شعار الموقع
شعار الموقع

أصل السنة واعتقاد الدين للرازيين أبي حاتم وأبي زرعة (3) قوله: "وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه السلام أبو بكر الصديق" - إلى قوله: "والجنة حق والنار حق وهما مخلوقتان"

00:00

00:00

تحميل
106

( المتن )

وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه السلام أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب وهم الخلفاء الراشدون المهديون وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صبى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله ﷺ  وقوله الحق والترحم على جميع أصحاب محمد وعلى آله، والكف عما شجر بينهم.

 

( الشرح )

يقول المؤلف رحمه الله : (وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي وهم الخلفاء الراشدون المهديون) قلنا بالأمس إن الصحابة رضوان الله عليهم هم خير الناس وأفضل الناس بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام وهم الذين نقلوا إلينا الشريعة وبلغوها الأمة وهم الذين نصروا رسول الله ﷺ وجاهدوا معه وشاهدوا التنزيل والنبي ﷺ بين أظهرهم هم يعلمون سبب النزول ويسألون النبي ﷺ عما يشكل عليهم وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأفضل الناس بعد  الأنبياء وليس الواحد منهم معصوما بل قد يحصل من الواحد منهم الوقوع في شيء من المعاصي ولكنهم في الجملة هم أفضل الناس,و الله سبحانه وتعالى يوفقهم يوفق من صدر منهم بعض المعاصي للتوبة النصوح أو يغفر الله لهم بحسنات ماحية أوبسابقته أو بجهاده مع النبي ﷺ أو بشفاعة النبي ﷺ  الذين هم أولى الناس بها وسبق الكلام أيضا على ما شجر بين الصحابة وما حصل من القتال وأن قتالهم قتال ناشئ عن اجتهاد وتأويل وليس عن هوى فهم ما بين مجتهد مصيب له أجران ومابين مجتهد مخطئ له أجر وأن الأخبار التي تروى عنهم وتنقل عنهم في كتب التاريخ وفي غيرها على ثلاثة أقسام القسم الأول ما هو كذب لا أساس له من الصحة والقسم الثاني ما له أصل ولكن زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والقسم الثالث ما هو صحيح وهذا الصحيح الثابت هم مابين مجتهد مصيب له أجران أجر الإصابة أجر الاجتهاد وأجر الإصابة ومابين مخطئ له أجر الاجتهاد وفاته أجر الإصابة وليس قتالهم عن هوى ولا عن دنيا فلا يشملهم الحديث : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وسبق أيضا بيان أن علي ابن أبي طالب لما قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله  عنه بايعه أكثر أهل الحل والعقد فتمت له البيعة وامتنع معاوية وأهل الشام لا لطلب الخلافة ولكن عن اجتهاد يطالبون بدم عثمان وأن الشهيد المظلوم إذا  لم ينتصر له ويقتص له ممن قتله فإن الأمر يزداد طغيان هؤلاء على غيرهم وأمير المؤمنين علي لا يمانع ولكنه يرى أنه لا يمكن أخذهم في الوقت الحاضر في وقت الفتنة لأن هؤلاء القتلة اندسوا في العسكر في الجيش ولا يعلم واحد منهم على انفراده وهناك من تنتصر له قبيلته فلهذا رأى أن يؤجل أخذ القتلة حتى تهدأ الأمور وتستقر الأحوال ويثبت على الواحد منهم مشاركته في القتل ولكن معاوية وأهل الشام لم يقبلوا ذلك فحصل الخلاف والنزاع حصل عن تأويل ومعاوية وعلي هم أقرب إلى الحق وهم أولى بالحق من معاوية ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح : تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق فخرجت الخوارج فقتلهم علي فدل على أنه أولى بالحق من معاوية وقال عليه الصلاة والسلام لعمار : ويح عمار تقتله الفئة الباغية فقتله جيش معاوية فدل على أنهم هم الفئة الباغية لكن لا يعلمون أنهم بغاة إنما تأخروا عن البيعة عن اجتهاد وتأويل ولهذا أكثر الصحابة رضوان الله عليهم انضموا إلى علي ورأوا أنه يجب عليهم أن يقاتلوا معه حتى يخضع أهل الشام للبيعة عملا بقول الله تعالى : وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ هذا أمر وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی فأهل الشام بغاة وإن كانوا لا يعلمون أنهم بغاة وأهل الشام ومن معهم لم يتبين لهم ظنوا أنهم على الحق وأن هذا هو الصواب وأنه لا بد من المطالبة بدم عثمان وأن معاوية هو أقرب الناس إليه فلهذا حصل الخلاف وهناك من الصحابة من لم يتبين له الأمر ولم يتبين له أي الفرقين كان أصوب فاعتزلوا الفريقين كابن عمر وسلمة ابن الاكوع  وأسامة بن زيد وأبي بكرة نفيعة بن الحارث فاعتزلوا الفريقين وعملوا بالأحاديث التي فيها القعود عن القتال في الفتنة كحديث : كن خير عبد الله المقتول ولا تكن القاتل وحديث كسروا جفون سيوفكم في الفتنة وحديث ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فظنوا أن القتال بين علي ومعاوية تشمله هذه الأحاديث فلهذا اعتزلوا الفريقين وأرجؤوا أمرهما إلى الله ومن ثم سماهم بعض العلماء مرجئة الصحابة مرجئة الصحابة لأنهم أرجؤوا الفريقين وكلوا أمرهما إلى الله  ولم يتبين لهم وجه الصواب و الصواب مع علي ومن معه ولهذا جمهور الصحابة انضموا إلى علي عملا بالآية والآية صريحة في هذا وهي قوله تعالى : وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ والواجب على المسلم أن يترضى عن الصحابة و أن يواليهم وأن يعقد فضلهم وسابقتهم وأن يعتقد أنهم أفضل الناس وخير الناس لا كان ولا يكون مثلهم وأن الله اختارهم لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام ولحمل شريعته فهم الذين حملوا لنا الشريعة ونقلوا لنا الدين وهم الذين نشروا دين الله في مشارق الأرض ومغاربها وهم الذين جاهدوا مع النبي ﷺ وهم الذين آزروه ونصروه وأرضاهم فالواجب موالاتهم والترحم عليهم والترضي عنهم واعتقاد سابقتهم وفضلهم وخيريتهم والواجب الكف عما شجر بينهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم من خلاف وقتال واعتقاد أن ما صدر منهم من اغلقتال والخلاف أنه على أحوال ثلاثة كما سبق ما يروى عنهم من الأخبار منه ما هو منه ما هو كما بين ذلك شيخ الإسلام رحمه الله ابن تيمية في العقيدة الواسطية منه ما هو كذب لا أساس له من الصحة ومنه ما له أصل ولكن زيد فيه ونقص وغير عن وجهه ومنها ما هو صحيح والصحيح هم ما بين مجتهد مصيب له أجران وما بين مجتهد مخطئ له أجر وأفضل الصحابة وخيرهم العشرة المبشرون بالجنة وهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن العفان وعلي ابن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله وسعد ابن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر ابن الجراح وعبد الرحمن بن عوف هؤلاء العشرة المبشرون بالجنة بشرهم رسول الله ﷺ بالجنة جاء في الأحاديث أن النبي ﷺ قال :  النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة إلى آخر العشرة فهؤلاء شهد لهم النبي ﷺ بالجنة وشهد النبي ﷺ لجماعة آخرين أيضا بالجنة كالحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وثابت ابن القيس ابن شماس خطيب النبي ﷺ لما تأخر بعد نزول الآية : یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وكان يخطب بين يدي النبي ﷺ ويرفع صوته فخشي أن يكون حبط عمله فتـأخر وجلس في البيت في بيته يبكي فسأل عنه النبي ﷺ وأرسل إليه فقال إنه من أهل النار فقال النبي ﷺ أخبروه أنه من أهل الجنة وليس من أهل النار وكذلك عكاشة بن محصن من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب وكذلك ابن عمر وجماعة وعبد الله بن سلام الإسرائيلي الصحابي شهد له النبي ﷺ بالجنة وجماعة فنشهد لمن شهد له النبي ﷺ بالجنة عقيدة أهل السنة والجماعة أنه لا يشهد بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص لمن شهد له النبي ﷺ كالعشرة المبشرين بالجنة وغيرهم ممن شهد لهم الرسول ﷺ وأما ما عداهم فإنه يشهد لهم بالجنة على العموم نقول كل مؤمن في الجنة وكل كافر في النار يشهد بالجنة لكل مؤمن لكل مؤمن من أهل القبلة ولا يشهد للواحد بعينه فلان ابن فلان أنه في الجنة إلا لمن شهدت له النصوص هذا هو الصواب وإن كان المسألة فيها أقوال لأهل العلم من العلماء من قال لا يشهد إلا للأنبياء فقط ومن العلماء من قال يشهد بالجنة لمن شهدت لو النصوص ولمن شهد له اثنان عدلان ولهم أدلة في هذا كحديث عمر أنه مر بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي ﷺ وجبت ثم مروا بجنازة أخرى فأثنوا عليها شرا فقال النبي ﷺ وجبت فقالوا يا رسول الله ما وجبت فقال هذا شهدت أثنيتم  عليه خيرا فوجبت له  الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض في الحديث الآخر يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار قالوا بم يا رسول الله قال بالثناء الحسن والثناء السيئ من العلماء من استدل بهذا الحديث على أنه يشهد بالجنة بمن شهد له عدلان من أهل الخير والصلاح ليس لكل أحد ولهذا كان أبو ثور يشهد للإمام أحمد بأنه من أهل الجنة لكن الصواب المعتمد الصواب أنه لا يشهد بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص للأنبياء ولمن شهدت له النصوص وما عداهم فإنه يشهد بالجنة للعموم , بالعموم يقال كل مؤمن في الجنة وكل كافر في النار أما الشخص المعين فلا يشهد له بالجنة ولا يشهد له بالنار يعني من أهل القبلة إذا كان من أهل لقبلة ولكن يرجى للمؤمن الخير يرجى للمؤمن المستقيم على شرع الله ودينه الذي يظهر الخير يرجى له الخير يرجى له الجنة ولا يجزم له والذي يظهر المعاصي من أهل القبلة يخشى