شعار الموقع

أصل السنة واعتقاد الدين للرازيين أبي حاتم وأبي زرعة (2) قوله: "والقدر خيره وشره من الله عز وجل." - إلى قوله: "والكف عما شجر بينهم"

00:00
00:00
تحميل
188

يقابل الإيمان الكفر وكما أن أهل السنة يقولون الإيمان يكون بالقول الإيمان كما سبق يشمل القول والعمل واعتقاد القلب فكذلك الكفر أيضا يقابله الكفر يكون بالقول ويكون بالفعل ويكون بالعمل يكون بالقلب كالتكذيب إذا كذب الله وكذب رسوله هذا كفر ويكون أيضا بالقلب أيضا بالشك إذا شك إذا شك شك في القيامة شك في الجنة شك في النار شك في ربوبية الله شك في البعث فيكون بالقلب سواء كان تكذيبا أو شكا أو اعتقادا مخالفا للشرع كأن يعتقد أن لله صاحبة أو ولدا أو يعتقد أن هناك مع الله مدبر لهذا الكون مع الله أو يعتقد مثلا عدم وجوب الصلاة يعتقد عدم وجوب أمر معلوم من الدين بالضرورة كأن يعتقد عدم وجوب الصلاة عدم وجوب الزكاة عدم وجوب الحج أو يعتقد عدم تحريم أمر معلوم من الدين بالضرورة كأن يعتقد عدم تحريم الربا أو يعتقد حل الربا أو حل الزنا أو شرب الخمر هذه أمور معلوم من الدين بالضرورة الأمر المعلوم من الدين بالضرورة وجوبه إذا أنكر وجوبه كفر وكذلك الأمر المعلوم من الدين بالضرورة تحريمه إذا أنكر تحريمه كفر فإذا أنكر تحريم الوجوب تحريم الوجوب إذا أنكر وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب الصوم أو وجوب الحج كفر إذا أنكر تحريم الزنا تحريم الربا تحريم الخمر كفر لكن إذا أنكر شيء فيه خلاف لا ,الخلاف يدرأ عنه الكفر فلو مثلا إذا قيل أن شخصا أنكر تحريم الدخان وإن كان الدخان الصواب أنه حرام لكن فيه شبهة لبعض الناس في شبهة لبعض الناس لأن هناك من يشبه وهناك من يفتي مثلا في غير البلاد هذه البلاد أو في المملكة قد يفتي بحل الدخان فيكون هذا شبه له في عدم تكفيره أما الأمر المعلوم من الدين بالضرورة الذي لا شبهة فيه فإذا أنكره كفر إذا أنكر تحريم الربا أو الزنا هذا ما فيه شبهة الربا حرام بالإجماع والزنا حرام بالإجماع فإذا اعتقد حله كفر وكذلك وجوب الصلاة وجوب الزكاة وجوب الحج هذه واجبات معلوم من الدين بالضرورة فإذا أنكر وجوبها كفر فالكفر يكون بالقلب ويكون تكذيبا ويكون شكا ويكون عقيدة ويكون الكفر أيضا بالقول باللسان كأن يسب الله إذا سب الله أو سب الرسول ﷺ أو استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر بالقول ويكون الكفر بالعمل وكذلك القول كأن يدعو غير الله يدعوا الأولياء يدعو أصحاب القبور يدعو الميت يسأله شفاء المرضى تفريج الكربات إغاثة اللهفات هذا كفر بالقول ويكون الكفر بالعمل أيضا كالسجود للصنم كأن يسجد للصنم وكأن مثلا كأن يمتهن المصحف ويلطخه بالنجاسة والعياذ بالله أو يطأه بقدميه امتهانا له فيكفر بهذا العمل فيكون الكفر بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح هذه عقيدة أهل السنة والجماعة المرجئة يقابله مذهب المرجئة يقول الكفر لا يكون إلا بالقلب فقط إذا اعتقد بقلبه كذب كفر ولا يكون الكفر باللسان ولا بالجوارح مثل ما قالوا في الإيمان فإذا قالوا إذا سب الله وسب رسوله فيقولون هذا ليس بكفر ولكن دليل على الكفر هذا دليل على الكفر فإذا اعتقد كفر وإلا فلا يكفر إذا سجد للصنم يقول ليس بكفر هذا بل هو دليل على الكفر هذا من أبطل الباطل نحن نقول نفس السجود كفر ليس بدليل على الكفر نفس السجود  إذا سجد للصنم قاصدا الصنم كفر وكذلك أيضا إذا سب الله وسب الرسول نفس السب كفر نفس الاستهزاء كفر ليس دليلا على الكفر هم يقولون هذا دليلا على الكفر يعني قد يكفر وقد لا يكفر إذا كان بقلبه إذا اعتقد بقلبه كفر وإذا لم يعتقد فلا يكفر و هذا من أبطل الباطل واضح الآن مذهب المرجئة الآن ؟وعلى هذا فالذي يقول إن العمل شرط في الصحة وشرط في العمل هذا يرد السؤال كثيرا يقول بعض الناس يقول العمل شرط, شرط للصحة أو شرط كمال نقول الشرط خلاف المشروط الشرط خارج عن المشروط ولا داخل ؟ خارج مثل الوضوء خارج عن الصلاة شرط في صحة الصلاة وإذا كان خارج فهذا مذهب المرجئة مذهب المرجئة المرجئة يقولون الأعمال خارجة عن مسمى الإيمان فالذي يقول إن العمل شرط كمال أو شرط كمال فهذا قول المرجئة لأنه أخرج العمل عن مسمى الإيمان ونحن نقول العمل جزء من الإيمان داخل في مسمى الإيمان مكون من هذه الأجزاء مكون من هذه الأجزاء الإيمان يشمل هذه الأمور قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح وبهذا أظن نكون انتهينا من مبحث الإيمان الآن ننتقل إلى المبحث الثاني القرآن هو كلام الله .

قال المؤلف رحمة الله : (والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته( القرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته  القرآن هو كلام الله عز وجل نزل به جبرائيل سمعه جبرائيل من الله عز وجل ونزل به على قلب نبينا محمد ﷺ قال تعالى : نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ ۝ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن القرآن كلام الله وصفة من صفاته وأن الله تكلم به وسمعه جبرائيل و أوحاه جبرائيل على نبينا محمد ﷺ نزل به على قلبه وكلام الله  اللفظ والمعنى جميعا كلام الله لفظا ومعنى اللفظ والمعنى هو كلام الله منزل غير مخلوق ولهذا يقول أهل السنة الكلام كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود منه بدأ   تكلم بدأ تكلم به ويعود إليه في آخر الزمان حينما يترك الناس العمل به يرفع القرآن من الصدور والمصاحف والعياذ بالله من أشراط الساعة الكبار إذا ترك الناس العمل به رفع منه بدأ واليه يعود فالقرآن كلام الله لفظه ومعناه وهو حروف ومعاني والله تعالى تكلم به بصوت سمعه منه جبرائيل بصوت يسمع فإذا كلام الله الحروف والمعاني الألفاظ والمعاني حروف وأصوات هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف بل كلام الله الحروف والمعاني ولهذا قال الإمامان : ( والقرآن كلام الله غير مخلوق ) غير مخلوق المقصود به الرد على المعتزلة الذين يقولون كلام الله مخلوق كلام الله صفة من صفاته قالوا أنه مخلوق لفظه ومعناه قالوا أنه مخلوق ولهم شبه في هذا شبه شرعية وشبه عقلية معروفة التفصيل في هذا يطول ويستدلون بمثل قوله تعالى : ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲ قالوا الله خالق والكلام خارج عن الله فتكون مخلوق فالله هو الخالق وسواه مخلوق إذا الكلام سوا الله فيكون مخلوقا هذا من أبطل الباطل اله هو الخالق بذاته وصفاته هو الخالق بذاته وأسمائه وصفاته والصفات ليست منفصلة عن الذات الله سبحانه وتعالى هو الخالق بذاته وأسمائه وصفاته وكلام الله صفة من صفاته وكلام الله غير مخلوق بجميع جهاته يعني حيث ما تصرف فكلام الله كلام الله بجميع جهاته إذا كتبه الكاتب فقد كتب كلام الله وإذا تكلم قرأه القارئ فالقارئ يقرأ كلام الله وإذا سمعه السامع فالسامع يسمع كلام الله وإذا حفظه في صدره فالقرآن محفوظ له في صدره وإذا كتبه الكاتب فالقرآن مكتوب فالقرآن بجميع جهاته فهو كلام الله إن كتبه الكاتب فهو كلام الله قد كتب كلام الله وإن سمعه السامع فقد سمع كلام الله وإن حفظه الحافظ فقد حفظ كلام الله فكلام الله محفوظ في الصدور مقروء بالألسن مكتوب في المصاحف معلوم بالقلوب محفوظ في الصدور قال سبحانه : بَلۡ هُوَ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ فِی صُدُورِ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَۚ هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته خلافا للمعتزلة الذين يقولون القرآن مخلوق وهذا من أبطل الباطل بل إن الأئمة كفروا من قالوا القرآن مخلوق كالإمام أحمد وغيره قالوا من قال القرآن مخلوق فهو كافر كما سيأتي وهذا على العموم يعني يقال من قال القرآن مخلوق فهو كافر على العموم وأما الشخص المعين المعين فلا بد من إقامة الحجة عليه الشخص لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة توجد الشروط وتنتفي الموانع لكن حتى توجد الشروط وتنتفي الموانع لكن على العموم يقال من قال القرآن مخلوق فهو كافر من أنكر رؤية الله في الآخرة فهو كافر فالمعتزلة يقولون الكلام اللفظ والمعنى وكلاهما مخلوق الكلام لفظ ومعنى لكنه مخلوق وأبو المعاني الجويني يقول الحروف كلام الله الحروف فقط والمعتزلة يقولون كلام الله اللفظ والمعنى أما الأشاعرة فأنهم يقولون الكلام هو المعنى فقط الاشاعرة الذين هم أقرب الطوائف إلى أهل السنة يقولون الكلام هو المعنى وأما اللفظ والحروف فليس كلام الله ولهذا يقولون القرآن ليس فيه كلام الله وإنما فيه تأدى به كلام الله وقالوا أن كلام الله معنى قائم بنفسه لا يسمع ما يسمع والعياذ  بالله جعلوا الرب ما يستطيع الكلام ، نعم نعوذ بالله كيف إذا هذا القرآن ؟ من أين جاءنا ؟ قالوا إن الله  اضطر جبريل اضطرارا ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر بهذا القرآن جبريل هو الذي عبر , عبر بهذا القرآن فالقرآن عبارة عبارة عن كلام الله وأما كلام الله معنى قائم بنفسه لا يسمع كالعلم لا يسمع كالعلم وأما هذا القرآن الذي نقرأه فقالوا هذا ليس كلام الله وإنما تأدى به كلام الله يسمى كلام مجازا لأنه تأدى به كلام الكلام والذي عبر به جبرائيل وقالت طائفة أخرى الذي عبر به محمد وقالت طائفة ثالثة أن جبريل أخذه من اللوح المحفوظ والله تعالى لم يتكلم به ولهذا بعض غلاتهم الأشاعرة مع أن الأشاعرة مع الأسف أنهم أقرب الطوائف إلى السنة ومع ذلك هذا كلامهم في القرآن وهم يثبتون السبع الصفات ومنها الكلام و الحياة والكلام والبصر والسمع والقدرة والإرادة ومنها الكلام لكن ما أثبتوه على وجهه حتى إن بعض غلاتهم يقولون لو تطأ المصحف بقدميك ما عليك شيء ما في كلام الله والعياذ بالله ما في كلام الله كلام الله معنى قائم بنفسه نسأل الله السلامة والعافية هذا من أبطل الباطل ولهذا قال شيخ الإسلام  ابن تيمية في العقيدة الواسطية والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف ليس كلام الله الحروف كما يقول أبو المعاني الجويني ولا المعاني دون الحروف كما يقوله الأشاعرة كلام الله اللفظ والمعنى الحروف والمعاني وبصوت يسمع والأحاديث وهم ينكرون الصوت الأشاعرة يقولون لو قلنا أن كلام الله حروف وأنه بصوت للزم من ذلك أن تحل الحوادث في ذات الرب الصوت حادث والحروف حادثة ففرارا من ذلك قالوا كلام الله لا يكون حروفا ولا أصواتا حتى لا تحل الحوادث في ذات الرب وهذا أبطل الباطل هذا كلام المخلوق الحادث أما كلام الخالق لا يشبه كلام المخلوق والأدلة على إثبات الصوت كثيرة من ذلك ما ثبت في الصحيح أن الله تعالى ينادي آدم في يوم القيامة بصوت ينادي آدام فيقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك يقول أخرج بعث النار وقال تعالى : وَإِذۡ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱئۡتِ ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ والنداء يكون من بعد ولا بد من الصوت وقال : وَقَرَّبۡنَـٰهُ نَجِیࣰّا والنجي الكلام من قرب الأدلة في هذا كثيرة فعقيدة أهل السنة والجماعة كما قرر الإمامان الرازيان أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه حروفه ومعانيه وأنه منزل وغير مخلوق وأن الله تكلم به بحرف وصوت يسمع وأنه سمعه جبرائيل فنزل به على قلب محمد ﷺ كما قال سبحانه : نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ ۝ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ وهو بجميع جهاته كلام الله يعني إن كتبه الكاتب فهو يكتب كلام الله وإن سمعه السامع فهو يسمع كلام الله وإن حفظه الحافظ فهو يحفظ كلام الله .. نعم ننتقل إلى المبحث الثالث نعم

( المتن )

والقدر خيره وشره من الله عز وجل.

( الشرح )

هذا المبحث الثالث إذا المبحث الأول مبحث الإيمان والمبحث الثاني مبحث القرآن وكلام الله و المبحث الثالث مبحث القدر قال المؤلف رحمه الله قال الإمامان والقدر خيره شره من الله عز وجل ، القدر خيره وشره من الله عز وجل يعني الإيمان بأن القدر خيره وشره من الله وأن الله قدر الخير والشر والإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان الستة لا يصح الإيمان إلا به فمن لم يؤمن بالقدر فهو كافر قال الله تعالى في كتابه العظيم :  وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ ذكر خمسة أصول  الإيمان بالله من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة وقال في الآية الأخرى : إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَرࣲ وقال : وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا وثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن خطاب أن جبرائيل لما سأل النبي ﷺ عن الإيمان قال الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ومن لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن وهذا أول حديث في صحيح الإمام مسلم والحديث له قصة وذلك أن يحيى بن يعمر وحميد الطويل كانا بالبصرة فتكلم القدرية وأول من تكلم في القدر معبد الجهني وغيلان الدمشقي في أواخر عهد الصحابة تكلموا بالقدر وأنكروا علم الله السابق فأنكروا عليهم قال يحي بن يعمر وحميد الطويل فقلنا فذهبنا حاجين ذهبا حاجين أو معتمرين وقولنا لو وفق لنا أحد من أصحاب النبي ﷺ فسألناه عما يقول هؤلاء هم قدموا للحج قالوا فوفق لنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر داخل المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي وظننت أنه سيكل الحديثين إلي فقلت : أبا عبد الرحمن أنه ظهر قبلنا قوم يعني في البصرة يتقفون العلم يعني يطلبون العلم و يزعمون أن الأمر أنف يعني مستأنف وجديد لم يسبق به علم الله فقال عبد الله ابن عمر الصحابي الجليل : إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني والذي نفس ابن عمر بيده لو أنفق أحد مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر خيره وشره إذا عبد الله بن عمر يرى بأن القدرية كفار الذي لا تقبل منه أعماله كافر قال الله تعالى :  وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَـٰتُهُمۡ إِلَّاۤ أَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وفي السنن ومسند عن الديلمي أنه قال لابنه يا بني لن تجد طعم الإيمان حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك يا بني سمعت رسول الله ﷺ يقول : من مات على غير هذا فهو من أهل النار وفي الحديث الأخر : من لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار وهذا كله يدل على أن من لم يؤمن بالقدر فهو كافر و الإيمان بالقدر لا يتم إلا بالإيمان بمراتبه الأربع أربع مراتب من آمن بها فهو مؤمن بالقدر ومن لم يؤمن بها فليس مؤمن بالقدر المرتبة الأولى العلم, العلم والمرتبة الثانية الكتابة والمرتبة الثالثة الإرادة والمشيئة والمرتبة الرابعة الخلق والإيجاد هذه إجمالا مراتب القدر الإيمان بالقدر أربع العلم والكتابة الإرادة والمشيئة الخلق والإيجاد ، المرتبة الأولى : مرتبة العلم وهو أن وهو العلم أن تؤمن بأن الله علم الأشياء قبل كونها في الأزل أن تؤمن بأن الله علم الأشياء قبل وجودها في الأول علم ما كان في الماضي وما يكون في الحاضر وما يكون في المستقبل وما لم يكن لو كان كيف يكون أيضا وما لم يكن لو كان كيف يكون الإيمان بأن الله علم الأشياء في الماضي في الأزل إلى ما لا نهاية وعلم ما يكون في الحاضر ويعلم ما يكون في المستقبل ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون حتى الذي لم يكن قال الله تعالى : وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِیهِمۡ خَیۡرࣰا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّوا۟ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ إذا يعلم الله مالم يكن لو كان يعلم ماذا سيكون وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِیهِمۡ خَیۡرࣰا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّوا۟ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ وقال عن الكفار الذين سألوا الرجوع إلى الدنيا : وَلَوۡ رُدُّوا۟ لَعَادُوا۟ لِمَا نُهُوا۟ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ إذا علم ما سيكون لو كان وقال عن المنافقين الذين تخلفوا في غزوة تبوك : وَلَوۡ أَرَادُوا۟ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّوا۟ لَهُۥ عُدَّةࣰ وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِیلَ ٱقۡعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡقَـٰعِدِینَ لو خرجوا فيكم ماذا يحصل ؟ لَوۡ خَرَجُوا۟ فِیكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالࣰا وَلَأَوۡضَعُوا۟ خِلَـٰلَكُمۡ یَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِیكُمۡ سَمَّـٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِینَ إذا لابد المرتبة الأولى الإيمان بالعلم علم الله الأزلي العلم بالأشياء قبل كونها أزلا في الماضي والعلم بما يكون في الحاضر وما يكون في المستقبل وبما لم يكن لو كان كيف يكون العلم العلم بأي شيء أن تؤمن بعلم الله بالذوات والصفات والأفعال علم الله بالذوات والصفات والأفعال والحركات والسكون كلها يعلمها الله ، المرتبة الثانية مرتبة الكتابة: وهو الإيمان بأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ الإيمان بأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ كتب أي شيء كل شيء الذوات والصفات والأفعال والحركات والسكون كل شيء بقدر حتى العجز والكيس والدليل على هاتين المرتبتين كثيرة منها قوله تعالى : أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ هذه مرتبة العلم إن ذلك في كتاب هو اللوح المحفوظ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ فِی كِتَـٰبٍۚ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣱ وقال سبحانه : مَاۤ أَصَابَ مِن مُّصِیبَةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَاۤۚوهو اللوح المحفوظ وقال سبحانه : وَكُلَّ شَیۡءٍ أَحۡصَیۡنَـٰهُ فِیۤ إِمَامࣲ مُّبِینࣲ وهو اللوح المحفوظ الإمام المبين وقال عليه الصلاة والسلام  : وكتب في الذكر كل شيء الذكر هو اللوح المحفوظ وقال عليه الصلاة والسلام أول ما خلق القلم قال له  : اكتب قال يا رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة وفي لفظ لمسلم : فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة​ ​ومتى كتبت المقادير ؟ كتبت قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة خمسين ألف سنة كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال :  كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء إذا كتابة المقادير قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة والمقادير كل شيء مكتوب الذوات والصفات والأفعال والحركات والسكون كلها مكتوبة كلها علمها الله وكتبها والمرتبة الثالثة : الإرادة والمشيئة الإرادة والمشيئة والمراد بالإرادة الإرادة الكونية القدرية لأن الإرادة في السنة إرادتان إرادة كونية خلقية قدرية وإرادة دينية شرعية الإيمان بالإرادة أن تعلم أن تعتقد و تعلم وتؤمن بأن الله أراد كل شيء في هذا الوجود وأنه لا يقع في ملك الله ما لا يريد بل كل شيء في هذا الوجود الله أراد وجوده كونا وقدرا ولا يمكن أن يقع في ملك الله ما لا يريد أراد كل ما في هذا الكون من الخير ومن الشر الإيمان بالقدر خيره وشره المعاصي والطاعات والكفر والإيمان والعجز والكسل كلها أراد الله وقوعها كونا و قدرا أراد الله وقوعها كونا وقدرا لكن المعاصي ما أرادها دينا وشرعا لكن أرادها كونا وقدرا انتبه الإرادة إرادتان إرادة دينية شرعية وإرادة كونية قدرية أهل السنة قسموا الإرادة إلى إرادتين وأهل البدع ما قسموا الإرادة إلا إرادة واحدة فضلوا وأضلوا أهل السنة هداهم الله الإرادة إرادة كونية وقدرية وإرادة دينية شرعية فأي الإرادتين هنا الإرادة الكونية القدرية فالله أراد كل شيء في هذا الوجود كل شيء يقع في هذا الوجود أراد الله وجوده كونا وقدرا المعاصي و الكفر أراد وقوعها فهي مرادة لا ذاتها ولكن ما يترتب عليه من الحكم أراد الله وجودها فأراد الله وجودها لماذا أراد الله وجودها لأنه يترتب عليها حكم وأسرار حكم وأسرار عديدة فمثلا الكفر والمعاصي أراد الله وجودها كونا وقدرا لكن هي مراده لذاتها ولا لما يترتب عليها ؟ لما يترتب عليه من الحكم فمثلا من الحكم العظيمة حتى يتبن لكم الآن لولا تقدير الله للكفر والمعاصي وخلق إبليس أراد الله خلق إبليس وهو مصدر الشر والشقاء وهو القائد لكل شر وفساد وبلاء لولا خلق الله لإبليس ولولا إرادة الله لوقوع الكفر والمعاصي لفاتت عبوديات متنوعة مرادة لله عز وجل لو لم يكن هناك كفر ولا معاصي لكان الناس كلهم مؤمنون تفوت عبودية متعددة أين عبودية الجهاد في سبيل الله التي هي من أفضل القربات وأجل الطاعات لو كان الناس كلهم مؤمنين لفاتت عبودية الجهاد في سبيل الله ولفاتت عبودية الولاء والبراء الولاء للمؤمنين لله ورسوله والمؤمنين والبراء من أهل المعاصي والكفر ولفاتت عبودية الدعوة إلى الله وعبودية الحب في الله والبغض في الله وعبودية الأمر بالمعروف وعبودية النهي عن المنكر كل هذه العبودية تفوت ولفاتت آثار أسماء الله الغفور التواب الرحيم وكذلك آثار أسماء الله القهرية الجبار المتكبر  المنتقم لو كان الناس كلهم مؤمنين فاتت هذه فاتت هذه العبوديات فأنا الآن أريد أبين لكم حتى يكون الإنسان عنده بصيرة في هذا الأمر فالله تعالى الإرادة شاملة الإيمان بأن الله أراد كلا شيء في هذا الوجود يقع أراد الله وجوده قبل أن يوجد ولا يمكن أن يقع في ملك الله ما لا يريد وإلا لكان عاجزا لو كان يقع في ملكه ما لا يريد وإلا لكان عاجزا هذه الإرادة الإيمان بأن الله أراد كل شيء يقع في هذا الوجود قدره وأراده من خير وشر من طاعات ومعاصي من إيمان وكفر لا بد من الإيمان بهذا ، المرتبة الرابعة الخلق والإيجاد : الإيمان بأن كل شيء في هذا الوجود فالله خلقه وأوجده كما قال سبحانه الأدلة على الإرادة كثيرة فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ وَمَن یُرِدۡ أَن یُضِلَّهُۥ یَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَیِّقًا حَرَجࣰا كَأَنَّمَا یَصَّعَّدُ فِی ٱلسَّمَاۤءِۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ هذه إرادة دينية شرعية فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ هذه إرادة كونية قدرية والإرادة الكونية القدرية مرادفة للمشيئة ولهذا يقول المسلمون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن المرتبة الرابعة : الخلق والإيجاد وهو الإيمان بأن الله خلق كل شيء وأن كل شيء في هذا الوجود فالله أوجده وخلقه الدليل قال تعالى :  ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲۖ وقال : وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا هذه مراتب الإيمان بالقدر الأربع لابد من الإيمان بها من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر ، والقدرية طائفتان : الطائفة الأولى الغلاة الذين أنكروا المرتبتين الأوليين أنكروا علم الله وكتابته للأشياء وهم الذين ظهروا في أواخر عصر الصحابة وهم الذين قال فيهم عبد الله بن عمر رضي لله عنه الذي تبرأ منهم وقال أنهم كفار وأن الله لا يقبل من أحدهم مثل أحدا ذهبا يقولون الأمر مستأنف وجديد أنكروا علم الله  السابق ولذلك وصفوا الله بالجهل فهؤلاء كفار بالإجماع أنكروا علم الله بالأشياء قبل وقوعه أنكروا علم الله بالأشياء قبل وقوعها إذا وصفوا الله بالجهل وهذا كفرا بالإجماع وهم الذين قال فيهم الإمام الشافعي رحمه الله ناظروا القدرية بالعلم ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خصموا وإن أنكروه كفروا ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به وأن الله علم الأشياء إذا كيف تقولون أن الله علم الأشياء ولم يخلق أفعال العباد وإن أنكروا العلم كفروا لأنه نسبوا إلى الله الجهل إن أنكروه كفروا وإن أقروا به خصموا فيما يعتقدونه من أن أفعال العباد غير مخلوقة لله هذه الطائفة الأولى كفار هؤلاء الطائفة انقرضوا ، الطائفة الثانية : عامة القدرية وهم مبتدعة أثبتوا المرتبتين الأوليين آمنوا بعلم الله الأزلي وآمنوا بكتابته للأشياء في اللوح المحفوظ ولكنهم أنكروا عموم الإرادة وعموم الخلق والإيجاد يعني آمنوا بالإرادتين الأخيرتين الإرادة والخلق إلا أنهم أنكروا عمومهما فقالوا إن الله أراد كل شيء في هذا الوجود إلا أفعال العباد ما أرادها خيرا أو شرا طاعات ومعاصي العباد هم الذين أرادوا أفعالهم الله ما أراد المعصية العبد هو الذي أراد المعصية لماذا لأنهم ما عندهم  الإرادة الكونية عندهم الإرادة الدينية كما أن الاشاعرة و الجبرية ما عندهم إلا الإرادة الكونية فضلوا يعني سبب ضلالهم أنهم ما قسموا الإرادة إلى قسمين ما عندهم إرادة دينية شرعية ولهذا أنكروا إرادة الله للمعاصي قالوا لا ما أراد الله المعاصي ولا الكفر وأنكروا عموم الخلق والإيجاد فقالوا الله ما خلق المعاصي ولا خلق الكفر الذي خلقها العبد العبد هو الذي خلق المعاصي وهو الذي خلق الكفر وهو الذي أراد المعاصي لماذا قالوا هذا ؟ ما كفرهم العلماء لماذا لأنهم لهم شبهة , شبهة عرضت لهم فتأولوا ففرق بين الجاحد والمتأول الجاحد يكفر والمتأول له شبهة لا يكفر قالوا لو قلنا أن الله أراد المعاصي وخلقها وعذب عليها لصار ظالما ففرارا من ذلك قالوا إن الله ما أراد المعاصي ولا خلقها العبد هو الذي أراد المعاصي وخلقها فإذا عذب , عُذب على ما أراده عذب على الشيء الذي أراده وخلقه فالعبد هو الذي خلق المعصية فيعذب على المعصية ولهذا قالوا يجب على الله  أن يخلده في النار المعتزلة هم معتزلة في الصفات قدرية في الأفعال فقالوا العبد هو الذي خلق المعصية إذا فعل الكبيرة خلقها وفعلها إذا يجب على الله أن يخلده في النار ولا يجوز على الله أن يعفو عنه هكذا والعياذ بالله فقالوا بخلود العصاة في النار كما أنهم قالوا يجب على الله أن يثيب المطيع على طاعته لأنه هو الذي أوجد الطاعة فيجب على الله أن يثيب المطيع وجوبا هكذا أوجبوا على الله والعياذ بالله وقالوا أنهم يستحق الثواب على الله كما يستحق الأجير أجرته وهذا من أبطل الباطل فالثواب هذا تفضل من الله عز وجل والعاصي تحت مشيئة الله إن شاء الله  عذبه وإن شاء عفا عنه هذا من أبطل الباطل أهل السنة والجماعة يقولون إذا ارتكب أولا يقولون إن الله خلق كما سبق خلق المعاصي والحسنات والعاصي تحت مشيئة الله إذا كانت المعصية دون الشرك إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإيمانه وتوحيده وإسلامه وإن شاء عذبه ثم يخرجه بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين وكذلك المطيع الله تعالى أوجب على نفسه أن لا يعذب الموحدين وهذا إيجاب تفضل وإكرام لم يوجبه أحد عليه سبحانه وتعالى ولكنه أوجبه على نفسه من نفسه فحق العباد حق تفضل وإكرام وأما حق الله فهو حق إيجاب وإلزام أنت ملزم بأن توحد الله وتقوم بحقه هذا إلزام وأما حق الله إذا وحدت الله فالله تعالى تفضل بأن لا يعذب من لا يشرك به شيئا كما قال الناظم ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع فهؤلاء القدرية المتوسطة يقال عنهم يقال عامة القدرية فهؤلاء مبتدعة للشبهة التي عرضة لهم وهم معتزلة في الصفات قدرية في الأفعال والمعتزلة من العلماء من كفرهم لكن الجمهور على أنهم مبتدعة هذا الموضوع الثالث وهو موضوع القدر وخلاصته كما قال المؤلف رحمه الله القدر كما قال الرازيان والقدر خيره وشره من الله عز وجل والقدرية يحتجون بالقدر على المعاصي يعني قالوا الآن بأن الله لم يقدر المعاصي فرارا بزعمهم من القول بأن الله خلق المعاصي وعذب عيها فيكون ظالما وهذا باطل لأن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه الظلم في اللغة العربية وعند أهل الحق هو وضع الشيء في غير موضعه كأن ينقص أحدا من ثوابه أو يحمله أوزار غيره هذا الظلم الذي حرمه الله على نفسه ونزه نفسه عنه ولكن القدرية جهلوا معنى الظلم فالقدرية قالوا الظلم الظلم من الخالق مثل الظلم من المخلوق ما كان ظلما وقبيحا من المخلوق فهو ظلما من الخالق لو فعله هذا باطل ليس هذا هو الظلم والجبرية كالأشاعرة وغيرهم قالوا الظلم تصرف المالك في غير ملكه تصرف المالك في غير ملكه وهل هناك شيء لا يملكه الله, الله مالك كل شيء إذا يقولون الظلم لا وجود له عند الجبرية تصرف المالك في غير ملكه أو مخالفة الآمر أو مخالفة الآمر كالجمع بين الضدين الجمع بين النقيضين إذا لا وجود للظلم عندهم يقولون الظلم مخالفة الآمر والله ليس فوقه آمر إذا كل شيء يفعله لا يكون ظلما ويقولون الظلم تصرف المالك في غير ملكه وهل هناك شيء خارج عن ملك الله إذا قالوا الظلم قالوا إن الظلم هذا الظلم لو فعل الله كل شيء لما صار ظلما ويقولون يجوز على الله عقلا أن يحرم التوحيد ويوجب الشرك والعياذ بالله ويجوز عقلا على الله ولا يكون ظلما ويجوز على الله عقلا أن يقلب التشريعات والجزاءات فيجعل العفة محرمة والزنا واجب والعياذ بالله يجوز عقلا على الله أن يبطل حسنات الأبرار والأنبياء ويحملهم أوزار الفجار ولا يكون هذا ظلما لأنه تصرف في ملكه ويستدلون بمثل حديث لو عذب الله أهل السماوات وأهل أرضه لم يكن ظالما لهم ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع لهم أو كما جاء في الحديث وهذا التعريف فاسد أهل السنة يعرفون الظلم قالوا الظلم وضع الشيء في غير موضعه كأن يحمل أحدا أوزار غيره أو يمنعه من حسناته يحرمه من حسناته هذا الظلم الذي تنزه الله عنه والظلم مقدور لله يقدر عليه الله لكن الله حرمه على نفسه وتنزه عنه كما قال قال الرب في الحديث القدسي من حديث أبي ذر :  يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا وقال تعالى : وَمَن یَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَا یَخَافُ ظُلۡمࣰا وَلَا هَضۡمࣰا لو كان الظلم غير مقدور لله كما يقول الجبرية يؤمن الإنسان من الخوف ؟ فَلَا یَخَافُ ظُلۡمࣰا وَلَا هَضۡمࣰا لَا ظُلۡمَ ٱلۡیَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ فالجبرية يقول الظلم لا وجود له غير مقدور لله تصرف المالك في غير ملكه لكن الظلم مقدور لله لكن الله تنزه عنه وحرمه على نفسه هل يحرم على نفسه شيء لا يقدر عليه وهل يتنزه عن شيء لا يقدر عليه هذا من أبطل الباطل فقول القدرية إن الظلم من الخالق مثل الظلم من المخلوق هذا باطل ما كان ظلم و قبيح من المخلوق فيكون ظلما من الخالق لو فعله والحق كما يقول أهل السنة الظلم وضع الشيء في غير موضعه كأن يحمل أحدا أوزار غيره أو يحرمه ثواب أعماله هذا هو الذي تنزه الله عنه وحرمه على نفسه وهو مقدور لله فالقدرية قالوا إن العباد خالقون لأفعالهم فرارا من الظلم بزعمهم فرارا من وصف الله بالظلم الذي فهموه هم فهموا الظلم فهما فاسدا فهموا أن الظلم هو ما يكون من المخلوق ظلما يكون من الخالق ظلما وهذا فاسد كما سبق والله تعالى حينما قدر المعاصي كما سبق قدرها لحكم وأسرار والذي يضاف إلى الله هو الخلق والإيجاد يضاف إلى الله في خلق المعاصي الذي يضاف إلى الله منها الخلق والإيجاد هو الخلق والإيجاد المبني على الحكمة فتكون خيرا والذي يضاف إلى العبد السبب والمباشرة فالمعاصي والكفر شر بالنسبة للإنسان لماذا ؟لأنه هو الذي كسبها وعملها وساءته وضرته وعذب عليها والذي يضاف إلى الله الخلق والإيجاد والخلق والإيجاد خير لأنه مبني على حكمة ولهذا لا يوجد لا يوجد شر محض بل الشرور الموجودة كلها نسبية الشرور كلها نسبية مضافة إلى الخلق إلى المخلوقين الذين فعلوها ولكنها  بالنسبة إلى الخالق فهي خير لأن الله بناها على الحكمة لأنها مبنية على الحكمة كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح : والشر ليس إليك يعني الشر المحض الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره لا يوجد ما في شر محض كل الشرور الموجودة نسبية ما في شر محض الشر المحض هو الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره إذا الشرور الموجودة لها حكمة إذا لا تكون شرورا لكنها شر بالنسبة شرورها نسبية وليست شرورها خالصة فالشرور الموجودة المعاصي والكفر هل هي شر محض ولا شر نسبي ؟ نسبي بالنسبة إلى العبد الذي فعلها وباشرها وكسبها فهي شر عليه بالنسبة للخالق يضاف إليه ما هو الخلق والخلق مبني على الحكمة لأن وجود الكفر يترتب عليه وجود عبوديات متنوعة والمشركون يحتجون بالقدر على شركهم قال الله تعالى عن المشركين أنهم قالوا: سَیَقُولُ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَاۤ أَشۡرَكۡنَا وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَیۡءࣲۚ وهذا باطل والقدرية كذلك يحتجون بالقدر على المعاصي القدرية النفاة يقولون المعاصي ما خلقها الله والقدرية يسمون المجوس يسمون مجوس هذه الأمة القدرية مجوس هذه الأمة لماذا ؟ لأنهم شاركوا المجوس المجوس كفار يقولون بوجود إلاهين خالقين خالق للخير وخالق للشر قالوا بتعدد الخالق فسموا مجوس والقدرية سموا مجوس هذه الأمة لأنهم شاركوا المجوس بالقول بتعدد الخالق وكما أن المجوس يقولون يوجد خالقين خالق للخير وخالق للشر خالق للخير يقبل النور وخالق للشر يقبل الظلمة فكذلك القدرية يقولون بتعدد الخالق كل شخص يخلق فعل نفسه بل إن القدرية زادوا على المجوس فالمجوس قالوا بوجود خالقَين والقدرية قالوا بوجود خالقين كل أحد يخلق فعل نفسه والقدرية ثلاث طوائف إبليسيه ومشركية ومجوسية فالقدرية المجوسية هم الذين يقولون أن العباد خالقون لأفعالهم سموا مجوسية لأنهم شاركوا المجوس بالقول بتعدد الخالق والقدرية المشركية الذين يحتجون بالقدر على الشرك شاركوا المشركين و هم الجبرية شاركوا المشركين يقولون العبد مجبور على أفعاله فالعبد مجبور قدر الله عليه الخير والشر ولا اختيار له فيقولون إن العبد مقدر عليه الخير والشر فهو مجبور وقالوا إنه ليس له اختيار وقالوا إن العباد وعاء للقدر يمر عليهم القدر وليس لهم اختيار كالكوب الذي يصب فيه الماء فيقولون العباد كالكوب والله كصباب الماء فيه ويقولون الإنسان ليس له اختيار وبعضهم قالوا أيضا إن العبد لما كان مجبورا على أفعاله فإن أفعاله كلها طاعات طاعات كلها طاعات ويقول أحدهم أنا إن عصيت أمره الديني الشرعي فقد وافقت أمره الكوني القدري ويقول أن العبد الآن جميع أفعاله كلها طاعات من المعاصي والكفر وغيرها ويقول قائلهم أصبحت منفعلا لما يختاره مني ففعلي كله طاعات هؤلاء نظروا إلى القدر وأعرضوا عن الشرع وسموا مشركية لأنهم يشابهون المشركين الذين يحتجون بالقدر سَیَقُولُ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَاۤ أَشۡرَكۡنَا وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَیۡءࣲۚ والطائفة الثالثة الإبليسية الإبليسية سموا إبليسية نسبة إلى إبليس لان شيخهم إبليس رئيسهم ومقدمهم إبليس الذي رفض أمر الله وقابل أمر الله بالإباء والاستكبار لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم سجدوا إلا إبليس قال تعالى : وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ فإبليس عارض أمر الله قابله بالرفض بالإباء والاستكبار ما أنكر أمر الله أمر الله أمامه لكنه قابله بالرفض استكبر عن عبادة الله فطرده الله ولعنه وصار شيطان رجيم هؤلاء الإبليسية يدافعون عن إبليس والعياذ بالله ويقولون إن إبليس مسكين مظلوم إبليس مسكين مظلوم أراد أن ينزه جبهته عن السجود لغيره فطرد ولعن ما ذنبه خصما الله والعياذ بالله هذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية خصماء الله طرا يساقون إلى النار خصماء الله طرا يساقون إلى النار معشر القدرية فهؤلاء والعياذ بالله يدافعون عن إبليس يقولون إبليس مظلوم إبليس مظلوم مسكين أراد أن ينزه جبهته عن السجود لآدم فطرد ولعن فسموا الابليسية خصماء الله فهذا والعياذ بالله وصلوا إلى هذا الحد أنهم يدافعون عن إبليس ولهذا سموا إبليسية وهؤلاء خصماء الله يقادون إلى النار جميعا يساقون إلى النار سوقا نسأل الله السلامة والعافية حتى قال قائلهم أنه تجاوز إبليس وأنه فاق إبليس في المكر والخديعة والحيلة يقول قائلهم وكنت من جند إبليس فارتقى بي الحال حتى صار إبليس امرؤ من جندي كان أول من جند إبليس فتطور حتى صار أعلى من إبليس وصار إبليس من جنده وكنت امرئ من جند إبليس فارتقى بي الحال حتى صار إبليس من جندي نعوذ بالله نسأل الله السلامة والعافية فهؤلاء القدرية الإبليسية وشيخهم إبليس وهم الذين يعترضون على الله خصماء الله والإبليسية المشركية الذين يحتجون على معاصيهم بالقدر وعلى الشرك بالقدر والمجوسية الذين يقولون أن العباد خالقون لأفعالهم مجوسية وإبليسية ومشركية ومجوسية والقدرية كما هو معروف طائفتان قدرية نفاة وقدرية جبرية هؤلاء هم الجبرية الذين يقولون أن العبد مجبور على أفعاله النفاة الذين ينفون القدر ويقولون الأفعال غير مقدرة الطاعات والمعاصي ما قدرها الله العباد هم الذين قدروها وخلقوها وأوجدوها وأرادوها والقدرية الجبرية يقولون العبد مجبور أفعاله كحركات المرتعش وكنبض العروق ويقولون أن الإنسان لا حراك له ولا اختيار له ومثل الله حينما يأمر العبد بالطاعات وقد قدر عليه المعاصي مثل من يأتي بإنسان ويربط يديه ورجليه ثم يلقيه في البحر ويقول لا يأتيك الماء ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء نعوذ بالله من زيغ القلوب نسأل الله السلامة والعافية ، نعم والإيمان بالقدر كما سمعتم أصل من أصول الإيمان من لم يؤمن بالقدر فهو كافر بإجماع المسلمين لا بد من الإيمان بالقدر خيره وشره بمراتبه الأربع كما سمعتم العلم والكتابة والإرادة والمشيئة ، طيب ننتقل إلى المبحث الرابع ، نعم  

( المتن )

وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه السلام أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي ابن أبي طالب - وهم الخلفاء الراشدون المهديون ،وأن العشرة الذين سماهم رسول الله ﷺ وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله ﷺ  وقوله الحق والترحم على جميع أصحاب محمد  ﷺ وعلى آله والكف عما شجر بينهم.

( الشرح )

يقول المؤلف رحمه الله عقيدة الإمامين وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق ثم عمر ابن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي ابن أبي طالب وهم الخلفاء الراشدون المهديون ،وأن العشرة الذين سماهم رسول الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة  على ما شهد به رسول الله ﷺ وقوله الحق هذا القسم الأول هذا إلى هنا؟  ، وخير هذه الأمة بعد نبيها ﷺ أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة والخلفاء الراشدين أهل السنة والجماعة يعتقدون فضل الصحابة وأن الصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء وأنه لا كان ولا يكون قبلهم وأن الله سبحانه اختارهم لصحبة نبيهم لولا أنهم أفضل الناس لما اختارهم لصحبة نبيه فالله لم يكن ليختار لصحبة نبيه إلا أفضل الناس فهم أفضل الناس بعد الأنبياء رضوان الله عليهم ولذلك يجب على المسلم على كل مسلم أن يعرف فضلهم ومكانتهم ومنزلتهم عند الله ويترحم عليهم فهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ وهم الذين شاهدوا التنزيل سمعوا القرآن وشاهدوا التنزيل وسألوا رسول الله ﷺ وهم الذين نشروا دين الله وهم الذين نقلوا لنا الشريعة نقلوا لنا الكتاب والسنة وهم الذين آزروا رسول الله ﷺ وآمنوا به وواسوه بأنفسهم وأموالهم هم الذين جاهدوا في سبيل الله وهم الذين نشروا دين الله في مشارق الأرض ومغاربها ورسول الله ﷺ بين أظهرهم وهم يسمعون القرآن ينزل ويسمعون كلام النبي ﷺ ويعرفون مقصوده ويسألون عما أشكل عليهم فهم أفضل الناس لا كان ولا يكون مثلهم فالواجب على الإنسان الترحم عليهم والترضي عنهم الترحم عليهم والترضي عنهم واعتقاد فضلهم ومنزلتهم والكف عما شجر بينهم من الخلاف والنزاع وما حصل بينهم من الحروب كالقتال بين علي ومعاوية فهذا صدر عن اجتهاد عن اجتهاد وتأويل وليس عن هوى فهو صادر عن اجتهاد وتأويل وما صدر عن اجتهاد وتأويل فصاحبه بين أمرين إما أن يكون مصيبا فلهو أجران أجر الإصابة وأجر الاجتهاد وأما أن يكون مخطئ فلهو أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب فإذا تقرر هذا فإن علي ابن أبي طالب بايعه أهل الحل والعقد أكثر أهل الحل والعقد بعد قتل أمير المؤمنين عثمان فتمت له البيعة وامتنع معاوية وأهل الشام عن اجتهاد وتأويل يطالبون بدم عثمان وأن معاوية يطالب بدم عثمان ولا يمانع في بيعة علي هو لا يمانع في بيعة علي لكنه يريد أولا أخذ قتلة عثمان لأنه أقرب الناس إليه حتى يقتص للشهيد المظلوم المقتول وأنه يخشى من طغيان هؤلاء العسكر الذين قتلوا أمير المؤمنين عثمان أن يتجاوز شرهم إلى غيرهم وعلي لا يمانع من أخذ قتلة عثمان ولكنه لا يستطيع في الوقت الحاضر أخذهم وقال لمعاوية انتظر لا نستطيع الآن أخذهم لا نعرفهم بأعيانهم اندسوا بين صفوف الجيش ولا يعرفون ولا يثبت على أحد منهم بعينه أنه من القتلة وهناك من تنتصر له قبيلته سيحصل فسادا فلهذا رأى علي ابن أبي طالب أن يؤجل ذلك حتى يتبين الأمر وحتى تهدأ الأحوال وحتى يؤخذ القاتل على بصيرة لكن معاوية وأهل الشام لم يقتنعوا فقالوا نريد الآن فحصل خلاف في الرأي فرأى علي أن معاوية أنه يجب إخضاع معاوية للبيعة أنه يجب عليه أن يبايع لأنه الخليفة الراشد التي تمت له البيعة ولم ير أنه من المؤلفة قلوبهم فلذلك رأى القتال فرأى معاوية القتال أيضا ردا بالمثل فانضم أكثر الصحابة جماهير الصحابة إلى علي ورأوا أن معاوية وأهل الشام بغاة وأن الباغي يجب قتاله جماهير الصحابة رأوا أن الحق مع علي وانضموا إليه عملا بقول الله تعالى : وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَاۤءَتۡ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ فأهل الشام ومعاوية بغاة وهم لا يعلمون أنهم بغاة لكنهم بغاة ويدل عل ذلك الحديث حديث عمار قال : تقتله الفئة الباغية  فقتله أهل الشام وقال عليه الصلاة والسلام : ( تمرق مارقة على حين فرقة من الدين تقتلهم أدنى أو أولى الطائفتين بالحق فخرجت الخوارج فقتلهم علي فدل على أنه أولى بالحق من معاوية وأهل الشام بغاة لا يعلمون أنهم بغاة مجتهدون فلهم أجر الاجتهاد أجر الصواب وحصلوا على أجر الاجتهاد وهناك طائفة من الصحابة لم يتبين لهم الأمر واعتزلوا الفريقين كابن عمر و سلمة ابن الأكوع وأسامة بن زيد وأبي بكر وغيرهم  ومن ذلك أسامة بن سلمة ذهب إلى البادية وتزوج وقال أن النبي ﷺ أذن لي في البدو فهذا اجتهاد لم يتبين لهم فلذلك اعتزلوا الفريقين حتى يتبين وخافوا من الأحاديث التي فيها النهي عن القتال في الفتنة كحديث كن كخيري ابن آدم وحديث ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من استشرف لا تستشرفه فاعتزلوا الفريقين فهذا قتال الصحابة قتال عن اجتهاد وتأويل ولا يشمله الحديث الآخر لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض والقاتل والمقتول في النار هذا ما يدخل في قتال الصحابة لماذا لأن ها قتال عن بغي وهوى القاتل والمقتول في النار لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض عن هوى أو عصبية أو عن دنيا أما قتال الصحابة فحصل عن اجتهاد وما يروى من الأخبار في من الأخبار التي تروى عن الصحابة فهي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الواسطية هذه الأقوال التي تروى عن الصحابة في مثالبهم وعيوبهم منها ما هو كذب لا أساس له من الصحة فلا يلتفت إليه ومنها ما له أصل ولكن زيد فيه أو نقص منه أو غير عن وجهه ومنها ما هو له أصل و صحيح وهذا الصحيح هو ما بين مجتهد مصيب له أجران ومجتهد مخطئ له أجر فهذه أقسام الأخبار التي تروى عن الصحابة ثلاثة أقسام قسم كذب لا أساس له من الصحة وقسم له أصل ولكن زيد فيه ونقص وغير عن وجهه وقسم صحيح هم ما بين مجتهد مصيب له أجران ومخطئ مجتهد مخطئ له أجر ولا بد من الاعتقاد أن لهم من الحسنات ما يغطي ما صدر عنهم من الهفوات جهادهم مع رسول الله ﷺ وتبليغهم دين الله وفتحهم الفتوح وتمصيرهم الأمصار والأعمال العظيمة ونقلهم الشريعة هذه حسنات عظيمة تغطي ما صدر منهم من الهفوات فهذه الهفوات التي صدرت منهم مغمورة في بحر حسناتهم الكثيرة ثم أيضا والواحد منهم ليس بمعصوم الواحد منهم ليس بمعصوم قد تقع منه المعصية وقد تقع منه الكبيرة كما في قصة حاطب ابن أبي بلتعة لما كتب للمشركين وأنزل الله فيه في سورة الممتحنة یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ​​​​​​​ وكما حصل لبعض الصحابة لكن ما حصل لهم إذا صدر من واحد منهم كبيرة فهو إما أن يوفق للتوبة النصوح أو يوفق لحسنات ماحية حسنات تمحو أو لمصائب يكفر الله بها من خطاياه أو يشفع فيهم النبي ﷺ الذين هم أولى الناس بشفاعته الصحابة هذا هو مذهب أهل السنة في الصحابة أنهم خير الناس وأفضل الناس وأن الواحد منهم ليس بمعصوم وأن ما صدر منهم من السيئات لهم من الحسنات ما يغطي ما صدر عنهم من السيئات فالواجب مولاتهم الواجب على كل مسلم أن يواليهم يعني ينصرهم ويؤيدهم ويحبهم , واجب محبتهم ومولاتهم والترحم عليهم والتغاضي والكف عما شجر بينهم من خلاف ونزاع واعتقاد أن لهم من الحسنات ما يغطي ما صدر منهم من الهفوات, نقف على مبحث الخلفاء الراشدين وفق الله الجميع لطاعته وثبت الله الجميع على هداه ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على محمد وآله وصحبه ...

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد