شعار الموقع

شرح كتاب الجنايات من سبل السلام_7

00:00
00:00
تحميل
75

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَ، وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَوْصُولًا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَجَّحَ الْمُرْسَلَ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ، وَقَالَ: أَنَا أَوْلَى مَنْ وَفَى بِذِمَّتِهِ» أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَكَذَا مُرْسَلًا، وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِذِكْرِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ، وَإِسْنَادُ الْمَوْصُولِ وَاهٍ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُتِلَ غُلَامٌ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ أَوْ يَقْتُلُوا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ.

(الشرح)

هَذِه الأحاديث الأربعة بقية لأحاديث كتاب القصاص كلها تتعلق بالقصاص والدية.

الحديث الأول: حديث اِبْن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَ، وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ», (رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَوْصُولًا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ).

هذا الحديث فيهِ: دليل عَلَى أنه إذا أمسك رجلٌ شخصًا لرجل آخر يقتله فَإِن الذي قتله يُقتل والذي أمسكه يُحبس حتى يموت؛ هذا إذا أمسكه ليقتله, وهذا الجزاء من جنس العمل.

الحديث الثاني: حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ، وَقَالَ: أَنَا أَوْلَى مَنْ وَفَى بِذِمَّتِهِ» هذا الحديث اُختلف في وصله ووقفه لَكِنْ الموصول واحد, الصواب: أَنَّه ليس بموصول والحديث ضعيف فيهِ: عبد الرحمن بْنُ البيلماني, وفيه: إبراهيم بْنُ سعد أيضًا كذلك ضعيف, فالحديث ضعيف ولا يُحتج بِهِ والعمدة عَلَى الأحاديث الصحيحية عن أبي جُحيمة عن علي رضي الله عنه أن النَّبِيِّ r قَالَ: «لا يُتقل مسلم بكافر» وهذا هو الصواب أن اَلْمُسْلِم لا يُقتل بكافر سواء كَانَ معاهد أو غير معاهد, وكونه لا يُقتل لا يمنع أن يُعذر بما يراه الحاكم من الحبس والجلد لَكِنْ لا يُقتل بِهِ لَكِنْ يُعذر عَلَى كونه قتله, أما القتل فلا يُقتل بِهِ  لِأَنَّهُ ليس مكافئًا له وللحديث الصحيح في البخاري: «لا يُقتل مسلمٌ بكافر».

الحديث الثالث: حديث اِبْن عمر رضي الله عنه قَالَ: «قُتِلَ غُلَامٌ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وهو قُتل غيلة يَعْنِي: سرًا, وهذا الحديث له قصة وهو أن امرأة في اليمن في صنعاء غاب زوجها فاتخذت خليلًا وكان زوجها قد ترك غلامًا له من غيرها, فقالت المرأة للخليل: هذا الغلام يفضحنا فلو قتلناه؛ فامتنع من قتله فمنعت نفسها منه فطاوعها واشترك في قتل هذا الغلام الرجل, ورجلٌ آخر, والمرأة, فرُفعت القضية إِلَى عمر رضي الله عنه, فقتلهم بِهِ قصاصًا وقال: «لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ» والحديث دليل عَلَى جواز قتل الجماعة بالواحد وهذا هو الصواب الذي قرره جماهير الفقهاء أَنَّه يُقتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله, وقال بعض العلماء: لا يُقتلوا وإنما إذا قتل جماعة واحد فَإِن أولياء القتيل يختارون واحدًا فيقتلونه, وقيل: لا يُقتل الجماعة وَإِنَّمَا يدفعون الدية, وفي المسألة أقوال أخرى, والصواب: ما دل عليه الحديث وما فعله عمر رضي الله عنه أن الجماعة يُقتلون بالواحد وهو داخلٌ في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة/179].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة/178], فالقاتل يقتل سواء كَانُوا واحدًا أو جماعة, وهذا هو الصواب الذي دلت عليه النصوص.

الحديث الرابع: حديث أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ أَوْ يَقْتُلُوا», (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ).

  • الحديث فيهِ دليل عَلَى أن أولياء القتيل يخيرون بين أمرين:

الأول: إما القصاص.

الثاني: وإما الدية.

العقل: الدية, سميت الدية عقل لِأَنّ عصبة القاتل يأتون بدية والدية مائة من الإبل ويعقرونها عند باب أولياء القتيل وسميت عقل؛  لِأَنَّهُم يعقلونها, والعقل: هو ربط يد البعير, فإما أن يقبلوا العاقلة وإما أن يقتصوا, فهم بين خيارين, وهذا في القتل العمد أما قتل الخطأ فليس بِهِ قصاص, ودلت النصوص أيضًا عَلَى أمرٍ ثالث وهو العفو مجانًا يجوز لهم أن يعفو مجانًا, فيخيرون بين: أن يعفو مجانًا, وبين أن يأخذوا دية, وبين أن يقتصوا, وهل لأولياء القتيل أن يصطلحوا مع القاتل عَلَى أكثر من الدية؟

فيهِ خلاف؛ من العلماء من قَالَ: أَنَّه لم أن يأخذوا أكثر من الدية وهذا هو الموجود الآن في العصر الحاضر نسمع أن أولياء القتيل طلبوا سبعة ملايين, وما أشبه ذلك عَلَى هذا القول وهو وجه مروي عن الإمام أحمد, وقول جماعة, والقول الثاني: أنه ليس لهم أكثر من الدية إما أن يأخذوا الدية أو أقل منها, وهذا هو الأرجح دليلًا, ولا ينبغي لهم أن يطلبوا أكثر فهم إما أن يعفو عنه إِلَى الدية ويطلبوا الأجر من الله, وإما أن يقتصوا, أما كونهم يطلبون ملايين هذا تعجيز وإيذاء للقاتل وأولياءه.

فعلى أولياء القتيل أن يُحسنوا في هذا, إذا أرادوا العفو عَلَيْهِمْ الإحسان, أما طلب ملايين هذا تعجيز وإيذاء, والله تعالى يقول: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة/178].

فإن قيل: (...)؟.

ليس للإنسان أن يقتص من نفسه, إذا صارت مفاوضة يتعاون معهم في تخفيف الشر ولا يفعل شَيْئًا من نفسه, والحدود والقصاص إِلَى ولي الْأَمْرِ, وَكَذَلِكَ غير القصاص إذا كَانَ له حق مالي يطالب بحقه ويأخذ ماله وحقه ولا يزيد؛ لِأَنّ هذا يؤدي إِلَى الفوضى لو كَانَ كل إنسان وُكل إِلَى القصاص أو إقامة الحدود لصارت المسألة فوضى, وصار كلٌ يدعي أَنَّه قتل قتيله ويقتص منه, ويدعي أَنَّه ارتكب حدًا فيقيم عليه الحد وتكون المسألة فوضى.

(المتن)

قَالَ الْحَافِظُ بْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قُلْت إشَارَةٌ إلَى إسْنَادِ الدَّارَقُطْنِيِّ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد الْحَفَرِيِّ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مَا رَوَاهُ غَيْرُ أَبِي دَاوُد الْحَفَرِيِّ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ مُرْسَلًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُمْسِكِ سِوَى حَبْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ مُدَّتِهِ فَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ، وَأَنَّ الْقَوَدَ، أَوْ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِلْحَدِيثِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة/ 194] وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ جَمِيعًا إذْ هُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي قَتْلِهِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا الْإِمْسَاكُ مَا قُتِلَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّصَّ مَنَعَ الْإِلْحَاقَ، فَإِنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ الْحَافِرِ لِلْبِئْرِ وَالْمُرْدِي إلَيْهَا، فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ اتِّفَاقًا.

(الشرح)

يَعْنِي: لو حفر شخصًا بئرًا ثم جاء إنسان ودفعه حتى سقط في البئر ومات من تكون الدية عَلَى الحافر ولا عَلَى المردي اللي دفعه؟ عَلَى الذي دفعه؛ لِأَنّ هذا متسبب وهذا مباشر, والمباشر مقدم, كذلك لو حفر إنسان بئر ثم جاء إنسان ووقف عليها ووضع إنسانٌ في آخر البئر سكين ثم جاء ثالث ودفع الواقف عليها فسقط عَلَى السكين فقُتل, عَلَى من يكون الضمان؟ عَلَى المردي أو عَلَى واضع السكين أو عَلَى حافر البئر؟ حافر البئر لاشك أن هذا متسبب, وواضع السكين هذا يُنظر هل قتله بالسقوط أو بالسكين, واللي وضع السكين أيضًا كذلك متسبب, وإذا وُجد سببٌ مباشر قُدم المباشر, لَكِنْ القول: بأنه يُحبس حتى يموت هذا جزاء من جنس العمل مثلما فعل, نُمسكه كما أمسك ولا نقتله  لِأَنَّهُ لم يقتل.

(المتن)

وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ الْآتِيَ دَلِيلٌ لِلْأَوَّلِينَ.

 (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، فَلَا يُحْتَجُّ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ إذَا وُصِلَ فَكَيْفَ إذَا أُرْسِلَ فَكَيْفَ إذَا خَالَفَ, وَفِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي لَيْلَى ضَعِيفٌ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ، وَقَالَ: أَنَا أَوْلَى مَنْ وَفَى بِذِمَّتِهِ» أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَكَذَا مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِذِكْرِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ وَإِسْنَادُ الْمَوْصُولِ وَاهٍ, تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْحَدِيثِ قَرِيبًا.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُتِلَ غُلَامٌ غِيلَةً بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ سِرًّا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ» أخرجه البيهقي وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ "قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِرَجُلٍ ". وَأَخْرَجَهُ فِي الْمُوَطَّإِ بِسَنَدٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ" أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً، وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ جَمِيعًا ".

وَلِلْحَدِيثِ قِصَّةٌ أَخْرَجَهَا الطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ امْرَأَةً بِصَنْعَاءَ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ فِي حِجْرِهَا ابْنًا لَهُ مِنْ غَيْرِهَا غُلَامًا يُقَالُ لَهُ أَصِيلٌ فَاِتَّخَذَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ زَوْجِهَا خَلِيلًا، فَقَالَتْ لَهُ إنَّ هَذَا الْغُلَامَ يَفْضَحُنَا فَاقْتُلْهُ فَأَبَى فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَطَاوَعَهَا فَاجْتَمَعَ عَلَى قَتْلِ الْغُلَامِ الرَّجُلُ وَرَجُلٌ آخَرُ وَالْمَرْأَةُ وَخَادِمُهَا فَقَتَلُوهُ ثُمَّ قَطَّعُوهُ أَعْضَاءً وَجَعَلُوهُ فِي عَيْبَةٍ وَطَرَحُوهُ فِي رَكِيَّةٍ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ, وَفِيهَا فَأُخِذَ خَلِيلُهَا فَاعْتَرَفَ ثُمَّ اعْتَرَفَ الْبَاقُونَ فَكَتَبَ يَعْلَى وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ بِشَأْنِهِمْ إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بِقَتْلِهِمْ جَمِيعًا، وَقَالَ وَاَللَّهِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ لَقَتَلْتهمْ أَجْمَعِينَ".

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ رَأْيَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ كُلُّ وَاحِدٍ وَلِذَا قُلْنَا إنَّ فِيهِ دَلِيلًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَوْلُ عُمَرَ: لَوْ تَمَالَأَ أَيْ تَوَافَقَ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ, وَفِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ مَذَاهِبُ.

(الشرح)

ويؤيد قتل الجماعة بالواحد ثمود الذين أرسل الله لهم صالح نبي الله وأعطاهم الناقة آية: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس/13]؛ يَعْنِي: اتركوها وذروها تأكل من أرض الله, فقتلوها, والذي قتلها واحد وهو قدار بْنُ سالف والباقي تمالئوا وأقروه, قَالَ الله: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا}[الشمس/14], فنسب العقر إليهم جميعًا والذي عقر واحد لَكِنْ الباقي تمالئوا وأقروا واتفقوا.

فكذلك لو اجتمع جماعة عَلَى شخص واتفقوا عَلَى ذلك وباشر القتل واحد يُقتلون جميعًا؛  لِأَنَّهُم كلهم قتلة, ولهذا قَالَ عمر رضي الله عنه: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم بِهِ» وهذا هو أصح الأقوال والمسألة فيها مذاهب كما ذكر الشارح.

فإن قيل: (...)؟.

كلهم باشروا واتفقوا وَلَكِن قتله واحد والباقي تمالئوا عليه بحيث أن كل واحد يشارك بما يستطيع, وهذا أمسك واكتفى بالإمساك, يَعْنِي: فيهِ نوع لَكِنْ كأن هذا خاص بالاثنين, إذا أمسك أحدهما وقتل الآخر يُقتل هذا ويُمسك هذا, وحديث اِبْن عمر الثاني هذا خاص بالجماعة كأن ثلاثة أو أكثر تمالئوا عَلَى قتله يُقتلون, كلهم يشاركون هذا برأيه, وهذا بقوله, وهذا بإمساكه, وهذا ما فيهِ إِلَّا اثنان واحد أمسك والثاني قتل, فكلٌ منهما يعامل بمثل صنيعه فالقاتل يُقتل والممسك يُمسك ويُحبس.

(المتن)

الْأَوَّلُ: هَذَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاهِيرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ "عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ أَتَيَاهُ بِآخَرَ، فَقَالَا هَذَا الَّذِي سَرَقَ وَأَخْطَأْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَمْ يُجِزْ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَغْرَمَهُمَا دِيَةَ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعَتْكُمَا"، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالنَّفْسِ.

وَالثَّانِي: لِلنَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَخْتَارُ الْوَرَثَةُ وَاحِدًا مِنْ الْجَمَاعَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ قُتِلَ وَيُلْزَمُ الْبَاقُونَ الْحِصَّةَ مِنْ الدِّيَةِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْكَفَاءَةَ مُعْتَبَرَةٌ، وَلَا تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ كَمَا لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُقْتَلُوا لِصِفَةٍ زَائِدَةٍ فِي الْمَقْتُولِ بَلْ الدِّيَةُ رِعَايَةٌ لِلْمُمَاثَلَةِ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ.

هَذِهِ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ قَوْلُ دَاوُد؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الْقِصَاصَ، وَهُوَ الْمُمَاثَلَةُ، وَقَدْ انْتَفَتْ هُنَا ثُمَّ مُوجِبُ الْقِصَاصِ هُوَ الْجِنَايَةُ الَّتِي تُزْهَقُ الرُّوحُ بِهَا، فَإِنْ زُهِقَتْ بِمَجْمُوعِ فِعْلِهِمْ فَكُلُّ فَرْدٍ لَيْسَ بِقَاتِلٍ فَكَيْفَ يُقْتَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ النَّخَعِيِّ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ قَاتِلًا بِانْفِرَادِهِ لَزِمَ تَوَارُدُ الْمُؤْثِرَاتِ عَلَى أَثَرٍ وَاحِدٍ وَالْجُمْهُورُ يَمْنَعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ أَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمْ جَمِيعًا، أَوْ بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ، فَإِنَّ فَرْضَ مَعْرِفَتِنَا بِأَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ قَاتِلَةٌ بِانْفِرَادِهَا لَمْ يَلْزَمْ أَنَّهُ مَاتَ بِكُلٍّ مِنْهَا، فَلَا عِبْرَةَ بِالْأَسْبَقِ.

وَأَمَّا حُكْمُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفِعْلُ صَحَابِيٍّ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَدَعْوَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ، فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُمْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ دَمِ الْمَقْتُولِ وَقِيلَ: تَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ وَنَسَبَ قَائِلُهُ إلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ هَذَا مَا قَرَّرْنَاهُ هُنَا.

(الشرح)

هذا التقرير ضعيف, والصواب هو ما ذهب إليه عمر رضي الله عنه؛ قوله: (فَفِعْلُ صَحَابِيٍّ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ) قول الصحابي حجة في هذا إذا لم يخالف نص, إذا لم يكن في المسألة نص وقول الصحابي مخالف لقول صحابي آخر فَإِنَّهُ ليس حجة ولاسيما عمر هنا الخليفة الراشد والنصوص تؤيده, وَكَذَلِكَ ثمود الذي قَالَ الله عنهم: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا}[الشمس/14], فنسب العقر إليهم جميعًا والذي باشر واحد.

(المتن)

ثُمَّ قَوِيَ لَمَّا قَتَلَ الْجَمَاعَةَ بِالْوَاحِدِ وَحَرَّرْنَا دَلِيلَهُ فِي حَوَاشِي ضَوْءِ النَّهَارِ، وَفِي ذَيْلِنَا عَلَى الْأَبْحَاثِ الْمُسَدِّدَةِ.

(وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (الْخُزَاعِيِّ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَزَايٍ بَعْدَ الْأَلِفِ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ خُوَيْلِدٍ وَقِيلَ: غَيْرُهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ» بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَرَاءٍ تَثْنِيَةُ خِيَرَةٍ بَيَّنَهُمَا بِقَوْلِهِ «إمَّا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ، أَوْ يَقْتُلُوا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ.

أَصْلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: «ثُمَّ إنَّكُمْ مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَإِنِّي عَاقِلُهُ فَمَنْ قُتِلَ لَهُ الْحَدِيثَ» وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ فِيهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ، وَلَا مُنَافَاةَ.

قَالَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: إنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ إمَّا الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ وَالْخِيَرَةُ فِي ذَلِكَ إلَى الْوَلِيِّ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاء، الْعَفْوُ مَجَّانًا، أَوْ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ، أَوْ الْقِصَاصُ، وَلَا خِلَافَ فِي تَخْيِيرِهِ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالرَّابِعَةُ الْمُصَالَحَةُ إلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ, وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَشْهُرُهُمَا مَذْهَبًا أَيْ لِلْحَنَابِلَةِ جَوَازُهُ وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ إلَّا الدِّيَةُ، أَوْ دُونَهَا، وَهَذَا أَرْجَحُ دَلِيلًا، فَإِنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقَوَدُ وَلَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ بَعْدُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ.

(الشرح)

يَعْنِي: ليس لهم أن يرجعوا, إذا عفوا عن القصاص قالوا: نقبل الدية, ثم بعد أسبوع قالوا: لا, الآن نريد القصاص فليس لهم ذلك, ما دام عفوا في أول الْأَمْرِ عن القصاص فليس لهم المطالبة بالقصاص مرة أخرى وقد سقط القصاص في هَذِه الحالة.

(المتن)

وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ مُوجِبَهُ الْقَوَدُ عَيْنًا وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ إلَّا بِرِضَا الْجَانِي وَتَقَدَّمَ الْمُخْتَارُ.

(الشرح)

فإن قيل: قَالَ الشيخ محمد بْنُ إبراهيم آل الشيخ رَحِمَهُ اللهُ: العفو حقٌ لجميع الورثة من الرجال والنساء, لَكِنْ إذا كثر التحيل لإسقاط القصاص وخيف اختلال الأمن لكثرة العفو جاز العمل ضرورةً بالقول الآخر الذي اختاره الشيخ تقي الدين وهو المشهور من مذهب مالك وهو أن النساء ليس لهن العفو عن القصاص وأنه مختصٌ بالعصبة, والشيخ بناها عَلَى قاعدة ذكرها في بعض كتبه وهي: أَنَّه إذا ثبتت الضرورة جاز العمل بالقول المرجوح نظرًا للمصلحة, ولا يُتخذ هذا عامًا في كل قضية بل الضرورة تقدر بقدرها والحكم يدور مع علته.

هذا جيد, اختيار شيخ الإسلام أن النساء وإن كَانَ لهن العفو لَكِنْ في بعض الأحيان يختص العفو بالرجل وإذا كَانَ هناك تلاعب, صار كثير من المفسدين يتطاولون ويقتلون ولا يبالون؛  لِأَنَّهُ كثر العفو وقالوا: سيعفو, نذهب إِلَى أحد النساء ونقول لها: اسمحي فتسمح واحدة ويسقط القصاص, فإذا وصلت الحال إِلَى أَنَّه صار فيهِ تلاعب ويُخشى يؤخذ بقول شيخ الإسلام في هذا ويقال: إِنَّمَا هذا يرجع إِلَى الرجال فقط, والنساء للضرورة هنا والنساء ليس لهن دخلٌ في العفو, فهذا من باب الضرورة دفعًا لتلاعب الناس في الدماء, إذا تلاعب الناس في الدماء وكثر القتل وكثر المجرمون وصاروا يتحايلون بإسقاط القصاص بأن يأتي أحدهم إِلَى امرأة ويرشيها ويقول لها: اسمحي, تقول: سمحت, فإذا سمح واحد سقط القصاص, ففي هَذِه الحالة يؤخذ بالقول الآخر للضرورة؛ وهذا قول حسن ووجيه وتدل عليه عمومات النصوص وأن الشريعة جاءت لتكميل المصالح, وجاءت أيضًا بتقليل المفاسد, دفعًا للمفاسد وتقليلها, وجلب المصالح وتكميلها, فإذا تلاعب الناس وكثر القتل وتحايلوا عَلَى إسقاط القصاص فَإِنَّهُ يؤخذ بالقول الآخر للضرورة.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد