شعار الموقع

شرح كتاب الجنايات من سبل السلام_4

00:00
00:00
تحميل
74

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

الْقِصَاصُ بِالْمِثْقَلِ.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ بِك هَذَا فُلَانٌ فُلَانٌ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِالْمِثْقَلِ كَالْمُحَدَّدِ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ بِمَا قُتِلَ بِهِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

الْأُولَى: وُجُوبُ الْقِصَاصِ بِالْمُثَقِّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ ظَاهِرٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ صِيَانَةُ الدِّمَاءِ مِنْ الْإِهْدَارِ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ بِالْمِثْقَلِ كَالْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ فِي إزْهَاقِ الرُّوحِ, وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي الْقَتْلِ بِالْمِثْقَلِ وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا «كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ».

وَفِي لَفْظٍ «كُلُّ شَيْءٍ سِوَى الْحَدِيدَةِ خَطَأٌ وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَدَارُهُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِمَا، فَلَا يُقَاوِمُ حَدِيثَ أَنَسٍ هَذَا وَجَوَابُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِأَنَّهُ حَصَلَ فِي الرَّضِّ الْجُرْحُ، أَوْ بِأَنَّ الْيَهُودِيَّ كَانَ عَادَتُهُ قَتْلَ الصِّبْيَانِ، فَهُوَ مِنْ السَّاعِينَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا تَكَلُّفٌ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ بِآلَةٍ لَا يُقْصَدُ بِمِثْلِهَا الْقَتْلُ غَالِبًا كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ وَاللَّطْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَاللَّيْثِ وَمَالِكٍ يَجِبُ الْقَوَدُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ. وَفِيهِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ فِيهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ إلَّا التِّرْمِذِيَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا، وَإِنَّ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ فِيهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ فِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ.

قُلْت إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ، فَقَدْ اتَّضَحَ الْوَجْهُ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْآلَةِ فِي إزْهَاقِ الرُّوحِ بَلْ مَا أَزْهَقَ الرُّوحَ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَتْلُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ: ذَهَبَ إلَى قَتْلِهِ بِهَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْأُنْثَى وَكَأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى}[البقرة/ 178] وَرُدَّ بِأَنَّهُ ثَبَتَ إلَّا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ أَنَّ الذَّكَرَ يُقْتَلُ بِالْأُنْثَى، فَهُوَ أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الْآيَةِ.

وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقَادُ بِالْمَرْأَةِ وَيُوَفَّى وَرَثَتُهُ نِصْفَ دِيَتِهِ قَالُوا: لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الدِّيَةِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة/ 45] وَرُدَّ بِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الدِّيَةِ لَا يُوجِبُ التَّفَاوُتَ فِي النَّفْسِ وَلِذَا يُقْتَلُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، وَقَدْ وَقَعَتْ الْمُسَاوَاةُ فِي الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْجُرُوحِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْمُقْتَصُّ عَلَى مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الْجُرْحِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْقَوَدُ بِمِثْلِ مَا قُتِلَ بِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل/ 126] وَقَوْلِهِ: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة/ 194] وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَرَّضَ غَرَّضْنَا لَهُ وَمَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» أَيْ مَنْ اتَّخَذَهُ غَرَضًا لِلسِّهَامِ، وَهَذَا يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ السَّبَبُ الَّذِي قُتِلَ بِهِ يَجُوزُ فِعْلُهُ, وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ كَمَنْ قُتِلَ بِالسِّحْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ.

(الشرح)

وَكَذَلِكَ: «من حرق حرقناه» الصواب: أن هَذِه اللفظة ما تدل عن صحة الحديث, لَكِنْ الحديث ثبت في الصحيح أن النَّبِيِّ r قَالَ: «لا يعذب بالنار إِلَّا رب النار» فلا يُحرق, من حرق بالنار لا يُحرق, ومن قتل بفعل اللواط أو قتل بشرب الخمر لا يُقتل بالشيء المحرم.

(المتن)

وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إذَا قَتَلَ بِاللِّوَاطِ، أَوْ بِإِيجَارِ الْخَمْرِ أَنَّهُ يَدُسُّ فِيهِ خَشَبَةً وَيُوجِرُ الْخَلَّ وَقِيلَ: يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ الِاقْتِصَاصُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ طُرُقُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَاحْتَجُّوا بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِمَا ذُكِرَ.

وَفِي قَوْلِهِ (فَأَقَرَّ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي الْإِقْرَارُ مَرَّةً وَاحِدَةً إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ كَرَّرَ الْإِقْرَارَ.

(الشرح)

وفيه: العمل بالإشارة, هَذِه ما أشار إليها الشارح ويؤخذ بها الجاني عَلَى أنها تهمة؛ لان النَّبِيِّ r عمل بإشارة الجارية.

فإن قيل: مرة واحدة ولا عدة مرات الإشارة؟.

هذا في الزنا الإقرار بالزنا أربع مرات وغيره مرة واحدة.

(المتن)

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: «أَنَّ غُلَامًا لِأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ غُلَامٍ لِأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ شَيْئًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الْفَقِيرِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْغُلَامِ فِيهِ الْمَمْلُوكَ فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ، فَهُوَ يَدُلُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ جِنَايَتَهُ كَانَتْ خَطَأً، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ فَأَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ، وَقَدْ حَمَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ كَانَ حُرًّا وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَكَانَتْ عَاقِلَتُهُ فُقَرَاءَ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا إمَّا لِفَقْرِهِمْ وَإِمَّا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ الْجِنَايَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَمْلُوكًا كَمَا فِي الْبَيْهَقِيّ وَقَدْ يَكُونُ الْجَانِي غُلَامًا حُرًّا غَيْرَ بَالِغٍ وَكَانَتْ جِنَايَتُهُ عَمْدًا فَلَمْ يَجِدْ أَرْشَهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَانَ فَقِيرًا فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ أَوْ رَآهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَوَجَدَهُمْ فُقَرَاءَ فَلَمْ يَجْعَلْهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِ جِنَايَتِهِ فِي حُكْمِ الخطأ، وَلَا عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ فُقَرَاءَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ يَجْعَلْ أَرْشَهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَمْدَ الصَّغِيرِ يَكُونُ فِي مَالِهِ، وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَهُوَ (أَوْ رَآهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) يَعْنِي مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ خَطَأٌ، وَهَذَا اتِّفَاقٌ وَمَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ عَمْدٌ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ, وبالجملة: فلابد من احتمالٍ للحديث كما لا يخفى.

(الشرح)

فإن قيل: قرار كبار العلماء في مسألة البنج, قَالَ الشيخ محمد بْنُ إبراهيم آل الشيخ: ويدل عَلَى أن القاتل يُقتل بمثل ما قتل بِهِ مثقلًا كَانَ أو محددًا, وقد اختلف العلماء في ذلك, فذهب الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة واختاره شيخ الإسلام إِلَى أن الجاني يُقتل بمثل ما قتل بِهِ إن كَانَ مثقلًا فيُقتل بمثقل, وإن كَانَ محددًا فبمثله, واستدلوا بقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}[النحل/126], وعملًا بهذا الحديث الصريح الصحيح.

وهو رواية في مذهب أحمد, وذهب الإمام أحمد في المشهور من مذهبه إِلَى أَنَّه لا يجوز أن يُستوفى قصاصٌ إِلَّا بآلة ماضية كسيفٍ وسكين لما جاء في صحيح مسلم: «إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وليُحد أحدكم شفرته».

ثم ذكر قرار هيئة كبار العلماء بشأن استعمال المخدر في القصاص, ثم ذكر أَنَّه بشأن مسالة تنفيذ القصاص فيما دون النفس, قَالَ: الَّتِي صدر فيها قرار الهيئة القضائية المتضمن أن الهيئة القضائية لا ترى أن يتم القصاص تَحْتَ تأثير مخدر البنج ولو كَانَ موضعيًا؛ لأنه لا يحصل باستيفاء القصاص مع المخدر التشفي للمجني عليه من الجاني فتفوت حكمة القصاص لفوات إحساس المقتص منه بالآلام الَّتِي أحس بها المجني عليه عند وقوع الجناية كما صدر الْأَمْرِ المبني عَلَى قرار مجلس القضاء الأعَلَى لهيئته الدائمة؛  لِأَنَّهُ ينبغي إنفاذ القصاص بواسطة مختص يؤمن من جانبه الحيف من أهل الطب, أما إنفاذ الحدود كقطع اليد والرجل فقد سبق أن صدر قرار مجلس القضاء بهيئته الدائمة المتضمن: أَنَّه لم يظهر للمجلس ما يمنع من استعمال البنج عند قطع اليد والرجل في الحدود وهذا ما يخص القطع بالحدود الحق العام.

ثم ذكر: أن سمو أمير منطقة الرياض أشار إِلَى أن الوضع يتطلب استصدار فتوى بإجازة استعمال البنج بالقطع بالقصاص أسوة بالحدود لضمان عدم التجاوز, وإنفاذًا للأمر المشار إليه من إجراء القطع من قِبل أهل الطب وهم لا ينفذون العمليات إِلَّا تَحْتَ تأثير البنج, ويرى سمو وزير الداخلية تأييدًا لما رآه سمو أمير منطقة الرياض إحالة الْأَمْرِ لمجلس هيئة كبار العلماء باستصدار فتوى بِذَلِكَ ونرغب إليكم.

وقد اطلع المجلس عَلَى البحث المعد في ذلك, وبعد الدراسة والمناقشة وتداول الرأي قرر المجلس بالأكثرية جواز استعمال مخدر البنج عند القصاص فيما دون النفس إذا وافق صاحب الحق وهو المجني عليه, وبالله التوفيق.

حديث عمران فيهِ زيادة؟.

فإن قيل: أشار إِلَى أن الأحسن أن يقال: غلام صغير.

ولفظ كلمة غلام يطلق عَلَى البالغ وعلى غير البالغ.

فإن قيل: يقول: وفيه أن اتباع الشرع هو الخير والبركة في الحال والمآل.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد