الَّذِي ارْتَجَعَهَا وَاسْتَدَلُّوا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا الْمَرْأَةُ وَبِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَزَوَّجَ.

وَعَنْ مَالِكٍ إنَّهَا لِلثَّانِي دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ "مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الَّذِي يُطَلِّقْ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا ثُمَّ يَكْتُمُهَا رَجْعَتَهَا فَتَحِلُّ فَتَنْكِحُ زَوْجًا غَيْرَهُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنْ أَمْرِهَا شَيْءٌ وَلَكِنَّهَا لِمَنْ تَزَوَّجَهَا".

(الشرح)

ظاهره أَنَّه راجعها ولم يخبرها وخرجت من العدة وهي لم تعلم ثم تزوجها, هذا غلطٌ كبير, لا أخبرها ولا أشهد, هو اللي جنى عَلَى نفسه.

(المتن)

إلَّا أَنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يُرْوَ هَذَا إلَّا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فَقَطْ، وَهُوَ الزُّهْرِيُّ فَيَكُونُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَيَشْهَدُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا اثْنَانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا»، فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا}[البقرة/228] أَيْ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي الْعِدَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يُرِيدَ الزَّوْجُ بِرَدِّهَا الْإِصْلَاحَ، وَهُوَ حُسْنُ الْعِشْرَةِ وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ.

فَإِنْ أَرَادَ بِالرَّجْعَةِ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَنْ يُرَاجِعُ زَوْجَتَهُ لِيُطَلِّقَهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ، فَإِنَّهُ يُطَلِّقُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيُرَاجِعُ ثُمَّ يُطَلِّقُ إرَادَةً لِبَيْنُونَةِ الْمَرْأَةِ، فَهَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ لَمْ يُرِدْ بِهَا إصْلَاحًا، وَلَا إقَامَةَ حُدُودِ اللَّهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ إذْ الْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَا تُبَاحُ لَهُ الْمُرَاجَعَةُ، وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِرَدِّ امْرَأَتِهِ إلَّا بِشَرْطِ إرَادَةِ الْإِصْلَاحِ وَأَيُّ إرَادَةِ إصْلَاحٍ فِي مُرَاجَعَتِهَا لِيُطَلِّقَهَا. وَمَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ: {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا}[البقرة/228] لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلرَّجْعَةِ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ بِلَا دَلِيلٍ.

وَعَنْ «ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِمَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ, والله تعالى أعلم.

(الشرح)

فإن قيل: (...)؟.

هي معذورة ما تدري وتظن أنها خرجت من العدة, ولم يخبرها فهي معذورة.

فإن قيل: (...)؟.

عَلَى خلاف ما تُطلق, يفارقها والنكاح فاسد, والقول الثاني أنها تكون للثاني لَكِنْ هذا ضعيف.

فإن قيل: (...)؟.

لابد, إذا كَانَ وطئها لابد تستبرأ بحيضة واحدة.

فإن قيل: (...)؟.

ما يضر, إذا كَانَ ما دام عَلَى طهارة سواء خلع الخف أو لبسه أو لبس خفًا آخر؛ هذا كلام بعد الحدث, إذا أحدث ومسح عَلَى الجرب الأول ما يلبس عليه جرب ثاني, ما دام عَلَى طهارة لا يضر.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد