بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني أشهد أنه رسول الله حقا وأنه خاتم النبيين وأنه رسول الله إلى الجن والإنس إلى العرب والعجم وأنه لا نبي بعده أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله وأسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا و ذرياتنا كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا ومجلسنا مجلس خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده أيها الإخوان إني أبشركم وأهنئكم أبشركم بهذا الخير العظيم الذي وفقكم الله له وهو طلب العلم وأهنئكم بهذا الخير فعليكم أن تحمدوا الله تعالى وتشكروه على هذه النعمة العظيمة فالله سبحانه وتعالى هو الذي قذف في قلوبكم هذا الخير فضلا منه وإحسانا فلله تعالى نعمة دينية على المؤمن خصه بها كما قال الله سبحانه وتعالى: وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡإِیمَـٰنَ وَزَیَّنَهُۥ فِی قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡیَانَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلرَّ ٰشِدُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعۡمَةࣰۚ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ وأنتم تجدون أناسا كثيرين صرفهم الله سبحانه وتعالى وخذلهم صرفهم الله تعالى عن الحق وخذلهم حكمة منه وعدلا فاتجهوا إلى المعاصي وإلى المنكرات وإلى الصد عن دين الله عز وجل وأنتم وجهكم الله هذه الوجهة الفاضلة الخيرة فاحمدوا الله واشكروه واقتبضوا بهذه النعمة وسلوه المزيد من فضله وأسأل الله سبحانه أن يثبتنا وإياكم على دينه القويم والفضل والفرح بتوفيق الله بتوفيق الله تعالى للإسلام والإيمان و بتوفيق الله للعلم وحفظ القرآن هو من الفرح بفضل الله ورحمته كما قال الله سبحانه وتعالى : قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰلِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ وهذا بخلاف فرح الأشر والبطر فإن الفرح فرحان فرح بفضل الله تعالى ورحمته وفرح الأشر والبطر وهو فرح أهل الكفر وأهل النار كما قال الله سبحانه و تعالى عن أهل النار : ذَ ٰلِكُم بِمَا كُنتُمۡ تَفۡرَحُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَمۡرَحُونَ ٱدۡخُلُوۤا۟ أَبۡوَ ٰبَ جَهَنَّمَ هو فرح قارون الذي خسف الله به الأرض إِذۡ قَالَ لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡفَرِحِینَ أيها الإخوان إن تعلم العلم وتعليمه من أفضل القربات وأجل الطاعات والله سبحانه وتعالى فضل العلماء على غيرهم فإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر كما جاء ذلك في الحديث وفي الحديث يقول النبي ﷺ ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وأهل العلم هم أعظم الناس خشية لله عز وجل إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ وفي مقدمة العلماء الرسل أنبياء الله ورسله فهم أخشى الناس وأتقى الناس وأعبد الناس وأخشاهم وأتقاهم وأعبدهم أولو العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام وأخشاهم وأتقاهم الخليلان إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام وأخشى الخليلان وأتقاهما إمامنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام فهو أخشى الناس وأتقى الناس وأعبد الناس وأفضل الناس وأعلم الناس و أكمل الناس فيه جميع الصفات الحميدة قال عليه الصلاة والسلام : ( إن أخشاكم لله وأتقاكم لأنا ) عليه الصلاة والسلام وهو أشجع الناس وهو مقدمهم وأفضلهم في جميع الخصال الحميدة والله تعالى قرن شهادة أهل العلم بشهادته وشهادة ملائكته من فضل العلماء أن الله تعالى قرن ، قرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أجل مشهود به وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية واستحقاقه للعبادة : شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ وقال الله سبحانه وتعالى : قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلَّذِینَ یَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا یَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ وأمر الله نبيه بأن يسأله المزيد من العلم والزيادة من العلم فقال سبحانه : وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا ولم يأمره بالزيادة من الجاه أو المال أو المنصب : وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا ولم يقل مالا ولا جاها ولا منصبا ومن فقهه الله في الدين فقط أراد الله به خيرا المسلم إذا تفقه في دين الله وتبصر في شريعة الله فهذا من علامات إرادة الخير له كما ثبت في الصحيحين من حديث معاوية ابن أبي سفيان أن النبي ﷺ قال : من يرد الله به خيرا يفقه في الدين وأنا قاسم والله معطيه من يرد الله به خيرا يفقه في الدين قال العلماء : هذا الحديث له منطوق وله مفهوم فمنطوقه أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيرا ومفهومه أن من لم يفقه الله في الدين لم يرد به خيرا وأعظم الفقه في الدين الفقه في أسماء الله وصفاته وتوحيده والعلم بحقه سبحانه وتعالى فإن العلم أقسام ثلاثة : العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله ، والعلم بحقه وما يجب له سبحانه وتعالى ، والعلم بما يكون في الآخرة من الجزاء على الأعمال هذه أقسام العلم : العلم الأول العلم بالله وبذاته وأسمائه وصفاته وإثبات حقيقة ذات الرب وأسمائه وصفاته وأفعاله ثم العلم بحقه سبحانه في الأوامر والنواهي وما أوجب الله وما حرم الله فالمؤمن يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي بعد أن يتعلم ويتبصر ويتفقه ثم العلم بالجزاء في يوم القيامة ما يكون للمؤمنين ما أعد الله للمؤمنين من الثواب العظيم والتمتع بدار كرامته والنظر إلى وجهه الكريم وما أعد الله للأشقاء من العذاب والنكال نسأل الله السلامة والعافية.
ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:
والعلم أقسام ثلاث مالها من رابع والحق ذو تبيان علم بأوصاف الإله وفعله وكذلك الأسماء للرحمن والعلم أقسام ثلاث مالها من رابع والحق ذو تبيان علم بأوصاف الإله وفعله وكذلك الأسماء للرحمن والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاؤه يوم المعاد الثاني والأمر والنهي الذي هو دينه هذا العلم الثاني العلم الأول علم بأوصاف الإله وفعله وكذلك الأسماء للرحمن هذا العلم الأول العلم بالله أولا تعلم ربك معبودك تعلمه بذاته تعلم حقيقة ذاته وأسمائه وصفاته تعلم ربك بأن تثبت حقيقة الرب وأسمائه وصفاته حقيقة الرب لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى لا يعلم كنه ذاته إلا هو لكن المراد إثبات حقيقة ذات الرب وأسمائه وصفاته وأفعاله وهو مسمى بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات أولا تعلم معبودك المعبود معبودك سبحانه وتعالى تعلمه وأنه سبحانه وتعالى هو واجب الوجود لذاته وهو الأحد الفرد الصمد وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ليس له أصل ولا فرع ليس له ولد ولا والد لم يتفرع منه شيء ولم يتفرع من شيء بل هو واحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ وهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء وتعلم بأن الله سبحانه وتعالى فوق العرش وأنه الرب وغيره مربوب وأنه الخالق وغيره مخلوق وأنه المالك وغيره مملوك وأنه المدبر وغيره مدبر وتثبت الأسماء والصفات التي وردت في الكتاب السنة فتوحيد الربوبية توحيد الله بأفعاله هو سبحانه وتعالى من الخلق والرزق والإماتة والإحياء توحيد الله بأفعاله وتوحيد العبادة توحيد الله بأفعالك أنت فتوحيد الأسماء والصفات توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وسيلة وسيلة إلى توحيد العبادة أولا تعلم ربك بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله فإذا عرفت ربك فحينئذ تعبده سبحانه توحيد العبادة هو الغاية من خلق الثقلين الجن والإنس هو الغاية المحبوبة لله المرضية له فالأول معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله والثاني دين الله معرفة دين معرفة دين الله الأمر والنهي الذي هو دينه الأوامر والنواهي الشريعة أوامر ونواهي الأوامر والنواهي في الكتاب والسنة تفعل الأوامر سواء كان الأمر أمر إيجاب أو أمر استحباب سواء كان أمر إيجاب كقوله تعالى : وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ أو أمر استحباب كالأمر بالسواك فإنه أمر استحباب وكذلك النواهي تترك النواهي سواء كانت نهي تحريم كقوله تعالى : وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰۤۖ أو نهي تنزيه كالنهي عن الحديث بعد صلاة العشاء كان يكره النوم قبلها و الحديث بعدها ثم بعد ذلك العلم الثالث العلم بالجزاء في الآخرة هذه أقسام العلم هذي أقسام العلم النافع أقسام العلم النافع ثلاثة العلم بالرب أسمائه وصفاته وأفعاله العلم بدين الله وهو الأمر والنهي الأمر العلم بالجزاء في يوم القيامة والعلم أقسام ثلاث ما لها من رابع والحق ذو تبيان علم بأوصاف الإله وفعله وكذلك الأسماء للرحمن والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاؤه يوم المعاد الثاني وبهذا يتبين أن تعلم العلم وتعليمه من أفضل القربات وأجل الطاعات ولهذا قال العلماء إن تعلم العلم أفضل من نوافل العبادة أفضل من نوافل العبادة يعني النوافل ما زاد عن الفرائض أفضل من نوافل الصلاة ونوافل الصيام ونوافل الحج فإذا تعارض طلب العلم مع صلاة الليل أو صلاة الضحى مثلا نوافل تقدم طلب العلم وإذا تعارض طلب العلم مع نوافل الصوم كصيام الإثنين والخميس صيام ثلاثة أيام من كل شهر أو صوم يوم وإفطار يوم يقدم طلب العلم وكذلك إذا تعارض طلب العلم من نوافل الحج يقدم طلب العلم وما ذاك إلا لأن المسلم إذا تعلم وتبصر وتفقه في دين الله عبد ربه على بصيرة يعبد ربه على بصيرة فينقذ نفسه من الجهل ثم ينقذ غيره من الجهل فيكون طلب العلم نفعه متعدي متعدي لك ولغيرك تنفع نفسك تنفع نفسك وتنفع غيرك بخلاف نوافل الصلاة والصيام والحج النوافل هذا خاص بك عبادة قاصرة وتعلم العلم عبادة متعدية والقاعدة عند أهل العلم أن العبادة المتعدية مقدمة على العبادة القاصرة والأصل في الإنسان أنه لا يعلم كما قال الله تعالى : وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا قيل للإمام أحمد رحمه الله كيف ينوي يعني في طلب العلم قال ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره الأصل في الإنسان أنه لا يعلم الأصل في الإنسان أنه لا يعلم, الرسل والأنبياء قال الله تعالى لنبيه الكريم : وَوَجَدَكَ ضَاۤلࣰّا فَهَدَىٰ وقال سبحانه وتعالى : وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكَ عَظِیمࣰا ضالا يعني غافلا غافلا عن معرفة الشرع حتى أنزل الله عليه الشريعة فكان النبي ﷺ يسأل فيتوقف حتى يأته الوحي كما في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي ﷺ وهو بالجعرانة وقد تضمخ بالطيب المحرم أحرم المحرم الأعرابي الذي كان محرما وقد تضمخ بالطيب وعليه الجبة فسأل النبي ﷺ كيف تفعل في رجل أحرم وهو متطيب فسكت النبي ﷺ حتى نزل الوحي فلما سري عنه قال أين الرجل ثم قال له اغسل عنك أثر الطيب انزع عنك الجبة واغسل أثر الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك وإذا كان طلب العلم عبادة عظيمة تعلم عبادة فإن العبادة لا بد لها من ركنين أساسيين لا تصح إلا بهما لابد أن يتحقق في العبادة شرطان أو ركنان أساسيان إذا توفرا فالعبادة صحيحة مقبولة عند الله وإذا تخلف أو تخلف أحدهما فهي مردودة على صاحبها كل عبادة صلاة صيام زكاة حج بر الوالدين صلة الأرحام الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعلم العلم تعليمه إلى غير ذلك الركن الأول أن يكون العمل خالصا لله مرادا به وجه الله والدار الآخرة لا يريد بتعلم العلم أو تعليمه الدنيا أو حطامها أو مراعاة الناس أو محمدتهم ولا يريد بصلاته ولا بعبادته إلا وجه الله والدار الآخرة الأمر الثاني أن يكون هذا العمل موافقا للشريعة وصوابا على هدي رسول الله ﷺ فإن كان مخالفا فلا يقبل وإذا تخلف الأمر الأول وهو إخلاص العمل حل محله الشرك وإذا تخلف الأمر الثاني حل محله البدع و قد جمع الله وقد جاءت النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ في بيان هذا الأمر في بيان هذين الأمرين وأنه لا بد منهما والأمر الأول هو تحقيق شهادة أن لا اله إلا الله والأمر الثاني هو تحقيق شهادة أن محمد رسول الله قال الله تعالى في كتابه العظيم : فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا والعمل الصالح ما كان موافقا للشرع والعمل الذي لم يدخله شرك لم يخالطه شرك هو الخالص لله قال سبحانه وتعالى : وَمَن یُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥۤ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله والإحسان هو أن يكون العمل موافقا للشرع قال سبحانه : بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَلَهُۥۤ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ وثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال : إنما الإعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه هذا الحديث يدل للأصل الأول ويدل للأصل الثاني ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي ﷺ قال ن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد يعني فهو مردود من أحدث في أمرنا هذا يعني الأمر الذي جاء به ﷺ الدين يعني من أحدث في الدين وهو ما جاء به النبي ﷺ من الشريعة الخاتمة فهو رد يعني مردود عليه وفي لفظ لمسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقد يقول إنسان إن النية قد يدخلها ما يدخلها وكما قال بعض السلف إن النية من أصعب الأمور لكن على الإنسان الجهاد يجاهد , يجاهد نفسه حتى لا ترد عليه الخواطر الرديئة في طلبه للعلم فلا يقصد المال ولا يقصد الجاه ولا يقصد الوظيفة وإنما يكون طلبه للعلم لله وما جاءه من المكافأة وما أشبه ذلك هذا يكون معينا له على طلب العلم لكن ما يكون هو الأساس فإذا طلب الإنسان العلم للدنيا فهذا أمر عظيم وخطير ولهذا جاء وثبت في الحديث الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة قارئ أو عالم ومتصدق ومجاهد فأما العالم أو القارئ فيوقف بين يدي الله فيقول الله : ماذا عملت فيقول يا ربي تعلمت فيك العلم وقرأت فيك القرآن يعني من أجلك فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ وقد قيل وليس لك إلا ذلك ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار ويؤتى بالمجاهد الذي قتل في المعركة فيوقف بين يدي الله فيقول الله ماذا عملت فيقول يا ربي قاتلت فيك حتى قتلت يعني شهيدا فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما فعلت ذلك ليقال شجاع ويقال جريء فقد قيل وليس لك إلا ذلك ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار ويؤتى بالمتصدق الذي أنفق ماله في المشاريع الخيرية وفي سبل الخيرات فيوقف بين يدي الله فيقول له ماذا عملت فيقول يا ربي ما تركت من سبيل تحب أن أنفق فيها إلا أنفقت فيها ابتغاء وجهك فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما فعلت ذلك ليقال جواد ويقال كريم فقد قيل وليس لك إلا ذلك ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار قال النبي ﷺ : ( فهؤلاء الثلاثة قال أبو هريرة هؤلاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة طيب ظاهر هذه الأعمال أنها أعمال صالحة ما الذي أوصلهم إلى هذه الحال ؟ النية السيئة يعني هذا العالم أو القارئ هذا صديق أصلا صديق لكن إذا صلحت نية صار من الصديقين ولكن ما الذي جعله أوصله إلى هذه الحالة النية السيئة النية السيئة ما قصد وجه الله وكذلك الذي قتل في المعركة لو صحت نيته لصار شهيدا ما الذي أوصله إلى هذه الحال سحب على وجهه حتى يلقى في النار النية السيئة وكذلك المتصدق هذا من الصالحين لو صحت نيته ما الذي أوصله إلى هذه الحالة؟ النية ولكن على الإنسان أن يجاهد الإنسان ويغالب الوساوس والخواطر الرديئة التي ترد على الإنسان حتى تصح النية قال بعض السلف : ( طلبنا العلم للدنيا فأبى إلا أن يكون لله ) لا بد من جهاد النفس ومدافعة الخواطر الرديئة والمجاهد موعود بالهداية قال الله تعالى: وَٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ فِینَا لَنَهۡدِیَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ وقال سبحانه : وَمَن جَـٰهَدَ فَإِنَّمَا یُجَـٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ونحن إن شاء الله في هذه الدورة سوف نشرح هذه الرسالة التي هي أصل السنة واعتقاد الدين هذا أصل السنة واعتقاد الدين للإمامين أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين وأبو حاتم وأبو زرعة كلاهما من أئمة الحديث من النقاد وهما على معتقد أهل السنة والجماعة وهذا يدل على أن المحدثين والأئمة كلهم على معتقد أهل السنة والجماعة ابن أبي حاتم يروي عنه ابنه هذه الرسالة وهو محمد بن عبد الرحمن ابن أبي حاتم أبو محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم هذا هو الذي يروي هذه الرسالة عن أبيه وهو متوفى سنة ثلاثمائة وسبع وعشرين للهجرة وأبو زرعة الرازي اسمه عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد محدث الري ولادته بعد نيف ومائتين ارتحل إلى مصر والحجاز والعراق والجزيرة وخرسان وكتب ما لا يوصف كثره يحفظ مائة ألف حديث هذا شيء عظيم وأما أبو حاتم الرازي فاسمه محمد بن إدريس بن منذر ولادته سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة قال ابنه سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول أبو زرعة وأبو حاتم إماما خرسان ودعا لهما وقال بقاؤهما صلاح المسلمين روى له الأربع إلا ابن ماجة ارتحل إلى البحرين ثم مصر ثم الرملة ثم دمشق ثم أنطاكيا وطرسوس رجع إلى حمص ثم إلى الرقة ثم إلى العراق كما قال عن نفسه ثم قال كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة قال أبو القاسم اللالكائي وجدت في كتاب أبي حاتم مما سمع منه يقول : مذهبنا هو اختيار أتباع رسول الله ﷺ وأتباعه والتابعين والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ولزوم الكتاب والسنة ونعتقد أن الله عز وجل على عرشه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وأن الإيمان يزيد وينقص ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض وبالمسألة في القبر و بالشفاعة ونترحم على جميع الصحابة ، قال الذهبي : يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يتبين عليه الورع والمخبرة بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنه جراح فهما إمامان في النقد والجرح والتعديل أبو حاتم وأبو زرعة وهما رازيان كلهم كلهما يقال أبو حاتم الرزاي وأبو زرعة الرازي فهما إمامان في الجرح والتعديل إمامان في الحديث وإمامان في السنة وإمامان من أئمة أهل السنة والجماعة فالمحدثون والفقهاء كلهم على معتقد أهل السنة والجماعة وهناك من الفقهاء المتأخرين من حصل له بعض الخلل في معتقده لكن الأئمة المعروفون بالإمامة هؤلاء حماهم الله سبحانه وتعالى من الانحراف كالأئمة الأربعة وغيرهم الإمام أحمد والإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أبي حنيفة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وإسحاق بن راهوية و أبو حاتم الرازي أبو زرعة الرازي وغيرهم فهم على معتقد أهل السنة والجماعة وهذه العقيدة عقيدة الإمامين الرازيين سميت أصل السنة واعتقاد الدين نبدأ إن شاء الله على بركة الله .. نعم ..
( المتن )
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ، اللهم اغفر لنا ولشيخنا أجمعين.
أصل السنة واعتقاد الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أي عبد الرحمن ابن أبي حاتم سألت أبي وأبا زرعة رضي الله عنهما عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ، فقالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم ، أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق
( الشرح )
قال عبد الرحمن ابن أبي حاتم قال معروف له التفسير المعروف كان ينقل عنه الحافظ ابن كثير رحمه الله في التفسير قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ، فالسائل عبد الرحمن ابن أبي حاتم كنيته أبو محمد يسأل أباه ويسأل أبا زرعة يسألهما عن أي شيء ؟ يسأل أباه وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين يسأل أباه وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك إذا السؤال موجه للإمامين الرازيين والسؤال موجه من الابن عبد الرحمن ابن أبي حاتم والمسؤول عنه مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدرك عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك إذا السائل طلب طلبا من الإمامين أن يذكرا له مذهب أهل السنة في أصول الدين أصول الدين يعني الدين هو العبادة الدين له معاني يطلق على العبادة كما قال سبحانه مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ ويطلق على الجزاء والحساب مثل مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ والمراد هنا الأمر الأول مذهب أهل السنة في أصول العبادة أصول العبادة ما يعتقده الإنسان الصلاة عبادة أصلها أن تعتقد أنها واجبة تعتقد أن الصلاة واجبة عقيدة لا بد من هذا وأنك تتعبد لله فالسؤال عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين يعني الاعتقاد الاعتقاد مثلا في الله الاعتقاد في الملائكة الاعتقاد في الكتب الاعتقاد في القرآن الاعتقاد في الصحابة الاعتقاد اعتقاد المسلم في الآخرة في الجزاء والحساب فهو يسأل عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ما أدركا عليه العلماء المراد العلماء الحق علماء أهل السنة والجماعة أهل البصيرة الذين نقلوه عمن سبقهم التابعين والتابعين وأتباعهم أتباع التابعين عن التابعين عن الصحابة والصحابة علموا هذا الاعتقاد من نبيهم عليه الصلاة والسلام ومن كتاب ربهم فهو عقيدة الأنبياء وعقيدة الرسل وعقيدة الصحابة وعقيدة العلماء لأن العلماء أهل البصيرة على الحق الله تعالى أنزل كتابه على نبيه الكريم والسنة وحي ثاني فيهما عقيدة المسلم فاعتقد الصحابة ما دل عليه كتاب الله وسنة الرسول ﷺ ثم اعتقده التابعون ثم اعتقده أتباع التابعين ثم اعقده العلماء والأئمة إلى يومنا هذا وهم أهل الحق وهم أهل السنة والجماعة الذين لزموا الحق بخلاف من انحرف عن ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وما اعتقده أهل الحق من العلماء وقبلهم التابعون والصحابة فهو يسأله عن العقيدة الحقة عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة الصحابة والتابعين الذي أدرك عليه العلماء ولهذا قال سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا الرازيان أبو زرعة وأبو حاتم : أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذاهبهم ما يأتي إذا هذه العقيدة التي أدرك عليه أهل الحق العلماء والعلماء إذا أطلقوا المراد بهم علماء أهل الحق علماء البصيرة علماء الشريعة العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله أهل الحق فقال أدركنا في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا لأن الصحابة انتشروا الصحابة رضوان الله عليهم لما فتحوا البلدان وغزوا المشركين وفتحوا بلادهم انتقلوا انتقلوا إليهم يعلمونهم دين الله وينشرون دين الله منهم من انتقل إلى مصر ومنهم من انتقل إلى الكوفة ومنهم من انتقل إلى البصرة ومنهم من انتقل إلى اليمن منهم من بقي في الحجاز فهم ذهبوا إلى هذه الأمصار ينشرون دين الله ويعلمون دين الله ولهذا قالا أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا يعني العلماء في الحجاز وعراقا العلماء في العراق ومصرا العلماء في مصر وشاما العلماء في الشام ويمنا العلماء في اليمن فكان من مذاهبهم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص هذه المسألة الأولى وهي مسألة الإيمان مسمى الإيمان فقالوا أدركنا الإيمان قول وعمل يزيد وينقص إذا هذه عقيدة أهل السنة والجماعة وهي عقيدة الصحابة والتابعين عقيدة العلماء والأئمة وهي التي دل عليها كتاب الله وسنة رسوله ﷺ الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والقول نوعان قول القلب وهو التصديق والإقرار وقول اللسان وهو النطق والعمل نوعان عمل القلب وهو النية والإخلاص والصدق والمحبة والرغبة والرهبة وعمل الجوارح كالصلاة والصيام والزكاة والحج فيكون مسمى الإيمان مكون من أربعة أشياء قول القلب وهو التصديق والإقرار بأن يعتقد في قلبه بأن الله تعالى هو المستحق للعبادة وأن الله أوجب عليه الواجبات وحرم عليه المحرمات يعتقد أن الله هو المستحق للألوهية وقول اللسان بأن ينطق بلسانه بأن يشهد بأن لا اله إلا الله يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعمل القلب النية والإخلاص والصدق والمحبة والمحبة حركة حركة تكون في القلب تبعث على العمل وعمل الجوارح كالصلاة والصيام والزكاة والحج كل هذه الأمور الأربعة داخلة في مسمى الإيمان هذا مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة ويعتقدون أن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والأدلة على هذا كثيرة قال الله تعالى في كتابه العظيم : إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِیَتۡ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُمۡ دَرَجَـٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ فالله تعالى أدخل في مسمى الإيمان وجل القلب عند ذكر الله وجلت قلوبهم وزيادة الإيمان عند تلاوة القرآن والتوكل على الله وإيقام الصلاة والإنفاق مما رزق الله كل هذه أدخلها في مسمى الإيمان أعمال القلوب وأعمال الجوارح قال سبحانه : إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ یَرۡتَابُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ يعني هم الصادقون في إيمانهم بخلاف العاصي فإنه ليس صادقا في إيمانه وقال سبحانه : فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان : الإيمان بضع وسبعون شعبة وفي رواية البخاري هذه رواية مسلم : الإيمان بضع وسبعون شعبة وفي رواية البخاري : و الإيمان بضع وستون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان إذا مسمى الإيمان شامل لما يعتقده الإنسان في قلبه ولما ينطق به بلسانه ولما يعمله بقبله ولما يعمله بجوارحه فالنبي ﷺ جعل الإيمان بضع وسبعون شعبة والبضع من ثلاثة إلى تسعة يعنى فوق السبعين حتى إن البيهقي رحمه الله تتبع هذه الشعب من الكتاب والسنة فأوصلها إلى أعلى البضع فأوصلها إلى تسع وسبعين وألف كتاب سماه شعب الإيمان وأوصلها إلى أعلى البضع والنبي ﷺ قال الإيمان بضع والنبي ﷺ قال : الإيمان بضع وسبعون شعبة وذكر أعلاها وأدناها فقال : أعلاها قول لا إله إلا الله كلمة التوحيد هي أعلى شعب الإيمان وأدناها إماطة الأذى عن الطريق وبين الأعلى والأدنى شعب متفاوتة منها ما يقرب من شعبة الشهادة ومنها ما يقرب من شعبة الإماطة فالصلاة شعبة والزكاة شعبة والصوم شعبة والحج شعبة والأمر بالمعروف شعبة والنهي عن المنكر شعبة وبر الوالدين شعبة وصلة الرحم شعبة والجهاد في سبيل الله شعبة وهكذا كلها داخلة في مسمى الإيمان والحياء قال النبي ﷺ والحياء شعبة من الإيمان الحياء خلق داخلي يبعث الإنسان على فعل المحامد وما يزينه وترك المذام وما يشينه فالنبي صلى الله عليه وسلم مثل بكلمة الشهادة أعلاها شعبة قوليه وإماطة الأذى شعبة عملية والحياء شعبة قلبية كلها داخلة في مسمى الإيمان وثبت أيضا في الصحيحين من حديث وفد عبد القيس الذين أسلموا قديما وجاؤوا إلى النبي ﷺ وقالوا يا رسول الله إنه بيننا وبينك شقة لأنهم كانوا في البحرين مجمع البحرين في الأحساء قالوا إنا لا نخلص إليك إلا في شهر حرام بيننا وبينك كفار مضر فمرنا بأمر فصل نعمل به ونخبر به من وراءنا فقال عليه الصلاة والسلام : آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع ثم قال آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله وحده شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمس ما غنمتم فسر الإيمان بأي شيء بالعمل فسره بالعمل فسر الإيمان آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله وحده فسره بالشهادة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأداء الخمس كلها داخلة في مسمى الإيمان وهذا فيه الرد على المرجئة الذين يقولون أن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان المرجئة قولهم باطل قولهم فاسد وصادم للنصوص سمعتم الآن النصوص صريحة في دخول الأعمال في مسمى الإيمان وأيضا الإيمان يزيد وينقص أهل السنة والجماعة يقولون الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية إذا فعل الإنسان الطاعة زاد إيمانه وإذا فعل المعصية نقص قال تعالى : وَإِذَا مَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ فَمِنۡهُم مَّن یَقُولُ أَیُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَـٰذِهِۦۤ إِیمَـٰنࣰاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَزَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَهُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ وقال سبحانه : هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا مَّعَ إِیمَـٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا وقال سبحانه : وَیَزۡدَادَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا والأدلة في هذا كثيرة زيادة الإيمان ونقصانه والآثار عن الصحابة منها أن الصحابة يقول أحدهم اجلس بنا نؤمن ساعة فيذكرون الله ويقرؤون القرآن فيزداد إيمانهم وأما المرجئة فإنهم خالفوا النصوص واعتقدوا خلاف ما دلت عليه النصوص والمرجئة فرق فرق أربع, أربع فرق الفرقة الأولى المرجئة الغلاة الجهمية المرجئة الغلاة جهمية المرجئة الذين يقولون إن الإيمان معرفة الرب بالقلب والكفر جهل الرب بالقلب فمن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن ومن جهل ربه بقلبه فهو كافر هذا مذهب الجهم بن صفوان مذهب الجهمية أن الإيمان مجرد معرفة الرب بالقلب والكفر جهل الرب بالقلب والأعمال غير مطلوبة إذا عرف ربه بقلبه فهو مؤمن ولو ترك جميع الواجبات وفعل جميع المحرمات فلا يضره بعد ذلك بل لو فعل جميع أنواع الردة يكفيه أن يكون عرف ربه بقلبه هذا أفسد تعريف لمسمى الإيمان هو هذا التعريف هذا التعريف أفسد تعريف وأقبح تعريف هو هذا التعريف وهو تعريف كفري وعلى هذا المذهب مذهب الجهم يقول وهؤلاء على هذا المذهب تكون الأعمال غير مطلوبة أو غير واجبة فهذا المذهب الفاسد ألزمه العلماء بهذا التعريف أن إبليس مؤمن على هذا التعريف لأن إبليس يعرف ربه بقلبه قال الله تعالى : قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ وإبليس ما قابل أمر الله بالإنكار وإنما قابله بالإباء والاستكبار ما قابله بالجهل ما قابل أمر الله بالجهل يعرف أمر الله ولكنه قابله بالإباء والاستكبار فيكون على تعريف الجهم يكون إبليس مؤمن ويكون فرعون مؤمن أيضا على تعريف الجهم لأن فرعون يعرف ربه بقلبه قال الله تعالى على فرعون : وَجَحَدُوا۟ بِهَا وَٱسۡتَیۡقَنَتۡهَاۤ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمࣰا وَعُلُوࣰّاۚ وقال الله عن موسى أنه قال لفرعون : لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَاۤ أَنزَلَ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَاۤىِٕرَ وَإِنِّی لَأَظُنُّكَ یَـٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورࣰا فيكون مؤمن واليهود على تعريف الجهم يكونون مؤمنين لأنهم يعرفون صدق النبي ﷺ ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا یَعۡرِفُونَ أَبۡنَاۤءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنۡهُمۡ لَیَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ ويكون أبو طالب الذي مات على الشرك كما في الحديث الصحيح قال هو على ملة عبد المطلب يكون مؤمن على مذهب الجهم لأنه يعرف ربه بقلبه قال في قصيدته المعروفة ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا بل إن العلماء قالوا إن الجهم كافر بتعريفه هو لأنه ما عرف ربه هو أجهل الناس بربه فيكون كافرا بشهادته على نفسه بهذا التعريف الذي عرفه يشمله هو يكون كافرا والعياذ بالله هذا أفسد ما قيل في تعريف الإيمان ويقال لهم المرجئة المحضة يقال لهم المرجئة الغلاة والجهمية والجهم بن صفوان هذا تزعم كما أنه تزعم هذا المذهب مذهب الإرجاء فهو أيضا يتزعم مذهب عقيدة نفي الصفات عقيدة نفي الصفات هو إنكار الأسماء والصفات نفي أسماء الله وصفاته كما أنه يتزعم عقيدة الإرجاء ويتزعم عقيدة الجبر يقول بأن العبد مجبور على أفعاله وأنه ليس له اختيار وكما أنه أيضا كذلك يقول بفناء الجنة والنار اشتهر الجهم بأربع عقائد عقيدة نفي الصفات وعقيدة الإرجاء وعقيدة الجبر و عقيدة القول بفناء الجنة والنار والعياذ بالله والجهمية كفرهم خمسمائة عالم خمسمائة عالم كفروا الجهمية كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله في الكافية ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان واللالكائي الإمام حكاه عنهم بل قد حكاه قبله الطبراني ، خمسون في عشر إذا ضربت خمسين في عشر خمسمائة العقيدة الطائفة الثانية من طوائف المرجئة الكرامية الذين يقولون أن الإيمان مجرد النطق باللسان فإذا نطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان ولو كان مكذبا بقلبه فقالوا إذا نطق بلسانه وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو مؤمن كامل الإيمان وإن كان مكذبا بقلبه فهو يخلد في النار أيضا فيكون مؤمنا كامل الإيمان لكونه نطق بلسانه ويخلد في النار لكونه كذب بقلبه فيجمعون بين الأمرين المتناقضين فيلزم على مذهبهم أن المؤمن الكامل الإيمان يخلد في النار والتزموا بهذا وهذا يلي مذهب الجهم في الفساد مذهب الجهم يقول الإيمان المعرفة في القلب فقط والكرامية يقولون الإيمان هو النطق باللسان فقط وهذا من أبطل الباطل الله تعالى يقول : وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِینَ هل نفعهم الإيمان ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الأخر بألسنتهم وما هم بمؤمنين بقلوبهم وقال سبحانه : إِذَا جَاۤءَكَ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ قَالُوا۟ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ یَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ لَكَـٰذِبُونَ وهذا يلي مذهب الجهم في الفساد كيف يكون مؤمن بمجرد النطق باللسان ولو كان مكذبا بقلبه ؟ وكيف يجمعون بين أمرين متناقضين؟ كيف يسمونه مؤمن كامل الإيمان وإذا كان مكذبا يخلدونه في النار؟ هذا مصادم للنصوص وهو يلي مذهب الجهم في الفساد الطائفة الثالثة الماتوريدية والأشاعرة مذهب الماتوريدية والأشاعرة وهو أن الإيمان التصديق بالقلب فقط الإيمان هو التصديق بالقلب هذا مذهب الماتوريدية والأشاعرة وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله الطائفة الرابعة مرجئة الفقهاء يقولون الإيمان شيئان تصديق القلب والإقرار باللسان وهذه هي الرواية المشهورة التي عليها أكثر أصحاب الإمام أبي حنيفة ولكن هذه الطائفة الرابعة مرجئة الفقهاء طائفة من أهل السنة إلا أنهم خالفوا الجمهور خلافا لفظيا إلا أن هذا الخلاف اللفظي له آثار تترتب عليه فمرجئة الفقهاء يقولون الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وأما الإعمال فلا تدخل في مسمى الإيمان لكنها مطلوبة الواجبات واجبات والمحرمات محرمات ومن فعل الواجب أثابه الله من فعل الواجب أثابه الله واستحق المدح ومن فعل المحرمات فهو متعرض لعقوبة الله وسخطه ويقام عليه الحد إذا كانت هذه المعصية رتبت على حد لكن يقول لا نسميها إيمان نسميها بر نسميها تقوى نسميها هدى ولا نسميها إيمان فهم وافقوا أهل السنة جمهور السنة في المعنى وخالفوهم في اللفظ وأول من قال بأن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان حماد بن سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة ثم تبعه الإمام أبو حنيفة فقالوا الإيمان شيئان النطق تصديق القلب والإقرار باللسان والأعمال مطلوبة لكنها ليست من الإيمان فأما جماهير أهل السنة والجماعة فقالوا كما سبق الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالقلب وعمل بالجوارح ونسميها نسمي الأعمال إيمان ونسميها هدى ونسميها تقوى ونسميها بر ومرجئة الفقهاء يقولون نسميها بر وتقوى ولا نسميها إيمانا وقالوا الإنسان عليه واجبان واجب الإيمان وواجب العمل فهم طائفة من أهل السنة كما قر الطحاوي رحمه الله في الطحاوية قال الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب لكن الخلاف له ثمرة وإن كان وافقه أهل السنة في القول بأن الأعمال مطلوبة لكن له آثار تترتب عليه منها أن جماهير أهل السنة وافقوا الكتاب والسنة في اللفظ والمعنى فقالوا الأعمال نسميها إيمانا ومرجئة الفقهاء وافقوا الكتاب والسنة في المعنى وخالفوهما في اللفظ ولا يجوز للإنسان أن يخالف الكتاب والسنة لا في اللفظ ولا في المعنى بل الواجب على الإنسان أن يتأدب مع الشريعة مع كتاب الله وسنة رسوله فما سماه الله إيمانا نسميه إيمانا ومن الآثار التي ترتبت على خلاف مرجئة الفقهاء وإن كانوا طائفة من أهل السنة والجمهور أنهم فتحوا باب للمرجئة المحضة وهم الجهمية فلما قالوا إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان فتحوا بابا فولج منه المرجئة المحضة فقالوا ليست مطلوبة الأعمال من الذي فتح لهم الباب مرجئة الفقهاء لما قالوا أنها ليست من الإيمان قال المرجئة المحضة ليست مطلوبة ولا يجب على الإنسان العمل ثالثا من الآثار التي تترتب على خلاف مرجئة الفقهاء لجماهير أهل السنة فتح الباب للفسقة للفساق فتحوا باب للفساق لأن مرجئة الفقهاء يقولون الإيمان شيء واحد وهو التصديق في القلب فعلى ذلك فإيمان العاصي وإيمان المطيع واحد بل أنهم قالوا إيمان أهل السماء وأهل الأرض واحد هو التصديق كل مصدق فتحوا بابا للفساق فيأتي السكير العربيد فيقول أنا مؤمن كامل الإيمان إيماني كإيمان جبريل وميكائيل كإيمان أبي بكر وعمر فإذا قيل للفاسق أبو بكر وعمر له أعمال عظيمة ما تقوم به قال مالي دعوة بالأعمال ليس لنا دعوة في الأعمال هو مصدق وأنا مصدق أبو بكر مصدق وأنا مصدق فإيماني كإيمان أبي بكر وهذا فتح باب للفساق كيف السكير العربيد الفاسق يكون إيمانه كإيمان أبي بكر وعمر؟ إيمان أبي بكر لو وزن بإيمان أهل الأرض لرجح ,والأمر الرابع من الآثار التي ترتبت على خلاف مرجئة الفقهاء لأهل السنة وإن كانوا طائفة من أهل السنة الاستثناء مسألة الاستثناء في الإيمان وهو القول أنا مؤمن إن شاء الله فمرجئة الفقهاء يمنعون الاستثناء في الإيمان يقولون لا تستثني لا تقول أنا مؤمن إن شاء الله بل إن من قال أنا مؤمن إن شاء الله شاك في دينه يقولون أنت شاك في دينك تشك في دينك ؟ تعلم من نفسك أنك مصدق كيف تشك تعلم من نفسك أنك مصدق وتعلم كما أنك تعلم أنك قرأت القرآن وكما تعلم أنك تحب الرسول عليه الصلاة والسلام وكما تعلم انك تبغض اليهود فلا تشك ولهذا من استثنى في إيمانه يسمونه شاك يسمونه الشكاكة يسمونها الشكاكة لا تقل أنا مؤمن إن شاء الله تقول أنا مؤمن جزم , أنت تعلم أنك مصدق فلا تستثني وأما جمهور أهل السنة قالوا لا المسألة فيها تفصيل إن كان الإنسان مقصوده الشك في أصل إيمانه هذا ممنوع أما إذا أراد الإنسان أن الأعمال والواجبات متشعبة ومتعددة وأن الإنسان لا يزكي نفسه ولا يجزم بأنه أدى ما عليه فإنه يستثني في هذه الحالة فيقول أنا مؤمن إن شاء الله وهذا راجع إلى الأعمال فأنا ما أزكي نفسي ولا أجزم أني أديت ما علي فالنقص حاصل فأنا أقول أنا مؤمن إن شاء الله وكذلك إذا أراد التبرك بذكر اسم الله فيقول أنا مؤمن إن شاء الله قال الله تعالى : لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ ءَامِنِینَ وهو محقق فأتى بالاستثناء وكذلك إذا أراد عدم علمه بالعاقبة وبهذا يتبين أن عقيدة أهل السنة والجماعة جماهير أهل السنة والجماعة هو الحق هي الحق الموافق للكتاب والسنة وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح .. طيب هذا الشرح كله على قول الرازي الإيمان قول وعمل يزيد وينقص على هذه الجملة بعد ذلك ننتقل للجملة التي بعدها .. نعم
( المتن )
والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته.
( الشرح )
والقران كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته ، قبل أن ننتقل عن الجملة السابقة أو المبحث السابق مبحث الإيمان يقابل الإيمان الكفر.