عليه من النار ولا يشهد عليه بعينه أنه من أهل النار أما الكافر الذي علم أنه مات على الكفر وليس له شبهة يشهد له يشهد عليه بأنه كافر والكافر من أهل لنار ولكن أهل القبلة الذين يصلون إلى القبلة ويلتزمون بأحكام الإسلام ظاهرا فهؤلاء لا يشهد للواحد منهم بالجنة ولا يشهد لهم بالنار ولكن يشهد بالعموم لكل مؤمن بالجنة كل مؤمن في الجنة وكل كافر في النار والمحسن يرجى له الجنة ويرجى له الخير والمسيء يخاف عليه من النار لا يجزم للأول بأنه في الجنة ولا يجزم للثاني بأنه من أهل النار لا يقطع له هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة وأفضل الصحابة كما سبق العشرة المبشرون بالجنة وأفضلهم الخلفاء الراشدون هم خير الناس كما قال المؤلف رحمه الله وخير الصحابة أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب وترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة هذا هو المعتمد عند أهل السنة ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة وروي عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله خلاف في الفضيلة بين علي وعثمان روي عنه رواية أن عليا أفضل من عثمان وأما الخلافة فلا ينازع الخلافة يرى أن عثمان مقدم على علي في الخلافة هذا لا إشكال فيه بين أهل السنة قاطبة وروي عن الإمام أبي حنيفة أنه رجع عن هذه الرواية وأنه وافق جمهور أهل السنة على تقدم عثمان على علي في الفضيلة كتقديمه عليه في الخلافة وأما من قال أو من اعتقد أن عليا أولى بالخلافة من عثمان فهذا كما قال شيخ الإسلام رحمه الله قال هو أضل من حمار أهله أضل من حمار أهله من اعتقد أن عثمان أن عليا أولى بالخلافة من علي فهو أضل من حمار أهله وجاء عن الصحابة أنه قال من قدم عليا على عثمان في الخلافة فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار يعني احتقر رأيهم لأنهم أجمعوا على تقديم عثمان ولما طعن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب جعل الأمر شورى بين الستة وتشاوروا ليالي ورأوا وجوه الناس إلى عثمان فبايعه عبد الرحمن وبايعه أهل الدار ثم بايعه المهاجرون والأنصار جميعا وأجمعوا على تقديم عثمان على علي فمن قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين يعني احتقر رأيهم ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه من قدم عليا على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله وأما من قدمه في الفضيلة دون الخلافة فهذا فهذه مسألة خفيفة بالنسبة للمسألة الأولى قال بها أبو حنيفة في رواية ثم رجع عنها ويليهم في الفضيلة أهل بدر فقد قال النبي ﷺ لعمر في قصة حاطب بن أبي بلتعة  : وما يدريك يا عمر لعل  الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ثم أهل بيعة الرضوان وهم أصحاب الشجرة الذين بايعوا النبي ﷺ تحت الشجرة في الحديبية السنة السادسة من الهجرة قال الله تعالى في حقهم : لَّقَدۡ رَضِیَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذۡ یُبَایِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِی قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ عَلَیۡهِمۡ وَأَثَـٰبَهُمۡ فَتۡحࣰا قَرِیبࣰا ثبت في صحيح مسلم من حديث حفصة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال : لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة ومن العلماء من قدم أهل بيعة الرضوان  على أهل بدر فقال إن آل البيت ثم أهل بدر فهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم هم خير الناس وأفضل الناس بعد الأنبياء فالواجب على كل مسلم الترضي عنهم والترحم عليهم وموالاتهم واعتقاد فضلهم وسابقتهم كما قال المؤلف رحمه الله قال : والترحم على جميع أصحاب محمد ﷺ وعلى آله والكف عما شجر بينهم والترحم على آل النبي ﷺ وآل النبي صلى  عليه وسلم هم أهل بيته وزوجاته من أهل بيته أهل بيته العباس ابن عبد المطلب عمه وحمزة بن عبد المطلب وعلي ابن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وزوجات النبي ﷺ من آله الواجب الترضي عن اله والترحم عليهم وموالاتهم ومحبتهم لله ولقرابتهم من النبي ﷺ هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وآل البيت وأما أهل البدع فإن موقفهم من الصحابة على طرفي نقيض الطرف الأول الرافضة الذين أبغضوا الصحابة وقلوهم وسبوهم بل وكفروهم والعياذ بالله فيعتقدون كفر الصحابة والعياذ بالله وأنهم كفروا وأنهم ارتدوا بعد وفاة النبي ﷺ ولم يبق منهم على الإسلام إلا أفراد يعدون على الأصابع ويعتقدون أن الخلافة ليست لأبي بكر ولا لعمر ولا لعثمان وأن خلافتهم باطلة وأن الخليفة بعد النبي ﷺ هو علي بن أبي طالب وأن الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله علليه وسلم وأخفوا النصوص التي فيها أن علي هو الخليفة الأول ويعتقدون أن النبي ﷺ نص على اثني عشر إمام من آل البيت وأن النبي نص على أئمة منصوصين معصومين لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته فهم أئمة منصوصون معصومون منصوص عليهم لهم العصمة أيضا كيف يكون العصمة للبشر ؟ لا عصمة للبشر ليس هناك أحد معصوم إلا الأنبياء بما يبلغون معصومون عن الشرك وعن الكبائر وفيما يبلغون عن الله عز وجل ويعتقدون أن الأئمة منصوصون معصومون ويعتقدون على أن النبي ﷺ نص على أن الخليفة بعده هو علي بن أبي طالب ثم من بعده تكون الخلافة ثم نص من بعده الحسن ابن علي ثم الحسين ابن علي هؤلاء ثلاثة ثم البقية كلهم من نسل الحسين ثم الرابع علي ابن الحسين زين العابدين ثم محمد بن علي محمد بن علي الباقر ثم جعفر بن محمد الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم ثم علي بن موسى الرضا ثم محمد بن علي الجواد ثم علي بن محمد الهادي ثم محمد ثم الحسن ثم الخلف الحجة المهدي المنتظر محمد ابن الحسن الذي دخل سرداب سامراء في سنة مائتين وستين ولم يخرج إلى الآن دخل السرداب سرداب سامراء في العراق ولم يخرج إلى الآن ويقولون هذا هو المهدي المنتظر ومضى عليه مدة طويلة قال شيخ الإسلام رحمه الله في زمانه يقول مضى عليه أربعمائة سنة ولم يخرج ونحن نقول الآن مضى عليه ألف ومائتين سنة ولم يخرج ويقولون إن الأمة مرجأ أمرها وموقوف  أمرها حتى يخرج المهدي ويقولون أنه دخل السرداب وهو ابن خمس سنين منهم من يقولون ابن ثلاث سنين ولم يخرج إلى الآن كيف طفل دخل السرداب ويعيش هذه المدة الطويلة أين العقول وكيف يؤخر أمر الأمة ولا يكون أحدا سعيدا إلا بمتابعة هذا الشخص الموهوم ومن العجيب أن هذا محمد بن حسن الذي دخل السرداب أبوه مات عقيما ولم يولد له أبوه الحسن مات عقيما ولم يولد له فاختلقوا له ولد وأدخلوه السرداب فهو خرافة المهدي المنتظر عند الرافضة خرافة , خرافة وهم لا أساس له من الصحة ولو قدر أنه دخل السرداب فهل يعيش هذه المدة؟ وكيف يرجى أمر الأمة حتى يخرج هذا المهدي المرأة إذا غاب زوجها غيبة طويلة فإنها ترفع أمرها إلى الحاكم فيفسخ نكاحها من زوجها حتى لا تتضرر والأمة كلها عندهم موقوفة ولا يعلم أحدا طريق السعادة حتى يخرج المهدي نسأل الله السلامة والعافية وإذا كان الأجيال فيما يزعمون أشقياء لأنهم لا يعلمون طريق السعادة حتى يخرج المهدي فأول الأشقياء هم الرافضة نسأل الله السلامة والعافية وتكفير الصحابة تكذيب لله عز وجل الله تعالى زكاهم وعدلهم ووعدهم بالجنة قال تعالى : لَا یَسۡتَوِی مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةࣰ مِّنَ ٱلَّذِینَ أَنفَقُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُوا۟ۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ قال الله : وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ والحسنى الجنة كلهم موعودون بالجنة وقال سبحانه : وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَـٰجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَـٰنࣲ رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ وقال في آخر سورة الفتح : مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ وقال في آخر الآية : وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا فهم موعودون بالجنة فالله زكاهم ووعدهم بالجنة فمن كفرهم فقد كذب الله ومن كذب الله كفر وكذلك أيضا يعتقدون أن القرآن غير محفوظ وأنه ما بقي منه إلا الثلث وهذا تكذيب لله في قوله : إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ وكذلك هم يعبدون آل البيت ويتوسلون بهم وبالأئمة واحدا بعد واحد ويعتقدون أن الأئمة أيضا لهم تصرف في الكون وتدبير وأنهم يدبرون الكون مع الله عز وجل وهذا أيضا شرك في الربوبية نسأل الله السلامة والعافية الطائفة الثانية النواصب النواصب الذي نصبوا العداوة لأهل البيت وهم الخوارج سموا الناصبة لأنهم نصبوا العداوة لأهل البيت نصبوا العداوة لآل البيت وآذوهم فهذه طائفة منحرفة وأما الصحابة فإن من يخالفهم يكفرونه ومن لا يخالفهم فلا يكفرونه الخوارج مبتدعة وضلال كما سيبين المؤلف رحمه الله فهم على طرفي نقيض مع الرافضة, الرافضة غلوا في أهل البيت وعبدوهم من دون الله والخوارج والنواصب نصبوا العداوة لآل البيت وآذوهم وتنقصوهم واحتقروهم وازدروهم ووفق الله أهل الحق أهل السنة إلى الحق فوالوا الصحابة ووالوا أهل البيت وترحموا عليهم وأنزلوهم منازلهم التي أنزلهم الله تعالى بالعدل والإنصاف التي جاءت به النصوص لا بالهوى و التعصب . نعم

( المتن )

والله على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتابه على لسان رسوله ﷺ ، بلا كيف؛ أحاط بكل شيء علما. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

 

( الشرح )

هذا المبحث الرابع أو الخامس المبحث الأول مبحث الإيمان والمبحث الثاني مبحث القرآن وكلام الله والمبحث الثالث مبحث القدر والمبحث الرابع مبحث الصحابة والخلافة وهذا المبحث في علو الله عز وجل وبينونته من خلقه قال المؤلف رحمه الله : وأن الله عز وجل بائن من خلقه .

قبل هذا في الصحابة قلنا أنه يجب الترحم على الصحابة والاستغفار لهم وموالاتهم فإن الله سبحانه وتعالى بين في كتابه أن المؤمنين التابعين للصحابة بإحسان يسألون المغفرة لهم رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَ ٰ⁠نِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِی قُلُوبِنَا غِلࣰّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوفࣱ رَّحِیمٌ وقال أبو زرعة كما سيأتي رحمه الله إذا رأيت الرجل ينتقص الصحابة فاعلم أنه زنديق والزنديق هو المنافق كان يسمى في عهد النبي ﷺ منافق ثم صار يسمى زنديق وسيأتي كلام أبي زرعة أنه يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أصحاب النبي صلى الله وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول ﷺ عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى لنا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ﷺ وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة يعني الصحابة هم الذين نقلوا لنا الشريعة هم الذين حملوا لنا الكتاب والسنة فإذا كانوا كفارا كيف يوثق بدين حمله الكفار الذي نقل لنا الشريعة القرآن والسنة هم الصحابة فمن كفرهم والعياذ بالله فقد طعن في الدين طعن في دين الله طعنوا في دين الله إذا طعنت في الشخص الذي ينقل فأنت طعنت في النقل نفسه بما نقله فالطعن في الناقل طعن في المنقول والعياذ بالله نسأل الله السلامة والعافية أما مباينة الله لخلقه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه فهذا دلت عليه النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ ولهذا قال المؤلف رحمه الله وأن الله عز وجل بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ بلا كيف أحاط بكل شيء علما ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ومعنى بائن من خلقه يعني منفصل ليس مختلط بالمخلوقات والله تعالى فوق العرش فوق المخلوقات بعد أن تنتهي المخلوقات التي سقفها عرش الرحمن المخلوقات سقفها عرش الرحمن نهايتها عرش الرحمن العرش هو سقف المخلوقات والله تعالى فوق العرش بعد أن تنتهي المخلوقات فهو بائن من خلقه منفصل عنهم لم يدخل في ذاته شيء من خلقه ولا في المخلوقات شيء من ذاته كما وصف الله نفسه بالعلو والاستواء على العرش وأدلة العلو كثيرة تزيد أفرادها على ثلاثة آلاف دليل كلها تدل على أن الله فوق المخلوقات وفوق الخلق ومنها من الأدلة التصريح بأنه سبحانه استوى على العرش في سبع مواضع من كتابة سورة الأعراف وفي سورة الرعد وفي سورة طه وفي سورة الفرقان وفي سورة يونس وفي سورة السجدة وفي سورة الحديد في سبع مواضع من كتابه سبحانه وتعالى من كتاب الله صرح فيها بأنه استوى على العرش بأداة على التي تدل على العلو وكذلك النصوص التي فيها العلو : سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى  وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡعَظِیمُ النصوص التي فيها العروج تَعۡرُجُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَیۡهِ والعروج يكون من أسفل إلى أعلى النصوص التي فيها الصعود إِلَیۡهِ یَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّیِّبُ والصعود يكون من أسفل إلى أعلى النصوص التي فيها الرفع والرفعة وَرَفَعۡنَـٰهُ مَكَانًا عَلِیًّا (بل رفعه الله إليه) والرفع يكون من أسفل إلى أعلى النصوص التي فيها أن الله  في السماء ءَأَمِنتُم مَّن فِی ٱلسَّمَاۤءِ سؤال الجارية أين الله قالت في السماء هذه كلها هذه النصوص هذه قواعد يدخل تحتها أفراد وأفراد, أفراد أدلة العلو تزيد على ثلاثة آلاف دليل كما قاله ابن القيم وغيره من أهل العلم والله سبحانه وتعالى فالله سبحانه وتعالى فوق المخلوقات وفوق العرش استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته وهو سبحانه وتعالى أحاط بكل شيء علما علمه في كل مكان لا يخفى عليه شيء من أحوال عبادة ولا يشبه أحدا من خلقه كما قال سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير أما أهل البدع فإنهم أنكروا علو الله على خلقه ونفوا نصوص العلو وأبطلوها من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة كلهم أنكروا علو الله على خلقه الجهمية أتباع جهم بن صفوان أنكروا الأسماء والصفات جميعا والمعتزلة أتباع واصل بن عطاء وعمر بن عبيد أنكروا الصفات وأثبتوا الأسماء والأشاعرة أثبتوا الأسماء وسبع صفات ( هي الحياة الحياة والكلام والبصر والسمع والإرادة والعلم والقدرة ) وليس منها العلو فكلهم أنكروا علو الله على خلقه والذين أنكروا علو الله على خلقه طائفتان هم الجهمية وهم طائفتان الطائفة الأولى وهم الذين أنكروا علو الله على خلقه وقالوا إن الله مختلط بالمخلوقات والعياذ بالله قالوا إن الله مختلط بالمخلوقات كلها وقالوا أنه في كل مكان والعياذ بالله حتى الأماكن القذرة والعياذ بالله قالوا أنه لا يخلوا منه مكان في أجواف في بطون السباع وأجواف الطيور وغير ذلك نعوذ بالله واستدلوا بنصوص المعية كقوله وَهُوَ مَعَكُمۡ أَیۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ مَا یَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَاۤ أَدۡنَىٰ مِن ذَ ٰ⁠لِكَ وَلَاۤ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَیۡنَ مَا كَانُوا۟ۖ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ قالوا هذه النصوص نصوص المعية تدل على أن الله مختلط بالمخلوقات فأبطلوا نصوص العلو والفوقية بنصوص المعية وضربوا النصوص بعضها ببعض وهدى الله أهل الحق أهل السنة إلى الجمع بين النصوص والعمل بالنصوص من الجانبين فهؤلاء لمبتدعة أهل زيغ وضلال ما  فهموا معنى المعية, المعية ليست لا تفيد الاختلاط كلمة مع في اللغة العربية لا تدل على الاختلاط وإنما كلمة مع لمطلق المصاحبة فهي تفيد المصاحبة وتقتضي مع المصاحبة المقارنة في أمر من الأمور والعرب تقول ما زلنا نسير والقمر معنا ما زلنا نسير والنجم معنا يعني مصاحب لنا ولا يلزم من ذلك الاختلاط فلا يلزم من ذلك الاختلاط القمر في السماء والنجم في السماء ويقول الملك والرئيس اذهب وأنا معك يعني هو بنفسه ليس معه لكن المعية يكون معه جيشه مثلا ويقال فلان زوجته معه وهي في المشرق وهو في المغرب في عصمته وتقول المتاع معي وإن كان فوق رأسك قد يطلع الأب على ابنه وهو يبكي الصغير من فوق السطح في الدور الأول أو في الدور الثاني فيقول لا تبكي أنا معك فيسكت الطفل وأبوه في الدور الأول أو في الثاني وهو في الأرض المعية في لغة العرب لمطلق المصاحبة ولا تفيد الاختلاط ولا الامتزاج ولا المحاذاة عن اليمين وعن الشمال ولكن المبتدعة ضربوا النصوص بعضها ببعض والعياذ بالله وأهل السنة جمعوا بين النصوص من الجانبين فالله تعالى فوق العرش ذاته فوق العرش وعلمه في كل مكان ولا يكون هذا تأويل المعية معية علم وإحاطة لأن الله تعالى افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم آية المجادلة أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۖ افتتح بالعلم ثم قال: مَا یَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَاۤ أَدۡنَىٰ مِن ذَ ٰ⁠لِكَ وَلَاۤ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَیۡنَ مَا كَانُوا۟ۖ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ ففتح الآية بالعلم وختمها بالعلم فدل على أنها معية علم وإحاطة واطلاع فالله تعالى فوق العرش بذاته وهو مع الخلق بعلمه وإحاطته واطلاعه ونفوذ قدرته ومشيئته الطائفة الثانية من الجهمية الذين نفوا العلو والاستواء بل إنهم نفوا النقيضين سلبوا النقيضين أو سلبوا الوصفين المتقابلين اللذَين لا بد لكل موجود منهما والعياذ بالله فيقولون إن الله ليس فوق العرش بل أنهم يقولوا ليس لا فوق العرش ولا تحت العرش لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه أين يكون من هذه حاله؟ لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايد له ولا متصل به ولا منفصل عنه وليس فوق العرش ولا تحت العرش لو قيل صف المعدوم بأكثر من هذا لما استطعت بل هذا أشد من المعدوم هذا مستحيل والعياذ بالله المستحيل يكون هكذا وهؤلاء أشد كفرا من الطائفة الأولى والجهمية كفار الجهمية كفار كفرهم خمسمائة عالم كما ذكر العلامة ابن القيم قال وقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان واللالكائي الإمام حكاه عنهم بل قد حكاه قبله الطبراني فهم كفار قال الإمام عبد الله بن مبارك رحمه الله العالم الجواد الثقة المجاهد إنا لنحكي أقوال اليهود والنصارى ولا نحكي أقوال الجهمية يعني إنا نستطيع أن نحكي أقوال اليهود والنصارى ولا نحكي أقوال الجهمية لخبثها وشرها والعياذ بالله نسأل الله السلامة والعافية فهم كفرهم العلماء يعني على العموم أما الواحد بعينه فلا بد من إقامة الحجة عليه من العلماء من كفرهم بإطلاق ومنهم من قال أنهم مبتدعة ومنهم من كفر غلاتهم نعم ننتقل إلى المبحث الذي بعده

( المتن )

والله تبارك وتعالى يُرى في الآخرة، ويراه أهل الجنة بأبصارهم.

ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء.

 

( الشرح )

هذا مبحث الرؤية ومبحث الكلام سبق مبحث الكلام في قول المؤلف رحمه الله و القرآن كلام الله مبحث الرؤية قال والله تبارك و تعالى يرى في الآخرة ويراه أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شاء ومتى شاء رؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى دل عليها وجاءت بها النصوص من كتاب الله تعالى في الآيات الكريمات وتواترت بها الأحاديث وأثبتها أهل السنة والجماعة وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم في الآخرة والرؤية إثبات رؤية الله يوم القيامة من الصفات التي اشتد فيها النزاع بين أهل السنة وأهل البدع وكذلك صفة الكلام وصفة العلو والاستواء على العرش هذه الصفات الثلاث من العلامات الفارقة بين أهل السنة وأهل البدعة فمن أثبتها فهو من أهل السنة ومن نكرها فهو من أهل البدعة من أثبت استواء الله على عرشه وعلوه على خلقه وأثبت كلامه وأن كلام الله لفظ ومعنى حرف وصوت وأثبت رؤية الله في الآخرة فهو من أهل السنة وإلا فهو من أهل البدعة هذه من الصفات التي اشتد فيها النزاع بين أهل السنة وأهل البدع فالمؤمنون يعتقدون أن الله يرى في الآخرة وأن المؤمنين يرونه بأبصارهم عيانا كما دلت على ذلك النصوص  من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ قال الله تعالى : وُجُوهࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ نَّاضِرَةٌ ۝ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةࣱ فأضاف النظر إلى الوجوه وعداه بأداة إلى الدالة على النظر بالعين بالعين إلى الرب سبحانه العين التي في الوجه وأخلا الكلام من قرينة تدل على خلاف موضوعه وحقيقته فد على أن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم عيانا وقال سبحانه : لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ فِیهَا وَلَدَیۡنَا مَزِیدࣱ جاء في تفسير الآية أن المزيد هو النظر إلى وجه الله الكريم وقال سبحانه : لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱ والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله علبيه وسلم سئل عن الزيادة فقال هي النظر إلى وجه الله الكريم وقال سبحانه وتعالى : كَلَّاۤ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ لَّمَحۡجُوبُونَ يعني الكفرة وقد استدل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى بهذه الآية على إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة فقال : ( لما أن حجب هؤلاء في السخط دل على أن المؤمنين يرونهم في الرضا ) لما أن حجب هؤلاء في السخط لما حجب هؤلاء الكفرة في السخط دل على أن المؤمنين يرونه ولو كان المؤمنين لا يرونه لتساووا هم وأعداؤهم في الحجب وكذلك النصوص في السنن المتواترة قال العلامة ابن القيم رحمة الله روي حديث الرؤيا في الصحاح والسنن والمسانيد رواها عن النبي ﷺ نحو ثلاثين صحابيا منها حديث أبي هريرة أنه قال : يا رسول الله هل نرى ربنا قال هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا : لا قال : هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب قالوا : لا قال : فإنكم ترون ربكم كما ترونه وكذلك حديث جرير بن عبد الله البجلي أن النبي ﷺ رأى القمر ليلة أربع عشرة فقال : إنكم ترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته في حديث أبي موسى الأشعري : ( جنتان من ذهب وآنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة وآنيتهما وما فيهما وبين القوم وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن والأدلة في هذا كثيرة وأثبت أهل السنة رؤية الله تعالى رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة وأما في الدنيا فلا يراه أحد على الصحيح ولم يختلف أهل السنة في ذلك إلا في نبينا ﷺ ليلة المعراج واتفقوا على أنه لم يره في الأرض وإنما اختلفوا في رؤيته ليلة المعراج لما عرج به على قولين قيل أنه رأى ربه بعين رأسه وقيل أنه رآه بعين قلبه وهذا هو الصواب الصواب أنه لم يره بعين رأسه وإنما رآه بعين قلبه ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها لمسروق لما سأله هل رأى محمد ربه فقالت  : لقد قف شعري مما قلت ثم قالت من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب في حديث أبي ذر في صحيح مسلم لما سئل النبي ﷺ هل رأيت ربك قال : نور أنى أراه نور أنى أراه يعني النور حجاب يمنعني من رؤيته وفي حديث أبي موسى أن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور وفي رواية النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه والرسول ﷺ من خلقه داخل في العموم فالصواب أن النبي ﷺ لم ير ربه ليلة المعراج ولكن كلم الله من وراء حجاب من دون واسطة سمع كلام الله كلمه الله كما كلم موسى ولكنه لم ير ربه قتال تعالى : وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡیًا أَوۡ مِن وَرَاۤىِٕ حِجَابٍ أَوۡ یُرۡسِلَ رَسُولࣰا فَیُوحِیَ بِإِذۡنِهِۦ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ عَلِیٌّ حَكِیمࣱ هذا هو الصواب الذي عليه المحققون وجمع بعض العلماء كشيخ الإسلام رحمه الله بين النصوص لأن من العلماء من ذهب إلى أن النبي ﷺ رأى ربه جاء عن ابن عباس أنه قال النبي رأى ربه وكذلك روي عن الإمام أحمد أن النبي ﷺ رأى ربه وجمع العلماء بينهما أن ما ورد من النصوص والآثار في إثبات رؤية النبي ﷺ لربه قيل هي محمولة على رؤية الفؤاد القلب وما ورد من الآثار والنصوص في نفي الرؤية فهي محمولة على الرؤية بالبصر وبهذا تجتمع الأدلة ولا تختلف ذهب بعض العلماء إلى أن النبي رأى ربه من النووي والقرطبي وجماعة وأما ما روي عن ابن عباس فإنه روي عنه أنه قال أنه رأى ربه فهذا مجمل وروي عنه أنه قال رآه بفؤاده مطلق الأول مطلق والثاني مقيد فيحمل المطلق على المقيد  وكذلك الإمام أحمد روي عنه أنه قال رآه وروي عنه أنه قال رآه بفؤاده فيحمل المطلق على المقيد وأما في الدنيا فأجمع العلماء على أن الله تعالى لم يره أحد أجمع أهل الحق على هذا ولم يختلفوا إلا في نبينا ﷺ ليلة المعراج ولا عبرة بخلاف بعض الصوفية وبعض أهل البدع منهم الصوفية وبعضهم يقول إن الله يمكن أن يرى وأنه في كل خضرة يمكن أن يرى الله هذا من أبطل الباطل و رؤية الله في الدنيا ممكنة وليست مستحيلة ولكنها غير واقعة فهي ممكنة عقلا غير واقعة شرعا أما في الآخرة فهي ممكنة عقلا وواقعة شرعا رؤية الله في الدنيا جائزة غير مستحيلة جائزة عقلا لكنها غير واقعة شرعا  وفي الآخرة رؤية الله جائزة عقلا وواقعة شرعا والدليل على أن الرؤية غير مستحيلة في الدنيا أن موسى سأل ربه الرؤية قال : رَبِّ أَرِنِیۤ أَنظُرۡ إِلَیۡكَۚ ولو كانت مستحيلة لما سألها موسى لأن موسى لا يمكن أن يسأل المستحيل فإن موسى سمع كلام الله فطمع في أن يرى ربه فقال الله عز وجل : لَن تَرَىٰنِی يعني لا تستطيع الثبات للرؤية ببشريتك الضعيفة ولهذا قال عز وجل ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى الله للجبل تدكدك الجبل الجبل صخر صخور صلبة فلما تجلى الله للجبل تدكدك وانساخ وخر موسى صعقا فلما أفاق قال : سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات ولا جبل إلا تدكدك قال بعض السلف إن الله تعالى تجلى للجبل بمقدار خنصر والله أعلم قال هذا بعض السلف هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في رؤية الله وأما في يوم القيامة فإن الله تعالى ينشئ المؤمنين تنشئة قوية يتحملون فيها رؤية الله لأن الإنسان إذا مات يبلى ويستحيل ترابا إلا عجب الذنب وفي يوم القيامة ينزل الله مطرا تنبت منه أجساد الناس ويعيد الله الذرات التي استحالت لأن الله عليم بالذرات التي استحالت وينشئ الله الناس تنشئة قوية الذوات هي هي لكن تبدل الصفات الصفات هي التي تتبدل والذوات هي هي وينشؤون تنشئة قوية يثبتون فيها لرؤية الله عز وجل والصواب أن الله تعالى لم يره أحدا في الدنيا لا النبي ﷺ  ولا غيره ولأن الرؤية نعيم ادخرها الله لأهل الجنة أعظم النعيم الذي يعطاه أهل الجنة هي رؤية الله عز وجل لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱۖ وَلَدَیۡنَا مَزِیدࣱ ولهذا فإن المؤمنين إذا رأوا الله عز وجل في الجنة نسوا ما هم فيه من النعيم أعظم نعيم يعطاه أهل الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم هذه عقيدة أهل السنة والجماعة وأما أهل البدع فإنهم أنكروا رؤية الله في الآخرة وفي الدنيا في الدنيا وفي الآخرة الجهمية أنكروا الرؤية وكذلك المعتزلة أنكروا الرؤية المعتزلة فسروا الرؤية بالعلم قالوا معنى الحديث إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته المعنى تعلمون ربكم علما لا تمترون فيه ولا تشكون فيه كما تعلمون أن القمر قمر هذا يفسد المعنى هذا من أبطل الباطل ثم أيضا في الحديث ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب فهذا رؤية البصر ولا رؤية العلم؟ قالوا هذه رؤية علمية ليست مثل قوله تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم تعلم) كذلك نقول إن رؤية المؤمنين يعني يعلمون ربهم لا يرونه بأبصارهم وهذا من أبطل الباطل وأما الأشاعرة فإنهم أثبتوا الرؤية لكن أنكروا المقابلة أنكروا الجهة فقالوا إن الله يرى لكن لا في جهة من أين يرى من أي جهة قالوا لا في جهة يرى من فوق يقولون لا من تحت لا عن يمين لا عن شمال لا أمام لا خلف لا أين يرى يقولون يرى لا في جهة. وهذا باطل لأن المرئي لابد أن يكون مقابلا للرائي ومواجها له ولهذا ضحك جمهور العقلاء وسخروا من قول الأشاعرة إن الله يُرى لا في جهة وقالوا إن المرئي لابد أن يكون في جهة من الرائي وهم أرادوا أن يكونوا مع المعتزلة بإنكار العلو والجهة وأرادوا أن يكونوا مع أهل السنة في إثبات الرؤية فعجزوا عن ذلك فلجؤوا إلى حجج سفسطائية وهي الحجة التي المموهة التي يرى ويظن أنها حجة وليست حجة ولهذا إن الأشاعرة خناثى كالخنثى لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء في مسألة الرؤية وفي مسائل أخرى كثيرة  فالمعتزلة والجهمية أنكروا الرؤية والأشاعرة أثبتوا الرؤية إلا أنهم نفوا الجهة والصواب والحق هدى الله له أهل السنة والجماعة فأثبتوا رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة من فوقهم في حديث جابر في سنن ابن ماجة فيه بعض الضعف يقول النبي ﷺ بينما : بينما أهل الجنة في نعيمهم فإذا سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم هذا فيه إثبات الرؤية وأنها من فوق وإثبات الكلام فنسأل الله أن يثبتنا على الحق وعلى عقيدة أهل السنة والجماعة وأن يعيذنا من مضلات الفتن ومن الأقوال المبتدعة والرديئة .. نعم

( المتن )

والجنة حق، والنار حق، وهما مخلوقتان ....

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد